“أمريكا تدعم الحملة الإسرائيلية ضد حزب الله سرًا رغم تحذيرات من حرب شاملة”

المسار : نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا أعدته إرين بانكو وناحال توسي، قالتا فيه إن المسؤولين الأمريكيين دعموا وبهدوء الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله.

ففي الوقت الذي دعوا فيه للحذر والدبلوماسية، إلا أن المسؤولين الأمريكيين توصلوا إلى نتيجة أن الوقت مناسب لهذا التحول العسكري. وأشارت المجلة نقلا عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم إن شخصيات بارزة في البيت الأبيض أبلغت إسرائيل وفي أحاديث خاصة، أن الولايات المتحدة ستدعم قرارها بزيادة الضغط العسكري ضد حزب الله، حتى في الوقت الذي حثت فيه إدارة بايدن الحكومة الإسرائيلية علنا الحد من غاراتها الجوية وهجماتها ضد لبنان.

وقالت إن مستشار الرئيس الأمريكي عاموس هوكشتاين، ومنسق شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض بيرت ماكغيرك، أخبرا المسؤولين الإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة أن الولايات المتحدة تتفق مع إستراتيجية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو العامة بتحويل التركيز العسكري إلى الشمال وضد حزب الله، بهدف إقناع الجماعة اللبنانية بالموافقة على المحادثات الدبلوماسية ووقف الحرب، حسب المسؤولين الذين نقلت عنهم “بوليتيكو”.

وقالوا إن خلافا جرى داخل الحكومة الأمريكية بشأن التحول في التركيز على حزب الله رغم الدعم في البيت الأبيض له. وجاءت المعارضة من أشخاص داخل البنتاغون ووزارة الخارجية ومجتمع الاستخبارات الذين حذروا من أن حربا مع حزب الله قد تجر القوات الامريكية إلى نزاع آخر في الشرق الأوسط.

وتحدثت المجلة مع مسؤولين إسرائيليين وأربعة مسؤولين أمريكيين كلهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، ولم يجب مجلس الأمن القومي الأمريكي على أسئلتها للتعليق على هذه التصريحات. ورفض السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون التعليق على محادثات خاصة بين المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين. ولكنه قال: “لا نطلب دائما الإذن في كل شيء نقوم به.. أعتقد أن ما يقولونه علنا يعكس الهدف وأنه يجب أن يكون هناك حل دبلوماسي لا نعارضه نحن”.

وفي لقاءات ومكالمات جرت في منتصف أيلول/ سبتمبر، أوضح المسؤولون الإسرائيليون أن الجيش يستعد لهذا التحول بدون تقديم تفاصيل.

بدورهما حث كل هوكشتاين وماكغيرك المسؤولين الإسرائيليين على اتباع نهج حذر، إلا أنهما نقلا إليهم أن التوقيت مناسب على الأرجح لمثل هذه الخطوة، خاصة بعد إضعاف حزب الله في الأشهر الأخيرة. وفي الوقت الذي ربط فيه حزب الله وقف الهجمات ضد إسرائيل بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، إلا أن المسؤولين الأمريكيين توصلوا إلى نتيجة أن حماس لن توافق على خطة وقف إطلاق النار في أي وقت. مما يعني أن اللحظة قد حانت للتركيز على حزب الله وفك الارتباط بين النزاعين.

وتقول المجلة إن الولايات المتحدة لم تكن تعرف الكثير عما تخطط له إسرائيل، وحتى مع دعم المسؤولين الأمريكيين الضغط على حزب الله، فقد دعوا للحذر. وحذروا أن إفراط إسرائيل في الضغط قد يؤدي للتصعيد الذي يقود إلى حرب شاملة، وهو أمر تحاول الإدارة تجنبه منذ عام.

وأكدوا أن الطريق الوحيد لإنهاء النزاع هو الحل الدبلوماسي. وعبّر مسؤولون في المجتمع الاستخباراتي الأمريكي عن قلقهم في الأسبوع الماضي، سواء في إحاطات أو شهادات أمام الكونغرس، من احتمال اندلاع مواجهة برية مباشرة بين إسرائيل وحزب الله. كما جرت محادثات مماثلة في وزارة الخارجية، حيث أعرب المسؤولون عن قلقهم من ارتفاع أعداد القتلى المدنيين في لبنان.

وقال مسؤولون في الإدارة إن ما يبدو وكأنه صدع، هو في الحقيقة عدة طرق تسير عليها الإدارة في وقت واحد. وقال مسؤول بارز: “كلا الأمرين صحيح، فالولايات المتحدة تريد الدبلوماسية وتدعم في نفس الوقت أهداف إسرائيل الكبرى ضد حزب الله”، مضيفا: “من الواضح أن هناك خط تتبعه الإدارة، ولكنه ليس واضحا”.

وخلف الكواليس، يصف هوكشتاين وماكغيرك وغيرهما من مسؤولي الأمن القومي في أمريكا، أن ما تقوم به إسرائيل سيكون لحظة حاسمة في التاريخ، لحظة ستعيد تشكيل الشرق الأوسط للأفضل لسنوات قادمة.

وهناك اعتقاد أن إسرائيل قضت على هيكل القيادة العليا لحزب الله في لبنان، مما أدى إلى تقويض قدرات الجماعة بشكل كبير وإضعاف إيران، التي استخدمت الحزب كوكيل وأداة لاستعراض القوة في الشرق الأوسط.

وتشير المجلة إلى أن الانقسام الداخلي بشأن الحرب في لبنان، قد تبدد على ما يبدو خلال الأسابيع الماضية، حيث اجتمع كبار المسؤولين يوم الإثنين في البيت مع الرئيس جو بايدن لمناقشة الوضع على الأرض.٩

وقد اتفق معظمهم أن الوضع على الرغم من هشاشته، ، يمكن أن يوفر فرصة للحد من نفوذ إيران في لبنان والمنطقة. ومع ذلك، قال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إن البيت الأبيض يسير بحذر، ذلك أن إدارة بايدن تريد دعم أفعال إسرائيل ضد جماعة إرهابية صنفتها الولايات المتحدة على أنها قتلت أمريكيين وتهدد المنطقة. وفي الوقت نفسه، ليست مرتاحة لتأييد حملة إسرائيل بشكل كامل -أو علنا- لأنها قلقة من تعمق إسرائيل في الأراضي اللبنانية، مما قد يدفع إلى حرب شاملة، حسب قول أحد المسؤولين الأمريكيين. ومن هنا واصلت الإدارة رسالتها العلنية لإسرائيل وضرورة تجنب التصعيد والبحث عن حل دبلوماسي مع حزب الله، وبالتحديد التول إلى وقف لإطلاق النار مدة 21 يوما، وهي الخطة التي تقدمت بها الولايات المتحدة وفرنسا الأسبوع الماضي.

ولم يتغير موقف الإدارة الأمريكية رغم آلالاف الهجمات ضد مواقع وعناصر حزب الله وتفجيرات أجهزة البيجر والووكي توكي، وقتل قيادة الحزب بمن فيهم حسن نصر الله.

وحث وزير الخارجية أنتوني بلينكن إسرائيل وحزب الله على قبول وقف إطلاق النار، حتى مع فرحه مثل بايدن وغيره، برحيل نصر الله. وقال: “فيما يتعلق بلبنان، ما هي أفضل طريقة لتحقيق الهدف المعلن المتمثل في خلق بيئة في شمال إسرائيل تمنح الناس الثقة للعودة إلى ديارهم؟ كما قلت، نعتقد أن المسار الدبلوماسي هو الأفضل”.

وأشارت المجلة لجواب بايدن في المؤتمر الصحافي الذي عقده الإثنين، وإن كان مرتاحا بالغارات الإسرائيلية ضد لبنان، فقال: “سأرتاح بوقفها، ويجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار”. إلا أن أحد المسؤولين الأمريكيين قال إن المفاوضات بشأن اقتراح وقف إطلاق النار لمدة 21 يوما والذي أعلنته الولايات المتحدة الأسبوع الماضي متوقفة بشكل أساسي، في الوقت الذي تواصل إسرائيل عمليتها ضد حزب الله.

وتصاعد الموقف أكثر يوم الاثنين عندما تحركت القوات الخاصة الإسرائيلية عبر الحدود، مستهدفة شبكة أنفاق حزب الله ومراكز قيادة أخرى، وفقا لما قاله مسؤول أمريكي آخر لمجلة “بوليتيكو”، التي قالت إن إسرائيل خططت لشن توغل بري أكبر بكثير في لبنان هذا الأسبوع، لكن مسؤولي إدارة بايدن حثوا على عدم القيام بذلك، وطلبوا من إسرائيل أن تكون أكثر استهدافا في كيفية إجراء عملياتها.