الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 6/11/2024

اقالة غالنت في منتصف الحرب جاءت لهدف البقاء في الحكم حتى تشرين الاول 2026

بقلم: يوسي فيرتر

بضع ساعات وربما بضعة أيام، قبل هجوم ايران الذي يمكن أن يكون أكثر قوة من سابقه. وبضع ساعات وربما بضعة ايام قبل أن يتم التحقيق مع كبار موظفي مكتب رئيس الحكومة حول القضايا الامنية التي تورط فيها المكتب، اختار نتنياهو اقالة وزير الدفاع يوآف غالنت. محاولة مكشوفة (التي نجحت، لا يمكن قول أي شيء) لاقصاء من العناوين الرئيسية في نشرات الاخبار التحقيق في الاشتباه بتزوير محاضر جلسات أمنية في مكتبه. بيان الاقالة تم توقيته ليكون قبل الساعة الثامنة بخمس دقائق، لأن هذا ما يعرفونه جيدا في محيط نتنياهو: السيطرة على نشرات الاخبار.

الامر غير المكشوف هو الخط الذي يربط بين التطورات الاخيرة. هذا الامر تم كشفه أمس وهو يثير رعب حقيقي غير مسبوق. بدون أن نعرف أو نفهم، رأس نتنياهو غارق في الاشهر الاخيرة، مرة اخرى، في التحقيقات. التحقيق الاول هو تحقيق الشباك حول سرقة المعلومات السرية وتسريبها لصحيفة “بيلد”. نتنياهو ربما كان يعرف عن كثب هذه القضية. يصعب الافتراض، حتى لو لم يكن يعرف بالضبط تفاصيل هذه القضية، بأنه على الاقل لم يخف من وصول التحقيق الى محيطه، ناهيك عن احتمالية اخرى مخيفة وهي أنه عرف وبادر وشغل وقام باعداد نفسه للتحقيق. 

التحقيق الثاني هو حول قضية تزوير محاضر الجلسات في مكتبه. في ايار 2024 ترك آفي غيل منصب السكرتير العسكري لرئيس الحكومة. وقد قدم شكوى للمستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، حول جريمة خطيرة وهي تزوير محاضر جلسات بعد اندلاع الحرب في 7 اكتوبر. نداف ايال نشر عن ذلك للمرة الاولى في “يديعوت احرونوت” في شهر تموز الماضي. الجمهور نسي في اليوم التالي، لكن المستشارة القانونية للحكومة فعلت ما هو متوقع منها وقامت بتحريك الشرطة.

في نهاية الاسبوع الماضي، كما نشر غاي بيلغ، وصل للمرة الاولى في التاريخ محققون في الشرطة الى مكتب رئيس الحكومة لاجراء تحقيق ضد مكتب رئيس الحكومة. من هنا دخلت الامور الى حالة تسارع بدون معرفة ذلك. بشكل سري تم ارسال قوائم مفصلة لنشاطات المستشارة القانونية ضد الحكومة في ارجاء ماكنة سم نتنياهو. جاء اجتماع الحكومة بشكل علني حيث تم ابلاغ بهراف ميارا مسبقا عن دورها في الكمين المخطط له. هذا لم يكن الكمين العادي الذي تم نصبه بصورة متواترة من قبل الوزراء؛ هذه المرة تم نصبه من قبل رئيس الحكومة. هذا كان التهديد الذي تم ارساله اليها في اعقاب التحقيق مع مكتبه. “هي شخصية مشاكسة، يا ياريف، تولى هذا الامر”، هكذا أمر نتنياهو وكأنه رئيس مافيا يأمر أحد مستشاريه بـ “معالجة” النائب العام. 

في اليوم التالي وصل أمر التحقيق الى الجمهور، وعلى الفور بعد ذلك جاءت اقالة وزير الدفاع.  وبعد ذلك تم نشر احاطات لوسائل الاعلام بأن غالنت هو فقط الرأس الاول الذي سيطاله الفأس (حسب الاجراءات تم نفي هذه الاقوال بعد نشرها)، وأن الجميع على مرمى الهدف الآن، رئيس الاركان ورئيس الشباك والمستشارة القانونية للحكومة. هذه فقط مسألة وقت. بدءا بقائد الجيش اثناء الحرب، الذي يدافع بجسده باستقامة وشجاعة نادرة في هذه الايام عن الجسم الذي يوجد تحته من التأثيرات السياسية المسمومة ومرورا برئيس الجهاز الامني الذي يحقق بالمخالفات الامنية الاكثر خطورة، التي تصل الى مكتب رئيس الحكومة، وانتهاء برئيسة النيابة العامة التي تحرس العتبة الممتازة والشجاعة، والتي أمرت باجراء تحقيق مع المكتب الاكثر اجراما في تاريخ الأمة في قضية فساد اخرى. وهي قضية تدل على فساد تام للاجهزة في المكان الاكثر اهمية في الدولة، على خلفية الحرب الاطول والاكثر تعقيدا في تاريخها. هكذا يعمل الديكتاتور وهكذا تبدو الديكتاتورية. بعد اسماع التهديدات من قبل المحللين المقربين من نتنياهو فان حركة بؤر الاحتجاج الليلية في كابلان في تل ابيب وفي عشرات البؤر في ارجاء الدولة تضاعفت على اقل تقدير. الخوف بدأ يثور. في بيان في وسائل الاعلام صدر الى جانب رسالة اقالة غالنت نتنياهو اتهم: “أنا بذلت عدة محاولات لجسر الفجوة (مع غالنت)، لكن هذه الفجوة أخذت تتسع. وهي وصلت ايضا الى الجمهور بطريقة غير مقبولة، واسوأ من ذلك الى العدو. الاعداء كانوا راضين وقاموا بسبب ذلك بجني الكثير من الارباح”.

كما قلنا، غالنت هو الذي وسع الفجوة وهو الذي سرب ضد نتنياهو وهو الذي خدم العدو. هذا غريب. ولكن غالنت والموظفين في مكتبه لم يتم التحقيق معهم في الشرطة أو في الشباك. وحسب نتنياهو فان الاولاد يقرأون بسهولة: كل شيء يمر بيدك، وهكذا هي ستتسخ. أو بلغة ناضجة اكثر “من حفر حفرة وقع فيها”.

في المرة السابقة، في آذار 2023، تمت اقالة غالنت لأنه حذر من “خطر واضح وفوري على أمن الدولة” اذا استمر الانقلاب النظامي. أمس تمت اقالته مرة اخرى، ضمن امور اخرى، لأن تواجده في مكتب وزير الدفاع افشل نية نتنياهو تسوية لعشرات آلاف الحريديين، الملزمين بالتجند، استمرار تهربهم بشروط مريحة. 

عندما تتم اقالة وزير دفاع في دولة اسرائيل في ذروة حرب يقتل فيها مئات الجنود ويصاب الآلاف من اجل مجموعة من المتهربين والطفيليين في صفقة سياسية نتنة، فان هذا يعتبر مس مباشر بأمن الدولة. ولكن نحن تعودنا. لقد تعودنا على واقع هستيري فيه رئيس الحكومة يضر بأمن الدولة مرة تلو الاخرى، بألف طريق، سواء بتشغيل متحدث مشكوك فيه فشل في فحص أمني ويعمل في مواضيع امنية حساسة (حتى الآن حسب الاتهام) أو تزوير محاضر جلسات عن ايام الحرب الاولى (كما ذكر اعلاه)، أو استمرار الحرب الزائدة في غزة التي تجبي ثمنا دمويا باهظا تقريبا كل يوم، أو الاهمال المتواصل والمتعمد للمخطوفين الذين يحتضرون في الانفاق على باب فصل الشتاء. 

منذ سنة ونصف واقالة غالنت هي استحواذ مرضي عائلي. خلال هذه الفترة كان غالنت هو العدو الاكثر اهمية في الشبكات الاجتماعية التي يشغلها يئير نتنياهو واعضاء هذه الطائفة الآخرين، اكثر من لبيد أو غانتس، أكثر من يحيى السنوار. من غير المستبعد أن نتنياهو كان مسرور من تزامن هذه الخطوة مع عيد ميلاد زوجته سارة، التي كراهيتها لوزير الدفاع تأتي في المرتبة الثانية بعد كراهيتها لجدعون ساعر، المرشح لمنصب وزير الخارجية. أي كاتب لدينا اكثر حدة من ساعر، الذي في نفس المساء الدراماتيكي في 26 آذار من السنة الماضية غرد: “قرار نتنياهو اقالة وزير الدفاع هو عمل هستيري يدل على الغياب المطلق للحكمة. نتنياهو يصمم على أن يدهور اسرائيل نحو الهاوية. كل يوم يواصل فيه الاحتفاظ بمنصبه هو يعرض اسرائيل ومستقبلها للخطر”. 

ساعر باع نفسه للشيطان مقابل وزارة الخارجية الممتعة. حتى لو لم يكن مرتبط بالسيناريوهات البائسة فانه يصعب الفهم كيف يمكنه الارتباط بالقاعدة السياسية لعملية اقالة غالنت، تقديم قربان امام غولدكنوفف، غفني ودرعي، واستبدال اليد التي رفضت التوقيع على قانون التهرب من الخدمة العسكرية. صمود غالنت في موضوع التجنيد هو اللبنة الاولى في مبنى الشجاعة، الصغير والضعيف، لكن الكافي الذي انكشف في الائتلاف، وأثار ثورة التصويت، والذي يمكن أن يفشل قانون بيوت الرعاية في النهار، وقوانين مشابهة ستطرح في المستقبل. صمت ساعر هو صمت مخجل. فقد أيد الصفقة النتنة التي سيعين فيها يسرائيل كاتس في منصب وزير الدفاع، ويضمن قانون تجنيد كاذب، وحكومة الفشل والمذبحة سيتم انقاذها.

هذا هو هدف الحرب الواحد والوحيد الذي حقا يهم نتنياهو، قيادة سفينة الائتلاف المسيحانية والعنصرية حتى تشرين الاول 2026، والوصول الى هذا الموعد حتى يتم تركيب الاجزاء المطلوبة لانقلاب نظامي جديد، يضمن على الاقل تهربه مرة اخرى في الطريق الى استكمال هذا الانقلاب. هذا هو الهدف ولا يوجد غيره. ليذهب المخطوفون الى الجحيم، وكذلك الجنود الذين يقتلون والسكان الذين تم اخلاءهم، والاقتصاد الذي ينهار، والمجتمع المصاب بالصدمة، والمكانة الدولية التي تنهار، والاحتفال في العالم العربي بسبب اقالة وزير الدفاع الذي صنع لهم الموت حرفيا. 

رؤساء المعارضة، يئير لبيد وبني غانتس وافيغدور ليبرمان ويئير غولان، سيعقدون اليوم مؤتمر صحفي مشترك. المعارض من الخارج الذي حتى الآن يصمت، نفتالي بينيت، شذ أمس عن عادته وقال في فيلم نشره: “يوجد لدينا قيادة هستيرية ومريضة. التغيير في الطريق”. الآن يجب ترجمة الاقوال الى افعال.

——————————————–

هآرتس 6/11/2024

الى أن يأتي ترامب أو هاريس، يتوقع أن تختطف الحكومة الاسرائيلية بقدر استطاعتها

بقلم: تسفي برئيل

الرئيس أو الرئيسة، اللذان سيدخلان بعد شهرين تقريبا الى البيت الابيض لن يقوما بتغيير حقيقة كونية واحدة وهي أنه في دولة اسرائيل ستواصل الحكم نفس العصابة، لكن مسموح لنا الحلم. وهذه مرة اخرى هي نفس الاحلام الثابتة التي فيها اليمين واليسار في اسرائيل على ثقة بأن الواقع آخذ في التغير كليا لصالحهما. ولكن في الطريق الى تحقيقها فانه توجد الآن فترة شهرين تقريبا، التي سيكون فيها الرئيس جو بايدن ما يزال يتولى المنصب، ايران يمكن أن تشن حرب، وغزة تموت من الجوع، المزيد من الجنود سيقتلون كل يوم، والمخطوفون سيموتون في الانفاق، وسكان الشمال سينظرون بألم على البومات الصور لبيوتهم المتروكة والمدمرة، والانقلاب النظامي سيسير خطوة كبيرة نحو النصر المطلق. 

هذان الشهران خطيران بشكل خاص لأن حكومة اسرائيل يتوقع أن تستغلها من اجل أن تختطف وتبتلع بقدر استطاعتها وأن تضع حقائق على الارض وتغير خارطة الاحتلال في غزة وفي لبنان وتستغل كل لحظة سيجلس فيها في البيت الابيض رئيس يعتبر بطة عرجاء. ترامب أو هاريس يمكن أن يقررا حجم الحرب في غزة وفي لبنان ومدتها فقط بعد شهرين. وحتى ذلك الحين الحكومة ستشعر بأنه يجب عليها التوضيح لهما أن الطفرة في اسرائيل التي اصبحت في السنة الماضية وحش منتقم يستمتع بالقتل والتدمير والتفجير والتجويع، لن تستطيع اخضاعها.

محظور الانتظار، حسب اليمين، لأنه حتى لو فاز ترامب فانه لا يجب السماح بسيطرة النشوة. في الواقع مباركة سيطرة اسرائيل في المناطق منحها ترامب في السابق قبل اربع سنوات عندما نشر خطة “سلام للازدهار: حلم لتحسين حياة مواطني اسرائيل وابناء الشعب الفلسطيني” أو بالاسم التجاري “صفقة القرن”، التي تشمل ضمن امور اخرى، الاعتراف بالمستوطنات وضم القدس واجزاء من مناطق ج، وايضا لا تستبعد نقل بلدات عربية لسيطرة السلطة الفلسطينية في اطار تبادل الاراضي. ولكن هذا الحلم تكمن فيه عبوة ناسفة شديدة تهدد حلم المسيحانيين في اسرائيل. وهو الحلم الذي يشمل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، التي هي في الحقيقة ستكون صغيرة وضعيفة ومنزوعة السلاح، ولكنها دولة ذات سيادة. ومشكوك فيه احياء هذه الخطة اذا فاز ترامب، لكن لا ينبغي المخاطرة وانتظار ظهورها، لا سيما اذا فازت كمالا هاريس قد فازت. لأنه بالنسبة لكل اليمين، سواء كان مسيحانيا أو عقلانيا أو معتدلا، عندما يتعلق الامر بحل الدولتين فانه لا يوجد أي فرق بين هاريس وترامب. 

صواريخ من ايران؟ مسيرات من لبنان؟ انبعاث لحماس؟ أي شيء من ذلك لا يساوي التهديد الوجودي الذي يلوح من الآن مثل سيف مسلط على رأس اسرائيل، على شاكلة حل الدولتين، سواء بصيغة ترامب أو بصيغة هاريس. لحسن الحظ أنه بالذات يوجد جواب على هذا السيناريو المخيف يمكن استلاله من الخاصرة. هو يكمن في التطبيق الفوري لـ “خطة الحسم” لبتسلئيل سموتريتش، التي في اساسها توجد رؤية أن “حسم الصراع يعني التصميم الواعي، عمليا وسياسيا، على أن غرب نهر الاردن لا يتسع إلا لتقرير مصير وطني واحد، وهو اليهودي”. 

هذه الجبهة تحتاج الى تسوية على الفور وشرعنة البؤر الاستيطانية وضخ فيها عشرات ملايين الشواقل وتسريع السيطرة على اراضي اخرى وافراغ قرى فلسطينية من سكانها. في موازاة ذلك يجب اعداد شمال القطاع، وبعد ذلك الجنوب، من اجل استيعاب اليهود وابعاد الـ 2.25 مليون فلسطيني بشكل دائم. الحديث لم يعد يدور عن حلم، بل عن استراتيجية تحتاج الى التنفيذ السريع، لأن العدو الامريكي، سواء صاحب الشعر الاشقر أو ذات الضحكة الجميلة، يقف على الباب. عندما تكون هذه هي الاستراتيجية فانه لا يوجد أي مكان للتلويح بـ “استنفاد العملية العسكرية”، أو ضرورة وقف الحرب لاطلاق سراح المخطوفين. ارض اسرائيل الكاملة تنتقل الآن الى مرحلة “النهضة”، ولن يتجرأ أي أحد على الازعاج.

——————————————–

هآرتس 6/11/2024

السكان طردوا والجيش الإسرائيلي يقرر حقائق على الأرض

بقلم: عاموس هرئيلِ

قبل بضع ساعات على فتح صناديق الاقتراع للرئاسة في الولايات المتحدة، أمس تحدث وزير الخارجية الامريكي، انطوني بلينكن، هاتفيا مع وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالنت. في البيان القصير الذي اصدرته وزارة الخارجية الامريكية تم تخصيص فقط جملة واحدة لالتزام الولايات المتحدة بالدفاع عن اسرائيل من الهجوم الذي تهدد به ايران. باقي النص تم تخصيصه للمشكلة التي تشغل جدا في هذه الاثناء الادارة الامريكية في الشرق الاوسط وهي عمليات الجيش الاسرائيلي في شمال القطاع والتشويش على ادخال المساعدات الانسانية اليه.

قبل ثلاثة اسابيع ارسل بلينكن ووزير الدفاع الامريكي لويد اوستن رسالة شديدة اللهجة الى غالنت ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، طلبا فيها من اسرائيل أن تنفذ خلال ثلاثين يوم خطوات لتحسين الوضع الانساني في القطاع. وقد حذرا من أنه سيكون لغياب هذا الوضع تداعيات شديدة على ارساليات السلاح لاسرائيل. بعد ذلك أمر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الجيش الاسرائيلي سرا بالاهتمام بادخال 250 شاحنة مساعدات في اليوم الى القطاع وفقا لطلب امريكا، وهو العدد الذي لا ينجح الجيش الاسرائيلي في تلبيته.

في غضون ذلك اجاز الائتلاف في الكنيست قوانين لاغلاق مكاتب الاونروا، الامر الذي اغضب الادارة الامريكية التاركة. ولكن بلينكن يقلق بالاساس من الوضع على الارض في القطاع. في بيانه جاء أنه حث اسرائيل على اتخاذ خطوات تزيد حجم المساعدات – الغذاء، المياه وما اشبه من الامور الضرورية، للمواطنين في كل ارجاء القطاع. ودعا ايضا الى انهاء الحرب في غزة واطلاق سراح جميع المخطوفين وايجاد مسار يمكن المدنيين في غزة من اعادة بناء حياتهم واعادة اعمار القطاع. المحادثة بين بيلنكن وغالنت جرت بعد شهر تقريبا على بداية العملية بمستوى فرقة للجيش الاسرائيلي في مخيم جباليا في شمال القطاع. وحسب قوله فانه في المعارك في المخيم قتل تقريبا ألف مخرب وتم أسر 700 شخص من السكان المشتبه فيهم بعضويتهم في التنظيمات الفلسطينية. حوالي 55 ألف مدني تم اخلاءهم من المخيم وبقي فيه بضع مئات، الى جانب مجموعات صغيرة من مسلحي حماس. في المدن التي تقع شمال جباليا، بيت حانون وبيت لاهيا، بقي بضعة آلاف من المواطنين. “الاخلاء بالقوة”، قال، كان من اجل حماية السكان. وقد سبق ذلك في البداية محاولة تخويف من قبل حماس التي اطلق رجالها النار على الناس وقتلوا وأصابوا من ارادوا الهرب.

القلق والانتقاد في الولايات المتحدة وفي اوروبا من عملية الجيش الاسرائيلي ثارت ازاء التقارير الواردة من الميدان والتي تشمل القتل الجماعي للمدنيين (في الجيش يقولون إن حماس تضخم الاعداد بشكل متعمد)، الى جانب تدمير البنى التحتية. في الخلفية وقفت ايضا المنشورات الاسرائيلية حول “خطة الجنرالات” التي بلورها ضباط كبار في الاحتياط، والتي دعت الى طرد كل السكان الفلسطينيين بالقوة الى النصف الجنوبي للقطاع، جنوب ممر نتساريم (منطقة ناحل عوز)، التي يسيطر عليها الجيش الاسرائيلي. هؤلاء الضباط طلبوا ايضا عدم ادخال المساعدات الانسانية الى شمال القطاع.

الجيش الاسرائيلي يتنصل من العلاقة مع خطة الجنرالات، التي حصلت على انتقاد دولي، لكن في الواقع هو ينفذ جزء كبير منها. السكان لم ينتقلوا الى جنوب نتساريم، لكنه تم طردهم فعليا من ربع القطاع الشمالي الى جنوب جباليا، وربما حتى الى مخيم الشاطيء الموجود جنوبا اكثر بقليل. هذا النشاط يرافقه تدمير كثيف للبيوت والبنى التحتية من جباليا نحو الشمال، الذي يبدو أن البعض منه غير مرتبط مباشرة بالقتال. هذه التغييرات تقريبا لا يمكن اصلاحها وهي ستحتاج من الفلسطينيين الى سنوات لاصلاحها، هذا اذا تم اصلاحها. هذا هو الانطباع الذي تولد بعد زيارة في الميدان.

اهلا وسهلا بالقادمين الى ايلي عزة

بين كيبوتس نير عام وسدروت وعلى هامش الطريق تحت الجسر الذي يمر عليه القطار يمكن رؤية منشأة وضعت فيها خيام. بنظرة اولى تبدو هذه المنشأة مثل مخيم للكشافة. على مدخل هذا المخيم تم وضع لافتة كبيرة كتب عليها “ايلي عزة”. هذا المكان حظي بالنشر عنه في ويكيبيديا، الذي بحسبه فان الحديث يدور عن “مستوطنة غير قانونية اقيمت قرب كيبوتس ايرز على يد نشطاء من اليمين، الذين يريدون اقامة المستوطنات في قطاع غزة”.

منذ فترة غير بعيدة فكرة العودة الى الاستيطان في غزة كانت فكرة للمتطرفين في اليمين. شباب تلال ضائعين تركوا المزارع المعزولة والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية وجاءوا الى الغلاف للاستفزاز والضغط على المستوى السياسي والعودة لاقامة المستوطنات التي تم اخلاءها في عملية الاستيطان. ولكن ما ظهر قبل سنة كفكرة خيالية لعدد من المتطرفين اصبح في الاشهر الاخيرة بؤرة يحج اليها الحاخامات واعضاء الكنيست ونشطاء من اليمين المتطرف.

على مسافة غير بعيدة عن المخيم توجد ثغرة في الجدار الحدودي الذي تدخل منه قوات الجيش الاسرائيلي الى شمال القطاع. بعد السفر مئات الامتار في اراضي القطاع ظهر أن النشطاء في هذه الخيام قريبين اكثر من تحقيق الحلم مما يعتقد الجمهور الواسع. في العطاطرة وفي بيت لاهيا لم يبق أي بيت يمكن العيش فيه. المنطقة تظهر وكأنه حدثت فيها كارثة طبيعية. بين الانقاض لا يظهر أي من المواطنين، وكجزء من محاولة لطردهم فان الجيش يطلق النار من الرشاشات نحو المنطقة في الليل والى مناطق مفتوحة. المواطنين الذين يريدون العودة لا يمكنهم ذلك لأن الجيش يمنع ذلك. باختصار، لا يهم وبحق الاسم الذي يعطيه الجيش الاسرائيلي للعملية. ولكن الجيش بدأ مرحلة التطهير في شمال القطاع من خلال الاستعداد للاحتفاظ بالمنطقة لفترة طويلة.

على طول الطريق يمكن رؤية شاحنات ومعدات هندسية تعمل على تدمير المباني القريبة من الشوارع. وبدلا منها يتم شق طرق واسعة تستهدف السماح بحركة اكثر أمنا وأكثر سهولة للقوات في المنطقة. العقيد ينيف بروت، قائد لواء كفير، تولى المسؤولية عن منطقة العطاطرة وبيت لاهيا. وهو يقول بأن المهمة التي تحملها هي مواصلة العثور على والمس بالبنية التحتية الارهابية لحماس ونشطائها. وحسب قوله فانه في العملية الاخيرة لم يتم العثور على بنى تحتية تحت الارض أو سلاح ثقيل أو مواقع لانتاج السلاح. القوات الآن تقوم بتمشيط البيوت في محاولة للعثور على مسلحين وسلاح.

الواقع على الارض يدل على أن الجيش الاسرائيلي ينفذ عملية تقسيم لشمال القطاع الى قسمين. في المرحلة الاولى قام الجيش الاسرائيلي بتقسيم كل القطاع الى قسمين في منطقة ناحل عوز. والآن القسم الشمالي في القطاع يقسمه الجيش الى قسمين. لا يسمح للسكان بالعودة الى المناطق التي تم اخلاءها، وحتى في المناطق التي انتهت فيها نشاطات الجيش الاسرائيلي.

لواء “كفير” تم تعزيزه بالكتيبة 71 من اللواء 188، الذي منذ كانون الثاني الماضي يحارب على الحدود مع لبنان. حقيقة أن الجيش الاسرائيلي يقوم بارسال قوات للمشاركة في العملية في الشمال،  خاصة كتيبة دبابات، لصالح السيطرة على المنطقة التي توجد في الجنوب، يمكن أن تشير الى نية المستوى السياسي التوصل الى انهاء القتال في الشمال والاستعداد لتواجد طويل في الجنوب.

المحاكمة ومشكلات اخرى

بشكل عام عمليات الجيش الاسرائيلي تدل على محاولة وضع حقائق على الارض لفترة طويلة. في الجيش كما هو معروف لا يوجد أمر ثابت اكثر من المؤقت. اضافة الى التوتر المتزايد مع المجتمع الدولي فانه يتوقع أكثر أن يزداد التوتر في فترة “البطة العرجاء” للادارة الامريكية، بدون صلة بنتائج الانتخابات، واستمرار العمليات في شمال القطاع يمكن أن ينزل ضربة شديدة بالاتصالات حول عقد الصفقة، الامر الذي سيزيد الخطر على حياة المخطوفين المحتجزين في القطاع، الـ 101 جندي ومدني.

الجيش الاسرائيلي لا يعمل هنا في فضاء فارغ، بل حسب تفاهمات صامتة مع المستوى السياسي. ويتعزز الانطباع بأن نتنياهو يعمل بشكل متعمد لصالح شركائه في اليمين المتطرف. فقد اعلن قبل بضعة اشهر في مقابلة مع القناة 14 بأنه يؤيد اعادة بناء المستوطنات في القطاع، لكن هذا هو كل ما يهم حزب قوة يهودية وحزب الصهيونية الدينية في الحرب، حتى بثمن حياة المخطوفين. وحقيقة أن هذه الاحزاب تستخدم ضغط مشابه من اجل استمرار الحرب في لبنان – التي يبث نتنياهو توقعات متفائلة حول انهائها بعد بضعة اسابيع – تدل على سلم الاولويات الحقيقي لهذه الاحزاب. 

نتنياهو خضع لضغط المستوطنين لأنه حسب رؤيته لا يوجد امامه خيار آخر. وهو يأمل أن التحالف السياسي معه سيساعده في البقاء في الحكم، وفي نفس الوقت تأجيل تقديم شهادته في محاكمته الجنائية التي يتوقع أن تبدأ في بداية الشهر القادم. وبغرض تأجيل التجنيد فقد تم حشد التهديد على حياته ايضا، وهو الامر الذي يحرص على التأكيد عليه منذ اطلق حزب الله طائرة بدون طيار تفجرت على نافذة غرفة النوم في منزله الخاص في قيصاريا في منتصف تشرين الاول الماضي.

اثناء ذلك فان نتنياهو ومكتبه يغرقون في مشكلات اخرى. ومن غير الواضح اذا كانت هذه المشكلات تعرض بشكل مباشر حكمه، لكنها بالتأكيد تزيد التوتر والخوف في اوساط مساعديه ومستشاريه. في التحقيق الذي اجراه الشباك في قضية سرقة المعلومات الاستخبارية السرية من قسم استخبارات الجيش الاسرائيلي واستخدامها لغرض الحملة ضد عائلات المخطوفين، وقد تم حتى الآن اعتقال أحد المتحدثين وهو ايلي فيلدشتاين. وربما سيتم التحقيق مع مساعدين آخرين. اليوم سمح بالنشر أن الشرطة تجري تحقيق يتعلق باحداث حدثت منذ بداية الحرب في مكتبه. في الخلفية يوجد ما نشر في “يديعوت احرونوت” عن شكوى في الشرطة قدمها السكرتير العسكري لنتنياهو في حينه، الجنرال آفي غيل، للاشتباه بمحاولة تغيير محاضر جلسات.

——————————————–

معاريف 6/11/2024

القضية الأمنية موضع التحقيق هي استمرار لخطة الانقلاب

بقلم: افرايم غانور

عصر حكومة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو، “حكم البيبيين” كما يسمى على لسان الكثيرين يعد عن حق احدى الفترات الأهم في تاريخ دولة إسرائيل. حكومة “حكم البيبيين” ستذكر بالسوء، وليس فقط بسبب كارثة 7 أكتوبر والحرب التي لا نرى نهايتها – والتي أوقعت بدولة إسرائيل مئات الضحايا، خراب ودمار في شمال وجنوب الدولة، اقتصاد في حالة انهيار، شعب ممزق ومنقسم واساسا حكومة منقطعة عن الشعب وعن الواقع. 

كما أن هذه حكومة تعمل – في اثناء الحرب وفي أثناء ضائقة قوة بشرية عسيرة في الجيش الإسرائيلي – لاعفاء عشرات الاف الحريديم من الخدمة في الجيش ومن الواجب الوطني الاولي، بالاعيب تثير الاشمئزاز، بعد أن فشلت في محاولتها الأولى لان تحدث هنا انقلابا قضائيا – نظاميا. 

لقد اثبتت هذه الحكومة لنا هذا الأسبوع لماذا يجب أن تختفي عن قيادة الدولة الان وفوريا. هذه حكومة تنبش بقدس اقداس شعبة الاستخبارات من خلال ناطقيها لكشف ونشر وثائق سرية وحساسة من شأنها أن تلحق ضررا بقدرة محافل الامن على تحرير مخطوفين ولكشف مصادر استخبارية سرية وهامة. 

هذه حكومة تدعي، بخلاف موقف محافل الامن، بان الوثائق التي انكشفت بالذات ساعدت في الجهود لاعادة المخطوفين. هذه حكومة هاذية وخطيرة بخاصة حين يدعي رئيسها بان المتهم المركزي في كشف الوثائق الذي عمل في خدمته ليس معروفا له وهو ليس جزءً من قُمرة الناطقين بلسانه وبالطبع لا يعرف عن افعاله، وذلك في الوقت الذي يرى الناس المشبوه يرافق رئيس الوزراء في احداث وأماكن عديدة، يطير معه في الهيليوكبتر إياها الى قواعد الجيش والى ساحات الحرب ويحدث المعلومات للصحافيين. 

من المهم التشديد على أن الحديث يدور على من فشل في التصنيف الأمني للشباك، والذي يلزم كل من يوجد في المحيط القريب لرئيس الوزراء. هذه القضية تمثل المتلازمة التي تميز هذه الحكومة، لعناية متظاهري كابلن وكل من يكافح ضد الانقلاب القضائي – النظامي: هذه الحكومة لم تتوقف للحظة عن التمسك بمهمتها ان تنفذ هنا الانقلاب. بعد فشلها الأول في تمرير الانقلاب في ضربة سيف، استخلصت الدروس وانتقلت الى انقلاب على مراحل على طريقة السلامي، مع ميل كل مرة لتمرير قضاء ما، قرار آخر، من شأنه ان يدفع قدما بالانقلاب.

عندما تنتهي هذه الحرب أخيرا سيشتد الضغط على الحكومة لتعيين لجنة تحقيق تحقق في كارثة 7 أكتوبر وتحقق من وماذا أدى الى هذه الكارثة. هذه الحقيقة تقلق نتنياهو الذي يتبين انه يستعد من خلال منظومة مزيتة من المستشارين والناطقين ممن يعملون منذ زمن بعيد للاستعداد لتلك اللجنة. 

في الوقت الذي يقاتل فيه الجيش ويدمر انفاق حماس في غزة وانفاق حزب الله في جنوب لبنان، رئيس الوزراء نتنياهو “حفر انفاقا” من خلال تلك المنظومة، وصولا الى منظومة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي كي يكون جاهزا ومستعدا كما ينبغي لمواجهة لجنة التحقيق.

——————————————–

يديعوت احرونوت 6/11/2024

هكذا تموت الديمقراطية؛ أقال الدولة

بقلم: ناحوم برنياع

صباح الخير لكم مواطني إسرائيل. يحتمل الا تكونوا تشعرون بذلك، يحتمل أن يكون ما يقال في الاخبار لا يتعلق حاليا بحياتكم، لكنكم تعيشون من هذا الصباح في الديمقراطية السابقة. ظاهرا، يوم عادي: الشمس تشرق، الأطفال يذهبون الى المدرسة، القهوة ساخنة، أزمات السير مثيرة للاعصاب كالمعتاد في الطريق الى العمل.

خطأ جسيم. توجد ديمقراطيات تموت بين ليلة وضحاها، في حمام دماء. ديمقراطيتنا ماتت ببطء، بالتدريج، برقة. الإقالة الثانية لغالنت أسوأ من الإقالة الأولى. في المرة الأولى اقال غالنت لانه حذر من الانطباع الذي يخلقه الانقلاب النظامي لدى اعدائنا. اقيل لانه كان محقا. اما هذه المرة فقد اقيل لان رفضه تسويغ تملص الحريديم من الخدمة ولد تهديدا محتملا على حكم نتنياهو. لقد اصبح بقاء نتنياهو كل شيء. هو أهم من أداء المنظومة العسكرية في ذروة حرب، عشية هجوم إيراني؛ هو اهم من أمن المقاتلين في الجبهة الذين تقف خلفهم حكومة مسؤولة، عاقلة. عندما يكون رئيس الوزراء اهم من الدولة التي يقف على رأسها، نحن في دكتاتورية. راجعوا رومانيا تشاوشسكو، راجعوا هنغاريا اوربان. المؤشرات باتت هنا. 

احدها هو تعيين إسرائيل كاتس وزير دفاع. كاتس هو سياسي قديم، مجرب، يجيد السباحة في مستنقع مركز الليكود. إدارة الحرب ليست الوظيفة التي اعد لها. الجيش يمكنه ربما ان يتدبر أمره بدون وزير دفاع. لكن ماذا سيحصل للاتصالات المركبة مع وزارة الدفاع الامريكية. بافتراض ان كاتس سيجلب الى هناك ذات الحكمة الدبلوماسية التي تسببت له بان يدخل في شقاق مع كل دولة محتملة في منصبه كوزير خارجية، فاننا في مشكلة. 

لكن نتنياهو لا يهمه. كلما كان وزير دفاعه يعرض كغير أهل، كسخيف، كاخفاق، هكذا يكون الطف له. 

غالنت ليس رجلا سهلا. ادعاء نتنياهو بانه لا توجد ثقة بينه وبين غالنت صحيح. لكن لا توجد ثقة أيضا بينه وبين وزير خارجيته الجديد، جدعون ساعر، وهو يتدبر أمره مع هذا على نحو ممتاز. الثقة في السياسة هي بشكل عام انباء ملفقة. امر لا وجود له. امر يظهر في صفحات الرسائل التي تطلقها ابواق الحكم. انظروا رابين وبيرس. انظروا نتنياهو وايتسيك مردخاي، نتنياهو وغانتس. نتنياهو ومعظم وزراء حكومته. لا يهمه انه لا توجد لهم ثقة به طالما لا يهددون استمرار حكمه. كي يشعر بنفسه عظيما هو يحتاجهم صغار.

القوة التي يعطيها القانون لرئيس الوزراء لاقالة الوزراء مبررة تماما. فالحكومة ليست نادي جدال: وزير يعمل بخلاف سياسة الحكومة يجب أن يطير. لكن الكنيست التي أقرت القانون لم تأخذ بالحسبان انه سيقوم ذات مرة في البلاد رئيس وزراء الخوف من فقدان الحكم يفقده صوابه. هو ليس السياسي الأول في العالم الذي انتخب كديمقراطية واصبح دكتاتورا.

القوة مفسدة، قال لورد آكتون. واذا سمح لي ان اضيف، فان القوة أيضا تجعل الناس الحكماء مجانين. “خطر واضح وفوري”، كتبت في ليل غالنت الأول. هذا صحيح بقوة اكبر بالنسبة لليل غالنت الثاني، في منتصف الحرب. 

توجد ربما نقطة واحدة إيجابية في هذا الحدث الصعب: غالنت يمكنه أن يصبح زعيم طيف واسع من الإسرائيليين الذين يقولون ليس اكثر. في المكان الذي لا يوجد فيه شخص ولا توجد فيه معارضة، غالنت كفيل بان يصبح أملا، بديلا. 

——————————————–

هآرتس 6/11/2024

الجيش لا يفعل أي شيء لاجتثاث هذه ظاهرة التحريض الفكري

بقلم: يغيل ليفي

يوجد امامنا احتفال تطهير جديد للقبيلة البيضاء طاهرة اليدين. جنازة جندي الاحتياط شوفال بن نتان، التي دعا فيها شقيقه اوريا الى الانتقام له. ومن اجل أن لا يخلط أي أحد بين اسلوب تدفيع الثمن السائد في الضفة، حرص على التوضيح: “أنت دخلت الى غزة من اجل الانتقام، بأكبر قدر، من النساء والاطفال وكل من تراه، أكبر قدر، هذا ما أردته. بعون الله كل شعب اسرائيل سيقوم بالانتقام الذي أردته. انتقام دموي وليس انتقام احراق البيوت، انتقام الاشجار، انتقام احراق السيارات. الانتقام لدماء عبيدك التي سفكت”.

اصدقاء شوفال في الوحدة سموه “شوفي مشعل الحرائق”، لأنه قام باحراق بيت في غزة “من اجل الاثارة”. وليس عبثا يكتب كتاب الاعمدة بأن هذه الحادثة يجب أن تقض مضاجعنا. من السهل الصدمة من الشقيق اوريا، الذي مظهره هو مظهر أحد فتيان التلال، بعيدا عن صورة “الشاب الجميل والطاهر”. ولكن في نصه لا يوجد أي جديد. 

كم شوفال بن نتان خرجوا للانتقام وقتل الاطفال يوجد في الجيش الاسرائيلي؟، تساءل سبستيان بن دانييل (“هآرتس”، 27/10). حسب رأيي ليس اقل اهمية من ذلك سؤال ما الذي يفعله الجيش لاجتثاث الاساس الفكري الذي ينبت امثال شوفال بن نتان. الجواب واضح ضمنا. عندما كتب دادو بن خليفة، قائد الفرقة 36 لجنوده في بداية الحرب الأمر اليومي الذي تعهد فيه بـ “لينتقم وليفتدي ارضه”، هذا الامر الذي يرتكز على آية في التوراة، والتي يظهر قبلها الآية “لأنه سينتقم لدماء عبيده”، بصعوبة هذا الامر حظي بالنشر.

هل هناك فرق جوهري بين دعوة هذا العميد ودعوة الأخ الثاكل؟ ما الذي فكرت فيه القارئة العادية عندما قرأت نص العميد؟ أن القصد هو الانتقام من رجال حماس أو أن الانتقام يعني قتل الابرياء؟ وماذا كان الرد على دعوة العميد؟ التجاهل وتعيينه في منصب رئيس قسم القوة البشرية. الآن هو الضابط المسؤول عن اجهزة التعليم في الجيش.

يجب عدم الدهشة بعد أن تطورت منذ الاسابيع الاولى للعملية البرية ظاهرة غير مسبوقة لجنود يوثقون بتفاخر في الشبكات الاجتماعية جرائم الحرب التي يقومون بارتكابها. الافعال والقيم تشبه افعال وقيم “شوفي الحارق”. ما الذي فعله الجيش لاجتثاث هذه الظاهرة؟ تقريبا لا شيء. الصلاحية القيادية مشلولة. لذلك، من السهل التأثر برئيس الاركان الذي نزع، لكن بتأخير سنة، شعار “المسيح” عن ذراع الجندي. ايضا الصلاحية القيمية التي كان يجب أن تنعكس في عمل سلاح التعليم ليس فقط تم اسكاتها، بل هي قامت باذكاء اجواء الانتقام مع مجموعة من القصائد.

لماذا شوفي واصدقاءه لا يسيرون مع هذا الجو الحارق؟، توثيق هذه الجرائم هو أمر سهل لأن المنفذين يعلنون عن افعالهم علنا، هذا ما تفعله جهات دولية ويتم ارسالها الى لاهاي. لذلك، ليس من نافل القول التذكير بماضي شوفال في كتيبة نيتسح يهودا، الدفيئة الفكرية لخطاب الثأر وتجسيده حتى قبل فترة طويلة من 7 اكتوبر. اصدقاء شوفال في نيتسح يهودا لن يطلب منهم في المستقبل الخدمة في أطر متنوعة مثل لواء كرميلي. الجيش يقيم من اجلهم كتيبة احتياط في اطار اللواء الجديد، الذي سيضاعف ثلاثة اضعاف نيتسح يهودا كجزء من حملة ارضاء لمن يطالبون بتجنيد الحريديين. 

من السهل الصدمة من عائلة في حالة الحداد أكثر من المطالبة باجراء تعديل اساسي في الجيش.

——————————————–

إسرائيل اليوم 6/11/2024

إسرائيل تقاد من قبل رئيس وزراء يعرض للخطر أمن الدولة

بقلم: يوآف ليمور

اقالة وزير دفاع في منتصف الحرب هي حدث غير مسبوق. حقيقة أن هذا حصل ليس بدوافع مهنية بل انطلاقا من خلطة سياسية هي صفعة رنانة لكل من دفعوا الثمن الرهيب للحرب، وكل من يخدمون الان – في النظامي، في الدائم وفي الاحتياط. هم يعرفون الان اكثر من أي وقت مضى بان ليس أمن الدولة هو الذي يقف امام ناظر من بعث بهم الى ميدان المعركة بل نزوات شخصية وحزبية. 

مثلما هو الحال دوما، عندما يكون بنيامين نتنياهو مطالبا بان يختار بين مصلحة الدولة ومصلحته الشخصية هو يختار نفسه. خط مباشر يمر بين اقالة وزير الدفاع غالنت وبين ترك 101 مخطوفا لمصيرهم في ايدي حماس. هذا الخط يربط بين نقاط أخرى: تملص نتنياهو المتواصل من اخذ المسؤولية عن قصور 7 أكتوبر والهجوم المتزامن واللاذع الذي يخوضه من خلال محيطه وابواقه ضد قيادة جهاز الامن ورؤساء جهاز القضاء.  في نظره كل هؤلاء هم أعداء خطيرون: بعد غالنت سيأتي دور هرتسي هليفي، روني بار وغالي بهرب ميارا الذين يقفون في طريق نتنياهو عديمة الكوابح نحو حكم الفرد. من رأى نفسه بصفة ونستون تشرتشل الحديث يتبين الان كصورة لجوزيف ستالين الذي قطع بمنهاجية رؤوس كبار رجالاته.

التفسير الذي قدمه نتنياهو امس لاقالة غالنت كان بائسا بقدر لا يقل عن الفعل ذاته. فغياب التوافق هو ليس علة للاقالة بل لتجويد طرق العمل. السبب الحقيقي ظاهر للجميع: محاولة نتنياهو لاعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، والتي رفض غالنت المساهمة فيها وعن حق. غالنت كان وزير دفاع مخلصا لامن الدولة، وكذا وزير دفاع مهني وجزيرة استقرار وسواء عقل في داخل المعمعان العظيم. استبداله الان – عندما تكون المعركة تدور في غزة وفي لبنان، وعشية جولة ضربات أخرى مع ايران – هو ليس اقل من سائب. للوزير الجديد سيستغرق وقت طويل الى أن يعرف كيف يميز بين فرقة وكتيبة وبين دبابة ومجنزرة. ثمن التعلم سيدفع بالدم، دماء افضل أبنائنا.

حقيقة أن إسرائيل كاتس ساهم في هذه الخلطة تشهد عليه أيضا. التواضع لم يكن في أي مرة من مزاياه البارزة لكن موافقته على الخطوة تشهد على أنه هو أيضا فقد كل كابح ولجام. اما بالنسبة لجدعون ساعر، الرجل الذي وصف الإقالة السابقة لغالنت السنة الماضية بانها “فعل جنون”، يثبت مرة أخرى بان أنفه يتكيف بسرعة مع كل عفن وان كانت النتانة الحالية التي يشارك فيها الان سيكون صعبا جدا تطهيرها. 

وكل هذا يحصل حين ينكشف صبح مساء المزيد من الشهادات على شبهات خطيرة بمخالفات جنائية في المحيط القريب لنتنياهو. ينبغي الامل في ان يحقق فيها حتى النهاية قبل ان تستكمل مسيرة تطهير الخدمة العامة، لكن حتى ذلك الحين – في إعادة صياغة لاقوال دافيد بن غوريون – فلتعلم كل أم عبرية انها سلمت مصير ابنها في ايدي رئيس وزراء ليس جديرا بذلك. 

——————————————–

هآرتس 6/11/2024 

في الوقت الذي تنشغلون فيه بشوكن، هم ينشغلون في اجراء تطهير عرقي في الكنيست

بقلم: عوزي برعام

يجب عدم الخطأ. ليس أنتم أيها القراء الاعزاء أو عكيفا نوفيك (“هآرتس”، 3/11). لا يوجد هنا طرفان اعلنا الحرب على بعضهما. يوجد طرف واحد اختار تدمير الديمقراطية على مراحل. لذلك فان ادانة اقوال عاموس شوكن في لندن استهدفت حرف الانظار عن الظاهرة الحقيرة التي سميت اضراب وتعرض للخطر اسرائيل. 

من المريح للنظام الفاسد والفاشل التمسك باقوال شوكن، التي أنا لا أتفق معها. ايضا كان يجب على شوكن أن يعرف سياق اقواله في فترة حساسة جدا، حيث جروح 7 اكتوبر واهمال المخطوفين ما زالت مكشوفة وتؤلم كل اسرائيلي. 

لكن اركان البناء لم تهتز كما اهتزت من اقوال شوكن، عندما تم انتخاب مجرم صبياني لادارة شؤون الامن الداخلي في البلاد. لا أحد يقوم باتخاذ أي اجراء ضده عندما يهدد بتدمير مسجد بدون أن يكلف نفسه عناء الاستيضاح اذا كان المصلون فيه يرتبطون اصلا بالعملية التي حدثت بجانبه. ايضا الاركان الاساسية لا تهتز عندما صديقته في القائمة، ليمور سون هار ميلخ، تدافع عن مشاغبين حقيرين، يحرقون البيوت وينكلون بالناس، وتدافع عن قاتل مثير للاشمئزاز. أي عضو كنيست لم يطلب ازالة الحصانة عن عضوة الكنيست التي افعالها تتسبب بالعار لكل هذا المبنى. 

قلائل هم من هاجموا عضو الكنيست اوفير كاتس، الذي اقترح طرد اعضاء الكنيست العرب من الكنيست، إلا اذا وافقوا على أن يكونوا في مجموعة برنامج “الوطنيون” في القناة 14، وكاتس هو الموضوع الاساسي هنا، اكثر من رئيس قوة يهودية، العنصريون بوعي، ويسعون الى الحصول على دعم آراء عنصرية صريحة. في المقابل، كاتس هو رئيس الائتلاف وعضو في الحزب الحاكم، حزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. 

عضو الكنيست كاتس يؤمن في اعماقه بأنه اخترع العجلة وجاء بتجديد ثوري عندما اعلن بأن “قانوني ستتم المصادقة عليه ومن يؤيدون الارهاب سيخرجون أخيرا من كنيست اسرائيل”. ولكن سبقه عضو الكنيست مئير كهانا. كاتس هو بالاجمال تقليد مبتذل، ويبدو أنه “اكثر شرعية”. 

أنا لست على ثقة بأن هذا سيهم عضو الكنيست كاتس، لكن مع ذلك الحديث يدور عن الزعيم الاسطوري لحزبه. في 1980 توجهنا، أنا ورئيس الائتلاف في حينه حاييم كورفو، الى رئيس الحكومة مناحيم بيغن حول نسبة الحسم، واقترحنا رفعها من 1 في المئة الى 1.5 في المئة. طلبنا سماع رأيه. بيغن قام بعد افضليات التعديل المقترح، لكنه فجأة توقف ووجه لنا سؤال: “هل رفع نسبة الحسم لن تضر بتمثيل العرب في الكنيست؟”. نحن اعتقدنا أن هذه احتمالية معقولة. “أنا اعارض أي قانون يضر بتمثيل العرب في الكنيست”، قال بيغن ورفض اقتراح التعديل الذي قمنا بطرحه. 

الليكود مر في طريق طويلة منذ أن قاده شخص يهتم بالمساواة في الحقوق للمواطنين العرب، وحتى أن رئيس ائتلاف الليكود اصبح يطلق عليهم “مؤيدو المخربين”. أي زيادة في الهجرة تهدف فقط الى منع وجود بديل للائتلاف الحالي، الذي هو متطرف ومخادع ايضا، ولا يتوقع الشر الذي سيحل بدولتنا، سواء من الداخل أو من الخارج. 

مؤيد الارهاب في قاموس كاتس هو كل عربي، وبالتأكيد كل مسلم، الذي لم يعلن بأن الصهيونية تتدفق في عروقه وأن أبناء شعبه هم ظالمون بمجرد وجودهم. اقتراح كاتس هو حلقة اخرى في سلسلة مخططة للاضرار بالديمقراطية الاسرائيلية ووسائل الاعلام ومنظومة القضاء بواسطة اجراءات انتخابية تضمن لليمين حكم يهودي “نقي” خالٍ من مشاركة “الاغيار”.

الاساس هو أنه يوجد لديهم عاموس شوكن من اجل حرف الانتباه والتحريض.

——————————————–

هآرتس 6/11/2024

لا يوجد أيّ مبرر عسكري لجرائم الـحـرب الـتـي يـقـتـرحـهـا آيـلـنـد

بقلم: إيال بنفينيستي

يدّعي غيورا آيلند في مقالته التي كتبها تحت عنوان “حصار العدو ليس جريمة حرب”، أن “الحصار يُعتبر تكتيكاً عسكرياً مقبولاً ومصادَقاً عليه، بحسب القانون الدولي”، ويرفض موقف افتتاحية الصحيفة (هآرتس) التي اعتبرت “خطة الجنرالات” خطة إجرامية.

إن خطة آيلند هي فعلاً خطة إجرامية، وتُعتبر جريمة حرب، لأنها تستند إلى حصار سيؤدي إلى تجويع المجتمع المدني، الذي لم يخرج من المنطقة التي فُرض الحصار عليها. هذا التجويع ممنوع، بحسب القانون الدولي، والإخلاء أيضاً، مثلما هو مخطط له، مخالف أيضاً لهذا القانون.

يعترف الجنرال آيلند بأنه ليس خبيراً في القانون الدولي، وعلى الرغم من ذلك فإن هذا لا يمنعه من الإصرار، باستعلاء، على أن خطته قانونية. وهو يستند إلى الدليل العسكري الأميركي، وبحسبه، يقول إنه “خلال تحضير ما يُعرف بخطة الجنرالات، نسخت من الدليل الرسمي لجيش الولايات المتحدة، وتحديداً الفصل الذي يتطرق إلى الحصار”.

يبدو أن الجنرال آيلند لم يقرأ سوى جزء من الفصل في “الدليل” الذي يتطرق إلى الحصار. فلو تعمّق في بحثه لكان سيصل أيضاً إلى الجزء التالي الذي ورد فيه أنه: “يُمنع اتخاذ خطوات عسكرية تهدف إلى تجويع قوات العدو، إذا كان من المتوقع أن تقود إلى ضرر جانبي بالمجتمع المدني، لا يتلاءم مع الإنجازات العسكرية التي من المتوقع تحقيقها”.

إذاً، ما هو الهدف العسكري الذي يبرر تجويع المدنيين حتى الموت؟ بحسب آيلند، الهدف هو تفكيك “حماس” الذي لا يمكن أن يتم من دون احتلال المنطقة. لكن السؤال هو كيف يمكن أن يؤدي احتلال المنطقة إلى منع العمليات العدائية من الأنفاق والأنقاض؟ يذهب جواب آيلند إلى الغيبيات: “إن الشرف والأرض هما القيمتان الوحيدتان اللتان تؤثران في القادة العرب”. ومع كامل الاحترام لهذا التشخيص الاستعلائي، فمن غير الممكن التعامل معه بديلاً لتعريف الهدف العسكري المحدد. ولم يتم تعريف هدف عسكري كهذا، وخاصة مع تصريحات الوزراء الكبار بشأن خطة السيطرة والبقاء الدائم؛ يمكن القول إن هناك تخوفاً من عدم وجود حاجة عسكرية شرعية، بل هناك أهداف سياسية غير شرعية.

لكن، من المهم القول: حتى لو كان هناك هدف سياسي ضروري يبرّر فرض حصار على المدنيين، وأن جزءاً منهم لا دخل له، ففي جميع الأحوال لدى الجيش مسؤوليات تجاه هؤلاء المدنيين لا يجب التهرب منها. الدليل العسكري الأميركي يطالب الذين يخططون للحصار بأن يتخذوا، لدى تطبيقهم الخطة، “اعتبارات حذِرة ممكنة لتقليل الخطر على المدنيين، أو تخفيف العبء عن المدنيين”.

وحسبما نُشر في الإعلام، فإن الاعتبار الحذر الوحيد الذي تتضمنه خطة الجنرالات هو الطلب من المدنيين المسجونين في شمال غزة النزوح عن منازلهم. وهنا تواجه الخطة عائقاً إضافياً، إذ يُمنع، في جميع الأحوال، تفعيل ضغوط على المدنيين للخروج من منازلهم، وإذا طُلب منهم القيام بذلك فيجب أن يكون الدافع سلامتهم: يجب الإعلان مسبقاً أن الخروج مؤقت، وفي أثناء القتال فقط؛ ويجب السماح بحركة حرة من دون التفريق ما بين أفراد العائلة، ويجب أن يجري الإخلاء إلى مناطق تكون محمية، ويتم ضمان سلامتهم، وضمنها الغذاء والماء وظروف النظافة اللائقة والعلاج الطبي الأساسي.

لا تتضمن خطة الجنرالات أيّ شرط من هذه الشروط. فلا يوجد فيها أيّ التزام بشأن إعادة السكان فوراً، بعد انتهاء القتال، وأيضاً تفصل ما بين أفراد العائلة، ولا يوجد أيّ ضمانة من طرف إسرائيل بأن يحصلوا على ظروف حياة أساسية. وطبعاً، لا يوجد في الخطة أيّ استجابة لحالة الأشخاص الذين لا يستطيعون الإخلاء، مثل كبار السن والأطفال وذوي الحاجات الخاصة والمرضى. وبحسب القانون الدولي، يجب توفير الغذاء والحاجات الأساسية لمن يتبقى.

هذه المطالب ليست واردة فقط في الدليل الأميركي الذي يُعتبر “علامة فارقة” في القانون الدولي، بل جرى صوغ هذه المطالب عبر مجموعة من القرارات الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بشأن الحرب في يوغوسلافيا، حين تمت إدانة ضباط بارتكابهم جرائم حرب بسبب خطط إخلاء شبيهة.

وفي هذا السياق، يجب الإشارة إلى أن خطة آيلند لم تحصل على دعم رسمي من الجهات ذات الصلاحية في الجيش ووزارة العدل، وهما المسؤولان عن تقيّد إسرائيل بمطالب القانون الدولي. إن صمتهما صارخ. لكن يمكن أن يُطلب منهما خرق هذا الصمت، كما نتوقع منهما ألّا يكتفيا بعدم المصادقة على الخطة فقط، بل إصدار بيان واضح بأن هذه الخطة لا ينفّذها الجيش، لأنها غير قانونية. هذا البيان مطلوب من أجل خفض التخوف من جرّ الجيش إلى تنفيذ الخطة من دون انتباه.

هذا البيان أيضاً مطلوب لأنه كلما تعمّق تطبيق خطة آيلند، أو تنفيذها، أو مجرد تغلغُلها في المستوى التنفيذي، فإنها ستعزز كثيراً الادعاءات ضد إسرائيل، وضد رئيس الحكومة ووزير الدفاع، في الملفات المعلّقة ضدهم في لاهاي.

——————————————–

معاريف 6/11/2024

الدولة الفلسطينية تفاقم الصراع وتهدّد إسرائيل وجودياً

بقلم: يوسي أحميئير

“أنا فخور بأن أكون ابن الشعب الفلسطيني”، هذا ما قاله عضو الكنيست، أيمن عودة، من على منبر الكنيست، عندما طرح اقتراح قانون بشأن “الاعتراف بالدولة الفلسطينية” على جدول الأعمال، ما أثار غضب العدد القليل من أعضاء الكنيست الذين كانوا حاضرين في القاعة، خصوصاً من حزب “الليكود”. قبل يوم، ومع بدء الدورة الشتوية للكنيست وقف الأعضاء العرب في الكنيست للرد بغضب على اقتراح القانون الذي طرحه عضو الكنيست، يولي إدلشتاين، بشأن قطع علاقة إسرائيل بـ”الأونروا”، وهاجموا الاقتراح والدولة، ودعوا إلى إقامة دولة فلسطينية.

هذا الظهور “الاستفزازي” لأعضاء الكنيست من العرب، الذين انضم إليهم عوفر كسيف، يزيد من حدة السؤال: ماذا يفعل أعضاء كنيست عرب في الكنيست الإسرائيلي؟ لم نرَهم في الجلسة الاحتفالية التي ألقى خلالها رئيس الحكومة ورئيس المعارضة ورئيس الدولة خطابات. هم يأتون يوم الأربعاء إلى الجلسة العامة، يوم تُطرح المقترحات على جدول الأعمال، ويقومون بتسخين الساحة.

فيمَ يفكر عودة ورفاقه؟ هل يفكر في أن الكنيست سيؤيد اقتراح القانون، بينما تعارض الأغلبية فيه قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية بشدة؟ ألم تثبت تجربتنا مع “دولة غزة”، بصورة لا تقبل الشك، أن أيّ سيادة أجنبية على “أرض إسرائيل” تعرّض الدولة اليهودية الواحدة للخطر؟

أكثر من ذلك، لقد اتضح أن أعضاء الكنيست من العرب هم ممثلون للسلطة الفلسطينية في الكنيست، الأمر الذي يثير حيرة النواب الإسرائيليين وجزء كبير من جمهور ناخبيهم. يسجَّل لمصلحة الجمهور العربي في إسرائيل أنه حافظ، عموماً، على ضبط النفس. وظواهر قليلة لمحاولات “إرهابية” برزت وسط هذا الجمهور من طرف أفراد جرى تحريضهم. والمواطنون العرب في إسرائيل ليسوا بمنأى عن الإصابة بالصواريخ من لبنان.

ومع ذلك، يزداد الاستغراب؛ لأن نوابهم يزدادون “تطرفاً”، وتزداد تصريحاتهم حدةً من جلسة عامة للكنيست إلى جلسة. ووجودهم تحت علم إسرائيل لا يدفعهم إلى إدانة “جرائم الإرهاب”، وهم يستخدمون كلمات قاسية ضد الدولة، ويستفيدون بصورة كاملة من الديمقراطية الإسرائيلية “البريئة”. ما من أحد منهم (ربما فقط منصور عباس) يقول كلاماً معتدلاً، ويدرك فعلاً في أيّ دولة يعيش، دولة عرضة للهجوم من كل اتجاه.

هناك أشخاص من اليسار يؤيدون الحل “الوهمي” لإقامة دولة فلسطينية الذي يتمثل في “دولتين لشعبين”، والسلام في الشرق الأوسط، وبعضهم يحنّ إلى رئيسَي الحكومة بيغن وشامير، وينسى إلى أيّ حدّ كانا معارضَين لفكرة الدولة الفلسطينية وحارباها.

ليس لأن هذه الدولة تعرّض جوهر وجود إسرائيل والسلام في الشرق الأوسط للخطر، بل لأنها، بحسب حلم أبو مازن ورفاقه في رام الله، يجب أن تقوم في “الوطن التاريخي” للشعب اليهودي، وفي القدس الشرقية. ويكفي أن نقرأ وثائق السلطة الفلسطينية وكلام رئيسها لكي نفهم أن هذه الدولة التي ستقوم “فقط” ضمن حدود سنة 1967، هدفها أن تكون نقطة انطلاق لمواصلة “الإرهاب” ضد المواطنين الإسرائيليين، وصولاً إلى القضاء على دولة إسرائيل.

نحن نقترب من القضاء على “حماس” في غزة، وعلى “حزب الله” في لبنان، بثمن باهظ جداً مع سقوط أفضل أبنائنا، لكن العدو كلما تلقى الضربات شعر بأنه منتصر. والدليل على ذلك ازدياد الكلام في واشنطن وعندنا أيضاً عن الحاجة إلى قيام دولة فلسطينية. إن قيام مثل هذا الكيان سيشكل إنجازاً كبيراً لـ”حماس” وبداية تحقيق الرؤيا الإسلامية “من النهر إلى البحر”. وبعد 7 تشرين الأول تحديداً، كان يجب أن تزداد المعارضة لدينا لقيام مثل هذه الدولة.

ازدادت الكراهية الكبيرة لإسرائيل واليهود وسط المسلمين المتشددين، خصوصاً الشيعة. وهي تحمل لهجة معادية للسامية واضحة ومدعومة من المتظاهرين في الغرب. بالنسبة إلينا، لا يقتصر الموضوع على أمن إسرائيل فقط، بل يشكل خطراً وجودياً. وهذا يتعلق، قبل كل شيء، بالارتباط التاريخي للشعب اليهودي بوطنه. من الجيد أنه يوجد لدينا شخص مثل ديفيد فريدمان، الذي يذكر الكثير من الحقائق في كتابه “دولة يهودية واحدة”، ومن المؤسف أن صوته يُسمع أقلّ من صوت عاموس شوكين [مدير عام “هآرتس” الذي أثار ضجة كبيرة في محاضرة له في لندن عن الفلسطينيين بوصفه لهم بأنهم مقاتلون من أجل الحرية]، والذي يبرر لـ”المقاتلين الفلسطينيين من أجل الحرية” الذين يلحقون بنا الخراب.

يعرف العرب الفلسطينيون من خلال دعايتهم الناجعة كيف يغذّون “حقهم” ويخترعون “التاريخ” منذ أيام الكنعانيين، ويتحدثون عن “نهب الأرض على يد الحركة الصهيونية”، وهم يقنعون حتى كامالا هاريس، التي الويل لنا إذا جرى انتخابها. في المقابل، فإن تاريخنا يزيد على 3000 عام، والمحفوظ في الكتب لا يجري استيعابه جيداً لدى شبابنا. يتحدثون عن الأمن فقط، وينسون الحقوق والتراث.

إن “حلّ الدولتين” لا يشكل حلاً، ولن ينهي النزاع، بل سيُفاقمه. وأعضاء الكنيست من العرب، الذين ينتهكون قسَم الولاء للدولة بصورة صارخة، يدركون ذلك جيداً.

——————————————–

هآرتس 6/11/2024

أهوال “الآخرة” في شمال القطاع.. وإسرائيل: ليموتوا مرضاً.. جوعاً.. قتلاً وتشريداً

بقلم: أسرة التحرير

الجمهور في إسرائيل ملزم بتوجيه نظره مباشرة إلى ما تنفذ دولته باسمه في شمال قطاع غزة. في بداية أكتوبر، أعلن الجيش الإسرائيلي عن عملة عسكرية هناك، ومنذ أكثر من شهر يفرض حصاراً خانقاً على المنطقة حول مدن جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا. “حصار داخل حصار داخل حصار”، كما وصفه مصدر في الأمم المتحدة. هي منطقة لا يسمح الجيش الإسرائيلي فيها لأحد أن يدخلها – ولا حتى منظمات الإغاثة الدولية. طُلب من سكان شمال القطاع الانتقال جنوباً، بروح “خطة الجنرالات” لصاحبها لواء احتياط غيورا آيلند، رغم أن إسرائيل تنفي تنفذها من ناحية رسمية. الفكرة العامة “للخطة” هذه هي إخلاء السكان، والإعلان عن منطقة عسكرية مغلقة، وخلق معادلة يعدّ من يبقى فيها مخرباً، وحكمه الموت.

السكان الذين يخشون من عدم السماح لهم بالعودة، قرروا البقاء، وآخرون لا يمكنهم أن يخرجوا من المنطقة. قبل بضعة أيام، نشرت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة تحذيراً جاء فيه أن الوضع هناك “الآخرة”: كل الفلسطينيين الذين في شمال قطاع غزة علقوا في خطر حقيقي ليموتوا مرضاً وجوعاً وعنفاً”.

الجيش يحظر دخول شاحنات الإغاثة الإنسانية، ولم يعط الإذن إلا لسيارات الإسعاف حتى تنقل مصابين بأمراض صعبة إلى المستشفى في مدينة غزة. وطلب الجيش الإسرائيلي من هيئات النجدة المدنية مغادرة المنطقة أيضاً.

ينبغي أن يضاف للطرد الجماعي والتجويع والمس بالمستشفيات وبالكارثة الإنسانية، المس غير المتوازن بالمدنيين. الجمهور في إسرائيل يكاد لا يطلع على هذه الأحداث، بل ولا يكترث بهم مطلقاً. قبل نحو أسبوعين، هاجم الجيش الإسرائيلي مبنى في بيت لاهيا وقتل 94 شخصاً، حسب وزارة الصحة في غزة. وذلك لأنه نصب استحكام مراقبة لحماس على سطح المبنى، وساعد في تفعيل عبوة ناسفة قتلت أربعة جنود قبل يومين من ذلك. في إسرائيل يكاد لا يكون هناك نقاش في مسألة إذا كان هناك مبرر عملياتي لقتل مكثف كهذا.

عملياً، تنطوي الحرب على تجاهل للقانون الدولي. وكأنه لا يوجد مدنيون في غزة، ولا أطفال ولا نتائج للأفعال. شهوة الثأر وجدت تعبيرها بعد 7 أكتوبر في قتال وحشي وعديم الآثار، يخرق أحكام الحرب بفظاظة، بل وأخطر من ذلك – يصم الدولة بوصمة أخلاقية لأجيال إلى الأمام.

فضلاً عن ذلك، فإن تدمير البيوت والبنى التحتية شمالي القطاع واستعداد الجيش للاستيلاء على الأرض من خلال شق محاور وإقامة بنى تحتية، إنما يدل على أن في نيته البقاء هناك تمهيداً لضم فعلي وإقامة مستوطنات حسب نموذج الضفة.

على إسرائيل هجر خطة الجنرالات ووقف الكارثة الإنسانية. حان الوقت للسعي بصدق للتوقيع على صفقة مخطوفين ووقف الحرب.

——————انتهت النشرة——————