المسار الاخباري: بغداد: قالت مصادر إن العراق، الذي يراقب بقلق الحملات المدمرة التي تشنّها إسرائيل في غزة ولبنان، يعمل على تجنّب استدراجه إلى الصراع الإقليمي المتصاعد، في ظلّ تنفيذ جماعات مسلحة مدعومة من إيران هجمات على إسرائيل انطلاقًا من أراضيه.
وبعد عقدين من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بصدام حسين، يشهد العراق استقرارًا نسبيًا مع ارتفاع عائدات النفط التي تموّل برنامجًا لتحسين الخدمات أدّى إلى تحويل أجزاء كبيرة من البلاد إلى مواقع بناء.
مسؤول أمني: الوفد العراقي تلقّى استقبالًا فاترًا في طهران… والجواب كان “هذه الجماعات تملك قرارها، والأمر عائد إليهم ليقرروا كيفية مساندة إخوانهم في لبنان وغزة”
وليس للعراق علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وتخشى حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من أن تؤثر الصراعات الإقليمية على توازنها الدقيق بين واشنطن وطهران، اللتين يتحالف معهما العراق.
ونقل موقع “أكسيوس”، في وقت متأخر من يوم الخميس، عن مصدرين إسرائيليين لم يكشف عن هويتيهما، أن المخابرات الإسرائيلية ترى أن إيران تستعد لمهاجمة إسرائيل من الأراضي العراقية في الأيام المقبلة، ربما قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 5 نوفمبر تشرين الثاني.
ولم يصدر بعد تعليق من جانب العراق.
وأدّى اتساع الصراع الإقليمي بالفعل إلى هجمات متبادلة، على مدى أشهر، بين جماعات مسلحة مدعومة من إيران والقوات الأمريكية المتمركزة في العراق والمنطقة، وهي الهجمات التي لم تهدأ حدّتها إلا بعد تدخل إيران في فبراير شباط.
وقالت أربعة مصادر في الجماعات المسلحة المدعومة من إيران ومستشاران حكوميان إن مساعي حكومة السوداني لم تفلح في إقناع “المقاومة الإسلامية في العراق”، وهي تحالف من جماعات مسلحة مدعومة من إيران، بالتوقف عن إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة على إسرائيل.
وقالت المصادر إن زيارتين قام بهما مسؤولون أمنيون عراقيون كبار لإيران، في الشهرين الماضيين، باءتا بالفشل. وكان هؤلاء المسؤولون يهدفون للحصول على مساعدة من طهران لكبح جماح الجماعات العراقية المتحالفة معها.
وقال مسؤول أمني عراقي بارز مطّلع على تفاصيل الزيارتين: “الوفد العراقي تلقّى استقبالًا فاترًا في طهران… الجواب كان: هذه الجماعات تملك قرارها، والأمر عائد إليهم ليقرروا كيفية مساندة إخوانهم في لبنان وغزة”.
ثم لجأت بغداد إلى واشنطن، طالبةً من المسؤولين الأمريكيين التدخّل لدى إسرائيل لمنع ردّها على الهجمات، التي قتل في أحدها جنديان إسرائيليان، وأصيب أكثر من 20 آخرين، في الرابع من أكتوبر تشرين الأول، وفقًا للمصادر. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الإعلان عن وقوع وفيات بسبب مثل هذه الهجمات.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية العراقية: “واشنطن كانت متفهمة لما يمكن أن ينتج من عواقب لأي ضربة إسرائيلية في العراق، وتعهدت بالمساعدة”.
ولم يرد بعد متحدث باسم السفارة الأمريكية في بغداد على طلب التعليق.
وقالت أربعة مصادر في الجماعات المسلحة إن “كتائب حزب الله” و”حركة النجباء” اللتين تقودان الهجمات على إسرائيل حذّرتا رئيس الوزراء من الضغط عليهما لوقف أعمالهما وتعهدتا بمواصلة هجماتهما ما دامت إسرائيل تواصل عملياتها في غزة ولبنان.
وأدّت هذه القضية إلى انقسام في أحزاب الائتلاف الحاكم، التي تتعاطف جميعها مع القضية الفلسطينية وتعتبر إسرائيل عدوًا، لكن بعضها يختلف حول المدى المفترض أن ينخرط به العراق في المواجهة الإقليمية.
وقال النائب الشيعي أحمد الكناني من الائتلاف الحاكم إن زعماء الشيعة ناقشوا مخاطر تداعيات الهجمات على إسرائيل والرد الإسرائيلي المحتمل في اجتماعين عُقدا في أكتوبر تشرين الأول.
وقال أربعة نواب شيعة إن أعضاء بارزين في الائتلاف الشيعي يرون أن المواجهة المباشرة مع إسرائيل ستؤدي إلى نتائج عكسية قد تضر بالعراق.
وقال عبد الأمير تعيبان، مستشار رئيس الوزراء العراقي: “المجاميع (الجماعات) التي تمتلك سلاح المسيّرات والصواريخ تستطيع الذهاب إلى غزة ولبنان لقتال إسرائيل بدلاً من دفع العراق إلى التهلكة”.
مستشار رئيس الوزراء العراقي: المجاميع التي تمتلك سلاح المسيّرات والصواريخ تستطيع الذهاب إلى غزة ولبنان لقتال إسرائيل بدلاً من دفع العراق إلى التهلكة
وقالت “كتائب حزب الله”، أقوى الفصائل المسلحة، إن إسرائيل والولايات المتحدة سيتعيّن عليهما دفع ثمن الضربات الإسرائيلية على إيران الأسبوع الماضي.
وقالت مصادر أمنية عراقية رفيعة المستوى لرويترز قبل ذلك الهجوم إن أيّ ضربة تشنّها إسرائيل على إيران خارج ما وصفته المصادر بقواعد الاشتباك المعمول بها قد تدفع الجماعات المسلحة الموالية لإيران إلى توسيع هجماتها بشدة على إسرائيل والأصول الأمريكية في المنطقة.
وقال محمد الشمري، رئيس مؤسسة سومر للأبحاث، ومقرّها بغداد، إن الصراع الإقليمي المتصاعد قد يجرّ الأطراف الشيعية في العراق، وكثير منها شديد التسليح، إلى مواجهة لم يكن لدى الكثيرين رغبة في خوضها.
وأضاف لرويترز أن هذه الأحزاب تجد نفسها بين خياري الحفاظ على قرارها بإبعاد العراق عن المواجهة وبين التزاماتها الأيديولوجية والسياسية تجاه الشيعة في لبنان ومحور المقاومة بشكل أوسع “في ظل العدوان الإسرائيلي الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء”.
وقال إنه إذا تصاعدت المواجهة فإن الأمر “قد لا يعني فقط استمرار الهجمات على أهداف إسرائيلية”، ولكن أيضًا تورّط محتمل لفصائل إضافية في عمليات أكبر وأكثر تعقيدًا.
(رويترز)