دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية: رسالة إلى احزاب العالم حول توسع العدوان: صمت العالم على جرائم الحرب في غزه، شجع الاحتلال الاسرائيلي على شن عدوان جديد على لبنان

الاخوة والرفاق في الاحزاب السياسية والاطر المجتمعية العالمية، السيدات والسادة في المؤسسات الاعلامية والثقافية والنقابية

نبعث اليكم بهذه الرسالة مع تواصل حرب الابادة التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزه، في ظل صمت دولي وتقاعس من المؤسسات الدولية عن اتخاذ اي اجراءات تضع حدا لجنون الفاشية الاسرائيلية، التي وبسبب العجز الدولي والتواطؤ، واصلت عدوانها لتنتقل بجرائمها الى لبنان بالعدوان الشامل الذي شنّه جيش الاحتلال على القرى والمدن اللبنانية، وما ادى الى سقوط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى..

لا يمكن وضع العدوان الغاشم والشامل الذي شنته الفاشية الاسرائيلية: بدءا من تفخيخ اجهزة الاتصال مرورا بعمليات الاغتيال لقادة من المقاومة في لبنان وصولا الى العدوان الشامل الذي ما زال متواصلا، الا في اطار التصعيد الإسرائيلي المقصود والذي يهدف الى جر المنطقة لحربٍ واسعة، خدمةً للمشروع الاستعماري الأمريكي الإسرائيلي. وقد عبّر رئيس وزراء العدو نتن ياهو عن ذلك عندما قال: ان الهدف البعيد للحرب هو تغيير وجه الشرق الاوسط»، وهو هدف مستوحى من مواقف سابقة عبّرت عنها وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كونداليزا رايس عام 2006، عندما قالت في ردها على تدمير اسرائيل للابنية والمنازل فوق رؤوس المدنيين في جنوب لبنان: «ان مخاض شرق اوسط جديد يولد الآن».

ويستهدف العدو من حربه الشاملة على لبنان تحقيق جملة من الاهداف، بعضها تم التعبير عنه صراحة من قبل المسؤوليين الاسرائيليين، وبعضها الآخر رغم انه ما زال خفيا، لكن كل المؤشرات تؤكد صحته:

الهدف المعلن الاول هو استعادة زمام المبادرة والهيبة التي فقدها جيش الاحتلال، سواء في عملية طوفان الاقصى او في ما تقوم به جبهات الاسناد منذ عام، والتي شكلت عامل استنزاف حقيقي، بعد ان تحولت الى مشاركة حقيقية وبآفاق متسعة، وباتت جزءاً لا يتجزأ من العناصر والمكونات التي تصب في صناعة ميزان القوى وتعزيزه في المعارك المحتدمة في فلسطين.

الهدف الثاني هو فرض قواعد اشتباك جديدة على لبنان لدفع المقاومة الى حل سياسي يتم من خلاله فرض عودة المستوطنين الى المستوطنات التي هجروا منها. لكن الهدف المخفي هو تهجير مئات الآلاف من اللبنانيين، على غرار ما حصل في قطاع غزه. وهناك بعض الدعوات الاسرائيلية التي تتحدث صراحة عن هذا السيناريو في اطار السعي لاقامة حزام امني على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.

الهدف الثالث المعلن هو ضمان امن المحتلين الصهاينة في شمال فلسطين، بينما الهدف المخفي هو محاولة الفصل بين جنوب فلسطين وشمالها، وحرف الانظار عما يحدث في قطاع غزه والضفة من جانبين: جانب الخسائر الفادحة التي يتعرض لها على يد فصائل المقاومة.. وجانب الارباك الواضح في التعاطي مع العمليات العسكرية التي تشهدها الضفة.

الهدف الرابع هو جعل حزب الله في موقف دفاعي وارباك منظومة القيادة والسيطرة لديه، وجعله منشغلا في معالجة تداعيات عملية تفخيخ اجهزة الاتصالات، في وهم تكرر في قطاع غزه بأن تأتي المقاومة رافعة الراية البيضاء، رغم ان المقاومة الفلسطينية ما زالت تستبسل في الدفاع ارضها وشعبها وتوقع في صفوف القواة الاسرائيلية الغازية الخسائر الفادحة.

الملاحظة مما حصل خلال اليومين الماضيين ان العدو انتقل من فشل الى فشل، وحديثه عن انجازات عسكرية وعن شل قدرات حزب الله مجرد فقاقيع اكدت كذبها الاستهدافات الناجحة للمقاومة لعدد من الاهداف العسكرية في شمال ووسط الكيان. وبالتالي لا يمكن اعتبار مجزرتي اجهزة الاتصال بانهما انجاز عسكري باستهداف الآلاف من العاملين في مؤسسات مدنية، حتى وان كانت تابعة لحزب الله، بل التوصيف الحقيقي لها انها «جرايمة حرب موصوفة وانتهاك للقانون الدولي يتطلب تحقيقا سريعا».

ان ما حدث في لبنان منذ بداية شهر ايلول يؤكد ان مجموعة الجرائم المنسقة التي ارتكبتها اسرائيل تؤكد النية المبيتة للفاشية الاسرائيلية في توسيع الحرب ضد لبنان، هربا من الاخفاقات والفشل في قطاع غزه، ليتبين ان بنك اهداف الجيش الاسرائيلي في لبنان هو نفسه بنك الاهداف في قطاع غزه والذي يشمل كافة المنشآت المدنية من قتل اطفال ونساء وتدمير مستشفيات ومدارس ومراكز صحية وصحفيين ومسعفين..

المؤكد ان اسرائيل تستهدف الحاضنة الشعبية للمقاومة، كما حصل في قطاع غزه، عندما استهدفت الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية، حتى لو تتطلب ذلك عشرات الآلاف من الشهداء. وهو اسلوب مستوحى مما فعلته القوات الامريكية الغازية لفيتنام، عندما استهدفت الحاضنة الشعبية للمقاومة الفيتنامية، فاذ بالمقاومة تزداد صلابة وقوة واستشراس في الدفاع عن شعبها وارضها، وهذا هو الواقع في قطاع غزه ولبنان لجهة ازدياد نفوذ المقاومة بين اوساط شعبها وتحولها الى ثقافة على مساحة كل الفئات الشعبية..

ان الولايات المتحدة تعتبر شريكا رئيسيا، سواء في تغطية العدوان او بعدم ممارسة ضغوط لوقفه، وقادة الكيان يدركون ان ما يقومون به هو مغامرة، لكن رهانهم هو على امكانية تورط الولايات المتحدة في حرب شاملة لا تريدها في هذا التوقيت. فاذا كان الهدف، كما اعلن العدو، هو اعادة المستوطنين الى اماكنهم السابقة، فهذا امر ليس مضمونا، بل ان المرجح، وهذا ما حصل فعلا، هو ان يزداد عدد الهاربين مع لحظة بدء العدوان.. وبالتالي فان اخفاقات غزه ستنتقل الى لبنان.. لذلك تبقى المعادلة الاساسية التي طرحها امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله هي الاساس: «ان اقصر الطرق لوقف ما يحث في شمال فلسطين هو وقف العدوان والحرب الاجرامية على قطاع غزه».

ان الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وهي تدعو إلى أوسع حراك تضامني عربي ودولي، مع الشعب اللبناني ومقاومته، فهي تجدد وقوفها بثبات إلى جانب الصمود البطولي للشعب اللبناني ومقاومته الباسلة، وتدعو احزاب العالم وكافة الاطر السياسية والشعبية والنقابية الى ادانة العدوان الاسرائيلي على لبنان وممارسة كل اشكال الضغوط على الحكومات الغربية التي شكلت بصمتها على جرائم الاحتلال في قطاع غزه تشجيعا للمحتلين على التمادي في عدوانهم تجاه لبنان.. وإن المقاومة الفلسطينية ستبقى دائما جنباً إلى جنب مع المقاومات العربية وفي القلب منها المقاومة الوطنية اللبنانية بقيادة حزب الله، التي تعرف جيداً كيف تدافع عن شعوبها وكيف تقتص من العدو الإسرائيلي وجيشه الفاشي في الميدان.

علمتنا التجارب ان عدم الرد او التساهل مع الكيان تحت اية اعتبارات، سيشجع العدو على مواصلة عدوانه، والاثمان ستزداد، ومطالب العدو التعجيزية لن تقف عند حدود. لذلك فالخيار الوحيد القادر على ايقاف جرائم اسرائيل هو جعلها تدفع ثمن عدوانها وجرائمها، وقد بات واضحا ان من يريد توسيع الحرب هو اسرائيل، في محاولة لتحويل انظار الجمهور الاسرائيلي بشكل رئيسي عن الفشل الذي منيت به في قطاع غزه وعجزها عن تحقيق اي هدف من الاهداف المعلنة، الا هدف القتل والتدمير..