السودان: ارتفاع حصيلة ضحايا هجمات «الدعم السريع» على الجزيرة إلى 300 قتيل وسط مطالب بتشكيل لجان تحقيق دولية

الخرطوم- المسار الاخباري : في وقت استمرت موجة العنف والمعارك المحتدمة في ولاية الجزيرة وسط السودان، أمس لليوم الخامس على التوالي، أعلن مؤتمر الجزيرة ارتفاع حصيلة ضحايا هجمات قوات الدعم السريع على القرى والمدن شرق الولاية إلى 300 قتيل، مطالباً بتشكيل لجان تحقيق دولية على نحو عاجل.

ويأتي ذلك في وقت حملت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم”، قوات الدعم السريع كامل المسؤولية عن الانتهاكات الكبيرة في شرق الجزيرة، واصفة إياها بـ”الانتهاكات الوحشية التي يندى لها الجبين”.

ودعا القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو “حميدتي” إلى الإيقاف الفوري لتلك الانتهاكات، محذراً من مغبة التمادي في ترويع المدنيين العزل.

وندد بما وصفه بالاستهداف الدموي لطيران القوات المسلحة السودانية لمنطقة مسجد الشيخ الجيلي بود مدني، الذي أسفر عن سقوط عشرات الضحايا من المدنيين، معتبراً ذلك مؤشرات على عدم إيلاء طرفي الحرب أي اهتمام بالمواثيق والعهود الدولية، حيال حماية المدنيين.

وإزاء الاستمرار المتكرر للانتهاكات ضد المدنيين، طالبت “تقدم” الطرفين بالالتزام بالقوانين الدولية وما تم التوافق عليه في مباحثات جدة، خاصة مبدأ حماية المدنيين وعدم تعريض حياتهم للخطر.

ونوهت إلى ضرورة مواصلة القوى المحلية والإقليمية والدولية الفاعلة الضغط على طرفي الحرب في السودان، لوقفها فوراً والشروع الجدي في عمليات وقف العدائيات، والمضي قدمًا في التأسيس لـ”عهد جديد يعيد البلاد من دوائر الحروب والانقلابات إلى مسار التحول المدني الديمقراطي”. في أثناء أطلق مؤتمر الجزيرة نداء استغاثة لشعوب العالم والمنظمات الإقليمية والدولية محذراً من مغبة استمرار عمليات العنف المتصاعدة والقتل والتهجير القسري لأهالي شرق الجزيرة، تجاوز عدد الضحايا في خمسة أيام 300 قتيل بينما تم تهكير الآلاف.

وأشار إلى أنه في العشرين من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلن أبو عاقلة كيكل، أحد قادة “الدعم السريع” انشقاقه وانضمامه إلى صفوف الجيش، مضيفاً أنه على الرغم من أن هذا القرار يظل قراراً شخصياً يخصه وحده، إلا أن انعكاساته على ولاية الجزيرة كانت وخيمة.

وتابع أن “انضمام كيكل إلى الجيش لا يغير من الحقيقة شيئاً؛ فقد كان ولا يزال سبباً في معاناة أهل ولاية الجزيرة، متهماً “الدعم السريع” بارتكاب جرائم بشعة تحت قيادته ضد انسان المنطقة.

وقال مؤتمر الجزيرة إنه بسبب هذا الانشقاق، تستخدم “الدعم السريع” أفظع أساليب الانتقام ضد سكان الجزيرة، بما في ذلك القتل على أساس الهوية، واستخدام المدنيين كرهائن، واختطاف واغتصاب النساء والفتيات كجزء من بالإضافة إلى التهجير القسري، ونهب الممتلكات، والتجويع بحرق محاصيل الذرة في الحقول.

واتهمت قوات الدعم السريع بتنفيذ هجمات عنيفة استهدفت ثلاثين قرية بشرق الجزيرة وتهجير آلاف المدنيين الذين يهيمون بحثاً عن ملاذات آمنة.

وطالت الهجمات قرى أخرى بشمال ووسط الجزيرة آخرها قرية “أزرق” بمحلية الكاملين، حيث صعدت 10 أرواح، بينما لاتزال عمليات الرصد متواصلة رغم التحديات الأمنية وانقطاع شبكات الاتصال.

وناشد مؤتمر الجزيرة المنظمات الحقوقية والإنسانية، ووكالات الأمم المتحدة، بضرورة التدخل العاجل لحماية المدنيين، والضغط من أجل تشكيل لجنة تحقيق دولية بواسطة مجلس الأمن، للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها “الدعم السريع” في ولاية الجزيرة، محذرة من أن أي تلكؤ ستكون نتيجته كارثة إنسانية ومزيداً من المجازر المروعة.

وحذر مؤتمر الجزيرة قادة قوات الدعم السريع من “التمادي في سفك دماء الأبرياء” محملة إياهم مسؤولية أفعالهم كاملة، مؤكداً أن المحاسبة ستطال جميع المتورطين في الانتهاكات طال الزمان أم قصر”.

وفي السياق، قالت شبكة أطباء السودان إن “الدعم السريع” نفذ مجزرة بقرية “أزرق” بالجزيرة راح ضحيتها 12 شخصاً بينهم أطفال ونساء وكبار سن.

وتابعت أن قوة تتبع لـ “الدعم السريع” نفذت تلك “المجزرة البشعة” ضد مواطني قرية “أزرق” حيث أصيب العشرات جراء الهجوم على القرية.

وأدانت الشبكة عمليات القتل الجماعي التي قالت إن قوات الدعم السريع تنفذها ضد قرى الجزيرة بطريقة إثنية وقبلية تستهدف من خلالها جميع المواطنين دون مراعاة للقوانين الإنسانية والدولية التي تجرم قتل المدنيين في مناطق الصراع.

ودعت الشبكة “الدعم السريع” إلى التوقف عن قتل المدنيين وعدم الزج بهم في الصراع الدائر في الولاية، محذرة اياها من مغبة تحويل الصراع الدائر بينها والجيش السوداني إلى حرب أهلية انتقامية.

وبينما تتواصل هجمات “الدعم السريع” على قرى ومدن الجزيرة، خرج الآلاف من الأهالي سير على الأقدام في ما وصفته لجان المقاومة وغرف الطوارئ شرق الجزيرة بموجة النزوح القهري، مناشدة غرف الطوارئ ولجان المقاومة والأجسام الشبابية المتواجدة في طرق نزوح المواطنين من شرق الجزيرة، بعمل قوائم لأسماء الأسر وإرفاقها عبر منصاتهم الرسمية لكي يتسنى لذويهم الاطمئنان عليهم وتقديم العون اللازم لهم.

ولفتت منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانة في السودان كليمنتان سلامي، في بيان، أمس الخميس، إلى المعاناة التي يعيشها ملايين السودانيين لأكثر من 18 شهرًا بسبب الصراع المدمر. وقالت إن البلاد شهدت أزمة تلو الأخرى من النزوح الجماعي إلى الجوع والصدمات المناخية وتفشي الأمراض والمعاناة الاقتصادية والعنف ضد النساء والأطفال. ولفتت إلى إن السودانيين يتطلعون إلى الأمم المتحدة والعالم للوقوف معهم ومساندة دعواتهم لتحقيق السلام وإتاحة الفرصة لإعادة بناء حياتهم، مؤكداً أن الأمم المتحدة ستواصل دعوة أطراف الصراع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني، بل ونكرر دعوتنا إلى وقف فوري للأعمال العدائية. وأضافت: “سنرفع أصواتنا تضامناً مع المدنيين السودانيين الأكثر تضرراً من هذه الحرب مطالبين بحمايتهم وحماية حقوقهم في الحياة الكريمة”. وحثت المجتمع الدولي على دعم استعادة السلام وذلك من خلال الحوار السياسي الهادف. وتابعت: “إن آمال ومستقبل الشعب السوداني معلقة على ما سنفعله في المرحلة المقبلة”.