سفير إسرائيلي سابق في واشنطن: ترامب أم بايدن؟ على تل أبيب أن تحذر كليهما

يحذر السفير الإسرائيلي السابق الجنرال في الاحتياط زلمان شوفال من تحوّلات محتملة في الولايات المتحدة تكون سلبية على إسرائيل، منبهاً إلى أن ترامب أيضاً مرشح للقيام بـ “مفاجأة غير سارة” لها، بحال عاد للبيت الأبيض.

في مقال تنشره صحيفة “معاريف” يرى شوفال أن هذه المواجهة المجنونة بين بايدن وترامب أدخلت الديمقراطيين في ثقب أسود لا انفكاك منه، فإذا لم يكن هذا كافياً، فهناك ما يدعو إلى القلق في صفوف الإسرائيليين أيضاً في هذا الشأن، في المديَين القصير (أي حتى تشكيل الإدارة المقبلة)، والطويل.

شوفال: هذه المواجهة المجنونة بين بايدن وترامب أدخلت الديمقراطيين في ثقب أسود لا انفكاك منه، وهناك ما يدعو للقلق في صفوف الإسرائيليين أيضاً

 ومن هذا المنطلق، يقول السفير السابق إن ردّ ترامب الغامض، الذي تمثّل في كلمة “سنرى”، على سؤال عمّا إذا كان سيعترف بالدولة الفلسطينية، لم يبعث فينا كثيراً من الثقة، لكن المسألة الأكثر إلحاحاً من ناحيتنا، هي تسلّح إيران النووي المتسارع، والإجراءات الأُخرى التي تقوم بها لتحقيق أهدافها الإستراتيجية، وفي هذا الشأن، للوقت أهمية كبرى، فإسرائيل تعمل بطرق دبلوماسية وغير دبلوماسية لوضع الالتزامات الأمريكية، بما فيها التزامات بايدن إزاء عدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً، على المحك العملي.

وطبقاً لشوفال، هذا سيمثل الرسالة الأساسية في خطاب نتنياهو أمام الكونغرس، في نهاية الشهر. وكان غالانت قدّم آراء مشابهة، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، مع التركيز على ضرورة الإسراع في العمل، لأن المعلومات الاستخباراتية تفيد بأن إيران تحولت إلى دولة على عتبة إنتاج القنبلة النووية، في ظل الظروف التي تجد إسرائيل نفسها غارقة في حرب متعددة الجبهات ضد وكلاء إيران، وفي ظل ضبابية الموقف الأمريكي، فإن هذا قد يوحي لنظام الملالي في طهران بأنها فرصة من أجل قطع المتر الأخير في السباق نحو التسلح بالقنبلة النووية.

قنبلة إيران

وفي الشأن الإيراني يتابع شوفال: “لا بدّ من أن الإيرانيين أيضاً يتساءلون عن مدى جدية الالتزام الأمريكي المذكور أعلاه، وسواء استمر بايدن في فترة ولاية ثانية، أم حلّ ترامب مكانه، ليس لدينا إجابات واضحة عن هذه المسألة. كما أن المناقشة الإستراتيجية الشاملة التي تم التخطيط لإجرائها بين الولايات المتحدة وإسرائيل في ما يتعلق بالشأن الإيراني تم إلغاؤها، أو على الأقل تأجيلها، من جانب واشنطن، بذرائع مختلفة، على ما يبدو، من أجل تلافي اتخاذ قرارات، أو إصدار تصريحات مُلزمة في فترة الانتخابات، إذ إن قسماً مهماً من الشعب الأمريكي يعارض أي خطوات قد تزيد في تدخل بلده في النزاعات الدولية، وكذلك بسبب تأثير الأصوات المتصاعدة من اليسار الأمريكي التي تنادي بصورة واضحة بتخفيف التوتر القائم مع إيران، وفتح مسار جديد في العلاقات معها”.

ويعتبر أن هذه الأصوات لا تعكس بالضرورة موقف بايدن، لكن حقيقة عدم قيامه بفرض عقوبات أكثر صرامةً على إيران، وعدم اتخاذه إجراءات إضافية ضدها، قد يخلق واقعاً لا يختلف كثيراً عمّا تفضّله الدوائر المذكورة أعلاه.

ويضيف: “مهما يكن من أمر، فإن الموقف التوجيهي لدى إدارة بايدن يتمثّل في تجنّب المواجهة العسكرية مع إيران، بقدر الإمكان، وتلافي تحول الحرب بين إسرائيل والتنظيمات الدائرة في فلك إيران إلى مواجهة إقليمية شاملة. إن موقف بايدن متأثر، عن قصد أو غير قصد، باستنتاج مفاده أن الولايات المتحدة لم تعد تلك القوة العظمى التي يمكنها القيام بما يحلو لها، وعليها ادخار كل قدراتها العسكرية من أجل صراع محتمل في الشرق الأقصى، لا في الشرق الأوسط”.

بحال عودة ترامب

وفي الشأن ذاته يقول شوفال: “صحيح أن الولايات المتحدة تحذّر إيران و”حزب الله” من توسيع نطاق هجماتهما على إسرائيل، لكن نشر القوات الأمريكية في الشرق الأوسط لا يهدف إلى حماية إسرائيل فحسب، بل أيضاً إلى إرسال إشارة إلى طهران، مفادها أن الولايات المتحدة تعتزم التحرك من أجل احتواء الأزمة الراهنة، وضمان عدم اتساع حلقتها النارية. ويزعم أن إدارة ترامب السابقة صمّمت، بعد إلغائها المعاهدة النووية، وعملت على تضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني، وسد معظم قنوات تنفسه، التجارية والمالية، وهي سياسة تهدف إلى إحداث انهيار شامل في الاقتصاد الإيراني، لكن هذه الإدارة خسرت الانتخابات، وهذا ما وضع حداً للإجراءات المذكورة. ويتساءل شوفال إن كانت ستتجدد هذه الإجراءات، إذا ما عاد ترامب إلى البيت الأبيض. ويرجّح: “علينا الافتراض أن الإيرانيين قلقون من الأمر، وسيحاولون فرض وقائع على الأرض قبل حدوث ذلك، ليس فقط في الشأن النووي، بل أيضاً من خلال اتخاذ إجراءات ذات تأثير مباشر في الوضع القائم على حدودنا الشمالية. لن يؤدي الأمر إلى القضاء على احتمال التوصل إلى تسوية سياسية هناك فحسب، بل سيؤدي إلى تسخين الجبهات المختلفة أيضاً.

مفاجآت غير سارة

ويضيف شوفال إلى هذه التكهنات تقويض ترامب الثقة بإدارة بايدن نفسها، خلال المناظرة التلفزيونية، ويقول إن جميعنا يعلم السمة التي يمتاز بها ترامب، والتي تتمثل في تفجير المفاجآت التي لا تكون سارة أحياناً، في ما يتعلق بسحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط. ويتساءل مجدداً هل سيأمر ترامب، إذا ما عاد إلى البيت الأبيض، بسحب آلاف الجنود الأمريكيين المنتشرين في الشرق الأوسط (وهي خطوة سياسية بامتياز). وهل سيتخذ موقفاً أكثر صداماً مع إيران، أم أن ميوله الانفصالية ستقوده إلى محاولة التصالح معها، كما فعل في الماضي مع كوريا الشمالية؟ وهل سيقف إلى جانب إسرائيل في الحرب الراهنة والحروب المستقبلية؟ وهل سيواصل الالتزام بمبادرة بايدن بشأن إقامة تحالُف إقليمي بين العالم السني وإسرائيل؟ وهل ادعاءاته بشأن قدرته على حل المشاكل من دون الخوض في التفاصيل، ستضعنا أمام مواقف إشكالية؟ وما سيكون موقفه الحقيقي في ما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية؟ عن كل ذلك يجيب: “هناك في إسرائيل مَن ينتظر فوز ترامب بفارغ الصبر، معتقداً أن جميع المشاكل الإسرائيلية الأمريكية ستُحلّ فور حدوث ذلك. نأمل أن يكون هذا ما سيحدث إذا تم انتخاب ترامب، لكننا لن نتمكن، استناداً إلى تصريحاته خلال المناظرة التلفزيونية وما قبلها، من التوصل إلى استنتاجات مؤكدة وواضحة في هذا الشأن. وعلينا أن نتذكر أنه لا يوجد شيء محسوم في هذا العالم”.

في المقابل؛ يخلص السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن للقول إن “تعاطُف بايدن الصادق مع إسرائيل ليس موضع شك، لكن هناك عناصر مناهضة لإسرائيل، بل معادية للسامية داخل حزبه، قد تحاول التأثير في سياسة الحزب تجاه إسرائيل، وإذا سحب بايدن ترشيحه بنفسه خلال الانتخابات، فلا يوجد ما يضمن أن مَن سيحل محله لن يأتي من تلك الدوائر. فعلاً، إنها مرحلة “مثيرة”، بالمعنى الساخر للكلمة”.