الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

يديعوت 5/9/2024

محور فيلادلفيا.. أكبر “عملية احتيال” خلال الحرب

بقلم: آفي يسسخروف

أكبر عملية احتيال في الحرب الحالية في قطاع غزة هي الادعاء بأن إسرائيل لا تستطيع المضيّ في صفقة لتحرير المخطوفين بسبب الضرورة الأمنية لوجودها في محور فيلادلفيا. «فيلادلفيا يحدد مستقبلنا»، قال نتنياهو في خطابه إلى الأمة الذي قُدم كمؤتمر صحافي.

ليس مهماً أنه حتى أيار لم تولِ الحكومة الإسرائيلية ورئيسها محور فيلادلفيا أهمية كبرى في الحرب. وطوال 8 أشهر لم يُقدم نتنياهو على احتلال المحور. وليس مهماً أن نتنياهو نفسه كان، طوال أسابيع، هو الذي يعرقل دخول القوات الإسرائيلية إلى رفح. وليس مهماً البتة أن المنظومة الأمنية في إسرائيل لم تنجح في إيجاد حل لمشكلات التهريب في محور فيلادلفيا، إلى حين طرح الحل الذي جرى الاتفاق عليه بين الولايات المتحدة ومصر، والذي لم يوافق عليه نتنياهو، لأن معنى هذا الأمر إزالة العقبة الأخيرة من طريق التوصل إلى صفقة.

لا خلاف على أن المشكلة الأمنية في محور فيلادلفيا لا تتعلق بالواقع فوق الأرض. المشكلة لها علاقة بما هو تحت الأرض. ومعنى ذلك، وجود مادي لفِرق وألوية وفصائل في المحور لا يقدم رداً على حفر نفق بعمق 70 متراً تحت الأرض، من أيّ حيّ من الأحياء الداخلية في رفح. وحدها حلول ما تحت الأرض، مثل أجهزة استشعار، وجدار حديدي، وقنوات مياه، يمكنها تلبية الحاجة الأمنية الحالية إلى وقف التهريب إلى القطاع. والظاهر أنه يوجد مثل هذا الحل، وهو يتضمن إقامة غرفة عمليات ترسل إنذاراً في الوقت الحقيقي لدى حفر نفق في المنطقة، وهو ما يتيح العمل ضد الأنفاق، ويصبح في إمكان الإسرائيليين وقفه. هذه الصيغة حصلت على مباركة كل الأطراف، إلى أن وصلت إلى نتنياهو الذي رفضها؛ لأنه لا يريد حلولاً تسمح – لا سمح الله – بتقدّم المفاوضات بشأن تحرير المخطوفين.

يدّعي نتنياهو أنه إذا انسحبنا، اليوم، من المحور فلن نستطيع العودة إليه. لكنه يعلم أيضاً بأنه لو شاء لأمكنه التوجه إلى الرئيس الأميركي، جو بايدن، والحصول منه على ضمانات فيما يتعلق بخرق وقف إطلاق النار، في إمكان الجيش الإسرائيلي العودة إلى المحور، بموافقة أيّ إدارة أميركية ستكون في واشنطن.

في الأمس، قرر البيت الأبيض وضع حد لتلاعُب نتنياهو الإعلامي، وأوضح أنه ورَد في المقترح الأميركي، الذي وافقت عليه إسرائيل في أيار، بوضوح، أن على إسرائيل الانسحاب من المحور. يحاول مساعدو نتنياهو الادعاء أنه لا يمكن العودة إلى السيطرة على محور فيلادلفيا، عسكرياً، إذا انسحبنا منه بسبب الخطر الكبير. لكن هذه الحجة لا أساس لها من الصحة، وتنطوي على خديعة. بإمكان الجيش العودة إلى السيطرة على فيلادلفيا، وسيواجه مقاومة ضئيلة نسبياً، لأن «حماس»، الموجودة حالياً في المنطقة، لا تشكل عدواً حقيقياً في مواجهة الجيش الإسرائيلي.

لكن الأهم من ذلك هو أن نتنياهو نفسه أصرّ على أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار مؤقتاً فقط، وأن في إمكان الجيش العودة في نهاية المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار (6 أسابيع) إلى القتال في غزة. وهذه المدة القصيرة لا تكفي لحفر أيّ نفق، ولا يمكن خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن تهريب صواريخ من أنفاق رفح. نتنياهو الذي أصرّ على إمكان تجدُّد القتال، لسبب ما، يتعامل مع وقف إطلاق النار على أنه دائم، وليس موقتاً، حسبما طالب هو نفسه به.

وهنا تظهر الخديعة. يتبنى مؤيدوه السردية الجديدة التي قدمها من دون أن يتساءلوا لماذا لم يتحرك في فيلادلفيا طوال 14 عاماً من حُكمه، وإذا استيقظ الآن فقط، لماذا أصبحت الأسابيع الستة مهمة إلى درجة تفرض التخلي عن حياة 101 من المخطوفين؟

يجب قول كلمة أُخرى عن فيلادلفيا. عموماً، جرت عمليات التهريب، في أغلبيتها، في السنوات الأخيرة في المعابر الحدودية، معبر رفح مع مصر، ومعبر كرم أبو سالم مع إسرائيل. لقد سمحت دولة إسرائيل خلال حُكم نتنياهو بدخول مواد مزدوجة الاستخدام عن طريق معبر كرم أبو سالم، وبذلك ساعدت في حفر الأنفاق في رفح، وفي أماكن أُخرى، وفي إنتاج وسائل قتالية متقدمة.

جرت أعمال التهريب الأُخرى، عبر معبر رفح، من مصر إلى غزة، وليس عبر محور فيلادلفيا. صحيح أن المحور كان في الماضي شريان حركة كبيرة بين غزة وسيناء، وسمح بتهريب سيارات هامر وBMW، وأشخاص وغيرها، لكن في السنوات الأخيرة، انخفض حجم التهريب، عبر الأنفاق، جرّاء إغلاق السلطات المصرية بعض هذه الأنفاق وتفجيرها. هذا لا يعني أن المعبر توقّف عن العمل تحت الأرض، لكنه ظل يعمل بوتيرة مختلفة. في نهاية الأمر، يحوّل نتنياهو النقاش العام نحو قضية فيلادلفيا، بينما هو يعلم بأن القضية العصية على الحل هي إطلاق سراح «مخربين» فلسطينيين، وهو ما سيؤدي إلى سقوط حكومته.

——————————————–

 

 

 

 

هآرتس 5/9/2024

عالم يبكي 6 إسرائيليين ولا يأبه لـ 40 ألف فلسطيني قتلوا: من يعرف “ميدو”؟

بقلم: جدعون ليفي

إسرائيل تقيم الحداد على المخطوفين الستة القتلى، وأقام العالم الحداد على موتهم. أسماؤهم وصورهم وقصص حياتهم وأبناء عائلاتهم تصدرت النشرات الإخبارية في البلاد والعالم. هيرش غولدبرغ بولن وعيدان يروشالمي أصبحا مشهورين رغم عدم إرادتهما، في الأسر وفي الموت. العالم بكاهم، كيف لا، ستة شباب جميلون، مروا بجهنم في الأسر ولاحقاً أعدموا بوحشية.

لكن مخطوفينا الستة ليسوا سوى جزء صغير في نهاية القصة، جزء صغير من ضحايا الحرب. وجعلهم قصة عالمية أمر مفهوم، ولكن المفهوم بشكل أقل هو التناقض غير المعقول بين التغطية الواسعة لحياتهم وموتهم وبين التجاهل المطلق للمصير المشابه لشباب من أبناء جيلهم، أبرياء مثلهم، ساذجين وجميلين مثلهم، ضحايا عبثية مثلهم، في الطرف الفلسطيني. العالم في الواقع في حالة صدمة من مصير غزة، لكنه لم يشارك ذات يوم في تقدير الشهداء الفلسطينيين. الرئيس الأمريكي لا يتصل مع عائلات الشهداء الفلسطينيين، حتى لو كان معهم الجنسية الأمريكية، كما اتصل مع عائلة غولدبرغ. الولايات المتحدة لم تدعُ ذات يوم إلى إطلاق سراح آلاف المخطوفين الفلسطينيين المعتقلين بدون محاكمة في إسرائيل. فتاة إسرائيلية قتيلة من حفلة “نوفا” تثير التماهي والشفقة في العالم أكثر من فتاة نازحة من جباليا، الفتاة الإسرائيلية تشبه “العالم” أكثر.

لقد قيل كل شيء عن التجاهل وإخفاء ألم الفلسطينيين في الخطاب الإسرائيلي. وحتى الآن لم يقل ما يكفي. لم يولد بعد الشهيد الفلسطيني في قطاع غزة الذي له وجه واسم وقصة حياة، أصيبت إسرائيل بالصدمة بسبب قتله. حتى الـ 17 ألف طفل وفتى القتلى في القطاع كانت لهم أحلام وأمنيات وهم أبناء عائلات وتم تدمير عالمهم. الأغلبية عندنا لا تهمها أمرهم، والأقلية مسرورة لموتهم. في العالم يعتبرونهم ضحية مخيفة، لكن هناك بشكل عام لا ليس لهم وجوه وأسماء.

قلوب الإسرائيليين هي مع الضحايا الإسرائيليين. لا شيء مفهوماً وإنسانياً أكثر من ذلك. ولكن الحداد والحزن الوطني بهذا الحجم على المخطوفين الستة وتجاهل بالكامل لعشرات آلاف الضحايا الفلسطينيين، هو مرض وغير أخلاقي. نزع الإنسانية بدون أي إشارة إنسانية للضحايا أو حتى للأطفال القتلى الذين تم بتر أيديهم وأرجلهم، والأيتام والنازحين المصابين بالصدمة والجائعين والمرضى.

عشرات آلاف الأطفال كهؤلاء هم الآن على بعد مسافة ساعة من تل أبيب، وقلوبنا منغلقة تجاههم. ترسل المساعدات الإنسانية إلى الفلبين، وكلما أكثرت إسرائيل من بكائها على المخطوفين والقتلى، تظهر الفجوة غير المفهومة بين الحداد الوطني واللامبالاة المطلقة بالضحايا الفلسطينيين على نحو أكثر.

يصعب تخيل ما يشعر به سكان غزة إزاء العالم الذي اهتز بسبب المخطوفين الستة الإسرائيليين القتلى، في حين أن العالم يفقد اهتمامه بالـ 40 ألف فلسطيني قتيل. وعندما يتحدثون عن المخطوفين، فلا يتحدثون إلا عن الرهائن الإسرائيليين؛ وماذا بشأن مئات آلاف المخطوفين الفلسطينيين من القطاع والضفة، والمعتقلين الإداريين، و”المقاتلين غير القانونيين” والعمال الأبرياء الذين علقوا، الذين لا يتحدث أحد عنهم وحتى لا يذكر عددهم؟ بعضهم على الأقل في ظروف جهنم. إن لهم عائلات تخاف عليهم، وليس لديها أي فكرة عن مصيرهم منذ عشرة أشهر، وإسرائيل لا تسمح للصليب الأحمر بزيارتهم. في هذا الأسبوع أصابتنا شيرين فلاح صعب بالدهشة عندما تحدثت في “هآرتس” في 2/9 عن أحد الشهداء الفلسطينيين في غزة، محمد حليمي، “ميدو”، ناشط على “تك توك” ابن 19 سنة، الذي قتل عندما ذهب لشحن هاتفه المحمول. كان المقال بصيص ضوء في الظلام. قتيل فلسطيني في غزة له وجه واسم بفضل “تك توك” وشيرين فلاح صعب.

الحناجر تختنق من قصة ميدو، ليس أقل من الفيلم الأخير عن عيدان يروشالمي. هل مسموح أصلاً قول ذلك في إسرائيل 2024؟

——————————————–

يديعوت أحرونوت 5/9/2024

تحذير لقادة إسرائيل: الإرهاب اليهودي ضد الفلسطينيين في الضفة سينتقل إلى إسرائيل

بقلم: آسا كيشر

نشرت في الفترة الأخيرة ثلاث وثائق مهمة حول ما يجري في منطقة “يهودا والسامرة” [الضفة الغربية] لم تحظ باهتمام جماهيري وإعلامي يناسبها: الأولى خطاب الاعتزال لقائد المنطقة الوسطى، اللواء يهودا فوكس. والثانية كتاب رئيس “الشاباك” روني بار حول الأعمال الخطيرة التي ينفذها وزير الأمن وغيره. والثالثة خلاصة قائد المنطقة الوسطى اللواء آفي بلوط للتحقيق في أعمال الشغب اليهودية في قرية جيت الفلسطينية. قبل ذلك، نشر بيان مشترك مشابه لرئيس الأركان، ورئيس “الشاباك”، والمفتش العام السابق (للشرطة).

هذه الوثائق تؤدي بنا إلى تشخيص مناسب لمفترق الطرق الذي وصلنا إليه:

أولاً، تعمل في المناطق شبكة منظمات إرهاب يهودية. ومنظمة الإرهاب هذه هي مجموعة تنفذ أعمالاً تمس بالأرواح والممتلكات لزرع الخوف (“الإرهاب”) ضد مجموعة أخرى لدفعها لعمل مرغوب فيه من ناحية الإرهابيين، ألا وهو طرد الفلسطينيين من أماكن عيشهم وسكنهم من أجل السيطرة عليها، والاستيطان فيها، وضمها إلى إسرائيل.

ثانياً، لواء “شاي” من الشرطة، لا يعمل ضد منظمات الإرهاب هذه كما هو مطلوب منه حسب القانون، القانون الدولي وقيم الشرطة. ثمة شهادات على امتناع منتظم من جانب الشرطة عن التدخل في الأحداث واعتقال المشاغبين والتحقيق مع المشبوهين وتقديمهم إلى المحاكمة. سلوك الشرطة يعبر عن روح أجواء رعاية سياسية، تهب بقوة من نواب اليمين المتطرف ومن ممثليهم في الحكومة.

ثالثاً، التنسيق التنظيمي، المهني والعملياتي بين الجيش الذي هو صاحب السيادة في “المناطق” [الضفة الغربية] وبين الشرطة، لا يسمح للجيش بتأدية مهامه، حسب القانون، القانون الدولي وقيم الجيش الإسرائيلي، في الدفاع عن روتين حياة الذين يسكنون في “المناطق”، بمن فيهم الفلسطينيون.

رابعاً، سكان المستوطنات التي يسكن فيها النشطاء في منظمات الإرهاب، لا يعملون ضدهم بل يكتفون بتنديدات قليلة بلغة واهية.

هذا مفترق الإرهاب اليهودي، ويخرق طريقين: الأول، أن منظمات الإرهاب تعمل بدون عراقيل، بغية السيطرة بعنف على كل “المناطق” وبعد ذلك على دولة إسرائيل كلها. وفي الطريق الثانية، أجهزة أمنية تابعة للدولة تؤدي وظائفها في دفاع فاعل عن وجود الدولة وسلوكها في “المناطق”، حسب قيمها ومبادئها، بخلاف تام مع خطط منظمات الإرهاب وخطط كل من يقدم لهم الرعاية الحكومية وكل من يؤيدهم صمتاً.

التقدم في الطريق الثانية، الرسمية والمناسبة، لن يتاح إلا إذا اتخذنا خطوات ذات مغزى. نذكر مثلاً.

نقترح النظر في إلغاء أعمال لواء “شاي” التابع للشرطة، أو على الأقل إخراجه عن أي نطاق عمل حيوي، بخاصة مجال منع أعمال منظمات الإرهاب اليهودية. يجب أن يعاد للجيش الإسرائيلي مهمة أعمال المنع هذه، والسماح للجنود باعتقال المشاغبين والتحقيق مع المشبوهين وتقديمهم إلى المحاكمة العسكرية بتهمة النشاط الإرهابي. لقد ترك الجيش الإسرائيلي في أيدي الشرطة قسماً من مسؤولياته في “المناطق”، أما الشرطة فلم تقم بواجبها، والآن يجب أن تعود المسؤولية مع الصلاحيات اللازمة إلى الجيش.

ليس صعباً أن نفهم لماذا ترك الجيش المسؤولية والصلاحية بيد الشرطة، فهو غير متحمس للعمل ضد مدنيين إسرائيليين. لكن ما نفهمه من رئيس “الشاباك” ومن قائدي المنطقة الوسطى، أنه لا مفر للجيش الآن.

يجب إخراج هذه الأحداث من يد الشرطة وإعادة المسؤولية الكاملة مع كل الصلاحيات اللازمة إلى الجيش بمعاونة “الشاباك”.

إن خطر منظمات الإرهاب اليهودية، مثلما عرضه رئيس “الشاباك” ومثلما يفهم من أقوال قادة المنطقة الوسطى، ليس أقل من خطر على وجود دولة إسرائيل. هذا واجب التغيير فوراً.

——————————————–

هآرتس 5/9/2024

لماذا تمتنع إسرائيل عن “محاكمة” منفذي 7 أكتوبر.. وما الذي يخيفها من “لاهاي”؟

بقلم: حن معنيت

مع تقديم لوائح اتهام في الولايات المتحدة ضد السنوار وقادة آخرين في حماس، تم طرح سؤال: لماذا لا تحاكم إسرائيل مخربي حماس المسؤولين عن أحداث 7 أكتوبر في الغلاف؟ مصادر في النيابة العامة قالت للصحيفة إن عدداً من الصعوبات القانونية التي لها تأثيرات دولية هي التي تعيق اتخاذ قرار حول هل ومتى سيتم تقديم لوائح اتهام جنائية ضد المئات الذين تم اعتقالهم في إسرائيل في 7 أكتوبر وفي الـ 11 شهراً من العملية البرية في القطاع، هذا رغم انتهاء التحقيق مع عدد كبير منهم أو يوشك على الانتهاء. يجب اتخاذ تلك القرارات من قبل المستوى السياسية ومنظومة الاستشارة القانونية، التي يبدو أنها ستتأثر أيضاً بصفقة تحرير المخطوفين التي يتم النقاش فيها الآن، وبالأساس إذا أطلقت إسرائيل سراح مخربين في إطار هذه الصفقة.

نشرت قناة “كان” أن جهات في الشرطة انتقدت النيابة العامة لأن الولايات المتحدة قدمت لوائح اتهام في حين أن إسرائيل لم تفعل حتى الآن، ولكن مصادر في النيابة العامة تحدثت مع “هآرتس” قالت إن الإجراءات القانونية في إسرائيل تختلف عن الموجودة في الولايات المتحدة. وأضافوا بأن الإجراءات في إسرائيل تتعلق بمخربين كثيرين هم الآن قيد الاعتقال، في حين أن لوائح الاتهام في الولايات المتحدة تقدم ضد قادة كبار في حماس ليسوا على أراضيها.

المحامي يوفال كابلنسكي، مدير القسم الدولي السابق في النيابة العامة، أوضح أن لوائح الاتهام في الولايات المتحدة إعلانية فقط. فحسب قوله، “الأمريكيون يعتبرون لوائح الاتهام واجبة تجاه المواطنين الأمريكيين الذين تضرروا في 7 أكتوبر. ولكني لا أعتقد وجود مدع عام في الولايات المتحدة يؤمن وبحق أن السنوار سوف يعتقل ويحاكم في أمريكا. مع ذلك، ترتكز لائحة الاتهام على دلائل جمعتها الولايات المتحدة وإلى التحقيق الذي قامت به”. وحسب أقواله، فإنه خلافاً للولايات المتحدة، لا تقدم لوائح اتهام في إسرائيل ضد أشخاص ليسوا في المعتقل ولا متاحين للمنظومة كما الحال في الولايات المتحدة. وأشار إلى أن أمريكا تتصرف بشكل مختلف، وتفعل ذلك ضد أشخاص في أماكن لا قدرة لها على الوصول إليهم، مثلما في الحالة الحالية. “لوائح الاتهام تقدم وتبقى عالقة وسارية المفعول إلى حين حدوث معجزة، ويتم اعتقال هذا الشخص”، أوضح كابلنسكي.

في سجن عوفر وسجن كتسيعوت [النقب] في إسرائيل يتم اعتقال آلاف الفلسطينيين الذين اعتقلوا في البلاد في 7 أكتوبر أو أُحضروا من غزة في الـ 11 شهراً الأخيرة. وقد تم التحقيق معهم أو يتم التحقيق معهم من قبل “الشاباك” والشرطة والجيش. مئات من بينهم، الذين لهم علاقة بمذبحة 7 أكتوبر أو بتنظيمها، يحتجزون في معتقلات في مسار جنائي، يتم تمديد اعتقالهم جميعاً بشكل جماعي من قبل المحاكم كل 45 يوماً بأمر طوارئ خاص يسمح بذلك. المعتقلون لا يمثلون في المحكمة، بل يتم تمثيلهم كمجموعة واحدة من قبل المحامي محمد جبارين. مع ذلك، لم يلتق بعضهم مع جبارين بسبب أمر منع التقائهم مع محامي لمدة 120 يوماً.

يصنف المعتقلون في مسارين، مسار شبه إداري للمقاتلين غير القانونيين، ومسار جنائي تفحص الدولة فيه تقديم المشاركين في المذبحة للمحاكمة، بشكل مباشر أو غير مباشر. الأمر الذي يقف وراء التمييز بين المسارين هو أن الدولة تحرص على حقوق المعتقلين في المسار الجنائي، كي لا تطرح فيما بعد ادعاءات أن الدلائل جمعت منهم بشكل غير قانوني أو أنهم كانوا معتقلين بشكل غير قانوني أو تم احتجازهم في ظروف اعتقال استثنائية، اعتقال إداري بدون محاكمة.

حسب المعلومات التي وصلت إلى “هآرتس”، فإن عدداً من المعتقلين انتقلوا في الفترة الأخيرة من المسار الجنائي إلى المسار الإداري، وبالعكس. الانتقال بين المسارين قد يحدث عندما يتم التحقيق مع مشتبه فيه في المسار الجنائي، لكن لا يمكن العثور على أدلة ضده حول مشاركته في المذبحة أو العكس، وأثناء التحقيق مع مقاتلين غير قانونيين تظهر أدلة بحسبها كان هذا الشخص مشاركاً في هجوم 7 أكتوبر، وهكذا ينقل إلى المسار الجنائي.

إسرائيل تمتنع في هذه الأثناء عن اتخاذ قرار حول الطريقة التي ستتم فيها محاكمة المعتقلين بسبب عدد من الصعوبات والعقبات، التي لم تواجهها في السابق ولم يتم حتى الآن العثور على أي حل لها. من الصعوبات التي ظهرت، بلورة بنية الأدلة ضد المخربين لتقديم لوائح الاتهام. في بعض الحالات لا يوجد أي توثيق يربط مخرباً ما بعملية قتل ما. في حالات أخرى، تكون بنية الأدلة ضد المخربين متدنية، ما يصعب تقديمهم للمحاكمة، التي تمكن من فرض عقوبة شديدة عليهم. بناء على ذلك، يتم فحص إمكانية عقد محاكمة خارج قوانين البينات العادية وأيضاً تقديم المعتقلين للمحاكمة في مجموعات، مثلاً تصنيفهم حسب البلدات التي تم فيها تنفيذ أعمال القتل.

ولكن هذا الأمر قد يثير انتقاداً شديداً في العالم بشكل عام وفي المحكمة الدولية في لاهاي بشكل خاص، بذريعة أن الحديث لا يدور عن إجراءات قانونية نزيهة أو مقبولة لدى القانون الدولي.

من غير الواضح حتى الآن كيف يمكن لجهاز القضاء والنيابة العامة، التي تنهار الآن أيضاً تحت عبء الملفات، إجراء محاكمة على الاغتصاب والقتل لمئات المتهمين، وكيف سيتم إجراء هذه المحاكمات إذا تم عقدها، وهل ستكون علنية أم في غرف مغلقة. هنا، يتم فحص إمكانية محاكمتهم في محاكم عسكرية. وثمة موضوع آخر يتعلق بمسألة من الذي سيمثل المتهمين في الوقت الذي يرفض فيه الدفاع العسكري فعل ذلك حتى الآن. وثمة خوف آخر، وهو أن يؤدي تقديم لوائح اتهام في الوقت الحالي إلى الإضرار بالمخطوفين الإسرائيليين أو باحتمالية الدفع قدماً بصفقة تحريرهم.

في شباط الماضي، نقل المحامي كابلنسكي للنيابة العامة ووزارة العدل ولجنة الدستور في الكنيست برئاسة عضو الكنيست سمحا روتمان، موقفاً يؤيد إمكانية إجراء محاكمات سريعة ضد المخربين مع بقائهم في المعتقل بمكانة مقاتلين غير قانونيين. قانون المقاتلين غير القانونيين، الذي سُن في 2002 يسمح للدولة باعتقال مخربين في الاعتقال الإداري عملوا بشكل مخالف لقوانين الحرب الدولية، لفترة طويلة بدون إعطائهم حقوق أسرى الحرب أو حقوق المعتقلين في الاعتقال الجنائي العادي.

——————————————–

هآرتس 5/9/2024

هل سيكون “فيلادلفيا” بمثابة القشة التي تقصم ظهر “كامب ديفيد”؟

بقلم: تسفي برئيل

اتهامات إسرائيل لمصر بأنها لم تمنع دخول السلاح والوسائل القتالية والعبوات الناسفة عن طريق معبر رفح ومحور فيلادلفيا، أصبحت مملة. أول أمس، نشرت وزارة الخارجية المصرية بياناً استثنائياً من حيث شدته: “تصريحات نتنياهو (بخصوص محور فيلادلفيا) تستهدف إفشال الصفقة لوقف النار وتبادل المخطوفين والأسرى. ولكنها تصريحات موجهة لإفشال جهود وساطة مصر وقطر والولايات المتحدة. مصر ترفض كل الادعاءات التي قالها مسؤولون في إسرائيل بهذا الشأن، وتهدف إلى تبرير سياسة العدوان والتحريض الذي سيؤدي إلى التصعيد في المنطقة”.

في الحقيقة، هذه ليست المرة الأولى التي تدين فيها مصر نشاطات إسرائيل وترفض الاتهامات الموجهة إليها؛ فهكذا تصرفت أيضاً بعد أن سيطرت إسرائيل على معبر رفح في أيار الماضي؛ وعندما اتهمت إسرائيل القاهرة بمنع إدخال قوافل المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بعد أن أوضحت مصر بأنها لن تتعاون مع إسرائيل في إدخال المساعدات من معبر رفح بسبب موقفها المبدئي القائل بأن هذا التعاون يعني إعطاء الشرعية للاحتلال الإسرائيلي. ولكن الرد المصري كان في هذه المرة فظاً جداً ومؤيداً بالرياح التي تهب من البيت الأبيض، ويستند إلى أقوال الرئيس الأمريكي بأن نتنياهو لا يفعل ما يكفي للمضي بصفقة التبادل ووقف إطلاق النار. مع ذلك، أوضح المصريون بأنهم هم والقطريون سيستمرون في المضي بالصفقة، ولكن الحديث يدور حتى الآن عن بيان لا ذخيرة فيه ما دام نتنياهو متمسكاً بالموقف الذي يفضل محور فيلادلفيا على تحرير المخطوفين، وكأن الأمر يتعلق بصفقة تجارية.

يحاول رئيس الحكومة طمس سعيه لاحتلال القطاع لفترة طويلة، وهو التوق الذي يجب أن يقلق المواطنين في إسرائيل، كما يقلق مصر. تقرير نير دبوري في القناة 12، الذي جاء فيه أن نتنياهو أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي للاستعداد لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة بدل منظمات الإغاثة، يدل على أن مصر تدرك أكثر من مواطني إسرائيل الهدف الذي تسعى إليه دولة إسرائيل في القطاع. إن عدم نفي المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي هذا التقرير، يعزز هذا الادعاء.

يدور الحديث عن عملية دراماتيكية لم تحصل على الاهتمام الذي تستحقه في إسرائيل، وتفسير ذلك لا يتلخص فقط بأنها خطوة أولية قبل الاحتلال العسكري الكامل. ترى مصر أن معنى ذلك هو نية الإبقاء على قوات الجيش في القطاع وفي معبر رفح ومحور فيلادلفيا دون تقييد للوقت، وبشكل قد يخرق اتفاق كامب ديفيد. محللون وجهات رفيعة سابقة في الحكومة المصرية، يقدمون إحاطات منذ أيار بأن خطوة إسرائيل تضع مصر أمام قضية سياسية وقانونية معقدة، ما يلزمها فحص مكانة اتفاق كامب ديفيد واتفاق المعابر والترتيبات التي تم التوقيع عليها في العام 2005، التي تقرر فيها أن تضع مصر 750 جندياً من حرس الحدود في الطرف المصري على طول محور فيلادلفيا، وبعد ذلك وافق الطرفان على عدم اعتبار ذلك خرقاً لاتفاق كامب ديفيد. وحتى الآن، أجريت نقاشات علنية في وسائل الإعلام المصرية، في حين امتنعت الجهات الرسمية عن التحدث عن خرق اتفاق السلام. ولكن إذا تبين أن إسرائيل لا تنوي سحب القوات من غزة وأن حجم القوات الثابتة وعدد الدبابات والسيارات المدرعة ونشاطات سلاح الجو تتجاوز ما تقرر في التفاهمات التي صيغت طوال السنين، فربما يخضع النظام المصري لضغط كبير من الشعب. وكلما ازداد الضغط ستضطر مصر في نهاية المطاف لاتخاذ موقف حاسم، وهو ما قد ينتهي بنقاشات في مجلس الأمن حول خروقات إسرائيل.

المساعدات التي لا تساعد

في هذه الأثناء، تتراكم في مدينة العريش كمية كبيرة جداً من قوافل المساعدات الإنسانية التي لا يمكن إدخالها إلى القطاع. وحسب تقارير في وسائل إعلام عربية، تم إتلاف مئات الأطنان من البضائع التي انتهت صلاحيتها أو تم توزيعها على مواطني المدينة بدلاً من توزيعها على أهدافها في قطاع غزة، لأن المخازن التي خصصت لاستيعاب المساعدات امتلأت ولا مكان لاستيعاب بضائع جديدة. مئات الشاحنات تقف في شوارع العريش وتشوش روتين الحياة هناك، وأيضاً على الشارع المؤدي منها إلى القطاع. يقول المواطنون إن سائقي الشاحنات يحصلون على أجرة مقابل إخراجها من المدينة إلى مناطق في الصحراء قريبة منها.

مصدر المساعدات في معظمه من دول أجنبية، وبالأساس دول عربية، وكان يمكن استخدام معبر رفح كمسار رئيسي لإدخالها إلى القطاع. ولكن إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع مصر على فتح المعبر، فستجد إسرائيل نفسها في وضع يجب فيه عليها توزيع المساعدات التي ستدخل من معبر كرم أبو سالم، وحتى ربما فتح معابر أخرى. وقد تضطر إسرائيل أيضاً إلى أن تمول بنفسها كميات الغذاء والأدوية إذا قررت الدول المانحة عدم إرسال المزيد من المساعدات. وهكذا سيتم إلقاء المسؤولية بالكامل على إسرائيل من أجل توفيرها.

إضافة إلى العبء المالي الكبير الذي يبلغ مليارات الدولارات التي يتسبب بها هذا التطور على مدى السنين، سيجعل حياة جنود الجيش الإسرائيلي ورجال الشرطة ورجال الحماية معرضة للخطر في مهمات غير عسكرية، غير مشمولة في أهداف الحرب. سيكون من المهم رؤية كيف سيرد الجمهور في إسرائيل على قتل الجنود أثناء توزيع الغذاء في مخيمات اللاجئين في غزة، وكيف سيرد شركاء نتنياهو عندما يعرفون أن إسرائيل هي التي تمول المساعدات الإنسانية من الميزانية التي قد تتقلص بعشرات مليارات الشواقل.

الشراكة مع مصر مطلوبة

إذا قررت إسرائيل تحمل كامل عبء الاحتفاظ بالقطاع والصمود أمام الضغوط الدولية وفرض العقوبات عليها عندما تتبين نيتها احتلال قطاع غزة “بشكل كامل”؛ وتعريض اتفاق السلام مع مصر للخطر، وربما مع دول عربية أخرى، فستحتاج إلى خدمات مصر. إسرائيل تحتاج مصر شريكة في إدارة القطاع حتى لو من أجل ترتيب انتقال المرضى والمصابين والسماح بخروج المدنيين الذين يريدون إيجاد ملجأ لهم في دول أخرى.

في هذه الأثناء، لا تعمل القاهرة على الحفاظ على الوضع الراهن، وتعمل على إيجاد قنوات سياسية جديدة لتثبيت نفسها في المنطقة. أمس، لأول مرة بعد 11 سنة قطيعة، قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة رسمية إلى أنقرة ووقع على عدة اتفاقات اقتصادية وتكنولوجية واستراتيجية مع تركيا. وربما تشتري مصر طائرات بدون طيار من إنتاج تركيا، وربما حتى سفن دوريات.

لقد شكلت مصر وتركيا مجلساً أعلى للتنسيق الاستراتيجي، الذي سيعقد للمرة الأولى هذا الأسبوع، وهكذا سيتم استكمال ترميم العلاقات بين الدولتين بعد قطعها في 2013 عندما عزل السيسي الرئيس محمد مرسي، رجل الإخوان المسلمين وحليف تركيا. محادثات التقارب بين الدولتين تستمر منذ سنتين، لكن الأمر الذي رجح الكفة لصالح استئناف العلاقات هو المصالح المشتركة، الاقتصادية بالأساس، التي تغلبت على معظم الخلافات. مفهوم “صديقي الرئيس المصري” استبدل بشتيمة “السيسي قاتل”، الذي استخدمه اردوغان طوال سنوات.

في الوقت نفسه، تواصل إيران جهوداً لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع القاهرة في إطار استراتيجية “السلام مع الجيران”. هذه الاستراتيجية تبناها الزعيم الروحي الأعلى آية الله علي خامنئي بعد أن ساعدت هذه الاستراتيجية في التوصل إلى المصالحة مع الإمارات والسعودية. استئناف العلاقات بين طهران والقاهرة لا يتوقع أن يكون في الغد، لكن الحديث لا يدور عن قناة نظرية. مع ذلك، تعتبر مصر حتى الآن عاملاً حيوياً في التحالف المناوئ لإيران برئاسة الولايات المتحدة، الذي قد تنضم إليه دول الخليج والأردن وإسرائيل. لكن في الوقت الذي تعتبر فيه إسرائيل عاملاً معادياً، وعندما تدين السعودية نشاطات إسرائيل في القطاع، وفي الوقت الذي تخشى فيه مصر من سيطرة إسرائيل على غزة، فإن هذا التحالف الذي يستهدف تأسيس “سور دفاع” استراتيجي إقليمي بدأ يميل إلى التلاشي.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 5/9/2024

للمعسكرين الإسرائيليين: حتى “فيلادلفيا” لن يجلب الأمن من دون “تسوية شاملة” مع الفلسطينيين

بقلم: آفي شيلون

الخطاب الذي ألقاه كل من نتنياهو وغانتس وآيزنكوت، نرى فيه تطوراً إيجابياً في الخطاب الجماهيري – أخيراً قادة المعسكرين يعرضون موقفهم من استمرار الحرب بوضوح. قال رئيس الوزراء أموراً واضحة: علينا الاحتفاظ بمحور فيلادلفيا لمنع تهريب السلاح. حتى لو كان الثمن التخلي عن أمن عشرات آلاف سكان الشمال ممن لا يمكنهم العودة إلى بيوتهم؛ وحياة المخطوفين ممن لا يمكنهم أن يتحرروا بدون صفقة؛ وحياة الجنود الذين يتعرضون للقتل في ظل حرب متواصلة ما زالت أهدافها حتى اللحظة غير واضحة (وسنشعر بثمنها الاقتصادي قريباً). نتنياهو لم ينتبه إلى أن اقتراحه هو، في واقع الأمر، عودة إلى السياسة ما قبل 7 أكتوبر: إغلاق بوابات غزة لنكون مسؤولين عنها بدلاً من فك الارتباط عن غزة تماماً ثم البحث عن حل سياسي يتضمن السلطة الفلسطينية والدول العربية المعتدلة بدون حكم حماس.

أما غانتس وآيزنكوت فقد شرحا بأن المخطوفين لن يعودوا بدون حل وسط على فيلادلفيا، والأفضل إقامة عائق تحت أرضي من مرابطة جنود- سيشكلون أهدافاً للعمليات – في استحكامات فوق الأرض. ليس عندي شك أن الأفضل، في الظروف الحالية، وحماس منهارة وغزة مدمرة، المساومة على محور فيلادلفيا، والوصول إلى صفقة تعيد المخطوفين وكذا تهدئ الشمال وتسمح ببداية عودة السكان.

لكن ما ينقص الجدال الجماهيري هو موقف واحد لم يقل للجمهور، وهو الحاسم: متى تعتزم إسرائيل وقف الحرب، التي كانت مبررة وأدت إلى انهيار حماس، لكن ضرر استمرارها فاق فضائلها؟ فحتى لو تراجع نتنياهو عن محور فيلادلفيا، فإننا نسير نحو صفقة على مراحل لم نتلق فيها إلا بعضاً من المخطوفين، ومعقول وسنكون مطالبين في كل مرحلة بمزيد من الخلافات، ثم سننتظر الشائعات مرة أخرى عن مزيد من المخطوفين الذين قتلوا، وسيواصل الشمال اشتعاله أشهراً أخرى. وعليه، فالمطلوب شجاعة أكثر من مجرد تأييد الصفقة.

الحقيقة أن ما ينبغي أن يكون على الطاولة من جانب معارضي سياسة نتنياهو، التي تسعى لمواصلة القتال، هو المطالبة بصفقة واحدة، شاملة، في إطارها تعيد لنا حماس كل المخطوفين ولا تعود إلى الحكم مثلما كانت، وبالمقابل توقف إسرائيل الحرب، وهذه هي المصلحة الإسرائيلية الجوهرية.

هكذا نتمكن من التفرغ لتسوية في الشمال، وترميم المجتمع واستكمال المفاوضات بالسلام مع السعودية، الذي في إطاره ستشارك دول عربية في نظام سلطوي جديد في غزة وإجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية في الضفة كخطوة نحو مفاوضات معهم. هذه هي الوصفة الوحيدة التي تسمح لإسرائيل بالاستعداد لمعركة مستقبلية حقيقية مع حزب الله وإيران وكذا للعيش هنا مع أمل في مستقبل من المصالحة.

يجب المطالبة بالانتخابات على هذه المسألة؛ على ما نريد نحن الإسرائيليين في واقع الأمر عقب الحرب.

في هذا السياق، نتنياهو بالفعل محق في أن كون محور فيلادلفيا مرتبطاً بمحور الشر، لكنه يرتبط بأن من يصر على وجود استراتيجية تتصدى لمحور الشر بالاحتفاظ بمحور فيلادلفيا في واقع الأمر، لا يقترح أي تصدّ جدي لإيران وحزب الله، بل يتمترس في حل عسكري محلي فقط.

من يخطط للتصدي بجدية وبحكمة لمحور الشر، عليه أن يفهم بأن فيلادلفيا ليس سوى ورقة واحدة يمكننا مقابله بناء حلف استراتيجي مع السعودية والدول العربية المعتدلة، إلى جانب الولايات المتحدة، ضد محور الشر. بالتوازي، وجب أن تكون هناك قيادة إسرائيلية شجاعة تعلن للجمهور بأنه علينا أن نفهم بأن الحل الذي قد يجلب أمناً حقيقياً إنما يكمن في تسوية سياسية مع الفلسطينيين. نعم، على إسرائيل الآن استغلال نتائج الحرب التي أضعفت حماس بحيث إن رجالها شوهوا استطلاعات تأييد لها في أوساط الفلسطينيين، ووضع بنية تحتية على الأقل لإجراء مفاوضات حول التعايش هنا. على المدى البعيد، هذه هي الوصفة الوحيدة لنصر مطلق.

وعليه، حتى لو كان من الخير في هذه اللحظة وجود جدال جماهيري على الصفقة وتفاصيلها، لكن علينا أن نتذكر بأنه جدال يفوت القصة الأكبر: يجب إنهاء الحرب في غزة، ومن الأفضل في صفقة واحدة شاملة، لأنها مصلحة إسرائيلية.

——————————————–

هآرتس 5/9/2024

قيادة المعارضة: “فيلادلفيا” ليس سوى بعبع يخوف به نتنياهو الإسرائيليين لضمان بقائه

بقلم: أسرة التحرير

أخيراً فعل رئيس المعسكر الرسمي بيني غانتس والنائب غادي آيزنكوت اللذان وقفا علناً بكل ثقل وزنهما الأمني كرئيسين سابقين للأركان وكعضوي كابنيت الحرب سابقاً لتفنيد الأكاذيب التي يغذي بها رئيس الوزراء مواطني إسرائيل في وقت حرج بهذا القدر. ويئير لبيد أيضاً عمل على نحو صائب أيضاً حين قال: “ما دامت هذه الحكومة قائمة، فالحرب ستستمر”.

نتنياهو يكذب أمام الجمهور حين يصف محور فيلادلفيا كتهديد وجودي. بتهكم يخيف الجمهور الذي إحساس الأمن لديه مهزوز منذ 7 أكتوبر، كي يبرر إصراره على بقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا – بثمن حياة المخطوفين وبخلاف موقف جهاز الأمن والوزير غالانت.

لا يتناول نتنياهو محور فيلادلفيا لسبب أمني ولا لسبب استراتيجي؛ بل ليعرقل إمكانية إعادة المخطوفين من خلال صفقة بات واضحاً أنه غير معني بها، خصوصاً في هذه المرحلة، كونها تعرض استمرار حكمه للخطر. محور فيلادلفيا يمسك بباب ديوان رئيس الوزراء.

مشكلة نتنياهو أن وزير الدفاع يرفض التعاون مع هذه الكذبة. غالانت ومعه رئيس الأركان هاليفي أوضحا بأنه لا مانع أمنياً من التوقيع على صفقة تتضمن انسحاباً من محور فيلادلفيا. وعليه، فقد توجه نتنياهو إلى الجمهور. وكجزء من حملة تشهير وإلقاء المسؤولية والذنب على جهاز الأمن منذ 7 أكتوبر، يصور غالنت كنوع من الخائن لأنه لم يفقد استقلاليته.

وعليه، كان غالانت وآيزنكوت ملزمين بالتوجه إلى الجمهور للوقوف إلى جانب جهاز الأمن والوزير غالنت بعد الهجوم عليهم، وإلى جانب الواقع الأمني غير المتعلق بشعارات نتنياهو الفارغة بل بالحقائق التي على الأرض. “محور فيلادلفيا لا يشكل تهديداً وجودياً على إسرائيل”، أوضح غانتس. ووصف آيزنكوت مؤتمر لنتنياهو الصحفي بأنه “خطاب التخويف”، وقال إن الوضع الاستراتيجي لإسرائيل لن يقوم ويسقط على المحور. كلاهما شددا على الأهمية الاستراتيجية العليا لصفقة مخطوفين، ووصفا نتنياهو بأنه يعرقلها لأسباب سياسية داخلية.

في ضوء أكاذيب نتنياهو، بات على رجال الحقيقة الوقوف كي يعكسوا الأمور على حقيقتها أمام الجمهور ويمنعوا عن نتنياهو ترك المخطوفين لمصيرهم في ظل أكاذيب في موضوع تهديد وجودي وضعضعة الثقة بجهاز الأمن. بعد أقوال غانتس وآيزنكوت ولبيد وربما بضعة شجعان آخرين، نأمل أن يتعزز المطلب الجماهيري لوقف الحرب وإعادة المخطوفين في صفقة. كل يوم تتأخر فيه الصفقة يقرب المخطوفين من موتهم.

——————————————–

 

 

 

إسرائيل اليوم 5/9/2024

من المشروع الإعلان عن ان احتفاظ قواتنا بمحور فيلادلفيا

 

بقلم: غيرشون هكوهن

مواطن إسرائيلي فهيم يستمع لكل ما يقوله زعماؤه. من جهة عن الحيوية الأمنية الضرورية للتمسك الإسرائيلي بمحور فيلادلفيا، ومن جهة أخرى عن فهم كل المسألة كهراء تام واحبولة سياسية، وهو ببساطة يريد أن يعرف ما هو الصحيح حقا.

بشكل منطقي يعرض الخلاف ظاهرا ثلاثة مواقف. الأول يصف كامل التهديدات المرتقبة من هجر السيطرة الإسرائيلية في محور فيلادلفيا وانطلاقا من ذلك مستعد أيضا للتنازل عن تحرير المخطوفين. الموقف الثاني يدحض في تحليل امني الأساس للتقدير بان هجر المحور ينطوي على خطر حقيقي وهام، وعليه فليس في المسألة أي مانع للتقدم في صفقة التحرير. الموقف الثالث، الذي يكاد لا يسمع يقبل التقدير بان هجر المحور من قبل الجيش الإسرائيلي ينطوي بالفعل على مخاطر امنية هامة للغاية، ولكنه أيضا يقبل بلا تحفظ الواجب للعمل على تحرير المخطوفين، لدرجة الاستعداد للمرونة ولاخذ مخاطر امنية في كل ما يتعلق باستمرار السيطرة الإسرائيلية في محور فيلادلفيا.

الموقف الثالث هو موقف كلاسيكي يتمثل بـ “هذا وذاك”. هو يقبل انه من ناحية عملياتية – امنية السيطرة الإسرائيلية في فيلادلفيا هي السبيل الوحيد لمنع طوفان تهريب الوسائل القتالية. غير أنه يشدد على ما عرف كيف يشدد عليه بن غوريون، بانه فضلا عن النظرة الأمنية توجد دوما منظومة اعتبارات عامة، من مسؤولية وصلاحية رئيس الوزراء وصاحب السيادة، لان يفحص عموم الاعتبارات بما في ذلك الفهم المرغوب فيه في أن يمتنع عن ان يعتبر من قبل مجموعات في الشعب كمغلق الحس لمسألة المخطوفين. يوجد هنا وعي لان احتمال الشرخ الاجتماعي الكامن في المسألة يمكنه أن يكون ذا ضرر جسيم لمستقبل دولة إسرائيل. في نظرة كهذه، فان التطلع لتحرير المخطوفين كهدف وطني يستوجب من القيادة مرونة بالنسبة للمطلب المهني الصحيح في الاحتفاظ بفيلادلفيا.

في وضع كهذا شرعي بالتأكيد الإعلان عن أن احتفاظ قواتنا بمحور فيلادلفيا ضروري، ومع ذلك ان نكون مستعدين لان نأخذ المخاطر التي تنطوي على ترك المحور اذا ما فتحت حقا فتحة لصفقة التحرير. هذا موقف متوازن اكثر من الموقف الذي يطلب من اجل تحرير المخطوفين التفنيد من الأساس للحاجة الأمنية للاحتفاظ بالمحور.

حتى عندما قرر أريك شارون ترك محور فيلادلفيا في 2005 لم يكن ممكنا القول انه من ناحية امنية لم تكن أهمية للوعي بالخطر الأمني. ما حصل هو ان شارون، لاعتبارات عامة مثل الرغبة في تلقي اعتراف دولي بان إسرائيل تركت غزة، قرر أن يضع الاعتبارات الأمنية جانبا رغم الاعتراف بالخطر. الواقع الذي تطور منذئذ على كل ما نقل في مجال المحور، بما في ذلك بغض النظر المصري من سيناء على قطاع غزة علمنا حجم الخطر.

في هذه النظرة، نتنياهو حقا لا يكذب حين يشير الى مدى المخاطر في هجر المحور. انطلاقا من آلية خلاف سياسي يتهمونه بان كل موضوع فيلادلفيا ليس اكثر من احبولة إعلامية. لكن بالتوازي، في الجهد لتفنيد وصف المخاطر التي في ترك المحور، يحاولون أيضا ان يرووا بانه يوجد جواب للمخاطر مثل بناء عائق في عمق الأرض مع جساسات، مثل اتفاق متجدد مع الأمريكيين والمصريين في كيفية ضمان المحور من تسلل وسائل قتالية.

في هذا الحديث يعترفون في واقع الامر بوجود خطر، وفي اعقابه حاجة للاحتفاظ بالمحور من قبل الجيش الإسرائيلي، لكن يسعون لايجاد بدائل. لو كانوا دققوا في مثل هذا القول، لكان البحث أصبح اكثر موضوعية، في التركيز على مدى القدرة للاعتماد على البدائل. في كل حال نقطة اللقاء للتوافق الواسع وللبحث الجماهيري الموضوعي تكمن في إمكانية المرونة المتمثلة بالطريق الثالث.

*الجنرال غيرشون هكوهن، شغل منصب قائد الكليات العسكرية حتى ديسمبر 2011، تم تعيينه قائدا للمنطقة الشمالية في الجيش في يناير 2010 ، يعمل حاليا باحث في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية، عاد إلى الخدمة الاحتياطية في جيش الاحتلال لفترة محدودة خلال حرب غزة 2023-2024م.

——————————————–

إسرائيل اليوم 5/9/2024

الشباك: الاونروا تشكل خطرا امنيا على دولة إسرائيل

بقلم: شيريت افيتان كوهن

مرة أخرى أضواء تحذير على أعمال وكالة الغوث الاونروا في أراضي دولة إسرائيل – لكن ضدها.

في مداولات سرية أجريت هذا الأسبوع في لجنة الخارجية والامن حذرت مندوبة الشباك من ان “الاونروا تشكل خطرا امنيا على دولة إسرائيل، وعليه فمن المهم العمل على اغلاقها. لقد سبق لهذا الموقف ان طرح في الماضي ولم يدفع حكومة إسرائيل لان تعمل على اغلاق الوكالة، والان يتبين السبب: بعد اقوال مندوبة الشباك قال مندوبو وزارة الخارجية وهيئة الامن القومي ان “العمل على تشريع عنيف اكثر مما ينبغي في موضوع الاونروا كفيل بان يؤدي الى أوامر اعتقال ضد كبار رجالات المستوى السياسي”.

وكما نشر في “إسرائيل اليوم” يواصل منسق اعمال الحكومة في المناطق العمل مع الوكالة في غزة رغم مشاركة رجالها في الإرهاب. في شرقي القدس وفي الضفة أيضا يتواصل عمل الوكالة دون عراقيل. في اثناء المداولات اخذ النواب الانطباع بان الخوف الأكبر من المس باعمال الوكالة يعتمد على أن المحكمة الدولية في لاهاي تبحث في طلب المدعي العام بإصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالنت. كما ان مندوب وزارة العدل في المداولات أيد اغلاق الوكالة لكنه حذر من التداعيات.

في اثناء المداولات العلنية تناول رئيس اللجنة النائب يولي ادلشتاين ما نشر في “إسرائيل اليوم” وقال: “عندما اسمع بان تطعيمات شلل الأطفال في غزة ستعطيها الاونروا لا افهم ما هو موقف إسرائيل. فاستخدام خدمات الاونروا بعد أن قيل لهذه اللجنة ان النية هي تقليص التعاون بكل طريقة ممكنة؟ ينقص هنا وضوح وهناك حاجة للتشريع”. هذا وطرحت امام اللجنة ثلاثة اقتراحات: الأول من النائب بوعز بسموت، يقترح حظر الاونروا العمل في أراضي إسرائيل السيادية. الاقتراح الثاني للنائبة يوليا ميلنوبسكي للإعلان عن الاونروا كمنظمة إرهاب. والاقتراح الثالث للنائب دان كاتس الذي شارك اقتراحا مشابها للنائب دان ايلوز للقول ان تعليمات أمر الحصانة والامتيازات للأمم المتحدة لا تنطبق على الاونروا والعاملين من قبلها.

——————انتهت النشرة—————