هآرتس// كيف ستؤثر محاولة اغتيال الضيف على سلوك حماس في المفاوضات بشأن الصفقة؟

رغم الوقت الذي انقضى منذ عملية الاغتيال، مع غياب التأكيد الرسمي ونفي حماس، فإن جهاز الأمن في إسرائيل ما زال يعطي احتمالية عالية لفرضية قتل محمد الضيف في الهجوم الجوي على المواصي. وثمة تأكيد بشأن مقتل نائبه، قائد لواء خان يونس، رافع سلامة. إذ أعلن الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” في بيان رسمي مقتله في الهجوم الذي استهدفهما.

المعلومات الاستخبارية التي تفيد وجود الضيف، رقم 2 في قيادة حماس في القطاع، في المنشأة التي استخدمتها حماس في المواصي، اعتبرت معلومات دقيقة. وكانت إصابة القنبلة في المكان المخطط له. ينبع الحذر من سجل الضيف الطويل: هذا الشخص نجا من سبع محاولات اغتيال سابقة على الأقل، لذلك لا تأكيد قاطعاً بهذا الشأن من جانب إسرائيل. وذكر الجيش الإسرائيلي أيضاً أن عدداً من التقديرات السابقة خلال الحرب الحالية بشأن موت رائد سعد وآخرين، تبين فيما بعد أنها خاطئة بعد نجاتهم من محاولة الاغتيال.

لذلك، ينتظر الجانب الإسرائيلي وصول تأكيد آخر لمعلومات مؤكدة للإعلان عن موته. خصوصاً بعد نجاته عدة مرات في السابق، تحديداً بعد محاولة اغتيال في عملية “الجرف الصامد” في 2014م، إلى أن اعترف الجيش الإسرائيلي بنجاته بعد أن ساد عدم يقين بخصوص مصيره مدة نصف سنة.

التقدير السائد في إسرائيل أن عمليات الاغتيال إلى جانب استمرار العملية في رفح واقتحام أجزاء أخرى في القطاع، كل ذلك يجدد الضغط العسكري على حماس وقد يحث السنوار على تليين موقفه في المفاوضات

إذا كان الضيف قتل حقاً في هذه المرة، فإن السؤال الرئيسي الآن هو: كيف سيؤثر هذا الاغتيال على سلوك حماس في المفاوضات بشأن صفقة التبادل؟ التقدير السائد في إسرائيل أن عمليات الاغتيال إلى جانب استمرار العملية في رفح واقتحام أجزاء أخرى في القطاع، كل ذلك يجدد الضغط العسكري على حماس وقد يحث السنوار على تليين موقفه في المفاوضات. تم وصف الضيف ككابح أمام عقد الصفقة، ما عزز توجهات متطرفة لدى السنوار. وتأمل إسرائيل أن تجسد الخطر الشخصي على قادة حماس الكبار سيساعد في دفعهم إلى التفاهمات. في المقابل، هناك من يخشون من تمسك السنوار بخط الشهيد، ويعتبر نفسه محارباً حرباً مسيحانية ضد إسرائيل حتى لو كلفه ذلك حياته.

بعد محاولة الاغتيال، سُمعت ردود متناقضة من حماس حول استمرار المفاوضات. في وقت لاحق في هذا الأسبوع، كان يتوقع عقد لقاء بين وفد إسرائيل ودول الوساطة في قطر. إذا جرى اللقاء كما هو مخطط له أو تأخر قليلاً فسيكون بالإمكان الاستنتاج بأن حماس لا تعتبر عملية القتل في المواصي (حيث قتل حوالي 70 فلسطينياً وأصيب عدد كبير)، حدثاً يؤثر على المحادثات.

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” السابق، الجنرال احتياط تمير هايمن، كتب أمس في موقع معهد بحوث الأمن القومي، الذي يترأسه هو نفسه، بأن “الضيف كان يعمل بشكل كامل، لكنه ليس بصحة جيدة”، نتيجة إصابته في محاولات اغتيال سابقة. لذلك، “يصعب عليه المكوث في الأنفاق لفترة طويلة، ويضطر بين حين وآخر الخروج منها لتنفس الهواء”.

وحسب قوله، فإن “الضيف غير متقاعد، مسن، لا يشكل سوى رمز. ربما يكون الشخص الذي سيعيد بناء قوة حماس العسكرية بعد الحرب”، كما بنى خطة الاقتحام لبلدات الغلاف في 7 تشرين الأول. وقال هايمن إن عملية المواصي ليست “عقبة استراتيجية” في طريق صفقة التبادل، وأن قرار قيادة حماس في القطاع تليين مواقفها قليلاً في المفاوضات جاء نتيجة الضغط العسكري الذي استخدمته إسرائيل، والخوف من استمرار الأمر لفترة طويلة، حتى عندما يغير الجيش الإسرائيلي بالتدريج طريقة العمل في القطاع قبل انتهاء العملية في رفح.

في غضون ذلك، ثار توتر جديد بين إسرائيل ومصر؛ فالقاهرة تغضبها تصريحات نتنياهو المتكررة حول تهريب السلاح من مصر إلى القطاع. وأكد نتنياهو على الحاجة لشمل السيطرة الأمنية الإسرائيلية على محور فيلادلفيا ومعبر رفح، إزاء التهريب. احتج المصريون على اتهامات نتنياهو (التي ترتكز إلى الحقائق على الأرض) وقالوا إنهم أصيبوا بالحرج في الوقت الذي يبذلون فيه الجهود من أجل التوصل إلى الصفقة مع حماس.

ثار توتر جديد بين إسرائيل ومصر؛ فالقاهرة تغضبها تصريحات نتنياهو المتكررة حول تهريب السلاح من مصر إلى القطاع

وقال رئيس الأركان هرتسي هليفي، أمس، في نهاية زيارة له في قاعدة بالمخيم لسلاح الجو، بأن تأييد الجيش لصفقة التبادل ينبع من اعتبارات “قيمية وأخلاقية”، وأن الجيش الإسرائيلي سيعرف كيفية تنفيذ كل اتفاق واستئناف القتال بعد ذلك عند الحاجة. هذا هو التصريح الثاني لرئيس الأركان بهذه الروحية في هذا الأسبوع، وهو يعكس موقف كل رؤساء جهاز الأمن أيضاً.

مشكلات من أمريكا

تم وضع محاولة اغتيال الضيف أمس في ظل حدث أكبر: محاولة اغتيال فاشلة استهدفت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، المرشح الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة، أثناء مؤتمر انتخابي في بنسلفانيا. بعد أن أصيب إصابة طفيفة وأنقذه رجال الخدمة السرية الذين حيدوا منفذ العملية، قد يحصل ترامب الآن على ارتفاع في شعبيته. في المقابل، هناك تقديرات بأن الحزب الديمقراطي سيزيد الضغط على الرئيس بايدن للانسحاب من السباق. تعززت دعوات انسحاب بايدن مؤخراً بسبب الشك في صحته ووضعه العقلي، بعد ظهور تلفزيوني فاشل في مناظرة مع ترامب، وتصريحاته المشوشة في مؤتمر صحافي.

نتنياهو مثل الحكام الديكتاتوريين أو الذين يطمحون لأن يكونوا ديكتاتوريين في دول أخرى، استغل الفرصة أمس لمقارنة نفسه بترامب في جلسة الحكومة

بالنسبة لنتنياهو، الذي يتوقع أن يلتقي بايدن في واشنطن الأسبوع القادم، قد تحدث فيما بعد مشكلات مختلفة. على المدى القريب، إذا تم استبدال بايدن كمرشح فسيحاول الديمقراطيون استخلاص إنجاز سياسي من المفاوضات بين إسرائيل وحماس على أمل تحسين ارث بايدن قليلاً في مجال السياسة الخارجية وإبقاء سجل أكثر إيجابية لوريثه أو وريثته في الحزب. على المدى الأبعد، إذا فاز ترامب فلن يكون نتنياهو هادئاً. كرئيس لولاية ثانية، ربما يكون أقل توقعاً مما كان، ويقدم لإسرائيل طلبات مختلفة. رغم دعم ترامب العلني لإسرائيل، فثمة توتر مع نتنياهو (بالأساس عندما اعترف الأخير بفوز بايدن في الانتخابات في العام 2020)، والمرشح الجمهوري أيضاً أسمع في السنوات الأخيرة تصريحات تقلق إسرائيل، بدءاً بانتقاد “غباء” القيادة في زمن المذبحة، وحتى التحفظ من حجم المساعدات الأمريكية الخارجية لدول أجنبية.

نتنياهو، مثل الحكام الديكتاتوريين أو الذين يطمحون لأن يكونوا ديكتاتوريين في دول أخرى، استغل الفرصة أمس لمقارنة نفسه بترامب. في جلسة الحكومة، أرسل لترامب يهنئه بنجاته، وعلى الفور جرى نقاش لساعتين تقريباً في مسألة التحريض الخطير ضد نتنياهو، مع ذكر محاولة اغتيال ترامب. تنافس الوزراء فيما بينهم بالتحذير من عنف اليسار والاحتجاج، وصبوا غضبهم على “الشاباك” وعلى المستشارة القانونية للحكومة والمدعي العام للدولة، بذريعة أنهم لا يفعلون بما فيه الكفاية لحماية رئيس الحكومة وعائلته.

لا شك أن الأجواء مشحونة بتصريحات علنية ضد نتنياهو، بما في ذلك دعوة غير ظاهرة للعنف في بعض الخطابات في المؤتمرات، ولا نريد التحدث عن التحريض في الشبكات الاجتماعية. في المقابل، يحظى نتنياهو بحماية “الشاباك”، ولم توثق أي محاولة للمس به أثناء فترة الانقلاب النظامي وفترة الحرب. في المقابل، تم تسجيل عنف ممنهج لمؤيدي اليمين ضد المشاركين في الاحتجاج، وحتى ضد أبناء عائلات المخطوفين. قرار تكريس ساعتين للتباكي على معاناة رئيس الحكومة، يعبر عن انغلاق فظيع للحكومة الحالية، التي تسجل إخفاقات فظيعة في التعامل مع سكان بلدات الغلاف والجليل، وأبناء عائلات المخطوفين وقتلى الحرب.

في الوقت الذي بقي للنقاش أمس، اهتمت الحكومة بالدفع قدماً بقانون تمديد الخدمة الإلزامية للجنود أربعة أشهر، لتصل إلى 3 سنوات. هذا يحدث في حين يحاول نتنياهو وشركاؤه في الائتلاف إيجاد طرق لتجاوز قرار المحكمة العليا الذي يلغي تشريع التهرب من الخدمة للشباب الحريديم.

عاموس هرئيل
هآرتس 15/7/2024