المجزرة في الرملة: “الحكومة تريد هذه الفوضى”… خوف يسيطر على الجميع

فيما لا تزال عائلة الضحايا تحت تأثير الصدمة، عقب الجريمة، بقيَت آثار الانفجار والشظايا واضحة في مسرح الجريمة، حيث رائحة الدخان في الهواء، شاهدة على ما حدث؛ ويُعدّ استخدام العبوات الناسفة في جرائم وعمليات القتل في الآونة الأخيرة، تصعيدًا خطيرًا.

شهدت مدينة الرملة، يوم أمس الخميس، مجزرة هزّت المجتمع العربيّ، حيث أسفر انفجار عبوة ناسفة عن مقتل أربعة أشخاص، بينهم امرأة وطفلتها، بالإضافة إلى طفل وشابة، في واحدة من أكثر الجرائم وحشيّة التي شهدتها المدينة، والمجتمع العربيّ كذلك، في الآونة الأخيرة.

وشهد المجتمع العربي، خلال يومين وبضع ساعات، مقتل تسعة أشخاص في جرائم قتل، ليصل بذلك عدد القتلى العرب إلى 163، منذ بدء العام الجاري.

وارتُكبت الجريمة أمام محلّ تجاريّ، ولا تزال تفاصيلها غير واضحة بالكامل؛ غير أن الصدمة والرعب يسيطران على سكّان المدينة العرب، حيث أصبحت شوارع الأحياء العربية فارغة وهادئة، وكأنها لم تستوعب بعد عِظَم الجريمة.

‎‎‎‎‎‎‎متابعات

ويُعدّ استخدام العبوات الناسفة في جرائم وعمليات القتل في الآونة الأخيرة، تصعيدًا خطيرًا في وتيرة الجرائم التي تشهدها الرملة مؤخرًا. وتعبِّر هذه الجريمة عن تحوّل في طبيعة الجريمة الذي تشهده المدينة، إذ بات استخدام المتفجّرات في مثل هذه الجرائم، يتحوّل إلى أمر شائع.

والقتلى في الجريمة هم دعاء أبو حلاوة (50 عاما) وابنتها سيلا (8 أعوام)، والطفل محمد أبو حلاوة (10 أعوام)، وقريبتهم، الشابّة لين مغربي (24 عاما)، فيما أُصيب 8 أشخاص بينهم أطفال بجراح متفاوتة من جرّاء الانفجار، الذي أدّى إلى احتراق محلّين تجاريين بالكامل في المكان.

ونُفِّذت الجريمة عند نحو الساعة الرابعة والنصف من مساء أمس، حينما تمّ إلقاء عبوة ناسفة على مركبة كانت مركونةً أمام محل تجاريّ، يعود للضحيّة دعاء أبو حلاوة.

وأدّى الانفجار إلى اشتعال النيران في المركبة، وامتدادها إلى داخل المحلّ، ممّا أسفر عن مقتل وإصابة الأشخاص الذين كانوا في داخله، وحول المركبة.

وفيما لا تزال عائلة الضحايا تحت تأثير الصدمة، عقب الجريمة، بقيَت آثار الانفجار والشظايا واضحة في مسرح الجريمة، حيث رائحة الدخان في الهواء، شاهدة على ما حدث.

“لم أستطع إنقاذ ابني محمد… الوحيد بين ثلاث شقيقات”

وفي حديث لـ”عرب 48″، قال بسام أبو حلاوة، والد الضحية الطفل محمد، وهو كان قد أُصيب كذلك بالانفجار: “ذهبت لأُعيد محمد ابني الذي كان في محلّ قريبتنا، الضحيّة دعاء، ووصلت إلى المكان لحظة الانفجار، الذي كان انفجارا كبيرا هزّ المنطقة”.

وأضاف: “أُصبت بقدمي، ولم أستطع حتى محاولة إنقاذه، فقد كانت الفوضى عارمة، وبعد ذلك بدأ السكّان في إنقاذ العالقين، قبل وصول الشرطة”.

وتابع: “محمد أصغر أبنائي، هو الوحيد بين ثلاث شقيقات، كان شابا مرحا طيّبا، وكان يضحك دائما، ويحب أقرباءه والحياة، ويحب كرة القدم، وركوب الخيل”.

وأضاف أبو حلاوة: “اتصل بي محمد قبل الجريمة بلحظات، وطلب مني أن آخذه إلى منزل جدّه، حيث يلعب هناك دائما مع أبناء عمّه”.

وذكر أن “ما يحصل أمر لا يعقل، إذ لا يُعقل أن يُلقي مجرم قنبلة على مركبة في شارع مليء بالمارّة”، مضيفا أن “هذا المجرم لم يفكر بالناس الذي لا صلة لهم”.

وقال أبو حلاوة: “هذه الفوضى تريدها الحكومة، لأن المقتول عربيّ”.

وفيما قال ناطق باسم الشرطة، إن “الجريمة قيد التحقيق، ونحن نعمل على جمع كافة الأدلة والشهادات للوصول إلى المسؤولين عن هذا الهجوم العنيف”؛ لا تزال لم تُعلن عن اعتقال أيّ شخص، وذلك في ظلّ غياب تامّ لأيّ خطة واضحة لمحاربة الجريمة في المجتمع العربيّ.

“كل يوم نسمع صوت انفجار”

وقال الشاب رائد أبو غانم، وهو كان أحد الذين أُصيبوا إثر الانفجار، واصفا أولى لحظات الجريمة: “سمعت صوت صفير قبل الانفجار بثوان قليلة، وما إن التفت نحو الصوت، حتّى انفجرت القنبلة؛ الوضع صعب جدًّا، ولا توجد كلمات توصف الحال الذي وصلنا إليه”.

وأضاف أبو غانم، والذي ظهر في توثيق أظهرته كاميرا مراقبة، بالقرب من موقع ارتكاب الجريمة: “كل يوم تقريبا نسمع صوت انفجار”.

وتابع: “كان 15 شخصا على الأقلّ، بالقرب من موقع الانفجار، كلّهم أطفال ونساء”، مكرّرا القول إنه “لا يوجد أي وصف يمكنني أن أقوله كي أصف الانفجار، أنا أقول فقط إن قلبي (أتضامن) مع من تصيبه هذه المصيبة”.

وأضاف أبو غانم: “أُصبت بشظايا بقدمي، وحتى الآن من الصعب أن أخطو عليها”.

وشدّد على أن “هناك خوفا كبيرا الآن”، مشيرا إلى أن “الخوف يسيطر على الجميع”. وقال: “أنصح اليوم عائلتي، وكل الناس، ألّا يقتربوا من المركبات”.