افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معاريف 8/9/2024
لم نحقق أيّاً من أهداف الحرب
بقلم: حاييم رامون
وزير إسرائيلي أسبق
إليكم بعض الحقائق الصعبة التي لا يجرؤ المستويان السياسي والعسكري على قولها. بعد 11 شهراً على الحرب، لم نحقق هدفاً واحداً. صحيح أننا ضربنا «حماس» بقوة، لكننا لم ندمّر سلطتها المدنية، ولم نقضِ على قدرتها العسكرية، ولم نحرر كلّ المخطوفين، ولم نُرجع الأمن إلى الجنوب. يجب الإشارة إلى عضو الكنيست، غادي آيزنكوت، الذي كانت لديه الشجاعة للاعتراف بذلك أمام الجمهور، وكونه كان مراقباً في «كابينيت الحرب»، فهو أيضاً يتحمل المسؤولية عن الوضع الذي وصلنا إليه.
نحن الآن لسنا على بُعد خطوة واحدة من النصر، بل على بُعد خطوة واحدة من هزيمة إستراتيجية. لكن السياسيين في الائتلاف، وفي المعارضة، غير مستعدين لتقديم خطة إستراتيجية جديدة، لأن هذا يتطلب منهم شرح أثمانها الحقيقية للجمهور.
الطريقة الوحيدة لتحقيق أهداف الحرب، أي القضاء على حُكم «حماس»، وعلى قدرتها العسكرية، كانت بوساطة احتلال عسكري شامل، وحُكم عسكري مؤقت، وسيطرة أمنية دائمة على القطاع. هذا ما كان يجب أن نفعله منذ بداية الحرب، وهذا ما كان يجب أن نفعله منذ عدة أشهر عندما عرفنا أنه من المؤكد أن الخطة التي وضعتها رئاسة هيئة الأركان العامة لن تحقق أهداف الحرب، والآن يبدو أن الوقت تأخر، بينما الجيش منهك، ووضعنا الدولي سيئ جداً.
مخطط صفقة المخطوفين المقترح حالياً هو بمثابة كارثة. لكن ليس لدى السياسيين على طرفَي المتراس الجرأة على القول للجمهور: إن السبيل الوحيد لإعادة المخطوفين هو إبرام صفقة من «مرحلة واحدة»، تُنهي فيها إسرائيل الحرب بصورة رسمية، وتعيد «حماس» كل المخطوفين دفعة واحدة (طبعاً، ليس لديهم الجرأة على ذِكر الثمن الباهظ الذي سندفعه في مقابل هذه الصفقة). استناداً إلى آيزنكوت، فإن الأغلبية الساحقة في مجلس الحرب المصغر والعام تدفع باتجاه صفقة من «مرحلة واحدة»ـ لكن بدلاً من النضال من أجل ذلك، فإنهم خضعوا لنتنياهو الذي يريد عقد صفقة على مراحل.
يتعين على نتنياهو أن يعلن اقتراح صفقة، تنهي فيها إسرائيل الحرب بصورة رسمية، وتحرّر «حماس» كل المخطوفين دفعة واحدة خلال وقت قصير. وإذا لم يوافق السنوار عليها، فإن هذا الاقتراح سيعيد الوحدة الداخلية على الأقل، وسيُظهر لعائلات المخطوفين، وحتى لمعارضي نتنياهو، أن «حماس» هي المتهمة بإفشال الصفقة. ومثل هذا الاقتراح سيحسّن شرعية إسرائيل على الساحة الدولية، وكذلك، فإن رفض «حماس» سيمنح إسرائيل اعتماداً مفتوحاً لمواصلة القتال في غزة.
صحيح أن هذه الحقائق صعبة ومخيفة. فالوضع الأمني لدولة إسرائيل هو الآن في أدنى مستوياته. وأمامنا أيام صعبة، ويبدو أننا سنتورط في حروب أُخرى في الأعوام المقبلة. لكن كذب السياسيين والضباط الكبار علينا، يمنعنا من النظر إلى الواقع بصورة صحيحة، واستخلاص النتائج المطلوبة من الإخفاق الكبير في 7 تشرين الأول، والإدارة الفاشلة للحرب. حان الوقت الذي يجب على كل الذين يكذبون علينا، لاعتبارات سياسية وشخصية، إخلاء الساحة وتركها لزعماء يقولون الحقيقة للشعب.
——————————————–
يديعوت احرونوت 8/9/2024
ضباط كبار: المستوى السياسي يشجع التصعيد في المناطق
بقلم: رون بن يشاي
الى جانب المعركة المتواصلة في غزة وعلى طول حدود الشمال الساحة الثالثة التي ينشغل فيها جهاز الامن هي يهودا والسامرة التي تبذل فيها حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني والايرانيون وحزب الله أيضا جهودا عظيمة لجعلها ساحة حرب نشطة.
“حقق الجيش الإسرائيلي في الأسبوع الماضي نجاحات جدية في اعماله الهجومية في عدة مخيمات للاجئين في المناطق ضد “الكتائب” المسلحة التي قامت فيها وتحاول ان تضرب أساسا من خلال العبوات الناسفة، السيارات المتفجرة واطلاق النار على سيارات إسرائيلية في محاور السير. هذه النجاحات لا تضمن بعد الا يكون اشتعال واسع الذي يبدو أنه لا يزال امامنا”، يقول مصدر أمني.
فضلا عن حملات “ابحث ودمر” التي تستند الى معلومات استخبارية في مخيمات اللاجئين، يجتهد الجيش لمنع انضمام شامل للسكان في الضفة يحول موجة الإرهاب والانتفاضة المكبوتة الى انتفاضة كاملة. وعليه فبخلاف مطالب المستوطنين في الضفة الجيش الإسرائيلي يزيل الموانع التي فرضها في اعقاب السيارات المفخخة ويحاول السماح للسكان بحرية حركة ورزق أكبر قدر الإمكان.
في جهاز الامن يعتقدون بان حقيقة أن معظم الشبان الفلسطينيين في الضفة عاطلون عن العمل الان لانهم لا يستطيعون العمل في إسرائيل هي احدى الأمور التي تؤدي الى تصعيد متزايد للاعمال الإرهابية لدرجة التخوف من هجوم جماهيري فلسطيني على مستوطنات إسرائيلية توجد على مقربة منهم.
في قيادة المنطقة الوسطى، بقيادة اللواء آفي بلوط وقائد فرقة المناطق ياكي دولف يفعلون افضل ما في وسعهم من خلال اعمال هجومية ومعلومات استخبارية فاخرة، لكن الى أن تغلق حدود الأردن كما ينبغي وطالما واصل المتطرفون من المستوطنين هجماتهم واعمال الشغب التي يقومون بها في البلدات الفلسطينية فان المنطقة – كما يقولون في الجيش – لن تهدأ.
في الجيش يمتنعون عن قول هذا مباشرة لكن رجال الاحتياط الذين يخدمون في المناطق وبينهم ضباط كبار يقولون ان عمليا المستوى السياسي واساسا وزير الامن القومي ايتمار بن غفير ووزير المالية سموتريتش هم المتسببين المباشرين لعدم تضاؤل الاعمال الإرهابية. فهذه تتسع الى مناطق جنوب السامرة حيث يتركز الهياج. وبزعم قادة كبار في الاحتياط وفي النظامي يمتنع الجيش عن تنفيذ اعتقالات يطالب بها الشباك في ارجاء الضفة، ببساطة لان ليس له ما يكفي من المعتقلات التي يفترض بوزير الامن القومي ووزارته ان يوفرها. والنتيجة هي ان مخربين كثيرين وبؤر معلومات عن الإرهاب يتجولون بحرية ببساطة لانه لا توجد أماكن لحبسهم.
خطر الجريمة القومية
كما أن عربدة المشاغبين اليهود او ما يسمى “الجريمة القومية” تدفع الكثير من الشبان الفلسطينيين بالانضمام الى دائرة الإرهاب. شرطة “شاي” لا تؤدي مهامها، والجيش يضطر لانعدام البديل لان يعمل أيضا كشرطة مدنية دون أن تكون له الصلاحيات القانونية لذلك. وبالتالي يقلص بأقصى حد الاضرار لكنه لا يمنع الاحتكاك بين الفئتين السكانيتين. “هذا الوضع لا يمكن أن يستمر. نحن على شفا انفجار كبير في يهودا والسامرة”، يقول ضابط كبير عاد منذ زمن غير بعيد من قلقا جدا من جولة في الميدان. المشكلة هي اشتعلت في الضفة انتفاضة واسعة، فسيضطر الجيش لان يوظف هناك قوات غفيرة ليست لديه. سلوك وزير الامن القومي ايتمار بن غفير الذي يحج الى جبل البيت وبخلاف الوضع الراهن يشجع الصلاة في المكان، يتسبب هو أيضا بغضب شديد وحسب محافل الامن كفيل بان يشعل ليس فقط ساحة الضفة بل والعالم العربي كله.
من بحث أمني اجراه رئيس الوزراء يوم الخميس مساء في قاعدة الكريا في تل أبيب، بمشاركة طاقم المفاوضات وكبار رجالات جهاز الامن يتبين أن الجيش الإسرائيلي سيتعين عليه أن ينفذ تجنيد احتياط كامل كي يتمكن من أن يقاتل في آن واحد بقوة عالية في كل الجبهات. “هذا ممكن”، يقول ضابط كبير، “لكن المستوى السياسي ملزم بان يساهم بنصيبه في الجهد سواء في الجاهزية القصوى لحلول وسط في موضوع صفقة المخطوفين، واذا رفض السنوار فعندها بتهدئة المستوطنين والمساعدة في جهدنا الاستخباري في يهودا والسامرة”.
من الصعب الا نلاحظ مشكلة أخرى: الإحباط العميق الذي يشعر به المستوى العسكري من موقف المستوى السياسي تجاه القيادة العليا للجيش الإسرائيلي، لتوصياتها في موضوع المخطوفين وإدارة الحرب بعامة. هذا بدأ بالاتهامات التي توجه على أساس يومي تقريبا الى كبار رجالات الجيش من وزراء بل ومن رئيس الوزراء نفسه اذ يتهمونهم حصريا بقصورات 7 أكتوبر الرهيب وكذا بادارة فاشلة للحرب. ويقول ضابط كبير جدا في الاحتياط يعرف جيدا المزاج في الجيش الإسرائيلي انه “هذا ليس محقا وهو يخرب على الجهد الحربي. هم يتهمون مباشرة هرتسي هليفي ويطالبون باستقالته في الوقت الذي يكون تواجده حيوي لادارة الحرب. كما أن المستوى السياسي يحاول اشعال حرب جوج وماجوج، واساسا سموتريتش وبن غفير، والتي في اعقابها يطرد كل الفلسطينيين برأيهم من يهودا والسامرة ومن قطاع غزة وعندها سيكون ممكنا تحقيق حلم بلاد إسرائيل الكاملة لتكون بسيطرة يهودية حصرية. هكذا يفكرون بجدية وهذه وصفة للكارثة”، يقول ذاك الضابط الكبير في الاحتياط الذي تحدثت معه هذا الأسبوع. وعلى حد قوله، فانه “لا يوجد في هيئة الأركان حاليا “حرب جنرالات” مثلما كان في 1973 في حرب يوم الغفران. ولا حتى قريب من هذا. فألوية الأركان بالذات يعملون معا بتنسيق ويحطمون الرأس كيف ينجحون في مثل هذه الحرب التي فشل الامريكيون وجيوش أخرى فيها في فيتنام، في أفغانستان وأين لا”. لكن الادعاء الأساس للمستوى الرفيع في الجيش الإسرائيلي يتمثل بقول سمعته هذا الأسبوع: “توجد لنا نجاحات جميلة في قطاع غزة، في الضفة وحتى في اعمالنا الجوية في الشمال، لكن هذه النجاحات في المستوى العمومي لا يترجمها المستوى السياسي لانجازات استراتيجية، وذلك ببساطة لانه لا تتخذ القرارات الضرورية. فلا يوجد قرار بشأن حكم مدني بديل لحكم حماس في غزة، لا يوجد قرار بشأن متى وكيف في الشمال ونحن لا نزال نفكر حتى كيف نتصدى، مع الأمريكيين، لاندفاع ايران نحو النووي”. ان احباط الضابطية العليا جراء غياب القرارات في كل المجالات من المستوى السياسي يدفع ضباط كبار كثيرين هذه الأيام للتفكير بـ “وضع المفاتيح على الطاولة” والاعتزال في ظل اتهامهم نتنياهو ووزرائه علنا بالمراوحة المتواصلة في المكان والتي تنتظرنا من هنا فصاعدا.
يبقون حتى الحسم
صحيح ان قسما هاما من أولئك الضباط الكبار يشعرون بالحاجة الى الاعتزال وذلك أيضا بسبب دورهم في قصورات 7 أكتوبر. لكن يمكنني أن أقول من محادثاتي مع بعض منهم بان هذا يثقل عليهم كل يوم وكل ليلة لكنهم مقتنعون بانه في هذه اللحظة في ذروة الحرب الاعتزال دفعة واحدة لبعض منهم او لكلهم بمن فيهم رئيس الأركان، سيخرب الجهد الحربي وسيعمق الانشقاق والانقسام الداخلي في الشعب ويفاقم وضعنا الأمني. ولهذا فان كبار رجالات هيئة الأركان على الأقل يعتزمون البقاء وحمل الجيش الى الحسم في كل الجبهات، ربما ليس دفعة واحدة لكن حسب المزاج في الهيئة يبدو أنهم يعتقدون انه يمكن عمل ذلك، على أن يتخذ المستوى السياسي أخيرا قرارات تسمح للجيش بان يبادر ويصل الى حسم استراتيجي على الأقل في كل ما يتعلق بقطاع غزة والساحة اللبنانية.
——————————————–
يديعوت احرونوت 8/9/2024
اليمين الصاعد في المانيا واليسار متحدان في تأييد وقف المساعدة لاوكرانيا
بقلم: بن درور يميني
كان واضحا ان اليمين المتطرف في صعود. ورغم ذلك، كانت نتائج الانتخابات في المانيا مفاجئة. أوروبا التي عرفناها تغير وجهها. كل دولة ويمينها. بين السكني والأسود يوجد خمسين لون. حزب الـ AFD، “البديل لألمانيا”، يوجد في منطقة الألوان فيها تسود. الفاشية هناك. على خلفية كراهية إسرائيل في دوائر اليسار التقدمي، في أوروبا مثلما في أمريكا، كان يمكن لاحزاب اليمين ان تكون وزنا مضادا ليس ألـ AFD. قبل سنوات وصلت الى إسرائيل بروكا باتري. كانت في حينه زعيمة الحزب. التقينا. “نحن لسنا لاساميين ولا عنصريين”، قالت لي. “نحن ضد الهجرة. لا يزال يوجد لدينا عناصر مؤيدة للنازية”، اعترفت، “لكننا نحاول التخلص منهم. هم لا يمثلون الحزب الذي أترأسه”.
كانت مقنعة بما فيه الكفاية. غير أنه مرت أشهر غير كثيرة وتبين ان تلك المحافل كانت اكثر سيطرة مما كان يخيل لها. كانت على ما يكفي من الاستقامة كي تترك الحزب. الـ AFD اليوم لا يحاول ان يبدو معتدلا.
المانيا الرسمية بالتأكيد تؤيد إسرائيل. لكن الشارع الألماني اقل بقليل. توجد تقارير لا حصر لها عن احداث اسرائيلية، والتي هي بشكل عام لاسامية أيضا. بشكل عام هذا يأتي من ائتلاف اليسار المتطرف ومن الإسلاميين والان من اليمين المتطرف أيضا. في الأسبوع الماضي حصل على نحو 33 في المئة في ولاية تورونجية و 30.6 في المئة في سكسونيا. الوسط السياسي، الذي يتشكل منه الائتلاف الحاكم يفقد القوة. دول الغرب التي قامت اجمالا على أساس انقسام الآراء وفقا لمنحنى غاوس (او منحنى الجرس) تتميز أكثر فأكثر بالانقسام مع جرس مزدوج من اليسار المتطرف اكثر بكثير ويمين متطرف اكثر بكثير، مع وسط آخذ في الضعف. هكذا في الولايات المتحدة وهكذا في بعض من دول أوروبا.
هذه بشرى سيئة للديمقراطية: احدى مزايا اليسار المتطرف واليمين المتطرف هي الانعزالية. اليمين الصاعد في المانيا واليسار أيضا متحدان في الموقف في أنه يجب وقف المساعدة لاوكرانيا. والمعنى العالمي هو تعزيز جدي لروسيا، وبشرى ممتازة لإيران ولمحور الشر. هذه بشرى سيئة للعالم الحر الذي يرفض أن يرى المخاطر التي تتربص به، وهذا بشرى سيئة لإسرائيل.
من يعارض المساعدة لاوكرانيا، يصل الى المعارضة للمساعدة لإسرائيل. وقد سبق لهذا ان حصل: في بريطانيا، بالحكم العمالي أعلنت الأسبوع الماضي عن وقف 30 نوع من ارساليات السلاح الى إسرائيل. لإيطاليا كان تصريح مشابه حتى قبل ذلك. يمين؟ يسار؟ الموقف من إسرائيل مشابه.
نحن ننزل باللائمة على أنفسنا، وليس دوما على حق، على “سياقات” تحول ظاهرا إسرائيل الى المانيا الثلاثينيات. هذا هراء. يوجد يمين متطرف، عنصري وفاشي – لكن ليس اكبر، وبشكل عام اصغر، من اليمين المتطرف في كثير من دول أوروبا. لكن يوجد فرق: ليس لدول أوروبا حدود مع كيان إرهابي يهددها بالابادة. هناك، حتى بلا تهديد وجودي، اليمين المتطرف في ارتفاع مستمر. عندنا لا حاجة لان تؤيد هذا اليمين، لكن يمكن الفهم على أي خلفية ينمو.
في اوربا القصة مختلفة. هناك هذه هي الهجرة، التي تم استيعاب بعضها بشكل رائع، وقسم آخر وعلى ما يبدو اكبر يرفض أن يستوعب. في 2004 نشر الصحافي البريطاني ديفيد غودهارد مقالا تحت عنوان “اضطراب متدفق”، اثار نقاشا جماهيريا واسعا. في الماضي، ادعى غودهارد، كان مجتمع انساني، مع قيم مشتركة، وهكذا نلنا التضامن ودولة الرفاه. موجات الهجرة خلقت تنوعا. وكلما ازداد تآكل القاسم المشتركة وكذا التضامن.
منذ عقدين كان فيه هذا هو واقع أوروبا، التي فتحت بواباتها للمهاجرين. والان هذا يهاجمها من اتجاهين: المهاجرين الذي يرفضون الاندماج واليمين المتطرف الذي يذكر الكثير من دول أوروبا واساسا المانيا بالايام السيئة من القرن الماضي.
العالم الحر، بما في ذلك إسرائيل، يقف امام المعضلة ذاتها. كيف نحافظ على فكرة تأسيسية مشتركة في عصر الهجرة الجماعية؟ لا توجد أجوبة سهلة. لكن يخيل أن أوروبا كلها تدفع ثمنا باهظا على سياسة الأبواب المفتوحة. من ناحية إسرائيل المشكلة مزدوجة. من جهة يسار متطرف ينضم الى مظاهرات الكراهية التي يقوم بها الإسلاميون؛ من جهة أخرى اليهود سبق لهم ان كانوا ذات مرة في فيلم صعود اليمين المتطرف. كراهية مزدوجة وليس فيها ذرة رحمة.
——————————————–
هآرتس 8/9/2024
الضفة تتحول الى غزة وغزة الى الضفة
بقلم: نوعا لنداو
في الوقت الذي تناول فيه الخطاب الاعلامي في نهاية الاسبوع بجدية كبيرة، كرة الوحل التي القيت كما يبدو في البحر نحو ايتمار بن غفير، وكل الدولة واصلت الغرق لاجيال في الوحل الحقيقي الذي يغرقها فيه بن غفير وشركاءه: تحويل الضفة الغربية الى قطاع غزة وقطاع غزة الى الضفة الغربية. هذه العمليات هي عمليات عميقة ومتوازية وتخلق واقع خطير في المحورين المرتبطان ببعضهما البعض، اللذان تم تسريعها بشكل كبير منذ الحرب في 7 اكتوبر وتداعياتها.
في الضفة، الحرب في غزة ترفع نسبة التصعيد تقريبا على كل الصعد. ففي الجانب الفلسطيني تزداد الدافعية لاعمال العنف الى جانب زيادة تهريب السلاح؛ عنف المستوطنين يزداد برعاية حكومة اليمين المتطرفة؛ الجيش الاسرائيلي بدأ يتخذ في الضفة حضور متزايد بالوسائل والقوة المتأثرة مباشرة من الحرب في غزة.
قتل الابرياء اصبح أمر روتيني بالاعداد التي لم يكن بالامكان تخيلها قبل الحرب في غزة، التي قامت بتطبيعها. وكل ذلك تحت القمع الاقتصادي المتواصل الذي تفرضه اسرائيل هناك منذ تشرين الاول وسحق السلطة الفلسطينية رغم أنها حتى الآن هي الشريك الوحيد على الارض في مكافحة الارهاب. واذا استمر الامر هكذا فان هذا التوجه سيؤدي بالضرورة في مرحلة معين الى حمسنة مطلقة للضفة الغربية وزيادة العنف والاحتكاكات اليومية بين الفلسطينيين والمستوطنين والجيش. هذه ستكون غزة 2.
في موازاة ذلك في غزة نفسها حكومة نتنياهو تريد ليس فقط ابقاء في المنطقة تواجد اسرائيلي عسكري ثابت، بل ايضا فرض الحكم العسكري. هذا يتبين، ضمن امور اخرى، من التسريبات والتقارير التي تفيد بأن اسرائيل تنوي السيطرة في القريب على توزيع المساعدات الانسانية في القطاع. في نفس الوقت حركة المستوطنين بدأت في اعداد البنية التحتية للمستوطنات المدنية بعمق كبير في القطاع. نحن نعرف كيفية حدوث هذه الامور لأننا شاهدنا ذلك في الضفة وفي غزة قبل الانفصال. في البداية الكنيس ستخدم الجيش، وبعد ذلك سيكون حاخامات ومدارس دينية بشكل دائم، وبعد ذلك كل هذا سيتحول الى مستوطنات. الشباب سيتملصون وسيتم اخلاءهم مرة تلو الاخرى من الكرفانات الى أن تتم “شرعنة” البؤر الاستيطانية في غزة.
مثلما اقتبست شيني ليتمان في “هآرتس” في نهاية الاسبوع اعضاء اليمين الذين اصبحوا مستعدين لهذه العملية: “في البداية سيصادقون لنا على أن نقوم بنوع من الصلاة خلف الجدار، بعد ذلك سيسمحون لنا بأن نبقى هناك وقت اطول بقليل والنوم هناك لليلة واحدة. هكذا، شيئا فشيئا نحن نأمل في أن نصل الى الوضع الذي نستوطن فيه وراء الجدار”.
ما هو النموذج، تساءلت. هم قالوا: “الاقرب الينا هو العودة الى حومش، هذا ما حدث هناك، لم يتم انتظار المصادقة. فقد جاءت بعد 15 سنة. كان هناك استيطان على الارض، ومبنى لفترة معينة، وبعد ذلك جاءوا وقاموا بتدميره. الآن، الحمد لله، توجد عائلات في حومش”.
هذه ايام تاريخية، بمعنى أنها ستحدد التاريخ لاجيال. اذا لم يتم وقف هذه التوجهات في القريب فمن المحتمل أن الفروقات بين الضفة وغزة سيتم طمسها بصورة لا رجعة عنها. الضفة وغزة ايضا ستشتعل وستصبح متطرفة كل يوم تحت الاحتلال وحكم اسرائيلي عسكري، والى جانبها مستوطنات وبؤر استيطانية واحتكاكات عنيفة يوميا بين المدنيين. كل ذلك من خلال التهديد المستمر بقوة مختلفة من كل الجبهات في محور ايران – الشمال والشرق والجنوب. جهنم. ايضا توسيع “اتفاقات ابراهيم” في هذا الوضع يمكن رميه في سلة القمامة. بدلا من التحالفات الاقليمية سنحصل على حرب يأجوج ومأجوج التي يأمل بها المؤيدون الافنغلستيون لترامب.
الصفقة لاعادة المخطوفين ووقف اطلاق النار في غزة يمكن أن تكون الفرصة الاخيرة من اجل منع حلم جهنم هذا. هدوء في غزة سيمكن من تهدئة الضفة. بالتأكيد بذلك لن تنتهي دائرة العنف، لكن سرعة التدهور سيتم كبحها بشكل قليل في الوقت الذي يكون بالامكان فيه تخطيط بدائل، اذا كان هناك من يدفع بها قدما.
حول كل ذلك ايتمار بن غفير، الذي هو من رؤساء وكلاء الفوضى، لا يريد أن نتكلم الآن وبحق. هو يريد نثر ذرات الرمل في عيوننا الى أن يصبح الوقت متأخر جدا.
——————————————–
معاريف 88/9/2024
قبل اتخاذ قرار بالهجوم على لبنان يجب خوض بحث استراتيجي
بقلم: افي اشكنازي
في الأيام الأخيرة يفهم جهاز الامن بان إسرائيل ملزمة بان تخرج الى عملية واسعة في لبنان كي تضرب حزب الله وتخلق واقعا جديدا على الأرض. الحاجة واضحة، لكن في هذه اللحظة للمستوى السياسي غير قليل من الأفكار – في هذا الاتجاه وذاك. فالترددات في مسألة الخروج الى هجوم او الانتظار لموعد آخر – هي ترددات حقيقية.
يوجد غير قليل من التحفظات على الخروج الى هجوم. أولا، الجيش الإسرائيلي لم ينهي المهمة في قطاع غزة. 101 مخطوفا لا يزالون في ايدي حماس، الجيش لم يهزم نهائيا منظمة الإرهاب وهو ملزم بالابقاء على قوات كثيرة في القطاع.
توجد حاجة لانعاش الصفوف والاليات، كون الجيش الإسرائيلي ليس مبنيا لحرب طويلة لسنين. كما أن جبهة الضفة تتطلب من يوم الى يوم المزيد من المقدرات والطاقة على حساب القوات في الشمال. إضافة الى ذلك، في جهاز الامن يريدون الإبقاء على أثر المفاجأة في الهجوم على حزب الله. لكن اليوم – بعد 11 شهرا من القتال، من الصعب خلق اثر كهذا.
موضوع آخر يقلقون به في إسرائيل هو الشرعية الدولية لعملية واسعة. والمقصود أولا وقبل كل شيء هو الولايات المتحدة، التي توجد في هذه اللحظة في المصاف الأخير للانتخابات للرئاسة. حتى هنا قائمة الاعتبارات للامتناع عن الهجوم الان.
اما قائمة الاعتبارات التي في صالح العملية هنا والان، فطويلة بقدر لا يقل.
لقد أزال الجيش الإسرائيلي في الـ 11 شهرا “الصدأ” في كل المنظومات وفي كل الوحدات. يعمل الجيش اليوم كآلة حرب قوية وناجعة. وحدة الصف في الوحدات عالية.
عموم الالوية اجتازت الى القتال في قطاع غزة، كما اجتازت تدريبات غائية تفصيلية للقتال في جبهة لبنان.
في اثناء الـ 11 شهرا الأخيرة نجح الجيش الإسرائيلي في ضرب قدرات حزب الله. نحو 600 مخرب قتلوا وأصيب الالاف. بين المصابين أيضا كل سلسلة قيادة المنظمة. كما أن الأسلحة أصيبت وأبيدت. وهذه قائمة جزئية فقط.
بالتوازي، في جانبنا لحق بالشمال ضرر شديد. بلدات فارغة، اقتصاد منهار، ازمة اجتماعية. توجد حاجة عاجلة لاعادة سكان الإقليم الذي تخلت عنه حكومة إسرائيل ودولة إسرائيل.
لكن قبل أن يتخذ في إسرائيل القرار بالخروج الى هجوم في لبنان يجدر اجراء بحث استراتيجي هنا. واولا وقبل كل شيء ينبغي ترسيم خط النهاية: هل نبني حزاما أمنيا في لبنان؟ هل نقسم مستوطنات مثل “شافيه سور”، “سافيونيه النبطية” ام ربما “كدمات مرجعيون”؟ ينبغي أن نقرر مع الأمريكيين والاسرة الدولية وصفة فصل القوات بعد القتال ونحدد مسبقا خطة الاعمار للشمال. هذا ما يسمى استراتيجية. وعندما تكون استراتيجية كهذه، سيكون ممكنا التفكير لجدية في الخطوة العسكرية.
في هذه الاثناء، المستوى العسكري – وعلى رأسه رئيس الأركان الفريق هرتسي هليفي – اطلق مرة أخرى تحذيرات من حرب تحل لتوها علينا.
لقد شدد وضاعف الجيش الإسرائيلي الإصابات الأليمة لمنصات صواريخ حزب الله. ونشر الناطق العسكري بان لواء يفتاح انهى مناورته اللوائية لمهمة القتال في لبنان.
بالمقابل حزب الله هو الاخر لم يبقَ غير مبال. وفي استعراض عرضي صغير اطلق امس 30 صاروخا على مدى دقيقة. بمعنى انه أراد أن يقدم لإسرائيل نموذجا عن قدراته النارية التي لا تنتهي.
في السطر الأخير، الشمال في هذه اللحظة مهجور، مضرور ومحروق – ومشكوك أن يتغير وضعه قريبا.
——————————————–
هآرتس 8/9/2024
مع قيادة فلسطينية ممزقة وقيادة اسرائيلية هستيرية، الجبهة في الضفة ستتسع
بقلم: جاكي خوري
الاحداث في الضفة الغربية في الاسبوع الماضي، بدءا بمحاولة تنفيذ العمليات التي شملت استخدام السيارات المفخخة وانتهاء بالعملية الواسعة في شمال الضفة، تشير الى أن المعركة ارتفعت درجة وأن حكومة نتنياهو تقود الى توسيع الحرب ضد الفلسطينيين، ليس فقط في القطاع.
في اسرائيل سيعتبرون ذلك صراع ضد “البنى الارهابية” في شمال الضفة والمس بالمطلوبين، في حين أنهم في الساحة الفلسطينية اصبحوا يدركون أن الحكومة حرة بما فيه الكفاية للعمل بشكل كبير في الضفة، ربما الاكبر منذ 2002، بدون أي قيود. الضغط الدولي، هذا اذا وجد، يتركز في هدف واحد وهو اعادة المخطوفين بثمن وقف مؤقت لاطلاق النار أو وقف دائم في القطاع من اجل التوصل الى الهدوء في الشمال، وربما كبح رد ايران، اذا جاء مثل هذا الرد، ليس أكثر من ذلك.
منذ اسبوع والجرافات والمعدات العسكرية تزرع الدمار في مدن الضفة وفي مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم ونابلس، ويبدو أن هذا لا يعني أي أحد. فقط قتل الناشطة الامريكية من اصل تركي أدى الى رد مقتضب للادارة الامريكية والاهتمام بما يحدث. باستثناء ذلك فان كل الانباء عادية من الساحة الفلسطينية، بما في ذلك قتل فتاة عمرها 13 سنة وهي في غرفتها في قرية قريوت.
بعد شهر ستكون قد مرت سنة على الحرب، وفي اسرائيل يتشاجرون على طبيعة احياء ذكرى احداث 7 اكتوبر والنضال الشعبي من اجل اعادة المخطوفين. في الاسبوع الماضي ثبت أن الدعوة الى العصيان المدني، بما في ذلك الاعلان عن الاضراب من قبل الهستدروت، لم تؤثر على الحكومة ورئيسها. بالعكس، كلما مر الوقت وضع نتنياهو يتحسن وخصومه الذين كان يجب أن يكونوا البديل له يتراجعون. سبب ذلك هو الخوف من طرح بديل وخطة سياسية منظمة لأنهم وبحق “يخافون”.
الجدال حول محور فيلادلفيا يظهر كموضوع سياسي تكتيكي أقل منه موضوع استراتيجي. لو أنه لم يكن هناك مخطوفون لكان من المشكوك فيه أن يعارض أي أحد في اسرائيل الاستمرار في السيطرة على المحور، وبشكل عام على كل القطاع، على الاقل في المدى القريب. وحتى لو أنهم في اسرائيل لا يرون ذلك إلا أنهم في الساحة الفلسطينية يفسرون الامور بهذا الشكل، لا يوجد في اسرائيل من يمكنه قيادة عملية ناجعة ضد نتنياهو وخطة شركاءه.
بدون أي صلة بما يحدث في الساحة الداخلية الاسرائيلية، ايضا في الساحة الفلسطينية لا يبدو أن هناك أي أحد يدرك حجم هذه الساعة. ابعاد القتل والدمار في القطاع تسمح بالتحدث الآن عن نكبة، وهذا غير مبالغ فيه. في الضفة الغربية الخطط لا تقل خطورة عن ذلك – اخلاء تجمعات، تقليص تواجد الفلسطينيين في مناطق ج، الضغط وتدمير مخيمات اللاجئين كما يحدث في جنين ونور شمس وطولكرم، اضافة الى خطط مكشوفة وممولة من اجل تسريع مشروع الاستيطان.
كل ذلك يضع القيادة الفلسطينية، ما بقي منها، أمام تحديات كبيرة، حيث أنه في الحقيقة لا توجد لها أي قدرة على التأثير. عند بداية العملية في الضفة في الاسبوع الماضي اعلن مكتب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بأنه سيقوم بقطع زيارته في السعودية. الجمهور الفلسطيني لم يشعر بأي تغيير، وبالتأكيد اسرائيل لم تتأثر من هذه العودة المستعجلة للرئيس الى المقاطعة.
ايضا في حماس زادوا في الاسابيع الاخيرة الدعوات الى الاعلان عن ايام غضب في الضفة والخروج الى الشوارع، لكن هذا ايضا لم تكن له استجابة شعبية. من خرجوا فعلوا ذلك للمشاركة في الجنازات وفي الدعوة للانتقام والتماهي مع المسلحين المطلوبين الذين يعتبرون الرمز للجيل الشاب الذي نما على الارض بدون هرمية أو قيادة وتمويل، وبدون خطة منظمة.
حتى شهر نيسان، حيث اغرقت المسيرات المؤيدة لفلسطين شوارع العواصم الاوروبية والجامعات الامريكية، كان يبدو أن الحرب في القطاع اعادت القضية الفلسطينية الى واجهة المسرح والاهتمام الدولي. ولكن كلما مر الوقت فان الاحتجاج والاهتمام خفت. حتى أن النقاشات في الحاكم الدولية والجنائية في لاهاي تجري بتباطؤ. ربما أن الانتخابات الامريكية التي ستجري بعد شهرين بقيت هي بؤرة الاهتمام التي يمكن تعليق الآمال عليها وعلى الادارة الديمقراطية التي وبحق تريد تحقيق أي شيء قبل تشرين الثاني، لأن هذا يخدمها سياسيا أمام حملة ترامب العنيفة.
في الساحة الفلسطينية السياسية لم يتم استغلال الزخم، والآن هذا بالتأكيد لن يغير الوضع البائس. ممثلو فتح وحماس وصلوا الى الصين ووقعوا على وثيقة مصالحة داخلية اخرى مثل سابقاتها (في موسكو والقاهرة والدوحة وجدة). ولكن لا أحد يصدق بأن هذه الوثائق ستؤدي الى شيء. ايضا بعد سنة على الحرب المدمرة فان القيادة الفلسطينية الممزقة والمنقسمة لم تعرف كيفية الدفع قدما بعملية جدية أو مبادرة تدل على حدوث أي تغيير.
عندما يكون هذا هو الوضع، ازمة قيادة فلسطينية وضغط دولي ضعيف وحكومة يمين مسيحانية في اسرائيل، فانه لا أحد سيصاب بالدهشة اذا استمرت الحرب لاشهر اخرى، والعمليات في الضفة توسعت اكثر وعدد الضحايا ازداد، من بينهم مدنيون ليست لهم أي علاقة وسيدفعون الثمن، بما في ذلك المخطوفين الاسرائيليين في القطاع.
——————————————–
إسرائيل اليوم 8/9/2024
إسرائيل عالقة في كل الساحات، لكن الجبهة الأصعب هي الداخلية
بقلم: يوآف ليمور
مسؤول إسرائيلي كبير سُئل في نهاية الأسبوع الى أن تسير إسرائيل أجاب ببساطة: “الى اللامكان”. عندما طُلب منه أن يوسع في الحديث، أجاب بان إسرائيل عالقة في كل الساحات، مع إمكانية اكبر للتورط مما لحل مشاكلها.
استعراض سريع لعموم الساحات يبين أن هذا التعريف صائب للغاية. في غزة تواصل إسرائيل النشاط العسكري الذي نتائجه محدودة في ضوء المقاومة القليلة نسبيا من جانب حماس. صحيح أن الجيش افاد أمس بتصفية قائدي كتيبتين في الجهاد الإسلامي وعن هجوم لبضعة اهداف لحماس، لكن هذه إنجازات تكتيكية – محلية، تأثيرها على المعركة العامة طفيف، وبالتأكيد لا تقربها من تحقيق هدفيها الأساسيين – إعادة المخطوفين وهزيمة حماس.
يخيل أنه لا يوجد الان سوى خطوتين يمكنهما أن ينقذا إسرائيل مما يلوح كوحل غزي. الأولى هي صفقة مخطوفين، التي لا تبدو في هذه اللحظة في الأفق، رغم أن الأمريكيين كفيلون بان يطلقوا في اثناء الأسبوع مقترح جديد. فالعنزات التي ادخلها الطرفان – حماس مع زيادة عدد القتلة الذين تطالب بتحريرهم وإسرائيل مع مطلبها بالبقاء في محور فيلادلفيا – تقلص الاحتمال للوصول الى اتفاق الا اذا ما طرأت انعطافة غير مرتقبة.
الخطوة الثانية هي تصفية يحيى السنوار. إسرائيل تبذل جهدا جما للعثور عليه لم تعطي ثمارها حتى الان. اذا ما نجحت، سيكون بوسعها أن ترى في ذلك صورة نصر بالضرورة ستنهي أيضا اجتثاث كل قيادة حماس. هذا سيحصل في وقت ما وان كان يجدر بإسرائيل الا تعلق كل امالها عليه. حماس وان كانت ستضعف جدا، لكنها ستبقى حتى بدون زعيمها، وستبقى إسرائيل مطالبة بان تحسم كيف ستتصرف بغزة (وما تفعله مع المخطوفين). في جبهة الشمال أيضا الوضع معقد. إسرائيل تراوح في المكان، وبعيدة عن حل يتيح إعادة سكان الشمال الى بيوتهم. بغياب احتمال لاتفاق منفرد مع حزب الله يوجد لإسرائيل امكانيتان: اتفاق في غزة يسكت حدود الشمال او تصعيد مبادر اليه بمعانيه الواسعة. ان امتناع الحكومة عن اجراء بحث في الموضوع وحتى عن إضافة الشمال كهدف رسمي للحرب يبقي المنطقة سائبة لنار حزب الله التي تتصاعد كل شهر تعبر عن نفسها بتوسيع دوائر الإصابة بالبلدات وبالممتلكات ومن شأنها أيضا ان تؤدي الى إصابات بالارواح (مثلما حصل في مجدل شمس)، تؤدي بالضرورة الى تصعيد غير مرغوب فيه.
بالتوازي مع هاتين الساحتين الاساسيتين، تنجر إسرائيل الى توسيع اعمالها في الضفة. معطيات الإرهاب الفلسطيني توجد في ارتفاع مقلق بما في ذلك ارتفاع في مشاركة جهات لم تندرج حتى الان الى دائرة الإرهاب. هذا يبرز أساسا في شمال السامرة (مع التشديد على جنبن وطولكرم)، لكن استيقاظ منطقة الخليل مقلق على نحو خاص لان الحديث فيها يدور عن نواة أيديولوجية صلبة ومؤيدة لحماس وكفيلة بان تحول موجة الإرهاب الى انتفاضة حقيقية.
يحاول الجيش والشباك صد هجمة الإرهاب هذه بالوسائل المعروفة: “عمليات احباط واسعة (ناجحة في معظمها)، مع تصعيد النشاط العسكري المبادر اليه بحجوم متغير وفقا لطبيعة التهديد في كل جبهة. لكن محافل مختلفة تحذر منذ الان من انه يحتمل بان تكون حاجة الى اعمال أوسع تلزم على خلفية ضائقة القوات بالاقتطاع من القوات في غزة وفي الشمال وتجنيد واسع إضافي للاحتياط كذلك.
شرطة الرمال لبن غفير
وان لم تكن تكفي كل هذه الجبهات فلا يمكن الا تقلقنا على نحو خاص الجبهة الداخلية. فانعدام الثقة المتزايد بالحكومة في أوساط واسعة في الشعب، على خلفية امتناعها عن تحقيق صفق مخطوفين وعلى خلفية عودة التشريع القضائي يجر مواجهات واسعة تظهر جوانب عديدة في إسرائيل تتضعضع فيها الديمقراطية بسرعة.
ان اعتقال الشابة نوعا غولدنبرغ يوم الجمعة هو مثال ممتاز على ذلك. فحسب الادعاء (الذي تنفيه) القت غولدنبرغ حفنة رمال نحو وزير الامن القومي ايتمار بن غفير، وهو موضوع كان يمكن أن يؤدي في اقصى الأحوال الى توقيفها واستدعائها الى التحقيق في بداية الأسبوع. بدلا من هذا اعتقلت وقيدت بيديها وقدميها واخفيت على مدى ساعات بينما تكذب الشرطة لابناء عائلها وللنواب عن مكان تواجدها وبعد ذلك أدخلت الى المعتقل في نافيه ترتسا رغم أنها تعاني من مرض عضال ولا تشكل أي خطر. الادعاء الذي بموجبه ان من شأنها ان تشوش الأدلة سخيف على نحو خاص، وكأن بوسعها ان تخفي كل الرمال عن شاطيء تل أبيب.
ودرء للشك: العنف محظور، ولئن كانت غولدنبرغ اعتدت على الوزير فان عليها أن تخضع للتحقيق (واذا وجدت أدلة – يمكنها تقديمها الى المحاكمة). لكن الخفة التي اعتقلت بها الشرطة الأسبوع الماضي معارضي الحكم مقلقة جدا، ولا سيما في ضوء حقيقة ان معظمهم اطلق سراحهم على الفور، بلا اتهام ولا شروط مقيدة. كل هذا، كما يجدر بالذكر، في الوقت الذي يسير فيه أحرارا المشاغبون الذين اقتحموا الشهر الماضي قاعدتي سديه تيمان وبيت ليد وأولئك الذين اعتدوا على الفلسطينيين في جيت، دون أن تبدي الشرطة إياها ائتمانا خاصا بالعثور عليهم وباعتقالهم.
——————————————–
هآرتس 8/9/2024
في جنين، بيتا وقريوت، تم دفن الموتى، واسرائيل تثاءبت
بقلم: جدعون ليفي
ظهر أول أمس جرت جنازة في مخيم جنين للاجئين. ثمانية من الموتى كانوا من ابناء المخيم الذين قتلهم الجيش، وثلاثة ماتوا بشكل طبيعي. جميعهم لم يكن بالامكان دفنهم في الايام العشرية الاخيرة بسبب عملية الجيش الاسرائيلي الوحشية في المخيم. خمس جثث اخرى تم اختطافها من المخيم من قبل الجيش لاغراض خاصة.
في صباح يوم الجمعة خرج الجيش من المخيم بعد انتهاء العملية التي تحمل الاسم السادي “المخيمات الصيفية”. وسكان المخيم بدأوا في العودة الى بقايا بيوتهم بعد المخيم الصيفي للجيش. كانوا مصابين بالصدمة. شخص قال أمس إن المشاهد قاسية جدا، اكثر من المشاهد في عملية “السور الواقي”، ايضا سلوك الجنود لم يكن في أي وقت بهذا العنف مثلما في العشرة ايام الفظيعة هذه. روح الحرب في غزة اصبحت روح العصر في الجيش. من تحدثت معه، جمال الزبيدي، الذي فقد حتى الآن في النضال تسعة من ابناء العائلة المقربين، من بينهم ابنان له، وفي الاسبوع الماضي فقد حمودي ابن شقيقه زكريا الزبيدي. مرة اخرى عاد الى بيته المدمر. مثلما في 2002. في العشرة ايام للعملية اختبأ في بيت ابنته الذي يوجد على الجبل. ثلثا سكان المخيم الذي يبلغ عدد سكانه 12 ألف شخص تم اخراجهم منه. قادوهم في طوابير من اللاجئين تحت مراقبة الجنود مثلما حدث في قطاع غزة.
في الوقت الذي كانوا فيه في جنين يدفنون الاموات اطلق الجنود النار على طفلة في قرية قريوت، بانا البوم (13 سنة) قتلت في بيتها في القرية التي حاول سكانها الدفاع عن انفسهم بعد أن قام المستوطنون باحراق حقولهم. المستوطنون يشاغبون والجيش يأتي ويقتل بالتحديد الفلسطينيين. هذا يسمى في وسائل الاعلام “مواجهات”. من يتم اغتصابه يتشاجر مع مغتصبه، ومن تتم سرقته يتشاجر مع سارقه. بجنون اجهزة الاحتلال فان المعتدي يصبح هو الضحية والضحية هو المعتدي.
في نفس الوقت، غير بعيد عن قريوت، في قرية بيتا اطلق الجنود النار على متضامنة، وهي الناشطة لحقوق الانسان امريكية من اصل تركي ايزنور عزغي ايغي، في مظاهرة جرت ضد المستوطنة الوحشية افيتار التي اقيمت على اراضي القرية والتي كان ثمنها ليس اقل من حياة سبعة فلسطينيين. البيت الابيض اعلن عن “قلقه العميق” بسبب هذا “الموت المأساوي”، لكن الحديث لا يدور عن “موت مأساوي”. مراسل “هآرتس” يونتان بولك قال إنه شاهد أحد الجنود وهو يصوب السلاح من فوق سطح، وبعد ذلك سمع اطلاق نار في الوقت الذي لم تكن فيه أي مواجهات في المكان. “القلق الرئاسي” سيمر بسهولة. الرئيس الامريكي لم يقم بالاتصال مع عائلة المتضامنة مثلما قام بالاتصال مع عائلة غولدبرغ بولين، هي ايضا لن يتم تذكرها كبطلة امريكية مثل هيرش الذي تم اختطافه واعدامه.
في اليوم الذي تم فيه تنفيذ عمليات القتل الاجرامية هذه نشر غوش براينر فيلم (“هآرتس”، 6/9) من سجن مجدوا في ذاك الصباح، وقد ظهر فيه عشرات الفلسطينيين وهم مكبلون ومستلقون على الارض بالملابس الداخلية ووجوههم نحو الارض، والسجانون في مصلحة السجون يمرون بجانبهم مع كلاب تنبح بشكل مرعب، علم اسرائيل يرفرف فوق هذا المشهد المهين، وهو هدية لايتمار بن غفير.
حفنة المصدومين هدأتهم مصلحة السجون بالقول “الحديث يدور عن تمرين روتيني”. هذا روتين. تسلية سائدة في مصلحة السجون. نوع من استقبال السبت للسجانين الساديين.
كل ذلك حدث أول أمس في يوم عادي للعمل. اسرائيل تثاءبت واظهرت اللامبالاة. وقد صدمت من الاعتقال “المثير للغضب” لفتاة يهودية نثرت الرمال على وجه بن غفير، اكثر بكثير من اطلاق النار الذي قتل متظاهرة غير يهودية، مليئة بالقيم السامية التي لا تقل عن الفتاة من تل ابيب.
في مخيم جنين المدمر جلس جمال الزبيدي وحاول احصاء ابعاد الدمار في بيته، الذي تم رمي اثاثه في الشارع من قبل الجنود. لم تكن كهرباء في المخيم والظلام حل عليه. في هذه المرة الزبيدي ظهر يائسا اكثر من أي مرة خلال سنوات تعارفنا. “هم سيعودون ونحن سنعود. سيأتي جيل جديد. هذا الامر لن ينتهي بهذا الشكل”، قال.
انظروا الى ما حدث أول أمس في مخيم جنين وقريوت وبيتا وسجن مجدو. ربما في نهاية المطاف ستروننا.
——————————————–
هآرتس 8/9/2024
كيف يمكن الانتصار على فساد الاخلاق الذي يسمح بالتخلي عن المخطوفين؟
بقلم: ديمتري شومسكي
“بنيامين نتنياهو والحكومة في اسرائيل… يجب أن تخجلوا لأنه مرة تلو الاخرى أي صفقة يتم وضعها على الطاولة، أنت والحكومة تقومون برفضها. ألا تريدون انهاء هذا الكابوس؟”، هذا ما قاله هيرش بولين في الفيلم الذي نشرته حماس في نهاية نيسان.
الآن يمكن القول بثقة أن غولدبرغ بولين الذي ترك لمصيره وقتل هو وخمسة مخطوفين آخرين، حصل من رئيس حكومته على رد حاسم على سؤاله “لا”. نتنياهو والحكومة لم يريدوا انهاء هذا الكابوس في أي يوم. بل بالعكس. ففي الاختيار بين انقاذ هيرش واصدقاءه وبين التمسك الاستحواذي بمحور فيلادلفيا، الذي استمرار التواجد العسكري فيه يعتبر الطريقة الاكثر أمنا لافشال أي صفقة لتبادل المخطوفين، ومن هنا اطالة الحرب اللانهائية وبقاء نتنياهو السياسي والقانوني – اختار الرئيس والحكومة بدون أي تردد الخيار الثاني.
هناك من يقولون إن الدعوة الى ازاحة نتنياهو على خلفية تخليه عن غولدبرغ واصدقائه وتركهم لمصيرهم من اجل بقائه السياسي والقانوني تعارض مباديء الديمقراطية لأن نتنياهو في نهاية المطاف تم انتخابه بشكل قانوني وقام بتشكيل حكومة تستند الى اغلبية الممثلين في الكنيست لمواطني اسرائيل.
يجب الاعتراف بأنه وراء صورة النصر المطلق لنتنياهو على مواطني اسرائيل المخطوفين المتجسدة بنوع من تبادل الحديث بينه وبين غولدبرغ بولين (الاخير يصرخ وهو يطلب المساعدة، في حين أن الاول يرد عليه بـ “محور فيلادلفيا الى الأبد”)، ما زال يقف جزء كبير من الجمهور في اسرائيل، المصوتين لليكود والصهيونية الدينية وقوة يهودية وغيرها. ليس من الخطأ الافتراض أن البعض منهم، بيبيين ومتعصبين بشكل خاص لعبادة شخصية الزعيم، وحتى هم مسرورون من اعماقهم ازاء هذا “النصر”، حيث أنه في نهاية المطاف هيرش، كما سمعت ذات مرة في محادثة عابرة بين اثنين من البيبيين، “مس بكرامة” نتنياهو لأنه تحدث اليه بهذا الشكل في الفيلم الذي نشرته حماس.
حقيقة أن القرار الذي اتخذته الحكومة الكهانية – البيبية، التخلي عن المخطوفين وتركهم لمصريهم، الذي يحصل على دعم كبير من الشعب، أي أنه يعتمد على أسس الديمقراطية، هو امر مخجل على المستوى الوطني ويثير القشعريرة. من المثير للاهتمام مقارنة هذه الحالة بحالة روسيا. ففي روسيا – القيصرية والسوفييتية والبوتينية – التخلي عن حياة الانسان من اجل “الشعب” هو جزء لا يتجزأ من الروح “المدنية – الوطنية”. مع ذلك، لم يتم تحديد هذه الروح في أي يوم كنتيجة انتخابات ديمقراطية، بل تم تشكيلها من خلال مؤسسة القيصر بكل نسخها التاريخية، من عصر الامبراطورية وحتى الآن.
خلافا لذلك، مما يثير الخجل القومي، في اسرائيل يتم الدفع قدما بهذه الروح بصورة ديمقراطية عن طريق جزء كبير من مواطني الدولة. من هنا جاءت ثقة وصلافة نتنياهو وهو يسير بسرعة نحو النصر المطلق على فكرة المواطنة والقومية الاسرائيلية حتى موت المخطوف الاخير.
انتصار نتنياهو على دولة اسرائيل ومواطنيها وشعبها يبدو وبحق مثل النصر المطلق. واساسه هو شرخ عميق، حقيقي وغير مجازي، في داخل الشعب الاسرائيلي، الذي جزء كبير منه مستعد، وربما حتى يحرص، على التخلي عن جزء آخر من الشعب ليموت في عذاب كما يأمر القائد. فهل سينجو شعب اسرائيل من هذا “الانتصار” عليه؟ جواب هذا السؤال ايجابي جدا. يكفي التمرغ في الشفقة على الذات التي توجد في اسطورة “تدمير الهيكل الثالث”. مع ذلك، مهم الادراك بأن الشرط الحيوي لبقائنا الوطني في ظل هذا الصدع هو قول “لا” حازمة لعروض الوحدة مع ذلك الجزء من الشعب المصمم على التخلي عن المخطوفين واستمرار عبادة ملك البيبية.
بدون أدنى قدر من الصواب السياسي المزيف ينبغي القول إن الامر يتعلق بعضو فاسد في جسد الأمة الاسرائيلية، اخلاقيا ووطنيا. وأنه يجب تدميره بكل الطرق غير العنيفة، عندها يمكن البدء بالتدريج في العملية الداخلية لرأب هذا الصدع وتوحيد الشعب وعلاجه.
موضوع عدم العنف مهم هنا بشكل خاص، لأن اتباع عميت سيغل وامثالهم، كل المحرضين بشكل مهذب والذين انبتهم العضو الكهاني – البيبي الفاسد، يأملون من اعماقهم رؤية اعمال شغب عنيفة للمعسكر الوطني – الانساني لمواطني اسرائيل. في اعماقهم لا يوجد أي أمر يحلمون به اكثر من ظهور يونا ابروشمي أو يغئال عمير من المعسكر المقابل. هكذا فان نصرهم المطلق على دولة اسرائيل سيكون نهائي وكامل. محظور منحهم هذه المتعة.
يجب الخروج الى الشوارع واغلاق الشوارع وتشويش روتين الحياة في الدولة، والوقوف بصمود امام الشتائم التي تسمعها السيارات الفاخرة لـ “ضحايا النخبة البيضاء”. كل ذلك بشكل غير عنيف حتى النصر المطلق لدولة اليهود والشعب الاسرائيلي على الفساد الداخلي – الوطني، وهو النصر الذي سيأتي فقط عندما تسقط حكومة أكبر كارهي اسرائيل والاكثر خطرا عليها في العصر الحديث.
——————————————–
إسرائيل اليوم 8/9/2024
احتلال غزة الان
بقلم: ايال زيسر
المعارك لاحتلال قطاع غزة كانت قاسية ومريرة وذلك لان قوات الجيش الإسرائيلي اصطدمت بمقاومة شديدة من العدو. لكن في غضون يوم ونصف سيطروا على القطاع كله بما فيه مدينة غزة أيضا وحسموا المعركة.
لا، لا يدور الحديث عن حرب السيوف الحديدية التي يقاتل فيها الجيش الإسرائيلي في كل ارجاء القطاع دون أن يتمكن من هزيمة العدو وتحقيق سيطرة فاعلة في الميدان، منذ نحو سنة. يدور الحديث عن حرب الأيام الستة التي هزم فيها الجيش الإسرائيلي قوات عسكرية اكبر بكثير من تلك التي لدى حماس أو حزب الله واحتل شبه جزيرة سيناء كلها، الضفة وهضبة الجولان.
نحن نقف امام واقع مختلف – امام عدو آخر وربما أيضا مع جيش إسرائيلي مختلف واساسا مع قيادة
“تهرب من البشرى” وتمتنع عن قرارات تؤدي الى حسم وانهاء الحرب الطويلة، وعلى ما يبدو الأقل نجاحا من بين حروب إسرائيل.
الحرب في غزة – وللدقة اعمال حفظ النظام التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في أراضي القطاع – تجري منذ اشهر طويلة في ظل الاتصالات لتحقيق صفقة تستهدف تحرير مخطوفينا المحتجزين لدى حماس، وقف نار مؤقت او دائم وفي عقابها ربما حتى انهاء الحرب.
غير أن الحديث يدور عن “استعراض” من خلفه لا يوجد الكثير مما هو حقيقي. “لن يكون شيء لانه لا يوجد شيء”، وبالتأكيد في كل ما يتعلق بإرادة وقدرة المتعلقة بالامر للاتفاق على صفقة. كل اللاعبين، سواء كانوا إسرائيل، حماس أم الأمريكيين، معنيون باجراء الاتصالات وإدارة المفاوضات، كون هذه تخدمهم لأغراض السياسة الداخلية وصد الضغط الخارجي لكن مشكوك ان يكونوا يريدون حقا او هم قادرون على الوصول الى صفقة.
تسعى الإدارة الامريكية لان تخلق مشهد إدارة مفاوضات يسهل عليها حملة الانتخابات للرئاسة ويساعدها على منع اشتعال إقليمي تخشاه. حماس من جهتها معنية بوقف الحرب في غزة في ظل بقائها الحاكم على الأرض وعلى ما يبدو لن تساوم على اقل من هذا. وفقط حكومة إسرائيل ليس لها هدف واضح ظاهر غير الرغبة في الإيفاء بوعدها بمواصلة الحرب حتى آخر مخربي حماس في غزة.
اذا كان هذا هو الوضع، ورئيس الوزراء يقصد ما يقول في بياناته للجمهور وليس في الرسائل التي يطلقها للإدارة الامريكية، فواضح ان هذه الدائرة لا يمكن تربيعها وان الصفقة ليست قابلة للتحقق.
هذا، رغم ان صفقة تؤدي الى تحرير مخطوفينا ستشكل “النصر المطلق” للروح الإسرائيلية.
اذا كان هذا هو الحال، يطرح السؤال الى اين وجهة إسرائيل – للمدى القصير وللمدى البعيد، وكيف نحقق حسما سريعا وانهاء لحرب الاستنزاف الجارية في القطاع واستمرارها لا يخدم مصالح إسرائيل.
اذا كنا نريد هزيمة حماس – كقوة عسكرية وسلطوية – واذا كنا نريد خلق واقع امني ودولي مريح اكثر لنا، فلا مفر من احتلال غزة ومن الأفضل ساعة مبكرة اكثر.
هذه خطوة يعارضها كما هو معروف الجيش لاعتبارات الربح والخسارة، وكأن الحديث يدور عن إدارة بقالة الحارة بينما الحكومة تخشىى ذلك لان الامر سيلزمها باتخاذ قرارات بالنسبة لليوم التالي للحرب.
ان احتلال القطاع ليس امرا مثاليا، بل وابعد من ذلك. في الواقع الذي علقنا فيه هو مثابة اهون الشرور. فهو سيتيح للجيش الإسرائيلي التحكم بالمنطقة وبذلك هزيمة حماس التي تستغل اليوم الفترات الزمنية الطويلة التي بين اعمال حفظ النظام التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في ارجاء القطاع، كي تحفظ وترمم قوتها وحكمها للمنطقة وللسكان. الاحتكاك الذي لا يتوقف بين الجيش وحماس، التي تعود لتقف على ارجلها في كل مرة يترك فيها الجيش الإسرائيلي المنطقة التي عمل فيها يتسبب باصابات بين قواتنا والى إصابات للسكان المدنيين أيضا وعلى أي حال بنقد متزايد ضد إسرائيل في العالم.
واضح ان احتلالا عسكريا بحد ذاته لا يكفي وينبغي أن يكون جزءاُ من مفهوم امني وسياسي شامل بشأن مستقبل القطاع. لكن الى أن يستيقظ احد ما عندنا، من الأفضل احتلال غزة وخلق نقطة بدء افضل لخطوة إسرائيل التالية، اذا ما وعندما تأتي.
——————————————–
هآرتس 8/9/2024
الإرهاب اليهودي يصول ويجول في الضفة الغربية.. وإسرائيل كعادتها: “قيد البحث”
بقلم: أسرة التحرير
أصبحت الضفة الغربية منطقة متوحشة، لا دين فيها ولا ديان. فحياة السكان الفلسطينيين التي يتحمل المسؤولية عن حمايتها القوة المحتلة التي هي دولة إسرائيل وفقاً للقانون، أصبحت سائبة، حتى لو كانوا مجرد أطفال: فقد بلغت وزارة الصحة الفلسطينية عن مقتل طفلة ابنة 13 يوماً الجمعة بنار الجيش في قرية قريوت في وسط الضفة. والد بانا ابنة الـ 13، أمجد، شهد على أنها أصيبت في البيت.
قبل 7 أكتوبر، كان الإسرائيليون، كقاعدة، غير مبالين لحياة الفلسطينيين في “المناطق” [الضفة الغربية]. واللامبالاة هي الأرض الخصبة التي يزدهر فيها العنف سواء من جانب جنود الجيش الإسرائيلي أم من جانب المستوطنين. فمن يهمه في إسرائيل قتل طفلة ابنة 13 عاماً كانت تجلس في غرفتها بنار الجيش الإسرائيلي؟
منذ 7 أكتوبر والفوضى تسود في الضفة. مستوطنون يصلون إلى قرية، يرشقون حجارة ويحرقون أراضي زراعية، وطفلة ابنة 13 تموت بنار الجيش الإسرائيلي في بيتها. وفي اللغة العسكرية الإسرائيلية الدارجة: “قوات هرعت إلى مواجهات بين عشرات فلسطينيين وعشرات مستوطنين في المكان تضمنت رشق حجارة، عملت على تفريق أعمال الإخلال بالنظام في المنطقة من خلال إطلاق النار في الهواء. وبالطبع، لا يمكن بدون إعلان فارغ بأن الجيش “يفحص ملابسات مقتل الفتاة”. إذن يفحص.
لم تتضح الملابسات بعد، لكن السيناريو معروف: “مستوطنون يصلون إلى القرية، وعندما يتدخل الجيش الإسرائيلي، إذا كان سيتدخل، يطلق النار على الفلسطينيين. أطلق الجنود النار في محيط سكني، حتى الجيش يعترف بذلك. وأحياناً لا مفر من قتال في إطار مناطق سكنية، لكن المطلوب عندها حذر مضاعف وزائد. عندما تموت طفلة بالنار في بيتها، واضح أنهم لم يحذروا بما يكفي.
وإلى جانب اللامبالاة العامة على ما يجري في الضفة والتي تسمح للفوضى بالعربدة، فإن العقوبات الخفيفة التي تفرض على جنود يلحقون الأذى بالفلسطينيين تساهم هي الأخرى بإحساس أن كل شيء مباح. حتى وزير الدفاع، الراشد المسؤول الوحيد في الحكومة لا يوجه تعليمات للجيش للتعاطي بجدية مع جنود مارقين ولا يعرض موقفاً مرتباً بالنسبة للضفة.
خط مباشر يمر بين التسبب بموت الطفلة والتسبب بموت ناشطة حقوق الإنسان عايشة نور ايزغي ايغي، الشابة ذات المواطنة الأمريكية والتركية، التي قتلت بالنار على أيدي جنود شاركوا في المظاهرة في قرية بيتا قرب نابلس. في حالتها، يبدو سيجتهدون لعرض مظهر سطحي من فحص جدي. فقد كانت أمريكية وليس مجرد طفلة فلسطينية تعيش تحت الاحتلال. الحقيقة عن ملابسات الإصابة معروفة: عندما لا تكون حياة الإنسان مهمة، يطلقون النار بلا تمييز حتى على ناشطة حقوق الإنسان.
محافل الأمن ستواصل التحذير من التصعيد في الضفة وفتح جبهة إضافية، والحكومة تتجاهل، بل تشجع الإرهاب اليهودي. العالم يسير كعادته، وليس هناك من يوقف إسرائيل في الطريق إلى الهوة.
——————————————–
“هآرتس”: “إسرائيل” تحوّل الضفة الغربية إلى غزة
سموتريش وبن غفير، بإدارة المايسترو بنيامين نتنياهو وبمشاركة “الجيش” الإسرائيلي، يبذلون قصارى جهدهم لفتح جبهة أخرى في الضفة الغربية إلى جانب تلك المشتعلة، ومرادهم سيحصلون عليه قريباً.
صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تنشر مقالاً تتحدّث فيه عن العملية التي أطلقتها “إسرائيل” في الضفة الغربية، وتقول إنّها بذلك ستفتح جبهة أخرى ضدها، إذ ستدفع الفلسطينيين إلى الكفاح المسلّح.
قرّرت “إسرائيل” تحويل الضفة الغربية إلى قطاع غزة. أساليب العمل هي نفسها، وكذلك وسائل الحرب. والأهداف متشابهة أيضاً، ولن تطول النتائج: سوف تستيقظ “إسرائيل” قريباً على غزة أخرى، هذه المرة على حدودها الشرقية، مع كلّ ما يعنيه ذلك.
منذ اندلاع الحرب، غيّرت “إسرائيل” سياستها في الضفة الغربية، وواجه سكّانها الفلسطينيون واقعاً جديداً أصعب من السابق. وكانت الخطوة الأولى التي تمّ اتخاذها هي الإغلاق الكامل وإلغاء جميع تراخيص العمل في “إسرائيل”. وتمّ تقليص حرية التنقّل إلى الحد الأدنى، وبالتالي تمّ تقييد الوصول إلى أماكن العمل حتى داخل الضفة الغربية، وتدهور الوضع الاقتصادي أكثر فأكثر.
ثم بدأ “الجيش” الإسرائيلي في تبنّي أساليب قتالية جديدة، بعضها تمّ تطبيقه حتى ذلك الحين في غزة ولبنان فقط: أصبحت الطائرات المسيّرة وطائرات سلاح الجو أداة التدمير الرئيسية ضدّ المطلوبين والأبرياء، بكميات لم تُشهد منذ الانتفاضة الثانية. كما تستمر في الإضرار بموازنة السلطة الفلسطينية، والاستراتيجية السياسية الفعلية هي دفع ضم الضفة.
تحت المبرّر الضبابي “الحرب على الإرهاب”، قتل “الجيش” ما لا يقلّ عن 621 مواطناً فلسطينياً منذ 7 أكتوبر في الضفة، وفقاً لمعطيات منظمة “بيتسليم”. وبحسب معطيات الأمم المتحدة، قُتل ما لا يقل عن 140 منهم في 50 غارة جوية. وفي الوقت نفسه، تفاقم عنف المستوطنين، ووصل إلى مستويات غير مسبوقة. لقد أصبحت المذابح وأعمال الشغب في القرى الفلسطينية أمراً روتينياً، وأغلبها تحت رعاية “الجيش” وكلّها من دون تدخّل فعلي منه.
وقبل عشرة أيام، كثّف “الجيش” القتال وأطلق عملية عسكرية في الضفة. رُفع اللجام، و”الجيش” تصرّف في الضفة كما تصرّف في غزة. وقُتل ما لا يقل عن 38 فلسطينياً، بينهم تسعة قاصرين على الأقل.
إنّ الدمار الذي أحدثه “الجيش” في مخيمات اللاجئين يذكّرنا بقطاع غزة. لقد كانت هذه دائماً عمليات عقيمة، ونتيجتها الوحيدة، في غياب خطة سياسية، هي دفع سكان الضفة الغربية إلى اليأس وإلى الكفاح المسلّح.
وزير الضفة الغربية بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بإدارة المايسترو بنيامين نتنياهو وبمشاركة “الجيش” الإسرائيلي، يبذلون قصارى جهدهم لفتح جبهة أخرى إلى جانب تلك المشتعلة، ومرادهم سيحصلون عليه قريباً.
——————انتهت النشرة——————