الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجيهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معاريف 27/5/2024

خوف حقيقي على هوية إسرائيل الليبرالية

بقلم: د. شوكي فريدمان

في السنوات الأخيرة، وبقدر أكبر في السنة الأخيرة مع نشوء الانقلاب القضائي، يوجد في إسرائيل صراع شديد على صورتها.

هل ستصبح دولة محافظة ذات لون ديني، قومي متشدد، أم تواصل كونها ديمقراطية ليبرالية.

أوامر المدعي العام في لاهاي ستؤثر أيضاً على هذه الساحة.

من شأنها أن تدفع الأغلبية الصامتة إلى اليأس من عدالة القضاء والدول الغربية وأن تتبنى نهجاً متطرفاً بموجبه في مثل هذا المحيط الدولي من الأفضل أن نكون أقوياء وألا نحاول أن نكون حامي القانون في نظر العالم.

في 7 أكتوبر علقت إسرائيل في حرب وجود، لكن في هذه الفوضى قواعد الحرب أخذت بالحسبان عند إعداد الخطط القتالية وسياسة إطلاق النار.

الدخول إلى غزة تأجل لأجل السماح بإخلاء المدنيين والمساعدات الإنسانية أدخلت إلى القطاع. الجيش الإسرائيلي يعمل منذئذ بمرافقة قانونية ويطيع القانون الدولي.

لقرار المدعي العام في لاهاي توجد آثار قانونية ودولية قاسية على إسرائيل لكن من المتوقع أن تكون آثار قاسية بقدر لا يقل على صورتها كدولة ليبرالية وعلى قدرة المعسكر الليبرالي على النجاح في الكفاح في سبيله.

لقد كان جهاز القضاء على مدى العقود الأخيرة حامي حمى سلطة القانون.

استقلاليته كانت شوكة في عيون من اعتقدوا أنه يعرقل لهم الدفع قدماً بفكرهم المحافظ الديني ولهذا فعلى مدى السنين تعرض لانتقاد من جانب المحافل المحافظة.

التعبير الأكثر حدة عن الرغبة في تغيير طبيعة جهاز القضاء تجسد في الانقلاب القضائي. سعت الحكومة لأن تغير من الأساس التوازنات الدستورية في إسرائيل وأن تمس بجهاز القضاء واستقلاليته.

أدت هذه المحاولة إلى صراع قيمي شديد من جانب المعسكر الليبرالي في إسرائيل تعلق بقلب القيم الديمقراطية. لكن بين الحجج المهمة لمعارضي الانقلاب النظامي كانت أيضاً الحجة المنفعية.

تثبيت سلطة القانون يشكل وزناً مضاداً لسياسة إشكالية إسرائيلية في عدة مواضيع ورقابة المحكمة العليا الإسرائيلية، التي تتمتع بالثقة في خارج البلاد يشكل عنصر تلطيف للنقد القانوني وغيره تجاه إسرائيل في العالم.

يشكل قرار المدعي العام انعدام ثقة مطلقة بجهاز القضاء الإسرائيلي. فضلاً عن الضربة في المستوى الدولي، فإنه يشكك بالقدرة على مواصلة الكفاح في سبيل القيم الليبرالية وفي سبيل استقلالية جهاز القضاء.

معظم الإسرائيليين لم يشاركوا بعمق في الخلاف، لكن التهديد الذي في الانقلاب القضائي على مكانة إسرائيل تحدث اليهم.

هكذا أيضاً في الأشهر الأخيرة، بينما غلت دماؤهم، فإن صوت المنطق المؤيد لطاعة القانون الدولي أدى إلى تلطيف حدة أفكارهم.

والآن، بعد أن تبين هذا الجهد بأنه غير كافٍ في نظر العالم، ثمة تخوف من أن يرى الإسرائيليون في الحجة المؤيدة لسلطة القانون والحماية التي تمنحها لإسرائيل كأداة فارغة. هذا، إلى جانب المشاعر اليمينية المحافظة في الجمهور الإسرائيلي والتي تعمق بعد 7 أكتوبر، سيجعل صعباً أكثر فأكثر القدرة على الحفاظ على هوية إسرائيل الليبرالية.

لا توجد إمكانية للتنازل عن هذا الكفاح أو اليأس منه لكن يجب أن نفهم أنه بعد قرار المدعي العام، بات التحدي أكبر بكثير.

*نائب رئيس معهد سياسة الشعب اليهودي

ومحاضر كبير في القانون في المركز الأكاديمي بيريس.

——————————————–

هآرتس 27/5/2024

ليس القانون الدولي ومؤسساته أعداء إسرائيل

بقلم: نوعا لنداو

محكمة العدل الدولية في لاهاي أثبتت في يوم الجمعة الماضي مرة أخرى، خلافاً للحملة الكثيفة ضدها بقيادة حكومة نتنياهو، أن هذه المؤسسة تحاول لعب دور تاريخي في ظل قيود وضغوط غير مسبوقة، وتهديدات سياسية صريحة.

للمرة الثانية في ملف الحرب في قطاع غزة أثبتت محكمة العدل الدولية أنها لا تنفي حق مواطني إسرائيل في الدفاع عن انفسهم وأمنهم.

ولكنها تطلب بأن يكون القتال في القطاع من خلال الحفاظ بأكبر قدر ممكن على مبادئ القانون الدولي.

أي أن حق مواطني إسرائيل في الدفاع عن أنفسهم، في هذه الحالة محاربة حماس، لا يمكن أن يشكل الضوء الأخضر لـ “التدمير الشامل” والقتل دون تمييز لآلاف الأبرياء والطرد الجماعي والتجويع أو الاحتلال والضم، كما يهدد هنا باستمرار أعضاء من منتخبي الجمهور.

المحكمة لم توافق على الالتماس الذي قدمته جنوب إفريقيا كما هو، ولم تأمر إسرائيل بالتوقف على الفور عن أي نوع من أنواع القتال، ولم تحسم أيضاً في طلب جنوب إفريقيا القول إن العملية في غزة هي إبادة جماعية.

المحكمة أمرت إسرائيل بوقف نشاطاتها العسكرية في رفح طالما أن هذه النشاطات “تتسبب بظروف حياة يمكن أن تؤدي إلى إبادة للمدنيين الفلسطينيين”.

إضافة إلى ذلك كرر القضاة طلبهم من إسرائيل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية والخدمات الحيوية ودخول ممثلي الأمم المتحدة إلى القطاع لفحص ذلك.

لأن هدف القانون الدولي ليس المنع الشامل للحرب، بل تنظيم كيفية المحاربة حتى في الحرب الأكثر عدالة.

القاضي أهارون براك عارض، لكن على أساس أن إسرائيل تنفذ هذه الواجبات، ولذلك هي غير ملزمة بوقف القتال.

لكن قرار المحكمة ترك بشكل متعمد هامش تفسير غامضاً لهذه المسألة، يلقي بالمسؤولية عن الجواب الفعلي على الأذرع التنفيذية وسلطات إنفاذ القانون مثل مجلس الأمن الذي فيه الاعتبارات هي بالذات اعتبارات سياسية بشكل واضح.

هكذا فإن رد إسرائيل الرسمي على قرار المحكمة هو أنها لم ولن تنفذ في رفح نشاطات يمكن أن تؤدي إلى إبادة المدنيين الفلسطينيين، وإنها ستستمر في “جهودها” (حسب المصدر) للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية وتقليص الأضرار على المدنيين.

هذا بالضبط سيكون خط دفاع إسرائيل أمام قرار المحكمة في لاهاي، أنه لا توجد في رفح نشاطات ينطبق عليها تعريف المحكمة، لذلك ليس هناك ما يجب وقفه.

على فرض أن هذا صحيح. فهل جرى في إسرائيل تحقيق داخلي حقيقي حول ادعاءات توسيع سياسة أوامر فتح النار؟ التجويع؟ هل توجد هيئة تستطيع أصلاً إجراء فحص ذاتي كهذا هنا والآن؟

هل نحن على قناعة بأن حكومة كل الأعضاء فيها يطلبون كل يوم القتل والضم، لا يقصدون أي كلمة في أقوالهم؟

هل على رأس الحكومة التي تحارب في غزة يوجد نتنياهو يختلف عن نتنياهو الذي يهدد باستمرار بتدمير أسس الديمقراطية والليبرالية في دولة إسرائيل؟.

اسألوا مثلاً وزير الشرطة إيتمار بن غفير، الذي في الوقت الذي تتفاخر فيه إسرائيل بتقديم المساعدات الإنسانية، عبر عن الاستياء من حماية قوافل المساعدات من العصابات الإسرائيلية التي تقوم بمهاجمتها.

لا يوجد أي إسرائيلي، وبالتأكيد ليس من يعتبر نفسه من العالم الديمقراطي والليبرالي، يمكن أن يعارض قرار المحكمة والمبادئ الأساسية التي يعكسها.

ولا يوجد أي إسرائيلي، باستثناء نتنياهو وأعضاء الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ الدولة. هؤلاء توجد لهم مصالح واضحة في نزع الشرعية عن المؤسسات الدولية، على رأسها مؤسسات إنفاذ القانون الدولي.

ومثلما أن نتنياهو وشركاءه يريدون تحطيم ثقة الجمهور بمنظومة القانون في إسرائيل، فإنه بسبب مصلحته الشخصية كمتهم وهم من أجل الدفع قدما بالأيديولوجيا المتطرفة، يريدون الآن تقويض الثقة بمؤسسات القانون الدولي.

لقد حان الوقت للتحرر ليس فقط من نتنياهو شخصياً، بل أيضاً من الرواية السياسية التي شكلها هنا خلال عقد.

حقيقة أن أغلبية الإسرائيليين يؤيدون في الحقيقة شن الحرب على حماس رداً على أعمال 7 أكتوبر الفظيعة، أو أن معظم الإسرائيليين وأقاربهم هبوا بأنفسهم لمحاربة حماس، هذا لا يعني أنهم يؤيدون أو أنهم يجب أن يؤيدوا بالضرورة أي قرار تم اتخاذه منذ ذلك الحين من قبل قادة هذه الحرب.

القانون الدولي ومؤسساته في لاهاي ليسوا ضد إسرائيل، بل هم مع إسرائيل.

مع إسرائيل التي تحارب حماس وليس أطفال غزة؛ مع إسرائيل التي ستحارب على إعادة المخطوفين دون التهديد بذبح وترحيل الأبرياء، مع إسرائيل التي لسانها وقلبها متشابهان وأنه يمكن تصديق متخذي القرارات فيها لأنهم وبحق ينوون محاربة حماس وليس كل السكان الفلسطينيين، وتهويد غزة والضفة، مع إسرائيل التي تتفاخر بإدخال المساعدات الإنسانية ولذلك فهي ستوقف من يحاولون تعويق المساعدات، مع إسرائيل التي يصل إليها أفضل الزعماء غير المتهمين بجرائم حرب.

الإجراءات في المحكمة في لاهاي هي مع إسرائيل، والحملة ضد هذه الإجراءات تخدم بالأساس شخصاً واحداً، الذي يمكن أن يجد نفسه في القريب على كرسي آخر للمتهمين.

——————————————–

 يديعوت أحرونوت 27/5/2024

إسرائيل تفقد الزخم

بقلم: آفي كالو

بعد فترة جمود طويلة ومضنية، تلوح بوادر أولى لتحريك متجدد وحذر للمفاوضات لإعادة المخطوفين مع كبير القتلة المتلاعب السنوار، مع توسيع التفويض لطاقم المفاوضات وزيارة رئيس الـ”سي.أي. ايه” بيرنز إلى المنطقة هذه الأيام.

بالمقابل، فإن الضربة المزدوجة التي وقعت مؤخراً في الساحة القضائية، سواء من جانب المدعي العام في محكمة الجنايات في لاهاي (بنيته الفضائحية وغير المهنية ظاهراً لإصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء) أو من جانب قضاة محكمة العدل الدولية، لا تساهمان في المسيرة – على أقل تقدير – في ضوء الرضا الذي أعربت عنه حماس عن القرارات، بشكل كفيل بأن يؤدي بالمنظمة إلى تعميق تمترسها عند شروطها، مع التشديد على وقف الحرب في كل مخطط يتفق عليه لإعادة مخطوفين.

مهما يكن من أمر، يخيل أن الفجوات بين الطرفين توجد بين “المخطط الأميركي” (الذي وافقت عليه إسرائيل، حسب المنشورات) وبين “المخطط المصري” (الذي وافقت عليه حماس) – بشكل يضع أساساً لفعل مهني يتيح جسر الفوارق – ومن هناك إلى الصفقة.

في نظرة إجمالية، التحولات الإقليمية والدولية السلبية، والتآكل المقلق وغير المسبوق في مكانة إسرائيل في العالم، والهزيمة السياسية حول الاعتراف بدولة فلسطينية من دول أوروبية وطول الحرب الذي يشذ دراماتيكيا عن مفهوم الأمن الساعي إلى معركة سريعة وبعدها فعل سياسي (مثل حرب لبنان الثانية وقرار مجلس الأمن 1701 الذي وضع أساساً للهدوء على مدى السنين في الساحة الشمالية) – كل هذا يوجب من حكومة إسرائيل إعادة احتساب أهداف المعركة.

هذه أمور لا تتعلق فقط بمسألة “اليوم التالي” – ما تهرب منه الحكومة كما تهرب من النار، ولاعتبارات سياسية حزبية – بل وأساساً، لحقيقة أنه بمرور الوقت فإن إسرائيل كفيلة بأن تفقد الرافعة المركزية (وربما الوحيدة) التي لديها كي تحقق هدف الحرب الممكن من بين الاثنين اللذين قررهما الكابينيت – إنهاء الحرب مقابل إعادة كل المخطوفين. وذلك بخلاف الهدف الثاني الذي تقرر – إبادة حماس، الذي يبدو أنه لا يزال بعيداً عن التحقق (وبموجب ذلك أيضاً الإعلانات عن “النصر المطلق”)، بخاصة في ضوء القول المسنود للاستخبارات العسكرية الأميركية مؤخراً بأن الجيش أباد حتى الآن نحو ثلث القوة الإرهابية المقاتلة لحماس.

فضلاً عن ذلك، فإن قرار محكمة العدل الدولية المقلق وإن كان يبقي بقدر ما حرية العمل العسكرية الإسرائيلية في رفح، لكنه يعود ويؤكد المحتم: حرية العمل العسكرية لإسرائيل في القطاع آخذة بالتقلص مع مرور الوقت، وكفيلة في سيناريو متطرف (مثل حدث إنساني صعب في ملابسات عسكرية) أن تؤدي إلى أن توقفها الأجهزة الدولية التي تعنى بالحرب. سيناريو الرعب هذا كفيل بأن يحمل إسرائيل إلى وضع تكون فيه ملزمة بأن توقف الحرب – دون أن يعود المخطوفون إلى البلاد.

بالفعل، هذا السيناريو المتطرف يوجب في معظم السيناريوهات إزالة الفيتو الأميركي في مجلس الأمن، لكنه في عصر تتفكك فيه الفرضيات الأساس وتقديرات الاستخبارات الواحدة تلو الأخرى، ضمن أمور أخرى في ضوء السلوك الإهمالي أحيانا من جانب الحكومة، ثمة مجال لأخذ زمام الزعامة والمبادرة، وإعادة تصميم الفكر الأمني الأفضل لإسرائيل في إنهاء الحرب، والسعي إلى إعادة كل المخطوفين في اقرب وقت ممكن. ففي سباق الساعات التي بين تمديد الحرب وبين استمرار بقاء المخطوفين في الأسر من المتوقع أن تكون يد المخطوفين هي السفلى.

هذا إذاً هو الوقت للعمل في ضوء القيم الأساس التي قام عليها المجتمع الإسرائيلي ودولة اليهود، من التكافل الاجتماعي والقومي عبر فكرة المقاتل وحتى قول بن غوريون: “فلتعلم كل أم عبرية”: إعادة البنات والبنين، النساء، الرجال والأطفال إلى حدودهم، ومن الأفضل ساعة مبكرة أكثر.

———————————————

هآرتس 27/5/2024

عندما تطيع إسرائيل أمر المحكمة

بقلم: أسرة التحرير

بخلاف حملة نزع الشرعية الثابتة التي تديرها حكومة إسرائيل – والتي بدأت قبل سنوات طويلة من الحرب الحالية – ضد المحكمة الدولية وضد مؤسساتها، أثبتت محكمة العدل الدولية في لاهاي بقرارها أول أمس بأنها جسم موزون العقل وشرعي.

المحكمة لم تتنكر لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. لم تأمر إسرائيل بوقف الحرب فوراً. ولكنها أمرتها بأن توقف فوراً قتالاً في رفح، “بقدر ما من شأنه أن يتسبب بظروف يوجد فيها ما يؤدي إلى إبادة كاملة أو جزئية للشعب الفلسطيني”.

كل إنسان لم يفقده إحساس الثأر عقله ملزم بأن يرى بهذا الأمر شيئاً تافهاً وأن يأسف على أن إسرائيل مطالبة بـ “إنعاش” علني دولي حول واجباتها وفقاً لميثاق منع الإبادة الجماعية والمسموح والممنوع في قواعد الحرب.

لقد قضى القضاة بأن أعمال إسرائيل لإخلاء السكان وغيرها من الخطوات التي اتخذت حتى الآن لم تكن كافية”. فـ 800 ألف غزي انتقلوا من رفح إلى منطقة المواصي يقيمون، حسب المحكمة في ظروف ليست ظروفاً، دون مبانٍ سكنية، وماء، وغذاء، وخدمات صحية ومساعدات طبية.

قضت المحكمة أنه إذا كانت إسرائيل تريد مواصلة القتال وفي إطار ذلك إخلاء السكان، فإن عليها أن تضمن أن يكون ممكناً وجود حياة في المناطق التي يخلى إليها السكان.

كما طالب القضاة بفتح معبر رفح لإدخال خدمات حيوية ومساعدات إنسانية.

وشدد القضاة على أن منع المساعدات الإنسانية هو مثابة خرق لأمر المحكمة.

وهذا يعني أن إسرائيل ملزمة بأن تمنع ميليشيات اليمين المتطرف من إيقاف سائقي الشاحنات التي تقر المساعدات الإنسانية وسلبها.

المساعدات الإنسانية هي شرط لمواصلة الحرب وذلك بخلاف الخطاب المريض الجاري في إسرائيل في هذا الشأن.

صحيح أن إسرائيل تقاتل ضد منظمة إرهاب ليس لها خطوط حمراء، لكن هذا الأمر لا يمكنه أن يبرر كل فعل تتخذه رداً على ذلك.

فقد أعرب القضاة في قرارهم عن “قلق عميق” على مصير المخطوفين ودعوا إلى تحريرهم فوراً ولكنهم لم يشترطوا تنفيذ الأوامر بتحريرهم. رغم الإحباط الشديد والمبرر، من حقيقة أن حماس اختطفت مواطنين إسرائيليين، تنكل بهم، وتمنع الوصول إليهم وتمنع نقل الأدوية اليهم أو المعلومات عنهم، بما في ذلك المعلومات عمن منهم حي ومن ميت، وحقيقة أنها لا تعتزم إطاعة المحكمة وتحريرهم.

محظور أن تتصرف إسرائيل مثلها، وعليها أن تطيع المحكمة.

في السطر الأخير قالت المحكمة في لاهاي إنه مسموح القتال ضد حماس، لكن محظور القتل دون تمييز، الطرد والضم.

على إسرائيل أن تحترم هيئات القضاء الدولية والمؤسسات فوق السياسية كي لا تصبح دولة غير شرعية.

لهذا الغرض عليها أن توقف نزع الشرعية تجاه المحكمة في لاهاي، تقبل قراراتها وتطيع الأوامر التي أصدرتها.

——————————————–

هآرتس 27/5/2024

لسفراء النرويج وأيرلندا وإسبانيا: هل يحتاج قول الحقيقة إلى تبرير؟

بقلم: عكيفا الدار

غداة قرار حكومة النرويج الاعتراف بالدولة الفلسطينية، سارع وزير الخارجية هناك، آسبن بارت آيدا، إلى تبرير موقفه؛ فقد ذكر أن النرويج تعمل من وراء الكواليس للمساعدة في موضوع المخطوفين. ما علاقة ذلك؟ وجد الوزير الملجأ وراء الدول العربية التي أيدت القرار. هل تحتاج النرويج إلى مصادقة العائلة المالكة في السعودية من أجل الاعتراف بالحق الديمقراطي الأساسي لشعب آخر في تقرير مصيره؟ سفيرة أيرلندا في إسرائيل، سونيا ماكغينز، نشرت مقالاً أكدت فيه أن دولتها لا تعادي إسرائيل، وذكرت مبررات أخرى. لماذا يحاولون الدفاع عن أنفسهم؟

كان يجب أن يسألوا المتهم نتنياهو: من الذي عينك وزيراً أو قاضياً للآخرين؟ باسم أي حق أخلاقي أو قانوني تريد فيه أن تملي إسرائيل على دول أخرى سياستها بالنسبة لمكانة سكان محتلين؟ وهل ستلزم إسبانيا بالقرار الذي اتخذته الكنيست بأغلبية 99 عضواً، وتعارض فيه أي اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، ولن يكون ذلك إلا بمفاوضات مباشرة بين الطرفين؟ إن الوزراء الذين تم استدعتهم إسرائيل لمحادثة توبيخ في مكتب وزير الخارجية، كان يجب أن يسألوا “إسرائيل كاتس” متى تنوي إسرائيل أن تبعث المفاوضات مع الفلسطينيين من الموت، وما هو الموقف الذي ستطرحه الحكومة على طاولة المفاوضات؟

إذا وجد الوزير صعوبة في الإجابة، فسيطلب من السفراء قراءة محضر جلسة الليكود في آذار 2019: “من يريد إفشال إقامة الدولة الفلسطينية، فعليه تأييد وتعزيز حماس ونقل الأموال إليها”. نتنياهو ليس وحيداً. قائمة من يعارضون إقامة الدولة الفلسطينية بين البحر والنهر، بأي شرط، تمتد لتشكل كل الأحزاب اليهودية. جدعون ساعر، من حزب “اليمين الجديد”، قال إن “هناك إجماعاً بأن الدولة الفلسطينية تعرض دولة إسرائيل للخطر”. وحيلي تروفر من الجناح الليبرالي في “المعسكر الرسمي”، أعلن معارضته إقامة الدولة الفلسطينية. وحتى إن يئير لبيد أعلن استعداد إسرائيل لمناقشة ذلك بشرط أن يصبح الفلسطينيون سويسريين.

كان يجب على الوزراء أن يقولوا للموبخين بأن على إسرائيل أولاً أن تنتزع الخشبة التي في عينها قبل أن تشتكي من الخطوات أحادية الجانب ووجود القذى في عين الآخرين. هل وافق الطرفان على ضم شرقي القدس وهضبة الجولان؟ ألا يعتبر هذا “إرهاباً سياسياً”؟ كل بؤرة استيطانية أقيمت في الضفة الغربية هي خطوة أحادية الجانب، مخالفة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

قرار 1515، الذي أجمع عليه مجلس الأمن، تبنى خارطة الطريق من العام 2003 بشكل كامل، التي تقوم على حل الدولتين. وذكر في القرار أن حكومة إسرائيل وافقت على تجميد بناء المستوطنات في الضفة، وحتى إنها تعهدت بإخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية. كان نتنياهو في حينه عضواً في الحكومة. وفي غداة إعلان الدول الثلاث، أملى وزير الدفاع غالنت قراراً أحادي الجانب بإلغاء الانفصال عن شمال “السامرة” [شمال الضفة الغربية].

نأمل بأن تحذو دول أخرى حذو النرويج وأيرلندا وإسبانيا، ولن تخشى من صراخ القوزاقي المسروق. لقد حان الوقت ليدرك جميع زعماء العالم الحر بأن دولة اليهود، الذين أيدت دولهم إقامتها، قد غيرت وجهها كلياً.

سنحتفل في الفترة القريبة القادمة بمرور 57 سنة على حرب الأيام الستة. هذه الفترة هي ثلاثة أضعاف الفترة التي عشنا فيها بدون أن نكون محتلين. الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة حيوية، لكنها غير كافية. لقد حان الوقت لإقامتها، قبل أن يتأخر الوقت.

———————————————

هآرتس/ ذي ماركر 27/5/2024

“سرقة” سموتريتش لأموال الضرائب.. انهيار للسلطة أم تقريب للدولة الفلسطينية؟

بقلم: ميراف ارلوزوروف

خسرت إسرائيل في الأسبوع الماضي مرتين في “لاهاي”. وأثار ردها على الخسارة أسئلة صعبة حول ما يتعلق بالتفكير المنطقي لزعمائها. رئيس الحكومة، نتنياهو، الذي يقف أمام خطر مذكرات اعتقال دولية، اختار مواجهة الخسارة عن طريق البصق على وجه المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية واتهمه باللاسامية. وبدلاً من محاولة تخفيف موقف المدعي العام، فعل نتنياهو عكس ذلك تماماً. ربما نسي رئيس الحكومة بأن الأمر لا يتعلق بمحكمة إسرائيلية يمكن تخويف قضاتها، وأنه إذا اغضب المدعي العام سيسوء وضعه الشخصي في المحكمة ولن يتحسن.

في الوقت نفسه، تعرضت إسرائيل أيضاً لضربة من محكمة العدل الدولية التي حكمت ضدها بشأن اجتياح رفح. في هذه الحالة أيضاً، كان يبدو أن إسرائيل تعمل بشكل مباشر لصالح الدعوى ضدها. وبموازاة قرار الحكم، تم نشر قرار وزير المالية سموتريتش، العمل على تدمير اقتصاد السلطة الفلسطينية من خلال حجز أموال الضرائب التي تنقل إليها، ووقف العلاقات البنكية معها. هذه الخطوات تعتبر خرقاً لاتفاق أوسلو وتعزز صورة إسرائيل كدولة خطيرة وغير عقلانية وتقف على شفا الدولة غير الديمقراطية. باختصار، نعمل على إساءة وضعنا في “لاهاي”.

في موازاة ذلك، يجب التذكير بأن هناك إجراء قانونياً دولياً ثالثاً ضد إسرائيل. فمجلس الأمن ينتظر رأي محكمة العدل في لاهاي… إذا كان الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية قانونياً؟ لم يُقدَّم الرأي حتى الآن، لكن واضح أن خطوات سموتريتش قد تحسم الأمر ضدنا. وهذا سيثبت بشكل نهائي أن إسرائيل جعلت الاحتلال المؤقت ضماً ثابتاً. هذا احتلال يجب على الأمم المتحدة إعلانه غير قانوني.

أرسل سموتريتش الخميس، رسالة لنتنياهو أبلغه فيها عن نيته وقف نقل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية. عملياً، تدمير اقتصاد السلطة الفلسطينية. وأعلن عن وقف نقل أموال الضرائب، 600 – 800 مليون شيكل في الشهر، للسلطة الفلسطينية، وقطع المنظومة البنكية الفلسطينية عن البنوك في إسرائيل (وقف العلاقات البنكية، وعلاقات المراسلة) خلال شهر.

هذه الخطوات تعد خرقاً للملحق الاقتصادي في اتفاقات أوسلو، “اتفاق باريس”، وتشكل خرقاً مباشراً لكل التزامات إسرائيل الدولية. إن وقف نقل أموال الضرائب يجب اعتبارها سرقة حقيقية أيضاً، على الأقل. يدور الحديث عن أموال ضرائب تعود للسلطة الفلسطينية. إسرائيل تجبي تلك الأموال لصالح السلطة بحسب نص اتفاق أوسلو أيضاً. بشكل متعمد، بالمناسبة، نص اتفاق أوسلو على أن تجبي إسرائيل أموال الضرائب لصالح الفلسطينيين، وذلك للتأكيد على أن السلطة الفلسطينية ليست دولة مستقلة. لذلك، لا يمكنها فرض الضرائب أو إدارة علاقات مع بنوك العالم، بل من خلال إسرائيل.

جار مزدهر أفضل من جار بائس

جميع الجهات الاقتصادية الدولية حذرت في نهاية الأسبوع من تأثير خطوات سموتريتش على الاقتصاد الفلسطيني. قالت وزيرة المالية الأمريكية، جينت يالين، إن فصل البنوك الفلسطينية سيؤدي إلى خسارة صفقات بـ 8 مليارات دولار سنوياً للسلطة الفلسطينية، بما في ذلك شراء الكهرباء والمياه والوقود والغذاء. وحسب قولها، هذه خطوة ستجر وراءها كارثة إنسانية في السلطة الفلسطينية، ستضر أيضاً بأمن إسرائيل.

وزراء المالية في الدول المتقدمة (جي 7) نشروا في نهاية الأسبوع الماضي تحذيراً يبرز أن استمرار مقاطعة السلطة الفلسطينية مالياً، سيعرض استقرارها للخطر، وطالبوا بتحرير الأموال. في موازاة ذلك، نشر البنك الدولي تنبؤاً اقتصادياً بائساً بحسبه السلطة الفلسطينية توجد في خطر الانهيار المالي. وحسب معطيات البنك الدولي فإن السلطة الفلسطينية فقدت تقريباً 300 ألف مكان عمل منذ اندلاع الحرب، و200 ألف مكان عمل في غزة. ارتفع الفقر في مناطق السلطة الفلسطينية إلى 12 في المئة (64 في المئة في غزة). وانخفض دخل الفرد 12 في المئة (28 في المئة في غزة) ووصل إلى 3300 دولار سنوياً، ويتوقع أن ينكمش الناتج 6 – 9 في المئة في العام 2024.

هذه التحذيرات لا تخيف سموتريتش، الذي يعمل علناً على تطبيق “خطة الحسم” خاصته، بتقويض السلطة الفلسطينية وضم مناطق “يهودا والسامرة” لإسرائيل. عدم تبني حكومة إسرائيل “خطة الحسم” هذه علناً باعتبارها سياسة رسمية، وعدم حصولها على ثقة الجمهور لتنفيذها، هما أمران لا يأبه لهما سموتريتش. من الأفضل أن تقوم جهات أخرى في الحكومة بوقف الخطة قبل تبلورها، لأن تأثيراتها على إسرائيل قد تكون كارثية.

جميع الخبراء الأمنيين، بما في ذلك هيئة الأمن القومي، يتفقون على أن انهيار اقتصاد السلطة الفلسطينية يتناقض ومصالح إسرائيل الأمنية. جار مستقر ومزدهر أفضل من جار يائس لا يملك ما يخسره. البحث الذي أجراه بنك إسرائيل في فترة الانتفاضة الثانية وجد صلة بين نسبة البطالة في مناطق الضفة الغربية، ونسبة اعمال العنف فيها.

إضافة إلى ذلك، ما زالت السلطة الفلسطينية تتعاون أمنياً مع إسرائيل، ومن السهل تخيل إلى من سيوجه سلاح رجال الشرطة الفلسطينية إذا لم يحصلوا على الرواتب.

تهديد من دون أسنان

حسب أقوال داني كرمون، النائب السابق للسفير في الأمم المتحدة، وأقوال مجلس الأمن بأن الاحتلال أصبح ضماً غير قانوني، أقوال لا أسنان لها؛ فمجلس الأمن لا يمكنه فرض شيء على إسرائيل، لا سيما أمام الفيتو الأمريكي المتوقع ضد فرض أي عقوبات على إسرائيل. وروني لشنو، سفير إسرائيل السابق في الاتحاد الأوروبي، قدر أن الإدارة الأمريكية قد تقف إلى جانب إسرائيل وتساعدها على صد التأثيرات القانونية ضدها. لن يسمح الرئيس الأمريكي بايدن لنفسه بالوقوف ضد إسرائيل، خصوصاً في سنة الانتخابات.

لا يتوقع لشنو أيضاً أن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إسرائيل بسبب خرق اتفاق أوسلو وتقويض السلطة الفلسطينية. فرض العقوبات هذا يحتاج إلى اتفاق واسع، وما زال لإسرائيل اصدقاء في أوروبا يدافعون عنها. وحسب تقديره، سيصك الأوروبيون على أسنانهم ويزيدون الأموال المحولة للسلطة الفلسطينية كتعويض عن تجميد الأموال من قبل إسرائيل، في محاولة لمنع انهيارها اقتصادياً. لكنهم مثل جميع الخبراء في الأمن والعلاقات الخارجية داخل إسرائيل، يقدرون أن انضمام ثلاث هيئات دولية تحكم ضد إسرائيل بالتزامن سيكون أمراً سيئاً جداً. هذا التراكم آخذ في زيادة احتمالية أن تعترف دول أوروبية أخرى بالدولة الفلسطينية. بدلاً من الدفع قدماً بـ “خطة الحسم”، يدفع سموتريتش فعلياً بخطة للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.

حتى لو لم يتم فرض عقوبات رسمية، فإن العقوبات غير الرسمية أمر لا مناص منه، وقد تشمل مثلاً مقاطعة زاحفة للأكاديميا والثقافة والفنون والسياحة والتجارة والاستهلاك. سيتوقف المستهلكون في أرجاء العالم عن شراء المنتجات الإسرائيلية، وستتوقف صناديق استثمار عن الاستثمار في مشاريع داخل إسرائيل، وستتوقف صناديق علمية عن تقديم المنح لباحثين إسرائيليين. “سيكون الثمن سياسياً قانونياً واقتصادياً”، قال كرمون. “سيكون هذا حجراً آخر يبعد إسرائيل عن العالم المتنور ويجعلها دولة منبوذة”.

———————————————

هآرتس 27/5/2024

نتنياهو الـ”بن غفيري” في خطة “اليوم التالي”: فليبحروا أو ينصبوا خيامهم في سيناء

بقلم: تاليا ساسون

يبدو أن افتراضاً سائداً يدور في وسائل الإعلام بأن ليس لنتنياهو خطة لليوم التالي. وحسب تسلسل الأحداث، يبدو أن الإدارة الأمريكية طلبت خطة حتى قبل غزو غزة، لأنه لا حرب بدون هدف استراتيجي في نهاية المطاف. رفض نتنياهو ذلك، وطلب مجلس الحرب ذلك منذ ثمانية أشهر، ولكن لا خطة حتى الآن. جهاز الأمن كله يطلب علناً، بعد اليأس، ويتوسل لوضع هدف استراتيجي لتخطيط عملياته، لكنه يواجه بالصمت. يعود الجنود مرة تلو الأخرى إلى نفس الأحياء في قطاع غزة التي حاربوا فيها وخرجوا منها ثم عادوا إليها، وعلامات الحرب ستنقش في عقولهم إلى الأبد.

لم نعد نسمع عن شعار “تدمير سلطة حماس”، لأن هذا يحتاج إزاحة حماس عن الحكم. ليس لنتنياهو نية كهذه على ما يبدو، لأن إسرائيل لم تفعل أي شيء في هذا الاتجاه حتى الآن. تتركز الحرب في هذه الأثناء على قتل مقاتلي حماس الإرهابيين. ولكن مصادر القوة السلطوية هي توزيع الغذاء والمياه والاهتمام بالسكن والصحة والتعليم والشرعية. حماس تستمر في الحكم، بل وتنجح في جباية الضرائب من السكان في غزة.

في الوقت الذي يصمت فيه رئيس الحكومة، يفصل وزراء آخرون أهداف الحرب بصوت عال… احتلال القطاع كله والسيطرة عليه لفترة طويلة تحت حكم إسرائيل؛ وإقامة حكم مدني إسرائيلي؛ وإقامة المستوطنات في غزة على اعتبار أنها جزء من أرض إسرائيل الكاملة؛ وطرد جميع الفلسطينيين من القطاع، أو باللغة المغسولة “تشجيع الهجرة الطوعية”. أي أننا سننغص حياة الفلسطينيين حتى يرغبوا في الهجرة مبحرين عبر سفن قديمة بدون هدف، أو أن يتدفقوا بجموعهم نحو شبه جزيرة سيناء وتحطيم اتفاق السلام مع مصر.

معظم الجمهور يعتقد أنها مواقف لا يؤمن بها سوى بن غفير وسموتريتش، وتلاميذ مئير كهانا الذي طلب طرد العرب وتحويل إسرائيل إلى دولة شريعة “نقية” من العرب، والدعوة إلى العنصرية وتفوق اليهود ودولة شريعة، لكن هذه الأيديولوجيا مناقضة للديمقراطية وتعتبر الدفع قدماً بقيمها ضعفاً.

تم طرح فكرة احتلال القطاع منذ بداية فترة حكومات اليمين المطلقة، التي تقدس وتفضل الأرض على الجوهر الديمقراطي لدولة إسرائيل. وللمضي بهذه الفكرة، ألغي قانون الانفصال واتخذت خطوات لإقامة أربع مستوطنات في الضفة الغربية أخليت في العام 2005.

عندما ألغي القانون، أعلنت أوريت ستروك العودة إلى قطاع غزة، التي ستنطوي على الكثير من الضحايا. ومن خطر بباله في حينه أننا سنحتل غزة مرة أخرى؟ في 7 أكتوبر، كما نذكر، هنأت ستروك أصدقاءها وقالت “عيد سعيد”، وعرفت لماذا؛ لأن احتلال غزة ظهر في حينه أنه في متناول اليد. الـ 1400 قتيل لم يؤثروا فيها.

في العام 1994 أعلنت الحكومة عن “كاخ”، الحزب الذي تمت أقامته في 1971، كتنظيم إرهابي بعد المذبحة التي نفذها باروخ غولدشتاين (وهو رقم 3 في حزب كاخ في الكنيست) داخل الحرم الإبراهيمي. لم يتم إلغاء هذا الإعلان يوماً، لكنه أصبح إشارة ميتة منذ قام نتنياهو بتعيين بن غفير (الذي يعلق صورة غولدشتاين في صالون بيته) في منصب وزير الأمن القومي. ومنذ هذا التعيين، وهو يطبق عقيدة “كاخ”؛ فقد حول الشرطة إلى جسم سياسي لحزب “قوة يهودية”، بما في ذلك السيطرة على مراكز القوة في الدولة، وقمع حرية التعبير، والمس بسلطة القانون.

ورثة كهانا في الحكومة يعملون على السيطرة على إسرائيل بواسطة رئيس حكومة ضعيف ومطارد، ومتهم يعتبر الكرسي الجالس عليه أداة للنجاة من المحاكمة. اعتماده على بن غفير وسموتريتش في بقائه السياسي أدى إلى تصرف إسرائيل، بشكل جزئي على الأقل، وفقاً عقيدة كهانا.

حتى لو اعترض جزء لا بأس به من الجمهور على هذا التوجه، فإن هناك أجزاء كبيرة انتحرت أمام قوة الهيمنة. لذا، فإن هدف نتنياهو في قطاع غزة يخضع لرغبة بن غفير: الاحتلال والإدارة المدنية التي تتصادم مع الفلسطينيين، ثم توطين اليهود وطرد العرب. هذه هي الخطة، وتُنفذ بالفعل حتى لو لم يعترف رئيس الحكومة بذلك علناً. في الأصل، سياسته جلبت عليه مذكرة اعتقال دولية كمجرم حرب، إضافة إلى أنه متهم بمخالفات جنائية في إسرائيل.

حاولت إسرائيل الديمقراطية مواجهة التوجهات الفاشية والعنصرية والدينية والاستقوائية التي جلبها عليها مئير كهانا. وهذه التوجهات تندمج بمشروع المستوطنات التي أقيم معظمها بصورة غير قانونية على حساب سكان يحكمهم شعب آخر. برعاية المستوطنات ومن أجل المستوطنين، ترتكب دولة إسرائيل الجرائم ضد الفلسطينيين وتخرق حقوقهم. وسياستها هناك القائمة على التفوق اليهودي وبرعاية العنف وعدم الخضوع للقانون، هي سياسة غير ديمقراطية، ويتم تطبيقها بالخضوع لسيادة المستوطنين. التصادم بين إسرائيل الديمقراطية وإسرائيل الكهانية يحدث أيضاً في قطاع غزة. وكبش الفداء هم المخطوفون وأبناؤنا.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 27/5/2024

للصحافة الإسرائيلية: خنتم مهنتكم بتعمدكم إخفاء قتل الأطفال والأبرياء بقطاع غزة

بقلم: أمنون ليفي

حسب معطيات الأمم المتحدة، ثمة تأكيد على موت 24 ألف فلسطيني في الحرب في غزة. يجب أن يضاف لهذه الأعداد نحو 10 آلاف قتيل مدفونين تحت الأنقاض؛ أي نحو 34 ألف قتيل. لغرض المقايسة، يسكن في “سديروت” 35 ألف نسمة، وفي “أوفيكيم” 37 ألف نسمة. أي بمعنى أننا قتلنا مدينة كاملة في الحرب.

هذه المقايسة صادمة لكنها تفتح العيون، وجدتها لدى الصحافية والناشطة الشرقية أورلي نوي. أكد الجيش الإسرائيلي في الإحاطات المعطيات أنها مصداقة. كم من الإسرائيليين واعون لهذه الأعداد؟ كم منهم شاهدوا حجوم الدمار والخراب في القطاع؟ قليل جداً. لأننا، نحن الإعلاميين، لم نُرِهم ما يكفي. أخفينا السكان المدنيين عن تقاريرنا. والنتيجة، حسب تحقيق “وول ستريت جورنال”، شاشة منقسمة: كل العالم يرى حرباً واحدة في غزة، أما إسرائيل فترى حرباً أخرى تماماً.

لماذا خنّا مهمتنا الأكثر أساسية: يقال في الدفاع عنا إننا كنا مصدومين مما جرى في 7 أكتوبر كالجميع. الغضب الشديد الذي ألم بالجمهور ألم بنا أيضاً. تألمنا لألم المخطوفين ولأبناء عائلاتهم. أردنا الفتك بحماس. أما السكان فأثاروا اهتماماً أقل لدينا. لكن هذه الحجة جيدة لشهر – شهرين، في أقصى الأحوال للثلاثة الأشهر الأولى. أما الآن فقد مر أكثر من سبعة أشهر، وما زلنا نغمض أعيننا.

القصور خطير. فنحن لم نخف فقط معظم صور القتلى من الأطفال والجوعى وجموع النازحين من بيوتهم في غزة، بل ووفرنا البنية التحتية الأيديولوجية لتجاهلهم. ساهمنا في نزع شرعيتهم. القول “لا يوجد غير مشاركين في غزة” ازدهر في الإعلام؛ بمعنى أنهم كلهم مذنبون، وبمعنى أنه مسموح لنا قتلهم جميعهم، وبمعنى، على ما يرام أننا قتلنا حتى الآن 7800 طفل في غزة، إذ لا يوجد “غير مشاركين” في غزة، وكلهم من المتطرفين. وعرضت وسائل الإعلام كلها شخصيات من التيار المركزي الإسرائيلي للبحث في مسألة: هل جدير تجويع السكان من 2.2 مليون نسمة؟

يرى العالم صوراً جديدة وصادمة للفلسطينيين يومياً؛ يرون الجوع والموت والدمار، بينما نكاد نرى هذا. فما الغرو أن العالم يتظاهر ضد أفعال إسرائيل فيما نستبعد هذا كـ “لاسامية”. من ناحيتنا، لا توجد إلا قصة واحدة، وهي الرواية الإسرائيلية. عرفنا كيف نروي ألمنا فقط.

ظاهراً، يوجد نزاع واضح بين الوطنية والصحافة: الوطنية ملتزمة بجانبنا فقط، بينما الصحافة ملتزمة بطرح القصة بكاملها. معظم الصحافيين يتصرفون -على حد رأيهم- كوطنيين إسرائيليين، لكنهم عملياً صحافيون مجندون. وثمة فرق؛ فالصحافي الوطني ملزم أيضاً بالحقيقة دوماً، إذ توجد أهمية قومية، وليس صحافية فقط، لطرح القصة كلها على الجمهور، لرواية الحقيقة حتى في جوانبها البشعة. حق الجمهور في معرفة أننا قتلنا مدينة كاملة في غزة. من يطلع على الصورة الكاملة كفيل بأن يصمم موقفه بشكل مختلف. وربما، ربما، يفهم بأن الثأر قد تم. على الجمهور أن يرى المشاهد ويعرف كل الحقائق، كي يشفى قليلاً من الصدمة. فادعاء الحق والعمى يمنعان مسيرة إشفاء الدولة. وإذا ما عرفنا الحقائق كلها فلعل مقترح تحرير كل المخطوفين مقابل وقف الحرب، سيبدو صورة نصر.

ليس سهلاً قول الحقيقة الكريهة، والأصعب قولها في زمن الحرب. هذا صعب، هذا مؤلم وبالنسبة لنا نحن الإعلاميين، ثمة رغبة للقراء والمشاهدين، التي نحن ملتزمون بها وعلينا أن نراعيها. لنا أسباب كثيرة من المعاذير. لكن يوجد سطر أخير واحد أيضاً: فشلنا.

——————————————–

 إسرائيل اليوم 27/5/2024

بعد فشل البدائل.. إسرائيل: لا خيار سوى سلطة فلسطينية من الصف الثالث في “فتح”

بقلم: عوديد عيلام

في الشهر السابع للحرب، يبدو الأفق ضبابياً للغاية بينما نتحرك على مسار مخادع. فهيا نفحص البدائل المحتملة.

التوجه للعشائر لأخذ زمام السيطرة: جربنا هذا البديل قبل نحو شهرين من خلال التوجه إلى عشيرة دغمش، العشيرة الغزية سيئة الصيت والسمعة. عرضنا عليهم تولي السيطرة على غزة. فماذا يشبه الأمر؟ أن تطلب من عائلة الفرون تولي السيطرة على تل أبيب. لقد انتهت المحاولة القصيرة بتسلل حماس إلى مجال العشيرة، وقطع رؤوس رجالها، ولاحقاً نشرت كل العشائر بياناً مشتركاً يؤيد حماس، ولم يعد هذا البديل في متناول اليد.

إدخال قوة حفظ نظام متعددة الجنسيات بمشاركة دول عربية: لا يوجد مثال واحد في العصر الحديث لنجاح مرابطة قوة كهذه. كل محاولة في العالم انتهت بالفشل أو بالمأساة – انظروا رواندا، الكونغو، صربيا، لبنان والعراق. محاولة فرض النظام في غزة مع مسطرة قيم غربية وصفة مؤكدة للفشل. فأنا لا أرى يورغن من الدانمارك يطلق النار على السالبين والناهبين في الشجاعية أو حتى لطيف الأردني يفرق مظاهرة عنيفة في خان يونس. هذا البديل غير قابل للتطبيق.

أما فرض سلطة وحكم عسكري إسرائيلي، وإن كان مؤقتاً، فلا احتمال له، لأنه لا قدرة لنا على فرض سلطة كهذه على سكان مفعمين بالكراهية اللاذعة والجهادية في منطقة يوجد فيها سلاح في كل بيت. فسرعان ما سيتجه غضب وإحباط الغزيين من وضعهم تجاه الكيان اليهودي المحتل.

فك الارتباط عن غزة: معنى الاقتراح سيطرة متجددة لحماس على غزة في غضون بضعة أشهر، وعودة الوضع السابق. سترمم حماس قدراتها بسرعة. ستستأنف التهريب من فوق ومن تحت محور فيلادلفيا، وتعود إلى النشاط. مثلما استغرقها عمل ذلك على مدى أسابيع قليلة في جباليا.

وعليه، سيبقى بديل واحد، عسير على الهضم وإشكالي: إعادة “فتح” إلى غزة كي تحكم بيد من حديد وعدم السماح لحماس بأي حال الانخراط في الجهاز الذي يقام. كما ينبغي إخراج “الإخوان المسلمين” عن القانون مثلما حصل في مصر وسوريا والبحرين وفي أماكن أخرى. صحيح، مدى ثقتنا بالفلسطينيين أدنى من البحر الميت، وعن حق. للفلسطينيين تجربة جمة في خرق الاتفاقات، وليس معنا فقط. والسلطة الفلسطينية الحالية فاسدة. لذا علينا إيجاد شركاء مناسبين من أوساط “فتح” داخل غزة وكذا “الاستيراد” من “يهودا والسامرة”. وعلينا تجاهل القيادة القائمة: لن يأتي الخلاص لا من العشرية الأولى ولا حتى من الثانية، بل من الثالثة. رؤساء الأقاليم والفروع، شبان متعلمون. يمكن إيجاد ربط للمصالح – وإن كان هشاً وواهناً – لكن سيكون ممكناً تعزيزه بمعونة ائتلاف دولي. ويضاف إلى هذا إيصال فاتورة عسرة للغاية على التسديد –لن يأتوا بدون دولة فلسطينية في النهاية. هذا هو أيضاً المطلب الذي يطرحه الأمريكيون على الطاولة، وهذا هو مطلب معظم حلفائنا، بمن فيهم السعوديون ودول الخليج. ستكون المسيرة قاسية ودامية، ولكن لا مفر لنا. يجب أن يقوم زعيم فلسطيني يوجه نظرته ويقول: “بهذا، نتنازل عما يسمى حق العودة، ونعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية إلى جانب دولة فلسطينية في حدود متفق عليها”. أما إذا ما رفض الفلسطينيون العرض مرة أخرى، فسيؤكدون للعالم أنهم هم الرافضون، أنهم المعارضون لحل عالمي متفق عليه.

——————————————–

هآرتس 27/5/2024

تحقيق صحافي يعري حقيقة وزيرة المواصلات الإسرائيلية: “فساد منظم”

بقلم: أسرة التحرير

كشف تحقيق صادم من رفيف دروكر في برنامج “همكور” (القناة 13) سلوكاً بكامل عريه لوزيرة المواصلات ميري ريغف. تعمل وزارة حكومية بكامل القوة والميزانية لتفضيل أعضاء مركز الليكود – “يهلوميم” (جواهر)، كما تصفهم الوزيرة وأناس مكتبها – وفقاً لمفتاح مركزي: من يمكنه رفع مرتبة ريغف في قائمة الليكود. وفر دروكر إطلالة على طريقة العمل المتبعة. سطحياً، يدور الحديث عن فساد منظم، مسنود بأدلة على خرق الثقة ظاهراً لدرجة رشوة موظفين عموميين، ومن فوقهم ريغف، التي تعمل ليس كمندوبة عن الجمهور، بل كمن تستخدم أموال الجمهور وكأنها أموالها.

يجب أن يحقق مع ريغف في لاهف 433، وكذا أيضاً مدير عام وزارتها موشيه بن زكان، وباقي شركائها. رئيس الهيئة، الذي كان جزءاً من طريقة العمل وفضل الخروج بوجه مكشوف أمام الجمهور، ملزم أن يكون شاهداً ملكياً.

ولكي يحصل هذا، على جهاز إنفاذ القانون أن يتجند مرة أخرى لمكافحة الفساد. وحدة لاهف 433 والوحدة القطرية للتحقيق في الغش، واللتان كانتا سفينتي العلم في الكفاح لطهارة المقاييس ضد الفساد العام، فقدتا الآن الحافز والرغبة في مكافحة الظواهر المنكرة. فهجمات نتنياهو المتكررة على الشرطة ودعوته “للتحقيق مع المحققين”، وإهمال لاهف 433 من جانب المفتش العام الحالي؛ ولاحقاً سيطرة وزير الأمن القومي بن غفير على الشرطة كلها… أدت بموظفين كبار وبمنتخبين عموميين فاسدين إلى “الاحتفال بلا خوف”. الشرطة الضعيفة هي حلم سياسيين مجرمين وفاسدين. وإضافة إلى الشرطة، فإن النيابة العامة والمستشارة القانونية للحكومة أيضاً لم تعملا. في الوقت الذي أهملت فيه وحدات الشرطة العليا مكافحة الفساد في وزارة العدل، التي اكتوت بقضايا نتنياهو، لم يبدوا حماسة للعمل، وكانت النتيجة أن ريغف ونظراءها يتصرفون بأموال الجمهور كما يشاؤون بلا عراقيل.

قضية ريغف فرصة لجهاز إنفاذ القانون لنفض الغبار عن نفسه. محظور لقضية بهذه الجسامة، والتي باتت نتائجها واضحة أمام الجميع بفضل عمل صحافي متميز، أن تدفن تحت عناوين “فحص” على مدى أشهر طويلة. على المستشارة القانونية للحكومة ورئيس قسم التحقيقات والمباحث والنائب العام للدولة، أن يأمروا فوراً بفتح تحقيق جنائي ضد ريغف وأناس مكتبها واستدعائهم في أقرب وقت ممكن. كل جر للأرجل سيكون ضوءاً أخضر لمواصلة الفساد العام، الذي أساسه مس بالجمهور في صالح تحقيق مصالح شخصية.

——————————————–

معاريف 27/5/2024

بعد خطأين حرجين.. لقادة إسرائيل: أوقعتمونا في تدهور مستمر

بقلم: إهود ياتوم

خطآن استراتيجيان ارتكبتهما حكومة إسرائيل وأساساً رئيسها بعد قصور 7 أكتوبر:

الأول، وهو الأهم، بدء المناورة البرية، دون محاولة لإعادة كل المخطوفين إلى الديار أولاً.

240 اختطفوا في ذلك اليوم الرهيب. قبل أن تبدأ الحملة العسكرية، كان معظمهم لا يزالون على قيد الحياة. من الواجب القومي والقيمي والأخلاقي، وكمهمة عليا وحصرية، هي إعادتهم إلى الديار مهما كان الثمن.

كان هذا واجب الدولة بعد أن تركت مواطنيها لمصيرهم. الذنب المباشر للحكومة ومسؤوليتها، وهي التي كان ينبغي لها أن تأخذ بيد أصحاب القرار لاتخاذ قرار فوري لإعادتهم إلى الديار وهم على قيد الحياة، والاعتراف بهزيمتنا في المعركة، بينما يكون النصر الأول بإعادة المخطوفين.

كان لازماً التنازل عن الأنا الزعامية وعن الحق الواجب في توجيه ضربة عسكرية ساحقة لمنظمات القتلة والانتظار حتى عودة المخطوفين. أما أصحاب القرار فقرروا غير ذلك.

إن رغبتهم في التكفير عن قصورهم، أدى بهم إلى قرار مغلوط وحرج، وإلى خطأ يلاحقنا منذ ثمانية أشهر، ويقلل عدد الأحياء بين المخطوفين يومياً.

إن الحاجة إلى الثأر والنصر العسكري المطلق وتقويض حماس كهدف مركزي، تغلب على العدالة القومية والأخلاقية القيمية. فكان قرارهم بائساً وأليماً للمخطوفين، ولأبناء عائلاتهم، وللمقاتلين في الجبهة الذين يسقطون يومياً، وللاجئين من سكان الشمال والجنوب، الذين أخلوا بيوتهم ولا أحد عودتهم إليها.

تأتي متأخراً خير من ألا تأتي. فبدلاً من تعميق النزاع مع صديقتنا الأكبر والأهم، الولايات المتحدة، ودول صديقة كثيرة أخرى، وبدلاً من السيطرة على رفح وفقدان رشدنا، بات على الكابنت أن يقرر وفوراً إعادة المخطوفين إلى الديار مهما يكن الثمن. بكل ثمن، الآن.

الخطأ الاستراتيجي الثاني والحرج متمثل في خطوات المناورة العسكرية. لقد كانت الحكومة ملزمة بإدارة الحرب في رأسي سهم بالتوازي. أي، دخول متداخل ومتوازٍ من شمال القطاع وجنوبه، الدخول بالنار إلى شمال غزة وجنوب رفح في بداية المناورة، حين كان العالم كله معنا، لتقويض ألوية وكتائب القتلة في المدينتين بالتوازي، ومن هناك التحرك نحو خان يونس ومعسكرات الوسط.

خطوة عسكرية لامعة كهذه سيقبلها العالم، وتمنع العقوبات التي تفرضها علينا الولايات المتحدة اليوم، وغضب العالم، واللاسامية، والتصويتات المناهضة لإسرائيل في الأمم المتحدة وما شابه.

صدمة وحرج وفقد الصواب… رافق أصحاب القرار في الأيام الأولى ما بعد الفشل. أخطاء كثيرة ارتكبت. لكن هذين الخطأين أديا بنا إلى انعدام الوسيلة وتعطل الفعل وانعطاف الحسم وفقدان الأمل في كل ما يتعلق لتحقيق أهداف الحرب كما حددها أصحاب القرار قبل نحو ثمانية أشهر.

ينبغي الإشارة إلى أن المواظبة في بث مستمر للشريط الصادم الذي تقشعر له الأبدان، ويقض المضاجع، ويصرخ النجدة، والذي بث عن احتلال استحكام مجندات المراقبة، والسيطرة الوحشية عليهن وأخذهن إلى أسر حماس وهن ينفذن مهمتهن برباطة جأش ومهنية، إنما يجسد عمق الإخفاق ووحشية العدو.

لعلها الفرصة الأخيرة من الحكومة لمحاولة القيام بواجبها القومي والأخلاقي والقيمي، لإعادة كل المخطوفين إلى الديار، بكل ثمن يلزم. يا رئيس الوزراء، هذه مسؤوليتك وواجبك.

برأيي وبرأي الكثيرين، نحن في تدهور خطير يجب وقفه وفوراً. الدفة والكوابح في يدي رئيس الوزراء الذي هو وآخرون مثل وزير الدفاع، ورئيس هيئة الأركان، ورئيس “الشاباك”، وقائد المنطقة الجنوبية، وكثيرين آخرين، كان ينبغي لهم أن يخلوا مكانهم ويسمحوا للآخرين بإدارة المعركة بعد فشلهم الذريع.

إن من فشل فشلاً ذريعاً كهذا لا يمكنه إدارة إعادة البناء العسكري والمدني، فما بالك من لم يتحمل المسؤولية حتى هذه اللحظة.

——————————————–

معاريف 27-5-2024،

لقد ارتكبنا خطأ كبيرا بتأجيل توقيت انهيار حكم حماس

بقلم: بوعز غولاني

إن القسوة الوحشية المتمثلة في قتل الأطفال، واغتصاب النساء، وقطع الرؤوس، واختطاف المدنيين، وأكثر من ذلك، التي ميزت هجوم حماس في 10/7، كانت مماثلة، وفي بعض الحالات طغت على الأساليب التي استخدمها داعش منذ أن بدأ رحلته في عام 2004 وخاصة في عامي 2011-2016، حيث أنشأ لنفسه دولة إرهابية في مناطق واسعة من العراق وسوريا.

في الشهرين الأولين من حرب السيوف الحديدية، عندما كان الرأي العام العالمي لا يزال يميل لصالحنا، كانت المقارنة بين حماس وداعش فعالة للغاية في ظل نفور الرأي العام العالمي من هذه المنظمة القاتلة. هناك اختلافات كثيرة بين داعش وحماس – ديموغرافية وجغرافية واجتماعية وغيرها. ولكن هناك أيضًا بعض أوجه التشابه الواضحة بينهما. وكلاهما مرتبطان بشكل أو بآخر بحركة الإخوان المسلمين في مصر، وكلاهما يؤيد أيديولوجية دينية متطرفة تؤمن بالانتشار العنيف (الجهاد) للإسلام السني، وكلاهما ينفذان الإرهاب القاتل كوسيلة لتحقيق أهدافهما. وقد حقق كلاهما سيادة مؤقتة في نفس الوقت تقريبًا، وفي كلتا الحالتين كان الاستيلاء على السلطة مصحوبًا في البداية بإساءة همجية للسكان المحليين، ثم بعد ذلك فقط بهجمات على الأجانب.

وتم كبح جماح داعش من قبل تحالف من القوات المحلية بقيادة الولايات المتحدة. ومنذ عام 2016، تم دفعه أكثر فأكثر حتى تم القضاء على قادته البارزين، وخسر آخر معاقل سلطته في ربيع عام 2019. وتحطم حلم الخلافة الإسلامية، لكن داعش لم يختف تماما. وظلت جيوب الإرهاب موجودة في الإقليم، كما ظهرت خلايا إرهابية جديدة في بلدان أخرى. وفي بعض الأحيان، تخرج هذه الخلايا من مخابئها وتشن هجمات – مثل الهجوم على قاعة الحفلات الموسيقية في ضواحي موسكو في مارس/آذار 2024.

وحكمت حماس غزة حتى أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي تقاتل الآن من أجل بقائها. ماذا يمكن تعلمه من هذه المقارنة؟

أولا، لقد ارتكبنا خطأ كبيرا عندما قمنا بتأجيل التحرك لإسقاط حكم حماس في غزة. في وقت لاحق، كان ينبغي أن يكون هذا هو الهدف الرئيسي لعملية الجرف الصامد في عام 2014، وإذا لم يكن الأمر كذلك، ففي عام 2019 على أبعد تقدير، في نفس وقت انهيار الخلافة الإسلامية.

ثانياً، إن انهيار عهد الإرهاب لا يتطلب القضاء على كل أبنائه. ووفقا لتقديرات مختلفة، فإن حوالي 15.000 إرهابي من أصل حوالي 40.000 لدى حماس في بداية الحرب قد قُتلوا أو أُسروا. تنص عقيدة المعركة التقليدية على أن الجيش الذي فقد ثلث قوته يستسلم أو يتراجع. وهذا ليس هو الحال عندما يتعلق الأمر بمنظمة إرهابية تحركها معتقدات دينية متطرفة. وحتى لو تم القضاء على ثلث آخر من رجاله، فلا ينبغي أن نتوقع أن يستسلم جميع الباقين.

ثالثاً، من أجل إسقاط مثل هذه الحركة، لا بد من تشكيل تحالف يضم قوى محلية. من المشكوك فيه ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنجح في الإطاحة بنظام داعش بمفردها لو أنها اختارت القيام بذلك بمفردها.

رابعاً، حتى بعد انهيار حكم داعش، كان مطلوباً من التحالف الذي تم تشكيله ضده أن يبدأ عمليات عسكرية من أجل كبح وإحباط جهود أعضاء داعش لاستعادة قوة التنظيم.

وبالمثل، فإن انهيار حكم حماس في غزة لن يأتي إلا بعد أن تفقد الحركة السيطرة على آخر معقل مهم للسلطة في رفح وبعد القضاء على قادتها البارزين (السنوار والضيف)، هناك حاجة إلى تحالف يضم قوى محلية (مع التركيز على مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة)، بقيادة ودعم الولايات المتحدة.

من المهم أن نفهم أنه حتى بعد ذلك ستبقى هناك خلايا إرهابية تابعة لحماس ستحاول تنفيذ هجمات، في غزة وخارجها، والتعامل معها سيتطلب “صيانة مستمرة للأراضي” من النوع الذي قام به الجيش الإسرائيلي والشاباك. التي تنفذ منذ سنوات عديدة في الضفة الغربية.

إن استمرار الحرب وتزايد أعداد الضحايا يجعل الكثيرين يشككون في إمكانية تحقيق هدف الإطاحة بحكم حماس، وسقوط خلافة داعش دليل على أن ذلك ممكن.

إن المزيج الصحيح من التصميم في ساحة المعركة والحكمة السياسية سيحقق الإنجاز المنشود.

*أستاذ في كلية علوم البيانات والقرار في التخنيون، وعضو مجلس إدارة ومستشار للشركات والمنظمات.

——————————————–

معاريف 27/5/2024

التطبيع مع السعودية: ساعة نتنياهو الرملية تنفد

د. شاي هار تسفي

ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أنه من المتوقع أن ترفع إدارة بايدن القيود المفروضة على بيع الأسلحة الهجومية للسعودية في الأسابيع المقبلة. وذلك بعد أن منع بايدن قبل نحو ثلاث سنوات بيع هذا السلاح بحجة أن السعودية قد تستخدمه في حربها باليمن ويلحق الضرر بالمدنيين.

هذه الخطوة، إذا تحققت بالفعل، قد تشير إلى أن الإدارة بدأت بالفعل في تمهيد الطريق للترويج “للخيار ب”: اتفاق ثنائي مع المملكة العربية السعودية. وذلك، في سيناريو لن تتمكن فيه الصفقة الكبيرة، التي كان من المفترض أن تؤدي إلى التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، من الوصول إلى مرحلة النضج في الأسابيع المقبلة.

“الأميركيون يدفعون، وهذا يخدمهم”وفي الخلفية، ترددت أنباء عن اقتراب الولايات المتحدة والسعودية من إبرام اتفاقيات بينهما، وزعم المعلق توم فريدمان أن البلدين توصلا إلى 90% من تفاصيل اتفاقية الدفاع بينهما، وظهرت رسائل مماثلة أيضا عقب الهجوم. خلال زيارة مستشار الأمن القومي سوليفان إلى المملكة العربية السعودية قبل حوالي أسبوع، ومن المهم الإشارة إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يهدف في رؤيته إلى تحويل المملكة العربية السعودية إلى قوة اقتصادية عالمية، وهو ما لن يحدث. أن تعتمد على موارد الطاقة، ولن تتعرض لتهديدات من أطراف خارجية وعلى رأسها إيران، مع الاعتماد على الولايات المتحدة كمساندة لها.

ولتحقيق هذه الغاية، وضع ثلاثة مطالب رئيسية:

1- تحالف دفاعي على غرار التحالفات التي أقامتها الولايات المتحدة مع كوريا الجنوبية واليابان؛

2- توريد أنظمة الأسلحة المتقدمة (مثل الطائرات المقاتلة من طراز F35)

3- تطوير برنامج نووي مدني في البلاد أراضي المملكة.

مقابل ذلك، أبدى ولي العهد السعودي استعداده لتعزيز التطبيع مع إسرائيل، معتبرا أن ذلك قد يكون السبيل الوحيد لإقناع أعضاء مجلس الشيوخ، وخاصة الجمهوريين، بالتصويت لصالح التطبيع. لأن أجزاء من الاتفاقية (وخاصة التحالف الدفاعي) يتم تعريفها باعتبارها معاهدة، وبالتالي فإن الموافقة عليها تتطلب أغلبية الثلثين من أعضاء مجلس الشيوخ (منهم 16 عضوا جمهوريا على الأقل).

علاوة على ذلك، يتعرض بايدن لضغوط سياسية، على أساس أنه يجب عليه المضي قدما في الاتفاق مع المملكة العربية السعودية في الأسابيع المقبلة، قبل أن تصل الانتخابات الأمريكية إلى خطها الأخير، وبعد المؤتمرات، سيكون من المستحيل عمليا دفع اتفاقات مهمة في الكونجرس.

ويرى بايدن أن الاتفاق مع السعودية له أهمية كبيرة، من بين أمور أخرى، من أجل كبح اتجاه التقارب بين السعودية والصين، لذلك يبدو أنه عازم على بذل كل الجهود اللازمة لدفعه قدما.

من جانبه، يطالب ولي العهد السعودي، كشرط للترويج للتطبيع، إبداء الاستعداد من نتنياهو للإعلان، ولو من حيث المبدأ، عن أفق سياسي للفلسطينيين في إطار رؤية الدولتين، دون الالتزام بـ جداول زمنية محددة. هذا، وفي تغيير موقفه قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، ففي مقابلة أجراها مع شبكة فوكس خلال سبتمبر/أيلول 2023، لم يضع رؤية الدولتين شرطاً للتطبيع.

في الوقت نفسه، أعرب مسؤولون حكوميون في الأيام الأخيرة عن خيبة أملهم وإحباطهم من موقف رئيس الوزراء نتنياهو، زاعمين أنه يفضل الاعتبارات السياسية والحفاظ على حكومته على إمكانية التوصل إلى اتفاق تاريخي.

وغني عن القول أن صفقة التطبيع تنطوي على مزايا سياسية وأمنية واقتصادية وصورية وقانونية غير مسبوقة لإسرائيل. في الواقع، لديها القدرة على إحداث تغيير جذري في بنية الشرق الأوسط، وتعزيز الاتفاقيات مع دول أخرى في العالم الإسلامي والعربي، وتمكين إسرائيل من إقامة تحالف إقليمي ضد المحور الإيراني، الذي تزايدت حيويته. تم عرضه مؤخرًا. وهذا يشكل ركيزة أساسية في كبح عمليات تعزيز إيران، وفي المقام الأول سعيها للحصول على أسلحة نووية.

ليس من قبيل الصدفة أن الرئيس بايدن ادعى أن أحد أهداف الهجوم الإرهابي القاتل في 7 أكتوبر كان وقف عمليات التقارب بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. بل إن الصفقة قد تمنح إسرائيل شرعية متجددة في نشاطها ضد حماس، وتؤثر على صفقة المختطفين، بل وتؤثر حتى على القرارات التي ستتخذ في المحاكم الدولية في لاهاي. ويترتب على ذلك أن النجاح أو الفشل في دفع صفقة التطبيع إلى الأمام ستكون له عواقب مصيرية على القوة الاستراتيجية المتعددة الأبعاد لإسرائيل لسنوات عديدة قادمة.

الساعة الرملية لنتنياهو تنفد، ويبدو أنه إذا لم يتمكن من ركوب القطار في المستقبل القريب، فإن بايدن وولي العهد السعودي قد يواصلان الرحلة حتى بدونه. وربما يعني ذلك تأجيل احتمال التطبيع للإدارة المقبلة.

لا شك أن هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ قرارات استراتيجية شجاعة.

د. شاي هار تسفي هو رئيس المجال الدولي والإقليمي في معهد السياسات والاستراتيجية في جامعة رايخمان، والمدير التنفيذي السابق بالنيابة لوزارة الشؤون الاستراتيجية.

——————انتهت النشرة—————-