إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادرعن المكتب الصافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 2/12/2024

نسبة القتلى الإسرائيليين إلى الفلسطينيين غير مقبولة علمياً أو أخلاقياً

بقلم: داني اورباخ ويغيل هنكين

المشاورات الأمنية التي أجراها أول أمس رئيس الوزراء ووزير الدفاع وكبار قادة الجيش في قيادة المنطقة الجنوبية تبشر بالانتهاء القريب من المرحلة الأكثر كثافةً في الحرب في قطاع غزة. قريباً سيعلن عن انتهاء العملية في رفح. الاتجاه آخذ في الظهور من الآن فصاعداً – تخفيض للقوات في القطاع، الانتقال إلى أسلوب الاقتحامات والانقضاض على أهداف حماس هناك، إرسال وحدات إلى الحدود الشمالية. السؤال الرئيسي هو كيف سيتم تغليف العملية برواية تقنع الجمهور أن الحكومة والجيش الاسرائيلي حققوا جزءاً كبيراً من أهداف الحرب، رغم أن حماس لم تهزم تماما، والمخطوفين لم تتم اعادتهم حتى الآن. الجيش الاسرائيلي سيواصل الاحتفاظ بقوات في ممر نتساريم، الذي يقسم القطاع إلى قسمين، شمال وجنوب. أيضاً أحد النقاشات حول محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، يتعلق بمسألة أي جزء من المحور يجب مواصلة الاحتفاظ به. في الوقت الحالي يبدو أنه لن يكون هناك انسحاب من معبر رفح بسبب صعوبة التوصل الى اتفاق مع المصريين. في وسائل الإعلام الاسرائيلية نُشرت تقديرات للجيش الاسرائيلي حول 40 نفق تم حفرها تحت الحدود، وقد تم الكشف عن نصفها تقريباً. والحقيقة هي أن الاستخبارات لم تعرف على وجه اليقين الرقم، وبالتأكيد لا يعرف عدد الأنفاق التي لم يتم اكتشافها حتى الآن.

اسرائيل تعتبر محور فيلادلفيا انبوب الأوكسجين لحماس والذي فيه وفي  معبر رفح تم تهريب خلال عشرين سنة السلاح والبضائع الى القطاع. وهي تريد أن تصل الى تفاهمات مع مصر حول طبيعة السيطرة على هذا المحور وإخلائه في مرحلة لاحقة، كما أن هناك مسألة أكثر اهمية من مسألة العائق المادي الذي يجب بناؤه ضد حفر أنفاق أخرى وهي: ما هي وسائل الكشف (الحساسات التي سيتم تركيبها بالقرب منه). من المهم لاسرائيل أن تكون هذه حساسات من إنتاجها بحيث ترسل معلومات للجيش الاسرائيلي وللشباك، وهكذا ستضمن إعطاء إنذار في حالة حفر أنفاق أخرى.

الرسالة التي يريد نقلها كل من يوآف غالنت ورئيس الأركان هرتسي هليفي هي أن الهجوم الواسع في رفح يشير إلى تفكيك الذراع العسكري لحماس في إطاره الحالي. آخر الكتائب القطرية لهذه المنظمة تم إخراجها من الخدمة. حماس ما زلت نشطة، ولكنها تفعل ذلك في إطار جديد من خلايا إرهابية وعصابية جديدة، والتي حجم الضرر الذي يمكن أن تتسبب به صغير، وتقريباً بدون سلسلة قيادة وسيطرة. ورغم أنه أطلق أمس تقريبا عشرين صاروخ من خايونس نحو مستوطنات غلاف غزة، إلا أن تهديد إطلاق النار نحو النقب ومركز البلاد تقلص كثيراً.

ستكون حاجة الى مواصلة محاربة حماس، لكن هذا سيتم في إطار ” قص العشب” المعروف من الضفة الغربية – اقتحامات متكررة لأهداف للمنظمة، اعتقال مخربين ونقلهم الى الشباك من اجل التحقيق معهم. ولكن المشكلة هي انه توجد هنا رسالة معقدة، يصعب استيعابها من ناحية الجمهور وخاصة إزاء الاهداف الطموحة التي طرحت في بداية الحرب. اضافة الى ذلك نتنياهو لم يتنازل كليا حتى الآن عن وعده بالنصر المطلق والقريب، الامر الذي لا يتساوق مع مقاربة غالنت – هليفي.

منذ أسبوع تقريبا يعمل الجيش الاسرائيلي في حي الشجاعية في شرق مدينة غزة. هذه المنطقة جرت فيها معارك صعبة منذ تشرين الثاني – شباط في عمليتين مختلفتين. اللواء 7 الذي يعمل هناك يتحدث عن قتال ضد عشرات الخلايا بالصواريخ المضادة للدروع التابعة لحماس. وهذا يدل على قدرة إعادة تأهيل سريعة لحماس أو حقيقة أن ما فعله الجيش الاسرائيلي في العمليتين السابقتين هناك لم يكن كاملاً، خلافاً لما فهمه الجمهور وبعض وسائل الإعلام. قبل الدخول الجديد للشجاعية جرى نقاش في قيادة المنطقة الجنوبية: كان هناك ضباط استصعبوا فهم طبيعة المهمة الملقاة عليهم الآن.

نصر غير حاسم

هنالك أيضاً موضوع رفح نفسها. نتنياهو أصر على العملية في رفح، رغم المعارضة الشديدة لإدارة بايدن، بالأساس لأسباب سياسية داخلية. الجناح اليميني المتطرف في حكومته ضغط عليه كي يرسل قوات الجيش الاسرائيلي لاحتلال المدينة، وحول نقاشاً تكتيكياً مهنياً الى اختبار للشجاعة. في ظل قيود التسليح التي فرضها الامريكيون وعقبات أخرى تقرر القيام بعملية مقلصة (وهو أمر لم يتم شرحه علنا). لقد شن العملية بواسطة جزء من فرقة واحدة بدلاً من فرقتين. وعملياً، المدينة لم يتم احتلالها بالكامل في أي وقت من الأوقات. في نصف مساحتها كان هنالك تواجد جزئي للجيش الاسرائيلي. حقيقة أن كل المدنيين الفلسطينيين هربوا من رفح عندما بدأت العملية، وقرار حماس الاحتفاظ بجزء من المسلحين كقوة احتياط خارج المدينة، قلصت الاحتكاك العسكري هناك.

معظم خسائر الجيش الاسرائيلي نبعت من هجمات من بعيد، التي وُجهت نحو نقاط ضعيفة. والدة أحد الجنود الذين قتلوا في رفح الأسبوع الماضي قالت بأنها سمعت ابنها عندما أصيب بنار قناص فلسطيني عندما كان يتحدث معها عبر الهاتف المحمول. للأسف الشديد، الكارثة تدل على وجود مشكلة في الانضباط العملياتي – استخدام الهواتف المحمولة داخل منطقة قتال وفي مكان مكشوف لنيران العدو. 

يوجد معياران رئيسيان يجب قياسهما بشأن هزيمة العدو في قتال كهذا: احتلال وتطهير الأرض وقتل المسلحين. الاحتلال في رفح كان كما قلنا جزئياً فقط، والجيش الاسرائيلي يسارع إلى إخلاء جزء مما تم احتلاله. بخصوص القتلى، يبدو أن الانجاز محدود، في نهاية الأسبوع الماضي قدروا في قيادة المنطقة الجنوبية أنه في كل كتيبة من كتائب حماس الاربعة قتل 70- 230 مخرب من بين الألف مخرب. الارقام ارتفعت منذ ذلك الحين ولكنها لا تصل إلى نصف القوة المحاربة، وهذا الرقم من شأنه ان يشير إلى هزيمة. الصعوبة تنبع أيضاً من قرار محسوب لحماس بتقليص الاحتكاك من أجل تقليل المصابين. 

يجب عدم الاستخفاف بالجهد الذي بذل في رفح ولكن يصعب التحرك بناء على الشك بأننا شاهدنا هنا مشهداً مفبركاً والذي نبع الذهاب إليه أيضاً من ضغوطات سياسية، أيضاً بعد انسحاب جزئي من المدينة، سيحلق سؤال، هل يوجد هنا انتصار حاسم على حماس. يبدو أن التأييد لحماس في أوساط سكان قطاع غزة بقي عاليا. حماس ما زالت تحافظ على قدرات تنظيمية وسلطوية، ولا زالت تحتفظ بجزء لا بأس به من قدراتها العسكرية، ربما هذا ما يمكن تحقيقه الآن في ظل قيود الوضع الإقليمي، ولكن يجدر قول هذا للجمهور بصورة واضحة ومباشرة.

 فشل ذريع

على هامش الأمور جرى أمس فشل ذريع آخر يعتبر نموذجياً لأيام نتنياهو الحالية، في قضية إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء في غزة، والذي كان معتقلاً في اسرائيل لمدة سبعة اشهر. مهرج الامن القومي ايتمار بن غفير، تبادل الاتهامات أمس مع كل العالم، وحتى أنه طالب بإقالة رئيس الشباك رونين بار بعد أن تبين بأن المدير محمود أبو سلمية اطلق سراحه بسبب اكتظاظ المكان في السجون.

عن النقاش الاعلامي الصاخب غاب تماماً سؤال هل كان هناك ما يكفي من الأدلة لاعتقاله، باستثناء الشبهة الاسرائيلية العامة بشأن تعاون إدارة مستشفى الشفاء مع الذراع العسكري لحماس، والذي استخدم هذه المنشأة لأغراض عسكرية، وهذا يضع ادعاءات اسرائيل حول تورط إدارة مستشفى الشفاء بالإرهاب، بعد قصف المستشفى في كانون الأول الماضي، في ضوء غير جدي.

عمليا، بن غفير، الذي هو غير قادر أن يدير بصورة جدية أي شيء، باستثناء عملية الإفساد والتطرف للشرطة ومصلحة السجون – هو المسؤول الرئيسي عن الحدث. على الرغم من أن مكتبه ومصلحة السجون تلقت أموال ضخمة منذ تشرين الاول لتمويل احتجاز آلاف المعتقلين الأمنيين الآخرين، فإنهم فشلوا في هذا تماماً، في السجون هنالك اكتظاظ كبير وبموازاة ذلك تطورت مشكلة شديدة في مجال القضاء الدولي إزاء احتجاز معتقلين في ظروف فظيعة في منشأة الاعتقال في سديه تيمان.

الشباك حذر عدة مرات من أنه بسبب الضغوط لن يكون هنالك مناص من إطلاق سراح معتقلين ومن عدم تنفيذ اعتقالات أخرى في الضفة الغربية، في عمل وزارته ركز بن غفير على ما يشغله حقاً: تصريحات عبثية، تقييدات تافهة بشأن ظروف معيشة المعتقلين والسجناء، وتوزيع السلاح على كل من يريد (إذا حكمنا حسب الاستطلاعات فإن هذه الصيغة تخدمه جيداً. فلماذا يكلف نفسه عناء العمل؟). ما كشف هنا هو عجز مطلق لحكومة فاشلة في وقت فيه المستويات المختلفة تتشاجر بشكل علني فيما بينها.

——————————————–

هآرتس 2/12/2024 

نتنياهو وهليفي: القادة الأكثر فشلًا في تاريخ إسرائيل

بقلم: اسحق بريك

 لم يشهد الشعب اليهودي في تاريخه زعيمًا موّل أعداءه (حماس) بمئات ملايين الدولارات القطرية كما فعل بنيامين نتنياهو.

لم يشهد الشعب اليهودي زعيمًا كان مسؤولًا بشكل شخصي عن كارثة كبيرة مثل ما حدث في 7 أكتوبر.

لم يشهد الشعب اليهودي زعيمًا أهمل 101 مخطوف مرتين: مرة عندما سمح باختطافهم من بيوتهم، ومرة أخرى عندما منع، بقراراته الخاطئة، تحريرهم من أنفاق حماس، وكل ذلك بسبب مصالحه الضيقة للحفاظ على حكومته ومنصبه.

لم يكن في تاريخ إسرائيل رئيس وزراء أهمل بهذا الشكل اعداد الدولة للحرب. فطوال سنوات حكمه كان “السيد أمن” ينشغل بالملف النووي الإيراني (دون تحقيق أي نجاح فيه)، ولم يُظهر أي اهتمام بالجيش وقدراته التقليدية، مما أدى إلى تدهور وضع الجيش الإسرائيلي الى الاسوأ.

لا أعرف أي رئيس حكومة أو رئيس دولة في العالم لم يعقد اجتماعات حكومية أو لجان وزارية لبحث السياسة الأمنية والاستراتيجية أو رسم تصورات أمنية مستقبلية للدولة في مواجهة تهديدات متزايدة.

رئيس الوزراء عندنا ينشغل دائمًا بإطفاء الحرائق السياسية، وفي العام الماضي لم يهتم إلا بالسياسة الصغيرة للتهرب من المسؤولية عن الفشل الاكبر في تاريخ إسرائيل.

بنيامين نتنياهو سمح بتقليص كبير على ميزانية الجيش، وخلق فجوات كبيرة في مخزون الذخيرة، وأهمل اعداد الجيش للحرب طوال سنوات حكمه. والآن هو يقوم بدعم الاقتحامات المتكررة لقطاع غزة والتي تؤدي إلى المزيد من القتلى والمصابين في صفوف قوات الجيش الاسرائيلي.

لا يوجد في الأفق أي مؤشر على إسقاط حماس أو تغيير نظامها، والوقت ليس في صالحنا.

في سلاح البر يعاني الجيش الإسرائيلي من إرهاق كبير بين جنود الاحتياط والقوات النظامية. الكثير من الجنود لم يعودوا يرغبون في القتال بعد مرور سنة على العمليات المتواصلة بدون استبدال. وقد فقدوا الثقة برئيس الوزراء والقيادة السياسية ورئيس الأركان.

مؤخرًا صرّح نتنياهو في اجتماع سري في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بأن: “حماس تريد صفقة تنهي الحرب وتسحب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وهذا لن أوافق عليه بأي حال من الأحوال”.

رئيس الوزراء يقود إسرائيل نحو الهاوية، وصورته ستبقى محفورة في الذاكرة كشخص دمر دولة اليهود وأنهك روح الشعب.

أما رئيس الأركان هرتسي هليفي، فقد كان المنفذ لسياسات نتنياهو طوال فترة القتال. لذلك فانه سيدخل التاريخ كواحد من أسوأ رؤساء الأركان في تاريخ إسرائيل. فخلال قيادته شهد الجيش الفشل الذريع في 7 اكتوبر 2023 الذي حل بمستوطنات غلاف غزة .

ليس هذا فقط، بل هو ايضا يواصل المس بالقيم الاساسية لقائد الجيش: هو لا يقدم مثالا نموذجيا شخصيا، ولا يتحمل المسؤولية، ويقوم بترقية اصدقائه وشركائه، ويُسرح الذين لم يكونوا مشاركين في الفشل. الاوائل الذين تتم ترقيتهم هم اصدقاؤه ذوي القبعات الحمراء، الذين يواصلون تعزيز مكانة هذه الزمرة. اضافة الى ذلك ليفي يقوم بتعيين مقربيه والذين كان لهم دور في الفشل. وهكذا يظهر لنا انه فقد المعايير والقيم الاساسية التي تربى عليها اجيال من الجنود. اذا كان الامر كذلك فكيف نستغرب من أن القادة والجنود في الجيش الاسرائيلي قد فقدوا ثقتهم برئيس الاركان؟.

هليفي يذر الرماد في عيون الجمهور بمساعدة المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي والمراسلين والمحللين العسكريين الذين فقدوا كرامتهم ويقومون بخيانة وظيفتهم. هليفي لا يتمسك بمواقفه امام نتنياهو وامام وزير الدفاع بل يحاول ارضاء سادته لكي يتيحوا له مواصلة توليه منصب رئيس الاركان. ليس واضحا كم يسعى هليفي لكي يطرح امام وزير الدفاع وامام رئيس الحكومة الوضع الصعب الذي يعيشه الجنود النظاميون وجنود الاحتياط بعد سنة من حرب بدون هدنة – الى درجة انه في بعض الحظائر التي تضم 30 مقاتلا بقي فقط 6 جنود، وفي الفصيل الذي يضم 70 جندي بقي 20 – 30 جندي فقط.

اثناء فترة توليه لرئاسة الاركان تحطم الانضباط العسكري. في حين وقف هليفي مكتوف الايدي دون ان يفعل شيئا لكي يوقف انهيار الانضباط العسكري في الجيش، والنتيجة هي مأساة فظيعة.كما أنه لم يهتم بوقف القادة الذين تجاوزوا التعليمات.

نتنياهو وهليفي يقودان حربًا بدون رؤية أو هدف واضح. ليس لديهما أي رؤية استراتيجية، أمنية أو سياسية للمستقبل. وكل ما يهمهما هو البقاء في السلطة. ومن أجل مصلحة الشعب الإسرائيلي فانه يجب عليهما الاستقالة فورًا عن منصبيهما.

——————————————–

هآرتس 2/12/2024

فقط اتفاق سياسي مع لبنان هو الذي سيضمن الاستقرار الدائم في الشمال

بقلم: يغيل ليفي

مشكوك فيه اذا كانت حرب لبنان الثالثة قد ساهمت في تعزيز أمن اسرائيل، في ظل الفراغ الحكومي الذي نشأ في جنوب لبنان. مهم مثلا رؤية ماذا سيكون رد سكان الجنوب الشيعة الذين سيعودون الى القرى المدمرة. هل سينجحون في كبح مشاعر غريزة الانتقام أو ترجمتها الى المس بجيرانهم اليهود؟ من المرجح ايضا أن يجد حزب الله طريقة لزيادة قوته مرة اخرى، حتى لو لم يكن ذلك بالشكل الذي توقعته اسرائيل. الاعداء يختفون فقط عن طريق السياسة.

لكن عدم اليقين لا يعفي الحكومة من قول الحقيقة للجمهور. يوجد امام اسرائيل ثلاثة اساليب عمل بديلة. الاول، الذي يبرزه المتحدثون بلسان الحكومة، هو تطبيق وقف اطلاق النار بشكل حثيث لمنع تهريب السلاح لحزب الله، واستئناف تواجده في جنوب نهر الليطاني. يجب التعامل مع ذلك بجدية. النغمة البارزة في الخطاب الاسرائيلي بعد 7 اكتوبر هي عدم ضبط النفس. بنيامين نتنياهو يتم انتقاده من الوسط – يسار بسبب ضبط النفس قبل الحرب، مثلما يتم انتقاده بسبب موافقته على وقف الحرب في لبنان بدون تكريس الجهود على الهدف الجديد الذي يتمثل بتصفية حزب الله. لذلك، من المرجح الافتراض بأن أي عملية لحزب الله يتم تفسيرها كخرق ستتطلب الرد بالقوة الى أن يتم جعل حزب الله يستأنف اطلاق النار. اذا كان هذا هو السيناريو المتوقع فانه يجب على الحكومة الوقوف امام سكان الشمال والشرح لهم بنزاهة بأن حياتهم حكم عليها أن تكون مثل حياة سكان غلاف غزة في السابق. يجب الافتراض أن السكان الفقراء سيفضلون العودة الى بيوتهم، وسيكون هناك من سيطالبون باعادة التوطن في الوسط.

البديل الثاني هو أنه بالتدريج سيتشكل من جديد نظام للردع المتبادل. وهو النظام الذي تطور منذ انسحاب اسرائيل في العام 2000، ومكن منذ ذلك الحين من ازدهار الشمال. هذا النظام تم الحفاظ عليه بالاساس في يد حزب الله رغم اعداده للهجوم، وبقي رغم خطأ حزب الله في صيف 2006 عندما قام باختطاف الجنود الاسرائيليين، وهو الخطأ الذي اشعل حرب لبنان الثانية. هذا السيناريو لم يكن ليتحقق لو أنه كانت توجد حكومة اكثر مسؤولية. ايضا الجولة الحالية كان يمكن انهاءها بدون تدمير الشمال ومئات القتلى، لو أن اسرائيل عرفت فقط كيف تنهي الحرب في قطاع غزة في الوقت المناسب، في الوقت الذي كان فيه حزب الله يخشى توسيع القتال.

نظام الردع المتبادل يحتاج الى استيعاب الخروقات غير الجوهرية، واستبعاد أي تفكير بالحرب الوقائية عندما ستتعزز مرة اخرى قوة حزب الله. هذا النظام يحسب دائما ثمن الرد: جر سكان الشمال الى جولة قتال اخرى، التي ستعرض للخطر الذين نجحوا في اعادة ترميم انفسهم، التي بالتدريج ستصل الى تل ابيب. ولكن مجرد معرفة أن اسرائيل القوية خائفة يثير الآن المعارضة في اوساط معظم الجمهور اليهودي في اسرائيل.

البديل الثالث يقول بأن اسرائيل ستعمل على تسوية الخلافات مع لبنان، ربما حتى في اطار اتفاق اقليمي واسع، وهكذا سيتم تسريع اندماج حزب الله في النظام السيدسي الجديد في لبنان. هذا السلوك مناقض للعقلية الاسرائيلية بعد 7 اكتوبر، وايضا العقلية التي سبقتها. حيث أنه في نهاية المطاف اسرائيل ساهمت في تقويض سياسة لبنان حتى منذ السبعينيات، لكن يبدو أن هذا البديل هو الذي سيضمن الاستقرار الدائم.

على أي حال، لقد حان الوقت لقول الحقيقة للجمهور، حتى لو كانت بضاعة غير مطلوبة في الوقت الحالي.

——————————————–

إسرائيل اليوم 2/12/2024

ما فوتناه في حرب لبنان

بقلم: ايال زيسر

حرب لبنان الثالثة انتهت، بفرض الا تستأنف مع دخول دونالد ترامب الى البيت الأبيض في نهاية كانون الثاني 2025. في حينه ستنتهي المرحلة الأولى، مرحلة الاختبار، في تنفيذ اتفاق التسوية بين لبنان وإسرائيل. في الوقت الذي يحتفل فيه حزب الله في لبنان بانتصاره كما شرح زعيمه، نعيم قاسم: نجونا من محاولة تصفيتنا ولهذا فاننا نحن الذين انتصرنا”، في إسرائيل الإحساس هو إحساس امتعاض حتى اكثر مما في نهاية حرب لبنان الثانية، التي دخلنا اليها دون معلومات استخبارية نوعية عن حزب الله وكذا دون حماية من الصواريخ التي اطلقها نحونا، ودون أن نؤمن بقدرة القوات البرية على التصدي له. كل هذا اجبر إسرائيل في حينه على الانثناء والاكتفاء بقرار 1701، “قرار مثقب” كان واضحا أن حزب الله لن يلتزم به.

اما هذه المرة فقد كانت نقطة البدء مختلفة، ومع ذلك نحن ننهي المعركة باحساس من التفويت. يحتمل الا يكون هناك خيار آخر، لكن ينبغي الامل الا يكون لاحد منا أوهام بانه يوجد “لبنان آخر”، وان الحكومة او الجيش اللبناني سيرغبان ان يستطيعان “ترويض” حزب الله او ان يلتزم اليونيفيل وامثاله الذين فشلوا في مهمتهم على مدى العقدين الأخيرين به هذه المرة.

من الأفضل لنا ألا نتنبأ بما سيكون في المستقبل، بل ان نحاول أن نفهم لماذا فوتنا الفرصة التي وقعت في أيدينا لهزيمة حزب الله.

بداية حملة “سهام الشمال” (في الجيش حتى لم يسموها حربا) في أيلول 2024، ونهايتها أيضا – جاءتا على نحو مفاجيء وكانتا نتيجة لكثير من الاحداث على طول الحدود او في الساحة الحزبية والسياسية في إسرائيل. لهذا السبب دخل الجيش الى المعركة مع هدف حد ادنى – إعادة سكان الشمال الى بيوتهم، ومن هنا أيضا مع خطة حد ادنى، عديمة المخاطر في ظل الخوف الشمال الذي ساد في حينه من حزب الله. أساس المعركة كان احتكاكا محدودا مع حزب الله على طول الحدود وتوجيه ضربة واقية لقدراته.

غير أنه من اللحظة التي تبين فيها ان الخوف من حزب الله كان مبالغا فيه، وبعد أن تبددت توقعات الرعب عن قدرته على اطلاق الاف الصواريخ كل يوم، على شل الحياة في إسرائيل والتسبب بالاف القتلى كان ينبغي تغيير اهداف الحرب وسياقها.

يدور الحديث أولا وقبل كل شيء عن الحاجة لجباية ثمن باهظ من المنظمة ومن الدولة اللبنانية، التي تتعاون معها وتمنحها رعاية، بشكل يغير عمودها الفقري، ينزع منها قدرات ويخلق ردعا لسنوات طويلة الى الامام.

غير ان إسرائيل امتنعت عن مهاجمة الدولة اللبنانية ومؤسساتها بسبب ضغط امريكي او لانه يوجد لدينا من يتحلى بالاوهام بانه يوجد لبنان آخر. كان ينبغي فقط ان نتذكر بان الأصوات الصادرة عن لبنان وكأن اللبنانيين كلهم ضد حزب الله ليست سوى عرضا عابثا إذ ان هؤلاء لم يعملوا ولن يتجرأوا على العمل ضده.

لا يدور الحديث عن ضرب البنى التحتية الحيوية في لبنان، الامر الذي كان سيثير انتقادا في واشنطن بل عن ضرب البنى التحتية ورموز الدولة وكذا الجيش اللبناني، المتعاون مع حزب الله، في معاقل المنظمة في الجنوب وفي اللبقاع اللبناني.

إسرائيل تقريبا لم تمس بالذراع السياسي والاجتماعي للمنظمة، وفي مؤسساتها وفي مشاريعها الاقتصادية. لماذا فقط عشية الإعلان عن وقف النار تذكرنا تنفيذ هجوم “نهاية” ضد عشرين هدفا في قلب الضاحية، ولم نهاجم بقوة مشابهة بل وبقوة اكبر على طول الأشهر الأخيرة. وأخيرا، من اللحظة التي تبين فيها ان مخربي حزب الله لا يشكلون تهديدا على مقاتلي الجيش، كان يمكن بل وينبغي تعميق المناورة البرية الى قلب حزب الله في جنوب لبنان.

يحتمل انه كانت للمستوى السياسي أسباب وجيهة للموافقة على وقف نار مع حزب الله ومنحه بذلك حبل نجاة. لكن لا يزال صعبا الفهم كيف ان حرب الوجود التي خرجنا اليها في اعقاب 7 أكتوبر تحولت في الساحة اللبنانية الى حملة عسكرية محدودة ومقصقصة. لا يتبقى الا الامل في أنه مع نشوب حرب لبنان الرابعة، التي بدأ العد التنازلي لها الأسبوع الماضي، سنتبارك ليس فقط بمقاتلين رائعين ومعلومات استخبارية فائقة بل وأيضا بمسيرة أكثر جدارة من التخطيط واتخاذ القرارات.

——————————————–

هآرتس 2/12/2024

في خضم الحرب، موشيه يعلون نجح في اسماع صوت عقلاني 

يجب الاستماع اليه

بقلم: شيرين فلاح صعب

موشيه (بوغي) يعلون، وزير الدفاع ورئيس الاركان السابق قال في مقابلة مع يوسي اهريش في “السبت الثقافي” في تلفزيون “ديمقراط وميناء يافا”، “هم يجرونا الى تطهير عرقي في القطاع”. وحسب قوله فانهم “يجرونا الى الاحتلال والضم والتطهير العرقي. انظروا الى شمال القطاع، ترانسفير، اطلقوا على ذلك ما تريدون. الاستيطان واقامة مستوطنات يهودية هو الموضوع… لا يوجد بيت لاهيا أو بيت حانون، هم يعملون الآن في جباليا. في الحقيقة هم يطهرون المنطقة من العرب”.

يعلون لا يقول أي شيء جديد لمن يتابع التقارير من قطاع غزة. العمليات العسكرية الكثيفة في الاشهر الاخيرة، مثلما تمت تغطيتها في “هآرتس”، تشرح عملية التطهير المنهجية التي جرت بمساعدة القتل، التجويع وطرد السكان المدنيين الذين بقوا في شمال القطاع.

لو أن يعلون كان عضوا عربيا سابقا في الكنيست أو مطربة أو ممثلة عربية، فبالتأكيد كنا سنسمع ادانة لاقواله من كل الطيف السياسي، اليسار واليمين. في الشبكات الاجتماعية كانوا سيكتبون “كيف يتجرأون على القول بأنه يحدث في غزة تطهير عرقي؟”. وكانوا سيقومون بنفي هذه الاقوال. “هذه هراءات وكلام فارغ. هؤلاء الوقحون يجب أن يقولوا شكرا لأنهم يعيشون في اسرائيل”، هكذا كان سيغرد العنصري المناوب.

لكن يعلون ليس عربيا أو يساريا، وهو لا يمثل أي تنظيم يساري. هو جزء لا يتجزأ من التيار العام في اسرائيل الذي يتحرك نحو اليمين كل يوم. وقد خدم في منصب رفيع في المشروع العسكري. هو يقول هذه الاقوال لأنه يرى ويعرف الى أين تقود حكومة الدمار دولة اسرائيل، برعاية ماكنة سم غنية وملاحقة سياسية لكل مواطن يتجرأ على رفع صوته وقول شيئا مختلفا. لو أن منصور عباس قال “إنهم يقومون بتطهير المنطقة من العرب، وأن هذا ترانسفير وتطهير عرقي”، لكنا على الفور سنجد اسرائيليين يسمونه “مؤيد للارهاب”.

يوجد ليعلون اكثر من امتياز لقول الحقيقة حول ما يحدث في القطاع، وأخيرا هو استخدم هذا الامتياز. بعد العاصفة التي اثارها يعلون بسبب تعبير “التطهير العرقي”.  وقد قال في مقابلة مع آريه غولان في “هنا شبكة ب”، في هيئة البث: “أنا أتمسك بهذا التعبير. أنا أتحدث باسم قادة يعملون في شمال القطاع، الذين توجهوا لي وهم يخافون مما يحدث هناك. يعرضون حياتهم للخطر ويضعونهم في معضلة اخلاقية، وفي نهاية المطاف هؤلاء سيكونون مكشوفين امام دعاوى في المحكمة الدولية في لاهاي. أنا فقط قمت بوضع مرآة. سموتريتش يتفاخر بأنه توجد امامنا فرصة للتخلص من نصف مليون شخص من السكان. ماذا يسمى ذلك؟”. وقال ايضا “يجب علي التحذير مما يحدث هنا وما يقومون باخفائه عنا. في نهاية المطاف هم يرتكبون هنا جرائم حرب”.

بالتأكيد هنا سيقف المعارض الأبدي ويقول “حماس هي التي بدأت” أو “ليقوموا باعادة المخطوفين” أو “نحن فقدنا التعاطف مع الغزيين”. لا تنقص الحجج للاستماع الى يعلون أو معارضته. في الحقيقة حماس بدأت هجوم فظيع ووحشي في غلاف غزة، ولكن بعد 400 يوم واكثر التي فيها الوضع الانساني في القطاع يتفاقم كل يوم والسكان المدنيون في القطاع يعانون والمخطوفون يموتون في الأسر، بعد كل ذلك فقد حان الوقت للاستماع الى الاسرائيلي الاخير الذي هو مستعد لقول الحقيقة بشكل علني.

رغم أن يعلون يتمسك برؤية عسكرية، ومعظم قلقه هو من المحاكمة الدولية وليس معاناة سكان غزة اليومية، إلا أنه ينجح في وضع مرآة واثارة نقاش عام. لو أنه كان عشرة اشخاص مثل موشيه يعلون، لديهم الشجاعة الكافية للصراخ والقول مرة تلو الاخرى الامور التي لا تتجرأ وسائل الاعلام الاسرائيلية الجبانة على قوله لجمهور المشاهدين، لكان الوضع سيكون مختلفا، وربما كنا وقعنا على الصفقة.

بعد مرور خمسين سنة المؤرخون سيحققون في هذه الجرائم، وسيحاولون العثور وفهم ما حدث وسيذكرون اقوال يعلون. بالتأكيد هم سيقتبسونه وسيقولون بأنه حذر ورأى. الغفوة الاخلاقية التي يعيش فيها الاسرائيليون غير معقولة، ومن خلالها نجح يعلون في اسماع صوت عقلاني بين آلاف اصوات الانتقام التي تنفي حدوث تطهير عرقي في غزة. يجب الاستماع اليه.

——————————————–

إسرائيل اليوم 2/12/2024

الرهان الخطير للثوار

بقلم: يهودا بلنجا

أفادت وسائل الاعلام في اليومين الأخيرين بهجوم قامت به قوات الثوار في شمال سوريا تحت اسم: حملة “ردع العدوان”. مركز القتال هو في مدن حلب، ادلب وحماة، ومن هنا نزلت القوات جنوبا باتجاه مدينة حمص. ومن جنوب سوريا أيضا جاءت تقارير عن هجمات قام بها الثوار على مواقع وقواعد لجيش الأسد في منطقة درعا وسويدا أيضا.

ظاهرا يبدو أن الثوار يحاولون استغلال الضربة التي وجهتها إسرائيل في لبنان على معسكر المقاومة – ايران، سوريا وحزب الله – بهدف تحقيق مكاسب إقليمية وربما تغيير ميزان القوى في سوريا. وهذا على ما يبدو بدعم من الجارة الكريهة تركيا التي في كانون الأول 2018 اجتاحت سوريا في اطار حملة “غصن الزيتون” واحتلت منطقة فاصلة على الحدود التركية السورية على مقربة من مركز الثوار الأخير في سوريا – محافظة ادلب.

من هم أولئك الثوار؟ فضلا عن انه يستحوذهم هدف واحد – اسقاط نظام الأسد – فانهم بعيدون عن وضع جدول اعمال موحد لـ “اليوم التالي”. عمليا، هذه هي المشكلة المركزية لمعسكر الثوار باطيافه السياسية والدينية. فعلى مدى 13 سنة من الحرب الاهلية لم يعملوا ابدا كجسم موحد يعرض خطة مرتبة وشرعية لكل معارضي النظام في سوريا.

هكذا هو الوضع اليوم أيضا. أولئك الذين شنوا الهجوم المفاجيء في شمال سوريا ينتمون أساسا لهيئة تحرير الشام المتفرعة عن القاعدة ومنظمة احرار الشام التي تشكل اطارا ائتلافية لبضع منظمات إسلامية متطرفة. المفاجيء هو ان من يتعاون معهم هو “جيش سوريا الحر” الذي يمثل التيار القومي – العلماني في الحرب ويشكل ذراعا عسكريا لـ “الائتلاف الوطني السوري” الجناح السياسي للمعارضة السورية المعترف بها من الغرب. وعليه، فانه ترتسم امامنا صورة وضع مشوشة، بانعدام وحدتها بالذات تعمل في صالح الأسد.

النظام السوري ليس في خطر

ومع ذلك فان النظام السوري لا يوجد حاليا في خطر. حتى في السنوات الصعبة للاسد، حين كان نحو ثلثي الدولة في ايدي جماعات الثوار المختلفة، بما فيها داعش، لم ينكسر. فالمساعدة التي تلقاها من ايران، حزب الله وروسيا، الى جانب الانقسام آنف الذكر في المعارضة، ساعدته على البقاء. كما أن تمسكه بـ “سوريا المجدية” – المناطق الهامة في الدولة، من دمشق جنوبا، على طول القاطع الخارجي حتى الشمال – ساهم ضمن أمور أخرى في نجاحه العسكري إذ ان معظم السكان السوريين يسكنون في هذه المناطق ويخضعون لحكمه.

هكذا بحيث أنه في نهاية الامر يوجد هنا رهان خطير من جانب الثوار – محاولة أخيرة لاسقاط نظام الكفر العلوي للاسد، مع العلم أنه بمساعدة الإيرانيين، سيفعل كل شيء كي يصد ويصفي مراكز الثورة.

على خلفية الأهمية الزائدة التي توليها ايران وروسيا بكون الأسد حاكم الدولة، معقول الافتراض بحذر بانهم في غضون وقت قصير سيجمعون القوى وفي جهد مركز سيردون الحرب لاجل صد الثوار، إعادة احتلال المناطق التي خسروها وتصفية مراكز الثورة الأخيرة، مرة واحدة والى الابد.

*خبير في شؤون سوريا وحزب الله، دائرة دراسة الشرق الأوسط في جامعة بار ايلان

 ——————————————–

يديعوت احرونوت 2/12/2024

متى تنتهي حرب الدفاع ويبدأ مشروع استعماري

بقلم: عيناب شيف

حبكات موشيه بوغي يعلون، ماضغ عرب محترف ووزير دفاع الجرف الصامد لبطل الساعة لدى المعجبين بالنائب عوفر كسيف، هي مادة لكوميديا سياسية ناجحة: جنرال قديم مع جنون عظمة يفقد مكانته عقب مشعل نار اذكى منه. ومنذئذ مستعد لان يصرخ بان في الخارج يسود الليل حتى حين تكون الساعة العاشرة صباحا. لكن ما يثير الضحك اقل هو صرخات النجدة وكأن اقوال يعلون عن “التطهير العرقي” في غزة جاءت كالبرق في يوم صاف ولا يدور الحديث عن أماني لبعض من الوزراء الكبار ممن يمسكوا بعضهم بالحكم من مكان حساس له.

لقد ظهر هذا الإحساس منذ بداية الحرب، حين خرجت إسرائيل وعن حق للدفاع عن حدودها بعد المذبحة الأكثر رعبا التي ترتكب باليهود منذ المحرقة. في وثيقة وضعتها وزارة الاستخبارات (رحمها الله) ونشر عنها في “كلكليست” في نهاية أكتوبر 2023، أوصيَ بان “تعمل إسرائيل على اخلاء السكان المدنيين (في غزة) الى سيناء”، حيث تقام “مدن خيام” في المرحلة الأولى وبعد ذلك “مدن في المنطقة المأهولة من جديد”. في ظل الصدمة، الهزة والغضب، وكذا بسبب حقيقة أن “وزارة الاستخبارات” كانت بدعة حتى في حياتها، لم يحظَ النشر باهتمام زائد. في أكتوبر الماضي انهت غيلا جمليئيل، التي وقفت في حينه على رأس وزارة الاستخبارات اغلاق دائرة وأعلنت في القناة 12 بانه ينبغي جباية “ثمن إقليمي” من غزة على 7 أكتوبر.

جمليئيل نفسها اقل أهمية من سمكة مغلفة بصحيفة، لكنها جزء من ميل. فقد انقضت سنة ونيف منذ أن دخلت إسرائيل الى غزة، وفي هذه الاثناء يقع امران دراماتيكيان: الأول هو ان الجيش الإسرائيلي بالفعل يخلي السكان المدنيين في شمال القطاع، يفرض حصارا في المنطقة وينفذ اعمال تموضع في الجبهة (بناء بنى تحتية، شق طرق وما شابه)؛ والثاني هو ان الاخيلة في اليمين للسيطرة على شمال القطاع وإقامة مستوطنات هناك تنال الزخم. تتلقى المزيد فالمزيد من التعابير العلنية، وبالمقابل لا تستجاب برفض جارف من رئيس الوزراء. اليوم، وفقا للاعمال الكبرى التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في شمال القطاع والطريق المسدود في المفاوضات لوقف النار وإعادة المخطوفين والمخطوفات، فان إسرائيل اقرب الى تحقيق الوثيقة إياها منها الى اتفاق يسمح للسكان الفلسطينيين من رجال ونساء العودة الى بيوتهم. كيف قال عميت سيغال، الذي يعرف بضعة أناس هامين حين تحدث عن “تفريغ القطاع”؟ “هذا مجرد المشروع التجريبي والمقدمة”.

وها هو، الأسبوع الماضي فقط، مثلا، اعلن وزير المالية بانه “يمكن ويجب احتلال غزة” و “يمكن خلق وضع تكون فيه غزة بعد سنتين اقل من نصف سكانها الحاليين”. وزير الإسكان امسك بالنظارة واعلن بان “الاستيطان هو الرد على المذبحة” (ملاحظة جانبية: اذا كان الجنرال غولدكنوف يبدي اهتماما منذ الان، فان تجنيد الحريديم أيضا يمكن ان يكون جوابا على المذبحة). الوزير ايتمار بن غفير، الذي من ناحيته حياة المخطوفين والمخطوفات تشبه قشرة ثوم عفنة بالنسبة لحلم الترحيل، قال امس انه “يعمل بكد مع رئيس الوزراء كي يدفع قدما بـ “تشجيع الهجرة” من غزة” وأضاف بان بنيامين نتنياهو “يبدي انفتاحا معينا للموضوع”. ماذا يفكر نتنياهو؟ وبالفعل اذا كان يعقوب بردوغو لا يسأل فانه لا يجيب. المرة الوحيدة التي تناول فيها بصوته مسألة الاستيطان في القطاع كانت قبل نصف سنة، وعندها أيضا قال ان “هذا غير واقعي”. ما هذا “غير واقعي”؟ إذن دانييلا فايس ستعمل على أن يكون هذا واقعيا. فهي حقا جيدة في هذا.

وعليه، فانه حتى لو كان يعلون متهكما ومثيرا للشفقة، فان الربط بين حكم متطرف وافعال على الأرض بالتأكيد يستوجب بحثا واسعا، معمقا وثاقبا في مسألة “متى تنتهي حرب الدفاع ويبدأ مشروع استعماري؟ مهما كان الجواب، فان شيئا واحدا فقط لا يمكن ان يقال “لم نعرف”.

——————————————–

معاريف 2/12/2024

انهيار “النظرية” في سورية أيضاً

بقلم: يارون فريدمان

ليس صدفة أن تأتي الأحداث التي تجري في شمال غربي سورية بعد التوصل إلى تسوية بين إسرائيل ولبنان. وها هو كابوس النظام السوري يتحقق؛ فقبل أيام اقتحمت قوات المعارضة السورية مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في سورية بعد دمشق، ووصلت إلى قلب المدينة. فوجئ الجيش السوري، بينما كانت الردات الروسية متأخرة وغير كافية، واختفت الميليشيات الشيعية عن الأنظار.

نتيجةً للحرب مع إسرائيل اضطر “حزب الله” إلى سحب قواته إلى لبنان، وإهمال الساحة السورية. وقد أدى “حزب الله”، منذ الحرب الأهلية في سورية، دوراً مهماً في القتال البرّي؛ فقبل عقد من الزمن شهدت الحرب الأهلية انشقاقات جماعية في صفوف الجيش السوري، إذ انضم العديد من الجنود السنة إلى صفوف المعارضة، وقامت الميليشيات الشيعية التي أرسلتها إيران إلى سورية بسد هذا الفراغ، وساهمت في بقاء النظام.

تراجع الدعم الروسي

منذ بداية الحرب في أوكرانيا، انشغل الجيش الروسي بالساحة الأوروبية، وقلص اهتمامه بسورية، ونتيجة لذلك انخفضت مشاركة القاعدتين العسكريتين الروسيتين (القاعدة البحرية في طرطوس، وقاعدة القوات الجوية في اللاذقية) في الحرب شمال سورية ضد المعارضة.

إن الافتراض الخاطئ الذي تبنّاه النظام السوري، الذي يقضي بأن الحرب قد انتهت بانتصاره، أدى إلى تنفيذ إصلاحات في الجيش، تمثلت في تحويله إلى جيش من المتطوعين وإلغاء الخدمة الإلزامية. فإذا ما أضفنا إلى ذلك انخفاض الحوافز للانضمام إلى الجيش وضعف رواتب جنوده، نجد أنه عشية هجوم المعارضة في اتجاه حلب، كان هناك تراجُع كبير في عدد الجنود في صفوف الجيش السوري.

إهمال إدلب – الافتراض الخاطئ

هناك افتراض آخر خاطئ أدى إلى الأزمة الحالية، ويرتبط هذا الافتراض باعتقاد أن محافظة إدلب، المعقل الأخير للمعارضة منذ الحرب الأهلية، لم تعد تشكّل تهديداً للنظام. لقد أنهى الرئيس بشار الأسد الحرب سنة 2017 وهو يسيطر على نحو 70% من أراضي البلد، وفي المقابل، أسس الأكراد في الشمال منطقة حكم ذاتي على 20% من مساحة سورية، بينما سيطرت تركيا على آلاف الكيلومترات، وأقامت منطقة عازلة بحجة مواجهة “الإرهاب الكردي”، وهكذا بقيت محافظة إدلب تحت سيطرة المعارضة، والتي تتألف معظمها من تنظيمات سلفية جهادية. وقد اكتفى جيش الأسد بحرب استنزاف محدودة عبر قصف إدلب، بينما امتنعت الميليشيات الإيرانية من الحسم العسكري، ربما لتبرير استمرار وجودها المكثف في سورية. كان الافتراض السائد هو أن المعارضة في إدلب ضعيفة ومنقسمة وغير قادرة على الانتقال من وضعية الدفاع إلى الهجوم.

وتحد محافظة إدلب تركيا، التي تشكل شريان حياة المعارضة، ويبدو أن الهجوم الحالي تم الإعداد له جيداً مسبقاً، على الأرجح في أثناء متابعة تركيا للتطورات في لبنان. ويشكّل هذا الهجوم انتهاكاً صارخاً لاتفاقات الآستانة 2020 بين تركيا وروسيا. في بداية آب، أوضح الرئيس بشار الأسد في مقابلة تلفزيونية أن تركيا هي التي تصنع الإرهاب في سورية، فأنقرة، منذ ما يقارب العقد، تقدم دعمها إلى المعارضة في إدلب، بتمويلها وتسليحها.

وتسعى تركيا، من جهتها، لتعزيز هيمنتها على الشمال السوري، وقد استغلت الحرب الأهلية قبل نحو عقد للاستيلاء على عشرات الكيلومترات من المناطق؛ كالحسكة، وعفرين، وشمال حلب. ومن الجدير بالذكر أن هذه هي تركيا نفسها التي سمحت قبل عقد للمتطوعين من تنظيمَي “داعش” و”جبهة النصرة” بالعبور من أراضيها إلى سورية. لقد رفض النظام السوري حتى الآن عقد محادثات مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ما لم يسحب الأخير قواته من سورية.

هوية المتمردين والخطر

تشكل هوية المتمردين مصدر قلق لجميع الأطراف المنخرطة في الحرب السورية؛ فمن مجموعات المعارضة التي توحدت استعداداً للهجوم عبر غرفة عمليات مشتركة، تبرز “هيئة تحرير الشام” (مجلس تحرير سورية) التي تُعد امتداداً جديداً لـ”جبهة النصرة”، وهي فرع من تنظيم “القاعدة” في سورية، ولا يزال زعيمها أبو محمد الجولاني أحد كبار قادة “القاعدة”.

ويطلق المقاتلون على أنفسهم اسم المجاهدين، ومعظمهم يظهرون بذقون ويرتدون عصبات على جباههم، ويرفعون رايات سوداء مكتوباً عليها عبارة الشهادة. هذه هي الصورة النمطية للتيار السلفي الجهادي الذي كان يميز “داعش” و”جبهة النصرة” قبل عقد. وهكذا، يمكننا الافتراض أن أول ضحايا التطورات في سورية سيكونون من الأقليات.

سيكون العلويون، الأقلية الحاكمة التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد وكبار قادة الجيش، أول الضحايا، ثم يليهم في دائرة الخطر المسيحيون، ثم الشيعة، ثم الإسماعيليون، وبقية الأقليات. وفي المقابل، سارع الأكراد، الذين يديرون منطقة حكم ذاتي في الشمال، إلى السيطرة على الضواحي الكردية شرق مدينة حلب لمنْع سقوطها في أيدي الإسلاميين. أمّا القريتان الشيعيتان الوحيدتان في المنطقة، وهما كفر نُبُل والزهراء، اللتان سيطرت عليهما المعارضة، فتواجهان الآن خطراً كبيراً.

إمكانية انفصال الجنوب السوري

تراجعت سيطرة النظام في جنوب سورية كثيراً في السنوات الأخيرة، وهو ما يفتح المجال أمام بعض المجموعات لاستغلال الوضع والانفصال عن سلطة النظام. وبدأ الدروز في محافظة السويداء، الذين كانوا موالين للنظام حتى الحرب الأهلية، في السنوات الأخيرة بتنظيم تظاهرات ضده، كتعبير عن رفض الشباب التجند في الجيش، وإهمال النظام لمناطقهم. وعلى الرغم من غضب الدروز من النظام، فإنهم الآن أكثر قلقاً من صعود المعارضة الإسلامية التي ستمثل تهديداً لهم بلا شك.

أمّا في محافظة درعا ذات الأغلبية السنية، والقريبة من الحدود مع إسرائيل والأردن، فإن العديد من المسؤولين المحليين ليسوا موالين للنظام في دمشق؛ بعضهم كان جزءاً من المعارضة خلال الحرب الأهلية، وتحولوا لاحقاً إلى مرتزقة برعاية روسية. في الوقت الحالي ربما يدير هؤلاء ظهورهم للنظام إذا شعروا بضعفه، وينضمون إلى المعارضة.

من الزاوية الإسرائيلية

ستستفيد إسرائيل بلا شك من ضعف الوجود الإيراني في سورية، وهو ما سيؤدي إلى تقليص إمدادات الأسلحة الإيرانية لـ”حزب الله” في لبنان، كما أن الولايات المتحدة ستستفيد إذا ما اضطرت روسيا إلى مغادرة سورية. ومع ذلك، يجب علينا أن نأخذ في اعتباراتنا بدائل الوضع القائم.

من المهم الإشارة إلى أن الإسلاميين، الذين يقودون المعارضة، يتبنّون أيديولوجيا دولة شريعة سنية متشددة، ويمكن أن يؤدي انتصارهم، كما حدث قبل عقد، إلى تدفق الجهاديين من جميع أنحاء العالم إلى سورية. فهل نحن راغبون في ظهور نسخة جديدة من “الدولة الإسلامية” على حدودنا؟

إن النظام السوري الحالي هو عدو قديم ومألوف، وقد حافظ على هدوء جبهة الجولان على مدار خمسين عاماً.

خريطة سورية جديدة

تحاول المعارضة حسم الموقف عبر حرب خاطفة، إذ تمكنت من السيطرة على محافظتين، ومطارات، ومحاور استراتيجية رئيسية، وهي تتقدم الآن جنوباً في اتجاه مدينة حماة. لقد تأخر صد تقدُم قوات المعارضة في شمال سورية، وهذا يعود إلى المباغتة التي أصابت الجيش السوري. ولكي يُتاح الوقت لقوات الأسد لإعادة تنظيم صفوفها، من المتوقع أن تركز الطائرات الروسية في الأيام المقبلة ضرباتها الجوية على كل من حلب وإدلب، وهو ما سيؤدي بلا شك إلى دمار واسع، وسقوط العديد من القتلى، وموجات نزوح جديدة.

وتنقسم سورية حالياً إلى 3 مناطق سيطرة رئيسية: الحكم الذاتي الكردي في الشمال الشرقي تحت حماية محدودة من الولايات المتحدة، ومناطق المعارضة تحت رعاية تركيا في الشمال الغربي (إدلب – حلب، وربما قريباً حماة)، ومناطق سيطرة الأسد تحت رعاية روسيا في الجنوب والوسط (اللاذقية – حمص – حماة – دمشق).

ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة موجة من الميليشيات الشيعية التي ستسعى للوصول إلى سورية من الحدود العراقية (دير الزور) لدعم بقاء النظام، وملء الفراغ الذي خلفه انسحاب “حزب الله”. وهكذا، باختصار، بتنا أمام جولة ثانية من الحرب الأهلية السورية التي اندلعت قبل عقد. والسؤال المطروح هو: هل ستكون النتائج هذه المرة مختلفة مع ضعف المحور الإيراني؟

——————————————–

يارون إبراهام: المقابلة العاصفة التي أجريتها هذا المساء مع بوغي يعالون، والتي بدأت تثير ردود فعل، متاحة الآن على N12

بوغي يعالون يرفض الاعتذار – بعد أن أثار جدلًا: اليوم الجيش الإسرائيلي ليس الجيش الأكثر أخلاقية في العالم

بعد تصريحه بأن الجيش الإسرائيلي يرتكب تطهيرًا عرقيًا في غزة، وزير الدفاع ورئيس الأركان السابق يصر على موقفه: ما قلته دقيق بالنسبة لما يحدث على الأرض

عن أداء قيادة الجيش خلال الحرب: يجب التأكد من أن أفعاله لا تتجاوز الضرورات العملياتية، كما تطرق إلى أوامر الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية: سموتريتش وبن غفير؟ كنت سأصدر أوامر اعتقال ضدهما منذ زمن بعيد

وزير الدفاع وعضو الكنيست السابق بوغي يعالون أجرى مقابلة مساء اليوم (الأحد) مع برنامج “النشرة المركزية”، بعد أن صرّح بأن الجيش الإسرائيلي يرتكب تطهيرًا عرقيًا في غزة ورفض الاعتذار قال يعالون:

أعتقد أن ما قلته دقيق بالنسبة لما يحدث على الأرض. لقد وضعت مرآة أمام العديد من تصريحات الوزراء وأعضاء الكنيست في الحكومة الذين يتحدثون عن أن غزة ستكون ‘خالية من العرب’ وأضاف يعالون: لا أتحدث عن عمليات قتل جماعي. أعرف تعريفًا آخر – إخلاء السكان من منازلهم وتدميرها، كما يحدث في بيت حانون وبيت لاهيا.

وأكد أن تصريحه لم يكن موجهًا ضد الجيش الإسرائيلي، بل ضد السياسيين:

“إنهم يدفعون الجيش لتنفيذ ما يُعرّف على أنه جرائم حرب. نحن بالفعل هناك. المستوى السياسي يقوم بإخلاء السكان من شمال القطاع ويُعدّ نواة للاستيطان.

يعالون يعلق على أوامر الاعتقال الدولية

تحدث يعالون أيضًا عن أمر الاعتقال الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس الوزراء: أمر الاعتقال بحق نتنياهو ليس بسببي. هل هو مبرر؟ هذا ما سيُحكم عليه. وأضاف: أعتقد أن هناك أمورًا حدثت أخلاقيًا ليست جيدة بالنسبة لنا.

عند سؤاله عما إذا كان رئيس الأركان وقيادة الجيش يساهمون في أفعال تتعارض مع القانون الدولي، قال يعالون:

القيادة العليا يجب أن تراقب ما يجري على الأرض. يجب التأكد من أن أفعالها لا تتجاوز الضرورات العملياتية. للأسف، يتم دفعهم إلى هذا الاتجاه، وأنا لست متأكدًا من أنهم يدركون ذلك – لذلك ‘قرعت الأجراس’.

أوامر الاعتقال ضد قيادات إسرائيلية

عندما سُئل عما إذا كان يجب على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي النظر في إصدار أوامر اعتقال ضد كبار مسؤولي الجيش، قال يعالون: للأسف، المحكمة لديها قائمة بأسماء العديد من الأشخاص، بما في ذلك من الجيش، لكنها لم تستخدمها حتى الآن. وأضاف أنه بالنسبة للوزيرين بن غفير وسموتريتش، كان سيصدر أوامر اعتقال ضدهما منذ زمن بعيد

يعالون يصرح: اليوم الجيش الإسرائيلي ليس الجيش الأكثر أخلاقية، أكد يعالون:

من الصعب عليّ أن أقول هذا. وأضاف أنه لا يلوم الجنود على التطهير العرقي بل يوجه الاتهام إلى المستوى السياسي.

أدق ناقوس الخطر أيضًا لرئيس الأركان. يجب أن يحقق فيما إذا كان المستوى السياسي يرغب في إخلاء السكان من غزة.

تعليق يعالون على الوضع السياسي في إسرائيل: أوضح وزير الدفاع السابق أن إسرائيل تسير نحو الديكتاتورية:

اليوم، الدولة ليست مصنفة كدولة ديمقراطية، والسلطة القضائية ليست مستقلة. نحن في عملية انتقال من دولة يهودية ديمقراطية ليبرالية بروح وثيقة الاستقلال إلى ديكتاتورية ميسيانية، عنصرية، فاشية، فاسدة ومنبوذة. أثبت لي العكس

يعالون ينتقد بيني غانتس: هاجم يعالون رئيس المعسكر الرسمي بيني غانتس، قائلًا: إنه يوجه طريقه بناءً على استطلاعات الرأي. أخشى أنه يغازل جماهير مختلفة دون أساس. جاء هذا بعد أن رد غانتس على تصريحات يعالون قائلًا: هذا ليس تطهيرًا عرقيًا – الجيش الإسرائيلي يحارب الإرهابيين وسيواصل ذلك في جميع أنحاء القطاع.

——————————————–

قراءة في الصحوة المتأخرة لأحد كبار قادة جيش إسرائيل

” ما يجري في غزة تطهير عرقي”

أمير مخول، مركز تقدم للسياسات

اشغلت تصريحات موشي يعالون في 30 نوفمير الراي العام الاسرائيلي وأثارت غضب المؤسسة الاعلامية والاوساط الحاكمة وكذلك المعارضة. في حديثه الى منصة “دموقراطية تي في”. ما أورده وزير الامن الاسبق وقائد الاركان اثناء الاجتياح في الضفة الغربية 2002 وهو المسؤول عن مجزرة مخيم جنين شكل الصدمة، إذ قال “إن الطريق الذي ننجرّ إليه هو الاحتلال والضم والتطهير العرقي في قطاع غزة” مؤكدا ان هذا ليس احتمالا بعيدا، بل يضيف: “لا يوجد بيت لاهيا ولا يوجد بيت حانون وهم يعملون حاليا في جباليا ويقومون بالأساس بتطهير المنطقة من العرب”، موجها كل الاتهامات الى نتنياهو نفسه باعتباره يقود الاسرائيليين والدولة “الى ما لا يقل عن الدمار”، ثم اكد يعالون ” الحكومة تعمل على ترحيل الفلسطينيين في غزة وبناء مستوطنات يهودية”.

قراءة:

يحسب موشي يعالون على اليمين العقائدي، فقد كان قائدا للأركان في حكومة شارون، وفيما بعد عضو كنيست عن الليكود ووزيرا للأمن بين السنوات 2013 و2016 في حكومة نتنياهو. وهو بالتالي لم يأت من صفوف “اليسار الصهيوني” وفقا للاعتبارات الاسرائيلية السائدة، ثم ان خلفيته العسكرية تجعل امكانية وصمه بـ”اليسار” او “خدمة اعداء اسرائيل” غير نافذة في الراي العام الاسرائيلي. أهمية اقوال الجنرال الكبير تكمن في : 

– انها تأتي في سياق باتت فيه اسرائيل وقادتها في قفص المساءلة سواء امام محكمة الجنايات الدولية التي اصدرت اوامر اعتقال ضد نتنياهو وغالنت لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، بينما لا تزال تنظر محكمة العدل الدولية في دعوى جنوب افريقيا وغيرها لاعتبار اسرائيل ارتكبت جريمة الابادة الجماعية في قطاع غزة.

– انها تأتي بالتزامن مع الحملة المضادة التي تقوم بها اسرائيل وادارة بايدن نحو الغاء قرار الجنائية الدولية واعتبر هذه المحكمة موبوءة باللا-سامية ومعادية لإسرائيل وحتى داعمة للإرهاب.

– تصريحات يعالون تشكل مصدر احراج لإدارة بايدن ووزير خارجيته بلينكن، اللذان يكثران من الحديث عن المساعدات الانسانية ويوفران لإسرائيل المهلة بعد الاخرى ويرفضان وقف حرب الابادة. 

بموازاة ذلك تشكل تصريحاته احراجا اكبر للمعارضة الاسرائيلية وتعرية لمواقفها العدوانية، بعد ان ادانت قرار الجنائية الدولية بما لا يقل عن نتنياهو نفسه، وتدعم استمرار الحرب على غزة ولم تدع يوما لوقفها، بل اقتصر مدى تحركها حول صفقة التبادل لا اكثر.

– تصريحاته المباشرة والواضحة تجعل نقاش وقف الحرب (وليس الصفقة والهدنة) ورفض التطهير العرقي ورفض الاستيطان في صلب جدول الاعمال الاسرائيلي او حتى جدول اعمال المعارضة.

– لم يقبل يعالون المقولة السائدة القائلة بأن اسرائيل تقوم بحرب دفاعية ولا تمارس جرائم الابادة والتطهير العرقي والاستيطان، ولا الادعاء الذي تتبناه حتى المعارضة بأن مسألة الاستيطان هي “غير واقعية” كما يقول نتنياهو، بل اعتبر ان الحكومة وبشكل منهجي وواضح لديها مشروع في استيطان القطاع، والاستيطان المتجدد ليس استثناء، بل هو محوري في الحكومة.

– من اللافت ان الرأي العام الاسرائيلي لم يقبل بتصريحات يعالون، ويأتي الغضب باعتباره يضع في ايدي العالم محاججة تنسف الرواية الاسرائيلية السائدة القائمة على بدعة “الحرب الوجودية” التي بادر اليها نتنياهو وغالنت وغانتس مباشرة بعد السابع من اكتوبر 2023، وباستثناء تقارير محدودة لكن هامة قامت بها صحيفة هارتس ،وتصريحات محررها المسؤول عاموس شوكين التي تلتقي مع تصريحات يعالون، فهناك عدم اكتراث شامل بما يجري في غزة من اعمال ابادة وتطهير عرقي، وحتى عائلات الاسرى والمحتجزين لم تطرح في حملتها وقفا للحرب او وقف هذه الجرائم وانما انحصر دورها في مسألة المحتجزين واعادتهم احياء بصفقة تبادل.

– استنتاجات يعالون وتصريحاته تضع المعارضة الاسرائيلية في قفص الاتهام بوصفها داعمة للحرب ولا تطرح اي مخرج سياسي، حتى حزب “الدمقراطيون” والذي يدمج بين حزبي العمل وميرتس لا يتحدث عن وقف الحرب. 

– لكن يعالون في هذا الموقف يلتقي مع بروفيسور عومري باهم المحاضر في جامعة نيو سكول في نيويورك، الذي بدوره يتهم المعارضة بالمسؤولية عن عدم خلق البديل وعن إلغائها الذاتي السياسي والاخلاقي لدورها، ويوجه كلامه الى ما يسمى “اليسار” الذي يدعم الحروب وهو صاحب فكرة الاستيطان في الضفة الغربية ولا يحمل اية رسالة سلام او مصالحة مع الفلسطينيين.

– يؤكد البروفيسور عومري في لقائه الصحفي مع هآرتس” “أولئك الذين ناضلوا ضد الانقلاب القضائي يتحدثون اليوم عن وقف إطلاق النار من اجل عودة الرهائن. لكننا لم نشهد صرخة عامة من أجل الإنهاء الفوري لسياسة التجويع والقصف والطرد الجماعي لسكان غزة. ليس من بينهم كبار القادة الذين دعوا ذات مرة إلى حل الدولتين، ولا بين أولئك الذين كانوا يعتبرون ذات يوم ضمير اليسار”. 

– وينضم رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت الى هذه الاصوات ويسعى للمبادرات بهذا الصدد وقد يكون ذلك تمهيدا لاحتمالية عودته الى الحياة السياسية. ومن اللافت ان القنال 12 الاسرائيلية توقفت في لقاء معه عند استخدامه مفردة “السلام” واعتبرتها المذيعة 30/11 بأن كلمة سلام “لا مكان لها بعد اليوم”. وهو ما يفسر ولو جزئيا تراجع نسبة المؤيدين لحل الدولتين بين الشباب في جيل الجندية الى اقل من 8%.

– في اعقاب وقف إطلاق النار في لبنان بدأت تطرح اولوية الصفقة من جديد وحتى اصوات تدعو الى وقف الحرب برمتها، باعتبار ان الحل العسكري لن يوفر مستقبلا أفضل. الا ان هذه الاصوات لا تزال ضعيفة ومحدودة في حين ان الجديد هو انها بدأت تسمع على شكل تصريحات ومقالات. كما ان معظمها لا يأتي من المعارضة المنظمة، بل أكثر من اوساط يمينية سابقة مثل يعالون، او من اوساط الحراك الشعبي القائم منذ سنتين بدءا بمواجهة التغييرات القضائية وبعد الحرب من اجل صفقة التبادل والهدنة. 

الخلاصة:

  • من المبكر الحديث عن صحوة في الراي العام الاسرائيلي تعترف بمحدودية القوة العسكرية وحرب الابادة في تحقيق اي حل. وقد تكون تصريحات يعالون متأخرة باعتبار ان اقصى اليمين بقيادة نتنياهو يسيطر حتى الان على الرواية الاسرائيلية التي تلائم توجهاته.
  • التقدير بإن تصريحات يعالون وغيرها من الأصوات الناقدة للاستمرار الحرب، قد تدفع المعارضة الى اعادة النظر في طروحاتها العدوانية الداعمة للحرب والمنكرة لجرائم الابادة والتطهير العرقي.
  • فلسطينيا، من الأهمية بمكان الاستفادة من تصريحات يعالون في مواجهة الفرية الاسرائيلية السائدة التي تضع اي موقف فلسطيني واي موقف نصير له، وأية مساءلة دولية في خانة اللاسامية التي تجيّرها حكومات اسرائيل لتبرير حرب الابادة وجرائم الاحتلال والعنصرية والتطهير العرقي في كل الجغرافية الفلسطينية.
  • مع عودة زخم المظاهرات الشعبية في مدن العالم والدعوات لوقف حرب الابادة والتطهير العرقي على غزة، تبدو كل محاولات حكومة نتنياهو الى صرف الانظار عن جرائمها في قطاع غزة والمناطق الأخرى المحتلة ، ترتد عليها، وهي فرصة فلسطينية وعربية.

——————————————–

هآرتس 2/12/2024

“الحرامي القومي”: سأستولي على أملاكهم بـ “القانون” وأوصد باب القدس في وجوههم

بقلم: أسرة التحرير

وزير المالية، سموتريتش، يعمل بلا كلل لتحويل إسرائيل إلى دولة أبرتهايد تعيش في ضوء رؤية مسيحانية. ويفعل بصفته وزيراً في وزارة الأمن، على شرعنة بؤر، وانهيار السلطة الفلسطينية، وتمدين الإدارة المدنية، والتنكيل بالفلسطينيين. ويجتهد أيضاً في حملة لاستئناف الاستيطان في قطاع غزة، على ظهر حياة 101 مخطوف وتطهير عرقي شمالي القطاع. وتبين الآن أيضاً انه يفعل الشيء ذاته في شرقي القدس، بصفته وزيراً للمالية.

قسم الوصي العام لأملاك الغائبين في وزارة المالية هو جسم عظيم القوة، أقيم بحكم قانون أملاك الغائبين في 1950. أعد هذا القانون للسماح للدولة بالسيطرة على أملاك خلفها اللاجئون الفلسطينيون وراءهم في أثناء حرب الاستقلال، وهو يمنح الوصي العام صلاحيات واسعة للاستيلاء على أملاك كل من يعد غائباً. فتعريف “غائب” في القانون تعريف واسع لدرجة أن اضطر قاضي المحكمة العليا آشير برونيس في الماضي أن يذكر الدولة بأن عليها -حسب القانون الجاف- أن تصادر أملاك كل جندي أرسل إلى دولة عدو؛ لأن يقضي بأن أملاك كل شخص في دولة عدو في فترة طوارئ (التي تستمر بتواصل منذ 1948) تنقل إلى الدولة.

في العقود الأخيرة، استخدمت هذا القانون منظمات المستوطنين كأداة قوية لإخلاء فلسطينيين من بيوتهم. وكل ما كان يلزم هو الادعاء أمام الوصي العام بأن المُلك يعود لفلان الموجود في دولة عدو. غير أن سموتريتش قرر مؤخراً تغيير مبنى القسم، وسيعين فوق الوصي العام مدير قسم يدفع قدماً “بإجراءات تشريعية حسب السياسة”، على حد قول العطاء.

تم اختيار حننئيل غورفنكال لهذا المنصب، وهو ناشط يميني، أقام جمعية لتهويد القدس، ودعا لطرد طلاب عرب من “التخنيون”، وعمل على إخلاء عائلات فلسطينية من بيوتها في الشيخ جراح. في منصبه الأخير في دائرة الوصي العام في وزارة العدل، ساعد منظمات المستوطنين ضد فلسطينيين من أجل إقامة مستوطنات جديدة في شرقي القدس.

جاء التعيين في توقيت حساس على نحو خاص – في الوقت الذي تحث فيه الدولة مشروع تسجيل الأراضي في شرقي القدس، بعد أن جمد منذ 1967. تسجل الأراضي فرصة للدولة لتنقل أملاك كثيرة بملكية فلسطينية إلى اسمها. هناك شهادات عديدة على أن المشروع معد لهذا الهدف. لا ينقص سوى شخصية رفيعة المستوى في وزارة المالية لتدفع بهذا قدماً من جهة الوصي العام. الآن، مع تعيين غورفنكال، أغلقت هذه الزاوية، ومن المتوقع انقضاض الوصي على أملاك الغائبين على شرقي القدس، تهويداً وسلباً؛ تمهيداً لرؤية سموتريتش لدولة إسرائيل.

——————————————–

إسرائيل اليوم 2/12/2024

بشار يتشدد بحزام إيران وروسيا.. والمعارضة: فرصتنا الأخيرة.. 

نكون أو لا نكون

بقلم: يهودا بلنجا

أفادت وسائل الإعلام في اليومين الأخيرين بهجوم قامت به قوات الثوار في شمال سوريا تحت اسم حملة “ردع العدوان”. مركز القتال حلب وإدلب وحماة، ومنها نزلت القوات جنوباً إلى حمص. ومن جنوب سوريا جاءت تقارير عن هجمات قام بها الثوار على مواقع وقواعد لجيش الأسد في منطقة درعا والسويداء أيضاً.

ظاهراً، يبدو أن الثوار يحاولون استغلال الضربة التي وجهتها إسرائيل في لبنان على معسكر المقاومة – إيران، سوريا وحزب الله – بهدف تحقيق مكاسب إقليمية وربما تغيير ميزان القوى في سوريا. وهذا على ما يبدو بدعم من الجارة الكريهة تركيا، التي اجتاحت سوريا في كانون الأول 2018 في إطار حملة “غصن الزيتون” واحتلت منطقة فاصلة على الحدود التركية السورية على مقربة من مركز الثوار الأخير في سوريا – محافظة إدلب.

من هم أولئك الثوار؟ فضلاً عن أن لهم هدفاً واحداً – إسقاط نظام الأسد – فإنهم بعيدون عن وضع جدول أعمال موحد لـ “اليوم التالي”. عملياً، هذه هي مشكلة معسكر الثوار المركزية بأطيافه السياسية والدينية. فعلى مدى 13 سنة من الحرب الأهلية لم يعملوا كجسم موحد يعرض خطة مرتبة وشرعية لمعارضي النظام في سوريا.

وهو الوضع السائد اليوم. أولئك الذين شنوا الهجوم المفاجئ في شمال سوريا ينتمون لهيئة تحرير الشام، المتفرعة عن “القاعدة” ومنظمة أحرار الشام التي تشكل إطاراً ائتلافية لبضع منظمات إسلامية متطرفة. المفاجئ أن من “جيش سوريا الحر” هو من يتعاون، الذي يمثل التيار القومي – العلماني في الحرب ويشكل ذراعاً عسكرياً لـ “الائتلاف الوطني السوري” الجناح السياسي للمعارضة السورية المعترف بها من الغرب. وعليه، أمامنا ترتسم صورة وضع مشوشة، بانعدام وحدتها بالذات، تعمل في صالح الأسد.

النظام السوري ليس في خطر

ومع ذلك، لا يبدو النظام السوري في خطر الآن. حتى في السنوات الصعبة، حين كان نحو ثلثي الدولة في أيدي جماعات الثوار المختلفة، بما فيها “داعش”، لم ينكسر الأسد. فالمساعدة التي تلقاها من إيران وحزب الله وروسيا، إلى جانب الانقسام آنف الذكر في المعارضة، ساعدته على البقاء. كما أن تمسكه بـ “سوريا المجدية” – المناطق الهامة في الدولة، من دمشق جنوباً، على طول القاطع الخارجي حتى الشمال – ساهم في نجاحه العسكري؛ إذ إن معظم السكان السوريين يسكنون في هذه المناطق ويخضعون لحكمه.

ثمة رهان خطير من جانب الثوار، وهو محاولة أخيرة لإسقاط نظام الكفر العلوي، مع العلم أن الأسد سيفعل كل شيء لصد وتصفية مراكز الثورة، بمساعدة الإيرانيين.

على خلفية الأهمية التي توليها إيران وروسيا بكون الأسد حاكم الدولة، ثمة افتراض حذر بأنهم سيجمعون قواهم في غضون وقت قصير، وسيردون الحرب لصد الثوار وإعادة احتلال المناطق التي خسروها وتصفية مراكز الثورة الأخيرة، إلى الأبد.

——————انتهت النشرة——————