تصريح وزير الدفاع يوآف غالنت في محادثة له مع الضباط والجنود على الحدود الشمالية حول نقل مركز ثقل الجيش الى الشمال، واحتمالية عملية برية قريبة ضد حزب الله، هو تصريح مقلق. وقد صرح بذلك ايضا بنيامين نتنياهو ورئيس الاركان هرتسي هليفي. الثلاثة لم يحققوا أي هدف من اهداف الحرب في قطاع غزة. على رأس هذه الاهداف يوجد “القضاء على حماس وتحرير جميع المخطوفين”. لكن عمليا حماس تسيطر الآن على كل ارجاء القطاع، مدينة الانفاق وكل مجالات حياة السكان، ولا يوجد لدى لجيش الاسرائيلي أي طريقة لاستئصال سلطتها حتى لو كانت اضعف مما كانت في السابق. استمرار القتال فقد هدفه، وحرب الاستنزاف تدمر في اسرائيل كل شيء طيب: الاقتصاد، العلاقات الدولية، مناعة المجتمع والدافعية لدى الجنود. عدد كبير في الاحتياط يرفضون الخدمة مرة تلو الاخرى.
من خلال تجاهل هذه المعطيات الخطيرة فان نتنياهو وغالنت وليفي يخططون لشن عملية برية ضد حزب الله في لبنان. الهجوم يمكن أن يتسبب لاسرائيل بضربة شديدة ونهائية. الجيش الاسرائيلي لم ينجح في القضاء على حماس بالتأكيد لن ينجح في القضاء على حزب الله، الذي قوته اكبر بمئات الاضعاف من قوة حماس. بسبب أن القيادة العليا في الجيش الاسرائيلي قامت بتقليص الجيش البري بـ 66 في المئة من قوته التي كانت قبل عشرين سنة فانه لا توجد قوات لابقائها لفترة طويلة في المناطق التي قام باحتلالها الجيش؛ لا توجد قوات لاستبدال القوات المقاتلة. لذلك، الجيش الاسرائيلي اضطر الى اخلاء مناطق احتلها في السابق كما حدث في القطاع ومثلما سيحدث في لبنان. لا توجد أي جدوى من احتلال منطقة والخروج منها، لأن حزب الله سيعود الى الفور اليها.
المشكلة الرئيسية في العملية البرية ضد حزب الله هي أنها يمكن أن تؤدي الى حرب متعددة الساحات، سيتم فيها اطلاق آلاف الصواريخ والقذائف والمسيرات نحو الجبهة الداخلية، وستندلع حرب على خمس جبهات برية على الاقل، لبنان، هضبة الجولان، يهودا والسامرة، انفجار المتطرفين في اسرائيل، واختراق قوات تؤيد ايران لحدود الاردن واستمرار القتال في قطاع غزة. تقريبا جميع القوات البرية سيتم تركيزها في الشمال من اجل محاربة حزب الله ولن تبقى أي قوات للدفاع في القطاعات الاخرى. الجيش الاسرائيلي سيتم عرضه في العالم كجيش ليس له عمود فقري أو قدرات.
المأساة الكبيرة التي لم يدركها كثيرون حتى الآن هي تدهور الجيش الاسرائيلي في العشرين سنة الاخيرة، الامر الذي لا يمكنه من الانتصار في الحرب. تصريحات نتنياهو وغالنت وهليفي تستند الى قدرات غير موجودة. وهي تصريحات لذر الرماد في عيون الجمهور وتعرض للخطر مجرد وجودنا وأدت الى تحطم صفقة التبادل ووقف القتال – الطريقة الوحيدة للخروج من النفق الى النور.
مصدر امريكي رفيع مطلع على وضع اسرائيل حذر من احتمالية اندلاع حرب شاملة بين اسرائيل وحزب الله. واشار الى أن “التصعيد يمكن أن تكون له نتائج كارثية وتداعيات غير متوقعة”. وقال ايضا بأنه يمكن منع حرب كبيرة بين اسرائيل وحزب الله، واذا اندلعت هذه الحرب فان الثمن سيكون باهظا على الطرفين. “ربما يقتل الآلاف أو عشرات الآلاف، وسيكون ضرر كبير للبنى التحتية. أنتم، اسرائيل، لن تدمروا بسهولة حزب الله، ولن تحققوا كما يبدو معظم الاهداف. الحرب ستستمر لفترة طويلة وكثير من الناس سيموتون في الطرفين. سكان الشمال لن يعودوا الى بيوتهم بسرعة، في نهاية المطاف هذه الحرب ستنتهي باتفاق خطوطه تم وضعها مسبقا. لذلك، نحن نحاول التوصل الى هذا الاتفاق الآن”، قال المصدر.