في مشهد يختصر صمود شعبنا وتضحياته، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم الخميس تشكيل لجنة خاصة للتعامل مع جثامين 88 شهيدًا كانت قد سلمتها سلطات الاحتلال للصليب الأحمر، تمهيدًا لدفنهم وفق معايير إنسانية تليق بكرامة الشهداء. جاءت هذه الخطوة وسط حالة من الغضب الشعبي والإدانة الواسعة للطريقة الوحشية وغير الأخلاقية التي يتعامل بها الاحتلال مع جثامين شهدائنا، وهو ما يفتح ملف الجرائم المستمرة بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
المسؤولية الدولية والواجب الأخلاقي
أوضحت وزارة الصحة، في بيان لها ، أنها تحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن التعامل اللاإنساني مع الجثامين، داعيةً المجتمع الدولي للقيام بواجباته الأخلاقية والضغط على الاحتلال للتقيد بالبروتوكولات الدولية المعترف بها. أكدت الوزارة أنها حاولت التنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لكن الأخيرة اعتذرت لعدم تطابق الإجراءات مع المعايير الدولية، مما زاد من تعقيد الوضع ومن إصرار الوزارة على استعادة حقوق الشهداء.
رفض الاستلام.. معركة الكرامة
رفضت وزارة الصحة في قطاع غزة، صباح الأربعاء، استلام الجثامين بسبب غياب بيانات واضحة تدل على هوية الشهداء أو أماكن انتشالهم، مشددةً على أنها لن تستلم أي جثمان قبل الحصول على جميع المعلومات الضرورية التي تمكن ذوي الشهداء من التعرف عليهم. وطالبت الوزارة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالالتزام بالمعايير الإنسانية، وتوفير تفاصيل كاملة حول كل جثمان، مما يعكس إصرار غزة على الحفاظ على كرامة الشهداء وحقوقهم مهما كانت الظروف.
جثامين بلا معالم.. وجريمة مكتملة الأركان
وفي تصريح خاص لـها، أكد مصدر مسؤول في وزارة الصحة الفلسطينية أن الجثامين عُثر عليها في حالة تحلل تام، مما دفع الوزارة إلى رفض استلامها حتى تتوفر معلومات كاملة. ووصف المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني، محمود بصل، تسليم الاحتلال لجثامين متحللة ومسروقة الأعضاء بأنها “جريمة حرب تهدف للتنصل من جرائم الخطف والعبث بالجثث”، مطالبًا الجهات الدولية بالتحرك لكشف هذه الجرائم وفضح ممارسات الاحتلال.
سلسلة جرائم ونهج متواصل
تكررت هذه الجرائم البشعة على مدى الأشهر الماضية، حيث شهد مطلع أغسطس/آب الماضي تسليم جثامين 84 شهيدًا من مقابر غزة، وهي الدفعة الثالثة خلال الحرب الأخيرة. وقد دفنت الجثامين في المقبرة التركية بخان يونس، موثقة آثار التنكيل والعبث بها، مما يعزز الشكوك بشأن سرقة أعضاء الشهداء ضمن سياسة واسعة النطاق يتبعها الاحتلال.
الكرامة خط أحمر: دعوة للتحرك الدولي
اختطاف جثامين الشهداء وإعادتها بصورة مهينة يعكس وحشية الاحتلال وسياسته المستمرة في التنكيل بالضحايا، مما يجعل الواجب الوطني والإنساني يستدعي تحركًا عاجلًا من المؤسسات الحقوقية لوقف هذه الانتهاكات وضمان استعادة حقوق الشهداء.
صمود غزة في وجه هذه الجرائم هو رسالة واضحة بأن إرادة شعبنا لا تنكسر، وأن كرامة الشهداء هي خط أحمر لا يقبل المساومة، وأن الحقوق ستبقى دائمًا في مقدمة النضال مهما كانت الظروف.