دبابات “إسرائيل” تحتل تل زعرب الأثري.. فما قصته؟

في إطار العملية العسكرية التي يشنها جيش الاحتلال لليوم الـ 22 تواليًا في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، وتزامنًا مع ازدياد تقدم آلياته في أحياء المدينة، تردد اسم “تل زعرب” الأثري عناوين الأخبار خلال الليلة الماضية بعد أن تقدمت آليات الاحتلال العسكرية واعتلته جنوبي المدينة.. ما أهمية هذا التل، وما هي قصته؟

ومنذ السادس من مايو/ أيار الجاري، تواصل قوات الاحتلال عدوانها جوًا وبرًا على مدينة رفح التي تؤوي أكثر من نصف فلسطينيي القطاع نتيجة التهجير القسري المستمر منذ السابع من أكتوبر الماضي، ما خلّف مئات الشهداء والجرحى، يترافق ذلك مع شبه انعدام للرعاية الصحية اللازمة.

الموقع..

يُطل “تل زعرب” على شاطئ البحر، غربي محافظة رفح، جنوب قطاع غزة، على مساحة 150 دونما، ويعود تأسيسه إلى الكنعانيين القدماء. وعُرف بأنه “كنز أثري” عريق؛ حيث ما زالت الاكتشافات الأثرية تتوالى فيه.

ويعد “تل زعرب” من القيم التاريخية المهمة في قطاع غزة، وما زال مدفونًا بداخله العديد من المعالم التي استخدمت في العصر اليوناني والروماني للبناء.

ويقع في منطقة رفح الحدودية، ويحوي الموقع آثارًا تعود لـ 5 حضارات قديمة: الفرعونية، الرومانية، اليونانية، البيزنطية، والإسلامية.

كان عليه موقع عسكري قبل الانسحاب الإسرائيلي عام 2005، وبجوارها مقبرة زعرب وعائلات زعرب وبريكة.

تاريخ وأهمية تل زعرب..

يرجع تاريخ التل، حسب التقديرات العديدة والاكتشافات الحديثة؛ التي كان آخرها العثور على جرة فخارية تحوي بداخلها 1000 قطعة من العملة الفضية التي تعود حسب النقوش التي وجدت عليها إلى العصر اليوناني (330 سنة قبل الميلاد).

والتقديرات ترجح أن التل أقدم من ذلك بكثير، وترجع أهميته إلى كونه نقطة مراقبة مهمة سواء في الجانب البري أو البحري بسبب قربه من البحر بمسافة 3 كيلو متر، لذا كان من أهم المواقع الحربية في العصور القديمة.

وتُشير المعلومات التي استنبطت من عمليات التنقيب، والتي حصلت في أغلبها بطرق بدائية، إلى أن “تل زعرب” قد تعاقبت عليه 4 حضارات كبيرة، كما تبين الدلائل التي تم اكتشافها والتي تضمن آثار فرعونية ويونانية وبيزنطية ورومانية.

وتُوضح الاكتشافات الأثرية أن آثاره تعود للعصر الروماني والبيزنطي، وهناك آثار لكنيسة مهمة من العصر الروماني والأعمدة والتيجان تشير إلى ذلك.

وكذلك تمّ العثور على 1300 عملة نقدية محفور عليها آلهة أثينا تعود للفترات يونانية قديمة وكذلك عملات رومانية وبيزنطية. إلى جانب اكتشاف الكثير من القطع الفخارية. وهناك العديد من الأسوار والأقواس التي تعود للقرن 320 ق.مـ

الاحتلال البريطاني والإسرائيلي..

منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين تم مصادرة أرض التل ووضعه تحت الحماية وقد تعرض للعديد من عمليات النبش والتخريب المتعمد إبان احتلال قطاع غزة عام 1956 الذي استمر لفترة وجيزة، قبل حدوث عدوان عام 1967 واحتلال “إسرائيل” للقطاع لمدة 38 سنة والانسحاب منه عام 2005.

عمد الاحتلال إلى استخدام هذا التل كموقع عسكري، وعمل خلال ذلك على التنقيب عن الآثار وسرقتها، ثم بعد انسحابه تم وضع التل تحت إدارة السلطة الفلسطينية ووزارة السياحة والآثار.

ترجع أغلب القطع الأثرية التي تم العثور عليها إلى الأواني الفخارية وأعمدة وتوابيت وعملات نقدية وبعض القطع المرسوم عليها.

نبش وتخريب..

تعرض لعمليات نبش وتخريب من قبل “لصوص الآثار”، بسبب عدم وجود حماية مناسبة للتل ووقوعه في منطقة حدودية تجعل منه مسرحًا دائمًا لعمليات التهريب.

أشكال مختلفة تعود إلى الحضارات المتعاقبة على “تل زعرب”، حيث عثر على أغلب تلك الآثار بشكل فردي وأحيانًا عن طريق الصدفة.

على جانب آخر أشارت بعض الاكتشافات إلى وجود كنيسة ترجع إلى العصر الروماني (395م ـ 630م) وقد ذهبت الحفريات التي نفذتها وزارة الأثار في قطاع غزة مؤخرًا في أعماق التل عن اكتشاف طبقة أثرية تعود للعصر الكنعاني (2500 ـ 3000 ق.م).

كما أنه في وقت سابق عثر فريق التنقيب على مشغولات من الفخار وغيره تعود للعصر الكنعاني وكان أشهرها قدر من الفخار موسوم عليه شعار الكنعانيين وهو طائر البجع.

سرقة الآثار..

وفي تصريحات للباحثة ناريمان خلة، أكدت أن التل كان يحتوي على العديد من القطع الأثرية التي تمت سرقتها وسرقة جزء من رماله، وذلك في فترة الاحتلال البريطاني والإسرائيلي على قطاع غزة.

وأضافت خلة أنه تم العثور على قطع أثرية متنوعة، وذلك بعد عمليات الحفر والتنقيب التي حدثت عام 2010. منوهة إلى أن أهم تلك القطع التي استخرجوها ومنها النقود المعدنية الفضية التي تعود لفترة الإسكندر المقدوني والتي مرسوم عليها شعار البومة.

وصرحت الباحثة بأن هناك اهتمام واسع من وزارة السياحة والآثار بهذا المعلم الأثري للحفاظ على بقائه واستمرار عمليات الاستكشاف عن المزيد من المعالم الأثرية بداخله.