الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 

 

يديعوت أحرونوت 14/6/2024

إسرائيل لا تحتاج لجنة تحقيق «زائدة»

بقلم: البروفيسور رون شبيرا

عميد المركز الأكاديمي بيريس

لجنة تحقيق في احداث 7 أكتوبر هي لجنة لا داعي لها على الاطلاق، وبالتأكيد اذا كانت لجنة برئاسة قاضٍ متقاعد على نمط لجان اغرانات، كوهن، لنداو، شمغر وفينوغراد. فالجوانب العسكرية التكتيكية والتشغيلية على الجهات المهنية ان تدرسها ومخزون المناصب يجب استبداله بالتأكيد، لكن لجنة تحقيق لن تقدم في شيء هذه الأعمال بل ربما فقط ستعيقها. الاستنتاجات الأهم، السياسية والاستراتيجية – بعضها مفهوم من تلقاء ذاته وما يتبقى منها ستعالج على مدى عشرات السنين من قبل الجمهور الغفير والباحثين المتعمقين من مختلف المدارس والمنطلقات المتعارضة.

بين الاستنتاجات التي أنشأها الواقع بنفسه، دون حاجة الى تحقيق خاص، يبرز الاستنتاج الذي يرفض فكرة الاحتواء هادئ الروح لكيانات إرهابية مجاورة ونشطة معظم سكانها يدعون الى إبادة دولة إسرائيل.

ففي العقود الأخيرة تمسكت بهذه الفكرة كل قيادتنا السياسية والأمنية تقريبا، وبنيامين نتنياهو على رأسها: أناس الائتلاف والمعارضة، وزراء دفاع، رؤساء اركان على اجيالهم، هيئات استخبارات وتقويم وطني. ولاجل النزاهة مع زعمائنا ينبغي الاعتراف بأن معظمنا أيضا، نحن المواطنين المصوتين في الانتخابات، قبلنا ضمناً هذا الفكر. لعل الأعداء محبون للسلام في خفاء قلوبهم وفقط قيادة سيئة او قوى عظمى بعيدة تشوش عقولهم، ولعلهم سيتعبون ويرقون، وفي كل حال يمكن حالياً إدارة المخاطر باعتدال، صد الهجمات وتأجيل النهاية. الآراء تبلورت بصدق، ببراءة وبإجماع واسع لكنها كانت مغلوطة.

من هو مستعد لن يدفع حقائق جديدة تغير رأيه على الأقل حين تلطم وجهه بقوة، يضطر لأن يعترف بان مؤسسات القيادة السياسية والعسكرية تحتاج الى تغيير فكري وان الأشخاص المناسبين لتنفيذه لا يتواجدون في قيادة المؤسسات عند ظهور الخلل او قبله. جنرالات متقاعدون وسياسيون قدامى هم مصدر المشكلة وليس الحل. لجنة تحقيق لن تدفع قدما بهذا الفهم الذي هو منذ الان حاضر جدا وبالتأكيد ليس تطبيقه الصعب والمعقد.

ولئن كان احد ما ليس أهلا بالتأكيد لقيادة مهمة التحقيق هذه، فهم القضاة. القضاة هم خبراء في تفسير نصوص عادية وهم “أناس أذكياء وفهيمون ويعرفون الناس”، لكن تأهيلهم بعيد عن أن يسمح لهم بان ينزلوا الى أعماق مسائل تكنولوجية او استراتيجية. لا اعرف من منهم يعرف كنز الكلمات ذات الصلة او القواعد الأساس لادارة المخاطر. مثل الحاخامين الذين يعطون نصائح في شؤون الطلب، الاعمال التجارية او الدبلوماسية. يغطون على الجهل بشكل جزئي بمعونة خبرة حياة وذكاء طبيعي انطلاقا من جهد للنزول الى نهاية رأي خبراء تم اختيارهم بشكل عشوائي او من ذوي مصلحة. أحيانا هم يعرفون ما هو مجال الخبرات اللازم فقط استنادا الى شائعة بعيدة أو حالة سابقة تذكرهم بتلك التي امامهم. ليس لهم القدرة للتحسن في أدائهم استنادا الى تجارب سابقة لانهم يعملون تحت فرضية ان كل قرار لهم هو صحيح فقط لانهم هم الذين اصدروه.

لو كان الحديث يدور فقط وحصريا عن استيضاح مسألة المسؤولية الشخصية حسب القانون – فليكن. لكن عندما يدور الحديث عن استخلاص استنتاجات منظوماتية، أي، عن حل مشكلة إدارية، تكنولوجية واستراتيجية مركبة، فان إيداع المهمة في اياديهم يشبه التكليف بمهمة علمية، طبية أو هندسية كلَّ شيخ حكيم ومستقيم آخر، بدعوى انه “بالتأكيد يعرف كيف يختار خبراء جيدين”.

——————————————–

هآرتس 14/6/2024

حلم الـسـنوار اسـمه نتنياهـو!

بقلم: اوري مسغاف

الموغ شالوم، ايتان كارلسبورن، تال بشفلسكي ويئير لفين، قتلوا في هذا الاسبوع في رفح. بيت تم تفخيخه انهار فوقهم. كانوا في سن الـ 19 سنة عند موتهم. ستة آخرون من زملائهم اصيبوا، بينهم خمسة اصابتهم بالغة. لماذا بحق الجحيم قتل واصيب هؤلاء الأطفال؟ ما هو بحق السماء هدف الحرب الحالية في القطاع؟ من هم هؤلاء القادة في كل المستويات الذين يرسلون الجنود للانتقال من بيت الى بيت في مخيم اللاجئين الى أن يتم تفجير عبوة بهم أو يطلق عليهم صاروخ آر.بي.جي؟ ما الذي سيجدونه هناك، هل سيجدون الكتائب الاربعة الخالدة لحماس؟ هل سيجدون فتحة نفق ستكون بعدها فتحة اخرى؟ هل سيجدون النصر المطلق؟ هل الخطوة التي ستقربنا منه؟ أي حكومة تسمح لنفسها بالاستخفاف بهذه الطريقة بحياة افضل ابنائها في الصباح، وفي المساء تقوم بالتصويت على تمديد الاعفاء من الخدمة لأبناء آخرين، الذين يبدو أن دمهم أكثر حمرة؟.

اوصي بالبحث عن الاجابة على هذه الاسئلة لدى يحيى السنوار، في كل مراسلاته منذ مذبحة تشرين الاول التي نشرت في “وول ستريت جورنال”. عندنا يحبون تقزيم العدو والاستخفاف به وبقادته. بالنسبة لمعظم الاسرائيليين فان السنوار هو ايلي بينيش (ممثل اسرائيلي) مع آذان طويلة. في المستوى السياسي وصفوه منذ بداية الحرب بـ “المنقطع عن الاتصال” و”الهارب مثل الفأر من جحر الى آخر”. في الجيش الاسرائيلي نشروا فيلماً له وهو يسير في الانفاق ويحمل اكياساً بيديه. وقد عقد حول ذلك يوم بث خاص مع مقدمين متحمسين ومحللين جديين. هكذا فانه يتبين أن “المنقطع عن الاتصال” الذي يحمل الاكياس بيديه كان له التقاط جيد في هاتفه المحمول. ويجدر قراءة رسائله الصغيرة. فهم القائد الذي يوجد امامك هو أمر حيوي لدولة بالغة وعقلانية (خلافاً لدولة طفولية وخيالية). وللتذكير: عندما استبدل السادات جمال عبد الناصر في العام 1970 كانوا متفقين في اسرائيل بأن الامر يتعلق بفلاح ليست لديه قدرات قيادية أو فهم استراتيجي.

السنوار ليس السادات. من الواضح أن الحديث يدور عن شخص متخلف عقليا ومصاب بجنون العظمة ويقدس ثقافة الشهادة ولا يبالي بعشرات آلاف القتلى من أبناء شعبه، وحتى أنه يتبارك بهم، ايضا ظهر، كما كان يمكن التقدير بوضوح على الفور بعد 7 تشرين الاول، بأنه يشبّه نفسه بصلاح الدين. مرة كل ألف سنة يقوم في العالم الاسلامي قائد عسكري ويحجز لنفسه مكاناً في صفحات التاريخ بعد هزيمته الصليبيين في معركة حاسمة. مرة كان ذلك في حطين ومرة في غلاف غزة. ولكن الامر الحقيقي هو كيف يرى السنوار الامور منذ ذلك الحين. انتبهوا لما كتبه بعد دخول رفح: “الاسرائيليون يوجدون بالضبط في المكان الذي أردنا أن يكونوا فيه”.

أين أراد أن نكون؟ في الجزائر، في فيتنام، في لبنان، في حرب استنزاف ونزف دماء بطيء وثابت لجيش ثقيل ضد قوات عصابات وارهاب، داخل سكان مدنيين مكتظين، بدون هدف أو اهداف وبدون معنى؟ فقط بقوة القصور الذاتي، ومن خلال الخوف بالاعتراف بالواقع وأنه لم يعد هناك سبب لهذه القصة. مسيرة حماقة. وكلما تضاءل هذا الدافع تتضخم بالطبع الشفقة والدراما وفقدان التناسب، والأمة تتشبث بجزء من الأمل والتفاخر، وتبحث بيأس عن كل ما ضاع في الطريق: الروح، الكرامة، صلاح الطريق والمنطق. “أنا أبكي أمام التلفزيون”، كتب لي صديق بعد تحرير المخطوفين الاربعة. أنا قلت له: “ابكِ من اجل بلادنا”.

أنا رغبت في أن أبكي على ارنون زمورا. على عملية هستيرية من ناحية هامش مخاطرتها، التي كان يمكن بسهولة أن تنتهي بشكل سيئ جدا – الامر الذي اوشك على أن يحدث، وكلف قتل 270 فلسطينيا من الجو، كلف مذبحة اخرى تستخدم للتدليل على زعرنة اسرائيل. وكل ذلك في الوقت الذي توجد فيه على الطاولة صفقة، التي في اطارها كان يمكن اعادة المخطوفين الاربعة مع كل الباقين، الاحياء والاموات، وانقاذ حياة ارنون زمورا والموغ شالوم وايتان كارلسبورن وتال بشفلسكي ويئير لفين وجميع القتلى المحتملين في الاشهر القادمة، الذين سيحققون حلم السنوار الذي يسمى بنيامين نتنياهو.

——————————————–

معاريف 14/6/2024

خذوا الصفقة، ومعها الحلف الإقليمي الإستراتيجي

بقلم: متان فيلنائي

كقائد المنطقة الجنوبية سابقاً يعرف جيدا منطقة قطاع غزة وأوضاع القتال هناك، كنائب رئيس اركان سابق يعرف جيدا القدرات المهنية والقيمية لجهاز الأمن، كوزير الجبهة الداخلية يعرف جيدا مركزية صمود الجبهة الداخلية المدنية، وكرئيس حركة “قادة من اجل أمن إسرائيل” فان الوضع الحالي يدعوني لأن أقول بصوت واضح وقاطع ان صفقة المخطوفين التي على الطاولة هي الامر الصحيح الآن لدولة إسرائيل. اكثر من هذا، اذا ما تنكر رئيس وزراء إسرائيل عن قراره بضغط الدوائر السياسية، المسيحانية والمتطرفة فانه سيمس مساً حرجاً بالأمن القومي للدولة ويحقق هزيمة هدامة – امنية، سياسية، اجتماعية واقتصادية. سيقود بعيون مفتوحة الى انهيار دولة إسرائيل كدولة يهودية، ديمقراطية ومتساوية.

لقد قال بايدن بطريقته هو وضمنا ما بات الكثيرون منا يفهمونه: رئيس وزراء إسرائيل “أسير” لغرض بقائه الشخصي، سواء طواعية أو بغير طواعية، في ايدي الوزراء المسيحانيين. نتنياهو، الذي معتقده هو التضليل الكاذب، كفيل بان يتخلى عن الفرصة لنصر استراتيجي حقيقي: أولاً – إعادة كل المخطوفين التي هي قيمة عليا وإنجاز أخلاقي إسرائيلي ويهودي للأجيال، وثانيا – وجود حلف إقليمي استراتيجي وتاريخي ضد العدو الوجودي لإسرائيل – ايران. هذا الحلف كفيل بان يجلب لنا علاقات سلام مع أمن مع السعودية وامارات الخليج، يعزز علاقات السلام مع مصر والأردن ويخرجنا من غزة بشكل مضبوط ومسيطر عليه في ظل حفظ قدرة امنية على ضمان الامن المطلق لسكان الغلاف، منع الإرهاب الصادر عن غزة وخلق احتمال كحل سياسي مع السلطة الفلسطينية وانفصال عن الفلسطينيين في غزة وفي الضفة. هذا الطريق سيجلب لنا تأييدا دوليا واسعا جدا ويمنع الدخول الى نادي المنبوذين. صحيح أنه توجد مخاطر في هذا الطريق، لكن الفضائل كثيرة. اختيار الحلف الإقليمي الاستراتيجي سيمنع غرق لا جدوى منه لإسرائيل في الوحل الغزي على نمط لبنان. هكذا نمنع أيضا كارثة اقتصادية سياسية واجتماعية في ظل الحفاظ على القيم الديمقراطية لدولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.

خط واحد يربط بين التطرف وخراب البيت الثاني وبين التطرف المسيحاني لكهانا ومؤيديه، بين التنظيم السري اليهودي وبين القاتل باروخ غولدشتاين الكهاني وبين كل أولئك وبين الحركات القومجية المسيحانية اليوم، تحت اسم الصهيونية الدينية وامثالها. ان تجديد الحلم المخادع لمسيحانيي الكذب الذين يقودهم سياسيا الوزيران بن غفير وسموتريتش، بتوجيه من حاخامين مشهورين ليس سوى طموح متزمتين متأكدين من أنه يجب ضم قطاع غزة وكل مناطق السلطة، والقضاء على السلطة الفلسطينية كما يشرحه سموتريتش في خطة حسمه في 2017. رؤيا حرب جوج وماجوج، بناء الهيكل على الحرم وتطلع مسيحاني يأتي الرب تعالى اسمه لنجدتنا، الامر الذي لم ينجح كما يذكر في خراب البيت الأول والثاني.

انا وكل أعضاء حركة القادة التي نقف على رأسها نقول: فلتعلم كل أم عبرية أنها اودعت ابناءها في ايدي من هو جدير بان يقودهم عسكريا وسياسيا. فلتعلم اننا نقاتل في سبيل عدالة الطريق وليس بقاء زعماء فاشلين مستعدين لأن يبيعوا كل شيء كي يبقوا في كراسيهم، او في سبيل جنون عظمة زعماء حركات مسيحانية ترى في حرب جوج وماجوج الحل الرباني والسبيل لتحقيق دولة الشريعة من البحر وحتى نهر الأردن او ربما حتى نهر الفرات.

يجب عمل كل شيء، لكن كل شيء، لتحقيق فسحة الامل المطروحة امامنا. لقطع الطريق امام الانتحار الوطني وتحطم دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. هذه لحظة تاريخية تعرض فرصة استثنائية لتحقيق نصر يعبر عن قيمنا وجوهرنا الحقيقي.

———————————————

ماذا يخبئ لنا نتنياهو في جعبته

بقلم: د. غيرشون باسكن

إن تعليق الوزير بلينكن بأن صفقة “وقف إطلاق النار بشأن الأسرى الفلسطينيين” هي بالكامل في أيدي حماس ليس صحيحاً تماماً. وفي خطابه منذ أسبوعين، قال الرئيس بايدن إن الصفقة ستؤدي إلى نهاية الحرب. وأشار إلى أن وقف إطلاق النار الأول لمدة 6 أسابيع سيستمر حتى لو لم تكتمل المفاوضات بشأن المرحلة الثانية. وقد صرحت حماس بشكل قاطع أنه لن يكون هناك اتفاق إذا لم يكن هناك التزام واضح بإنهاء الحرب. نتنياهو لديه أعضاء في حكومته صرحوا عياناً أنه لن تكون هناك نهاية للحرب قبل تدمير حماس.

إن إنهاء الحرب من دون بديل سياسي لمن سيسيطر على غزة بعد الحرب يعني بقاء حماس في مكانها. إن الطريقة الوحيدة لتمكين بديل فلسطيني لحماس يكون راغباً وقادراً على السيطرة على غزة يتلخص في وجود خطة سياسية متماسكة مرتبطة بمسار واضح لإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة. نتنياهو بعيد عن هذا الاحتمال.

خطة نتنياهو هي البقاء في غزة، على الأقل عسكريا، لسنوات. ويرتكز تفكير نتنياهو على الأمل/الاعتقاد بأن الجيش الإسرائيلي سيعثر في نهاية المطاف على قادة حماس ويقتلهم، وخاصة الأخوين السنوار ومحمد ضيف. ويعتقد أنه بمجرد مقتل هؤلاء القادة الكبار سيتم إطلاق سراح الرهائن. إذا قتلت القوات الإسرائيلية كبار قادة حماس، فهناك احتمال كبير جداً أن يتم قتل ما تبقى من الرهائن الأحياء. على الأقل، لا ينبغي لنا أن نعتقد أن هذا الاحتمال غير معقول. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أدى الضغط العسكري الإسرائيلي بالفعل إلى مقتل عدد كبير جداً من الرهائن.

أعتقد أن البقاء في غزة عسكرياً سيؤدي حتماً إلى تجدد الاستيطان الإسرائيلي في غزة، خاصة إذا بقيت حكومة نتنياهو “اليمينية الكاملة” في مكانها. إن استمرار الوجود الإسرائيلي في غزة سيعزز حماس، وسوف ينضم مجندون جدد من الأسر الثكلى ومن الأشخاص الذين فقدوا منازلهم وأعمالهم – وهذا هو بالأساس كل شخص في غزة. إن التمرد المسلح ضد القوات الإسرائيلية في غزة سوف يستمر ويزداد. وسوف تتزايد الهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين في الضفة الغربية، بل وربما تعبر حدود الخط الأخضر إلى المجتمعات الإسرائيلية المجاورة. سوف تتصاعد الحرب في لبنان، وسيتم إطلاق العديد من صواريخ حزب الله على إسرائيل.

ألم يتسبب نتنياهو بالفعل في الكثير من الأذى والضرر لإسرائيل؟ منذ عام 2009، أقنع الإسرائيليين والعالم بإمكانية إدارة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لقد قاد الإسرائيليين والعالم إلى الاعتقاد بأن إسرائيل يمكن أن تحتل الشعب الفلسطيني وتهيمن عليه لمدة 56 عامًا ولا تزال تتمتع بالسلام. فقد مكّن الإسرائيليين من الاعتقاد بأن 18 عاماً من الحصار الاقتصادي والحصار المفروض على 2.2 مليون إنسان في غزة والذين يعانون من الفقر المدقع ونظام إسلامي متعصب من شأنه أن يسمح بالهدوء بسبب حقائب النقود التي يتم نقلها إلى غزة. لقد قاد الإسرائيليين والعالم إلى الاعتقاد بأنه حتى من دون محاولة حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تستطيع إسرائيل أن تصنع السلام مع العالم العربي بأكمله بينما تظل فلسطين تحت الاحتلال. ولم تواجه الجولات الانتخابية المتكررة في إسرائيل سوى قضية واحدة: نعم نتنياهو أو لا نتنياهو. ولم تركز الانتخابات ولو مرة واحدة على القضية الوجودية الأساسية التي تواجه إسرائيل: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

لسنوات عديدة كان الإسرائيليون يكذبون على أنفسهم. وتعرف إسرائيل نفسها بأنها دولة يهودية وديمقراطية. ومع ذلك، مع وجود أكثر من سبعة ملايين فلسطيني وسبعة ملايين يهودي إسرائيلي بين النهر والبحر، فإن إسرائيل ليست يهودية ولا ديمقراطية. في 7 أكتوبر 2023، انفجرت كل الأكاذيب والتلاعبات في وجهنا. لقد أصبحت قوات الدفاع الإسرائيلية قوة شرطة احتلال إسرائيلية، ولم يتم نشرها حتى على الحدود الجنوبية لإسرائيل مع غزة. لقد كانت عطلة نهاية أسبوع، ولكن مع ذلك، كان الجيش في الضفة الغربية لحماية المستوطنين الإسرائيليين غير الشرعيين بدلاً من الدفاع عن حدود إسرائيل. وحتى بعد كل أكاذيب نتنياهو وتلاعباته، فهو يرفض رفضا قاطعا تحمل المسؤولية. كان ينبغي لنتنياهو أن يستقيل ليلة السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وهذا ما كان ليحدث في أي دولة ديمقراطية حقيقية أخرى. لكن نتنياهو لا يشعر بالخجل، ومثل أتباع ترامب في الولايات المتحدة الأمريكية، لدى نتنياهو حشد من الأعضاء المكفوفين المنومين مغناطيسيًا الذين ينتمون إلى عبادة الشخصية مع محطاتهم التلفزيونية والإذاعية الخاصة بهم، الذين ينشرون الأخبار الكاذبة والأكاذيب والتحريض والكراهية.

الآن بعد أن ترك غانتس وحزبه الحكومة أخيرًا، ونأمل أن يفهموا تمامًا أكاذيب نتنياهو وتلاعباته، ربما سيخرج ملايين الإسرائيليين الذين بدأوا يرون واقعنا بعيون مفتوحة إلى الشوارع. وربما يستقيل كبار المفاوضين، إذا كانوا يتمتعون بالنزاهة مثل ديدي بارنيا، ورونين بار، ونيتسان ألون من قيادة المفاوضات لأنه من غير الممكن إعادة الرهائن إلى الوطن دون الالتزام بإنهاء الحرب. وحين تحدثت مع أعضاء فريق التفاوض قبل أكثر من شهر، أوضحت، حسب تقديري أنه في غياب التوصل إلى نهاية سياسية، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق مع حماس لاعادة الرهائن إلى ديارهم تكاد تكون معدومة. يعرف المفاوضون، ليس فقط لأنني أخبرتهم، أنهم يجب أن يتفاوضوا من أجل جميع الرهائن الآن وليس فقط 18 منهم. وهم يعلمون أن الحرب يجب أن تنتهي. لكن كما قالوا لي “لا يمكننا التعامل مع القضايا السياسية”. وبما أنه لا يوجد حل عسكري هنا، ولم يكن هناك حل عسكري على الإطلاق، فمن دون التعامل مع القضايا السياسية، لن تكون هناك نهاية للعبة.

ولم يفشل نتنياهو في حماية إسرائيل في 7 أكتوبر من العام الماضي فحسب بل لا يزال هو أخطر شخص على مستقبل إسرائيل. الآن، نحن الشعب، يجب أن نقف وننزل إلى الشوارع، ومن أجل مستقبلنا وبلدنا، يجب علينا إسقاط حكومتنا.

——————————————–

هآرتس / ذى ماركر 14/6/2024

انطلقوا الى المعركة، ادفعوا الضرائب..

لا تنتظروا معاملة منطقية من الحكومة الحالية

بقلم: سيون كلينغ بايل

أعضاء الكنيست من الائتلاف والوزراء جاءوا في يوم الاثنين الماضي عازمين على القيام بعملهم. عيد الاسابيع كان على الابواب، الاسبوع قصير، وبعد عملية الانقاذ البطولية لقوات الامن توجد مهمة أكبر التوضيح بأنه توجد خطوط حمراء يجب وضعها بشكل واضح أمام عيون عائلات المخطوفين، جماعات

المخطوفين القتلى في الجنوب، المخلين وكل مواطني دولة اسرائيل.

في لجنة شكاوى الجمهور، عضو الكنيست اسحق بندروس (يهدوت هتوراة) منع استر بوخشتاف، والدة ياغف الذي اختطف في نيريم ويتم احتجازه في قطاع غزة، من التحدث “انت ستقولين سياسة”، قام بمنعها قبل سماع صراخها. “هكذا هو الامر عندما تكونين أم لمخطوف تأتي من كيبوتس. اعضاء الائتلاف يعتبرونك عدوة للدولة، ولا يحسبون لك أي حساب على الاطلاق”. في موازاة ذلك في لجنة الدستور أوضح عضو الكنيست سمحا روتمان (الصهيونية الدينية) ل آيلاه ميتسغر، التي أنهت حدادها على والد زوجها يورام ميتسغر، بأنه لا توجد لديه أي نية للسماح لها بالتحدث “الطريق السوية تسبق الديمقراطية”، قال لها. درس “الطريق السوية تسبق التوراة. تقريبا هذا كان الدرس التالي بعد دروس المدنيات التي غاب عنها.

لقد أحسن صنعا وزير المالية والوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش الصهيونية الدينية)، الذي يعمل فعليا كوزير شؤون الاستيطان والمستوطنين. بعد أن فشل فى محاولة التهرب من الالتقاء بعائلات المخطوفين عن طريق تأخره في المجيء الى لجنة المالية، اعلن أنه لا ينوي السماح بعقد صفقة اعادة المخطوفين. “نحن لا يمكننا أن نكون جزءا من وقف الحرب والتحرير بالجملة للمخربين القرارات التي سنتخذها الآن ستشكل وجود الدولة لعشرات السنين القادمة. حسب تقديري لن تكون صفقة”، قال مع تجاهل أو عدم فهم حقيقة أنه بأقواله هذه وكأنهم في الواقع قالوا جميعهم لمواطني اسرائيل بأن الحكومة التي يعمل فيها كوزير كبير لا تضمن سلامتهم، وأنه اذا حدث لهم أي شيء سيء فليبحثوا عن جنسية اخرى ليعتمدوا عليها أو الصلاة من اجل موتهم. يبدو أن هذه هي الرسالة الرئيسية لحكومة نتنياهو السادسة، وهي تتسرب الى الميدان. سكان المستوطنات القريبة من الجدار يعرفون أنه اذا عادوا الى بيوتهم فان الدولة لا تضمن أمنهم ، وحكومة اسرائيل لا تلتزم بهم. من الذي سيوافق على العيش قرب الحدود مع لبنان أو الحدود مع القطاع ؟ بالتأكيد عندما يعرف أن عيون الحكومة مفتوحة فقط على الحدود الشرقية والمستوطنين القريبين منها.

من تردد للحظة على خلفية انفعال رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من عملية ارنون، ووقوفه في المستشفى لالتقاط صورة مع نوعا ارغماني، حصل على تذكير من اعضاء الائتلاف والحكومة. رئيس الحكومة يهمه المخطوفون فقط من اجل خلق صورة انتصار في الانتخابات بالطبع – بعون الله – هذا هو النصر المطلق الوحيد الذي يهمه.

وظيفة الهدف للحكومة والاحزاب الاعضاء فيها واضحة: أن تملأ الحكومة ايامها من اجل مواصلة الجلوس على صنبور الميزانيات وكل ما تبقى هو ضجة بيضاء. قانون التهرب – سيتم دفعه قدما؛ قوانين الانقلاب النظامي – يتم طبخها ؛ الميزانيات المؤسسات التعليم التي لا تعلم المواضيع الاساسية ولا تخضع للرقابة – ستصل؛ ميزانيات الأمن والاستيطان – ستصل. وماذا مع ما تبقى؟ سنقوم بالتقليص وستتم ملاءمته مع الوضع المالي للدولة. كما قلنا، نحن لم نأت كي نقلق على مستقبل دولة اسرائيل ومواطنيها. نحن هنا كي نضمن بأننا سنكون هنا في المستقبل ايضا، ومن اجل ضمان رفاهية ناخبينا. هل أنتم لن تصوتوا لليكود أو الصهيونية الدينية أو يهدوت هتوراة؟ هل أنتم تعيشون في دولة اسرائيل ولستم مستوطنين في الضفة الغربية؟ اذهبوا لتعملوا – أنتم أتباع ومرتزقة، والحكومة بحاجة الى أموال الضرائب منكم، يجب أن تذهبوا الى الحرب من اجلها ولكن لا تنسوا اذا ، لا سمح الله، حدث لكم أي شيء ولم تكن قبعة على رؤوسكم، أو كنتم من مستوطنة لم تصوت بشكل واضح لليكود ، فلا تنتظروا منهم أن يأتوا لانقاذهم أو أن يهتم بكم أحد. واذا كان بالامكان ستهتم بأن يشغل أحد ما مكانكم – الضرائب لن تدفع نفسها، وأحد ما يجب عليه حمل السلاح في الوقت الذي فيه جزء كبير من المصوتين

لأحزاب الائتلاف يقولون لانفسهم بأنهم يقتلون في تعلم التوراة.

——————————————–

يديعوت 14/6/2024

الإيرانيون على الاسيجة

بقلم: نداف ايال

اليكم الاخبار نستهلها بالموجز: ليس لإسرائيل، او الولايات المتحدة خطة مرتبة في حالة الا تكون صفقة مخطوفين. بالنسبة للامريكيين هذا واضح تماما. يوم الأربعاء أيضا، حين رفضت حماس عمليا مقترح إسرائيل/الرئيس بايدن، قال الامريكيون للسنوار وماذا بعد وعندها أعلنوا انه يوجد ما يمكن الحديث فيه. هذا موضوع ثابت في واشنطن، التعلق التام بالاتفاق مع حماس. السفير الأمريكي في إسرائيل قال لي في مقابلة معه ان الصفقة في واقع الامر هي المسار الوحيد الى الامام. البيت الأبيض يريد للنار أن تتوقف. كل ما تبقى – ثانوي. هذا ليس بالضبط سلوك امبريالي، لكن بعد أن أعطوا اسنادا على مدى نحو نصف سنة، وهو زمن اكثر بكثير مما تلقته إسرائيل من واشنطن في كل حرب أخرى في الماضي، فان للرئيس بايدن أيضا توجد اعتبارات سياسية. مشكلة حادة اكثر هي ان ليس للولايات المتحدة – حتى دون صلة بالانتخابات – أي استراتيجية بعيدة المدى للتصدي لإيران وحلفائها في المنطقة. “تحدث برقة وخذ معك عصا غليظة”، قال الرئيس تيدي روزفيلت. اما باقي الجملة فهو معروف أقل: “انت ستصل بعيدا هكذا”. الولايات المتحدة لن تصل بعيدا في الشرق الأوسط فقط مع حديث رقيق ومناشد الى صفقة، تطبيع وسلام.

بمقابل الولايات المتحدة، تتظاهر إسرائيل وكأنه توجد لها الامكانيتان: استمرار الحرب و “النصر المطلق” الذي يطل ظاهرا، حسب نهج بيبي وتساحي هنغبي أو صفقة إعادة المخطوفين. من جهة يوجد مؤيدو الصفقة ومن الجهة الأخرى رجال رئيس الوزراء نتنياهو. في اكثر من مفهوم، هذا جدال نظري. حماس نفسها تعطي الانطباع بانها ليست مستعجلة للصفقة؛ ففي هذا الأسبوع نشرت في “وول ستريت جورنال” رسائل اطلقها يحيى السنوار من مكان اختبائه. وهذه جسدت بانه يؤمن بان حماس تنتصر في الحرب وان الضحايا الفلسطينيين “سيضخون دما في عروق الامة بحيث تتسامى الى عظمة المجد والشرف”. جنون في ذروته. من اكتسب لقب “الجزار من خانيونس” لم يكسبه عبثا.

بالتوازي لا يوجد في الجانب الإسرائيلي مؤشرات على تفكير حقيقي في بديل بعيد المدى ليس الصفقة. فما هي “العصا الغليظة” خاصتنا؟ مثلا، كيف سيعرف الانتصار في قطاع غزة. هل مثل هذا الانتصار لن يعلن الا بعد تصفية السنوار وشركائه؟ وسؤال فوري أكثر: اذا كان حزب الله يواصل اطلاق النار في الشمال، وإسرائيل تخرج الى حرب أوسع، كيف سيكون ممكنا مواصلة القتال المكثف في الجنوب؟ هذا سؤال جوهري. اذا شرع الجيش الإسرائيلي في حملة مع دخول بري الى لبنان وتلقى حزب الله ضربة قاسية، فهل بعدها سيوقف نصرالله النار ويقطع الرابط بين غزة ولبنان؟

القصة كبيرة: ساحة المعركة الأساس تنتقل من الجنوب الى الشمال. وزير الدفاع غالنت هو الذي يوجه كل المنظومة لان توجه المقدرات شمالا اكثر فأكثر. هو وجهاز الامن مصممان على محاولة إعادة السكان الى الشمال، قبل بدء السنة الدراسية. هذا يستدعي محاولة عنيدة، عسكرية أو غيرها، لوقف نار حزب الله. وهاكم ثلاث إمكانيات:

إمكانية أولى، لا يستطيبها الجيش هي أن تتوقف الحرب في الجنوب، فيوقف حزب الله النار في الشمال “والهدوء يجاب بالهدوء”. او تتقرر تسوية ما هي خدعة “انسحاب قوات حزب الله لثمانية كيلومترات”. نتنياهو، على مدى الحرب تطلع الى هذا الوضع. اعرب عن مخاوف هائلة من حرب مع حزب الله بما في ذلك في محادثات اجراها بعد قرار الكابنت في 11 أكتوبر عدم شن هجوم مفاجيء على حزب الله. قرار اتخذ بخلاف موقف رئيس الأركان ووزير الدفاع غالنت. المشكلة هي انه لا يوجد أي مؤشر لوقف الحرب في الجنوب – وقف يسمح لحزب الله بالنزول عن الشجرة. يمكن الإعلان من طرف واحد عن النصر في الحرب، والانهاء. فهل هذا سيكون كافيا لنصرالله؟ ليس مؤكدا.

إمكانية ثانية، هي اتفاق في الجنوب، بما في ذلك إعادة المخطوفين واستغلال النافذة الزمنية للمبادرة الى حملة عسكرية في لبنان – تفرض تطبيق قرار 1701 وابعاد حزب الله بشكل كبير عن الحدود. في الجيش يحبون هذه الامكانية لان الصفقة ستفرغ لهم القوات من الجنوب. الاحتمالية السياسية لتحقق هذه الامكانية متدن. فمن يوقف الحرب في الجنوب لا يفعل هذا كي يبدأ بالاجمال حربا اشد في الشمال.

الامكانية الثالثة، وهي التي تبدو الأكثر معقولية هي انه لن يكون اتفاق في الجنوب لكن الحرب هناك ستنتهي عمليا. الجيش الإسرائيلي ينقل القوات والمقدرات الى الشمال ويتطلع الى حملة مركزة تضرب حزب الله بشدة وتؤدي – أملا – الى ابعاده عن الحدود. هذا تحد حاد وخلاصته في السؤال التالي: هل التسوية التي ستتحقق بعد هذه الحملة ستكون أفضل من كل تسوية محدودة اليوم. ينبغي إيضاح المعاني: في مثل هذه الحملة، سيطلق حزب الله الاف الصواريخ الثقيلة والدقيقة نسبيا في كل ارجاء الشمال، انتهاء بحيفا. وحتى عندما يلجم الطرفان إسرائيل ونصرالله، نفسيهما، ستشهد إسرائيل دمارا لم تشهده من قبل. تقدر محافل استخبارات بان ايران ستميل الى الانضمام وتهاجم إسرائيل في حرب واسعة مع حزب الله. “اذا كانت الفرضية حتى الان بان حزب الله سينضم اذا ما هاجمنا ايران، فان آخر التقديرات هو ان ايران ستنضم اذا ما هاجمت إسرائيل حزب الله عميقا. كما توجد تحديات مادية: المنشورات التي تقول ان الولايات المتحدة تواصل تأخير وصول الذخائر الى إسرائيل، الان أيضا. أفترض أن هذه قنابل لازمة للحرب في لبنان.

ارخاء الحزام

انتبهوا لما يحصل هنا، حقا: انهاء الحرب في الجنوب ليس قضية بالنسبة لكبار مسؤولي جهاز الامن. فمنذ اكثر من شهر والجيش يقول للكابنت بان هزيمة الذراع العسكري لحماس قريبة جدا. فقد فقدت المنظمة اكثر من ثلث قوتها المقاتلة، حسب تقدير الجيش نحو 15 الف من رجالها. نحو 60 في المئة من البنية التحتية العسكرية لحماس دمرت. ليس لحماس قدرة على اصدار هجوم يقترب من حجوم 7 أكتوبر. كتائب رفح على شفا التفكك. الأسبوع الماضي عملت قوات الجيش في قلب النصيرات، بكثافة وبمفاجأة، في قلب منطقة مبنية لم تتواجد فيها في الماضي؛ تجسيد للسيطرة العسكرية الإسرائيلية في ارجاء القطاع. إسرائيل حققت إنجازا تكتيكيا مبهرا، يقول مصدر امني كبير في محادثات مغلقة، “لكن لا يهم كم إنجازات تكتيكية نحقق، يجب أن يكون هدف استراتيجي واضح، والا سنواصل التنقل من نقطة الى نقطة دون حسم”.

في الجيش الإسرائيلي يعتقدون بان الإنجاز التكتيكي الممتاز للفرق في قطاع غزة يسمح لإسرائيل “بالانتقال الى مرحلة أخرى”، وفي واقع الامر لانهاء الحرب في الجنوب من خلال اتفاق لاعادة المخطوفين. المصلحة الإسرائيلية حسب جهاز الامن، مثلما هي حسب الأغلبية المطلقة في هيئة الأركان هي الاعتراف بان إسرائيل هزمت حماس، الانتقال الى مرحلة “القتال”. “في اطار صفقة، لا حاجة للتخوف من القول بوضوح: هذه نهاية الحرب”، تقول محافل امنية، “نهاية الحرب ليست نهاية القتال. المعلومات الاستخبارية ستواصل التدفق وكذا أيضا إمكانية الهجوم من الجو او البر. ستكون شرعية تامة للعمل حتى بعد نهاية الحرب اذا ما حاولت حماس العمل ضدنا. ونحن بالطبع نعرف جيدا أنهم سيحاولون ذلك”.

لا يوجد أي محفل في الساحة السياسية – يئير لبيد، بيني غانتس، يوآف غالنت وبالتأكيد بنيامين نتنياهو – مستعد لان يقول أمورا واضحة في موضوع نهاية الحرب. رئيس الوزراء نجح في تحويل هذه المسألة الى الوصية الـ 11: الحرب لن تنتهي قبل النصر المطلق الذي لا يعرفه على الاطلاق. لكن من خلف الكواليس تبدو الساحة السياسية مختلفة تماما. الموضوع هو أنها تخشى رد فعل الجمهور، تخشى بث الريح في اشرعة حماس واساسا تخاف من أن تدين آلة السم كل قول يدعو الى وجوب انهاء الحرب.

——————————————–

 هآرتس 14/6/2024

حرب في لبنان تعد بغرق في الوحل لا تغييرا في معادلة التهديد

بقلم: تسفي برئيل

“الحرب يجب أن تنتهي بهزيمة عسكرية مطلقة لحزب الله. يجب أن نضع له انذار نهائي علني كي يوقف تماما اطلاق النار وسحب كل قواته الى ما وراء نهر الليطاني، واذا لم يستجب لذلك بشكل كامل فيجب على الجيش الاسرائيلي الذهاب الى حرب دفاعية عن مستوطنات الشمال في عمق الاراضي اللبنانية، بما ذلك الدخول البري وسيطرة اسرائيل عسكريا على جنوب لبنان”، هذا ما قاله وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في تقديم رؤيته الاستراتيجية قبل شهر. سموتريتش ليس في وضع الاقلية. الشعور أنه مطلوب القيام الآن بتوجيه ضربة حاسمة “واحدة والى الابد”، تحطم حزب الله وتدمر بناه التحتية، واذا اقتضى الامر ايضا البنى التحتية في كل لبنان، وبذلك عودة سكان الجليل الى بيوتهم، آخذ في التبلور على اعتبار أنه الاستراتيجية الوحيدة التي لا مناص منها.

يكفي الاستماع الى الذين يجلسون على طاولات الحوار، التي  ملأت في العيد استوديوهات الاخبار بعد تصفية طالب عبد الله، “القائد الكبير في حزب الله”، من اجل الفهم كيف وأين ولدت هذه الاستراتيجية. بعضهم اقترحوا توجيه ضربة قاسية وسريعة تستمر لثلاثة اسابيع بدلا من المراوحة في المكان، التي تميز المواجهة المتصاعدة. آخرون ادركوا أن ضربة واحدة لن تكفي، ومثل سموتريتش قدروا أن اسرائيل ستضطر الى الاحتفاظ بـ “حزام أمني” لفترة طويلة، في حين أن غيورا آيلاند، صاحب نظرية التجويع والتدمير الشامل لغزة ساهم في التطوير الفكري الذي عرضه في السابق فيما يتعلق بحماس. آيلاند يرفض في الواقع الموقف الذي يقول بأن اسرائيل يمكنها هزيمة حزب الله، ايضا اذا اضرت به بصورة شديدة فانه يستطيع التعافي خلال فترة قصيرة. ولكن حسب قوله فان “حسن نصر الله يخشى جدا من حرب تؤدي الى تدمير دولة لبنان حيث أنه قام ببناء مكانته كوطني لبناني، ولأنه رئيس حزب يهتم ليس فقط بالطائفة الشيعية، بل بجميع مواطني لبنان. في حالة أن البنى التحتية للطاقة والمواصلات والاتصالات في لبنان سيتم تدميرها، واذا ظهر مركز بيروت مثل مركز مدينة غزة فعندها سيفهم حسن نصر الله كم هو من الافضل انهاء الحرب. من ناحية عسكرية هذه اهداف سهلة التحقق ولا تقتضي عملية برية معقدة”.

من المهم معرفة أي بنى تحتية قصد آيلاند. البنى التحتية للمواصلات في لبنان هي في الاصل مدمرة، وتزويد الكهرباء توفره المولدات الخاصة بعد افلاس شركة الكهرباء في لبنان فعليا، وبيروت تعرضت لانفجار ضخم في الميناء، ودمار شديد للمباني السكنية سيؤدي الى هجرة مئات آلاف المواطنين من الدولة أو الهرب الى الجبال. لبنان هي دولة على شفا الافلاس الرسمي، ويبدو الآن أنه لم يعد هناك أي ضرر اقتصادي يمكن الحاقه بها، ناهيك عن ضرر يمكن أن يؤثر على حزب الله.

لكن من الممتع رؤية كيف أن استراتيجيات فاسدة تحصل على التجديد. ايضا نظرية آيلاند ليست نظرية اصيلة. فقد اسمع مثلها دان حلوتس، رئيس الاركان في حرب لبنان الثانية، لكن في حينه واجه سور حصين وضعه رئيس الحكومة في حينه اهود اولمرت الذي عارض بشكل قاطع حرب ضد لبنان. في مقال نشره في آذار 2014 في موقع معهد بحوث الامن القومي بعنوان “حرب لبنان الثانية، نظرة الى الخلف”، كتب ضمن امور اخرى بأن “احد الامور الاكثر اهمية التي يجب فهمها – أنا اقول ذلك ليس فقط بأثر رجعي بخصوص الحرب في لبنان، بل ايضا من اجل أن يفكر فيها أحد ما ليس فقط في سياق ما حدث، بل ايضا في سياق ما يريد البعض أن يحدث – هو أن دولة اسرائيل هي دولة قوية مع قوة عظيمة، وتوجد لدينا ادوات دول قليلة تمتلكها، ولدينا قدرات توجد في عدد قليل من دول العالم، ولكن نحن لا نستطيع العمل بدون خلق بنية تحتية واسعة من الشرعية الدولية. من يعتقد أنه يمكن العمل بدون شرعية دولية فهو شخص ادراكه للواقع وفهم موقف ومكانة وعلاقات دولة اسرائيل معيب… ماذا كان سيحدث لو أننا هاجمنا البنى التحتية في لبنان في الفترة التي فيها العالم الغربي، في المقام الاول الولايات المتحدة والدول الاوروبية، اعتبر حكومة فؤاد السنيورة وسعد الحريري عامل توجد احتمالية للتعاون معه بصورة يمكن أن تغير الوضع، واظهر تجاهه وتجاه مستقبله قلق حقيقي؟ لو فعلنا ذلك فمن المحتمل جدا أن الحرب كانت ستنتهي خلال 48 ساعة وحزب الله كان سيستمر في اطلاق الصواريخ والتنكيل بالحدود الشمالية وتشويش روتين حياة كل سكان شمال دولة اسرائيل”.

الامور التي كتبها اولمرت في حينه تنطبق على الوضع اليوم. الحرب في غزة اثبتت كيف أن التآكل العميق في الشرعية الدولية يملي خطوات عسكرية ويغير الاستراتيجية. وذلك في الوقت الذي يوجد فيما يتعلق بغزة اتفاق دولي كاسح، بما في ذلك عربي، بأن حماس هي منظمة ارهابية يجب تدمير قدراتها العسكرية. لبنان وحزب الله يوجدان في مكان مختلف تماما. الآن حتى اسرائيل لم تعد تطالب بنزع سلاح حزب الله، بل فقط ابعاد تهديده. لبنان هو دولة سيادية، في الواقع لا تسيطر على كل اراضيها وتتم ادارتها من قبل حكومة انتقالية، لكنها تحصل على الشرعية الدولية وجيشها يحصل على مساعدات امريكية رغم أنه خاضع لتوجيهات الحكومة التي يشارك فيها حزب الله. حكومة لبنان لا يجب اقناعها من خلال الضغط العسكري للموافقة على وقف اطلاق النار. سياستها العلنية هي عدم الانجرار الى حرب شاملة، والاتفاق مع اسرائيل على ترسيم خط الحدود النهائي بين الدولتين وتنفيذ القرار 1701 الذي تم اتخاذه في الامم المتحدة في 2006 وأنهى حرب لبنان الثانية. على طاولة حكومة لبنان وحكومة اسرائيل يوجد عرضان سياسيان، فرنسي وامريكي، يتحدثان عن مراحل تنفيذ يمكن أن تثمر اتفاق لوقف طويل لاطلاق النار وتحييد على الاقل بعض ذرائع المواجهة بين الدولتين. العرضان يشملان ضمن امور اخرى انسحاب قوات حزب الله الى مسافة 10 – 15 كم عن الحدود ونشر قوة معززة لليونفيل على طول الحدود الى جانب قوات الجيش اللبناني. حزب الله ليس فقط يعرف هذه الخطط، بل هو ايضا صادق مبدئيا عليها.

العائق الرئيسي الذي يبدو في هذه الاثناء أنه لا يمكن تجاوزه هو العلاقة التي اوجدها حزب الله بين وقف النار في لبنان ووقف الحرب في غزة، أي أنه طالما لم تتوقف اسرائيل عن اطلاق النار في غزة فان حزب الله لن يتوقف عن اطلاق النار. مع ذلك، حزب الله في الواقع قال إنه طالما أن الحرب مستمرة في غزة فانه لن يكون مستعد حتى للنظر في هذه الاقتراحات، لكن هذا الموقف لا يزعج ممثل حزب الله في البرلمان محمد رعد، الذي قتل ابنه عباس في قصف لاسرائيل في تشرين الثاني الماضي، في اجراء محادثات مباشرة مع جان ايف لدريان، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي حول خطة لتعيين رئيس، وعلى الطريق ايضا حول خطة وقف اطلاق النار التي تدفع بها فرنسا قدما.

القوة المهيمنة

الى جانب الاقتراحات والنقاشات حول وقف اطلاق النار، فان سلسلة طويلة من الدول، على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وقطر والسعودية والامارات، تنشغل منذ اشهر كثيرة في جهود انقاذ لبنان من الازمة السياسية والدفع قدما بتعيين رئيس جديد بعد سنتين فيها الدولة تعمل بدون رئيس، التي فيها فقط هو الذي يستطيع تعيين رئيس الحكومة، والحكومة المستقرة يمكنها الدفع قدما بالاصلاحات الاقتصادية الحيوية. بدون ذلك لا يمكن للدولة الحصول على المساعدات بمليارات الدولارات من اجل ترميم اقتصاد لبنان. خلافا للحرب ضد حماس فان هجوم شامل على لبنان سيعتبر بالنسبة لدول عربية، من بينها الدول التي لها اتفاقات سلام مع اسرائيل، مس بدولة شقيقة مع كل نتائج ذلك السياسية المهددة. وبالنسبة للدول الغربية هذا سيكون هجوم على دولة ما زالت تعتبر مؤيدة للغرب، وعلى الاقل دولة يجب انقاذها.

يمكن للمرء التساؤل حول ما يستند اليه افتراض من يؤيدون الحرب ضد لبنان، الذين يعتقدون أن الضغط العسكري المدمر وحده هو الذي سيجبر الحكومة على املاء وقف اطلاق النار على حزب الله، أو جعل حزب الله ينزع سلاحه ويرسل رسالة اعتذار للشعب اللبناني. هذه حكومة قدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية معدومة بسبب صراعات القوة الداخلية بين القوى السياسية الرئيسية المنقسمة بين كتلة مؤيدي حزب الله التي تشمل حركة أمل الشيعية برئاسة رئيس البرلمان القوي نبيه بري، الذي يجري محادثات الوساطة ايضا مع فرنسا وامريكا باسم حزب الله، وبين الاحزاب المسيحية، منها “القوات اللبنانية” برئاسة سمير جعجع، وحزب “الكتائب” برئاسة سامي الجميل، والتيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل، وهو الحزب الذي كان حليف بحزب الله ولكن بسبب الخلافات حول تعيين الرئيس فقد اصبح خصم. في المقابل، بالتحديد الحزب الدرزي الكبير، الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي ترأسه حتى شهر حزيران 2023 الزعيم الكاريزماتي وليد جنبلاط، الذي كان معارض شديد لحسن نصر الله، يحاول في هذه الاثناء عرض خطة جديدة لتعيين رئيس بموافقة حزب الله.

في هذه الاثناء فان الطريقة والوتيرة التي تجري فيها المحادثات على تعيين الرئيس تولد الانطباع وكأنه لا توجد حرب في لبنان، وكأن عشرات آلاف المواطنين في لبنان لم يغادروا بيوتهم وآلاف دونمات الحقول لم يتم يتركها، وضجة الانفجارات توقفت عند خط الليطاني. هل هجوم واسع لاسرائيل في بيروت وتدمير المباني العامة والاضرار الشديد بالبنى التحتية يمكن أن يحدث ثورة سياسية تجعل حزب الله يستسلم ويوافق على وقف اطلاق النار خشية فقدان الذخر الاكثر اهمية بالنسبة له، السيطرة السياسية على الدولة؟ أو أن تؤدي الى عكس ذلك، تجمع حول حزب الله صفوف المعارضين له وجعله مرة اخرى “حامي لبنان الحصري”، الذي هو فقط يمكنه توفير الحماية ومواجهة العدو؟.

حزب الله في الحقيقة هو القوة السياسية التي تهيمن في لبنان، هذه القوة التي طورها بواسطة السوط العسكري الذي وفرته له القدرة على “تجنيد” وتفعيل اسرائيل للعمل ضد لبنان؛ لكن لا يوجد لحزب الله وشركائه اغلبية في لبنان، وصراعات القوة السياسية تدل مرة اخرى على أن حسن نصر الله لا يمكنه ادارة لبنان وتحقيق طموحاته السياسية بدون ائتلاف داعم. هنا يكمن ايضا الضعف الهيكلي لخصومه، الذين هم غير قادرين على الحسم خلافا لحزب الله. عدا عن الوضع في 2006 الذي كان فيه للبنان حكومة قوية يؤيدها المجتمع الدولي، فان لبنان الآن تتم ادارته من قبل حكومة ضعيفة. في العام 2006 كان يمكن لرئيس الحكومة السنيورة تقديم للامم المتحدة، بدعم من امريكا، اقتراحه لانهاء الحرب الذي شمل سبعة بنود من اجل وقف اطلاق النار، وأن يقوم بلي ذراع فرنسا، وحتى اجبار حزب الله على تبني الاقتراح خلافا لموقف ايران، الذي اصبح القرار 1701 المعروف. الآن يوجد لرئيس الحكومة في لبنان، نجيب ميقاتي، فقط صلاحية صياغة البيانات لوسائل الاعلام.

ميقاتي والحكومة في لبنان والبرلمان يدركون بشكل جيد الدمار الكبير المتوقع للبنان اذا قررت اسرائيل المهاجمة. ولكن الخلاص لا يوجد في أيديهم. في المقابل، اسرائيل وافقت في السابق على وقف اطلاق النار في غزة، وهو الوقف الذي يتعلق بوقف اطلاق النار في لبنان وابعاد التهديد. فهل هجوم شامل على لبنان سيجلب نهاية ناجحة اكثر؟.

——————————————–

هآرتس 14/6/2024

اسرائيل على شفا الفاشية: هل حقا الفاشية ستمر؟

بقلم: دافيد اوحنا وعوديد هايلبرونر

وقع اقدام الزعران الذين سيطروا على ازقة البلدة القديمة في يوم القدس في الاسبوع الماضي، ذكر بصوت خطوات كتائب الـ “اس.إي” وسنوات العشرينيات والثلاثينيات في المانيا. مثلما في ذلك الوقت، عندما كان الجنود الذين يرتدون القمصان باللون البني انقضوا بشكل عنيف على كل محل تجاري لليهود والشيوعيين، فانه الآن من يرتدون القمصان باللون الاصفر، الاتباع المجانين للزعيم الازعر مع الماضي الجنائي والذي جهاز شرطة كامل يخضع له، قاموا بضرب وركل وشتم العرب والصحفيين.

كان يصعب التمييز بين الزعران وبين ممثلي الدولة، أي جنود حرس الحدود، لأن كل واحد منهم كان له دور محدد في فرض الارهاب والذعر على سكان البلدة القديمة في الاحتفال الفاشي السنوي. شباب الصهيونية الدينية الذين يؤيدون تفوق العرق اليهودي و”الارض اليهودية” ذكروا بعنف الاوروبيين من اليمين المتطرف والفاشي، الذين كانوا يقومون بملاحقة الاشتراكيين والشيوعيين واليهود.

بعد 100 سنة تقريبا حدث انقلاب في الادوار. فالآن اليهود العنيفين في الطريق الى حائط المبكى يقومون بملاحقة ابناء قومية اخرى. وفي موازاة تعزز اليمين الراديكالي والموجة الشعبوية في اوروبا الآن فانه تتصاعد وتزدهر في اسرائيل مجموعات ما قبل الفاشية. هذه العملية تعكس توجهات عالمية وتدل على تعزز القاعدة الاجتماعية لليمين الراديكالي “ما قبل الفاشي” في اسرائيل – مجموعات فاشية جديدة (تضم بعض مصوتي الليكود الذين يسمون البيبيين)، التي تسيطر رويدا رويدا على طبقات شعبية. التطرف القومي في اوساط شريحة اجتماعية يمكن من وجود تحالف بين اليمين السياسي – الثقافي، المحافظ، وبين مجموعات تقليدية هامشية من الطبقات المتدنية ومجموعات دينية حريدية تؤيد قيم الدم والوطن اليهودي، الارض، العرق، القداسة، التضحية والموت – مناخ عنصري بكل معنى الكلمة.

في هذه المجموعات الفاشية الجديدة يكمن الخطر على مستقبل الديمقراطية في اسرائيل، لأنها تخلق ثقافة فاشية لها انوية مع امكانية كامنة اجتماعية جماهيرية. في اسرائيل تجري الآن حرب اهلية مصغرة تذكر بلحظة مشابهة في اوروبا في عشرينيات القرن الماضي. لا يوجد في هذا التحليل نوع من المقارنة الكاملة مع تلك الفترة. ولكن كما اوضح مؤخرا الكاتب السويدي كارل اوبا كناوسغورد في كتابه بعنوان “نضالي”، فان الفترة بين نهاية القرن التاسع عشر وحتى منتصف اربعينيات القرن العشرين تعتبر بأثر رجعي عصر التغييرات في المركبات الاساسية للوجود الانساني. كثيرون ارادوا العثور على اساس جديد واقامة مجتمع جديد، وقد اعتقدوا أنهم وجدوا غايتهم في الحركات الطوباوية العظيمة: النازية والشيوعية. المقارنة بين اوروبا كناوسغورد، لا سيما في أواخر جمهورية فايمار، ودول اخرى مثل فرنسا وبلجيكا ودول شرق اوروبا وبين اسرائيل نتنياهو، استهدفت استخلاص الدروس حول التشابه بين احداث وعمليات واشخاص في الماضي والحاضر.

أي أنه في اسرائيل تجري الآن حرب اهلية تذكر للحظة بالالمانية الفايمرية، وحتى باللحظة الايطالية عشية المسيرة الفاشية نحو روما. اسرائيل ليست وحدها في الازمة. فانتقاد قيم الديمقراطية والليبرالية يدوي الآن في ارجاء الغرب، ربما باستثناء بريطانيا التي دائما احسنت في اختيار نهج مدني – ليبرالي. هذا ينعكس في احداث “السترات الصفراء” في فرنسا (هناك توجد احتمالية كبيرة لأن يتم انتخاب مارين لابين كرئيسة في الانتخابات القادمة)، والانقضاض على تلة الكابيتول في واشنطن، والدعم المتزايد لحزب “بديل لالمانيا”، وانتخاب جورجا مالوني المؤيدة لموسوليني رئيسة للحكومة الايطالية، والصعود غير المسبوق في دعم الهولنديين للزعيم القومي المتطرف هارت فيلدريس. فقط في هذا الاسبوع اليمين الراديكالي عزز قوته في الانتخابات للبرلمان الاوروبي.

مثلما في اسرائيل ايضا في الدول الاوروبية يوجد ميل في جانبي المتراس على رؤية الازمات الاقتصادية – الاجتماعية كصراع على صورة المجتمع وصورة الدولة؛ صراع بين الرغبة في التغيير العميق بعد عشرات السنين من الديمقراطية – الليبرالية وبين الذين يريدون استمرار الديمقراطية القائمة.

الازمة في اسرائيل تتغذى على نتائج الانتخابات التي جرت في تشرين الثاني 2020. ولكن يجب أن تكون ساذج اكي ترى في انتصار الكتلة الدينية اليمينية السبب في الازمة في اسرائيل. ايضا هنا، مثلما في امريكا وبريطانيا ودول اخرى، فان غياب النظام يعكس عمليات عميقة اكثر –  تغييرات جيوسياسية هامة، رؤية اقتصادية – راديكالية تظهر صبح مساء، ازمة مناخ وبيئة، ظهور تقنيات متقدمة، تهديد نمط الحياة العلماني والليبرالي، النضال ضد الانظمة الفاسدة وغير الديمقراطية.

كل ذلك أخرج الجماهير في كل العالم الى الشوارع. توجد للازمة في اسرائيل مميزات فريدة، مثل المبنى المعقد للمجتمع الاسرائيلي والظل المهدد للاحتلال والخطر الايماني الذي جوهره الاقتناع بتفوق الدم والعرق اليهودي. لا شك أن كارثة 7 اكتوبر والاحتجاج ضد الشرطة هي بمثابة رد مزدوج على الفشل الذريع للجهاز السياسي والامني، وايضا استمرارا للاحتجاج من فترة اغلاقات الكورونا والمظاهرات ضد الانقلاب النظامي خلال العام 2023، كل ذلك يعكس عدم ثقة الجمهور في اسرائيل بالنظام الفاشل.

ثلاث عمليات

توجد امكانية للمقارنة بين اسرائيل واوروبا في فترة صعود الفاشية من خلال ثلاث عمليات اساسية. الاولى هي ازمة النظام في المانيا في الاعوام 1930 – 1933، وهي الازمة السياسية التي انتهت عمليا فقط عند انتهاء ديمقراطية جمهورية فايمار، التي كانت ضعيفة منذ تأسيسها. عندنا، حكومة نتنياهو المتعثرة، التي تم انتخابها بعد عدة جولات انتخابية التي ازدادت فيها قوة المساومة السياسية للمتدينين – الحريديين والقوميين المتطرفين – العنصريين في اوساط العلمانيين والمتدينين – القوميين، الذين يشملون المستوطنين والاحزاب الفاشية الجديدة. مثلما في المانيا في عهد جمهورية فايمار وفي اماكن اخرى في العالم فانه هنا ايضا جرت محاولة انقلاب قانوني، التي فشلت، لكنها عملت على تشويه التوازن والكوابح الديمقراطية بين السلطات الثلاثة. نغمة الانسجام النهائية المؤقتة هي الحرب في غزة. العملية الثانية تتعلق بالشرخ في المجتمع. في ايطاليا وفي اسبانيا وبالطبع في المانيا كان يوجد انقسام بين معسكرات سياسية متقاطبة – اليمين القومي المتطرف، الراديكالي واللاسامي من جهة، والمعسكر الاشتراكي (اس.بي.دي) والشيوعي من جهة اخرى، الذي انعكس في الحرب الاهلية، تقريبا شبه المستمرة والعنف السياسي، التي اطلق عليها رجل القانون كارل سميث “حالة طواريء” (التي تستدعي “ديكتاتور”). في حين عندنا الشرخ بين المستوطنين ومؤيديهم وبين معارضي الاحتلال، بين الحريديين المتدينين والعلمانيين، وشروخ سياسية واجتماعية اخرى.

العملية الثالثة تكشف توتر كبير بين مجتمع ليبرالي وبين قوى محافظة ويمين راديكالي. في المجتمع الايطالي عشية المسيرة نحو روما، وبالاساس في المانيا فايمر، عملت توجهات معاكسة كما يبدو. فمن جهة، التقدم، الليبرالية والحداثة. ومن جهة اخرى، الانقلاب الفاشي و”الانقلاب المحافظ” الذي أيده مفكرون ايطاليون مثل جيوفاني جنتيلا، ومفكرون المان مثل شميدت وآرنست فنغر واوزفالد شبنغلر ومارتن هايدغر وغيرهم.

اساس هذا الانقلاب كان الدمج المتناقض بين الرجعية السياسية والتقدم التكنولوجي الذي يسمى “الحداثة الرجعية”، مثل عنوان كتاب المؤرخ جيفري هيرف “كامبردج 1984″، أو “نظام العدميين”. هناك وعندنا الآن جرى ويجري صراع ضد القيم العالمية وضد المواطنة المتساوية وضد هجرة الاجانب. وفي المقابل، تمجيد الكرامة الوطنية والوحدة والتراث. من ناحية ايديولوجية تحدث الآن في اسرائيل، فوق سطح الارض وتحتها، ثورة محافظة، يتم حملها على اجنحة “البيبية” وتعتمد على “وسط كامل”، الذي مصدره مدرسة المحافظة الامريكية. وهي تستند ايضا الى حركة “اذا شئتم”، التي يعتبر رونين شوفال احد مؤسسيها، الذي تأثر بالالمان الرومانسيين الذين اعتبروا مبشرين بألمانيا النازية، والتي بني بيغن قال إنه في حملتها يوجد “مؤشر على الفاشية”، وزئيف ترنهل قال إنها “ليست اسوأ من الفاشية، بل هي فقط فاشية بقدر معين”، وبدعم من “منتدى كهيلت” الذي بادر الى قانون القومية، و”صندوق الأمل” ذي رؤية التحرر، التي طورت “الاصلاح القانوني” وتشجع الوحدة الوطنية المزيفة.

من غير الغريب أن المثقف الرائد في هذه الاوساط هو مستوطن ايديولوجي مثل ميخا غودمان، خريج مدرسة دينية والذي يتم عرضه كـ “مثقف جماهيري” معتدل، في حين أنه وراء فكرته التي تدعو الى “تقليص النزاع”، يختفي عمل مخادع لتعزيز ارض اسرائيل الكبرى.

هناك فروق بالطبع: لا يمكن فهم سقوط جمهورية فايمار بدون سياق الهزيمة في الحرب العالمية الاولى، التي نتائجها القاسية غير موجودة لدينا، حدث مثل الثورة البلشفية الذي هدد المانيا والاغتيالات السياسية و”الفرايكور” (الكتائب الحرة) والثورات العنيفة لليمين واليسار. في اسرائيل لا يوجد تضخم مدمر وازمة اقتصادية خطيرة مثلما كان في المانيا في العشرينيات. وكما كتب المؤرخ وولتر ستروبا في كتابه “نخب ضد الديمقراطية” (برينستون 1973)، فان النخب المحافظة في المانيا عارضت نظام فايمر أو كانت لامبالية بمصيره. في حين عندنا معظم النخب متماهية مع الليبرالية وتم الادعاء ضدها بأنها “تسرق الدولة بمساعدة المحكمة العليا”.

يجب التأكيد على أنه خلافا للعشرينيات في وسط اوروبا وجنوبها وشرقها فان الديمقراطية في اسرائيل قوية في هذه المرحلة، لكنها غير محصنة الى الأبد. وبالمقارنة مع الديمقراطيات في اوروبا التي سقطت في يد الفاشية والنازية في العشرينيات والثلاثينيات فان منظمات المجتمع المدني في اسرائيل والمستويات المهنية في الخدمة العامة الحكومية، مثل الجيش والقضاء والصحة والتعليم، تعمل ازاء هذه الظروف من خلال الاستقامة والاخلاص لقيم الديمقراطية، رغم أنه ظهرت شروخ في ادائها والتزامها بالديمقراطية. ولكن في بعض البؤر في المجتمع الاسرائيلي يمكن ملاحظة توجهات ما قبل فاشية وشعبوية. في المقام الاول يوجد الحزب الحاكم، الذي بعض أسسه هي ما قبل فاشية. البروفيسور مني ماوتنر قال مؤخرا إن المجموعات التي تم اضعافها والتي تشكل القاعدة غريبة عن المجتمعات الليبرالية المدنية، لأنها تبنت سياسة اقتصادية – اجتماعية نيوليبرالية، وبسبب اتفاقات “استسلام اليساريين” مع العدو، التي اوجدت العداء المرير تجاه نخب اليسار.

نتنياهو على بعد خطوة من الزعيم الفاشي

على رأس حربة الايديولوجيا القومية المتطرفة والفلسفة التاريخية التي تلزم “نيتسح يسرائيل” وترتبط بعدم الاعتراف بشرعية “العدو”، يقف زعيم شعبوي وكاريزماتي و”رجل دعاية مستبد”، بنيامين نتنياهو، الذي يوجد على بعد خطوة من أن يصبح زعيم فاشي. ليس من الغريب أن زعماء فاشيين جدد أو مستبدون شعبويون، مثل دونالد ترامب في امريكا ونارندرا مودي في الهند وفيكتور اوربان في هنغاريا، هم مجموعة مرجعيته، والتشبيه المناسب لنوعية زعامته. القاسم المشترك بين كل هؤلاء الزعماء، ضمن امور اخرى، هو السخرية السياسية. العمل السياسي الذي سيلاحق نتنياهو في الوعي التاريخي هو حاجته الى كهاني مثل ايتمار بن غفير، الفاشي بامتياز، كي يعزز حكمه. السخرية تميز ايضا ركض نتنياهو الى المستشفى من اجل زيارة امام العدسات المخطوفين الاربعة الذين تم تحريرهم على يد الجيش الاسرائيلي في يوم السبت، في حين أنه منذ يوم السبت في 7 اكتوبر لم يقم بالاتصال حتى ولو مرة واحدة مع عائلات المخطوفين.

النقاش التاريخي الحديث حول الفاشية في اوروبا في النصف الاول من القرن العشرين، لا يمكن أن يتجاهل الوضع السياسي في اسرائيل الآن. فتأسيس سلالة فاشية اسرائيلية متميزة ملطخة بالشعبية العرقية، اعتبر مؤخرا امكانية حقيقية في الخطاب السياسي والخطاب العام وفي بحوث الاكاديميا. إن صعود حكومة دينية قومية – متطرفة في اسرائيل في كانون الاول 2022، التي سرعت النقاش حول وجود أسس فاشية عنصرية في حكومة نتنياهو، وحول “الانقلاب النظامي” مع الحفاظ على غطاء ديمقراطي – كان انعطافة راديكالية في الديمقراطية في اسرائيل، التي توقفت حسب الكثيرين عن أن تكون ليبرالية.

وقد اضيف الى ذلك انضمام الاحزاب التي نقشت على رايتها رؤى عنصرية وقومية متطرفة وكراهية الاجانب والمس بحقوق الانسان والاقليات ووسائل الاعلام للحكومة، التي لديها موقف مستفز ومتحد تجاه العالم المتنور. هل هذا كاف لاعتبار النظام الحالي، سواء المجتمع أو المؤسسات في اسرائيل، هو نظام فاشي؟ في هذه الاثناء الجواب سلبي، مع التأكيد على كلمة “في هذه الاثناء”.

اذا اضفنا الى كل ذلك الاحتلال والابرتهايد الذي تتبعه اسرائيل منذ اكثر من نصف قرن في الضفة الغربية، الانتقال من الاحتلال “المؤقت” الى وضع كولونيالي دائم، الذي شرعن العملية القانونية الموجودة الآن في المحكمة الدولية في لاهاي، واذا اضفنا خصائص الاثنوقراطية، التي حسب الجغرافي السياسي اورن يفتحئيل مجموعة عرقية واحدة تسيطر على مؤسسات وموارد الدولة على حساب الاقليات وتستمر في عرض نفسها كديمقراطية (فارغة)، وبالاساس تعزز القوى الايمانية – العنصرية، عندها لن تستطيع تجاهل خطر تحقق خيار الفاشية في اسرائيل.

كيف يمكن للاسرائيليين أن يتذكروا هذه الايام شديدة البرودة، وكيف يمكنهم اجتياز النهر الهادر الذي يهدد باغراقهم؟ هل الوعي الذاتي للمواطنين القلقين من هشاشة الديمقراطية ستتم ترجمته الى سياسة؟ ما الذي سيبقى من فزع هذه الايام القاتمة؟ هل الاسرائيليون سيثورون أم أنهم سيخضعون ويتنازلون ويتصالحون؟ من يدري، ربما سيفضلون العيش في مكان آخر؟ كل ما سيبقى لنا هو التفسير بشكل صحيح فزع هذه الايام ومواصلة النضال والتمسك بالأمل والعودة وتكرار كلمات النشيد الوطني التي كانت على لسان مقاتلي الحرية أمام جنود العدو في القرن الماضي: “نو بساران (لن يمروا).

——————————————–

إسرائيل اليوم 14/6/2024

ننتظر انتهاء الحملة في رفح

بقلم: شيريت أفيتان كوهن

يقول مصدر امني انه “رغم النار المكثفة من لبنان، تبقى الاستراتيجية رفح أولا”.

على خلفية الضغط الأمريكي لاحلال الهدوء قبل الانتخابات – في إسرائيل يسمحون للإدارة باستنفاد المحاولات للوصول الى اتفاق يؤدي الى انسحاب قوات حزب الله من الحدود الشمالية، قبل أن يتخذ قرار بالعمل عسكريا بشكل واسع على الأراضي اللبنانية.

الأرض المشتعلة في الجولان، البلدات الخربة والنار الشالة على بلدات لم تخلى أيضا- لم تؤدي هذا الأسبوع أيضا الى تغيير الخطط في المستوى السياسي والأمني. في حديث مع “إسرائيل اليوم” اكد مصدر سياسي على أنه رغم النار المكثفة على إسرائيل في الأيام الأخيرة ردا على تصفية المسؤول الكبير في حزب الله، فان القرار هو انهاء الاعمال في رفح أولا قبل التفرغ لمعالجة الجبهة الشمالية. حسب التقديرات فان الحديث يدور عن سابيع معدودة قبل أن ينتقل مركز الاهتمام العسكري السياسي الى الحدود الشمالية.

خطة عمل الجيش الإسرائيلي في لبنان جاهزة لكنها لم تقر بعد في الكابنت السياسي الأمني الذي سينعقد يوم الاحد القادم. وحسب مصادر أمنية، فان النار على بلدات الشمال هو رد متوقع على تصفية المسؤول من حزب الله، لكن هذا لن يردع إسرائيل من مواصلة العمل بهذه الطريقة. وبينما تقدر تصفية المسؤولين في حزب الله هنا كعمل فاعل ينجح في ضرب حزب  الله تدعي محافل مختصة بان إسرائيل ملزمة بان تغير المعادلة في اقرب وقت ممكن.

“لغة” حزب الله

يقول البروفيسور كوبي ميخائيل، الباحث الكبير في معهد مسغاف للامن القومي ومعهد بحوث الامن القومي على خلفية الصور القاسية من الشمال ان “التفسيرات التي تدعو الى مراعاة الضغوط الامريكية وانهاء المشكلة في غزة أولا، ليست مقنعة. كانت هذه جيدة في حينه. اما اليوم فنحن في الشهر التاسع من الحرب، وحزب الله يحرق كل شمال الدولة ويرفع مستوى الحرب في كل يوم. تطرح المنظمة معادلة طاقة حيال إسرائيل التي من جهتها تعمل ضد مقدرات حزب الله – مثل الشخصيات ومخازن الذخيرة. لكنها تتحدث بلغة حزب الله ذاتها والتصفيات لا تغير السلوك الاستراتيجي لحزب الله.

وعلى حد قول البروفيسور ميخائيل فان “حزب الله يجر إسرائيل الى حرب استنزاف مكثفة. هذه هي العقيدة الإيرانية التي تستهدف إبقاء الجيش الإسرائيلي في حرب استنزاف دائم لاجل تأكله، المس بالاقتصاد الإسرائيلي وتفكيك المجتمع الإسرائيلي من الداخل في ظل توسيع الصدوع الاجتماعية في داخلنا. وعلى الطريق يتعلمون أيضا كل نقاط ضعف منظومات الدفاع لدينا، حتى اليوم الذي يقررون فيه توسيع الحرب ويلحقون بنا اضرارا شاملة هائلة”.

يطالب البروفيسور ميخائيل بتغيير المعادلة: “ليس عرضا صحيحا للحرب ان تتواصل بردود أفعال. يمكننا أن نغير النهج والرد على حزب الله وتخريب جنوب لبنان. من كل قرية تطلق فيها قذيفة، يدمر صف كامل من البيوت. اذا ما اطلقوا علينا رشقة 200 صاروخ – علينا ان نطلق 800 صاروخ. واذا ما قرروا تحقيق التهديدات والوصول الى حيفا والخضيرة، فاننا سنصل الى صور وصيدا. اذا ما هددوا تل ابيب، فسنخرب بيروت. حدود هذه المعادلة نحن من ينبغي أن نصممها – والا نواصل في طريق المقلاع والقوس والنشاب.

——————————————–

 يديعوت 14/6/2024

تلميح مسبق لنصرالله

بقلم: سمدار بيري

هبط رسول إيراني رفيع المستوى في بيروت بعد التصفية في جنوب لبنان. غير أنه لم يتوجه الى مكتب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بل التقى مع مقربي الأمين العام في غرفة مغلقة. على جدول الاعمال: التخوف الإيراني – الذي يرتبط بمخاوف حزب الله – من ان تكون إسرائيل تبحث الان عن رأس الأمين العام.

حتى الان عشنا مع المعرفة بان حزب الله هو شريك كامل للفهم بان إسرائيل لا تعتزم تصفية نصرالله. 32 سنة من توليه منصب الأمين العام للمنظمة الإرهابية الأكبر، الأكثر تسلحا والأكثر خبرة في العالم، تعلمت إسرائيل كيف تتوقف مضمون خطاباته وعرفت كيف تحدد الارتفاعات والانخفاضات في حالته الصحية. نصرالله هو الشخصية الأعلى، لكن جيلا جديدا من القادة ينمو تحته في المنظمة. يمكن الافتراض بان الانباء التي تكشف بين الحين والآخر أسماء خلفائه المستقبليين تزعج نصرالله. فهو يشتبه، عن حق في أن تكون إسرائيل هي التي تسرب كي تضعفه وتخلق توترا داخليا في قيادة المنظمة.

يخيل أن في قيادة الموساد يعرفون كيف يحددوا بدقة 100 في المئة اين يوجد نصرالله في كل ساعة من اليوم. حتى لو كان يغير العناوين فان “رجالنا” يتواجدون عميقا في الصورة. نصرالله هو الاخر مقتنع بان إسرائيل يمكنها ان تصل اليه وتضبط النفس. الحراسة حوله – من بعيد ومن قريب – وان كانت تعززت، لكن رئيس الموساد السابق، يوسي كوهن، كشف مؤخرا، بالكلمات الأكثر قطعا باننا “نعرف المكان الدقيق لامين عام منظمة الإرهاب، ويمكن انزاله في كل لحظة”. وأضاف: “اذا ما قرروا عندنا تصفية الحساب مع نصرالله، فان إسرائيل يمكنها أن تفعل هذا في كل زمن معطى”.

ان تصفية مسؤول حزب الله من الجناح العسكري، سامي أبو طالب عبدالله، هي صفعة رنانة. قلة فقط من خارج حزب الله سمعوا اسم المسؤول عن منطقة الجنوب، من نهر الليطاني وحتى مزارع شبعا حيث لا يوجد حتى اليوم ترسيم ملزم للحدود بين سوريا، لبنان وإسرائيل.

مقاتلو “قوة ناصر” التي كان المصفى أبو طالب قائدها، اقسموا على الفور على الخروج في حملة “ثأر فوري”. 215 صاروخ سقط على طبريا، صفد وكيبوتس سعسع. لا إصابات.

أبو طالب، مرافقه وقائدان آخران صفوا في بلدة جوية، على مسافة 25 كيلو متر عن حدود إسرائيل. ويشرح الناطق بلسان حزب الله بان الرباعية كانوا في لقاء عمل يستهدف التخطيط لعمليات اطلاق نار نحو كفار بلوم. الان يقول هاسم صفي الدين، قائد المجلس الاستشاري لحزب الله ان إسرائيل ملزمة بان تفهم  – انه كلما كان قتلى اكثر لحزب الله، هكذ تتعزز المنظمة. بالمقابل، تعترف صحيفة “الاخبار” الناطقة بلسان المنظمة في عنوان عريض: “إسرائيل وجهت ضربة أليمة بتصفية الحاج أبو طالب”.

اثنان من اعز أصدقائي في لبنان، من الاكاديمية كتبا لي انهما لم يسمعا ابدا عن الحاج أبو طالب لكن “من المعقول ان يعين حزب الله قائدا لمنطقة الجنوب”.

ماذا نتعلم من الملاحظة؟ معظم مناطق لبنان تختنق تحت عبء القصف من الجو، ومن البر مما يعني أن حزب الله تعلم بان خطوط عمل الجيش الإسرائيلي امتدت حتى مدينة صور.

يقول لي احد أصدقائي في بيروت “اعرف انه يوجد حساب طويل مع نصرالله، واضيف “الجنون” الذي يصيب نتنياهو في الأشهر الثمانية الأخيرة. يستخف بيبي بالامريكيين ولا يهمه ما تدعيه فرنسا بانه توجد في لبنان مناطق لا حرب لها مع إسرائيل”.

لقد تمكن أصدقائي لان يعلموا من مكتب الرئيس في بيروت بان إسرائيل حذرت في رسائل هاتفية سكان 60 قرية في الجنوب للانصراف من بيوتهم. لكن قلة فقط غادروا بانهم ملوا الترحل. يواصلون فلاحة الأراضي الزراعية وكأنه لا يوجد شيء.

——————————————–

هآرتس 14/6/2024

نحن في حالة طواريء، يجب فرض حصار على الكنيست الى حين اسقاط الحكومة

بقلم: ايهود براك

اسرائيل توجد الآن في ذروة ازمة متدحرجة ومتطورة وبعيدة عن الانتهاء، التي هي الاكثر خطورة في تاريخها. الازمة بدأت في 7 اكتوبر بالفشل الاكثر فظاعة في تاريخ الدولة، وهي مستمرة في الحرب التي تبدو، رغم شجاعة وتضحية الجنود، كالحرب الاكثر فشلا في تاريخنا، نتيجة الشلل الاستراتيجي في القمة.

نحن نقف امام قرار حاسم صعب، بين بدائل سيئة في موضوع استمرار القتال في غزة، توسيع العملية امام حزب الله في الشمال، المخاطرة بحرب شاملة متعددة الساحات تشمل ايران واذرعها، وكل ذلك حيث في الخلفية يستمر الانقلاب النظامي الذي يسعى نحو الديكتاتورية الدينية العنصرية، المتطرفة والقومية، والمسيحانية الظلامية. الازمة تقتضي تجنيد كل ما هو جيد وقوي وناجع في داخلنا من اجل العودة الى مسار القوة والنمو والتنور والامل، الذي سارت فيه اسرائيل في معظم سنواتها. هذا هو الانتصار الحقيقي.

في هذه النقطة المحددة زمنيا لا يوجد أي مجال للخطأ. مطلوب رؤية شجاعة ومباشرة الى ما حدث ولماذا حدث، ومطلوب التصميم على الاصلاح وبسرعة حتى امام المعارضة والتحفظات. هذا يحتاج الى اتخاذ القرارات والشجاعة والافعال، سواء من قيادة المعارضة ومن اعضاء شجعان واقوياء في الائتلاف، وايضا منا جميعا، نحن جمهور المدنيين. هذا حالة طواريء حقيقية. جوهر الكارثة لدينا هو بالتحديد أنه في وقت الكارثة اسرائيل تقودها حكومة ورئيس حكومة غير مؤهلين بشكل واضح لتولي مناصبهم. المسؤولون عما حدث في 7 اكتوبر، والمسؤولون عن ادارة الحرب الفاشلة في غزة، غير مؤهلين لادارة اسرائيل وايصالها الى الفصل الجديد الذي اخطاره اكبر. الربان الذي اغرق سفينتين واحدة تلو الاخرى، محظور وضع دفة السفينة الثالثة والاخيرة في يده.

اذا بقيت حكومة الفشل والثكل هذه على حالها فيمكن أن نجد انفسنا خلال اشهر، أو حتى خلال اسابيع، عالقين عميقا في “وحدة الساحات”، حلم قاسم سليماني الغض، هذا في حين أن اسرائيل معزولة ولها نزاع مع الولايات المتحدة، الدولة الوحيدة التي توفر لنا السلاح والدعم الدبلوماسي الناجع، فاننا مهددين باصدار أوامر دولية في لاهاي، وعدد من الدول التي تسعى الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية حتى بدون مفاوضات مع اسرائيل. هذا الدمج يخلق خطر قريب ومؤكد على أمن الدولة ومستقبلها، الذي يضاف اليه الخطر على مستقبلها كدولة ديمقراطية.

الامر الذي نحتاجه الآن هو صفقة فورية لاعادة المخطوفين، حتى بثمن التعهد بوقف الحرب. تهدئة الوضع في الجنوب وفي الشمال بتسوية سياسية، حتى لو مؤقتة، بوساطة امريكية. اعادة المخلين من بلدات الغلاف وبلدات الشمال الى بيوتهم، تجديد الاحتياط ونهوض الجيش الاسرائيلي واعادة الاقتصاد الى النشاط. اذا نجحنا في استئناف العلاقات الحميمة مع الادارة الامريكية فان هذا الامر يمكن أن يدفع قدما بالتطبيع مع السعودية وبلورة قوة عربية تدخل الى القطاع بدلا من الجيش الاسرائيلي، وتدعم اعادة السيطرة المدنية التي في اساسها توجد جهة فلسطينية ليست حماس. كل ذلك اضافة الى جهود وقف اوامر التسليم من لاهاي، والخروج من العزلة الدولية. بكلمات اخرى، “نعم ولكن” لبايدن، و”لا” كبيرة لايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

لكل من يتساءل عن كيفية وقف الحرب قبل “النصر المطلق” فان الجواب هو “نحن بعيدون عن النهاية في غزة، سبعة اشهر حسب رئيس هيئة الامن القومي تساحي هنغبي وسنوات حسب بني غانتس. هذا ليس خطوة. حتى ذلك الوقت سيعود المخطوفون في توابيت أو أن مصيرهم سيكون مثل مصير رون اراد. مع الاخذ في الحسبان هذه المعطيات فان اهمالهم لسنوات يعني تفكك الاساس الاخلاقي للمجتمع والدولة. واضيف فقط بأن “النصر المطلق” هو شعار فارغ منذ البداية. فبالادارة الفاشلة لنتنياهو نحن اقرب الى “الفشل المطلق”. وبخصوص وقف الحرب بالتزام دولي يجب التذكر بأنه اذا حماس أو حزب الله قاموا بتهديد اسرائيل بعد نصف سنة أو بعد سنة ونصف بشكل يقتضي العمل، فيمكن لحكومة سيادية في اسرائيل أن تقرر العمل رغم الالتزام. هذا يسري على أي رئيس حكومة في المستقبل، وبالتأكيد على نتنياهو الذي خرق مرات كثيرة الالتزامات السياسية والدولية.

سيكون هناك من سيقولون لماذا بالذات يجب علينا العمل. وأنا أقول لهم “الامور السيئة تحدث عندما يصمت الاشخاص الجيدون”. آخرون في مواقع تأثير سيصعبون الامر ويقولون: هل حقا حان الوقت للعمل؟ وأنا اقتبس دانتي واقول لهم: “المكان الاكثر سخونة في جهنم محفوظ لمن اختاروا الوقوف جانبا عندما كان مطلوب القيام بحسم أخلاقي”.

إن عدم النجاح في اسقاط هذه الحكومة ورئيسها بشكل مبكر، يعرض للخطر مستقبل واستمرار وجود دولة اسرائيل. لقد حان الوقت للعمل، لن يوجد وقت صحيح مثله. ونحن لن نغفر لانفسنا والاجيال القادمة لن تغفر لنا اذا مشينا بعيون مفتوحة، ولكن مصابين بالعمى، نحو الهاوية الاخلاقية والتهديد الوجودي الذي يوجد أمامنا. المقاتلون الحالمون في الاجيال السابقة، قادة وجنود الجيش الاسرائيلي الآن، ينتظرون منا النهوض والعمل، هذا الامر في أيدينا، نحن علينا معرفة كيفية العمل. اجل، ستكون ارادة.

——————————————–

هآرتس 14/6/2024

قبل لحظة من سيطرة بن غفير

بقلم: أسرة التحرير

منذ عُين في منصب وزير الأمن القومي، يحاول ايتمار بن غفير السيطرة على الشرطة. في كتاب بعث به المفتش العام، كوبي شبتاي، الى المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهرب ميارا، قبل نحو أسبوعين ونصف الأسبوع، تفصل حالات تدخل فيها الوزير في عمل الشرطة بخلاف قرار محكمة العدل العليا الذي يحظر عليه توزيع تعليمات عملياتية. ضمن أمور أخرى، توجه من خلف ظهر المفتش العام الى نائبه كي يمنع حراسة شاحنات المساعدات الى غزة. حين توجه شبتاي الى بن غفير كي يوضح له بأن هذه مهمة الشرطة، أوضح الوزير له حسب شبتاي بأنه “ستكون لهذا تداعيات”.

سيطرته لم تأت في فراغ. ففي المفاوضات الائتلافية طلب وحصل من بنيامين نتنياهو على البنية التحتية للخطوة: قانون يرتب استخدام صلاحيات للدولة تمس بالفرد على نحو خاص، وعمليا تلحق الشرطة بالسياسيين، أي ببن غفير.

وبالفعل، في كانون الأول، سنت الكنيست تعديلا لأمر الشرطة بموجبه يمكن لوزير الأمن القومي أن يقرر سياسة التحقيقات لدى الشرطة. رفعت ضد القانون التماسات الى محكمة العدل العليا، والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا قضت بأن التعديل ليس دستوريا وحكمه أن يلغى. “التعديل يخلق مبنى شرطيا غير متوازن يسمح بتسييس عمل القوة الشرطية دون ضمانات تضمن استخدام القوة بشكل مهني، مستقل ومتساوٍ والحفاظ على سلطة القانون وحقوق الإنسان”، كتبت المستشارة القانونية ودعت الى إلغاء القسم الذي يمنح بن غفير الصلاحيات للتدخل في التحقيقات. وأشارت الى “أن باقي أجزاء التعديل هي الأخرى غير دستورية وحكمها أن تلغى، إلا إذا فسرتها المحكمة بشكل يضمن حماية حقوق الإنسان، ومنع تسييس عمل الشرطة”.

في الأسبوع المقبل، ستبحث محكمة العدل العليا في هيئة من تسعة قضاة في الالتماس ضد قانون بن غفير. “حقيقة أن في دولة إسرائيل… تقرر رد مشروع قانون يتضمن صراحة تعليمات تقرر الطابع غير السياسي للشرطة يجب أن تقلق كل مواطن”، قالت المستشارة القانونية في الشهر الماضي وأضافت “هذا ضوء تحذير ساطع”.

على المحكمة العليا أن تكبح هذه المرة أيضا محاولة المس بالديمقراطية. طالما كانت حكومة نتنياهو – بن غفير في الحكم، فإن محكمة العدل العليا هي حقا الدرع الأخير للديمقراطية الإسرائيلية.

——————انتهت النشرة—————-