معمر عرابي: الاحتلال الإسرائيلي يواجه تحديًا وجوديًا.. تفكيك وحدة الساحات أو مواجهة إيران مباشرة

في لقاء تلفزيوني حديث، تناول الإعلامي والمحلل السياسي معمر عرابي التطورات الأخيرة في الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي ومحور المقاومة، مسلطًا الضوء على تعقيدات المواجهة التي يواجهها الكيان الصهيوني منذ السابع من أكتوبر. وأشار إلى أن الاحتلال بات يسعى جاهدًا لاستعادة قوة الردع التي تم تدميرها بفعل تزايد فعالية المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وتحطيم مفهوم “الأمن القومي الإسرائيلي” الذي تآكل بعد العمليات المكثفة التي شهدتها المنطقة.

عرابي شدد على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخوض الآن لعبة خطرة مع إيران، إذ وضعها أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما أن تواصل دعمها للمقاومة في غزة ولبنان، ما يعني البقاء أسيرة للحسابات الإقليمية المعقدة، أو الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل. وقال عرابي إن هذا التصعيد ليس مجرد تكتيك من نتنياهو فحسب، بل يعكس إجماعًا كاملاً داخل الكيان بين الحكومة الفاشية وأطياف المعارضة على ضرورة استهداف لبنان وإيران.

وأكد عرابي أن التحدي الأكبر الذي يواجهه الاحتلال هو “وحدة الساحات”، وهي الترابط العضوي بين المقاومة في لبنان وفلسطين، وهو ما تسعى إسرائيل لتفكيكه بكل السبل الممكنة. وأضاف أن “نتنياهو يحاول كسر هذا الترابط لتجنب توحيد جبهات المقاومة في مواجهة الاحتلال”، مشيرًا إلى أن إسرائيل تخشى أن يتفاقم الأمر ليشمل دولًا أخرى في محور المقاومة مثل اليمن والعراق وسوريا.

وأوضح عرابي أن الهدف الأكبر من العدوان الإسرائيلي على لبنان هو إضعاف إيران ومحور المقاومة، بهدف فصل المقاومة الفلسطينية عن حلفائها في المنطقة. “إن إسرائيل تدرك أن أي مساس بحزب الله يعني فتح الطريق أمام استهداف إيران بشكل مباشر، مما يشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي الإيراني”، وأضاف أن هذا الربط بين الساحات أصبح أكبر تهديد وجودي للاحتلال.

وفي سياق حديثه عن قدرة المقاومة اللبنانية، قال عرابي: “رغم التفوق التكنولوجي الإسرائيلي، لا يجب التقليل من قدرات المقاومة التي تطورت بشكل ملحوظ منذ حرب 2006. اليوم، مدن كبيرة مثل القدس المحتلة وحيفا أصبحت تحت مرمى صواريخ المقاومة، ما يضع الاحتلال في حالة من الاستنزاف المستمر”. وأكد أن “توازن الردع” الذي فرضه حزب الله شمال فلسطين هو بمثابة ذخيرة استراتيجية تمنح محور المقاومة القدرة على الصمود في وجه العدو رغم الدعم الدولي الذي يتلقاه.

وفي هذا السياق، لم يغفل عرابي الإشارة إلى الأبعاد الدولية للمواجهة، حيث قال إن الدعم الأمريكي والغربي للاحتلال ليس فقط عسكريًا بل أيضًا سياسيًا. وأضاف أن “الدبلوماسية الناعمة التي تقودها الولايات المتحدة هي سياسة مفضوحة لشراء الوقت واستمرار الإبادة في غزة ولبنان”. مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يدرك تمامًا أن المسألة لم تعد مجرد عدوان وأسرى، بل تتعلق بوجود الكيان الإسرائيلي نفسه، الذي أصبح يشعر بأن استمراره مهدد بعد 76 عامًا من تأسيسه.

وأشار عرابي إلى أن الولايات المتحدة، التي كانت تسعى للتركيز على مناطق أخرى مثل شرق آسيا ومواجهة الصعود الروسي والصيني، باتت مضطرة إلى دعم الكيان الصهيوني بعد أن “اكتشفت أن هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت كما قال حسن نصر الله”. منذ السابع من أكتوبر، زودت الولايات المتحدة الاحتلال بأكثر من 50 ألف طن من القنابل والأسلحة، في محاولة لإنقاذ إسرائيل من الانهيار.

واختتم عرابي بالقول إن التحديات التي يواجهها الاحتلال الإسرائيلي في القرن الـ 21 أصبحت أعظم بكثير مما كان يتوقعه قادته. وإن محور المقاومة، الذي انتقل من “الوعي إلى الوجود”، بات اليوم التحدي الاستراتيجي الأكبر لإسرائيل، في وقت تواصل فيه المقاومة الفلسطينية واللبنانية صمودها ودفاعها عن أراضيها، مما يُنذر بتغيرات جوهرية في المشهد الإقليمي والدولي إذا استمر هذا الصراع بالتصاعد.