جدعون ليفي// فرصتها الأخيرة وقف الحرب: مضى الزمن الذي تستخف فيه “الدولة المارقة” بالعالم

هناك مخرج واحد فقط أمام إسرائيل؛ لن تختاره؛ فالطريقة الوحيدة لتخليص نفسها من عقدة النقص التي وصلت إليها هي القول “نعم” لقرار محكمة العدل الدولية الذي صدر بالأمس. هكذا تتصرف دولة القانون، وهكذا يجب أن تتصرف الدولة التي تطمح للانضمام لعائلة الشعوب. كان يجب على رئيس الحكومة تأكيد ذلك مساء السبت، “سنمتثل للقرار”. أبواب جهنم التي تهدد بالفتح على إسرائيل كانت ستغلق ولو لفترة قصيرة. إسرائيل التي ستمتثل للمحكمة ستكون دولة قانون ويجب احترامها. قول نعم للأمر، كان سينقذها من استمرار سفك الدماء العبثي في رفح، وكان سيوقف كرة الثلج الدولية التي تتدحرج بسرعة نحوها.

وقف القتال في رفح، وكل الحرب، هو الملاذ الأخير لإسرائيل، ربما من أجل العودة إلى مكانتها الدولية التي كانت قبل الحرب، التي لم تكن كبيرة ولكنها أكبر بكثير مما هي الآن. إذا تجاهلت إسرائيل الأمر، ما هو الأكثر أمناً من ذلك، فهي تعلن عن نفسها كدولة مصابة بالصرع. والتخلص من هذا الموقف سيستغرق سنوات، وسيكون الثمن باهظاً جداً ولا يمكن تحمله على كل إسرائيلي حتى بشكل شخصي.

لكن إسرائيل هي نفسها؛ تبحث عن نصيحة حول كيفية تجاهل الأمر وتجنيد الولايات المتحدة لتشويه القانون الدولي. لا غباء أكثر من ذلك. من أجل أمريكا وإسرائيل أيضاً، نأمل بأن تضع واشنطن حداً أقصى لاستعدادها للذهاب ضد العالم كله وضد القانون الدولي من أجل الدولة المارقة التي ترعاها.

هناك خطوات فورية على إسرائيل اتخاذها قبل الوصول إلى الهاوية، وقف الحرب وتغيير الحكومة. أعلى محكمتين في العالم أمرتاها بهذه الخطوات. المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية قدم طلباً لإصدار مذكرات اعتقال دولية ضد رئيس الوزراء ووزير الدفاع. محكمة العدل الدولية دعت إلى وقف القتال في رفح. إذا صدرت مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت فستعمل على استبدال الحكومة في إسرائيل إذا كانت تريد البقاء. وقف القتال في رفح سيؤدي إلى وقف الحرب كلها، وفي الوقت نفسه تحرير المخطوفين. لن توافق إسرائيل على هذه القرارات. هي قرارات منطقية وسليمة وعادلة جداً من أجلها.

منذ الانسحاب المذعور من شبه جزيرة سيناء في 1956، وإسرائيل لم توافق في أي يوم على أي قرار للمجتمع الدولي. ما شأنها بالعالم وقراراته؟ هي محصنة ومحمية من قبل أمريكا والتوراة وديمونة، منذ ذلك الحين تصرفت وكأنه مسموح لها الاستخفاف بكل العالم. هذا انتهى في اليوم الذي غزت فيه قطاع غزة بوحشية وبشكل منفلت العقال.

فور إنهاء القاضي نواف سلام قراءة قرار المحكمة، حتى زادت إسرائيل هجماتها في رفح، وهي المدينة التي هرب منها تقريباً مليون شخص إلى المواصي، والتي بقي فيها مستشفى واحد مع ثمانية أسرة. عندما كان القاضي سلام يقرأ القرار، اتصل بي سفيان أبو زايدة للمرة الأولى بعد سنوات، وهو الوزير الفلسطيني السابق لشؤون الأسرى، الذي هرب من غزة إلى القاهرة: ثمانية من أبناء عائلته قتلوا قبل يومين في جباليا. مروة، ابنة شقيقه، هي الوحيدة التي كانت غير نائمة عندما سقط صاروخ على منزل العائلة. شاهدت كل شيء كأنها في فيلم رعب، قالت لسفيان في القاهرة. الصاروخ قتل ابنة شقيقه إيمان، التي كانت تحمل بنتها ابنة السبعة أشهر، التي قتلت هي أيضاً. ابنها ابن الأربع سنوات، طار إلى شقة الجيران وقتل. مروة أيضاً رأت كيف مزق الصاروخ جثتي ولديها أيسر وآسر (4 سنوات)، ويقطع يد ابنها ناصر (7 سنوات). وقتل والدة مروة وشقيقها أمامها بالصاروخ. فقدت زوجها في بداية الحرب. فقد قتل أثناء مشاركته في جنازة ابنة شقيقه.

هذا ما طلبت وقفه محكمة العدل الدولية أول أمس. هذه هي الفرصة الأخيرة لإسرائيل.