الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معاريف 18/9/2024

“حماس” و”حزب الله” عرفا منذ زمن طويل كيف يهزمان إسرائيل

بقلم: عميت يغور

هناك سلسلة من الأمور الجارية على جبهتَي غزة ولبنان في الحرب الراهنة تبدو واضحة ومعروفة للجميع. ومع ذلك، ولسبب ما، لا يبدو أن الحكمة القائلة «العاقل هو من يرى العاقبة» تؤدي دوراً في الجانب الإسرائيلي في هذا السياق. وتكمن المشكلة في عدم استيعاب تلك الأمور وترجمتها إلى سياسات متسقة، وهذا يكلفنا الكثير، سواء من جهة إطالة أمد الحرب، أو حياة المخطوفين، أو حياة الجنود، وترك الشمال وحيداً لأشهر طويلة (ويمكن أن يتسبب هذا بأضرار طويلة الأمد، إذ يمكن ألا يعود الكثير من سكان الشمال إلى منازلهم حتى بعد انتهاء الحرب)، ويكلفنا هذا في مجال التسليح والذخائر، والبنى التحتية، والاقتصاد على مستوى الفرد ومستوى الدولة.

لا بد للقارئ أن يسأل نفسه: هل القصد أننا لم نستخلص العبر؟ والإجابة هي: لا. نحن لم نستخلص ما استخلصته «حماس» و»حزب الله» منذ زمن طويل، أن جزءاً مهماً من النصر في الحرب المعاصرة يمر عبر قضايا السيطرة والشرعية والسيادة، إذ إن اللاعب الرئيس في هذه الأمور جميعاً هم السكان المدنيون على طرفَي النزاع.

إن كنا في الماضي قادرين على الفصل بين الجبهة الداخلية وجبهة القتال (وهذا ما بُنيت عليه في الأغلب عقيدتنا الأمنية التي باتت الآن تحتاج إلى تحديث فوري)، فإن الجميع يدرك أن الوضع قد تغير الآن، وأدرك أعداؤنا تفوق إسرائيل العسكري والتكنولوجي الملحوظ (وكذلك الغرب)، ووجدوا كعب أخيل الإسرائيلي. ويرى هؤلاء أنه على الرغم من قوة الجيش الإسرائيلي، فإن المجتمع المدني الإسرائيلي ضعيف، ولا يستطيع الصمود لفترات طويلة في أوقات الحرب، خصوصاً مع حساسية المجتمع العالية تجاه حياة البشر (سواء أكانوا جنوداً أم مدنيين).

وكان المظهر الرئيس لهذا الفهم، ولا يزال، كامناً في تكتيك إطلاق الصواريخ عشوائياً باتجاه المناطق المدنية في الجبهة الداخلية (وهو ما أضاف بُعداً دفاعياً إلى العقيدة الأمنية الإسرائيلية)، ومعناه الأساسي أن الجبهة الداخلية غدت أكثر أهمية من ساحة القتال ذاتها، لكن على الرغم من إضافتنا للبعد الدفاعي إلى عقيدتنا الأمنية، وسعيِنا لضمان أمن جبهتنا الداخلية، فما الذي لم نستوعبه بعد؟

الإجابة واضحة: لم نستكمل فهمنا هذا ولم نترجمه إلى أفعال في الجانب الآخر من العقيدة الأمنية، وهو جانب الهجوم. لم نفهم أن كل كيان «إرهابي» يعمل في المجالين السياسي والمدني في العالم اليوم يحتاج إلى شرعية من المجتمع الذي يعمل فيه، ولا يمكنه تجاهل هذه الشرعية.

لقد وصلنا إلى وضع فحواه أن اعتراف أعدائنا بتفوق الجيش الإسرائيلي جعلهم يصبون اهتمامهم على جبهتنا المدنية، بحيث ارتفعت المكانة الإستراتيجية لهذه الجبهة في إدراكهم، وهذا مكّن هذه الكيانات «الإرهابية» من الاستمرار في العمل بالأوضاع نفسها. والنتيجة واضحة هنا بالنسبة إليّ: يجب أن تركّز عناصر رئيسية من الهجوم الإسرائيلي نحو التأثير على المجتمع المدني لدى الطرف الآخر، وعلى علاقة الكيانات «الإرهابية» بهذا المجتمع، بحيث تتضرر شرعية استمرارها في العمل بعد الحرب.

وربما يقول قائل: ما تقوله واضح تماماً، فكيف تقول إننا لم نستوعب؟ وإجابتي هي: لنأخذ الحرب الحالية على سبيل المثال، نحن الآن في فترة انتظار. انتظار ماذا؟ نحن ننتظر، بصورة أساسية، الانتخابات الأميركية. فما الذي ننتظره بعد هذه الانتخابات؟ شن حملة كبيرة في الشمال تتيح لسكانه العودة إلى منازلهم.

في الشمال، ترتفع وتيرة قصفنا بالصواريخ والطائرات المسيّرة التي تستهدف المناطق المدنية بصورة كبيرة، وهو ما يُظهر هذا الوضع الذي لم يعد محتملاً على هذه الجبهة، وما يركز عليه «حزب الله» في الضغط (إليكم تلميحاً: التأثير في المجتمع المدني بإسرائيل). يجب أن نتذكر أيضاً أن «حزب الله» يعيش مأزقاً إستراتيجياً كبيراً يحاول إخفاءه، ونحن نعلم هذا من رده المتواضع نسبياً على اغتيال الشخصية المركزية في جهازه العسكري، فؤاد شُكر، وفقدانه الكبير لقدراته العسكرية نتيجة لذلك. نعلم هذا أيضاً من إصراره خلال الأشهر الأخيرة على المحافظة على المعادلة في النطاق الجغرافي الذي حدده لإطلاق النار.

ومع ذلك، فإن القصف الذي ينفّذ حالياً ليس مجرد قصف، فإلى جانب الاستهداف الدقيق للبنية التحتية العسكرية، هناك قصف يهدف إلى تدمير البنية التحتية المدنية الإسرائيلية لإلحاق الضرر بمعنويات سكان الشمال، وصولاً إلى التأثير في صناع القرار، وإلحاق خسائر اقتصادية كبيرة بإسرائيل، وهي خسائر سنشعر بها في اليوم التالي، وربما هو قصف، بحسب تقديري، سيؤدي إلى منع سكان الشمال من العودة إلى منازلهم بعد انتهاء الحرب. هذه هي الإستراتيجية التي يتم استخدامها ضد المدنيين الإسرائيليين.

في المقابل، تتمثل الإستراتيجية الإسرائيلية المضادة في استخدام النيران بصورة رئيسية ضد الأهداف العسكرية التابعة لـ»حزب الله» من مقاتلين، وبنى تحتية، ومخازن، وشقق سرية، وما إلى ذلك. ومن وقت إلى آخر، ترافق هذه النيران رسائل قوية موجهة إلى السكان المدنيين، ما يؤدي إلى هجرة داخلية من قرى جنوب لبنان نحو الشمال (خصوصاً في صفوف السكان الشيعة الذين يدعمون «حزب الله» في الأغلب).

وحتى كتابة هذه الأسطر، تُنشر تقارير (لا يمكن التحقق منها بعد) تفيد بأن «حزب الله» تحول من حالة حرب الإسناد المكثف إلى حرب وجود ضد إسرائيل، وأن السكان اللبنانيين بدؤوا إخلاء القرى الواقعة على الخط الثاني في جنوب لبنان نتيجة تكثيف الضربات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة (بينما نفى «حزب الله» نفسه أنه طلب من السكان الإخلاء).

هذا يعني أن لدى إسرائيل تشكيلة من الأدوات: النار، والرسائل، والعقوبات الاقتصادية، وفرض الحصار (البحري والجوي)، والوسائل الدبلوماسية (إلغاء اتفاقية الغاز واتفاقيات الخط الأزرق على سبيل المثال، وتقديم شكاوى إلى الأمم المتحدة)، إلى جانب الوسائل القانونية (رفع قضايا أمام المحكمة الدولية في لاهاي ضد لبنان، وقيام مواطنين إسرائيليين بمقاضاة لبنان، وغيرها) إلى جانب الخطوات التي من شأنها أن تؤثر بصورة هائلة في الحياة اليومية للمواطنين هناك (بما يشمل من يسكنون في شمال لبنان).

يعيش لبنان أزمة اقتصادية ومدنية هي الأصعب في تاريخه، وهذا أصلاً مدّعى لبناء إستراتيجيا جديدة ملخصها الملعب الذي اختار «حزب الله» أن يقتصر على جنوب لبنان وحده، ولا ينبغي أن يظل كذلك، فإسرائيل قادرة هي الأُخرى على اختيار ملعب لها في لبنان، يتجاوز الملعب الجنوبي.

هناك العديد من الجهود التي يمكن ممارستها، عبر التأثير في الطوائف القوية الأُخرى (المسيحيين، والدروز) في سائر لبنان، وإثارة اضطرابات داخلية كبيرة (وهي قائمة أساساً)، ودفعها إلى الظهور على السطح. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الاضطرابات في لبنان الحساس الوضع للغاية إلى كبح جماح «حزب الله» خلال فترة الانتظار، وتقليل العبء على سكان الشمال الإسرائيلي، وربما تقوية حالة الإرباك الإستراتيجي التي يواجهها التنظيم عندما يقوم باتخاذ قراراته بشأن حرب شاملة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: أين هذه الجهود التي ينبغي أن نبذلها بالتزامن مع الأنشطة العسكرية المكثفة في جنوب لبنان؟

في القطاع، يمكن افتراض أن «حماس» كانت تدرك وتقدّر أن قدراتها العسكرية لن تصمد أمام الجيش الإسرائيلي، بَيد أنه حتى الضغط العسكري الإسرائيلي المستمر منذ نحو عام، والذي أدى إلى تدمير معظم قدراتها، لم يدفعها إلى رفع الراية البيضاء والاستسلام أو حتى السعي (بصورة جدية) لصفقة توفر لها على الأقل أكثر من شهر من الهدوء لإعادة تنظيم صفوفها.

من الواضح أن ما يدفع المنظمة ويجعلها تقف على ساقيها يستند إلى مسألتين:

  1. رغبة التنظيم في البقاء والخروج حياً من المعركة بعد أن استخدم الجيش الإسرائيلي كل قوته (نسبياً وفي نظر «حماس») ضد القطاع.
  2. قدرة التنظيم على الخروج من المعركة وهو مسيطر وحاكم للقطاع، وهي قدرة تراها «حماس» انتصاراً سيدوم سنوات قادمة، وتساعدها في إعادة بناء قدراتها العسكرية بعد انتهاء الحرب. فما الإستراتيجية الإسرائيلية في مقابل ذلك؟ إن 90% منها تركز على جهد عسكري من نيران ومناورة لاصطياد القادة وتدمير الأنفاق.

المعنى: تحاول إسرائيل اصطياد قادة «حماس» واغتيالهم، وتعتبر الأمر هدفاً محورياً، لكن فيما يتعلق بالسكان المدنيين، تكتفي إسرائيل بتهجيرهم وحشرهم في مساحة جغرافية صغيرة بجنوب القطاع، بينما تزيد من توثيق عرى العلاقة بين «حماس» والسكان المدنيين (إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، التي تقوم «حماس» بتوزيعها فعلياً).

أي أن إسرائيل تقوم بِيد (اليد العسكرية) بإضعاف «حماس» عبر اغتيال قادتها (على الرغم من أن إسرائيل اكتشفت أن هناك حدوداً لسياستها هذه، تتمثل في تعريض حياة المختطفين للخطر)، بينما تقوم باليد الأُخرى بتعزيز العلاقة بين «حماس» والسكان، وتحفظ مكانتها كسيادة في القطاع، بل تزيد أيضاً من مصادر دخلها وأرباحها. إن إسرائيل لم تتمكن حتى من استغلال لقاحات شلل الأطفال التي سمحت بإدخالها، الأسبوع الماضي، من أجل حاجات تلميع صورتها أمام العالم وأمام سكان القطاع.

ما الذي يمكننا فعله على الجبهتين؟

علينا أن نستوعب، في أقرب وقت ممكن، ومن دون مماطلة ما علينا فعله، وقد أشار إلى هذه المشكلة العديد من الخبراء (بمن فيهم كاتب هذه الأسطر) منذ كانون الثاني، وها نحن الآن في أيلول، لكن الإستراتيجية لم تتغير، وعموماً، تفضل المؤسسة الأمنية تجاهل المدنيين في كلا الجانبين (وعدم تخصيص جهد مدني مخصص يُعد في رأيي نوعاً من التجاهل).

في رأيي، هذا خطأ إستراتيجي جسيم، يتجسد في التعريف الخاطئ للمعضلة الإستراتيجية، ولا ينطوي على إدراك للتغيرات الكبيرة التي طرأت على الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، ويغفل عن أحد أهم العوامل التي يمكن أن تساهم في كبح «حزب الله» و»حماس» وردعهما، وهو عامل يمكن أن يحقق، على الأقل، رادعاً كبيراً خلال فترة انتظار «العملية الكبيرة».

هذا النقاش واسع، ومن الضروري خوضه بتفكير أوسع وأكثر تعمقاً ولا يقتصر فقط على فترة الانتظار أو الحرب الحالية، بل أيضاً يهدف إلى التأكد مما إذا كان من المناسب إدراجه كعنصر في العقيدة الأمنية الجديدة لإسرائيل أم لا.

لم يفت الأوان، فمن الممكن (بل أيضاً من المطلوب) التغيير. إن العنصر المدني في الجانب الآخر جزء لا يتجزأ من تصور اليوم التالي لدى الجانب الآخر، واستخدام هذا العنصر ورقة ضغط من شأنه أن يخدم كثيراً مصالح دولة إسرائيل، حتى في الفترة الحالية، سواء في الشمال (كبح الحزب)، أم في الجنوب (تسريع العمليات).

وكلمة أخيرة لكل من يدعي أن هذا مستحيل، أقترح أن يتم استيعاب حقيقة أن قوانين الحرب في العصر الحديث تغيرت، وأن علينا العمل في كل الساحات باستخدام جميع الأدوات المتاحة، فإذا ما تعمقنا في هذا الأمر سنكتشف أن هذا الجهد عملي ولا يقل أهمية عن الجهد العسكري.

——————————————–

 عن «N12» 18/9/2024

أزمة “حزب الله” والاحتمالات الممكنة أمام إسرائيل

بقلم: إيهود يعاري

أكثرت المصادر الإسرائيلية من الحديث عن حرب حقيقية في مواجهة «حزب الله»، مؤخراً، في الشمال، حيث وقعت إسرائيل أسيرة المخطط الذي فرضه «حزب الله»، والذي يعني إطلاق النار ضمن بُعد محدود في الشمال، وأحياناً يطال القصف مناطق أوسع، وفي الجانب الآخر يشنّ الجيش الإسرائيلي هجمات ضمن نطاق جغرافي محدد.

هذا المخطط ملائم لـ»حزب الله»، الذي نقل الجزء الأساسي من قواته باتجاه الشمال. ويُجري الحزب جولة تبديلات لمُطلقي الصواريخ، كل شهر (بدلاً من كل أسبوعين)، بينما القادة غير موجودين في الميدان، وفي إمكان الحزب مواصلة ذلك. وبسبب الأزمة في عديد قواته، يحاول الحزب تجنيد الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين في لبنان وسورية، من دون نجاح كبير. ولهذا الغرض، طلب الحزب الإذن من الإيرانيين، ومن النظام السوري، لتجنيد سوريين.

على خلفية هذه الأمور تقف إسرائيل أمام احتمالَين: الأول، جهد هجومي محدود يبقى داخل المخطط الحالي، إلى حد ما، من أجل إسكات قدرة «حزب الله» على إطلاق النار وتقليصها ومواصلة تدمير بناه التحتية بحجم أكبر من الحجم الحالي الذي تستهدفه قيادة المنطقة الشمالية.

الاحتمال الثاني أكثر تعقيداً، فما يميّز الوضع الحالي أن «حزب الله» لا يُطلق صواريخ ثقيلة، أو دقيقة، ولا يهاجم سلاح الجو الإسرائيلي صواريخ الحزب الثقيلة والدقيقة. وفي الواقع فإن الجزء الأساسي من السلاح الذي يمتلكه نصر الله لم يُستخدم بعد.

هل تريد إسرائيل خوض معركة يدخل فيها هذا السلاح؟ حتى لو استطاعت تحقيق إنجازات كبيرة، فلا شيء يضمن أن في إمكاننا فعل ذلك بسرعة، بعدها يكون «حزب الله» جاهزاً للتوصل إلى تسوية، هو غير مستعد لها الآن. لذلك، عندما نتحدث عن توسيع المعركة في الشمال يجب أن نكون حذِرين، وأن نختار بين الاحتمالَين.

——————————————–

هآرتس 18/9/2024

حملة “انقر على السطح” في لبنان ليست بديلا عن وجود استراتيجية

بقلم: تسفي برئيل

في شهر آب 2020 شاهد لبنان كارثة بحجم تاريخي، الانفجار الضخم في ميناء بيروت. عدد المصابين في حينه بلغ 7 آلاف شخص واكثر، و300 قتيل ومئات الآلاف بقوا بدون مأوى، والاضرار التي تسبب بها الانفجار تم تقديرها بـ 15 مليار دولار. ولكن ابعاد الاضرار وعدد المصابين في عملية انفجار اجهزة الاتصال المنسوبة لاسرائيل، 4 آلاف شخص اصيبوا وحتى الآن 9 قتلى، هي بعيدة عن ابعاد الاضرار في انفجار الميناء، لكن الصدمة الوطنية عادت وظهرت من الذاكرة.

في تخطيط هجوم كهذا، كما يبدو من نتائجه حتى الآن، لا يمكن الافتراض بأنه فقط اعضاء حزب الله، المقاتلون ومن يؤيدون القتال، من بينهم سياسيين والسفير الايراني، سيصابون. هذا الهجوم لا يمكن أن يسمى “عملية تجميلية”. من ورائه يقف التوق الى ترسيخ ميزان الرعب والردع الذي يغير الواقع، ويتجاوز القدرة العلمية والتكنولوجية أو النية في احراج حسن نصر الله.

على صعيد التكتيك، طالما أنها تقف من وراء الهجوم كما يتهمون في لبنان، فان اسرائيل تجاوزت في هذه المرة بشكل متعمد قواعد “معادلة الرد” السائدة، التي فيها يجري الحوار العنيف بين اسرائيل وحزب الله منذ 8 تشرين الاول الماضي. هذه القواعد تأسست على قاعدة افتراض تقول بأن الطرفين غير معنيين بالحرب الشاملة، ويترتب على ذلك عمق الهجمات وحجم الاصابات في اوساط المدنيين ونوع السلاح الذي سيتم استخدامه.

تماثل الردود لم يتم دائما الحفاظ عليه، لكن أي انحراف عنه مثل تصفية قادة كبار، مثل فؤاد شكر ومحمد ناصر قائد القاطع الغربي في جنوب لبنان ووسام الطويل قائد قوة الرضوان وغيرهم، حتى الآن حافظ على اطار المواجهة الاساسي. حزب الله ومتحدثون رسميون في لبنان وجهوا اصبع الاتهام لاسرائيل على اعتبار أنها المسؤولة عن هذا الهجوم، وحتى أنهم وعدوا بالانتقام. ولكن حسن نصر الله حتى الآن لم يعط لهذا الهجوم تعريف جديد، الامر الذي يدل على نية استغلاله كذريعة لشن حرب شاملة.

عملية جماهيرية تحدث “اضرار جانبية” واسعة النطاق، تزرع الذعر ليس فقط في الشوارع والاسواق التي اصيب فيها مدنيون، بل يخلق انعدام الأمن الوطني. تأثير الجمهور لهذا الذعر معروف جيدا في اسرائيل، ويمكنه أن يخلق ضغط كبير على متخذي القرارات. ولكن اذا كان الهدف هو احداث تأثير مشابه في لبنان، يحرك حزب الله من اجل وقف هجماته، وبالاساس فصل الساحة اللبنانية عن ساحة غزة، فان هذا سيظهر كتوق بعيد المدى.

خلال اشهر يتم توجيه انتقاد جماهيري وسياسي لحزب الله من قبل سياسيين وصحافيين وشخصيات عامة، لكن حتى الآن هذا الانتقاد لم يتطور الى احتجاج جماهيري مثل النوع الذي احدثه الانفجار في ميناء بيروت أو الازمة الاقتصادية الشديدة. السبب يكمن كما يبدو في حقيقة أن المواجهة مع اسرائيل هي حدث يمس فقط جنوب لبنان، وبشكل جزئي البقاع في لبنان، لكن بيروت والمدن الكبيرة الاخرى معفية منه. مشكوك فيه اذا كان الهجوم في بيروت وفي الضاحية، معقل سيطرة حزب الله، سيغير هذه النظرية لأنها ما زالت تعتبر عملية موجهة لحزب الله وليس للمس بمواطني الدولة.

اذا كان هدف الهجوم هو ضعضعة ثقة حسن نصر الله بالقدرة على تفعيل جميع منظومات السلاح لديه، لا سيما التي تحتاج الى قنوات اتصال متقدمة، بواسطة اظهار مدى اختراق هذه المنظومات، فانه مشكوك فيه هنا ايضا أن يحدث انقلاب في استراتيجية حزب الله. تنوع الصواريخ والمسيرات وانواع السلاح الاخرى التي توجد بحوزة حزب الله ومنظومات الاتصال البديلة التي اقامها خلال السنين لا تعطي اساس صلب لافتراض بحسبه التنظيم سيتم شله بسبب الهجوم الالكتروني. ولكن عملية بالجملة مثل هذه العملية قد ترسل رسالة واضحة ليس فقط لحزب الله، بل ليحيى السنوار ايضا. التفسير السائد هو أن مواجهة شاملة مع لبنان تخدم اهدافه، حيث أن هذه الحرب ستحقق حلم الحرب متعددة الساحات التي خطط لها ضد اسرائيل.

السنوار، مثل اسرائيل، لا يمكن أن يثق الى أين ستؤدي حرب واسعة النطاق بين لبنان واسرائيل. وهو لا يمكنه التأكد من أن ايران ستنضم الى هذه الحرب. وسوريا اظهرت في السابق عدم اللامبالاة ودرجة كبيرة من الحيادية بالنسبة للمواجهة مع حماس، والحوثيون يواصلون في الواقع هجماتهم في البحر الاحمر ولكنهم لا يقدرون على احداث الحسم. بالاساس، السنوار مثل اسرائيل، لا يمكنه أن يعرف الى متى سيكون حزب الله مستعد لمواصلة حرب الاستنزاف مع اسرائيل اذا تبين أن هذه الحرب تعرض للخطر الذخر الاستراتيجي الاكثر اهمية بالنسبة لايران في الشرق الاوسط.

السنوار يمكنه، وربما يجب عليه، الافتراض بأن “عملية اجهزة الاتصال” هي من نوع اجراء “انقر على السطح”، وهو التحذير الاخير قبل الحرب الشاملة في لبنان. يبدو أن هذا التطور مناسب لرؤيته الاستراتيجية، لكن ذلك يمكن أن يدفعه بالتحديد الى هامش الساحة ونزع قوته السياسية التي توجد له الآن امام اسرائيل، ايضا ليس فقط املاء شروط صفقة التبادل، بل املاء خطة سيطرته في غزة المرتبطة بوقف الحرب في القطاع.

الحرب في لبنان ربما ستضخم شعور “وحدة الساحات”، لكنها ستفصل غزة عن لبنان. هي ستنشيء ساحة مستقلة بين اسرائيل ولبنان بدون أن تكون مرتبطة بما سيعرضه السنوار. من هنا فان حرب استنزاف، ليس حرب شاملة، يمكن أن تخدم بشكل جيد السنوار، وحسن نصر الله ايضا. الاستنتاج من ذلك هو أنه اذا كانت اسرائيل، التي نسب لها هجوم اجهزة الاتصال، تقدر بأنه تكفي الرسالة التي ارسلها الهجوم في لبنان من اجل احداث انفصال بين الساحات، أو على الاقل اقناع السنوار بأن هذا الانفصال هو على الباب، فان هذا الهجوم لا يقف على ارجل ثابتة. هجوم اجهزة الاتصال ربما هو استعراض مدهش للقدرة الاستخبارية والتكنولوجية، ولكنه لا يغير تركيبة السيناريوهات الاستراتيجية لاسرائيل، التي هي محبوسة بين خيارين. الاول هو الحرب الشاملة التي ابعادها ومدتها وتكلفتها بالارواح والاموال غير معروفة، ومثلها ايضا قدرتها على تحقيق الاهداف المخطط لها، من بينها الهدف الجديد وهو اعادة سكان الجليل بأمان الى بيوتهم. الثاني هو صفقة مع السنوار تتضمن وقف الحرب في غزة واطلاق سراح المخطوفين ووقف النار في الشمال. هذه ليست صفقة احلام، لكنها تحيد معظم بنود عدم اليقين الكامنة في خيار الحرب الشاملة، وهي على الاقل ستسدد دين اخلاقي كبير تدين به الحكومة لمواطنيها.

——————————————–

يديعوت احرونوت 18/9/2024

كيف ستؤثر هذه العملية الذكية على سلوك حزب الله

بقلم: سمدار بيري

مرتان في الأشهر الأخيرة حذر امين عام حزب الله حسن حصرالله بالكلمات الأكثر صراحة من استخدام الهواتف النقالة. في شباط في خطابه من على شاشات التلفزيون وفي القنوات اللبنانية، كان يستجدي نشطاء حزب الله التخلي عن الهواتف النقالة، التي وصفها بانها “منتجة التصفيات”. وقضى نصرالله بان “الهاتف النقال يمكن أن يقتل” واعلن “انا لا استخدمه منذ اشهر طويلة، بسبب المخاطر. في شهر ايار الماضي كرر نصرالله “هوس النقال”، كما وصفه في لبنان، ودعا سكان جنوب لبنان ونشطاء حزب الله في الجنوب للتوقف عن استخدام الهواتف النقالة “الاقفال عليها في صناديق حديدية والقاء المفتاح”.

قرر نصرالله الا يكشف عن الحل البديل. نشطاء حزب الله، يتبين الان بدأوا يستخدمون البيجر. أمس تركزت تحقيقات كبار مسؤولي حزب الله، ممن لم يصابوا، حول مسألة من نجح في الوصول الى الأجهزة؟

وبينما تقفز إسرائيل عن أخذ المسؤولية، أجريت أمس مقابلة مع خبير لبناني كبير في مواضيع الامن، الياس حنا، واعلن باللغة الأكثر وضوحا بان هذه “مؤامرة إسرائيلية” وأضاف بان السؤال الواجب “لمن ستكون مصلحة في تنفيذ عملية من هذا النوع”، وأشار حنا اللبناني بالثناء الى “الاستخبارات الإسرائيلية” في “العملية الذكية والمتطورة”, وشرح بانه “يستغرق وقتا طويلا اعداد عملية من هذا النوع”.

منذ أمس فتحت تحقيقات داخلية في حزب الله، في محاولة لتعقب من ادخل المتفجرات الى أجهزة البيجر. وانعقد طاقم خبراء امن في ضاحية بيروت، معقل حزب الله وشرح بان “بالذات بعد ان انكشفت التفجيرات، فان الضاحية هي مكان آمن في اليومين القريبين على الأقل”.

“واضح ان إسرائيل لا تعقب ولا تأخذ المسؤولية” شرح أمس نعيم بردويل، رجل حزب الله من “المستوى السياسي” واصر على ان يقول الان انتم ترون ان نصرالله كان محقا حين حذر من استخدام أجهزة الاتصال”.

اما نصرالله نفسه يعتزم التعقيب في الأيام القادمة في خطاب مسجل مسبقا ويبث على شاشة كبيرة كعادته.

سفير ايران في بيروت، مجتبى اميني، احد الشخصيات الأخطر في الساحة اللبنانية، أصيب امس بأثر تفجر البيجر الذي كان يحمله احد حراسه. ونقل السفير على الفور الى المستشفى واجتاز فحصا وضمدت يده اليمنى وسرح الى مسكنه. حاليا ليس معروفا عن شخصية كبيرة أخرى أصيبت في سلسلة التفجيرات.

ان إصابة أكثر من 3200 من رجال حزب الله ومارة كانوا على مقربة منهم أدت الى ضائقة كبيرة في المستشفيات واضطرت المئات للاستلقاء على أرضية غرف الطوارئ انتظارا للفحص والعلاج. وكان حزب الله مطالبا بان يرسل سيارات الإسعاف الى المستشفيات في كسروان في الشمال، بإدارة خصومه المسيحيين وحذر من أنه “اذا لم نحصل على علاج مناسب فورا، فسنحاسبكم.

تابعت كل القيادة اللبنانية أمس سلسلة العمليات وردود فعل حزب الله والمنشورات في إسرائيل. فضلت القيادة اللبنانية الصمت الى أن يخرج نصرالله لان يغلق الحساب في خطابه القريب.

ويطرح السؤال ما الذي فعلته هذه التفجيرات لحزب الله. أولا وقبل كل شيء أوقعت صدمة ومفاجأة. امر ثانٍ، يبحثون الان عن الثغرة في طوق الامن. السؤال الكبير، كيف ستؤثر هذه العملية الذكية على سلوك حزب الله، اذا كانت ستؤثر وماذا سيكون الرد الإيراني. خبراء إيران ولبنان عندنا يقدرون بانه تجاه الخارج على الأقل لن يكون تأثير، ونصرالله سيعود ليحذر ويعلن بثقة “قلت لكم”.

——————————————–

هآرتس 18/9/2024

لا توجد حروب جميلة، المدنيون يتوقع أن يدفعوا ثمنا باهظا

بقلم: يوسي ميلمان

“يا لها من حرب رائعة”. هذا كان اسم مسرحية غنائية بريطانية عن الحرب العالمية الاولى. وقد تم تحويلها في 1969 الى فيلم مناهض للحرب. أنا تذكرت في هذا الاسبوع هذه المسرحية اللاذعة، التي تستخف بتفاهة الحرب والجنرالات الاغبياء الذين يرسلون الجنود الى موتهم بسرور. وقد تذكرت ذلك عندما سمعت مؤخرا مراسلون ومحللون عسكريون وسياسيون في الاستوديوهات وهم متحمسون للحرب في لبنان. وقد شرحوا بجدية متجهمة لماذا من المهم الآن لاسرائيل شن حرب ضد حزب الله. لماذا لا يوجد أي خيار عدا عن الانبراء وغزو لبنان مرة اخرى. هم ايضا لا يتحدثون عن حرب قصيرة بل عن حرب طويلة وصعبة. ولكن فقط القلائل من بينهم يتجرأون عن التحدث عن الثمن الباهظ الذي سيدفعه مواطنو اسرائيل.

في الـ 15 سنة الاخيرة شاركت في عدد غير قليل من المحادثات والاحاطات مع ضباط كبار في قيادة الجبهة الداخلية، الذين وصفوا سيناريوهات مرعبة عن حرب سيتم فيها اطلاق عشرات آلاف الصواريخ من جميع الانواع نحو الجبهة الداخلية، لا سيما المدن الكبرى. مئات الآلاف سيتم اخلاءهم من بيوتهم، آلاف المباني ستدمر، في السيناريوهات الجبهة الداخلية تستعد لاقامة مدن خيام في النقب، وتحويل المدارس والمباني الثقافية من اجل ايواء المخلين. الطلاب لن يذهبوا الى المدارس. شركات طيران اجنبية ستوقف رحلاتها الى اسرائيل. مطار بن غوريون سيتم استهدافه ويغلق، دول كثيرة ستطلب من مواطنيها الخروج من هنا، اقتصاد اسرائيل الذي هو في الاصل متعثر منذ سنتين تقريبا بسبب محاولة الانقلاب النظامي والحرب سينتقل الى حالة الهبوط الحر. وماذا بشأن الجيش الاسرائيلي؟ منشآته، من بين ذلك المطارات والمواقع الاستراتيجية، سيتم استهدافها ايضا. الجيش مرة اخرى سيضطر الى تجنيد مئات آلاف رجال الاحتياط المتعبين بسبب الحرب في غزة. في اوساط عدد غير قليل منهم تزداد الشكوك اذا كانوا سيوافقون مرة اخرى على ترك عائلاتهم والذهاب الى الحرب. واذا تمت  اجازة قانون التهرب للحريديين فان دافعيتهم ستتآكل اكثر فأكثر.

تكلفة الحرب في غزة في السنة الاخيرة بلغت 250 مليار شيكل. الولايات المتحدة ملتزمة بتقديم مساعدات لاسرائيل في حالات الطواريء بمبلغ 14 مليار دولار اضافة الى المساعدات الامنية العادية بمبلغ 4.5 مليار دولار. ولكن حسب معلوماتي فانه فقط القليل من مساعدات الطواريء تم تحويلها حتى الآن لاسرائيل وهذا ليس بالصدفة. هذا دليل على عدم رضا الادارة الامريكية من روح المغامرة لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي من اجل بقائه الشخصي والسياسي مستعد لمواصلة الحرب الى الأبد، أو على الاقل حتى التأكد من فوزه في الانتخابات القادمة.

هناك قيود على قدرة منظومات الدفاع الجوية بمستوياتها الستة – القبة الحديدية، مقلاع داود، حيتس، طائرات سلاح الجو التي توجد في السماء، منظومات اعتراض جي.بي.اس، وايضا منظومة الليزر لاعتراض الصواريخ. هذه ستجد صعوبة في مواجهة سماء مليئة بالصواريخ والقذائف والمسيرات، وحماية الجبهة الداخلية ستكون جزئية على اقصى تقدير. الحرب ضد حزب الله في لبنان لا يمكن أن تكون فقط ضربة قاضية وانتهى الأمر. هي تحتاج الى تواجد عسكري كبير هناك، الامر الذي يعني حرب استنزاف وحرب عصابات من النوع الذي عرفه الجيش في جنوب لبنان حتى الانسحاب في العام 2000، والآن في قطاع غزة. حتى لو انطلقنا من فرضية أن الجيش الاسرائيلي والجبهة الداخلية سيظهرون موقف مصمم ويكونون قادرين على استيعاب حرب على جبهتين فهل هناك ضمانة بأنها ستتوقف هناك. الضفة الغربية تغلي، وبمساعدة الروح الداعمة لارهاب الاستيطان فانها على شفا الانتفاضة الثالثة. الجيش الاسرائيلي ينقل الى المدن في الضفة قتل القتال في غزة، وضمن ذلك الاستخدام المتزايد للمسيرات.

حرب متعددة الساحات تعني أن اسرائيل ستجد نفسها تحارب في غزة ولبنان والضفة الغربية وضد الصواريخ من اليمن وربما امام مليشيات شيعية في هضبة الجولان بتشجيع من ايران. معركة على حدود كثيرة تعتبر حرب وجودية، على صيغة حرب الاستقلال في 1948، التي سبق ورأيناها عشية حرب الايام الستة وفي بداية حرب يوم الغفران. هذه الافكار تخطر ببال زعماء اسرائيل الذين وجدوا انفسهم في حالة ذعر واحباط وظهورهم الى الحائط. حسب بعض المنشورات في حينه كان هناك من اقترحوا استخدام السلاح النووي، الذي كل العالم يقدر بأنه موجود لدى اسرائيل. من يعرف، ربما مرة اخرى ستطرح افكار كهذه اذا تطورت حرب اقليمية. هناك من سيقولون بأنني اعرض هنا حلم متشائم جدا، وأنه في نهاية المطاف الدولة التي تحب الحياة والمحاطة بالاعداء وتناضل على وجودها ستضطر الى أن تدفع ثمن معين. ولكن من يدعو للحرب يجب أن يكون مستعد ايضا لاسوأ السيناريوهات وأن يفحص كيفية انهائها وما هي احتمالية ذلك. ربما ستقولون بأنه لا يوجد أي خيار. وحسب رأيي ورأي بعض المحللين بالتأكيد يوجد خيار، الذي اسسه هي وقف اطلاق النار في غزة واعادة جميع المخطوفين حتى بثمن تحرير “مخربين ثقيلين” وادخال جهات فلسطينية وقوة عربية لادارة القطاع الى جانب مشاركة اسرائيل أمنيا ووقف النار مع لبنان واجراء مفاوضات حول تسوية بعيدة المدى مع حزب الله (مثل الاتفاق الذي صمد 17 سنة حتى تشرين الاول 2023)، ومشاركة الولايات المتحدة في تخفيف التوتر مع ايران ودعم تطبيع العلاقات مع السعودية، ومبادرة سياسية واقتصادية مع السلطة الفلسطينية. يجب على الاقل فحص هذا البديل. تذكروا: لا توجد حروب جميلة.

——————————————–

إسرائيل اليوم 18/9/2024

حزب الله اهين ويتردد كيف يرد

بقلم: يوآف ليمور

العملية في لبنان امس التي يعزوها حزب الله لإسرائيل احرجت حزب الله كثيرا. ويتبين الامر بوضوح من ردود الفعل التي جاءت من لبنان في ساعات ما بعد الحدث ومن المساحة التي تركتها لنفسها المنظمة حول السبيل الذي ستختاره للرد على الضربة الأليمة التي تلقتها.

لهذه الضربة توجد عدة ابعاد. الفوري بينها هو الجسدي: الاف أجهزة نشطاء المنظمة التي تتفجر بالتزامن في كل ارجاء الدولة (وفي سوريا أيضا، حسب التقارير)، وتتسبب بموت ما لا يقل عن تسعة اشخاص ومئات آخرين. هذه ضربة قاسية للمنظمة التي تهمها حياة رجالها، وبالتأكيد لمنظمة تعلن بانها “حارس لبنان”  – ولم تكن هكذا أمس.

البعد الثاني هو استخباري – عملياتي. فمن هاجم نجح في اختراق حزب الله مرتين: مرة استخباريا، كي يعرف ما الذي ينبغي له ان يعمله، ومرة ثانية عملياتيا، كي يعمل هذا فعليا. تجربة الماضي تفيد بان مثل هذه العمليات تتطلب وقتا طويلا للاعداد، وهي أحيانا تنتظر على الرف على مدى سنين الى أن يتخذ القرار لاخراجها الى حيز التنفيذ في الوقت المناسب.

البعد الثالث هو بعد الوعي. فقد تلقى حزب الله امس ضربة شديدة لغروره، ويدور الحديث عن منظمة مع غرور عظيم – يقودها حسن نصرالله، رجل مع غرور استثنائي في حجومه. عشرات الأفلام التي ظهرت فيها هذه الأجهزة وهي تتفجر تحرج حزب الله كثيرا وجعلته منذ الان موضع سخرية في الشبكات الاجتماعية وفي بعض من وسائل الاعلام. وهذا، بالتوازي مع التعظيم المتوقع لمن نسبت له العملية في لبنان.

منظمة إرهاب مسربة

البعد الرابع هو التنظيمي الداخلي في حزب الله. فقد اضطرت المنظمة لان تنفذ في الأشهر الأخيرة بضعة تحقيقات داخلية بعد أن تبين لها بانها تتسرب وتدفع على ذلك ثمنا باهظا. حصل هذا في تصفية سلسلة قادة كبار، وعلى رأسهم رئيس اركان المنظمة فؤاد شُكر (محسن) الذي قتل بضربة مباشرة في الشقة التي كان فيها في قلب بيروت، وحصل هذا بعد أن نجحت إسرائيل في ان تحبط في الشهر الماضي معظم هجمة رد حزب الله على تصفية شكر، حين دمرت معظم منصات الصواريخ على الأرض واعترض معظم المُسيرات في مراحل مبكرة من طيرانها.

الان سيضطر حزب الله لان يراجع مرة أخرى كيف اخترق، وأين لا يزال يخترق. بشكل طبيعي، هذا سيقوده لان يشك بكل انسان وبكل جهاز. سيكون ملزما بتغيير أساليب ووسائل اتصالاته وبالضرورة سيكشف نفسه اكثر لمن يريدون ملاحقة اعماله. هذا سيهز ثقته بنفسه وثقة نشطائه في المدى القصير – لكن ليس ابعد من ذلك. حزب الله سيجد أساليب ووسائل جديدة بالمساعدة الناجعة – النشطة لاسياده الإيرانيين.

ان الرد على تصفية شكر بين أن حزب الله لا يريد ارتجالا. فهو يفحص كل الخيارات قبل أن يعمل، وبالتالي ينبغي السؤال كيف سيختار التوازن بين الإهانة العلنية التي تكبدها وبين عدم رغبته الواضح في حرب شاملة. محاولته التي انكشفت امس لتصفية مسؤول كبير سابق في جهاز الامن الإسرائيلي بواسطة عبوة ناسفة كبيرة (محاولة ثانية في غضون سنة)، تدل على انه هو أيضا يبحث عن سبل لمفاجأة إسرائيل وايلامها دون أن يستخدم سلاحه أساس – منظمة الصواريخ للمدى البعيد – مما سيؤدي بالضرورة الى حرب.

يحذرون من حرب شاملة

معقول الافتراض بان صورة مرآة مشابهة ظهرت أيضا امام من هاجم لبنان. إسرائيل، بافتراض ان الحديث يدور عنها، يمكنها أن تهاجم علنا، بطائرات قتالية، وعندها كانت ستجر حزب الله بالضرورة الى رد وتصعيد قد يؤدي الى حرب.

صحيح أن الكابنت أضاف اول امس الشمال الى اهداف الحرب (بتأخير سنة)، لكن واضح ان إسرائيل أيضا لا تسارع الى معركة شاملة في الشمال، وبالتأكيد طالما هي غارقة في معركة نشطة في غزة.

وبالتالي يفترض التساؤل في ما كان عليه هدف العملية. فاذا كانت معدة لاهانة حزب الله، فقد تحقق الهدف. لكن اذا كانت معدة لردعه – فالايام ستقول.

سيكون ممكنا الحكم على هذا وفقا لمدى وطبيعة النار التي ستطلق في الأيام القادمة على بلدات الشمال، وكذا وفقا لمدى العصبية التي ستبث من بيروت. هذا سيؤدي بالضرورة أيضا الى عصبية وتحفز في الجانب الإسرائيلي، المعتاد عليهما، وان كان الواقع الحالي الذي توجد فيه على جدول الاعمال أيضا اقالة وزير الدفاع سيزيد بالضرورة علامات الاستفهام في إسرائيل، في الأيام التي مطلوب فيها اكثر من أي شيء آخر الهدوء والاستقرار.

رغم إحساس الإنجاز المفهوم، يجدر بالذكر بان لا شيئا جوهريا تغير امس. الشمال لا يزال مهجورا وسائبا، وسكانه بعيدون عن بيوتهم.

——————————————–

هآرتس 18/9/2024

سلسلة التفجيرات التي نسبت لاسرائيل كشفت حزب الله في حالة ضعفه واهانت قيادته

بقلم: عاموس هرئيلِ

هجوم اجهزة الاتصال اللاسكية في لبنان الذي خلف أمس حوالي 4 آلاف مصاب و9 قتلى، عاد وقرب اسرائيل وحزب الله من شفا الحرب الشاملة. حزب الله يتهم اسرائيل بهذا الهجوم الذي لم تتحمل المسؤولية عنه بشكل علني وهو يهدد بالانتقام. اذا كان في المرات السابقة قد ظهر على طول المواجهة التي اندلعت في 7 تشرين الاول بأن حزب الله يحاول السيطرة على صورة الرد وتجنب تدهور كامل فانه لا يوجد يقين بأن هذا ما سيحدث في هذه المرة. العملية التي تم نسبها لاسرائيل كشفت حزب الله في ضعفه وأهانت قيادته. هذا ليس من الامور التي من المعتاد المرور عليها مر الكرام في الشرق الاوسط.

سلسلة التفجيرات الكبيرة حدثت في الساعة الرابعة بعد الظهر تقريبا، بالاساس في الضاحية الجنوبية في بيروت. ولكن حسب عدة تقارير فان تفجيرات اخرى حدثت في دمشق وفي البقاع وفي جنوب لبنان. الاهداف كانت اعضاء حزب الله، من بينهم شخصيات رفيعة التي جزء منها كان في قيادة الحزب وبعضها كان في اماكن مدنية مختلفة. التفجيرات كانت بصورة متزامنة في اجهزة استقبال الرسائل واجهزة الاتصال التي كانت بحوزة الاعضاء. من بين المصابين كان بعض عابري السبيل وعائلات اعضاء في حزب الله. تم الابلاغ عن 9 قتلى وحوالي 400 شخص باصابة بالغة، لكن التفاصيل ما زالت غامضة ومن غير الواضح بالضبط عدد قتلى الحزب نفسه. وقد نشر أنه حتى السفير الايراني في لبنان اصيب في انفجار، ولم يتم التبليغ اذا كان لديه جهاز اتصال لحزب الله هو نفسه أو كان يوجد مع رجال الحزب.

يبدو أن أحد نجح في اختراق شبكة الاتصالات السرية لحزب الله، ووضع في وقت سابق في اجهزة الاتصال مواد متفجرة وتشغيلها عن بعد في الوقت المناسب. هذه العمليات في منظومة السايبر، ايضا في اطار جهود التخريب، تسمى عملية “الزر الاحمر”. القصد هو أن العملية تكون جاهزة منذ فترة طويلة ويمكن تشغيلها حسب الرغبة عند الحاجة، مع مفاجأة العدو. يبدو أن من قام بالاعداد للعملية وتنفيذها قد قام بعمل مهني كبير. المنظومات العملياتية لحزب الله تبين أنها مخترقة وتضررت بدرجة كبيرة، بصورة يتوقع أن تثير عدم الثقة في صفوف الحزب والتآكل في منظومة القيادة والسيطرة لديه في الفترة القريبة القادمة. يمكن الافتراض أن حزب الله سيكرس وقت كبير الآن لجهود الدفاع، العثور على ثغرات حماية اخرى وتشخيص المسؤولين. يمكن التقدير بأن حزب الله سيحقق بشكل معمق، ضمن امور اخرى، في سلسلة التزويد لهذه الاجهزة. الهجوم الذي ينسبه حزب الله لاسرائيل سبقته تطورات صاخبة في المنظومة الامنية والسياسية في اسرائيل. في الاسبوع الماضي بدأت حاشية رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، تنشر تقارير بأن توجهه هو نحو عملية هجومية في لبنان الى درجة الحرب الشاملة، هذا بعد أن امتنع خلال 11 شهر عن فعل ذلك وصد بين حين وآخر محاولات وزراء وضباط تحريك عمليات بهذا الاتجاه. في وقت لاحق تصاعد النزاع مع وزير الدفاع، يوآف غالنت، وأول أمس تم التسريب بأن نتنياهو قريب من الاتفاق مع عضو الكنيست جدعون ساعر، الذي بحسبه سينضم اربعة اعضاء كنيست من قائمة اليمين الرسمي برئاسته الى الائتلاف، وساعر سيستبدل غالنت.

المفاوضات السياسية تم تجميدها أمس قبل بضع ساعات على الهجوم. المحللون نشروا أن نتنياهو وغالنت قد انتقلا الى صفقة حول “موضوع أمني هام”. يبدو أن قضية عزل غالنت واستبداله بساعر دخلت الى التجميد المؤقت، وربما الطويل، ازاء التصعيد المتوقع. ربما أن نتنياهو قد حقق المكاسب السياسية المطلوبة بالنسبة له من هذه العملية حتى بدون تنفيذها. ساعر تم عرضه كمن هو مستعد لبيع ما تبقى من روحه مقابل المنصب، وغالنت تبين أنه لا توجد له قوة سياسية مستقلة، والجمهور ايضا لن يخرج في هذه المرة بجموعه للاحتجاج على المناورة القذرة لعزله. يبدو أنه يمكن ابقاء الآن الاثنين في حالة ضعف في مكانهما. في الاتفاق بينه وبين ساعر، كما تم التسريب، تقرر أن قرار اختيار رئيس الاركان القادم سيتم اتخاذه بشكل مشترك مع رئيس الحكومة (هذا هو ايضا الوضع القانوني الفعلي، لكن مع الاخذ في الحسبان العلاقة بين نتنياهو وغالنت، فان الامور كانت محل التساؤل). سياسيا اذا تم تنفيذ عملية الاستبدال بين غالنت وساعر فسيتبين أن هذه خطوة حاسمة في صالح نتنياهو، الذي يتوقع أن يقود ائتلاف واسع ومستقر أكثر.

لكن كل هذه الصفقة الحزبية اقل اثارة للاهتمام، في ضوء تزايد اخطار الحرب. ان تقارب الاحداث بين مؤامرة عزل غالنت والهجوم في لبنان يضع الكثير من الضباب فوق اعتبارات رئيس الحكومة والكابنت. هل، على فرض أن اسرائيل تقف وراء هذا العمل المنسوب لها من قبل حزب الله، العملية التي بالتأكيد تم الاعداد لها منذ فترة طويلة، قد تم تنفيذها في الوقت الصحيح؟ هل اسرائيل تريد ردع حزب الله عن الاستمرار في اطلاق النار نحو الشمال وأن تفرض عليه اتفاق يشمل سحب قواته عن الحدود اللبنانية، أو أن الهدف هو جر الحزب الى حرب؟ وما هي طبيعة العلاقة بين المستوى السياسي ورؤساء اجهزة الامن، وفيما بينهم هم انفسهم.

بعد فترة مثيرة للاحباط، سنة تقريبا، التي لم تنجح فيها اسرائيل في تحقيق أي حسم في أي جبهة فانه يزداد الضغط على رؤساء جهاز الامن لعرض نتائج، اضافة الى الاغراء بايجاد حلول عنيفة التي تأثيرها مؤكد كما يبدو. هذا ما حدث ايضا في قضية تصفية الجنرال الايراني حسن مهداوي في دمشق في نيسان الماضي، وفي عملية اغتيال اسماعيل هنية وفؤاد شكر في تموز الماضي، وفي عملية قصف ميناء الحديدة في اليمن. جميع هذه العملية حصلت على التعاطف النسبي من الجمهور ونتنياهو تفاخر بمعظمها، لكن حتى الآن هي لم تؤد الى أي تغير واضح في تطورات الحرب.

في العام 2021 قام سلاح الجو الاسرائيلي بقصف المترو (الانفاق)، وهي منظومة القيادة التحت ارضية لحماس في قطاع غزة قبل انتهاء عملية “حارس الاسوار”. الخطة الاصلية تم التخطيط لها بأن تكون عملية الافتتاح للحرب وشملت عملية تمويه لكتائب في القطاع، التي استهدفت جعل مئات المخربين يهربون الى مخبأ في الانفاق وعندها قتلهم بواسطة قصف شديد. ولكن العملية التي نفذت كانت ضعيفة ومحدودة. فحماس لم ينطلي عليها التمويه وابقت الانفاق فارغة. عدد مقاتليها الذين قتلوا في الهجوم يمكن عدهم على الاصابع.

الجيش الاسرائيلي والمستوى السياسي (الذي كان في حينه ايضا برئاسة نتنياهو) تفاخروا في البداية بالعملية وقاموا بعرضها كتعبير عن عظم القدرة الاستخبارية والتكنولوجية. بعد ذلك تبين أن اسرائيل قامت باحراق ورقة عملية هامة عندما كشفت قدرة مفاجئة لم تؤثر على اعتبارات العدو. الظروف في هذه المرة مختلفة قليلا لأن الحرب مستمرة، في الحقيقة بقوة محدودة. وحتى الآن يمكن التساؤل هل اضافة الى جباية الثمن من حزب الله العملية التي نسبت لاسرائيل تدفع قدما باهداف الحرب، التي فقط أول أمس اضاف اليها الكابنت اعادة سكان الشمال الى بيوتهم. يثور الانطباع بأن اسرائيل تنتظر رد حزب الله: حزب الله تلقى ضربة قاسية في بيروت، الثانية بعد اغتيال شكر، واذا قرر الرد في عمق اراضي اسرائيل فربما المعنى سيكون التدهور الى الحرب.

في المرة السابقة، في نهاية شهر آب، حزب الله قام بحل المعضلة بواسطة الاكاذيب. فردا على تصفية شكر وبعد انتظار طويل اطلق حزب الله عدة مسيرات هجومية نحو اسرائيل ولكنه تم اسقاطها فوق البحر في منطقة حيفا. حزب الله قال إن المسيرات انفجرت فوق المواقع العسكرية في غاليلوت، وهكذا اغلق الموضوع من ناحيته. الآن تم فتح حساب جديد دموي اكثر، سيكون من الصعب اغلاقه بواسطة بضع اكاذيب واختلاقات اخرى.

لا يوجد حسم في الافق

قبل ساعتين على الهجوم نشر الشباك بيان استثنائي كشف فيه عن قضية قديمة فيها تطور حديث. في ايلول الماضي انفجرت عبوة ناسفة في متنزه اليركون في تل ابيب، ولم تسبب اصابات. بعد ملاحقة اعتقل فلسطينيون من الضفة الذين قاموا بتشغيلها. التحقيق معهم اظهر أنه تم ارسالهم لتنفيذ العملية من قبل حزب الله، الذي حاول اغتيال شخص رفيع سابق في جهاز الامن. الآن تم افشال محاولة اخرى لخلية من نفس التنظيم كانت تنوي العمل بشكل مشابه ضد شخص رفيع آخر. اضافة الى العملية في مجدو في السنة الماضية فان هذه محاولات لتنفيذ عمليات من قبل حزب الله بواسطة عبوات ناسفة قاتلة داخل اسرائيل.

اسرائيل الرسمية لم تتطرق أمس الى الهجوم في لبنان. مكتب رئيس الحكومة أمر الوزراء بعدم اجراء المقابلات مع وسائل الاعلام، لكن أحد عباقرة الاعلام الجديد والذي هو من محيط رئيس الحكومة اختار التحاور في موقع “اكس” (تويتر سابقا) مع أحد منتقدي نتنياهو، مراسل “هآرتس” حاييم لفنسون، وألمح الى مسؤولية اسرائيل عن الهجوم في لبنان. معروف أن التغريدة المتبجحة تم حذفها بعد فترة قصيرة (كما حدث عندما كان من المهم لنتنياهو التفاخر بزيارة له في السعودية قبل بضع سنوات). يبدو أن الخطر تم اخذه في هذه المرة بجدية لأن المكتب سارع الى اصدار بيان تنصل فيه من نشر المنشور وقال إن هذا الشخص لا يعتبر من المستشارين المقربين من رئيس الحكومة، رغم أنه عمليا ما زال يعمل في الحاشية المقربة من نتنياهو.

الهجوم الذي نسبه حزب الله لاسرائيل نفذ بصورة بعيدة عن الاعلام وفي ذروة حرب طويلة. حتى الآن كان من الواضح أن ايران وحزب الله يريدون سفك المزيد من الدماء الاسرائيلية في الشمال لمساعدة حماس في حربها في غزة، لكن عدم الدخول الى حرب مباشرة وشاملة. قوة ضربة أمس والنشر حول اصابة السفير الايراني يمكن أن تؤثر في هذه المرة على اعتباراتهم. وربما الى درجة تغيير السياسة. الانجاز العملياتي المنسوب لاسرائيل مدهش جدا، لكن في الوقت الذي وعد فيه نتنياهو الجمهور منذ فترة قصيرة بأننا نوجد على بعد خطوة من النصر المطلق على حماس، الآن يبدو أننا اكثر قربا من السابق من حرب واسعة ايضا مع حزب الله. الحسم في جميع الجبهات ما زال لا يلوح في الافق.

——————————————–

 يديعوت احرونوت 18/9/2024

رياح الحرب

بقلم: افي يسخاروف

الهجوم الاستثنائي في لبنان امس يبدو وكأنه مأخوذ من أفلام الخيال العلمي. تفجير شبه متزامن لالاف أجهزة البيجر يتسبب بأكثر من 3 الاف مصاب بين نشطاء حزب الله. هذا سيناريو يبدو شبه هاذٍ. هذه العملية التي ينسبها حزب الله لإسرائيل تدمج الذكاء، الدقة والفتك مما يخلق في الطرف الاخر الكثير جدا من الارتباك على اقل تقدير.

تفهم قيادة حزب الله كم هي مخترقة واساسا كم هي هشة. فبعد الاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية التي اطلقت من لبنان نحو إسرائيل في الـ 11 شهرا الأخيرة، بعد قتلى وجرحى بنار حزب الله وبعد محاولات منفلتة العقال من حزب الله للمس بمسؤولين كبار سابقين في جهاز الامن.

الواقع لاسفنا لا يزال أكثر تعقيدا من الأفلام. فمعنى المس بالاف نشطاء حزب الله في آن معا هو اعلان حرب مشكوك أن يتمكن حزب الله من التجلد عليه، وامس بالفعل صرح مسؤولو المنظمة بانهم سيعملون ضد إسرائيل التي يرون فيها مسؤولة عن العملية. ان معنى حرب شاملة ضد إسرائيل صعب بل وصعب جدا. فهذه ليست منظمة صغيرة على نمط حماس (التي اثبتت كم هي فتاكة قبل نحو سنة)، بل جيش مع ترسانة من نحو 150 الف صاروخ دقيقة ومقذوفة صاروخية مع وسائل قتالية متنوعة وفتاكة. واقع حرب واسعة ضد حزب الله ستتسبب بالكثير من المصابين في كل المناطق في إسرائيل والقتال لن ينحصر بعد اليوم في الحدود الشمالية. ستكون لذلك تداعيات اقتصادية عظيمة، لكن أيضا خسائر في الأرواح وفي القدرة على إدارة أجهزة تعليم وصحة على نحو سليم. والسؤال الذي يتعين على حكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو ان تسأله لنفسها وفي اقرب وقت ممكن هو ما هو هدف حرب كهذه ضد حزب الله. ما هي الأهداف التي يمكن تحقيقها؟ هل سيكون ممكنا إعادة الهدوء الى الحدود الشمالية وابعاد نشطاء المنظمة الشيعية عن الحدود؟

هذه العملية المنسوبة لإسرائيل لن تدفع حزب الله لان يوقف عملياته الهجومية ضد بلدات الشمال بل تصعيدها. كما أن المنظمة لا تعتزم الانسحاب تماما الى شمال الليطاني. من هنا فان بانتظارنا على ما يبدو أيام، وربما أسابيع من التصعيد يحتمل أن تجبر الجيش الإسرائيلي في نهاية الامر على عملية برية أيضا وهذا في الوقت الذي لا يزال الجيش يعمل فيه بريا في الجنوب ويعاني من الإصابات بما في ذلك في اليوم الأخير.

يحتمل أن يتأخر رد حزب الله ليس لانه لا يريد، بل لانه لا يستطيع – بمعنى ان الاختراقات الاستخبارية التي يفهم الحزب بانه يعاني منها يمكنها أن تدفعه لان يرغب أولا في أن يفهم ما الذي حصل وكيف نجح الإسرائيليون (اذا كان يدور الحديث بالفعل عن إسرائيل) في أن يخترقوا بهذا العمق صفوف الحزب وعندها فقط سيعمل. ولا يزال، واضح أن رد حزب الله هو مسألة متى، وليس هل.

والى داخل كل هذا تتسلل المسألة السياسية المأخوذة من فيلم سيء على نحو خاص، فيلما وحده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يمكنه أن ينتجه. من الصعب التصديق ان أمس فقط كان نتنياهو يعنى بما لا يقل عن اقالة وزير دفاعه، يوآف غالنت. غير أن هذه المرة من ينضم اليه هو رجل يفترض بان يكون يعرفه اكثر من الجميع، جدعون ساعر. ساعر ومعه زئيف الكين، الذي يعرف نتنياهو بقدر لا يقل عنه، راهنا مرة أخرى على الرجل الذي عرف في الماضي كيف يتنمر عليهما ومن شأنه أن يلقي بهما الى الكلاب.

ساعر والكين، راهنا على الرجل الأخطر في السياسة الإسرائيلية، مع المناورات الأكثر قذارة، الذي معروف وواضح انه في نهاية النهار سيلقي بهما مرة أخرى الى الكلاب. وساعر، بدلا من ان يتنكر لنتنياهو، اختار أن يأخذ الخطوة السياسية الأسفل التي شهدتها الدولة، وبالتأكيد في أيام حرب، وذلك فقط كي يبقى في مركز الصورة السياسية، “على الدولاب”.

العار، سبق أن قلنا؟

——————————————–

يديعوت 18/9/2024

ضربة معنوية لكنها ليست استراتيجية

بقلم: رون بن يشاي

التفجيرات بالتحكم من بعيد لأجهزة الاشعار (بيجر) جسدت لحزب الله كم هي المنظمة مخروقة – ليس فقط استخباريا بل وأيضا سيبيريا والكترونيا. الارتباط بينها سلاح بحد ذاته يتعين على حزب الله واسياده الإيرانيين ان يخشوه.

يمكن الافتراض، وفقا لخبراء في الالكترونيات بان أجهزة البيجر كانت معدة للتنسيق بين النشطاء وتوقيت اطلاق الصواريخ والمُسيرات على إسرائيل وتحذير النشطاء من غارات سلاح الجو. حزب الله سيرد. سيستغرقه وقتا حتى يعد الرد، لكنه لن يتجاوز كثيرا ما جربناه حتى الان. والسبب هو ان الإيرانيين وحزب الله أيضا لا يريدون حربا إقليمية.

العملية المنسوبة لإسرائيل تزيد بلا شك الردع لدى حزب الله واسياده الإيرانيين، وتشكل إهانة وضربة معنوية، لكن هذه ليست خطوة تغير الواقع – هذا ليس ما سيعيد سكان الشمال الى بيوتهم بامان. كي يحصل هذا ينبغي أن تكون سلسلة ضربات كهذه او معركة شاملة.

ثلاث هجمات إرهابية أرسلتها إيران:

اذا كانت إسرائيل بالفعل تقف من خلف هذه التفجيرات، بما في ذلك في سوريا، فيمكن أن نرى في هذا ردا على محاولات حزب الله تنفيذ عملية في أراضي إسرائيل، مثلما فعل مؤخرا ثلاث مرات على الأقل من خلال شبكات فلسطينية محلية.

العملية التي بادر اليها حزب الله ضد شخصية امنية رفيعة المستوى سابقا هي الثالثة في سلسلة عمليات في إسرائيل خططت لها منظمة الإرهاب الإسلامي الشيعي في السنة الأخيرة. فقد بدأ هذا بعملية بواسطة عبوة ناسفة من طراز “كليمغور” في منطقة مجدو في العام 2023، أصيب فيها بجراح خطيرة شرف الدين خمايسة من سكان سالم، وفقد بصره. المخرب الذي تسلل من لبنان وصل الى مفترق مجدو – مسافة نحو 70 كيلو متر في عمق إسرائيل – وشغل العبوة. كاد يعود ليهرب عائدا الى لبنان، لكن قوات الامن صفته قرب الحدود.

العملية الثانية، في أيلول 2023 حاول حزب الله تنفيذها بواسطة شبكة محلية من عرب إسرائيليين نجح في تجنيدهم في إسرائيل. فقد زرعوا عبوة جانبية في متنزه اليركون في تل أبيب. ومع ان العبوة شغلت الا أنها لم تصب أحدا بأذى.

الشبكة إياها حاولت أيضا تنفيذ العملية التي أحبطت امس، ضد المسؤول الأمني الكبير سابقا – مرة أخرى من خلال عبوة ناسفة بمواصفات رسمية من طراز كليمغور. بمعنى أن ثلاث محاولات متوالية من حزب الله في داخل أراضي إسرائيل بينما التخطيط والتحكم بها يتمان من لبنان.

في إسرائيل يقدرون بانه تقف خلف العمليات وحدة 133 التي انشأها حزب الله ومسؤولة عن تجنيد فلسطينيين لتنفيذ عمليات في إسرائيل وفي المناطق. يمكن الافتراض بان هذه العمليات نفذت في اطار محاولات الثأر التي يقوم بها حزب الله ضد إسرائيل، واساسا بتكليف من الإيرانيين الذين يدعون بان لهم “حسابا طويلا مع تصفية الموساد لمسؤولين كبار في دولتهم”. الذكاء الذي ابداه حزب الله، وعلى ما يبدو في خدمة أغراض الثأر الإيرانية التي لا تزال تبحث عن سبيل لايقاع الأذى بشخصية رفيعة المستوى، يثير القلق في إسرائيل.

في جهاز الامن يقدرون بان حزب الله بدأ بتنفيذ محاولات عمليات مباشرة داخل إسرائيل بسبب فقدان الردع والاحساس بانه لن يكون رد مضاد. محاولات العمليات تشهد على إحساس في المنظمة بانه يمكنها أن تضرب داخل إسرائيل – سواء بتكليف إيراني للثأر او لضعضعة المعنويات العامة – دون أن يكون رد ذو مغزى.

وبالفعل، رد إسرائيلي على العملية في مجدو لم ينفذ، انطلاقا من الرغبة في عدم التسبب بتصعيد واسع في حدود لبنان. وانعدام العمل بعد العملية كان على ما يبدو محفزا للمحاولات التالية. وعليه ففي إسرائيل يفكرون الان جيدا اذا كانوا وكيف سيردون، وبخاصة في الوضع الذي نوجد فيه في مواجهة نشطة – حرب استنزاف بالنار ضد حزب الله – وعلى أي حال ينظر في إمكانية مواجهة حربية كبيرة.

——————————————–

معاريف 18/9/2024

في بلاد الخرق البالية

بقلم: افرايم غانور

“عصبة خرق بالية، انتم خرق من بلاد الخرق البالية”، هتف من فوق منصة الكنيست النائب جدعون ساعر من الليكود في حزيران 2008 ضد نواب حزب العمل الذين صوتوا في حينه مع كتلة كديما على رفض حل الكنيست. ساعر، الذي قضى في حينه بان الخرق البالية هو مفهوم برلماني مناسب يطيب له كما يتبين ان يحل محل الخرق البالية وفقا للاحتياجات والاستخدامات. كل خرقة في زمنها وغايتها، هكذا في آب من العام الماضي جعل رفيقيه السابقين وزيري الليكود نير بركات وغيلا جمليئيل خرقتيه الدوريتين حين قال عنهما: “هذه عصبة خرق بالية، هم يجلسون ويسكتون، حتى حين يكونوا لا يتفقون مع ما يحصل”.

حتى الأيام الأخيرة، حين تصاعدت الشائعات عن انضمامه الى حكومة نتنياهو. كان ساعر يعد سياسيا مصداقا، براغماتيا، مجربا، مخلصا لمواقفه اليمينية، واساسا مخلصا لمبدأ حماية الديمقراطية في إسرائيل، وان كان هذا لا يتجلى في استطلاعات السنة الأخيرة، لكن من تابع تصريحاته وتوقيعاته على مدى الزمن، والتي تعهد فيها الا ينضم الى حكومة نتنياهو مهما يكن، نشأ تجاهه إحساس من المصداقية. اما الان حين يكون ساعر على مسافة خطوة من التوقيع على انضمامه الى حكومة نتنياهو، يتبين انه ليس فقط خرقة سياسية بل وأيضا ليس ذكيا وبعيدا جدا عن الصورة الإيجابية التي نجح في خلقها لنفسه على مدى سنوات طويلة.

الانضمام اليوم الى حكومة نتنياهو هو خطأ رهيب ولا يغتفر. كسياسي قديم ومجرب، ما كان ساعر ليحتاج الى الكثير من التفكير والتردد كي يرفض كل اقتراح من جانب نتنياهو. كان يكفيه أن ينظر كيف انتهت ولاية وزراء الدفاع تحت حكومات نتنياهو على مدى سنوات ولايته الطويلة – اسحق مردخاي، موشيه بوغي يعلون، اهود باراك، موشيه آرنس، نفتالي بينيت – وعلى الطريق يوآف غالنت. احد منهم لم ينهِ ولايته كوزير دفاع مع مصافحة ودية ورفاقية مع نتنياهو بل العكس كل واحد منهم تقريبا اصبح بعد ذلك من اعظم خصوم وكارهي نتنياهو.

كل ذي عقل يفهم بان استبدال غالنت في ذروة حرب تتواصل حتى الان بنحو سنة ولم تحقق أيا من الأهداف التي وضعتها الحكومة لها، يستهدف هدفا واحدا فقط: تمرير قانون التجنيد للحريديم وفقا لسقوف يتيحها الجيش. أي، تمرير قانون تملص الحريديم من الخدمة والذي عارضه غالنت بشدة في هذه الساعات من الحرب والضائقة الكبرى في القوى البشرية. هذه الحقيقة كما اسلفنا ستجعل ساعر الخرقة السياسية الدورية، كمن سيعطي الشرعية لمواصلة تملص الحريديم من التجنيد ومن حمل العبء، وبالطبع كمن سيمنح حكومة نتنياهو حبل النجاة كي تواصل إدارة الدولة هنا، فيما هي تنشغل بمصالحها السياسية وببقائها.

اذا ما انضم ساعر رغم كل هذا في نهاية المطاف بالفعل الى حكومة الفشل هذه، فانه سيحسم في نفس الوقت مصيره السياسي. في واقع الامر هو سيحفر بنفسه قبره السياسي. صحيح أن في الواقع الحالي أيضا وضعه كما أسلفنا في الاستطلاعات سيء جدا، لكن هذا الانضمام سيقضي عليه.

فضلا عن كل هذا سيكون من الصعب على الفهم والهضم ان يكون جدعون ساعر وزير الدفاع لدولة إسرائيل في وقت الحرب الأصعب والأكثر اثارة للقلق في تاريخ الدولة. هذه حرب آخذة في التعقد وتثير قلقا وجوديا واسئلة قاسية حول قدراتنا على التصدي لها. الكثيرون من مواطني إسرائيل القلقين سيجدون صعوبة في ان يقبلوا هذا الواقع، ما سيشدد هنا الغضب في الجمهور. ستكون بالطبع لهذا تداعيات فيما أنه من الواضح في طهران، في بيروت وفي غزة سيفرحون ويحتفلون، حيث انهم بالتأكيد هناك يفضلون ساعر على غالنت.

——————————————–

الأمم المتحدة تطالب إسرائيل بإنهاء وجودها غير القانوني في فلسطين خلال 12 شهرا

 

الأمم المتحدة- “القدس العربي”: اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء “وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة” خلال 12 شهرا.

وقد صوت لصالح القرار 124 دولة وصوت ضده 14 بينما صوتت 43 بـ “امتناع”.

والدول التي صوتت ضد مشروع القرار هي: إسرائيل والولايات المتحدة والأرجنتين وهنغاريا وجمهورية التشيك وباراغواي وبابوا غينيا الجديدة وتونغا وبالاو وماكونيسيا.

وقد لوحظ أن عددا من الدول الأوروبية صوتت مع القرار مثل فرنسا وبلجيكا وإسبانيا واليونان وقبرص ومالطا والنرويج، بينما صوتت السويد وإيطاليا وسويسرا بـ “امتناع”.

وهذا نص مشروع القرار حسب النسخة التي تم توزيعها على الدول الأعضاء يوم الجمعة الماضي:

إن الجمعية العامة:

  1. ترحب بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 19 تموز/ يوليو 2024 بشأن العواقب القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وعن عدم شرعية استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة.
  2. تطالب إسرائيل بإنهاء وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة دون تأخير، والذي يشكل عملاً غير مشروع ذا طابع مستمر يستلزم مسؤوليتها الدولية، وأن تفعل ذلك في موعد لا يتجاوز 12 شهرا (تعديل من النص الأاصلي الذي أشار إلى 6 شهور) من تاريخ اعتماد هذا القرار.
  3. تطالب إسرائيل بالامتثال دون تأخير لجميع التزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي، بما في ذلك ما نصت عليه محكمة العدل الدولية، من خلال، من بين أمور أخرى، ما يلي:

(أ) سحب جميع قواتها العسكرية من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك مجالها الجوي والبحري.

(ب) وضع حد لسياساتها وممارساتها غير القانونية، بما في ذلك وقف جميع أنشطة الاستيطان الجديدة على الفور، وإجلاء جميع المستوطنين من الأراضي الفلسطينية المحتلة وتفكيك أجزاء الجدار التي شيدتها إسرائيل والتي تقع في الأراضي، وإلغاء جميع التشريعات والتدابير التي تخلق أو تحافظ على الوضع غير القانوني، بما في ذلك تلك التي تميز ضد الشعب الفلسطيني، فضلاً عن جميع التدابير الرامية إلى تعديل التركيبة السكانية وطبيعة ووضع أي أجزاء من الأراضي بما في ذلك جميع التدابير التي تنتهك الوضع الراهن التاريخي في الأماكن المقدسة في القدس.

(ج) إعادة الأراضي والممتلكات غير المنقولة الأخرى، فضلاً عن جميع الأصول التي تم الاستيلاء عليها من أي شخص طبيعي أو اعتباري منذ بدء احتلالها في عام 1967، وجميع الممتلكات الثقافية والأصول التي تم الاستيلاء عليها من الفلسطينيين والمؤسسات الفلسطينية.

(د) السماح لجميع الفلسطينيين النازحين أثناء الاحتلال بالعودة إلى أماكن إقامتهم الأصلية.

(و) تعويض جميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المعنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة عن الأضرار التي لحقت بهم.

(ز) الامتثال الفوري للالتزامات بموجب القانون الدولي المشار إليها في أوامر التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل) فيما يتصل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في الحماية من جميع الأفعال التي تدخل في نطاق المادة الثانية والمادة الثالثة من الاتفاقية.

(ح) عدم عرقلة الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير، بما في ذلك حقه في دولة مستقلة وذات سيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة.

  1. تدعو الدول الأعضاء إلى الامتثال بالتزاماتها القانونية كما تنعكس في الرأي الاستشاري بما في ذلك التزامها بـ :

(أ) تعزيز حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وهو حق أصيل من حقوق الإنسان، من خلال العمل المشترك والمنفصل، والامتناع عن أي عمل يحرم الشعب الفلسطيني من هذا الحق، وفي حين يحترم ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ضمان إنهاء أي عائق ناتج عن الوجود غير القانوني لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة أمام ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير.

(ب) عدم تقديم المساعدة أو المساعدة في الحفاظ على الوضع الناجم عن الوجود الإسرائيلي غير القانوني في المنطقة.

(ج) عدم الاعتراف بأي تغييرات في الطابع المادي أو التركيبة الديموغرافية أو البنية المؤسسية أو وضع الأراضي التي احتلتها إسرائيل في 5 حزيران/يونيو 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، والتمييز في تعاملاتها مع إسرائيل بين أراضي إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك عن طريق:

– الامتناع عن العلاقات التعاهدية مع إسرائيل في جميع الحالات التي تزعم فيها أنها تعمل نيابة عن الأراضي الفلسطينية المحتلة أو جزء منها في المسائل المتعلقة بالأرض الفلسطينية المحتلة أو جزء من أراضيها.

– الامتناع عن الدخول في معاملات اقتصادية أو تجارية مع إسرائيل بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة أو أجزاء منها والتي قد ترسخ وجودها غير القانوني في الأراضي.

– الامتناع، في إنشاء وصيانة البعثات الدبلوماسية في إسرائيل، عن أي اعتراف بوجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

– منع العلاقات التجارية أو الاستثمارية التي تساعد في الحفاظ على الوضع غير القانوني الذي خلقته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

(د) ضمان امتثال إسرائيل، بوصفها دولاً أطرافاً في اتفاقية جنيف الرابعة، ومع احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، للقانون الإنساني الدولي كما تجسده تلك الاتفاقية.

  1. تدعو جميع الدول في هذا الصدد، بما يتفق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، إلى:

(أ) اتخاذ خطوات لضمان عدم قيام مواطنيها والشركات والكيانات الخاضعة لولايتها، فضلاً عن سلطاتها، بأي عمل من شأنه أن يستلزم الاعتراف بالوضع الناشئ عن الوجود الإسرائيلي غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو تقديم المساعدة أو المساعدة في الحفاظ عليه.

(ب) اتخاذ خطوات نحو وقف استيراد أي منتجات منشؤها المستوطنات الإسرائيلية، فضلاً عن توفير أو نقل الأسلحة والذخائر والمعدات ذات الصلة إلى إسرائيل، القوة المحتلة، في جميع الحالات التي توجد فيها أسباب معقولة للاشتباه في أنها قد تستخدم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

(ج) تنفيذ العقوبات، بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول، ضد الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المتورطين في الحفاظ على الوجود الإسرائيلي غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك فيما يتعلق بعنف المستوطنين.

د) دعم جهود المساءلة لجميع الضحايا.

  1. تدعو أيضاً المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية إلى عدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، وإلى التمييز في تعاملاتها مع إسرائيل بين أراضي إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، وعدم الاعتراف بأي تدابير تتخذها إسرائيل لاستغلال الموارد الطبيعية للأرض الفلسطينية المحتلة أو لإحداث أي تغييرات في التركيبة السكانية أو الطابع الجغرافي أو الهيكل المؤسسي للأرض، أو التعاون معها أو المساعدة فيها بأي شكل من الأشكال.
  2. تدعو الأمم المتحدة وهيئاتها وأجهزتها إلى ضمان تصرفها على نحو يتفق مع القرارات التي اتخذتها محكمة العدل الدولية، بما في ذلك في إصدار الخرائط والبيانات والتقارير، فضلاً عن برامجها وأعمالها.
  3. تدين بشدة تجاهل حكومة إسرائيل المستمر والكامل وانتهاكاتها لالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ويشدد على أن مثل هذه الانتهاكات تهدد بشكل خطير السلام والأمن الإقليميين والدوليين.
  4. تقر بأن إسرائيل يجب أن تتحمل المسؤولية عن أي انتهاكات للقانون الدولي في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك أي انتهاكات للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويجب أن تتحمل العواقب القانونية لجميع أفعالها غير المشروعة دولياً، بما في ذلك عن طريق تعويض الضرر، بما في ذلك أي ضرر، ناجم عن مثل هذه الأفعال.
  5. تقر في هذا الصدد بالحاجة إلى إنشاء آلية دولية لتعويض جميع الأضرار أو الخسائر أو الإصابات الناجمة عن الأفعال غير المشروعة دولياً التي ترتكبها إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة؛ وتدعو إلى إنشاء سجل دولي للأضرار من جانب الدول الأعضاء، وبالتنسيق مع الأمم المتحدة وهيئاتها ذات الصلة، بما في ذلك مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، ليكون بمثابة سجل، في شكل وثائقي، للأدلة والمعلومات المتعلقة بالمطالبات بشأن الأضرار أو الخسائر أو الإصابات التي لحقت بجميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المعنيين، فضلاً عن الشعب الفلسطيني، نتيجة للأفعال غير المشروعة دولياً التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلاً عن تعزيز وتنسيق جمع الأدلة والمبادرات الرامية إلى تأمين مثل هذا التعويض من جانب إسرائيل.
  6. تؤكد على الحاجة إلى ضمان المساءلة عن أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي من خلال التحقيقات والملاحقات القضائية المناسبة والعادلة والمستقلة على المستوى الوطني أو الدولي، وضمان العدالة لجميع الضحايا ومنع الجرائم في المستقبل.
  7. تدعو إلى عقد مؤتمر للأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة وفقاً لالتزامات الدول الأطراف بموجب المواد 146 و147 و148 فيما يتصل بالعقوبات الجزائية والانتهاكات الجسيمة والحاجة الملحة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ الاتفاقية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وضمان احترامها وفقاً للمادة 1 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع، ويدعو في هذا الصدد حكومة سويسرا، بصفتها الوديعة لاتفاقيات جنيف، إلى القيام بالتحضيرات اللازمة لعقد المؤتمر على وجه السرعة.
  8. تقرر عقد مؤتمر دولي خلال الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة تحت رعاية الجمعية العامة لتعزيز تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين.
  9. تقرر إنشاء لجنة خاصة تتألف من الدول الأعضاء ذات الخبرة والتخصص ذات الصلة لفحص انتهاك إسرائيل للمادة 3 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وتقديم تقرير وتوصيات إلى الجمعية العامة في هذا الصدد.
  10. تؤكد عزمها على دراسة المزيد من السبل والوسائل العملية لضمان الاحترام الكامل للرأي الاستشاري والتنفيذ الكامل لجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وخاصة في حالة عدم الامتثال.
  11. تحث جميع الدول والأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة ومنظماتها، فضلاً عن المنظمات الإقليمية، على دعم ومساعدة الشعب الفلسطيني في تحقيق حقه في تقرير المصير في وقت مبكر والسعي بنشاط إلى اتخاذ خطوات لضمان التنفيذ الكامل للرأي الاستشاري وجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
  12. تطلب من الأمين العام أن يقدم تقريراً إلى الجمعية العامة في غضون ثلاثة أشهر عن تنفيذ هذا القرار، بما في ذلك أي إجراءات تتخذها إسرائيل والدول الأخرى والمنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، لتنفيذ أحكامه أو انتهاكاتها.
  13. تؤكد من جديد المسؤولية الدائمة للأمم المتحدة فيما يتعلق بقضية فلسطين إلى أن يتم حلها من جميع جوانبها وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

——————————————–

هآرتس 18/9/2024

“لن أنضم لحكومة يرأسها نتنياهو”: في أي سلة ألقيت مبادئك يا ساعر؟

بقلم: أسرة التحرير

لا معنى الآن للرد على ما إذا كان جدعون ساعر سينضم إلى حكومة نتنياهو أم لا. فسواء كانت صفقة سياسية أم أحبولة إعلامية أخرى من إنتاج رئيس الوزراء، فالحقيقة أن ساعر أجرى اتصالات حقيقية للانضمام إلى حكومة الكارثة، وهذا مؤشر واضح على خسوف جماهيري وأخلاقي للإنسان الذي يعرض نفسه كرجل مبادئ.

بعد أن علم بأنه قد يرتبط بنتنياهو، عادت وطرحت اقتباسات سابقة عن ساعر في الـ 48 ساعة الأخيرة: “لن أجلس في حكومة مع نتنياهو لأنه يمثل نهجاً يعرض مستقبل دولة إسرائيل للخطر” (آب 2022)؛ “نتنياهو يتخذ خطاً متطرفاً، محرضاً ومقسماً، وغير جدير بقيادة الدولة” (أيلول 2022)؛ “كل حكومة يقف على رأسها نتنياهو ستبقى على قيد الحياة بفضل صفقات سياسية وليس المصلحة العامة. لن نشارك في هذا” (كانون الأول 2022). بل إن ساعر رد على إقالة وزير الدفاع غالنت في آذار 2023، حين ادعى بأن هذا “فعل جنون” يشهد على “الفقدان التام لرجاحة العقل”.

وبالفعل، كيف يمكن أن تستوي هذه التصريحات مع موافقته التفاوض على انضمام لحكومة نتنياهو، بل وعلى حساب غالنت. الجواب: انتهازية مطلقة، تهكم لقيمة عليا وانعدام عمود فقري. وافق ساعر على تعطيل المبادئ التي زعم تبنيها، وكل هذا لقاء وظيفة منشودة حتى لو كان رئيسه الجديد – القديم هو الشخص الذي “دمر حركة الليكود” و “أدخل فيها أجواء عبادة الشخصية، والتزلف، والخوف من النقد، وبلاط بيزنطي”، على حد تعبير عضو حزب ساعر، زئيف ألكين.

إن انتهازية ساعر السياسية ثانوية للدمار والخراب اللذين يوقعهما رئيس الوزراء على الدولة. فنتنياهو يفضل المس بوزير الدفاع علناً وإضعافه في زمن الحرب على أن تتحقق أمانيه السياسية. ومن المتوقع أن يدعم ساعر إعفاء للحريديم من التجنيد، وبذلك ينزع تهديدهم في ألا يدعموا الميزانية، وهو ما يسقط الحكومة. وهذا ما يريده نتنياهو.

أمس، أفيد بأن المئات أصيبوا في لبنان وسوريا عقب تفجير أجهزة اتصال حزب الله. الجبهة في الشمال قد تشتعل في أي لحظة إلى حرب عامة. وبدلاً من المضي بصفقة مخطوفين والبدء بعودة الحياة العادية بعد سنة من الخوف والفزع، ها هو نتنياهو منشغل بالمؤامرات والأحابيل السياسية. ومرة أخرى، إذا كان لدى أحد يشك في سلم أولويات نتنياهو الحقيقي، نقول له: يقدم بقاءه السياسي على مصلحة الدولة ومواطنيها.

——————————————–

 هآرتس 18/9/2024

سلطة نتنياهو المجنونة تكذب.. حرب لبنان لم تفرض علينا ويمكن تجنبها

بقلم: تسفي برئل

صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تنشر مقالاً لمحلل شؤون الشرق الأوسط تسفي برئل يتحدث فيها عن قيام سلطة نتنياهو بنشر كذبة أنّ الحرب مع لبنان فُرضت على “إسرائيل”، فيما الواقع أنّ صفقة لوقف النار في غزّة والإفراج عن الأسرى يمكنها أن تهدئ الجبهة الشمالية.

“إسرائيل” تندفع بأعين مفتوحة إلى حرب خيار في لبنان، فيما ليس معلوماً من سيكون وزير الأمن الذي سيقودها، ومستوى جاهزية الجيش الإسرائيلي غير واضح، والجبهة الخلفية الدولية هشة أكثر من أي وقت مضى، والجبهة الداخلية مدمرة.

إذا كانت حكومة الضياع قد تخلت حتى الآن فقط عن غلاف غزة ومستوطنات الجليل، فإنّ الحرب في لبنان لن تستثني أي مستوطنة.

سيقضي المواطنون المحظوظون أيامهم ولياليهم في غرف محصّنة خانقة، فيما سيركض آخرون على السلالم أو يبحثون عن ملجأ تحت الأشجار والحجارة، وستغلق المطارات، وستنهار المستشفيات في البلاد، وستغلق المدارس ورياض الأطفال، وسيهجر عشرات الآلاف من الموظفين عن أماكن عملهم.

وستكون هذه مجرد البداية. الأسرى الذين أصبحوا بالفعل فائضاً مزعجاً وعبئاً ثقيلاً يحول دون “النصر المطلق” يمكن نسيانهم. وستخرج جثثهم واحدة تلو الأخرى من الأنفاق، ومن المشكوك فيه أن يكون لهم حتى مراسم تأبين، فكيف سيكون الوقت مناسباً لمثل هذه المراسم عندما تشعل حرب لبنان النار في كل “إسرائيل”!

هذا ما تبدو عليه الحرب الشاملة. لمن يتوقعون حرباً خاطفة ستدمر “البنى التحتية” لحزب الله في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، فهم مخطئون.

تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة، هذا الأسبوع، وبعد مرور عام تقريباً، تذكرت “تحديث” أهداف الحرب، وأضافت إليها العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم. لم يكن هذا الأمر هدفاً حتى الآن. وما الأهداف الأخرى؟ تدمير البنية التحتية لحزب الله أو ربما “ترتيب جديد” في لبنان؟

طوال 18 عاماً، غرقت “إسرائيل” في المستنقع اللبناني حتى أدركت أنّ المفهوم الذي دفعها إلى غزو لبنان عام 1982 أفلس بالفعل في الأشهر الأولى من الحرب. إنّ توقع قيام انتفاضات مدنية في لبنان لإجبار حزب الله على وقف النار والإعلان عن أنّه أخطأ هو أمر وهمي تماماً مثل التوقع بأن سكان غزة سوف يتمردون ضد حماس. وبدلاً منها، يمكن أن نتوقع “تمرداً” دولياً سيفرض عقوبات وحظراً على الأسلحة على “إسرائيل”، وستكون “إسرائيل” بالطبع قادرة على مواصلة “القتال بأظفارها”، بحسب بشارة بنيامين نتنياهو المشجعة.

ربما تحلم “إسرائيل” بإعادة إنشاء “الحزام الأمني” في لبنان أو نسخ أسلوب المنطقة العازلة الذي يحيط بقطاع غزة وإبعاد أي تهديد، وهذا يعني احتلالاً طويل الأمد داخل لبنان، ما يعني تكرار الخطأ نفسه وتوقع نتائج مختلفة. ومن المحبذ أن نتذكر أيضاً أنّ الوجود المكثف للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية لم يجلب السلام، وفي لبنان القصة أكثر تعقيداً مما يحدث هناك أو في غزة. لن يكون هذا الأمر كافياً لإخراج حزب الله من الحدود أو حتى نهر الليطاني. المنظمة لديها خلفية عسكرية صلبة ومُهددة شمال الليطاني، ولا تعتمد قنوات إمدادها وتسليحها على محور فيلادلفيا لبناني، ولم نتحدث بعد عن التدخل الإيراني المحتمل.

هذا السيناريو الكابوس قد لا يتحقق بالضرورة. إنّ نافذة الفرصة الدبلوماسية لم تُغلق بعد. صفقة الأسرى لا تزال سارية، والثمن سيكون أقل من أي حرب طموحة تبادر إليها “إسرائيل” في لبنان، وقد توفر حرباً أخرى غير ضرورية.

صفقة كهذه مطروحة على الطاولة، وممنوع الاغترار بخدعة أنّ الحرب في لبنان هي حرب “لا خيار” أو أنها “فُرضت علينا”. هناك خيار، وهناك مخرج. الواقع المأساوي لن يتضح إلا في لجنة التحقيق الرسمية التي ستُشكل بعد حرب لبنان الثالثة؛ الحرب التي ستوضح أنّ التهديد الوحيد المفروض علينا هو السلطة المجنونة.

——————انتهت النشرة——————