الأمم المتحدة تنذر باستفحال الفقر في فلسطين وتدمير أسس الحياة مع تصاعد حرب الإبادة الإسرائيلية

المسار الاخباري: تنذر الأمم المتحدة بخطورة تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل عام، وليس في غزة فحسب، مع التأكيد على ضرورة التحرك لوضع حد للانهيار الشامل الذي يشهده المجتمع الفلسطيني بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، وانتهاكات الاحتلال في الضفة.

وأشار تقرير أعدته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى جانب مؤسسات أخرى، إلى خطورة الوضع، بعد مرور عام على الحرب في غزة. واعتبر خبراء الأمم المتحدة أن الأزمة الإنسانية وصلت إلى مستوى كارثي، مع خسائر بشرية غير مسبوقة وتدمير واسع النطاق وانعدام شديد للأمن الغذائي.

من المتوقع أن يرتفع معدل الفقر في دولة فلسطين ليشمل ثلاثة أرباع السكان، بنسبة 74.3% في عام 2024، مما يؤثر على 4.1 مليون شخص

وأضاف التقرير الذي حصلت “القدس العربي” على نسخة منه، أن النزوح الجماعي وندرة الأماكن الآمنة، إلى جانب القيود الإسرائيلية المفروضة على توصيل المساعدات، أدى إلى تفاقم الأزمة.

ونبه خبراء الأمم المتحدة أنه من المتوقع أن يرتفع معدل الفقر في دولة فلسطين ليشمل ثلاثة أرباع السكان، بنسبة 74.3% في عام 2024، مما يؤثر على 4.1 مليون شخص، بما في ذلك 2.61 مليون شخص أصبحوا فقراء حديثا.

ومن المتوقع أن تؤدي عمليات التوغل التي تشنها إسرائيل في الضفة الغربية إلى ارتفاع معدل الفقر إلى 75% في حالة التوغل المحدود و75.5% في حالة التوغل الكبير، بحسب ما أشار إليه المصدر. وأدت الحرب إلى تفاقم الفقر المتعدد الأبعاد بشكل حاد، حيث تشير التوقعات إلى أن مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد لدولة فلسطين سيرتفع بشكل حاد من 10.2% التي تم قياسها من خلال مسح للأسر أجري في عام 2017 إلى ما يقدر بنحو 30.1% في عام 2024. وتشمل الأبعاد الأكثر تضررا، حيث تدهورت جميع المؤشرات بشكل كبير، ظروف السكن، والوصول إلى الخدمات، والسلامة.

وأكد التقرير الشامل للأمم المتحدة، أنه مر عام منذ اندلاع الحرب في غزة، ولا يزال الوضع يتدهور، وتستمر الخسائر والإصابات والمعاناة الإنسانية في التصاعد، حيث بلغ الدمار مستويات غير مسبوقة وتهدد المجاعة نسبة متزايدة من السكان. كما أدى النزوح الجماعي والمساحات الآمنة المحدودة، إلى جانب القيود الإسرائيلية المفروضة على توصيل المساعدات، إلى تفاقم الأزمة.

وبلغت شدة المعاناة الإنسانية، وخاصة بين الأطفال، مستوى تاريخيا. ولا تزال غزة في حالة من الأزمة العميقة، ولا تلوح في الأفق أي حلول قابلة للتطبيق. ويذهب تقرير الأمم المتحدة في تحليله إلى أبعد من غزة، حيث يواجه شعبها حرب إبادة، ليسلط الضوء على ما يجري في الضفة الغربية من تكثيف للعنف ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم وبنيتهم الأساسية.

حيث جاء في التقرير أن هذا العنف بلغ مستوى جديدا بعد أن شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق في المراكز الحضرية بالضفة الغربية، مع التركيز على مخيمات اللاجئين، وشملت العملية العسكرية قوات جوية وبرية، وأسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا وإلحاق أضرار بالبنية التحتية، وهي أعلى مستوياتها منذ بدأت الأمم المتحدة في تسجيل المعلومات المتعلقة بالضحايا والدمار بشكل منهجي في عام 2005.

اعتبارا من سبتمبر/ أيلول 2024، كان ما يقرب من 3,3 مليون فلسطيني (2.3 مليون في غزة)، بما في ذلك 1,5 مليون طفل، في حاجة ماسة إلى أشكال مختلفة من المساعدة الإنسانية

وبشأن تأثير الحرب في غزة على الشعب الفلسطيني، والوضع الإنساني، أشار التقرير الذي أشرف عليه البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، والمؤسسات والجهات الأممية والدولية، أنه اعتبارا من سبتمبر/ أيلول 2024، كان ما يقرب من 3,3 مليون فلسطيني (2.3 مليون في غزة)، بما في ذلك 1,5 مليون طفل، في حاجة ماسة إلى أشكال مختلفة من المساعدة الإنسانية. حيث إنه بحلول 16 سبتمبر/ أيلول 2024، استشهد ما لا يقل عن 41,534 فلسطينيا في غزة، وجُرح 96,092. ونشرت وزارة الصحة الفلسطينية وثيقة مكونة من 649 صفحة تكشف التفاصيل الكاملة لـ34344 من أصل 40738 شخصا استشهدوا أو أصيبوا في الفترة من 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 31 أغسطس/ آب 2024. ويشمل ذلك 11355 طفلا و6297 امرأة.

وبحسب التقرير الأممي، ستغير العديد من الإصابات التي يعاني منها سكان غزة حياتهم. ووفقا لمفوض وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، فإنه في “كل يوم بغزة، يفقد 10 أطفال إحدى ساقيهم أو كلتيهما وسط القصف الإسرائيلي المستمر”.

وبالتوازي مع ذلك، شهدت الضفة الغربية أيضا تصعيدا في العنف. وأدت العمليات العسكرية والأمنية الإسرائيلية إلى وقوع خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين، وهي أعلى حصيلة مسجلة منذ عام 2009 على الأقل. وبحلول 30 سبتمبر/ أيلول 2024، استشهد 700 فلسطيني، بينهم 160 طفلا، وأصيب أكثر من 5750 آخرين، بينهم 660 طفلا. وارتفع عدد الضحايا بشكل حاد منذ 28 أغسطس/ آب 2024، عندما شنت إسرائيل عملية عسكرية في الضفة الغربية. وقد صاحب هذا التصعيد في العنف، اعتقالات واسعة النطاق، حيث اعتقلت القوات الإسرائيلية أكثر من 16 ألف فلسطيني بحلول 30 سبتمبر/ أيلول 2024. وكان لهذه الاعتقالات تأثير اجتماعي واقتصادي شديد على الأُسر، مما أدى إلى فقدان الدخل وزيادة الاعتماد على المساعدات الإنسانية. كما أن الخسائر النفسية لهذه الأحداث عميقة، وخاصة بالنسبة للأطفال المعرضين للعنف وعدم الاستقرار.

إجبار السكان على النزوح

تطرق التقرير الأممي إلى خضوع 86 بالمئة من سكان غزة لـ”أوامر الإخلاء”، ومن المتوقع أن يبحث 2.1 مليون فلسطيني في غزة عن مأوى في 13 بالمئة فقط من مساحة أراضي القطاع. وقد نزح ما يصل إلى 1.9 مليون شخص (90 بالمئة من السكان) داخليا، وكثير منهم بشكل متكرر (بعضهم يصل إلى 10 مرات). النزوح لاحق أيضاً الفلسطينيين في الضفة الغربية. وبحلول 25 سبتمبر/ أيلول 2024، نزح أكثر من 4450 فلسطينيا، بما في ذلك حوالي 1875 طفلا، نتيجة لتدمير منازلهم وسبل عيشهم، ونزح 1628 في سياق حوادث تتعلق بالمستوطنين الإسرائيليين. وهذا أعلى بثلاث مرات من عدد النازحين خلال نفس الفترة قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

كل يوم في غزة، يفقد 10 أطفال إحدى ساقيهم أو كلتيهما وسط القصف الإسرائيلي المستمر

شبح المجاعة

تشدد الأمم المتحدة على حالة انعدام الأمن الغذائي في غزة ووصفتها بالكارثية، حيث يواجه 96 بالمئة من السكان، أو 2.15 مليون شخص، انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع نصف مليون شخص (22 بالمئة من السكان) يعانون من مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تم إدخال 165 مريضا إلى المستشفيات نتيجة لسوء التغذية الحاد الشديد. وتوفي 34 شخصا بسبب سوء التغذية، معظمهم من الأطفال.

وبحسب التقرير الأممي الشامل الذي يرصد الوضع في غزة، يستهلك 93% من الأطفال و96% من النساء الحوامل والمرضعات مجموعات غذائية أقل يوميا، مما يؤدي إلى قيام الأسر بتخطي وجبات الطعام. ونتيجة لذلك، أصبحت الحاجة إلى الدعم التغذوي أكثر إلحاحا. كما أن نقص الغذاء سيكون له آثار كبيرة على صحة الأم والطفل.