بقلم: ايهود براك: نحن في حالة طواريء، يجب فرض حصار على الكنيست الى حين إسقاط الحكومة

 

اسرائيل توجد الآن في ذروة ازمة متدحرجة ومتطورة وبعيدة عن الانتهاء، التي هي الاكثر خطورة في تاريخها. الازمة بدأت في 7 اكتوبر بالفشل الاكثر فظاعة في تاريخ الدولة، وهي مستمرة في الحرب التي تبدو، رغم شجاعة وتضحية الجنود، كالحرب الاكثر فشلا في تاريخنا، نتيجة الشلل الاستراتيجي في القمة.

نحن نقف امام قرار حاسم صعب، بين بدائل سيئة في موضوع استمرار القتال في غزة، توسيع العملية امام حزب الله في الشمال، المخاطرة بحرب شاملة متعددة الساحات تشمل ايران واذرعها، وكل ذلك حيث في الخلفية يستمر الانقلاب النظامي الذي يسعى نحو الديكتاتورية الدينية العنصرية، المتطرفة والقومية، والمسيحانية الظلامية. الازمة تقتضي تجنيد كل ما هو جيد وقوي وناجع في داخلنا من اجل العودة الى مسار القوة والنمو والتنور والامل، الذي سارت فيه اسرائيل في معظم سنواتها. هذا هو الانتصار الحقيقي.

في هذه النقطة المحددة زمنيا لا يوجد أي مجال للخطأ. مطلوب رؤية شجاعة ومباشرة الى ما حدث ولماذا حدث، ومطلوب التصميم على الاصلاح وبسرعة حتى امام المعارضة والتحفظات. هذا يحتاج الى اتخاذ القرارات والشجاعة والافعال، سواء من قيادة المعارضة ومن اعضاء شجعان واقوياء في الائتلاف، وايضا منا جميعا، نحن جمهور المدنيين. هذا حالة طواريء حقيقية. جوهر الكارثة لدينا هو بالتحديد أنه في وقت الكارثة اسرائيل تقودها حكومة ورئيس حكومة غير مؤهلين بشكل واضح لتولي مناصبهم. المسؤولون عما حدث في 7 اكتوبر، والمسؤولون عن ادارة الحرب الفاشلة في غزة، غير مؤهلين لادارة اسرائيل وايصالها الى الفصل الجديد الذي اخطاره اكبر. الربان الذي اغرق سفينتين واحدة تلو الاخرى، محظور وضع دفة السفينة الثالثة والاخيرة في يده.

اذا بقيت حكومة الفشل والثكل هذه على حالها فيمكن أن نجد انفسنا خلال اشهر، أو حتى خلال اسابيع، عالقين عميقا في “وحدة الساحات”، حلم قاسم سليماني الغض، هذا في حين أن اسرائيل معزولة ولها نزاع مع الولايات المتحدة، الدولة الوحيدة التي توفر لنا السلاح والدعم الدبلوماسي الناجع، فاننا مهددين باصدار أوامر دولية في لاهاي، وعدد من الدول التي تسعى الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية حتى بدون مفاوضات مع اسرائيل. هذا الدمج يخلق خطر قريب ومؤكد على أمن الدولة ومستقبلها، الذي يضاف اليه الخطر على مستقبلها كدولة ديمقراطية.

الامر الذي نحتاجه الآن هو صفقة فورية لاعادة المخطوفين، حتى بثمن التعهد بوقف الحرب. تهدئة الوضع في الجنوب وفي الشمال بتسوية سياسية، حتى لو مؤقتة، بوساطة امريكية. اعادة المخلين من بلدات الغلاف وبلدات الشمال الى بيوتهم، تجديد الاحتياط ونهوض الجيش الاسرائيلي واعادة الاقتصاد الى النشاط. اذا نجحنا في استئناف العلاقات الحميمة مع الادارة الامريكية فان هذا الامر يمكن أن يدفع قدما بالتطبيع مع السعودية وبلورة قوة عربية تدخل الى القطاع بدلا من الجيش الاسرائيلي، وتدعم اعادة السيطرة المدنية التي في اساسها توجد جهة فلسطينية ليست حماس. كل ذلك اضافة الى جهود وقف اوامر التسليم من لاهاي، والخروج من العزلة الدولية. بكلمات اخرى، “نعم ولكن” لبايدن، و”لا” كبيرة لايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

لكل من يتساءل عن كيفية وقف الحرب قبل “النصر المطلق” فان الجواب هو “نحن بعيدون عن النهاية في غزة، سبعة اشهر حسب رئيس هيئة الامن القومي تساحي هنغبي وسنوات حسب بني غانتس. هذا ليس خطوة. حتى ذلك الوقت سيعود المخطوفون في توابيت أو أن مصيرهم سيكون مثل مصير رون اراد. مع الاخذ في الحسبان هذه المعطيات فان اهمالهم لسنوات يعني تفكك الاساس الاخلاقي للمجتمع والدولة. واضيف فقط بأن “النصر المطلق” هو شعار فارغ منذ البداية. فبالادارة الفاشلة لنتنياهو نحن اقرب الى “الفشل المطلق”. وبخصوص وقف الحرب بالتزام دولي يجب التذكر بأنه اذا حماس أو حزب الله قاموا بتهديد اسرائيل بعد نصف سنة أو بعد سنة ونصف بشكل يقتضي العمل، فيمكن لحكومة سيادية في اسرائيل أن تقرر العمل رغم الالتزام. هذا يسري على أي رئيس حكومة في المستقبل، وبالتأكيد على نتنياهو الذي خرق مرات كثيرة الالتزامات السياسية والدولية.

سيكون هناك من سيقولون لماذا بالذات يجب علينا العمل. وأنا أقول لهم “الامور السيئة تحدث عندما يصمت الاشخاص الجيدون”. آخرون في مواقع تأثير سيصعبون الامر ويقولون: هل حقا حان الوقت للعمل؟ وأنا اقتبس دانتي واقول لهم: “المكان الاكثر سخونة في جهنم محفوظ لمن اختاروا الوقوف جانبا عندما كان مطلوب القيام بحسم أخلاقي”.

إن عدم النجاح في اسقاط هذه الحكومة ورئيسها بشكل مبكر، يعرض للخطر مستقبل واستمرار وجود دولة اسرائيل. لقد حان الوقت للعمل، لن يوجد وقت صحيح مثله. ونحن لن نغفر لانفسنا والاجيال القادمة لن تغفر لنا اذا مشينا بعيون مفتوحة، ولكن مصابين بالعمى، نحو الهاوية الاخلاقية والتهديد الوجودي الذي يوجد أمامنا. المقاتلون الحالمون في الاجيال السابقة، قادة وجنود الجيش الاسرائيلي الآن، ينتظرون منا النهوض والعمل، هذا الامر في أيدينا، نحن علينا معرفة كيفية العمل. اجل، ستكون ارادة.