
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معاريف 15/6/2025
إسرائيل وايران الى اين؟
بقلم: البروفيسور أماتسيا برعم، مؤرخ شؤون الشرق الأوسط، جامعة حيفا
التضليل الإسرائيلي – الأمريكي المشترك والهجوم الإسرائيلي المفاجيء ضد ايران هما نجاح باعث على الدوار، لكن محظور أن يدور رأسنا من النجاح. ما الذي نجح، والى اين نسير؟ لسلاح الجو ولهيئات الاستخبارات كانت أولوية واضحة: لما كانت إسرائيل ألمحت بانه فضلا عن تخصيب اليورانيوم فان ايران تقترب أيضا من انهاء آلية التفجير النووي، التي تسمى “مجموعة السلاح”، فانه أولا وقبل كل شيء يجب تشويش هذا. هذا هو معنى الضربة لمركز البحوث النووية الذي صفي فيه، كما علم، تسعة علماء عملوا في بناء الالية. ينبغي الافتراض بان منشآت الهندسة الدقيقة المرتبطة بالعملية تضررت. هذه أولوية عليا إذ ان الضربة يفترض أن تكسبنا الوقت.
الضربة القاسية لنطنز كفيلة بان تبطيء بشكل دراماتيكي عملية التخصيب. في الهجوم صفي أيضا رئيس اركان الجيش، قائد الحرس الثوري وقائد فيلق القدس في الحرس، الذي يشرف على اعمال الميليشيات في العراق، لبنان واليمن. لاجل السماح بهذه الضربات وغيرها، واستمرار الهجمات، صفيت قمة قيادة سلاح الجو والصواريخ المضادة للطائرات لدى الحرس الثوري وتضررت بشدة بطارايات مضادات الطائرات. ولاجل تقليل قدرة الرد ضد إسرائيل ضرب سلاح الجو بشدة الصواريخ ارض – ارض أيضا. ومع ذلك، بعد يومين من القتال، فان معظم منشآت النووي لم تتضرر بعد والهجمات مستمرة.
الإهانة لقيادة ايران قاسية للغاية. رد فعل الميليشيات المؤيدة لإيران مفاجئة حتى الان. فالميليشيات العراقية وحزب الله لا تتعهد بالتدخل، والحوثيون يواصلون أعمالهم كالمعتاد، صاروخ بين الحين والآخر. هذه أيضا ضربة قاسية للمكانة الإيرانية، وسيكون هناك من سيسأل، لاي غرض استثمرنا فيها هذا القدر الكبير. الرد الإيراني على إسرائيل هو كالمتوقع. من ناحية سياسية، النخبة الحاكمة كلها موحدة من خلف الزعيم الأعلى علي خامينئي، من حيث الرأي انه يجب الرد بالضرب الشديد وإلغاء اللقاء الذي كان مخططه له لليوم مع المندوبين الأمريكيين في عُمان.
ما هي الخيارات الإيرانية؟ الاتجاه الأكثر عقلانية هو البقاء مركزين على إسرائيل وتحويل المواجهة الى حرب استنزاف طويلة. الفكرة هي ان إسرائيل توجد منذ الان في حرب استنزاف في غزة، ولا يمكنها أن تغرق في استنزاف مشابه على مسافة 1500 كيلو متر عن حدودها. اذا ضعفت إسرائيل، فان حزب الله سيعود الى ساحة القتال. بالمقابل، قدرة الامتصاص والصمود الإيراني في الاستنزاف تكاد تكون غير محدودة. رأينا هذا في حرب الثماني سنوات ضد صدام حسين.
وبالفعل، حسب معظم التقديرات، فان نصف حتى ثلثي الشعب في ايران يريدون سقوط النظام. غير أنه “طالما كان النفط الإيراني يضخ الى أسواق العالم فان الاحتمال بثورة شعبية متدنٍ: الضائقة كبرى، لكن هذه لا تكفي. الحرس الثوري، الشرطة وميليشيا البسيج يمكنهم أن يقمعوا كل انتفاضة. لكن، اذا ما ازداد الغضب في أوساط المتطرفين في ايران وهاجمت ايران قواعد الولايات المتحدة في الخليج او منشآت النفط لدول الخليج، او أغلقت مضائق هرمز لخروج النفط وكذا مضائق باب المندب في وجه الملاحقة الدولية، فانها ستخاطر في أن يجبر الامر إدارة ترامب على التدخل. معقول أن يؤدي هذا الى انهيار النظام الإيراني.
ما هي الخيارات التي امام إسرائيل؟
أولا، محظور عليها الدخول الى حرب استنزاف باي شكل كان. فبعد ان تأجل الاختراق الى القنبلة وتوصلنا الى الاستنتاج باننا قريبون من الاستنفاد ينبغي البحث عن كل طريق لوقف النار واستئناف المفاوضات على اغلاق المشروع النووي. ينبغي الامل في أن ينهار النظام وبسرعة. اذا لم ينهار، فانه حتى الخليط الحالي المتمثل بخامينئي مع الرئيس فزشكيان وحكومته يقيم قيادة قد توافق على وقف النار واستئناف المفاوضات.
اذا أصرت ايران على مواصلة القتال، فيمكن لإسرائيل أن تعطيل معظم تصدير النفط الإيراني من خلال الهجوم على جزيرة خرج. هكذا نجح صدام حسين في أن يفرض على الخميني وقف نار في 1988. المخاطرة: خطوة كهذه ستدفع ايران الى التطرف وعندها فان اغلاق المضائق سيكون شبه مؤكد. الحكم في طهران سيصمد امام الضغوط الداخلية المتزايدة لكن أسعار النفط ستقلع الى السماء، وكل غضب الغرب واصدقائنا في الخليج سيوجه ضدها. ينبغي الامل بانه اتفق مسبقا مع إدارة ترامب بانه في مثل هذه الحالة ستتدخل الولايات المتحدة في القتال او تفرض وقفا للنار. وفي هذه الاثناء لا ينبغي أن ننسى المخطوفين الذين يذوون في اقبية حماس في غزة.
——————————————
هآرتس 15/6/2025
الجمهور الإسرائيلي منهك، لكن ايران هي التي ستقرر وقت المواجهة
بقلم: يوسي ميلمان صحفي متخصص في قضايا الاستخبارات
في جهاز الامن يستعدون لاستمرار المواجهة مع ايران لبضعة أيام، وياملون ان لا تتطور الى حرب استنزاف طويلة. لقد نجحت الدفاعات الجوية التابعة للجيش الإسرائيلي والأردن والولايات المتحدة في اعتراض جميع المسيرات التي اطلقتها ايران من أراضيها ومن العراق ردا على هجوم إسرائيل في ايران. ولكنهم في جهاز الامن على قناعة بأنه ستكون محاولات إيرانية لاطلاق اسراب من المسيرات والصواريخ البالستية. في كل الحالات يصعب الآن التحدث عما تفكر فيه إسرائيل. الجيش الإسرائيلي والموساد معنيان بانهاء الحدث في اسرع وقت، لكن يبدو أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يسعى الى مواصلة الحرب لنفس الأسباب الشخصية والسياسية التي تجعله يستمر في الحرب في غزة.
على أي حال، ايران هي التي ستقرر هل ضربة البداية الناجحة، عملية “شعب الأسود”، ستنتهي كما يريد الجيش الإسرائيلي. من الجدير الذكر بان الإيرانيين، المعروفين بالتصميم والذين يعتبرون انفسهم تاريخيا اكبر المضطهدين على الأرض، ملتزمون بحرب طويلة ومضنية. مثلا، الحرب التي فرضها عليهم صدام حسين، الذي كان يامل بنزهة قصيرة وتفاجأ بأنه وجد نفسه في مواجهة استمرت ثماني سنوات وجبت تقريبا مليون ضحية في الطرفين.
معظم المحللين، مراسلين، أعضاء كنيست لهم تجربة، وأعضاء سابقين في جهاز الامن، لم يصدقوا ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيأمر الآن بالهجوم، رغم انه منذ 2009 يطرح هذه الفكرة، وأيضا قام باعداد خطط مع جهاز الامن. حتى الآن دائما كان يتراجع في اللحظة الأخيرة، أو أنه تم منعه من الإدارة الامريكية.
إضافة الى ذلك تقدير معظمنا هو أنه اذا قرر نتنياهو الهجوم فان هذا يجب ان يتم بالتنسيق المسبق مع الولايات المتحدة. ولم يكن أيضا أي شك بانه في جميع الحالات الإدارة الامريكية ستساعد إسرائيل في توفير المعلومات لتحسين القدرات العملياتية للجيش الإسرائيلي والموساد. الامر الذي لم يكن واضح في التصريحات الامريكية الأخيرة هو هل حقا الولايات المتحدة عارضت هجوم إسرائيل أو أنها فقط تظاهرت بذلك، وهكذا ساعدت إسرائيل في خلق ضبابية حول الهجوم.
ضبابية أم لا، ايران كانت تتوقع هذا الهجوم، وحتى أنها هددت أمس بأنه اذا لاحظت بأن موعد هجوم إسرائيل يقترب فانها ستقوم بهجوم وقائي لإحباط ذلك. شبكة “فوكس” نشرت ان إسرائيل نفذت مناورة خداع جعلت كبار قادة سلاح الجو الإيراني يذهبون في تلك الليلة الى المقر تحت الأرض الذي تمت مهاجمتهم فيه. باثر رجعي يمكن التقدير بان تصريحات ترامب كان جزء من خطة خداع إسرائيل لمفاجأة ايران. الرئيس الأمريكي قال ان بلاده لم تشارك في الهجوم، لكن يمكن الافتراض بيقين كثير انه اعطى الضوء الأخضر لنتنياهو، الذي تحدث معه عدة مرات مؤخرا، وذلك من اجل تعزيز التنسيق قبل العملية. هذا الامر يشبه الضوء الأخضر الذي أعطاه الرئيس لندن جونسون لإسرائيل قبل بضعة أيام من بدء الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو في الحرب ضد مصر في 1967.
من الواضح أن معلومات الموساد و”امان” بمساعدة المخابرات الامريكية مثيرة للانطباع وجديرة بالتقدير. الموساد عمل خلال سنوات على إقامة بنية عملاء تحتية ومساعدين والشقق السرية والورشات والسيارات والتوثيق والقصص الوهمية، إضافة الى تطوير وسائل تكنولوجية متقدمة مكنتها من اطلاق المسيرات المتفجرة من داخل ايران نفسها. هذه ليست المرة الأولى. فقبل ثلاث سنوات تم تدمير مسيرات إيرانية بواسطة مسيرات مسيطر عليها من قبل إسرائيل، تم اطلاقها من داخل ايران.
يضاف الى هذا الإنجاز الاستخباري انجاز عملياتي مثير للانطباع يتمثل في تصفية رئيس الأركان في الجيش الإيراني وشخصيات رفيعة في الجيش، بمن فيهم قائد سلاح الجو وقائد حرس الثورة والعلماء النوويين الذين موتهم سيضر بإعادة ترميم المنظومة التي تم تفجيرها. موت هؤلاء الكبار يعتبر ضربة قاسية، ليس فقط معنويا ونفسيا، بل هو سيؤثر على المدى القصير الى حين يقوم من سيحلون مكانهم، الذين تم تعيينهم على الفور كنوع من تحدي إسرائيل واشارة الى تواصل القيادة، بممارسة عملهم.
ايران اعترفت في السابق بأن منشأة تخصيب اليورانيوم في نتاز تضررت، وهو المنشأة الرئيسية، القلب النابض للمشروع النووي الإيراني الذي كان فيه، بعمق 20 متر تحت الأرض، 20 ألف جهاز طرد مركزي قام بتخصيب اليورانيوم. السؤال الرئيسي هو هل سلاح الجو نجح أيضا في المس بالموقع الثاني الصغير لتخصيب اليورانيوم في فوردو، قرب مدينة قم المقدسة للشيعة، التي كانت مقر إقامة مؤسس الجمهورية الإسلامية الخميني. هذا موقع صغير محصن في جبل بعمق 40 متر، وفيه تم تخزين بضعة آلاف من أجهزة الطرد المركزي من النماذج المتطورة. ايران قالت ان فوردو لن يتضرر، لكن يجب انتظار بيان من إسرائيل ومن الوكالة الدولية للطاقة النووية التي كان من شأنها ان تشرف على هذا الموقع.
حسب تقارير الجيش الإسرائيلي فانه تم تدمير أيضا مخازن ومواقع لبرنامج الصواريخ للجمهورية الإسلامية. في الأيام القريبة القادمة سنعرف الى أي درجة كانت العملية ناجحة بالفعل، وكم من الوقت ارجعت فيه الى الوراء المشروع النووي الإيراني.
الآن توجد عدة خيارات امام ايران. في المرة الأولى أعلنت بأنها لن تشارك في جولة المحادثات التي كان مخطط لها اليوم في سلطنة عمان، بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكون ووزير خارجية ايران عراقجي. هي يمكنها الذهاب بعيدا والتقرير بأنها تنسحب من ميثاق منع انتشار السلاح النووي (ان.بي.تي)، كما فعلت في حينه كوريا الشمالية. وهي يمكنها أن تقرر تخصيب اليورانيوم من المستوى الحالي، 60 في المئة، الى مستوى 90 في المئة، الذي يعتبر مادة متفجرة لانتاج قنبلة. هي يمكنها أيضا الإعلان بأنها ستعمل على انتاج القنبلة، وهي عملية ستستغرق شهرين – سنة، بما في ذلك تركيبها على صواريخ لاطلاقها.
خيار آخر امام ايران وهو اطلاق الصواريخ على السعودية ودول الخليج كعقاب ورد على علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة، الامر الذي سيؤدي الى ان يجد ترامب جيشه خلافا لرغبته متورط بشكل مباشر في مواجهة عسكرية.
لكن الأكثر أهمية هو انه يجب طرح سؤال هل حقا ايران كانت قريبة جدا من انتاج القنبلة، كما يقول نتنياهو وكاتس، وبدون خيار يشجعون قادة الجيش ويقومون بجرهم وراءهم، أو أنه كان يمكن تجنب التحرك العسكري وانتظار توصل الولايات المتحدة وايران الى اتفاق سياسي. ترامب نفسه صرح بأن الطرفين اقتربا جدا من تحقيق ذلك، لكن هذه المسألة أصبحت في الماضي.
الآن يجب على الجمهور الإسرائيلي، المنهك من حرب غزة والازمة السياسية والشرخ في الشعب، مواجهة قرار الحكومة بكل تداعياته الاقتصادية والاجتماعية والنفسية. لا توجد أي ثقة في أنه عندما سيزول الغبار عن نشوة النجاح العسكري الذي هو تكتيكي وعملياتي في أساسه، ستتم ترجمته الى انجاز استراتيجي يضمن قدرة إسرائيل على العيش بأمن نسبي، أو أن هذه العملية في ايران ستحول إسرائيل الى دولة ستستمر في العيش على حد السيف الى الأبد.
——————————————
معاريف 15/6/2025
هل ستترجم إسرائيل الهجوم الى انجاز سياسي، كيف ستعمل طهران ودول الخليج
بقلم: ميخائيل هراري
الهجوم على منشآت النووي جاء بمفاجأة جزئية. فالترقب لعملية عسكرية إسرائيلية حام في الفضاء في الأسابيع الأخيرة، بالتوازي مع المفاوضات الامريكية – الإيرانية في محاولة للوصول الى اتفاق. التصلب في الموقف الإيراني، واساسا حول مسألة التخصيب، عزز التوقعات للهجوم، التي تحققت في النهاية. الطرفان، إسرائيل والولايات المتحدة نجحا بشكل مبهر في “حملة التضليل” بالنسبة لمدى التنسيق والتوافق بينهما وعلى الأقل من هذا الجانب، كانت المفاجأة مبهرة. يمكن منذ الان أن نشعر، وان كان بحذر، بالرضى من جانب معظم اللاعبين في المنطقة عن الخطوة الإسرائيلية. التنديدات العالمية التي اسمعت مثلا من جانب الرياض لا تؤخذ كثيرا على محمل الجد، وهذه كانت معدة لمنح “مدى أمن” عن الاتهامات بالتعاون، او بالطبع رضى وشماتة. الأردن والعراق اعلنا عن اغلاق مجالهما الجوي.
من المهم فحص الشكل الذي يصمم فيه اللاعبون المعنيون خطواتهم الان.
إسرائيل اخذت على عاتقها “العمل الأسود” واتخذت خطوة تتطابق من جهة مع أهدافها لان تضرب “ماديا” منشآت النووي، ومن جهة أخرى تخلي الطريق من العودة الى مفاوضات أمريكية – إيراني والان من موقف ضعف إيراني واضح. صحيح أن إسرائيل شكاكة بالنسبة لامكانية الوصول الى اتفاق مرضٍ لكن مدى التنسيق مع الإدارة الامريكية، وبالطبع نجاح الخطوة العسكرية (ينبغي ربما الانتظار قليلا كي نفحص الوضع مع تبدد الغبار) يحسنان مكانتها في واشنطن وفي المنطقة كلها.
الولايات المتحدة “تبريء نفسها” إذ أبعدت نفسها عن المشاركة في الهجوم (الرئيس ترامب اعترف بانه اطلع على الهجوم)، وتشدد استعدادها للعودة فورا الى المفاوضات مع ايران. معقول أن يستغرق وقت ما الى أن تستأنف المفاوضات.
امام الزعامة في طهران معضلة عسيرة للغاية. كيف ترد في ضوء حقيقة أنها تخاطر بموجة هجمات أخرى. واضح ان ايران توجد في موقف ضعف جلي بخاصة بعد ان فقدت لاعبيها في المنطقة مع التشديد على حزب الله، على الأقل من ناحية القدرة القتالية ذات مغزى.
كما أسلفنا يبدو أن دول الخليج راضية عن الهجوم. (مشوق موقف، إحساس، مدى معرفة عُمان، راعية المفاوضات الامريكية – الإيرانية). سيتعين عليها أن تفرض على نفسها ضبطا للنفس وان تدير رد فعل اقتصاد الطاقة العالمي على الحرب في المنطقة. ثمن برميل النفط ارتفع منذ الان، نتيجة متوقعة بالتأكيد، والأيام القريبة القادمة ستوضح كيف ستفعل هذه لمنع ارتفاع عال جدا في أسعار النفط. الرئيس ترامب سيكون راضيا عن ذلك.
في هذه الاثناء التأييد الدولي جدي اكثر مما يمكن أن نتوقع، على الأقل في الظروف الحالية للحرب في غزة. بالنسبة للحرب في غزة لا يبدو أنه متوقع تأثير مباشر وفوري. حماس ستفضل القتال في سبيل بقائها، ومعقول أن تتمترس إسرائيل في مواقفها المتصلبة في هذه الساحة. يدور الحديث عن مرحلة مبكرة جدا لتقدير أو توقع كيف ستترجم حكومة إسرائيل الهجوم في ايران، على اعتبار أنها ستجتاز بنجاح الأيام القريبة القادمة، الى إنجازات سياسية، يجدر بنا أن ننتظر بضعة أيام الى ان تكون الصورة أوضح.
موجات الصدى في المنطقة منذ 7 أكتوبر دراماتيكية على نحو خاص ويبدو اننا لا نزال نوجد في ذروتها.
——————————————
هآرتس 15/6/2025
شجاعة أم غباء؟ قرارات نتنياهو التالية هي ما ستكشف ذلك
بقلم: ألوف بن رئيس تحرير صحيفة هآرتس
1- نتنياهو
خلال سنوات قالوا عنه بأنه جبان. وقالوا انه يعرف كيفية التحدث جيدا في التلفزيون أو رسم قنبلة نووية في الأمم المتحدة، لكنه لن يتجرأ في أي يوم على مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وقالوا ان أمريكا لن تسمح لإسرائيل في أي يوم بالذهاب الى عملية تعرض للخطر قواتها وحلفاءها في الشرق الأوسط، وترفع الى ارقام قياسية اسعار النفط. بنيامين نتنياهو اثبت أمس لكل من استخف به بأن لديه الشجاعة على الذهاب الى حرب مبادر اليها ضد ايران، ونجح في الحصول على الدعم المطلق من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. بعد الفشل الفظيع في منع هجوم حماس في 7 أكتوبر، فان نتنياهو يريد إعادة ضبط ارثه في 13 حزيران.
هذه هي حربه، الحرب التي يدعو اليها نتنياهو منذ سنوات. وقرار تعريض الجبهة الداخلية في إسرائيل لخطر بغير مسبوق لهجوم صاروخي من ايران، كان قراره هو نفسه، فقط قراره. الشخص الذي حذر وزير الدفاع السابق يوآف غالنت على الفور بعد 7 أكتوبر من ان الأبراج في محيط وزارة الدفاع ستنهار تحت نيران حزب الله، يراهن الآن على صمودها امام حرس الثورة. خلافا لسلوكه في الحرب في غزة، التي فيها نتنياهو يتهرب من المسؤولية ويختبيء وراء شركاءه سموتريتش وبن غفير أو الإدارة الامريكية، فانهنا في هذه المرة حصلنا على نتنياهو نسخة “أعطيت الأوامر والتعليمات وأنا وأنا وأنا”. بعد لحظة نتنياهو سيقول بانه سيستبدل وزير الدفاع ورئيس الأركان فقط من اجل أن يسير من سيرثهم في الطريق الى طهران. بالطبع اذا تعقد هذا الحدث فان رئيس الحكومة سيبحث عن اكباش فداء، الذين “لم يقوموا بايقاظه”؟.
دعم رؤساء المعارضة الذين بالتأكيد كانوا يريدون الظهور مع صور الدمار في نتاز واصفهان، يضع نتنياهو امام خيار: هل سينعطف نحو الوسط ويتصالح مع خصومه “الكابلانيين”، أو العكس، استغلال تصعيد الحرب من اجل تسريع الانقلاب النظامي والقمع الداخلي وعبادة الشخصية. سلوكه حتى الآن يبشر بانه سيختار المسار البيبي، كما فعل بعد 7 أكتوبر.
2- الجيش الإسرائيلي
يصعب التصديق بان الجيش الموثق في تحقيقات 7 أكتوبر – مرتبك، مهمل، يستخف بالعدو والاوامر ولا يقوم بحماية جنوده – هذا هو الجيش نفسه الذي هاجم بشكل مفاجيء على بعد مسافة كبيرة عن قواعده، بالتنسيق مع الموساد، ونجح في قتل القيادة الأولى في ايران وتدمير اكثر منشآتها حساسية بدون خسائر بشرية أو أعطال. يصعب فهم كيف تمكنت الاستخبارات، التي عجزت كليا عن فهم حماس وقدراتها التي توجد على بعد بضعة امتار عن الحدود، من العمل بنجاح ضد الجمهورية الإسلامية البعيدة.
النتيجة التي يمكن الوصول اليها هي انه في الخلاف بين “جيش الهايتيك وجيش الفرسان”، عنوان كتاب العميد احتياط غاي حزوت، ثبت امس مرة أخرى بان أفضلية الجيش الإسرائيلي تكمن في منظوماته التكنولوجية، سلاح الجو، الدفاعات الجوية، الاستخبارات والسايبر. الجيش البري يجد صعوبة في هزيمة حماس بعد عشرين شهر من القتال، وسلاح الجو حقق النجاحات العملياتية لإسرائيل ضد حزب الله وايران وحماية سماء الدولة من الهجمات الصاروخية (حتى لو كان ذلك بمساعدة أمريكية وإقليمية). انصار “العملية البرية” يقولون ان إضافة فرق وجنود ستمكن إسرائيل من القتال بقوة وبسرعة، وعدم الغرق في رمال متحركة مثلما في غزة. مشكوك فيه أن يكونوا على حق، حتى لو كان عشرات آلاف الشباب الحريديين سيخدمون في غولاني، طالما أن الجيش البري يتعرض لمشكلة انضباط عميقة، التي ازدادت في الحرب الحالية.
3- خامنئي
الحدث المؤسس للحرب بين إسرائيل وايران هو انتخاب ترامب للرئاسة الامريكية في تشرين الثاني، الذي قاد زعماء الطرفين المتخاصمين الى قرارات مصيرية. نتنياهو حسب شهادته فقد أمر الجيش الإسرائيلي في تشرين الثاني والموساد أيضا باعداد هجوم ضد المنشآت النووية واغتيال القيادة الأمنية في ايران. المرشد الأعلى علي خامنئي أمر في المقابل بتسريع تخصيب اليورانيوم الى مستوى شبه عسكري، وهي العملية التي بدأت في 5 كانون الأول.
نتنياهو آمن وأمل أن ينجح في جعل ترامب يميل لصالحه، اذا بلورت إسرائيل وتدربت على خطة عملياتية معقولة تستطيع تنفيذها لوحدها، على الأقل في مرحلة البدء. خامنئي قدر كما يبدو بأن الاقتراب من القنبلة سيحسن موقف ايران في المساومة في المفاوضات حول الاتفاق النووي الجديد. واذا لم يتم التوصل الى اتفاق فسيعطيها ذلك “توازن استراتيجي” أمام إسرائيل.
زعماء ايران اخطأوا بنفس الغباء الذي فشل فيها خصومهم الإسرائيليين قبل سنتين. نوايا العدو وقدراته كانت معروفة ومعلنة للايرانيين، بالتأكيد بعد ان أظهرت إسرائيل قدرة على العمل بشكل دقيق في لبنان وايران وسوريا. ولكن مثلما عمل نتنياهو امام حماس أيضا خامنئي آمن بان الطرف الثاني فقط يهدد ويتبجح ولن يتجرأ في أي يوم على العمل. بالتأكيد لم يخطر بباله ان كل رؤساء جيشه سيقتلون في ضربة افتتاح دقيقة. لذلك فقد رفض طلبات ترامب في المفاوضات حول الاتفاق النووي، مثلما تجاهل نتنياهو تحذيرات الاستخبارات بأن الحرب قريبة.
4 – المرحلة القادمة
الإجابة على سؤال الى اين نحن نسير من هنا تكمن في القرار الذي سيتخذه ترامب، اذا كان سيدخل القوات الامريكية أيضا الى الهجوم الى جانب إسرائيل، وليس فقط الدفاع عنها. خامنئي يهدد بمهاجمة القوات الامريكية، وربما حلفاءها أيضا، الامر الذي يعني ضمنا رفع أسعار النفط والاضرار باقتصاد الغرب. نتنياهو كان يريد بالتأكيد ان تطلق أمريكا القنابل التي تخترق الحصون واستكمال تدمير المنشآت النووية المحصنة في ايران، التي هي اكبر من قدرة الجيش الإسرائيلي. ومثلما في قرار الخروج للعملية، فان قرار توسيعها أو وقفها أيضا سيتم اتخاذه في البيت الأبيض في واشنطن وليس في القدس أو في طهران.
في كتابه “أفكار عن الحرب” كتب الباحث العسكري البريطاني بازيل ليدل – هارت بان الحدود بين الشجاعة والغباء دقيقة جدا. نتنياهو يسير الآن قرب هذه الحدود، ومن اجل ان لا ينزلق الى الطرف الغبي فعليه السعي الى نهاية سريعة وان لا يضع توقعات وطلبات لتفكيك أجهزة الطرد المركزي الأخيرة أو تغيير النظام في ايران. اذا وجدت إسرائيل نفسها في “حرب مدن” طويلة بين تل ابيب وطهران فان المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي يمكنه اظهار صور إصابات دقيقة. ولكن المزيد من الإسرائيليين سيتساءلون ما اذا كان يجدر بهم العيش في دولة تضربها الصواريخ، والتي حكومتها تسعى الى أن تصبح نسخة إيرانية تتحدث العبرية.
——————————————-
هآرتس 15/6/2025
الحرب ضد ايران الإنجاز والتحدي
بقلم: اهود باراك
الإنجاز العملياتي الاستخباري في ايران مثير جدا للانطباع. هو نتيجة تخطيط بعيد الرؤية واستعدادات دقيقة وتنفيذ دؤوب. كل ما لم يكن موجود في 7 أكتوبر. هذا مصدر تفاخر لنا جميعنا وتعزيز كبير للردع ومكانتنا في المنطقة. الفضل للطيارين والموساد والاستخبارات العسكرية والمخططين ومتخذي القرارات الحاليين، وأيضا لهرتسي هليفي ويوآف غالنت وحتى لنفتالي بينيت ويئير لبيد.
جميعنا ندرك أننا في بداية امتحان طويل ومؤلم. الإنجاز الأول حقا يمس بدرجة كبيرة الموارد والامكانيات، بما في ذلك مجال الطاقة، وبالطبع المعنويات الإيرانية. ولكن بالنسبة للتهديد الذي يتمثل في ان ايران ستصل في التوقيت الذي تحدده لتفجير منشأة نووية في الصحراء من اجل اثبات قدرتها أو رغبتها في بناء سلاح نووي أول وعشرة امثاله بعد ذلك، هذا التهدد كان وما زال ماثل امامنا.
في 2018 عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي بتشجيع من إسرائيل، كانت ايران بعيدة عن ذلك حوالي 18 شهر. الآن هي دولة عتبة نووية. لقد ضربنا منشآت مادية للمشروع النووي وتضررت أيضا منشآت وقدرات، ولكن لم تؤجل قدرتها إلا لبضعة أسابيع من اجل التوصل الى السلاح النووي، لأنه توجد لديهم مادة متفجرة لعشر قنابل ومعرفة كيفية انتاجها. جيل المنشآت القادم تم بناءه بعمق 800 (حسب الوكالة الدولية للطاقة النووية فانهم يخفون هناك الأجزاء الحساسة للبرنامج).
الحقيقة هي أنه أيضا الأمريكيين لا يمكنهم الآن تأخير وصول الإيرانيين الى السلاح النووي لاكثر من بضعة اشهر. واذا كان الامل في أن ضربة إسرائيل ستعيد ايران الى طاولة المفاوضات سيتحقق، فهذا جيد. ولكن اذا لم يكن الامر كذلك فان الطريقة الوحيدة بالنسبة للولايات المتحدة لمنع ايران من التوصل الى السلاح النووي ستكون اعلان حرب على النظام نفسه حتى يتم اسقاطه. إسرائيل لا يمكنها فعل ذلك لوحدها. وحسب تقديري فان ترامب لن يدخل الى معركة كهذه. فقراره هزيمة الحوثيين مثلا صمد لستة أسابيع تقريبا.
ربما حتى أننا سنسرع العملية. اذا اختارت ايران الانطلاق نحو السلاح النووي بذريعة أن العدوان الإسرائيلي (التي هي حسب منشورات اجنبية دولة نووية لم توقع على اتفاق منع انتشار السلاح النووي) يخلق عليها تهديد وجودي ولا يترك لها أي خيار عدا عن الاندفاع نحو السلاح النووي.
بنظرة إسرائيلية يوجد منطق للعملية: لن نقف في الجهة المقابلة عندما حانت اللحظة الأخيرة للقيام بمحاولة لمنع وجود سلاح نووي عسكري لإيران، حتى لو كان شك في أن ننجح. من كان يجب ان يعمل في اعقابنا هو الولايات المتحدة، التي كل رؤساءها في الجيل الاخير تعهدوا بأن لا تصبح ايران دولة نووية. واذا قامت ايران بتسريع السير نحو السلاح النووي فان الولايات المتحدة هي “المذنبة” في ذلك.
لكن أجواء النشوة في الشارع وفي البث وفي اعلان نتنياهو عن إزالة التهديد النووي الإيراني، كل ذلك سابق لاوانه وبعيد عن الواقع. ومثلما أشار وبحق رئيس الأركان ايال زمير فانه يجب علينا الحفاظ على التواضع وعلى ارتباط متزن بالواقع. امامنا حقا امتحان ثقيل وطويل ومؤلم. عندما نكون في داخله فانه من المهم وجود استعداد لدينا جميعنا للتشارك في حمله. ولكن يجب أن نطالب القيادة بحكمة ومسؤولية بادارته. يجب أن نطالب بأنه على خلفية هذا الإنجاز سيتم البدء في عملية فورية لتحرير المخطوفين وانهاء الحرب في غزة. واذا كان يمكن أيضا القيام بالتطبيع مع السعودية، وأن تتوقف الحكومة على الفور عن الانقلاب النظامي والسعي الحثيث لتفكيك المجتمع الإسرائيلي. كلما استمر بفضل الحرب تحويل إسرائيل الى ديكتاتورية فعلية فانه من الضروري مواصلة العمل على استبدال الحكومة ورئيسها، صحيح، حتى في الحرب. أيضا في بريطانيا تم استبدال حكومة تشمبرلين بحكومة افضل منها في ظل ازمة دينكرك في لحظة حاسمة لا مثيل لها.
الامتحان امامنا. مطلوب منا التفكير من البداية، عيون مفتوحة، استعداد للعمل معا بقدر الإمكان ومواجهة أيضا في الداخل اذا اقتضى الامر.
——————————————
يديعوت احرونوت 15/6/2025
هداف ترامب استئناف المفاوضات مع ايران الضعيفة، واسرائيل كلب الهجوم
بقلم: ناحوم برنياع
ثمة شعوب تختار الحرب: حين تبدأ الصواريخ بالنزول تندفع الجموع الى المطارات. وثمة شعب واحد يصر على التصرف بشكل مختلف: حين تنشب حرب تندفع الجماهير الى البوابات من جانبها الاخر. الى الديار، بكل سبيل، بكل ثمن. الرأس في السحاب لكن الاقدام تسعى الى الأرض. يخيل لي ان هذا يقول شيئا ما طيبا عن صلة الإسرائيليين ببلادهم وربما أيضا عن احساسهم بالامن.
حرب إسرائيل – ايران أمسكت بي في أوروبا. في نظرة صحفية من بعيد يوجد الكثير من النواقص. يوجد فيها فضل واحد: أحيانا توفر منظورا واسعا. فالانجازات العسكرية في اليومين الاولين مبهرة جدا. وهي تدل على استعدادات دقيقة، في الاستخبارات، في الموساد، في الحملات وفي سلاح الجو على حد سواء. يشارك في هذا الإنجاز كثيرون كانوا شركاء في قصورات 7 أكتوبر. ليس في ذلك مواساة، لكن يوجد تعويض. التحدي هو ربط الإبداعية والجسارة في مهمات خاصة بما هو مطلوب في الامن الجاري، في الحيادة العادية. لا يمكن ان نبقي للاخرين روتين الامن: فلا يوجد آخرون.
القرار بفتح حرب هو كله لنتنياهو. فقد عرف على مدى السنين كمن يمتنع عن كل قرار عسكري ينطوي على ثمن بالارواح ومطالبة بالمسؤولية. وها هو يقرر وهو المسؤول: الحظوة كلها له. رجاء لا تقزموا أهمية القرار، يمكن أن يكون له معنى تاريخي. قرار بن غوريوني، كما درج ذات مرة على تسمية مثل هذه القرارات.
يحتمل أن نكون اخطأنا فيه؛ يحتمل أن يكون تغير. المؤكد هو أن الظروف تغيرت وذلك بسبب وصمة الحرب وبسبب نضوج البرنامج النووي الإيراني على حد سواء. نتنياهو ظرفي. في شيء واحد هو ثابت: ليس له استراتيجية خروج. لا في غزة، لا في تجنيد الحريديم، لا في ايران. على مدى كل حياته المهنية يوصي بالوجبات الأكثر ثمنا في لوحة الطعام على فرض أن أحدا ما آخر سيدفع الحساب. مشوق أن نشبه تصريحاته في الحرب بتصريحات ترامب، الرئيس الذي لا يعتبر عبقريا استراتيجيا. ترامب اعطى إسرائيل ضوء اخضر لفتح الحرب، شريطة الا تعرض أمريكا كشريكة وكمسؤولة. الهدف واضح: لقاء ايران ضعيفة، مفككة واستئناف المفاوضات بشروط محسنة. المحطة النهائية هي الاتفاق. إسرائيل كل كلب الهجوم. نهج ترامب لا يميز بين أوكرانيا زلنسكي وايران خامينئي: الإهانة على الطريق هي الضمانة لاتفاق في نهايته.
لكن ترامب مثل ترامب: هو ملزم بان يعزو لنفسه كل نجاح. في يومي الحرب الاولين نفى كل دور في الحملة الإسرائيلية وفي نفس الوقت تباهى بدوره. في الاحاطات للمراسلين في البيت الأبيض شددوا على أن الحكم الإيراني يلقي بالمسؤولية عن الحرب على إسرائيل وحدها. قواعد أمريكية لن تهاجم. وقريبا سيدعى ويتكوف لمواصلة المفاوضات.
ما هي نقطة خروج نتنياهو ليست معروفة. هو قال في احدى تصريحاته: “أزلنا تهديد النووي الإيراني”. لهذا الإعلان لا يوجد في هذه الاثناء أساس في الواقع. العكس هو الصحيح: ايران من شأنها أن تستخدم الهجوم الإسرائيلي كي تقتحم رسميا سور الغموض وتعلن بانها وصلت الى القنبلة. هل ترامب سيرد بدخول امريكي الى الحرب؟ شك كبير.
ايران ليست حزب الله وليست حماس. بدلا من القادة وخبراء النووي الذين صفوا سيأتي آخرون: بدلا من القادة وخبراء النووي الذي صفوا سيأتي آخرون؛ بدلا من البنى التحتية العسكرية التي تضررت ستبنى جديدة. الحل هو تغيير النظام: حكومة إيرانية أخرى، لا تدعو الى إبادة إسرائيل، تحيد معنى التهديد النووي. اوري لوبراني الراحل، الذي كان رجلنا في طهران في عهد الشاه ادعىل سنوات بانهم اذا ما خصصوا له بضع عشرات ملايين الدولارات فانه سيحدث تغيير النظام. مع المال او بدونه، المعجزة لم تحصل. اذا حصلت في اعقاب العملية الإسرائيلية – انتصرنا. خير ان يكون هذا النظام السيء من نصيب التاريخ.
الحروب المبادر اليها تبدأ بالنشوى. نشوى وقلق. النشوى تذوي والحرب تستمر. المال، قال حكماء اكثر مني، يعد في الدرج.
——————————————
إسرائيل اليوم:
ايران طلبت من عُمان وقطر العمل على استئناف المفاوضات ووقف الهجمات الإسرائيلية
بقلم: داني زاكن
المفاوضات والاتفاق النووي لا يزالان إمكانية الخروج الأقل سوءً للنظام في ايران من الازمة الحالية، وغير قليلين في طهران يؤيدون هذا النهج.
توقع الكثيرون بانه في اعقاب الهجوم الإسرائيلي ستعلن ايران عن تفجير المحادثات بل ونشر يوم الجمعة نبأ بهذه الروح تبين بانه نبأ زائف. وفي السبت نشر قول لوزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي لوزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كلس في أن استمرار المفاوضات مع الولايات المتحدة ليس مبررا طالما تواصلت الهجمات الإسرائيلية. ليس الغاء، ليس قولا قاسيا عن مجرد المفاوضات بل فقط ليست مبررة” في الوضع الحالي. مع ايران، كما يقول الخبراء يمكن أن نفهم أن نعم من داخل الـ لا – هنا أيضا. معنى قول عرقجي هو أنه اذا أوقفت إسرائيل الهجمات – فان ايران ستعود الى المفاوضات، رغم النقد الشديد على مساعدة الولايات المتحدة إسرائيل في الهجوم وفي الدفاع ضد الصواريخ الإيرانية.
هذا وتوجهت ايران الى عُمان والى قطر بطلب التوسط مع الولايات المتحدة إمكانية استئناف المفاوضات بعد وقف الهجمات الإسرائيلية. وقال دبلوماسي امريكي لـ “إسرائيل اليوم” ان “ايران اليوم توجد في وضع اضعف بكثير مما كانت يوم الجمعة، قبل الهجوم. وقال: “لم يفهموا أو فضلوا تجاهل تحذيرات الرئيس، التي كانت واضحة جدا. حاولوا المماطلة في المفاوضات، رفضوا التنازل في المسألة الأكثر أساسية مما يثبت موقفهم بان ليست وجهتهم الى القنبلة – تخصيب اليورانيوم على أراضيهم؛ والاسوأ خدعونا عندما واصلوا التطوير السريع للسلاح النووي في ظل المفاوضات”.
إسرائيل ومحافل استخبارات أمريكية وأوروبية عرضوا أدلة أظهرت ان في ذروة المفاوضات، وبخلاف اقوال كبار النظام، ايران سرعت السباق الى القنبلة. هذا هو السبب في انه استؤنفت المفاوضات بين ايران والولايات المتحدة فانها ستجرى بشروط بدء أسوأ بكثير من ناحية ايران.
اذا كان كذلك، فهل يوجد احتمال للعودة الى المفاوضات؟ حسب الدبلوماسي الأمريكي، “هذا منوط في كيف يقدر خامينئي بقاء حكمه والخطر على النظام. ليس بالضرورة في المدى الفوري بل في اعقاب تداعيات قرار يتخذه في عدم مواصلة المفاوضات. فالولايات المتحدة ستفعل عقوبات بمستوى شال وبشكل تام، واليها ستنضم معظم دول أوروبا. اما بالنسبة لهجوم امريكي – فهذا قرار الرئيس”.
والى ذلك قال الرئيس ترامب امس في حديث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ان “على إسرائيل أن تنهي الحرب مع ايران”.
في إسرائيل أيضا يرون سيناريو عودة إيرانية الى المفاوضات في اطار محاولة لتقليص الاضرار – واساسا لوقف الهجمات الإسرائيلية بعد أن شطبت منظومة الدفاع الجوي الإيرانية. وقال مصدر امني إسرائيلي “اننا لم نضرب القيادة الحزبية – السياسية كي نشدد على اننا نحبط التهديد العسكري، كما يسمح لها القانون الدولي. خامينئي يعرف اننا اذا شئنا أن نفعل هذا، فبوسعنا أن نضربه ونضرب باقي القيادة”.
ما هو كفيل بمنع هذا الحل هو الرغبة في الانتقام على المس بالشرف الإيراني – الإسلامي الذي تضرر بشدة عظيمة في الهجمة الإسرائيلية. ليس صدفة ان وسائل اعلام إيرانية ومؤيديهم في الدول العربية ينشرون معلومات كاذبة حول إصابات الصواريخ الإيرانية واسقاط مزعوم لطائرات سلاح الجو.
——————————————
الإعلام العبري15 يونيو 2025
مئات القتلى والجرحى والمفقودين بصواريخ إيران وإصابة معهد سريّ برحوفوت ..وعلينا التوصّل لاتفاقٍ بسرعةٍ”..
ليلةٌ ثانيةٌ داميّة يُميّزها الخوف والقلق عاشتها إسرائيل من أقصى الشمال حتى أقصى الجنوب، في ظلّ انطلاق صفارّات الإنذار ومن بعدها تعرّض الكيان لوابلٍ من الصواريخ الباليستيّة الإسرائيليّة، واعترفت تل أبيب بسقوط 10 قتلى على الأقّل وبمئات الجرحى والمفقودين في منطقة المركز، فيما انتشرت أنباء غير مؤكّدةٍ عن استهداف الصواريخ الإيرانيّة لأحد المعاهد السريّة في مدينة رحوفوت في المركز، علمًا أنّ وسائل الإعلام العبريّة تؤكِّد أنّها تعمل بعد فحص المواد من قبل الرقابة العسكريّة.
“لم تدُم النشوة طويلاً، يوم أوّل من أمس الجمعة، سألتُ إنْ كان من الضروريّ شنّ حربٍ، وخاصّةً ضدّ الإيرانيين. الشيعة تاريخيًا على استعدادٍ للمعاناة. ذكرتُ استعدادهم للتضحية، كما برهنوا ذلك في حرب الاستنزاف مع العراق والتي استمرّت 8 أعوامٍ. أنصح الجميع بتقليص خسائرنا والتوجه إلى الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، لوقف هذا الجنون باتفاقٍ معقولٍ، وإلّا فسنضطر إلى التوسل لوقف إطلاق النار، وسترفض إيران ذلك”، هذه الكلمات نشرها المُحلِّل الأمنيّ الإسرائيليّ، يوسي ميلمان، على موقع التواصل (إكس)، تويتر سابقًا، الأمر الذي يُدلِّل بما لا يدعو مجالاً للشكّ بأنّ الخبير العسكريّ يقرأ الخريطة بشكلٍ صحيحٍ ويعلم يقينًا أنّ استمرار الحرب مع إيران سيعود سلبًا على دولة الاحتلال، لأنّ المستوطنين الإسرائيليين، ليسوا معتادين على المعاناة، خصوصًا وأنّ العمق الإسرائيليّ يتعرّض لقصفٍ شديدٍ وغيرُ مسبوقٍ، يجبي الأرواح والجرحى والمفقودين في قلب مركز الدولة العبريّة، أيْ غوش دان، الذي يُعتبر الشريان الرئيسيّ لدولة الاحتلال.
وفي السياق قال زوهار بالطي، مدير قسم شعبة المعلومات السابق في جهاز الموساد الإسرائيليّ في مقابلةٍ مع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ إنّه يتحتّم على الإسرائيليين، قادةً ومستوطنين، أنْ يتذكّروا أنّه للمرّة الأولى منذ العام 1973 تخوض إسرائيل حربًا ضدّ دولةٍ معاديّةٍ وهو الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات عن قدرة الجيش والجمهور لتحمّل تبعات هذه الحرب.
بالطي توجّه بنداءٍ إلى الجميع بعدم الإبحار في النشوة ممّا حققت إسرائيل من إنجازاتٍ، مُشدّدًا على أنّه حتى الآن لم تتمكّن إسرائيل من تدمير أوْ حتى إبطاء المشروع النوويّ الإيرانيّ، مشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ التبجح باغتيال القادة العسكريين الإيرانيين لا يخدم شيئًا، وأنّ إيران تمكّنت من تعيين بدلاء لهم، على حدّ تعبيره.
إلى ذلك، علق الكاتب أحمد الصفدي، الباحث في الشؤون الإسرائيليّة، على التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل خلال الساعات الماضية.
وقال خلال مداخلةٍ هاتفيةٍ مع برنامج (كلمة أخيرة) مع الإعلامية لميس الحديدي على شاشة (أون): “علينا أنْ نفهم أنّه لا توجد دولة عربية خارج إطار العاصفة الراهنة، والجميع يتأثر بالكل، فالهدوء يتأثر به الجميع، والحروب تؤثر على المنطقة بأكملها.”
وأضاف:” الإسرائيليون كان يومهم صعبًا، ليلتهم كانت في الملاجئ، كلّما خرجوا منها عادوا لها بعد دوي صافرات الإنذار من جديد عبر ست وجبات من الصواريخ الدسمة الإيرانية، مضيفًا: “سبعة ملايين إسرائيلي قضوا ليلتهم بالملاجئ، والآن يتحضرون لضربة قاسية هذه الليلة.”
وتابع المُحلل قائلاً إنّ: “مشاهد الداخل الإسرائيلية والتدمير الذي تعرضوا له بالأمس تشبه مشاهد في جباليا وجنين ومخيمات عدة، حيث منازل كثيرة دُمرت، ومبانٍ ضخمة يصل عدد طوابقها إلى 32 طابقًا، ونحو 300 أسرة إسرائيلية باتت في العراء ورعب مستمر ومحاصرة داخل الأنقاض، وهي صورة مصغرة لما تشهده غزة.”
وعن مكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال: “بالقدس تحت الأرض، يريد أنْ يرسل رسائل تطمين للداخل الإسرائيليّ لكن تحت الأرض، وليس لديه مصداقية أمام الشعب الإسرائيلي بينما يختبئ تحت الأرض ويطلب منهم الشجاعة.”
وفي ختام حديثه أشار إلى أنّ أكسجين حكومة اليمين المتطرفة هو فتح جبهات حربية في مناطق مختلفة من المنطقة، قائلاً: “بقاؤه في الحكومة هو فتح جبهات حربية لأنّها السبيل الوحيد لتوحيد المعارضة واليمين”، على حدّ تعبيره.
على صلةٍ بما سلف، قال المستشرق الإسرائيليّ، د. تسفي بارئيل، في مقالٍ تحليليٍّ بصحيفة (هآرتس) العبريّة إنّ المسيحانيّة السياسيّة الإسرائيليّة من شأنها أنْ تدفع إيران للقيام بخطواتٍ متطرفةٍ جدًا.
وأضاف أنّه عندما تقوم إسرائيل بالترويج بأنّها تعمل من أجل إسقاط النظام الحاكم في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة وتُطالب الشعب الإيرانيّ بالانتفاض ضدّ حُكّامه، وفي الوقت الذي يُعبِّر فيه ترامب عن موافقته لذلك، فإنّ من شأنْ القيادة في طهران التوصل لنتيجةٍ بأنّها في خطرٍ وجوديٍّ، الأمر الذي سيُبعدها من طاولة المفاوضات، ويؤدّي لتغييرٍ دراماتيكيٍّ في مجريات الحرب من طرفها، طبقًا لأقواله.
——————————————
إسرائيل اليوم 15/6/2025
من “حزب الله” إلى روسيا والصين.. هل فقدت إيران أوراقها؟
بقلم: عوديد عيلام
“عندما تجف البئر، يندم الجميع على عدم تخزين الماء”، مثل إيراني.
حزيران 2025، الصيف حار الآن، وطهران تستيقظ إلى صباح آخر من صافرات الإنذار، طابور طويل وملتو في محطات وقود واحدة من بين كثيرة. السواقون في قلق، بعضهم يتركون السيارة شغالة ويبحثون عن ظل. والأحاديث تدور حول مسألة واحدة – هل سيتمكنون من ملء الخزان. لا تأييد للنظام، لا أحاديث عن الصمود، بل خوف وانعدام أمل وجدوى. حتى أكتوبر 2024 كانت إيران تعتبر مركزاً لقوة عظمى إقليمية، وفقاً لكلمتها تتقرر الأمور نتيجة “طوق النار” الذي طوره قاسم سليماني الكاريزماتي. أما اليوم فيدور الحديث عن منظومة منهارة. حزب الله مهزوم، سوريا سقطت في أيدي سُنة كارهين للشيعة، والميليشيات في العراق ضعيفة؟ الحوثيون في اليمن ولعلهم الفرع الأكثر نشاطاً، لا يوفرون البضاعة، ومضروبون. حلفاء كروسيا والصين، يتفوهون بتنديدات هزيلة لكنهم لا يهرعون إلى المساعدة. إيران معزولة.
من جهة أخرى، هي لا تزال تحوز ترسانة لا بأس بها من الصواريخ الباليستية الدقيقة. صواريخ خرم شهر 4 [خيبر] ذات المدى حتى 2000 كيلومتر والقدرة على حمل رؤوس متفجرة بوزن 1500 كيلوغرام يمكنها أن تهدد عمق إسرائيل. وثمة نماذج أخرى مثل ذو الفقار وديزفول قصيرة المدى ودقيقة، تشكل رافعة ضغط ورد.
لا تزال إيران تحوز ترسانة لا بأس بها من الصواريخ الباليستية الدقيقة. صواريخ خرم شهر 4 [خيبر] ذات المدى حتى 2000 كيلومتر والقدرة على حمل رؤوس متفجرة بوزن 1500 كيلوغرام يمكنها أن تهدد عمق إسرائيل
المشروع النووي تضرر، لكنه لم يبد. لا يزال تحت تصرف إيران نحو 6 طن من اليورانيوم المخصب بمستوى منخفض، ونحو 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب إلى 60 في المئة – ما يسمح بانتعاش تكنولوجي في غضون بضعة أشهر، إذا ما قررت اجتياز العتبة.
نجح النظام لسنين في قمع المفاوضات الشعبية. الغرب، وأساساً الولايات المتحدة، وقف جانباً ولم يحرك ساكناً. أما الآن، في 2025، فإن التأييد للنظام يخبو حتى بين الشرائح التي كانت موالية: الشباب، رجال الأعمال وحتى أجزاء من المؤسسة الدينية.
الهدف المركزي الآن هو انهيار النظام. الهجوم على مصافي البترول ومنشآت الإنتاج والرصيف البحري في جزيرة خرج، سيكسر العمود الفقري للثورة الإسلامية وسيخرج الجماهير إلى الشوارع.
ترامب يريد مفاوضات
ترامب يريد العودة إلى طاولة المفاوضات، وهكذا أيضاً الإيرانيون. قريباً جداً سيتبين لهم، وربما لأول مرة، بأنها بلا أوراق. سيرغبون في إنهاء المواجهة الحالية قبل نشوب الانتفاضة الشعبية.
إسرائيل والغرب ملزمان بأن يفهما: نظام آية الله بحاجة ماسة إلى مهلة زمنية، أما نحن فمطلوب منا حسم سريع.
—————–انتهت النشرة—————–