إسرائيل تتحول سريعاً إلى الفاشية

استغلت دولة الاحتلال الإسرائيلي أحداث السابع من أكتوبر لكي تمضي قدماً في التحول من مفهوم الدولة الليبرالية إلى مفهوم الدولة الفاشية، وبدا ظاهراً للجميع أن هذا التحول بدأت إرهاصاته منذ بداية التحالف بين الليكود والصهيونية الدينية، بعد انتخابات الكنيست السابعة والثلاثين التي جرت عام 2022، حيث استغل نتنياهو هذا التحالف في أحداث أكتوبر للقيام بالعديد من التحولات الجذرية في بنية النظام الإسرائيلي نحو ما يمكن تسميته بالفاشية الصهيونية.

إن عناصر الفاشية الصهيونية التي بدأت ملامحها بالرسو في بنية النظام الاسرائيلي تقوم على الآتي:
1-تمجيد الدولة الإسرائيلية اليهودية، وتعظيم شأنها في مواجهة الأعداء داخلياً وخارجياً.

2-استخدام مكثف للعنف والقتل والإبادة الجماعية في مواجهة العدو، سواء كان فلسطينياً أو إيرانياً أو غيره.
3-استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية، ومنع قيام أي فرص حقيقية للسلام.

4-القضاء على مفهوم الدولة الفلسطينية، وفرص تحقيقها، مقابل الاستمرار في سياسة الفصل العنصري والتهجير القسري.

5-استخدام الدين اليهودي – كإطار ايديولوجي- في التعبئة الجماهيرية، وبث خطاب الكراهية والعنف، وتمجيد الدولة اليهودية.

6-الإلغاء التدريجي للنمط الليبرالي والديمقراطي للدولة من خلال القضاء على المعارضة والتعددية، وإلغاء قوانين الاصلاح، وتقليص صلاحيات المحاكم والرقابة، والابتعاد قدر الإمكان عن الانتخابات.

كما هو ملاحظ من عرض عناصر الفاشية الصهيونية الحديثة، فإن موضوعها الأساسي هو مواجهة الفلسطيني وقتله وطرده من أرضه. ومن الخطأ التصور بأن الحكومة الاسرائيلية الحالية هي التي تتبناها فقط، بل إن الشارع الإسرائيلي بأكمله أصبح أكثر ميلاً لتبني هذه العناصر، سيما منذ السابع من أكتوبر. على سبيل المثال، تشير استطلاعات الرأي الاسرائيلية إلى أن 2% فقط من المستطلعين الإسرائيليين يعتبرون أن ما تقوم قوات الاحتلال في غزة هو استخدام مفرط للقوة. كما أن أكثر من 67% من الاسرائيليين يدعمون نتنياهو في حربه في القطاع، وبنسبة مماثلة تقريباً يطالبون الجيش الاسرائيلي بإعلان الحرب ضد حزب الله واحتلال جنوب لبنان.

ليس هذا فقط، وإنما تتناول غالبية وسائل الاعلام الإسرائيلية موضوع الإبادة الجماعية في قطاع غزة باعتبارها نصراً على الفلسطينيين، وهذا تماماً ما تناوله زميلنا عبد المجيد سويلم في مقالته الأخيرة بالنقد والتحليل، معتبراً إياها شريكة في هذه الحرب.

من زاوية أخرى، وإذا تابعت مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من الإسرائيليين، ستجد أن غالبيتهم يتحدثون عن قتل المدنيين الفلسطينيين باعتبار الشعب الفلسطيني كله “إرهابي” بما في ذلك النساء والأطفال.

بل أنهم يطالبون علانية بنزوح الفلسطينيين من الضفة وغزة إلى الأردن وسيناء تجنباً للقتل. لقد أصبحت سياسة التجويع للفلسطينيين عندهم وسيلة “أخلاقية”، للتخلص من خطر “الإرهابيين” الفلسطينيين على حد قولهم!، وأصبح التطهير العرقي أيضاً عندهم وسيلة “أخلاقية” لتجنب قتل المدنيين!

ما أود طرحه في هذا المقال، هو أن تحولات جذرية نحو الفاشية الصهيونية ألمت ليس فقط في بنية النظام السياسي الإسرائيلي، وإنما أيضا في بيئته الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، وباتت إسرائيل على شفا حفرة من الوقوع في منزلق الديكتاتورية، تماماً كما حدث مع أصحاب القمصان السود في جمهورية موسوليني الفاشية. ولربما هذا ما يفسر تحذير رئيس حزب “اسرائيل بيتنا” ليبرمان، عندما قال “أنه إذا استمرت حكومة نتنياهو الحالية، فلن تكون إسرائيل موجودة في العام 2026. وهذا يفسر أيضاً تقلص الفجوة في استطلاعات الرأي بين غانتس من يمين الوسط، وبين نتنياهو من اليمين الفاشي إلى 5 نقاط فقط، وهذا يفسر أيضاً استمرار قيام نتنياهو بالتخلص من معارضيه في داخل الليكود وفي الحكومة، وحتى في المحطات الاسرائيلية الإعلامية، كما حدث مؤخراً مع القناة 13 الإسرائيلية.
إن تحولات جذرية نحو الفاشية الصهيونية ألمت ليس فقط في بنية النظام السياسي الإسرائيلي، وإنما أيضا في بيئته الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، وباتت إسرائيل على شفا حفرة من الوقوع في منزلق الديكتاتورية.

الكاتب : رمزي عودة