الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 28/5/2024

قتلانا في 7 أكتوبر هم ضحايا الاحتلال

بقلم: يحيعام فايس

منذ كنت شاباً فإن يوم الذكرى لشهداء الجيش الإسرائيلي يثير بي مشاعر خاصة؛ لأنني ابن عائلة ثكلى قُتل عدد من أبنائها في حروب وعمليات عسكرية. وقد تمّت تسميتي على اسم عمّي يحيعام فايس الذي قُتل على جسر “أخزيف” بالجليل الغربي في “ليلة الجسور” في حزيران 1946. أيضاً كيبوتس يحيعام سمّي على اسمه، وقد سمّيت ابني جدعون (جيدي) على اسم صديقي الحميم جدعون ديبورتسكي الذي قتل في المعركة البطولية بالمزرعة الصينية في سيناء بحرب يوم الغفران، وحصل على وسام الشجاعة؛ ابنة عمتي ياعيل سُمّيت على اسم عمها عيلي بن تسفي الذي قتل في بيت كيشت بحرب الاستقلال في آذار 1948.

يوم الذكرى دائماً أثار مشاعر مختلطة في عائلتي. من جهة حزن على أبناء العائلة الذين سقطوا في الحروب والمعارك، خلال سنوات كثيرة سافر عشرات من أبناء العائلة إلى الاحتفال قرب نصب “يد ليد” (ذكرى الـ 14 مقاتلاً من البلماخ الذين قتلوا في انفجار جسر أخزيف) من أجل تعظيم ذكرى يحيعام، رغم أنه دفن في جبل الزيتون بالقدس. الحداد كانت ترافقه مشاعر التفاخر على إسهام الكثير من أبناء العائلة في إقامة الدولة وتعزيز أمنها وتطوير الاقتصاد والاستيطان في إسرائيل.

في السنوات الأخيرة تغيرت مشاعري في يوم الذكرى. فبدلاً من الحزن والتفاخر أنا أشعر بالأساس بالغضب وخيبة الأمل، التي مصدرها تجاهل الكثيرين لحقيقة أن إسرائيل دولة محتلة. في يوم الاستقلال الأخير احتفلوا في إسرائيل كدولة سيادية منذ 76 سنة، لكنهم لم يشيروا إلى أنها قبل 57 سنة أصبحت دولة احتلال. منذ حرب الأيام الستة وإسرائيل تسيطر على ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. دون حقوق إنسانية أو حقوق مواطنة، الحديث يدور عن مواطنين من الدرجة الثالثة وحتى أقل من ذلك. إضافة إلى ذلك، فإن آلاف المستوطنين يعيشون في عشرات المستوطنات بالضفة، في مناطق مكتظة بالسكان الفلسطينيين، الذين يعانون من عنصرية المستوطنين الذين يعتبرونهم نوعاً من دون البشر، وهو المفهوم الذي تم صكّه بأوروبا في الأيام الظلامية بالحرب العالمية الثانية. هكذا فإن المستوطنين الذين يعتبرون أنفسهم رأس الحربة لمشروع الصهيونية، عملياً يخلقون عالماً مشوهاً. فهم يمسون بالسكان وممتلكاتهم وحقولهم. رمز للعالم المشوه الذي يحاول المستوطنون خلقه هو المس المستمر منذ سنوات أثناء قطف الفلسطينيين لأشجار الزيتون.

في الحكومة الحالية، حكومة العار والخجل، فإن هناك وزراء قريبين في روحهم من “شبيبة التلال”، يمثلونهم ويدافعون عنهم بوقاحة كبيرة. وهم مستعدون لشرح وتبرير كل الأفعال الحقيرة للمستوطنين ويستخدمون قوتهم الوزارية لمساعدتهم، وفي الوقت نفسه التغطية على أفعالهم. كثيرون منا يفضلون تجاهل ما يحدث في الضفة الغربية؛ لأنه يصعب علينا الصمود أمام هذا الوضع غير المحتمل.

الغالبية الساحقة من قادة الدولة ورؤساء الأحزاب الآن يفضلون عدم التطرق لدولة إسرائيل كدولة احتلال، التي مصير ملايين الأشخاص المحتلين فيها يوجد في يدها. في السابق كان هناك حزبان صهيونيان، العمل وميرتس، حاولا مواجهة الاحتلال وتأثيراته القاسية. كلاهما تم إبعاده على هامش عالم السياسة. سياسيون رفيعون مستعدون للخروج إلى نضال عنيف ضد نتنياهو وسلوكه البائس، لكنهم يتجاهلون الاحتلال كلياً. المثال على ذلك يمكن رؤيته في رئيس المعارضة يائير لابيد، الذي مفهوم “الاحتلال” لا يوجد في قاموسه. رئيسا الأركان المتقاعدان، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، انضما للحكومة في تشرين الأول، وعملياً منحا الوزراء العنصريين شرعية كبيرة. وجودهما على طاولة الحكومة يحوّل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش من أزعرَين مشاغبَين إلى أشخاص مقدرين يمثلون التيار العام. غانتس وآيزنكوت لا يدركان الضرر الكبير الذي تسبب به مجرد جلوسهما إلى جانب هؤلاء الوزراء. والسياسي الوحيد الذي يتطرق إلى الاحتلال هو يائير غولان، الجدير بأن يكون رئيس اليسار الصهيوني.

بسبب وزراء مثل غانتس وآيزنكوت، فإنه تجري الآن عملية أخرى، وهي أن زعرنة عدد من المستوطنين أصبحت جزءاً من الإجماع. فقد اقتربوا من الهامش إلى منطقة الاتفاق العام، وهكذا فإنه يصعب النضال ضدهم وضد أفعالهم. تجدر الإشارة إلى نقطة رئيسة، التي يفضل كثيرون تجاهلها، وهي أن قتلى 7 أكتوبر والكثير من المصابين والمخطوفين في أنفاق غزة هم ضحايا الاحتلال. “حماس” تمّت إقامتها وتطويرها في غزة كمنظمة فلسطينية انضمت للنضال ضد الاحتلال في القطاع، وهي المنطقة التي كانت خاضعة للاحتلال لعشرات السنين. “حماس” تقوّت أيضاً لأن نتنياهو كان يطمح إلى المس بقوة السلطة الفلسطينية، وعمل بشكل واضح على تحقيق هذا الطموح، ومنع الشعب الفلسطيني من القدرة على تطوير كيان وطني مستقل.

الغضب أصابني في يوم الذكرى في هذه السنة؛ لأن رؤساء الحكومة ومنتخبي الجمهور الواسع لا يستطيعون الاستيعاب أن مذبحة 7 أكتوبر لم تكن كارثة نزلت علينا من السماء، بل كانت إشارة واضحة على الشرخ الذي أوجده الاحتلال. نحن ندفع ثمن الاحتلال منذ خمسين سنة وأكثر، وهذا ثمن غير محتمل. ورعب 7 أكتوبر جزء من هذا الثمن الفظيع.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 28/5/2024

“جيش إسرائيل الصغير والذكي هو خطأٌ يجب تصحيحه”

بقلم: يوسي يهوشع

“الجيش” الإسرائيلي يواجه نقصاً في القوات اللازمة للحفاظ على الخطوط الحدودية، ويجب اتخاذ إجراءات عاجلة، من دونها لا يمكننا الانتصار – لا في هذه الحرب ولا في الحرب المقبلة.

3601 جندي أُصيبوا وقُتل 636 منذ بداية الحرب، و”الجيش” الإسرائيلي يواجه نقصاً في القوات اللازمة للحفاظ على الخطوط الحدودية.

وإلى جانب الإخفاقات والتسيّب في إدارة القوة البشرية واستنفاد التجنيد، وصلت المستويات العسكرية والسياسية إلى حالة تتطلّب اتخاذ إجراءات دراماتيكية وفورية تتمثّل في سبع مهام عاجلة من دونها لا يمكننا الانتصار – لا في هذه الحرب ولا في الحرب المقبلة.

التقرير في صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن 145 جندياً إسرائيلياً أصيبوا بجروح في أقل من أسبوعين تردّدت أصداؤه في وسائل الإعلام الفلسطينية. إنّهم يفهمون منه أنّه حتى القتال المحدود إلى حد ما، ينجح في جباية ثمن من “الجيش”.

لكن القصة الكبيرة هي العدد الإجمالي للإصابات، الذي تجاوز 3600، ومن المفترض أن يقفز أكثر مع احتساب إصابات ما بعد الصدمة. في الواقع، فقد “الجيش” الإسرائيلي جنوداً بحجم لواء، وهو بحاجة إلى الكثير من الجنود الإضافيين للحفاظ على خطوطه.

“الجيش” بحاجة ملّحة للجنود، وبدلاً من الكتائب الأربع التي تسيطر على الخط في فرقة غزة، يحتاج إلى 8 كتائب على الأقل لتوفير الأمن للإسرائيليين. وينطبق الشيء نفسه على الحدود الشمالية، وبالطبع على الضفة الغربية، حيث تم نشر 20 كتيبة احتياط منذ بداية الحرب. كل من يتابع ما يحدث على طول خط التماس ويسمع مطالب الإسرائيليين في أعقاب التهديدات من طولكرم وقلقيلية يعرف أنّ “الجيش” الإسرائيلي سيضطر إلى تحويل قوات كبيرة إلى هناك أيضاً.

ويجب أن نفهم إلى أيّ مدى أثّر عدد القتلى والجرحى المرتفع على “إسرائيل”، إلى جانب الإخفاقات في بناء القوات وتسيّب الإسرائيليين من التجنيد.

إنّ سلسلة الإجراءات التي يجب القيام بها، هي في جزء منها مسؤولية المستوى السياسي، الذي يؤخّرها، وجزئياً مسؤولية المستوى العسكري، الذي لا يمكنه التهرّب من المسؤولية. فـ “الجيش” الإسرائيلي، الذي دفع باتجاه “جيش صغير وذكي”، والحكومة التي وافقت عليه، يفهمان أن هذا كان خطأ فادحاً.

وعليه، يجب تمديد الخدمة الإلزامية من 32 شهراً إلى 36 شهراً كما كان الحال في الماضي. وتمديد الخدمة ينتظر التشريع إلى جانب البند الثاني والأهم، وهو تجنيد الحريديم. اليوم، يُجنّد نحو 1200 جندي حريدي سنوياً، من أصل 12 ألف جندي سنوياً.

الإجراء الثالث الذي يجب اتخاذه هو تقليل عدد الحاصلين على إعفاء من الخدمة، إذ إنّ نحو 33% من الرجال الملزمين بالتجنيد لا يتجنّدون، نصفهم معفيون بسبب انشغالهم المرتبط بدراسة التوراة. ضمن نسبة الـ 17% المتبقية تقريباً، هناك زيادة كبيرة بين المستفيدين من الإعفاء النفسي، وهنا يجب على “الجيش” أن يعمل على كشف ومنع المحتالين الذين يشترون الإعفاء.

شيء آخر يجب معالجته هو التسرّب من الخدمة العسكرية. ووفقاً لبيانات شعبة القوة البشرية الإسرائيلية، فإنّ التسيّب يمثّل نحو 15% في متوسط متعدد السنوات، مع تسريح الغالبية – الثلثين – في السنة الأولى من الخدمة، ومعظمهم بسبب مشكلة تتعلق ببندٍ نفسي. في الواقع، ما يقرب من 50% من الرجال الملزمين بالتجنيد لا يأتون إلى قاعدة التجنيد من أجل تسريحهم ويصبحون جزءاً من خزّان الاحتياط.

ومن هنا إلى الإناث: 45% لا يتجنّدن، وهذا رقم كبير. معظم المستفيدات من الإعفاء يفعلن ذلك عن طريق إعلان التديّن (35% من المجموع)، لكن في الواقع لا يصل عدد النساء الحريدية ومن الصهيونية الدينية إلى هذا الرقم معاً.

——————————————–

هآرتس 28/5/2024

إسرائيل وإعلامها يتعمدان نزع الإنسانية عن الفلسطينيين: من الأحمق الذي يصدق نتنياهو حين قال “خطأ مأساوي”؟

بقلم: عميره هاس

“لم يتوقع الجيش الإسرائيلي ولم يقدر أن مدنيين قد يتضررون في اجتياح رفح”، هذا ما نشروه بعد ظهر أمس. بيان ساذج كهذا يعطى لمستهلكي الإعلام الذي يخفي منذ سبعة أشهر معلومات وصورا قاسية لأطفال يقتلون ويصابون في القطاع مع كل هجوم إسرائيلي. هذا تصريح قد يقنع الإسرائيليين بأن أهداف الهجوم والسلاح الذي تم اختياره، جاء حسب حرص كبير من قبل “الشاباك” و”أمان” والجيش الإسرائيلي. من المحتمل أن الإسرائيليين الذين لا يؤيدون نتنياهو سيصدقون أنه تحدث بصدق عندما قال إن “لأمر يتعلق بخطأ مأساوي”، وربما لم يشكوا بأنه لم يتطرق لهذه الحادثة إلا لأن أمر وقف العملية العسكرية في رفح الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في لاهاي، ما زال غضاً وما زال يقرع جرس الخطر فوق رأسه وفوق رأس جهاز القضاء الإسرائيلي.

حسب المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، كان للهجوم هدفان: ياسين أبو ربيع وخالد النجار. قيل بأن أبو ربيع كان رئيس قيادة الضفة الغربية في حماس، وأن النجار شخص رفيع في هذه القيادة. وقيل بأنهما حولا الأموال للإرهاب وتنفيذ عمليات في بداية سنوات الألفين. العمليات التي نفذها أبو ربيع قتل فيها جنوداً، والعمليات التي نفذها النجار قتل وأصاب إسرائيليين وجنوداً. إعلان المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، بالمناسبة، هو الذي يميز بين “قتل الجنود” و”قتل المدنيين”.

لم يكشف الإعلان أنهما تم تحريرهما في صفقة شاليط في 2011، وأنهما من سكان الضفة الغربية. أبو ربيع من قرية المزرعة القبلية غربي رام الله، والنجار من قرية سلواد شرقي رام الله، وقد تم طردهما إلى القطاع. ولم يبلغ البيان أيضاً الجمهور بأن محرراً آخر تم طرده في تلك الصفقة، هو خويلد رمضان من قرية تل جنوبي نابلس، قتل حسب ما نشرت وسائل الإعلام الفلسطينية. فهل كان هدفاً أم وجد بالصدفة في مخيم الخيام برفح؟ لا نعرف. المعروف أنه حتى ظهر أمس، حسب تقارير وزارة الصحة في غزة التابعة لحماس، فإن عدد القتلى وصل إلى 45 وعدد المصابين 250. في قائمة جزئية حتى الآن لأسماء القتلى، فإن ثلاثة أسماء لأبناء عائلة النجار، هدى النجار (15 سنة)، أركان النجار (12 سنة) وأحمد النجار (سنتان). هل هؤلاء أبناء خالد النجار من سلواد، أم أبناء عائلة النجار في خان يونس في غزة؟ حتى الآن نحن لا نعرف. لأن عشرات الأشخاص يقتلون يومياً، وقدرة الصحافة على متابعة خلفية كل واحد والنشر عنه، محدودة جداً.

من بين أسماء الـ 25 عائلة، مثل العطار، زايد، حماد وحمد… نعرف أن معسكر الخيام ضم عائلات من شمال القطاع، من بيت لاهيا وبيت حانون. ومثلما في مخيمات اللاجئين التي أقيمت في 1948، التي اختار فيها اللاجئون من كل قرية العيش معاً في نفس التجمع، وبعد ذلك في نفس الحي المبني، يحاول النازحون في القطاع الآن التجمع أيضاً في خيام قرب أبناء عائلاتهم وجيرانهم.

الاكتظاظ الشديد في ظروف الجوع والعطش ونقص الغذاء والمياه والموت الكامن في أي لحظة، كل ذلك يولد الكثير من الاحتكاك والشجارات. من التجربة في نصف السنة الأخير والعيش معاً بشكل قسري لعائلات من مناطق مختلفة، فقد استنتج السكان بأن الشجارات يسهل حلها عندما يكون المتخاصمون من العائلة نفسها، أو من نفس المنطقة (بيت حانون مثلا)ً أو نفس قرية الملجأ (قبل العام 1948). من يعرف كم مرة انتقل ضحايا هجوم الجيش الإسرائيلي في الأشهر السبعة الأخيرة، وما هو نوع الملاجئ التي كانوا فيها إلى أن قتلوا أو احترقوا حتى الموت في معسكر الخيام غربي رفح.

ثمة تفاصيل كثيرة لا نعرفها ولن نعرفها، مثل سبب وجود النجار وأبو ربيع قرب معسكر الخيام الكبير أو داخله. لا نعرف إذا كانا هدفين؛ لأنه كانت للجيش الإسرائيلي و”الشاباك” أدلة مؤكدة على أنهما يعملان في ذراع حماس العسكرية أم أن الأمر يتعلق بالافتراض والتقدير، أو إذا كانا هدفين للانتقام بسبب العمليات التي نفذاها في بداية سنوات الألفين. نعرف ما الذي كانا سيختاران فعله لو تم إطلاق سراحهما والذهاب إلى بيوتهما في الضفة. هل كانا سيفضلان تغيير المسار؟ لا نعرف إذا كانت الأموال التي نقلوها كما تم الادعاء، كانت لغرض تنفيذ العمليات أو لمساعدة عائلات القتلى الفلسطينيين.

المعروف أنه في حروب الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين منذ بداية سنوات الألفين، ولا سيما في الأشهر السبعة للحرب الحالية في القطاع، ترسخت عدة تقاليد تسمح بقتل جماعي للمدنيين في غزة والضفة الغربية. هذه التقاليد تبلغنا عنها تقارير وشهادات من الميدان الفلسطيني، وتقارير صحافية مستقلة نشرت حول أوامر فتح النار وسلوك الجنود.

1 – تعريف “الضرر الثانوي”، الذي أصبح مسموحاً مع مرور السنين، أي عدد المدنيين الفلسطينيين الذي يسمح رجال القانون في النيابة العسكرية (وفي نيابة الدولة) بقتلهم، وأنهم مستعدون للدفاع عنه في هيئات قانونية دولية، مقابل هدف واحد محدد (عسكري رفيع في حماس أو في تنظيم فلسطيني آخر، شخص في المستوى السياسي، أو صراف أو موظف أو مسلح صغير أو فتحة نفق أو موقع عسكري فارغ). حسب تحقيقات يوفال ابراهام في “محادثة محلية”، فإن عدد “غير المشاركين” المسموح قتلهم هو 20 شخصاً مقابل هدف صغير، و100 شخص مقابل هدف كبير.

2- بنك الأهداف”: أي النشطاء في تنظيمات فلسطينية مسلحة، الذين من المسموح والمرغوب فيه قتلهم (أو اعتقالهم في الضفة الغربية). هذه بئر بدون قاع، يشمل أيضاً النشطاء السابقين الذين يمكن أنهم توقفوا عن نشاطاتهم العسكرية أو السياسية، ويشمل أيضاً عناوين لم تعد محدثة.

-3 مكان الإصابة: بنك المعلومات يسمح بقتل فلسطيني ليس فقط في الجبهة أو أثناء معركة أو تبادل لإطلاق النار، حيث يكون ينوي إطلاق صاروخ أو وهو يسير مع حزام ناسف؛ لأن دمه مهدور أيضاً حتى لو كان نائماً في سريره، أو يتلقى علاجه في المستشفى أو يعود مريضاً، وأيضاً حتى لو كان مع اولاده أو والديه، أو يعمل في نشاطات مشتبه فيها، يقف قرب نافذة في البيت أو على السطح أو يركب دراجة، أو يشعل النار لتسخين الماء.

4 – مناخ عدم انضباط المستويات المتدنية لأوامر الأعلى منهم وعدم اهتمام هذه المستويات المتدنية بالسياقات السياسية الفورية التي تضمن الاهتمام العالمي: كما كان الأمر في إطلاق نار قاتل على العاملين في منظمة الإغاثة الدولية، “المطبخ المركزي العالمي” في 2 نيسان الماضي، وفي إطلاق نار دبابة على ما اعتقد الجيش الإسرائيلي أنه “مشتبه فيهم”، الذين كانوا من مئات السكان الجوعى الذين انتظروا قوافل المساعدات وانقضوا على شاحنات الغذاء في 29 شباط.

5 – خلق مناخ عام في إسرائيل لتجاهل الوقائع: تحت غطاء كلمات مغسولة مثل “إخلاء السكان” و”الجيش الإسرائيلي يعمل” و”منطقة إنسانية”، أما حقيقة وجود معسكرات الخيام التي تنقصها بنى تحتية وحماية من أضرار الطبيعة والقصف، فهذه لم يتم غرسها في الوعي. نفس الأمر ينطبق على كثير من الخبراء في الصواريخ البالستية الذين يبدو أنهم لا يهتمون بحساب مدى تأثير الصاروخ حتى على المدنيين الذين يقفون قريباً من المكان.

6 – عملية متطرفة لنزع الإنسانية عن الفلسطينيين في أوساط دوائر واسعة في إسرائيل وفي أوساط الجنود. الاستخفاف بحقهم في الحياة والعيش باحترام، وصل في السنوات الأخيرة إلى حضيض غير مسبوق. هذه العملية تؤثر، بوعي أو بغير وعي، سواء برغبة وإخلاص أم لا، أيضاً على المستويات المهنية، سواء في وزارة العدل أو في غرف العمليات أو في هيئة الأركان.

———————————————

إسرائيل اليوم 28/5/2024

لإسرائيل وقادة جيشها: استراتيجية “إحصاء الجثث” ستحول غزة إلى فيتنام

بقلم: يهودا بلنجا

منذ بداية الحرب في غزة يصدر تحديث يومي عن عدد المخربين الذين صفاهم الجيش الإسرائيلي، والأنفاق التي دمرها وحجم الإصابة لبنى حماس التحتية.

ظاهراً، من المشاهد ومن المعطيات التي تعرض في الإعلام، بما في ذلك تقارير الناطق العسكري الإسرائيلي، يبدو أنه رغم الانخفاض في شدة القتال، فإن الجيش الإسرائيلي بالطريق إلى تحقيق أهدافه. لكن هل الأعداد هي الطريق الصحيح إلى “النصر المطلق”؟

باللغة العسكرية، ضرب المسلحين أو البنى التحتية يسمى “إحصاء الجثث” (Body count). في الغالب يعتبر كثأر، لكن الاستراتيجية من خلف هذا النهج تسعى للوصول إلى “نقطة انكسار” العدو. بمعنى، المرحلة التي يكون فيها عدد القتلى أكبر من قدرته على تجنيد وتأهيل قوة بشرية جديدة. وفي هذا تنخرط استراتيجية “إحصاء الجثث مع أهداف حرب “السيوف الحديدية”، مثلما عرضها المستوى السياسي للجيش الإسرائيلي: تصفية بنى حماس التحتية العسكرية وتقويض حكمها في قطاع غزة.

مؤشرات أولى على الاستخدام الإسرائيلي للاصطلاح (حتى وإن كان بشكل غير مباشر) يمكن إيجادها في الجولات الأولى ما بعد الانسحاب من غزة في 2005، لكن أساساً في حرب لبنان الثانية. في أواخر ولاية رئيس الأركان غادي آيزنكوت، طرحت استراتيجية “إحصاء الجثث”. في آذار 2013 قال آيزنكوت: “في السنتين الأخيرتين قتل في الضفة 171 مخرباً فقط… الجيش يعمل بشكل دقيق، عدواني. حيثما ينبغي يبادر ويعمل”.

كما أن خليفته في المنصب، أفيف كوخافي، سار في هذا الاتجاه الاصطلاحي. في صيف 2020، بعد زيارة إلى تدريب قادة في لواء المظليين، قال إن مقياس نجاح القتال هو “فتك القوة”. وأضاف: “في نهاية كل مرحلة قتال ينبغي فحص حجم العدو والأهداف التي دمرت، وليس مجرد احتلال الأرض”. هرتسي هليفي، الذي تسلم الجيش الإسرائيلي على أساس مبادئ آيزنكوت وكوخافي، لم يخرج عن خط التوجيه الذي حدده أسلافه. وتطبيق هذا النهج نراه اليوم.

ليست إسرائيل هي التي ابتكرت الاصطلاح؛ ففي زمن الحرب العالمية الثانية، وبخاصة في الحرب الكورية، استخدم الأمريكيون اصطلاح “إحصاء الجثث” كمقياس للنجاح العسكري. وبلغ الأمر ذروته في زمن حرب فيتنام. “إحصاء جثث، وقتل مؤكد، ونسبة قتل… أصبحت من التعابير المعروفة للغاية في الحرب”، كما كتب د. طل طوبي.

ويقول: “هذا النهج لم يحقق أهدافه بسبب إخفاقات بنيوية فيه”. الأول – على الجيش الأمريكي فرض حظر على تجاوز خط الحدود بين جنوب فيتنام وشمالها؛ والثاني – لم يكن لاحتلال الأرض أي معنى في نظر الأمريكيين. لكن إسرائيل ليست أمريكا، وغزة ليست فيتنام. رئيس الوزراء نتنياهو عرّف حرب “السيوف الحديدية” أنها “حرب الاستقلال الثانية لإسرائيل”. ولئن كان هذا تعريفها، فإن نهج القتال الحالي ليس ملائماً لها.

من 1948 وحتى 1982، أدارت إسرائيل حروبها في إطار معركة سعت إلى حسم العدو. في ظل احتلال الأرض والسيطرة فيها. وقد فرض الأمر على كاهلها المسؤولية عن الإدارة المدنية والأمنية للأرض، وكانت مقاييس النجاح والفشل واضحة.

لكن نهج القتال الذي يتمثل بـ “إحصاء الجثث” – مثلما لم ينجح مع الأمريكيين ضد الفيتكونغ، إلى أن اضطروا إلى الاعتراف بفشله؛ أولاً، لأن إسرائيل لا تبحث عن سيطرة في الأرض، أو نقل الصلاحيات إلى جهة سلطوية أخرى كبديل لحماس. هذا الأمر يؤدي إلى أن الجيش الإسرائيلي بعد إنهاء مهمة “ابحث ودمر”، يخرج من منطقة النشاط ويخلف وراءه فراغاً يمتلئ برجال حماس. ثانياً، إسرائيل لا تعرف كم ناشطاً لحماس في غزة (مقاتلون وداعمو قتال). باستثناء بضع قوات محددة، معظم المخربين لا يلبسون البزات. هذه النقطة تصعّب تحديد حجم القوة البشرية في منظمة الإرهاب، وضمناً – نقطة انكسارها.

على المستوى السياسي والجيش الإسرائيلي أن يفحصا بدائل لتحقيق الأهداف: أحدها الحاجة لخلق بديل لحماس في غزة، يضمن سيطرة أمنية إسرائيلية في ظل التعاون مع محافل أجنبية في الجانب المدني. إن إحصاء الجثث ليس وصفة للنصر، لا الجزئي ولا “المطلق”.

——————————————–

 

 

 

 

 

 

هآرتس 28/5/2024

“عالم آخر.. ثقب أسود.. ولا تفسير لموتهم المفاجئ”.. تحقيق: تعرضوا للضرب في طريقهم إلى المعتقل

بقلم: بار بيلغ ويهوشع برايمر

تحقيق الشرطة العسكرية يكشف أن الغزيين اللذين ماتا أثناء الطريق إلى منشأة الاعتقال “سديه تيمان” قد ضربا على أيدي الجنود، وأنهما لم يتضررا بسبب ظروف الطريق القاسية حسب ادعاء القوة التي كانت تحرسهم. هذا ما قالته مصادر تحدثت مع الصحيفة. حتى الآن، تم التحقيق مع عدد من الجنود تحت التحذير، لكن لم يتم اعتقال أي منهم، مثلما في الـ 33 حالة وفاة أخرى لسكان من القطاع اعتقلوا في الحرب وأحضروا إلى إسرائيل.

اتُهما بالإرهاب وأخذا حيين في شاحنة وتم تكبيلهما هناك. هذه الشاحنة نقلتهما من خان يونس إلى منشأة الاعتقال قرب بئر السبع، ثم عثر عليهما جثتين في نهاية الرحلة. ثمة أدلة تم جمعها في التحقيق تناقضت مع ادعاء جنود الهندسة بحدوث أضرار لهما بسبب الطريق. حسب التهمة، فقد تم ضربهما في كل أنحاء الجسد، وحسب الأدلة أيضاً، أصيب أحدهما في رأسه. لم يتسلم طاقم التحقيق تقرير تشريح رسمياً للجثتين، وبعد نقل التقرير للشرطة العسكرية سيتقرر استمرار التحقيق. نشر حول موتهما وحول التحقيق، للمرة الأولى في “كان”.

الشرطة العسكرية تحقق في الأشهر الأخيرة في 25 حالة وفاة لفلسطينيين تم اعتقالهم بصفتهم مقاتلين في القطاع، وقالت المدعية العسكرية الرئيسية، يفعات تومر يروشالمي، أمس، إن الجيش الإسرائيلي يجري بالإجمال 70 تحقيقاً متعلقاً بالحرب. وقالت مصادر عسكرية إنه إضافة إلى هذين، هناك اشتباه بوفاة اثنين آخرين فجأة، بسبب الإهمال أو عدم تقديم العلاج من أمراض وتلوثات تطورت في منشأة الاعتقال.

“سديه تيمان”، القاعدة العسكرية التي أصبحت منشأة اعتقال، تضم معظم المعتقلين الذين تم اعتقالهم في القطاع، إلى حين اتخاذ قرار حول استمرار إجراءات ضدهم، ونقلهم إلى سلطة مصلحة السجون. حتى الآن، تم نقل 2000 شخص إلى سجون أخرى، وهم معتقلون حسب أمر اعتقال دائم. مؤخراً، تم استبدال عدد من جنود الشرطة العسكرية الذين عملوا كسجانين في المنشأة بجنود احتياط، بعضهم بدون تأهيل حربي، وعدد من المجندات قدمن شكوى بتحرش المعتقلين بهن.

يقد تناقش المحكمة العليا الأسبوع القادم التماسات قدمت ضد ظروف الاعتقال الشديدة في المنشأة. المعتقلون في مناطق مسورة، وعيونهم معصوبة، وأيديهم مكبلة معظم ساعات اليوم، والضوء مشتعل أيضاً ليلاً. مصدر طبي زار المنشأة قال للصحيفة إن “الوضع الصحي هناك صعب جداً. هذا مثل عالم آخر أو ثقب أسود. “حاضنة أمراض”. مراقبة الأمم المتحدة لشؤون التعذيب دعت إسرائيل الأسبوع الماضي للتحقيق في ادعاءات خطيرة حول التعذيب والتنكيل بالفلسطينيين المعتقلين في السجون وفي منشآت الاعتقال العسكرية، بعد حصولها على شهادات عن ذلك من اللجنة العامة ضد التعذيب.

وقال مصدر طبي آخر إنه اطلع مؤخراً على عدد من حالات “الموت الفجائي”، حسب قوله، في السجون وفي منشآت الاعتقال في إسرائيل، وأنه لم تكن هناك أي طريقة لتفسير سبب الموت. وحسب قوله، فإن أحد هذه الحالات هو موت عز الدين البنا (40 سنة) الذي كان معاقاً على كرسي متحرك وتم اعتقاله في القطاع، وتوفي في سجن عوفر في شباط. المصدر المطلع على تحليل جثة البنا، عبر عن دهشته بشأن تدهور سريع في وضعه الصحي بعد أن عاش 18 سنة وهو معاق، وقدر أنه لم يحصل على العلاج المناسب. أحد المحامين الذين زاروا العيادة في “عوفر”، قال إن المعتقلين في المنشأة قالوا إن البنا كان يعاني من جروح قاسية و”سمع صوت احتضاره”، حسب قولهم، لكنه لم يحصل على العلاج المطلوب.

وجاء من الجيش الإسرائيلي: “الجيش الإسرائيلي يعمل وفق القانون وإطار القانون الإسرائيلي والدولي في كل ما يتعلق بعلاج المعتقلين. عقب موت المعتقلين (أثناء الطريق إلى منشأة الاعتقال “سديه تيمان”) تم فتح ملف تحقيق في الشرطة العسكرية. بطبيعة الحال، لا يمكن إعطاء أي تفاصيل عن التحقيق الذي ما زال مستمراً”.

وألقى كل من الجيش الإسرائيلي ومصلحة السجون التهمة على الآخر رداً على شكوى بخصوص موت البنا في سجن عوفر، ولم يتطرقا إلى جوهر الادعاءات.

———————————————

هآرتس 28/5/2024

بن غفير “مستدعياً ومهدداً” شبتاي: إياك وحراسة شاحنات المساعدات المتوجهة إلى الغزيين

بقلم: أسرة التحرير

استدعى وزير الأمن القومي بن غفير، المفتش العام للشرطة كوبي شبتاي للاستماع قبل الإطاحة، رغم أن صلاحيات الإطاحة بمفتش عام في أيدي الحكومة. في كتاب بعث به بن غفير إلى شبتاي، ادعى: “في الفترة الأخيرة تكثر المؤشرات وتكثر الادعاءات لعدم أدائك العام لمهامك”. غير أن الجريمة الحقيقية لشبتاي هي أنه قرر الدفاع عما تبقى من استقلالية للشرطة أمام محاولات السيطرة من جانب بن غفير.

وقبل الاستدعاء، استفزت زعرنة بن غفير المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا. ففي أثناء خطابها بمؤتمر رابطة المحامين في “إيلات”، تناولت مباشرة سيطرة بن غفير على شرطة إسرائيل. “الوزير المسؤول عن الشرطة من قبل الحكومة، ليس مفتشاً عاماً أعلى”، أوضحت بهرب ميارا في قول جماهيري استثنائي.

من يوم تسلمه مهام منصبه، يحاول بن غفير أن يسرب فكره الإجرامي والكهاني إلى الشرطة، المبني على استخدام القوة ضد معارضي الحكومة، وإضعاف أجسام الإنفاذ، وبالمقابل ممارسة القوة ضد السكان العرب. ابتداء من محاولاته، حث قوات الشرطة في تل أبيب على استخدام وسائل شاذة وزائدة ضد المتظاهرين في “كابلان”، عبر الإطاحة بقائد اللواء، وحتى التأثير المباشر على الألوية والضباط في الشرطة – رغم قرار واضح من محكمة العدل العليا يحظر عليه التدخل في قرارات ضباط الشرطة. برعاية نتنياهو، يواصل بن غفير الاستخفاف بالقانون.

المفتش العام شبتاي، الذي سينهي مهام منصبه في تموز القادم، توجه في خطوة شاذة بنفسه إلى المستشارة القانونية واشتكى أمامها من خرق بن غفير قرار محكمة العدل العليا، وبذلك يحاول المس باستقلالية الشرطة. في الأسبوع الأخير، تدخل بن غفير مرتين في قرارات الشرطة، حين طالبها ألا تحرس شاحنات المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة، شاحنات يفتك مؤيدوه بها وبسائقيها؛ وعندما تحدث مباشرة مع قائد حرس الحدود وطالبه بتجميد مقاتلين، ضربوا مصلين في “ميرون”.

حتى عندما تصل الأمور إلى الاشتباه بجرائم جنائية من جانب رجال مكتبه، الذين وزعوا رخص الأسلحة على مئات المواطنين، بمن فيهم مقربوهم أيضاً بلا رقابة وإشراف وبخلاف القانون، تخشى الشرطة من التحقيق معهم تحت طائلة التحذير.

محظور التراجع حيال وزير خطير مثله. لو أن منتخباً آخر من الجمهور تجاوز قرار المحكمة العليا لحقق معه على خرق أمر قانوني وخرق الثقة. محكمة العدل العليا من جهة أخرى، ملزمة بإلغاء إخضاع الشرطة والمفتش العام لوزير الأمن القومي. على المستشارة القانونية أن توضح لبن غفير بأن لا صلاحيات له لإقالة المفتش العام، وعلى قيادة الشرطة أن تتذكر بأنهم ليسوا ميليشيا خاصة لأي وزير.

———————————————

 يديعوت أحرونوت 28/5/2024

بالتوازي مع “طفل بلا رأس”.. تل أبيب والقاهرة: أجمعنا على ملابسات “موت” الجندي وأغلقنا الملف بهدوء

بقلم: ناحوم برنياع

“خلل مأساوي”، هكذا وصف نتنياهو حرق نحو 40 مواطناً بالنار عقب قصف الجيش الإسرائيلي خيام النازحين. هو محق من ناحية فنية: وقع خلل نتائجه مأساوية. ولكنه مخطئ من ناحية جوهرية: كل عاقل عرف من قبل أنه خلل سيحدث. هكذا أيضاً بالنسبة لتبادل إطلاق النار مع المصريين، مع اختلاف الملابسات. رفح ثقب أسود: المخاطر مؤكدة، والمردود مشكوك فيه. والقرار بالسير إلى هناك، في هذا الوقت، أمام كل العالم، كان رهاناً محظوراً أخذه.

غير أن الحقائق التي ظهرت في استيضاح الجيش الإسرائيلي صحيحة: الهدف تصفية مركزة لمسؤولين كبيرين في قيادة حماس بالضفة، عثر عليهما في مقرهما، وهما مجموعة من المباني المؤقتة – ليست خياماً – خارج ما حدد كمنطقة إنسانية. صغرت الذخيرة حتى لا تمس بغير المشاركين. الجيش لا يعرف في هذه المرحلة كيف يقول لماذا اشتعلت النار في الأكواخ المجاورة، ولماذا قتل هذا العدد الكبير من المدنيين. ربما احتوت المباني ذخيرة فتفجرت؛ وربما يكون عدد الذين قضوا نحبهم أصغر مما نشر؛ وربما غابت الدقة عن المعلومات التي سبقت العملية ولم يكن تقدير الخطر على حياة المدنيين صحيحاً.

كل هذا مهم للتحقيق العسكري، لكن لا أهمية له في الأماكن المهمة. تتراكض صور رهيبة في العالم، إحداها صورة طفل بلا رأس – تدفن تحتها كل التفسيرات المنمقة للناطقين الإسرائيليين. طلبت فرنسا الآن انعقاداً فورياً لمجلس الأمن. وقرار المحكمة في لاهاي أدخل إسرائيل إلى حفر سياسية ودبلوماسية. هذه الحادثة عمقت الحفرة. ولا يوجد سلم.

أما الوضع في جبهة المصريين فهو أكثر راحة بقليل. على ما يبدو هناك إجماع بين الطرفين على الملابسات التي أدت إلى موت الشرطي المصري، من المسؤول عنها ولماذا. تريد حكومة مصر أن تغلق قصة الحادثة بهدوء. لكن لا ضمانة بأن لا ينقلبوا على إسرائيل في الحادثة التالية. كل شيء مشحون على طول محور فيلادلفيا، حتى سلاح الجنود لدى الطرفين.

“كابنت الحرب” كله مسؤول عن الخطوة العسكرية في رفح. صحيح أن نتنياهو دفع باتجاهها، لدوافعه الخاصة، لكن الأمر لا يعفي غالنت وغانتس وآيزنكوت من المسؤولية. عرف الثلاثة جيداً أين يدخلون، ومع ذلك أيدوا الخطة. كل ضابط عبري يؤيد مبادرة العسكرية الهجومية. أحياناً يقول نعم، لكن، مع تشديد على كلمة “لكن”. مع الأسف، لم يحصل هذا هذه المرة.

قال نتنياهو أمس إن “الادعاء القائل بمعارضته صفقة مخطوفين “كذب مقيت”. والدليل أنه وسع التفويض لطاقم المفاوضات خمس مرات. أما الحقيقة فأكثر بساطة: شرط السنوار للصفقة هو وقف القتال؛ وشرط نتنياهو للصفقة استمرار القتال. بذلت جهود هائلة في بلورة صيغة ترضي الطرفين: وقف القتال عملياً، لكن بكلمات أخرى. فشلت الجهود لأن الشرط أهم من الاتفاق في نظر الاثنين.

عندما يقول اللواء احتياط نيتسان ألون، أو يلمح بتعذر التوصل إلى صفقة مخطوفين في تركيبة الحكومة الحالية، فإنه يقول الحقيقة. لا غرو في أن نتنياهو يريد استقالته.

الناس يغضبون عندما يقال لهم “قلنا لكم”. لذا، من الأفضل النظر إلى الأمام: من شأن إسرائيل أن تنهي مغامرة رفح بلا خيارات عسكرية، وبلا مخطوفين، وبلا تسوية في الشمال، وبلا صفقة سعودية. ليس غير المقاطعة وكره العالم لنا. آمل أن تكون حالات الخلل في رفح هي الأخيرة، ومن هنا نسير بثقة إلى “النصر المطلق”. يصعب عليّ تصديق هذه المعجزة.

——————————————–

معاريف 28/5/2024

رؤية مخادعة

بقلم: دان شيفتن

تطور مؤخرا في إسرائيل نزعة هاذية حول صفقة تعرض زعما عليها تلبي احتياجاتها الاستراتيجية الأساس مقابل اعلان عن وقف الحرب في غزة دون التخلي عن استئنافها. فضلا عن الضرر الجسيم بوقف الحرب قبل تثبيت خراب حماس كحكم سيادي (خلاف لـ “النصر المطلق”) فان ما يعرض كمقابل لذلك هو رؤية مخادعة: إعادة كل المخطوفين، تسوية في حدود لبنان، تطبيع مع السعودية وبديل فاعل من خلال سلطة فلسطينية اجتازت اصلاحا عميقا. اختبار الواقع، الصورة مغايرة من أساسها: ليس كل المخطوفين سيعودون. حماس لن تتنازل عن الورقة الأساس التي بواسطتها تأمل بترميم مكانتها في القطاع، اخضاع إسرائيل وضمان الحصانة لنفسها. وهي تتصلب في مواقفها في ضوء الانتقاد الأمريكي الحاد والمتواصل واملاء الشروط الإنسانية، قرارات معادية في الأمم المتحدة وخطوات حقيرة في هيئات القضاء الدولي. في أفضل الأحوال، سيتاح تخفيص قليل من المخطوفين، في ظروف ستجعل من الصعب اعادة سكان الغلاف بامان الى بيوتهم، تنزع من إسرائيل أوراق مساومة لتخليص الاخرين وتشدد الضغط لتحرير مجموعة أخرى بشروط لا تطاق.

تسوية في لبنان لن تنجح في الاختبار. فقبول املاءات حماس سيزيل عن حزب الله الخوف من مناورة في لبنان وينزع الدافع الأساس لابعاد قواته عن حدود الشمال. اتفاق امريكي سيكون عديم القيمة دون خيار إسرائيلي لفرضه بالقوة عندما يخرق بشكل زاحف. الولايات المتحدة ستتجند كي تمنع عن إسرائيل صيانة عنيفة مصممة ومتواصلة، طالما لم يفتح حزب الله النار حتى استكمال استعداداته. الصمود امام الضغط الأمريكي في غزة حيوي لمصداقية الردع في لبنان. بدونه لا يمكن إعادة سكان الشمال الى بيوتهم وتحقيق جوهر الفكرة الصهيونية.

التطبيع لا يوجد على جدول الاعمال. تعزيز مكانة إسرائيل الإقليمية حرج بالفعل لامنها القومي وعلاقات الثقة والتعاون مع السعودية تساهم في ذلك كثيرا. غير أنهم في الرياض يريدون أن يروا الخراب التام للاخوان المسلمين وتعلموا بالطريقة الصعبة التشكيك بتوقعات وسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. السعوديون معنيون بإسرائيل مصممة، تكمل مهمتها في غزة. الرأي العام العربي على أي حال لا يسمح، في الأشهر القريبة القادمة، بالاحتفال بالتطبيع مع إسرائيل، وما هو مهم بلا قياس هو شراكة في اطار دفاعي إقليمي برعاية القيادة الوسطى الامريكية.

لا يوجد احتمال لسلطة فلسطينية فاعلة كبديل لحماس في غزة. فقد تعلم الفلسطينيون بان هجوما وحشيا على إسرائيل يجند قسما كبيرا من الرأي العام العالمي ويفرض حتى على زعماء الدول العربية، الذين يحتقرونهم ويريدون الشر لهم ليقدموا دعما لمطالبهم. وعليه، فيوجد لهم صفر دوافع لتغيير صيغتهم العنيفة والمتباكية. إضافة الى ذلك لا يوجد احتمال لان يقاتلوا الإرهاب الحماسي في غزة. وهم حتى لا يحاولون التصدي لها في جنين، في نابلس وفي طولكرم رغم انها تعرض حكمهم للخطر.

اذا اغريت إسرائيل على هذا الخداع الذاتي “الآني” بشأن صفقة وهمية، فانها ستبقى بدون تثبيت خراب حماس، بدون معظم المخطوفين، بدون ترتيبات امنية تسمح بإعادة سكان الغلاف وحدود الشمال الى بيوتهم، بدون تطبيع وبدون بديل لحماس في غزة. والأخطر من كل شيء ستفقد أوراق مساومة لازمة لتحقيق اهداف قومية حيوية في المنطقة في صراع صبور وطويل، فرص نجاحه كبيرة.

* رئيس البرنامج الدولي لدرجة الماجستير للامن القومي في جامعة حيفا ومحاضر في برنامج الامن في جامعة تل أبيب

——————————————–

هآرتس 28/5/2024

القتل في رفح قد يشدد الضغط لوقف النار حتى بدون صفقة

بقلم: عاموس هرئيلِ

في الاسبوع الماضي صممت شخصيات اسرائيلية رفيعة على رؤية، بطريقة معينة، نصف الكأس المليان في رفح. محكمة العدل الدولية في الحقيقة اتخذت قرار متشدد ضد اسرائيل، لكنها لم تأمر بوقف العملية العسكرية في جنوب القطاع. الولايات المتحدة في الحقيقة غير راضية عن عملية الجيش الاسرائيلي في رفح، لكن منذ اللحظة التي نجحت فيها اسرائيل باخلاء بالتهديد مليون غزي من المدينة فانه لم يعد هناك فيتو امريكي لدخولها. ولكن هذا لم يمنع تعقيد آخر. فخلال يوم قتل عشرات المدنيين الفلسطينيين في قصف اسرائيلي، وقتل جندي مصري اثناء تبادل اطلاق النار بين قوة للجيش الاسرائيلي والجيش المصري في منطقة رفح.

كما كان متوقع من البداية، وقد نشر عن ذلك هنا، فان الاخلاء القسري لعدد كبير من المدنيين في المدينة لم يحل المشكلة بشكل كامل. رفح بقيت مكتظة، حسب التقديرات ما زال يوجد فيها تقريبا 350 ألف شخص، وحماس تستمر في العمل بين المدنيين حيث تستخدمهم كدروع بشرية.

في مساء يوم الاحد اغتالت اسرائيل في رفح قياديين كبيرين في قيادة حماس للضفة الغربية، خالد النجار وياسين ربيع. هذه القيادة هي التي تحرك حماس في الضفة من القطاع، من خلال الاعتماد على السجناء المحررين في صفقة شليط للمبادرة الى تنفيذ عمليات في الضفة الغربية. ولاسباب ما زالت غير واضحة فانه في القصف الجوي كان ضرر ثانوي في مخيم مكتظ للخيام قريب. ربما أن شظايا احد الصواريخ انحرفت ووصلت الى المخيم وتسبب بالحرائق. وقد نشر أن 45 مدني فلسطيني احترقوا حتى الموت وكثيرون اصيبوا.

حسب بعض التقارير الفلسطينية فان المخيم يوجد في منطقة محمية، وهي من المناطق التي حددها الجيش كمكان آمن، وأنه سيهتم بتجنب القصف هناك. حسب مصادر عسكرية فان الحديث لا يدور عن منطقة تم اعتبارها مسبقا كمنطقة آمنة، كما في المواصي التي هي المنطقة الزراعية قرب الشاطيء، بل الحديث يدور عن حي لم يطلب من السكان اخلاءه.

في الجيش الاسرائيلي بدأوا اليوم في فحص من قبل جهاز التحقيق التابع لهيئة الاركان بهدف استيضاح ما حدث. في الجيش نفوا ادعاء الفلسطينيين بأنه سقطت في المكان سبع قنابل كل قنبلة وزنها طن. الهجوم كان بواسطة القاء قنبلتين أصغر.

فقط بعد الظهر عبر رئيس الحكومة نتنياهو عن الاسف عما سماه “خطأ مأساوي”. وقال في الكنيست إن اسرائيل ستحقق في الظروف وتستخلص العبر. في العشرين ساعة قبل خطاب نتنياهو لم تكلف أي جهة سياسية رسمية نفسها عناء التعبير عن الاسف على موت الابرياء في هجوم اسرائيلي، والجهة التي فعلت ذلك هي المدعية العسكرية الرئيسية، الجنرال يفعات يروشالمي، والاكثر خطورة هو أن الابواق المتماهية مع النظام احتفلت بموت المدنيين بسلسلة منشورات حيونة في الشبكات الاجتماعية. بعد ثمانية شهور على الحرب يبدو أن الخطة الكبيرة لرئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، تتقدم كالمعتاد: رويدا رويدا ينمو لنا حمساويون من اليهود.

اسرائيل تعرضت على الفور الى الكثير من الادانات من دول كثيرة بسبب قتل المدنيين. والسؤال الآن هو هل الحادثة التي كانت بعد يومين على صدور القرار في لاهاي، ستزيد الضغط من اجل وقف الحرب، حتى بدون صفقة لتحرير المخطوفين. في غضون ذلك كان تعقيد آخر، وهذا ايضا لم يكن مفاجئا. صباح أمس حدث تبادل لاطلاق النار بين الجنود الاسرائيليين والجنود المصريين على معبر رفح. جندي مصري قتل واصيب عدد من الجنود. ايضا هنا لم تتضح الظروف بالكامل. ولكن الحادثة النادرة تعكس قوة التوتر على مثلث الحدود، الذي تفاقم جدا عندما قام الجيش الاسرائيلي باقتحام رفح.

المدعية العسكرية الرئيسية التي تحدثت في اجتماع مكتب المحامين في ايلات قالت إن الادعاءات ضد اسرائيل حول القتل المتعمد للمدنيين لا اساس له. وقد كشفت أنه منذ بداية الحرب تم فتح 70 تحقيق في الشرطة العسكرية للاشتباه بارتكاب الجنود مخالفات، من بينها التحقيق في معاملة المعتقلين الفلسطينيين في سديه تيمان (في “هآرتس” كشف أن 27 من سكان القطاع ماتوا هناك منذ اندلاع الحرب، ونشرت شهادات قاسية عن التنكيل بهم).

على شفا الانكسار

الوزير غادي ايزنكوت (المعسكر الرسمي)، والعضو في مجلس الحرب، قال أمس في لجنة مغلقة في لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست إن احتدام القتال في القطاع اوجد نافذة فرص ضيقة، التي حسب تقديره ستستمر لاسبوع للدفع قدما بصفقة المخطوفين تحت الضغط العسكري الاسرائيلي. الجنرال احتياط نيتسان الون، رئيس مركز الاسرى والمفقودين في الجيش الاسرائيلي قال إن الاقوال التي نسبت اليه في “اخبار 12” والتي بحسبها هو يائس من المفاوضات وأنه لا توجد أي احتمالية للتوصل الى صفقة في ظل تشكيلة الحكومة السياسية الحالية، تم اخراجها عن سياقها.

نتنياهو سارع الى اصدار بيان ادانة لالون وقال إن “الاحاطات من داخل طاقم المفاوضات فقط تصلب مواقف حماس وتبعد تحرير المخطوفين”. نفس الاقوال يمكن قولها عن اقوال نتنياهو نفسه. ففي كل مرة تكون فيها جولة محادثات لاستئناف المفاوضات، كما كان في يوم السبت الماضي، يسارع مصدر سياسي مجهول الى اعطاء احاطات للمراسلين بأنه لا توجد أي احتمالية للموافقة على طلب حماس انهاء القتال مقابل اعادة المخطوفين. هكذا، مرة تلو الاخرى، يتم ضمان أن حماس ستبقى متصلبة في مواقفها.

الصواريخ النادرة التي اطلقت امس على غوش دان والشارون، للمرة الاولى بعد اربعة اشهر، تعكس تقدم قوات الجيش الاسرائيلي في رفح. حماس تسيطر على مواقع انتاج وتخزين الصواريخ للمدى المتوسط في منطقة حي الشبورة في رفح. ويبدو أنه اعطيت تعليمات لاطلاق هذه الصواريخ قبل وصول الجيش الاسرائيلي اليها. في نفس الوقت هذه محاولة لاعطاء اشارة بأن حماس ما زالت تستطيع الحاق الضرر بالجبهة الداخلية الاسرائيلية وأنها لا تنوي رمي سلاحها. نتائج هذا الاطلاق كانت محدودة. امرأة اصيبت اصابة طفيفة بسبب الشظايا.

الصعوبة الاساسية في العملية في رفح، اضافة الى العملية التي يمكن أن تنتهي في القريب في جباليا في شمال القطاع، لا تكمن في الجبهة الداخلية، بل في العبء المتراكم على القوات المقاتلة. هذا الامر صحيح بشأن القوات النظامية التي تتحمل بشكل مستمر عبء القتال، والآن مرة اخرى في وحدات الاحتياط. السلوك غير المنظم للجيش الاسرائيلي أدى الى اصدار عشرات آلاف الاستدعاءات لجنود الاحتياط للفترة القريبة القادمة، على الاغلب خلافا للخطط المسبقة للوحدات. الامر الذي وافق عليه بطريقة جندي احتياط في كانون الاول أو كانون الثاني من خلال التفهم بأن الامر يتعلق بحرب بقوة زائدة، من اجل اعادة المخطوفين وهزيمة حماس، وافق عليه بدرجة أقل في أيار أو في حزيران، لأنه اصبح واضحا للجميع بأن الامر تتعلق بحرب استنزاف بعيدة المدى بدون حسم قريب يلوح في الافق.

في الخلفية تستمر سياسة الائتلاف التي تتعلق بصغائر الامور. نتنياهو، خلافا لوزير الدفاع غالنت ووزراء المعسكر الرسمي، يحاول العثور على حل التفافي للازمة حول القانون الذي يهدف الى ضمان استمرار تهرب الحريديين من الخدمة العسكرية. ربما أن العبء الكبير على من يخدمون في الجيش، اضافة الى الخسائر الكبيرة في القتال، تقرب نهاية انكسار الجمهور الذي يتحمل العبء. وحول عدم المساواة الذي تدفعه الحكومة قدما، فان الوزير غانتس يقوم باعداد انسحاب حزبه من الائتلاف في 8 حزيران القادم. وحتى ذلك الحين فان الحرب تستمر في المراوحة في المكان في القطاع، والسكان في منطقة الحدود الشمالية يتعرضون كل يوم لاطلاق نار شديد من حزب الله في لبنان.

——————————————–

هآرتس  28/5/2024

حتى النصر المطلق لحماس

بقلم: زهافا غلئون

هناك تقريبا 35 قتيل وعشرات الجرحى في الهجوم لسلاح الجو في رفح. كل ذلك من اجل تصفية اثنين من نشطاء حماس. في الجيش اعلنوا أن التصفية نجحت، وحتى أكثر مما كان متوقعا. لقد قمنا بالقضاء عليهما، وعلى جيرانهم، وحسب التقارير ايضا أبناء جيرانهم. 35 رجل وامرأة وطفل قتلوا في هذا الهجوم. واذا كانت التقارير صحيحة فهم كانوا يوجدون في منطقة أعلنا عنها بأنها آمنة ولا حاجة لاخلائها. لقد قتلوا بسبب النار التي اشتعلت بالخيام. كثيرون ماتوا لأنه لا توجد مستشفيات أو عيادات في المنطقة يمكن أن تقدم العلاج لهم. مأساة متدحرجة من النوع الذي كل من له عيون في رأسه كان يمكنه تخيلها. عمليا، مأساة توقعها كثيرون وحذروا منها.

هذا حدث، ضمن امور اخرى، لأن لا أحد لدينا يتجرأ حتى على التطرق لهذه الكارثة. من غير الصحيح سياسيا التحدث عن دماء الفلسطينيين، وبالتأكيد ليس عن السكان في قطاع غزة، ولا سيما بعد المذبحة الفظيعة في 7 اكتوبر، لذلك، هم يتجاهلون، ولم يقتل بشر. يمكن ايضا عدم التجاهل، اذا رغبنا، والتحدث عن الهجوم هناك كـ “ضرر اعلامي”. اذا كنتم في عمق اليمين يمكنكم ايضا الاحتفال بهذا الموت، مثل يانون ميغل ونافا درومي، اللذان بالنسبة لهما الناس الذين احترقوا هم طريقة اخرى للاحتفال بعيد “لاغ بعومر”.

يجب على أحد هنا البدء بتقديم اجابة سريعة. هل الجيش هاجم بشكل متعمد منطقة يمكن أن تكون منطقة آمنة؟ الى أي مستوى كان مهم هدف الهجوم، الذي تصفيته تبرر قتل 35 شخص؟ هل ستكون عقوبة بالحد الادنى ضد الاشخاص الذين يحتفلون في الشبكات الاجتماعية بموت الاطفال؟. ربما هذه الكلمات تضيع في الحكومة. ربما أن قلوبكم اصبحت قاسية تجاه دماء المدنيين. والغضب والدماء أخذت منكم جزء اساسي مما يجعلنا من بني البشر. ولكن اذا كان هذا هو ما حدث فاسمحوا لنا بالتحدث معكم باللغة الوحيدة التي تفهمونها، لغة المصالح.

إن تفجير اطفال وقتلهم في منطقة اعتبرتموها منطقة آمنة، بعد دقيقة على مناقشة موضوعكم في محكمة العدل الدولية في لاهاي، ليس هو الوصفة المؤكدة لهزيمة حماس. الامر اصبح يتعلق بوصفة ممتازة لتصفية بقايا الشرعية الدولية القليلة لاستمرار الحرب. عيناب تسينغاوغر، والدة الجندي المخطوف متان، لاحظت ذلك قبل فترة طويلة قبل جميع الجنرالات، وحذرت بأنه اذا استمرت الحرب بهذا الشكل فان العالم في نهاية المطاف سيجبرنا على وقفها دون اعادة المخطوفين. انظروا حولكم وقولوا إنها لم تكن محقة. هي محقة، ضمن امور اخرى، بالضبط لأننا نسمح بمثل هذه الهجمات في اوساط المدنيين ولا نعرف ما هي المشكلة.

عندما سيضطرنا العالم الى وقف الحرب، من خلال فرض العقوبات وعدم التزويد بالسلاح والمشنقة الاقتصادية، فان اشخاص مثل نتنياهو سيقولون لقد كنا على بعد خطوة من النصر المطلق، لكن اللاساميين في العالم لم يسمحوا لنا بذلك. عندها يجدر القول وعلى الفور: اذا كانت خططك الاستراتيجية لا تأخذ في الحسبان شرعية اسرائيل الدولية فهي لا تساوي أي شيء، هي مجرد وهم مضحك. من لا يدرك أن القتال في مخيم لاجئين مكتظ هو احتكاك محتم مع السكان المدنيين وتعريض النتائج للخطر مثلما حدث في قصف رفح، لا يجب أن يكون رئيس حكومة، لأننا وبحق كنا في هذه الحملة اكثر من مرة وكل عاقل يعرف أن السؤال ليس هل، بل متى.

لا يوجد نصر مطلق، هذا يجب أن يكون واضح. نحن في نهاية الاعتماد الدولي. نتحرك على رائحة الوقود. أي كارثة كهذه، يجب على امثال يانون ميغل ونافا درومي الذين يحتفلون حولها، تقربنا اكثر فأكثر مما توقعته سانغكاوغر – وقف القتال وما زال المخطوفين في غزة، واسرائيل ضعيفة وفقيرة أكثر ومحاطة بالاعداء.

يوجد في غزة بشر، اطفال ونساء ورجال ابرياء. يوجد في غزة ايضا مخطوفين اسرائيليين. واذا رغبنا في تحقيق شيء يشبه النصر فيجب أولا البدء في التعامل مع حياة هؤلاء بخوف مقدس. يجب اعادة المخطوفين في صفقة الآن. وتعيين لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 اكتوبر وسيرورة هذه الحرب ووقفها. وإلا فانه وبحق كل ما سنحصل عليه، بعد كل الدماء التي سفكت، هو نصر لحماس.

في هذه الاثناء يبدو أن هذا هو بالضبط ما يريده بيبي.

——————————————–

معهد بحوث الأمن القومي (INSS): 28/5/2024

يمكن إخضاع حماس

بقلم: اودي ديكل

يؤكد البعض، وبقوة، أن حماس لا يمكن إخضاعها. ومن الصعب بالفعل القضاء على تنظيم مثل حماس، الذي يقوم على أساس حركي اجتماعي، ويتبنى إيديولوجية دينية قومية متطرفة، وله ذراع عسكرية مسلحة. لكن من الممكن تقليص نفوذ حماس بشكل كبير بين الجمهور الذي تدعي أنها تمثله وتقوده، وذلك من خلال إلغاء “سلطة النفوذ” و”الفيتو” التي كانت تتمتع بها وما زالت تحتفظ بها.

ولهذا يتطلب الأمر ستة جهود مشتركة:

الجهد العسكري: استمرار التفكيك العملياتي للذراع العسكري لحركة حماس. ومن الضروري المثابرة على الجهد العسكري لفترة طويلة، حتى بعد انتهاء الحرب رسمياً، لضمان عدم قيام التنظيم ونموه من جديد مع استعادة قوته العسكرية. والغرض من الحملة المستمرة هو منع حماس من القدرة على نسف التحركات السياسية والمدنية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في قطاع غزة والساحة الفلسطينية بشكل عام بعد الحرب.

الجهد المدني: حيثما أمكن، يجب إطلاق عمليات تهدف إلى تحقيق الاستقرار وإعادة تأهيل القطاع، مع تحييد نفوذ حماس. لم يعد هناك أي احتمال لتأجيل الجهود والسعي لتحديد وتحديد كيان سيكون مسؤولاً عن السيطرة المدنية والنظام العام، والذي سينفذ العمليات مع منع التدخل والتورط من جانب حماس. على سبيل المثال، لا يزال بإمكان إسرائيل تحقيق الاستقرار في شمال قطاع غزة، والسماح للسلطات المحلية بالعمل مع إزالة المسؤولين المرتبطين بحماس، وإرسال إشارة إلى سكان المنطقة بأنهم يستطيعون العودة وإعادة التأهيل دون خوف من المنظمة.

جهد سياسي: يجب تشكيل فريق عمل مع الولايات المتحدة والدول العربية البراغماتية، هدفه إحياء السلطة الفلسطينية وإصلاحها، ومساعدتها على فرض سيطرة مدنية على القطاع. ومن أجل كسب دعم سكان قطاع غزة، يجب على السلطة أن تعود إلى هذه المنطقة بدعم ومساندة واسعة من الدول العربية والمجتمع الدولي، وهو ما سينعكس، من بين أمور أخرى، في حزمة إعادة تأهيل لقطاع غزة. السكان. ومع ذلك، فمن الضروري تجنب المحاولات المبكرة لترويج مبادرات بعيدة المدى، مثل إنشاء دولة فلسطينية. ولن تصبح مثل هذه المبادرات ممكنة إلا بعد أن تنقطع العلاقة بين 7 تشرين الأول (أكتوبر) وقيام الدولة الفلسطينية، وبعد أن تثبت السلطة الإصلاحية أنها قادرة بالفعل على إدارة الدولة.

التكامل والتعاون مع الدول العربية المعتدلة: المحرك الذي سيقود هذه الخطوة هو التطبيع بين السعودية وإسرائيل بمشاركة أميركية فاعلة. ولم تنقلب بنية القوى الإقليمية بعد، فكل الدول التي وقعت اتفاقيات سلام أو تطبيع مع إسرائيل تلتزم بالعلاقات بين الدول. رغم تآكل أصول إسرائيل. لكن، ومن أجل حشد دعمها ومشاركتها في إقامة نظام فلسطيني مصلح ومعتدل وترميم الآثار في قطاع غزة، فإن إسرائيل مطالبة بدعم مبادرة الرئيس جو بايدن لتغيير البنية الإقليمية، والتي تتضمن أربعة مسارات:

(1) إنشاء تحالف أمني موسع مع المملكة العربية السعودية، والذي سيشمل أيضًا التطبيع بين إسرائيل وإسرائيل؛

(2) مبادرة تقودها الولايات المتحدة لإطلاق عملية سياسية، نحو إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي لن تشكل تهديدا أمنيا لإسرائيل، وبشرط أن يكون نظام تحسين مؤسسات المراقبة وآلياتها الأمنية بشكل شامل؛

(3) تشكيل نظام إقليمي بقيادة الولايات المتحدة للحد من النفوذ الإيراني السلبي في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛

(4) إنشاء ممر اقتصادي من الهند إلى الخليج العربي ومن هناك إلى البحر الأبيض المتوسط، مما سيعزز الازدهار والازدهار الاقتصادي لجميع الدول البراغماتية في المنطقة.

الجهد الإنساني: توسيع المساعدات لسكان قطاع غزة، مع تحييد قدرة حماس على السيطرة على المساعدات وتوزيعها حسب مصالحها. ويجب أن تتحقق فكرة إنشاء “جزر” إنسانية، حيث سيتم نقل المساعدات الإنسانية إليها تحت الأمن الإسرائيلي، وإيصالها إلى سكان قطاع غزة. ومن أجل استعادة الشرعية الدولية، يتعين على إسرائيل أن تثبت أنها لا تعاقب سكان قطاع غزة، بل تركز على تفكيك حماس.

جهد ذهني: لتحييد تأثير حماس على سكان قطاع غزة – لا خوف ولا أمل – لا بد من إحباط أي فكرة لدمج حماس في نظام الحكم الفلسطيني ومنع تنظيمها وفقا لها نموذج حزب الله – نفوذ سياسي يعتمد على قوة ميليشيا عسكرية مستقلة، مما يقوض قدرة السلطة الفلسطينية على الاحتفاظ باحتكار السلطة وتحقيق رؤية الرئيس محمود عباس – “سلطة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”.

وحتى لو قامت فلول حماس من وقت لآخر بتشغيل خلايا إرهابية، فلا يزال من الممكن جعلها عاملا بلا تأثير في الساحة الفلسطينية إذا عرفنا كيفية استخدام كل الجهود المفصلة أعلاه كمجموعة متماسكة ومتزامنة.

——————————————–

معاريف 28/5/2024

لنوقف النار

بقلم: آنا برسكي

شارك عضو كابنت الحرب، الوزير غادي آيزنكوت أمس في بحث سري في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست. بشكل غير معتاد للغاية لم يقاطع أحد أقوال آيزنكوت ومر البحث بلا مقاطعات، أو مواجهات وانتقادات.

ايزنكوت قال “ينبغي أن نحدد كهدف إنهاء القتال في رفح، نتقدم إلى صفقة مخطوفين – ونوقف النار لما يتطلبه الامر من وقت”، و”حماس تجدد قوتها، القتال سيتواصل سنوات طويلة”.

وهاجم آيزنكوت كابنت السياسي الأمني وقال: “هم لا يؤدون مهمتهم. حصل لي أن شاركت في جلسات كابنت على مدى أكثر من عشرين سنة. لم يسبق أن كانت سياسة حزبين في هذا المحفل. اليوم يأتي إلى الكابنت وزراء وأعضاء إضافيين، يرافقهم أناس آخرون وفي النهاية ينحشرون حتى 70 مشاركة في المداولات. كله سياسة حزبية ومعظم ما يقال يسرب في البث الحي والمباشر تقريبا”.

بالنسبة للحرب في الشمال يعتقد آيزنكوت بأنه يجب استنفاد الإجراءات الدبلوماسية ومحاولة الوصول إلى قرار، يشبه قرار 1701 محسن. “لا يكفي جنود الأمم المتحدة الذين كانوا هناك قبل ذلك”، قال. “يجب أن تكون هناك قوة جدية جدا. في منطقة 200 قرية شيعية، مطلوب بالتالي قوة دولية قوية ومدربة أمنيا. إذا فشل الجهد الدبلوماسي يجب الأخذ بالحسبان خيار عملية عسكرية إسرائيلية مبادرة في الشمال”.

آيزنكوت قال المبادرات التي تطرح مؤخرا، مثل حكم عسكري في غزة أو سيطرة إسرائيلية عسكرية في لبنان، يوجد إجماع واسع على أن الأفكار آنفة الذكر ليست قابلة للتنفيذ – لا سيطرة أمنية في لبنان ولا نظام إسرائيلي عسكري في غزة.

——————————————–

إعلام إسرائيلي: سندفع جميعنا ثمن إخفاقات سموتريتش وغالانت في التفاهم

صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية تتحدث عن عدم قدرة وزيري المالية والأمن في حكومة الاحتلال على النقاش والتوصل إلى “اتفاقات لصالح أمن إسرائيل”، وتؤكد أنّ الجميع في “إسرائيل” سيدفع ثمن إخفاقهما.

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الثلاثاء، أنّ وزير المالية في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن، يوآف غالانت، “غير قادرين على النقاش والتوصل إلى اتفاقات لصالح أمن إسرائيل”.

وقال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “إسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، إنّ سموتريتش وغالانت “لم يخترعا الشجارات بين وزارتي المالية والأمن”، مشيراً إلى أنّ التاريخ مليء بالوزراء والمسؤولين الذين تشاجروا فيما بينهم في كلتا الوزارتين، مُضيفاً أنّ ذلك كان “أحياناً بصوتٍ عالٍ وأحياناً في غرفٍ مغلقة”.

وأوضح ليمور أنّ “الميزانيات الضخمة لطالما كانت في قلب السجال، وخاصة الرغبة في السيطرة: أراد كل وزير أن يكون هو الذي يقرر”.

لكن، بحسب ما تابع، فإنّ “كل هذا حدث في وقت السلم”، مشيراً إلى أنّ “ما يحدث اليوم غير عادي وخطير لأنه يحدث في زمن الحرب”.

وأردف بأنّ “فكرة أنّ هذين الوزيرين غير قادرين على الجلوس معاً والاتفاق، من أجل الأمن القومي، ليست أقل من مرعبة”، مؤكداً أنّ “عواقب هذا الإخفاق مصيرية على المدى القصير والمتوسط والطويل”.

عواقب الإخفاق

وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أنّ “على المدى القصير، مطلوب من الجيش الإسرائيلي تقنين المخزون وقطع الغيار، خوفاً من نفادها وعدم وجود مكان لسد الفجوة في الاحتياجات المستقبلية (على سبيل المثال، لحربٍ في الشمال)”.

أما على المدى المتوسط، فستتضرر أنظمة الإنتاج في “إسرائيل” والخارج، ونتيجةً لذلك، سيتم تسريح موظفين وفقدان مراكز المعرفة. وعلى المدى الطويل، سيؤدي الضرر الذي يلحق بالاتصالات الحرجة إلى تأخير وصول منصات حيوية،  وخاصة طائرات مقاتلة ومروحيات، بحسب ليمور.

ووفق ليمور، يتفاقم هذا الإخفاق بسبب الوضع الاستراتيجي الإشكالي لـ”إسرائيل”، موضحاً أنّ العزلة الدبلوماسية المتفاقمة الناجمة عن سوء إدارة الحرب في غزة تعني أنّ “إسرائيل” يمكن أن تعتمد بشكلٍ أقل فأقل على الدول الأجنبية لتوريد الوسائل القتالية والمكونات الحيوية للإنتاج في “إسرائيل”.

ولفت إلى أنّ الرغبة في الاعتماد على المنتجات الإسرائيلية في المستقبل أمرٌ مرحب به، لكن جدواه جزئية فقط، وسيتطلب تحقيقه سنوات واستثمارات ضخمة.

في غضون ذلك، تعتمد “إسرائيل” على أجانب – وخاصة الأميركيين – الذين يعززون “الجيش” الإسرائيلي بأفضل الوسائل والذخائر من أموال دافع الضرائب الأميركي، وفق ما أكد ليمور.

للاستثمار في تسليحٍ إسرائيلي

ولفت المحلل الإسرائيلي إلى أنّ في الحال هذه، كان من المتوقع أن تنفذ الحكومة الإسرائيلية عمليتين سريعتين. الأولى هي توقيع أكبر عدد ممكن من الصفقات الاستراتيجية مع الأميركيين، من أجل ضمان حصولها في أقرب وقت ممكن على الوسائل القتالية التي تحتاجها لوجودها.

أما الثانية، فهي الاستثمار قدر الإمكان في أكبر عددٍ ممكن من خطوط الإنتاج الجديدة في “إسرائيل”، من أجل توفير ما يحتاجه “الجيش” الإسرائيلي وتقليل الاعتماد تدريجياً على الأجانب.

لكن بحسب ما تابع، فإنّ “الأنا والكرامة تمنعان هاتين العمليتين من التحقق”، لافتاً إلى أنه “يجب ألا يعني الإسرائيلي من هو المسؤول: هناك حكومة، وهناك شخص يرأس الحكومة، ومن وظيفته التأكد من أنّ الوزراء لا يتشاجرون بل يقررون، وإذا كانوا غير قادرين على اتخاذ القرار بأنفسهم، فعليه أن يقرر بدلاً منهم”.

هذا ما يجب أن يفعله أي قائد يفهم أهمية التأخير لعدة سنوات في وصول سرب استراتيجي، أو الحاجة الماسة إلى زيادة عدد الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديدية، وفق ليمور.

“الأنا” وحب السيطرة

وأردف بالقول: “لسوء الحظ، هذا لا يحدث، لذلك نحن بحاجة إلى الوزراء أنفسهم. لا يخلو غالانت من أمور الأنا، وإصغاؤه لآراء مختلفة عن آرائه يقترب من الحد الأدنى، لكنه الجانب الأقل إشكالية في هذه القصة”.

وأوضح أنّ “في مواجهته وزيراً لا يميّز بين طائرة ومروحية أو بين قذيفة هاون ومدفع، بل يدّعي تحديد ما يحتاجه الجيش الإسرائيلي اليوم ولعشرات السنين القادمة”.

وأشار ليمور إلى أنّ “حجة سموتريتش بأنّ الجيش الإسرائيلي فشل في 7 أكتوبر، وبالتالي فهو غير كفؤ لتحديد احتياجاته الخاصة، كانت تستحق المناقشة لو لم يكن هو نفسه عضواً بارزاً في حكومة هي شريكة كاملة في الفشل نفسه بالضبط، مما يعني أنّ عدم الكفاءة يبدأ عنده”.

كذلك، لفت المحلل الإسرائيلي إلى أنّ هناك عشرة ملايين خبير في شؤون الأمن في “إسرائيل”، لكن القليل منهم فقط يفهمون في الأمن القومي، وأقل من ذلك يفهمون عمليات الشراء والتسلح على المستوى الكلي.

ووفق ما تابع، فإنّ سموتريتش “ليس واحداً منهم، ولا أي شخص آخر في قيادة المالية. ما يريدونه هناك هو ما أرادوه دائماً هناك: السيطرة. هذه هي القصة. وحقيقة أنهم يفعلون ذلك في زمن حرب ليست أقل من مرعبة”.

ولفت ليمور إلى أنّ “لسوء الحظ، فقط القلة الذين يفهمون في الأمن يفهمون أيضاً الآثار المترتبة على هذا الإخفاق”، مضيفاً: “لأجل الذين ليسوا كذلك، بمن فيهم وزير المالية، دعنا نقول إنّ الثمن سندفعه كلنا: في الأمن الذي سيتم منحه لنا اليوم وفي المستقبل، ولأولئك  الذين سيكونون أقل حظاً منّا في حياتنا”.

——————انتهت النشرة—————-