كتب محمد الصفدي….. ما بين السرديات

المسار الاخباري…السرديات هي لعبة الاعلام والعلاقات العامه ولكنها انعكاس للتيارات المتصارعه في ميدان الحرب وميدان السياسه المترابطان معا .

هناك في فضاء هذه الحرب ثلاث سرديات : السرديه الصهيونيه الامريكيه الغربيه وحلفها

وتانيا سردية محور المقاومه وثالثا سردية معارضي المقاومه والطابور الخامس المتقاطعه والمتناغمه مع السرديه الصهيو امريكيه في اجزاء كبيره .

 

السرديه الصهيوامريكيه تعتمد على هيمنتها شبه المطلقه على الاعلام ووسائل النواصل والخداع التكنولوجي المترافق مع القبضه الامنيه المحكمه

هذه السرديه تدعي انها تحقق اهدافها الموضوعه من اسرائيل وانها حققت انجازات استراتيجيه نوعيه بعيدة المدى وانها تنجز خططها بدقه واحكام وانها توشك من تحقيق الانتصار ولا تعترف بانجازات الطرف الاخر المقاوم وتفرغها من مضمونها وفعاليتها

ومن هذا المنطلق تحاول الولايات المتحده مستعينة باعوانها ادارة التحركات الدبلوماسيه لترجمة فرضيتها الوهميه المفرطه في الخيال الى واقع سياسي يكرس الهزيمه ويحقق اهداف اسرائيل الاستراتيجيه . هذه التحركات فاشله بطبيعة الحال لانها تنطلق من واقع افتراضي ولان الولايات المتحده منحازه بالكامل لاسرائيل ومصالحها الاستعماريه ولا تراعي توازن المصالح الامر الذي يحول دون نجاح وساطتها الدبلوماسيه ويفشل العمليه التفاوضيه.

السرديه المعارضه للمقاومه وسردية الطابور الخامس متقاربتان فيما بينهما ومتقاطعتان مع السرديه الصهيو امريكيه .

سردية المعارضه متنوعه بسبب تنوع اطرافها ما بين تيار خياني وبين تيار مصلحي تابع وتيار استسلامي مفتقد للاراده .

كل هذه التيارات تعارض المقاومه ونهجها وترفض سرديتها وتحليلها للاحداث وتميل لتبني السرديه الصهيوامريكيه حيث تمارس الدعايه لانهزام المقاومه وانتصار اسرائيل الوشيك وتذنب المقاومه وتحملها المسؤولية عن التدمير والحرب والفوضى وهي بذلك تتقاطع مع ادعاءات اسرائيل التي تلقي باللائمه على محور المقاومه . دعاة سردية المعارضه للمقاومه يدعون ان المحور عباره عن ميلشيات واذرع ايرانيه مسلوبة القرار والاراده ومحكومه من طهران وان الغرب هو المهيمن والاقوى ولذلك لا جدوى من معارضته وان الحصانه الوطنيه تتاتى من خلال التماشي مع امريكا وعدم معارضتها . المعارضه اللبنانيه مثلا تدعي ان ازالة سلاح حزب الله تضمن سلامة الاراضي اللبنانيه وتحول دون اعتداء اسرائيل عليها وان بضع جنود مع منظار يستطيعون تامين هذه الحدود !

والمعارضه في فلسطين (السلطه) تدعي ان التفاهم والتفاوض واللاعنف يستطيعان تحصيل الحقوق الوطنيه ! وكلاهما غاضبان على المقاومه لانها تتسبب في الدمار والموت وضياع الحقوق!

التصادم بين هذه السرديات يزداد حدة في زمن الحرب وبرهان مصداقيتها ومحكها هو الميدان العسكري اولا ومن ثم الميدان السياسي الذي هو انعكاس للميدان.وهذا الميدان كما نرى يعكس الواقع الحقيقي وتوازن القوى على الارض.

على الارض يبدي محور المقاومه ثباتا أسطوريا ويحافظ على تحالفه وتكامله وتماسكه حتى الان

اما المحور الامريكي فقد حقق انجازات تكتيكيه نوعيه ملحوظه بسبب مقدراته الفائقه ولكنه يعجز عن تحقيق اختراق استراتيجي يضمن له استسلام الطرف الاخر واخضاعه هذا عدا عن كونه ملئ بالتناقضات والتباينات .

بعد مرور عام على الحرب ما زالت المقاومه صامده عسكريا وسياسيا وقادره على الاستمرار للامام اما المعسكر الصهيوامريكي الرجعي فقد بدا يترنح تحت وطأة حرب الاستنزاف الطويله والفوز بالنقاط اذ لا مقارنة بين مستوى معيشة مجتمع المقاومه البسيط وبين البذخ الغربي المتنعم ولا مقارنة بين تقبل الخسائر البشريه والتضحيات بين المجتمعين ولا مقارنة ايضا بين الاستعداديه العقائديه القائمه على الارتزاق والماديات وبين العقيده الروحيه الفكريه العميقه العادله لدى محور المقاومه .

صراع السرديات الثلاث هو انعكاس للصراع الحربي المحتدم والميدان هو الفيصل . وكلما ازداد الصراع التناحري كلما اتضح الفرز بين الحق والباطل واصبح الصراع اكثر وضوحا بين معسكرين : معسكر امريكا الاستعماري واتباعه من الخون والانتهازيين والاستسلاميين والطابور الخامس وببن محور المقاومه والحق . المنطقه الرماديه بين الابيض والاسود تتقلص كلما استطال الصراع وازداد احتداما واشتعالا .

تحليل الصفدي