المسار الاخباري: …
مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش:
– الهجمات الإسرائيلية أدت إلى خروج نحو 23 مستشفى حكومي وأهلي من أصل 38 عن الخدمة وتبقى 15 منها
– أسفرت الهجمات الإسرائيلي عن مقتل 986 من الكوادر الصحية وأصحاب التخصصات الطبية واعتقال 310 آخرين
– إسرائيل دمرت 80 مركزا صحيا من أصل 90 خرجت بالكامل عن الخدمة، وتدمير أكثر من 130 سيارة إسعاف
لم تسلم المستشفيات ولا الطواقم الطبية من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة طوال عام كامل، ما أدى إلى انهيار شبه كامل للقطاع الصحي وعجز عن توفير الرعاية اللازمة للجرحى والمرضى الفلسطينيين.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 دمرت إسرائيل 23 مستشفى من أصل 38، منها مستشفيات حكومية وأهلية، تاركة 15 مستشفى فقط تعمل بقدرة محدودة وتحت ظروف قاسية رغم تضررها، وسط نقص حاد بالأدوية والمعدات الطبية.
تدمير ممنهج
مدير عام وزارة الصحة بغزة، منير البرش، قال للأناضول إن “الانتهاكات الإسرائيلية مستمرة منذ بداية الحرب بحق المنظومة الصحية، سواء من حيث مقدراتها أو كوادرها”.
وأضاف: “منذ بداية الحرب (على غزة) تعرضت عشرات المؤسسات الصحية للأضرار، واستشهد أكثر من 986 من الكوادر الصحية وأصحاب التخصصات الطبية، واعتقل 310 على الأقل”.
وتابع: “الاستهداف المستمر من قبل الاحتلال للمستشفيات والمراكز الصحية أدى إلى خروج نحو 23 مستشفى من أصل 38 مستشفى حكومي وأهلي عن الخدمة، بينما تعمل 15 مستشفى منها بشكل جزئي في الوقت الحالي”.
وأشار إلى أن “80 مركزا صحيا من أصل 90 دمرت بالكامل بفعل الاستهداف الإسرائيلي، وخرجت عن الخدمة، فضلاً عن تدمير أكثر من 130 سيارة إسعاف”.
انعدام الرعاية الصحية
وأوضح أن هذه الأضرار تؤثر بشكل سلبي على الخدمات الطبية، “حيث يقتل أبناؤنا وأطفالنا في الشوارع دون علاج ورعاية طبية”.
وأضاف البرش أن تدمير المستشفيات والمراكز الصحية تسبب بانتشار أوبئة أصابت غالبية أهالي القطاع، خاصة النازحين في المخيمات بمناطق الجنوب.
وأشار إلى أن الأوبئة المنتشرة في قطاع غزة تشمل شلل الأطفال والسحايا والأمراض الجلدية بمختلف مسمياتها.
وعن الموارد الطبية، قال: “هناك نقص في الموارد والمستلزمات الطبية وحتى الطواقم الصحية العاملة في قطاع غزة”.
وذكر أن نزوح الأطباء القسري إلى الجنوب واعتقال الجيش الإسرائيلي آخرين فرض واقعا صعبا على مستشفيات القطاع.
وتابع: “الجرحى في قطاع غزة يحتاجون إلى عمليات تأهيل وزراعة أطراف لم تنجز بسبب الإمكانيات المحدودة”.
تدمير بعد الإعمار
وأوضح البرش أنه “رغم ترميم بعض المستشفيات مثل مستشفى أصدقاء المريض في غزة، إلا أن الاحتلال عاد لتدميرها من جديد، وكذلك مستشفيات مثل الاندونيسي وكمال عدوان”.
وأضاف: “نعمل جاهدين على إعادة ترميم المستشفيات، خاصة مستشفى الشفاء في مدينة غزة الذي دمره الاحتلال”.
ودعا البرش إلى “العمل الفوري لدعم المنظومة الصحية، وإرسال كوادر طبية ومعدات، وافتتاح مستشفيات، وإدخال أدوية ومستلزمات طبية لمساندة أهالي القطاع”.
فيما قال الحكيم محمد الشيخ، الذي عمل في “مستشفى الشفاء” وانتقل بعد ذلك إلى مستشفى المعمداني: “بعد مرور عام على الحرب، مررنا بالعديد من الفترات الصعبة، وكان هناك نقص في الطعام والمستلزمات الطبية”.
وأضاف للأناضول: “تعرضنا خلال هذه الفترة للحصار في المستشفيات، ورأينا جيش الاحتلال يعتدي على زملائنا ويقوم بتعذيبهم والتحقيق معهم”.
وتابع: “خلال الحرب قصف بيتي واستشهد 9 أشخاص وأصيب 10 آخرون، تلقيت الخبر أثناء عملي، وكانت تلك لحظة صعبة جدا”.
ولفت إلى أنه “رغم تعرضنا للعديد من الإصابات والاستهداف، وحصارنا في عدة مستشفيات، لا زلنا نمارس عملنا”.
وأوضح: “كل يوم نرى أطفالا بترت أطرافهم ويعانون من حروق شديدة، هذا العام كان من أسوأ الأعوام، عانينا من قلة المستلزمات والظروف المعيشية الصعبة، وتدهور الوضع الاقتصادي ونقص الإمكانيات الطبية”.
وقال: “رأينا الموت بأعيننا وقطع الماء عنا وانقطعت سبل الحياة أثناء حصارنا بمستشفى الشفاء في نوفمبر، طلبنا من الجيش تقديم المساعدات، لكنه رفض واعتدى علينا”.
وأضاف: “خلال الحرب، قتل العديد من الطواقم الطبية جراء استهدافات الاحتلال، وتعرضت المستشفيات للتدمير، وأخرى لأضرار كبيرة”.
أبرز المستشفيات المدمرة والمتضررة
مستشفى الشفاء
اقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء لأول مرة في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، لمدة 10 أيام، واعتقل طواقم طبية ونازحين وقتل آخرين ودمر محتويات المستشفى وعددا من مبانيه.
وبين 18 مارس/ آذار – 1 أبريل/ نيسان 2024، كان الاقتحام الثاني للمستشفى ذاته ودمرت القوات الإسرائيلية أقسامه وحرقتها وارتكبت مجازر داخلها وبمحيطها وأخرجتها عن الخدمة بشكل تام.
وبذلك تحول المشفى الذي كان رمزًا للرعاية الصحية في غزة إلى خراب ودمار، حيث أتلفت الحرائق مبانيه، أثر الدمار الشامل سلبا على البنية التحتية والخدمات الطبية في المنطقة، مما أثار صدمة للمواطنين.
ومجمع الشفاء حكومي تابع لوزارة الصحة الفلسطينية، ويعدّ أكبر مؤسسة صحية في قطاع غزة، وقد تأسس عام 1946 وخضع للسيطرة الإسرائيلية عام 1967، ثم للسلطة الفلسطينية بعد اتفاقية أوسلو.
وتطور مع الوقت فأصبح أكبر مجمع طبي يضم 3 مستشفيات متخصصة هي: النساء والتوليد مع قسم حضانة للأطفال الخدج، ومستشفى الأمراض الباطنية، ومستشفى الجراحة، إضافة إلى قسم الطوارئ ووحدة العناية المركزة والأشعة وبنك الدم والتخطيط وغيرها.
وكان يعمل في مجمع الشفاء الطبي 25 بالمئة من العاملين في المستشفيات بقطاع غزة كله، وكان يقدم خدمات علاجية وصحية لأعداد كبيرة من المواطنين.
ففي العام 2020 قدم المستشفى خدمات علاجية لـ460 ألف مواطن، وخدمات صحية لنحو 250 ألف مواطن بقسم الطوارئ، وأجريت فيه في العام ذاته 25 ألف عملية جراحية و69 جلسة لغسل الكلى، و13 ألف حالة ولادة.
مستشفى أصدقاء المريض
في 10 فبراير/شباط الماضي 2024، أقدم الجيش الإسرائيلي خلال توغله بمدينة غزة على تدمير وحرق المستشفى.
وفي 12 يوليو/تموز 2024 تعرض المشفى مجددا لقصف جوي وقذائف مدفعية، ما أدى لتدميره وخروجه عن الخدمة بالكامل.
المستشفى تأسس عام 1980 في حي الرمال بغزة، وتصل قدرته الاستيعابية إلى 19 سريراً لكن مع الهجمات الإسرائيلية على غزة رُفعت قدرته إلى أكثر من 100 سرير، وفق مصادر طبية فلسطينية.
ويتبع المستشفى لجمعية أصدقاء المريض الخيرية، وهي مؤسسة أهلية غير ربحية تأسست في عام 1980.
مستشفى كمال عدوان
في ديسمبر /كانون الأول 2023، دمر الجيش الإسرائيلي أجزاء واسعة من المستشفى الحكومي في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، بما في ذلك أجهزته الحيوية.
وفي مايو من العام التالي، عاود الجيش واستهداف المشفى، حيث شن غارات جوية أدت إلى تدمير مولدات الطاقة الخاصة به.
والمستشفى هو الرئيسي بمحافظة شمال قطاع غزة، ويتكون من 4 مبان ويضم أقسام الطوارئ والاستقبال العام واستقبال الأطفال والجراحة العامة وجراحة العظام والباطنة والأطفال والعناية المركزة والأشعة ومختبر وصيدلية إضافة لأقسام إدارية وخدماتية.
وكان المستشفى يستقبل عشرات آلاف الحالات المرضية سنويا قبل الحرب ويعد أحد أعمدة القطاع الصحي شمال القطاع خاصة خلال الهجمات الإسرائيلية السابقة على غزة حيث كان يستقبل مئات الإصابات يوميا.
مستشفى العودة
في نوفمبر 2023، حاصر الجيش الإسرائيلي المستشفى شمال القطاع لمدة 18 يوما، ودمر الطوابق العلوية للمبنى، بالإضافة إلى تدمير سيارات الإسعاف الموجودة عند المدخل.
وفي ذلك الوقت، اعتقلت قوات الجيش عدنان البرش، أشهر جراحي غزة، أثناء تواجده بالمستشفى إلى جانب مجموعة من الأطباء.
وفي مايو الماضي، أعلن نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي) “استشهاد الطبيب عدنان أحمد عطية البرش، من سكان مدينة جباليا شمال قطاع غزة، في سجون إسرائيل”.
وفي يناير 2024، قصفت المدفعية الإسرائيلية المستشفى واستهدفت أحد مبانيه، مما أدى إلى تضرر العديد من الأجهزة الطبية.
المستشفى الإندونيسي
في نوفمبر 2023 دمر الجيش الإسرائيلي أجزاء من المستشفى، وأحرق عددا من طوابقه وأخرجه عن الخدمة جزئيا.
المستشفى حكومي أنشئ عام 2014 شمال القطاع، بإشراف وتنفيذ مؤسسة “ميرسي” الإندونيسية وبتمويل من تبرعات الشعب الإندونيسي.
ويعمل المستشفى بسعة 110 أسرة (جراحة وباطنة وعظام)، منها 10 أسرة عناية مركزة.
وكان يحتوي جهاز أشعة CT هو الأحدث بالقطاع، وجهاز أشعة فيلوسكوبي ومختبر للدم، وأربع غرف عمليات مجهزة بأعلى التقنيات، وكذلك وحدة العناية المكثفة بسعة عشرة أسرة بأحدث التجهيزات، إضافةً إلى تخصصات طبية تعمل على علاج مختلف الحالات المرضية.
لكن غالبية هذه الخدمات خرجت عن الخدمة بسبب التدمير الذي خلفه الاقتحام الإسرائيلي للمستشفى.
مستشفى الأمل
في فبراير 2024 شن الجيش الإسرائيلي غارات على مستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بمدينة خان يونس جنوب القطاع.
وفي الشهر نفسه، اقتحمت القوات الإسرائيلية المستشفى ودمرت أجزاء منه واعتقلت وقتلت عددا من العاملين فيه.
تأسس المستشفى على أرض مساحتها حوالي 4.5 دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع) عام 1997، وهو يتكون من 5 طوابق.
ويضم المستشفى 100 سرير في أقسام الجراحة، والنساء والولادة، والعمليات العامة والخاصة بالعيون والأعصاب والمخ وزراعة المفاصل، والعلاج النفسي، والأشعة، والمختبر وطب الأسنان.
كما كان يضم قسماً للتأهيل الطبي ومركزاً للعيون، لكنه لا يقدم هذه الخدمات حالياً بسبب الدمار الذي حل به جراء اقتحامه وقصفه من الجيش الإسرائيلي.
مستشفى ناصر
في فبراير 2024 اقتحم الجيش الإسرائيلي “مستشفى ناصر” جنوب قطاع غزة، المكتظ بالجرحى والمرضى وآلاف النازحين، ودمر عددا كبيرا من أجهزته الطبية ومستودع الأدوية وأجزاء من مبانيه.
وهذا المستشفى هو الأهم جنوب قطاع غزة، وكان يخدم سكان مدينتي خان يونس ورفح قبل الحرب الإسرائيلية.
وافتتح المستشفى عام 1960 إبان فترة الإدارة المصرية لقطاع غزة، وسُمي نسبة إلى الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
وخلال حرب النكسة عام 1967، تحول لعلاج الجنود الجرحى ولاحقا عاد لخدمة المدنيين، وكان يضم 160 سريرا قبل توسعته عدة مرات لاحقاً لتزداد قدرته الاستيعابية إلى أكثر من 512 سريرا طبيا.
ويضم المجمع مستشفيات متخصصة هي الباطنة والجراحة والنساء والأطفال، وكان الوحيد قبل إخراجه عن الخدمة في جنوب القطاع الذي يقدم خدمات غسيل الكلى والحضانة.
وإضافة لذلك، فإن قسم الاستقبال والطوارئ كان يستقبل يوميا زهاء 1500 حالة من الجرحى والمرضى، حسب بيانات سابقة لوزارة الصحة.
وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية منه حاولت وزارة الصحة بغزة ومنظمات دولية مثل الصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية استئناف العمل فيه ولكن بشكل محدود.
ومنذ بدء الإبادة الجماعية تمنع إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية والطبية والوقود، إلا القليل منها للمؤسسات الدولية، لا يلبي احتياجات المواطنين.
وبدعم أمريكي مطلق تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية على قطاع غزة أسفرت عن أكثر من 138 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل مجازرها بغزة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة