إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معاريف 3/12/2024

رغم كل الإخفاقات .. نتـنياهو المرشح المتصدر

لرئاسة الوزراء في معظم الاستطلاعات

بقلم: أفرايم غانور

مثل كل من يتابع الصور التي وصلت في أثناء الأسبوع الماضي من لبنان، بعد الإعلان عن التسوية مع لبنان ، وللدقة مع حزب الله، فوجئت أن أرى احتفالات النصر للجماهير اللبنانية الذين خرجوا الى الشوارع وهتفوا بكل قوتهم “إسرائيل استسلمت لحزب الله”.

لو كان أجنبي علق في منطقتنا، دون أن يعرف ما حصل هنا في الـ 14 شهرا المنصرمة، لكان اقتنع بأن حزب الله بالفعل هزم الجيش الإسرائيلى وحقق نصرا تاريخيا سيغير الشرق الأوسط. وجدت صعوبة في أن أفهم من أين يأخذ الشيعة في لبنان إحساس النصر الوهمي. فحسب الأعداد التي نشرت كان لحزب الله 3800 قتيل في الحرب وأكثر من 15 ألف جريح، نحو 15 ألف مبنى سكني، تجاري ومكتب دمرت، ناهيك عن عشرات آلاف النازحين من بيوتهم.

لكن سرعان ما صحوت وتذكرت بان عندنا، في دولة اليهود، لا يبدو الواقع مختلفا كثيرا: نحن بعد 14 شهرا من الحرب بعد الكارثة الافظع التي ألمت بنا في وردية حكومة التبطل التي من الصعب إيجاد خطوة إيجابية واحدة في سلوكها، حكومة تركت لمصيرهم المخطوفين مثلما تركت لمصيره الشمال وسكانه، حكومة لم تتمكن من تحويل إنجازات الجيش الإسرائيلي الى إنجازات سياسية، حكومة تركز على انقلاب نظامي، حكومة في هذه الأيام المجنونة تعمل على إجازة 29 قانونا معناها مسا شديدا بالديمقراطية وبسلطة القانون. حكومة تعمل على تشريع قانون لتملص الحريديم من الخدمة في الجيش، وغيرها.

بعد كل هذا، فى معظم الاستطلاعات الليكود هو الحزب المتصدر ونتنياهو هو المرشح المتصدر لرئاسة الوزراء. رغم كل القصورات والاخفاقات، يقف امام ناظر الشعب نتنياهو، الذي ألقى بأحد موظفيه المخلصين، ايلي فلدشتاين، تحت دواليب “باص البقاء” فيما يدعي انه لا يعرف الرجل، وبعد بضعة أيام، حين تعمق التحقيق وثار تخوف من أن يصبح فلدشتاین شاهدا ملكيا، يظهر رئيس الوزراء في شريط مسجل لتسع دقائق كله هجوم على الشباك، النيابة العامة والشرطة. فجأة فلدشتاين غير المعروف لديه زعما، يعرض على لسانه كقديس معنى تلاحقه تلك المحافل، وهذه تخوض حملة صيد ضد نتنياهو وضد رجال مكتبه. يا له من سخيف ومثير للشفقة. من يعيش في هذه الدولة، يمكنه أن يقول ان حكومة فاشلة بهذا القدر وبأناس صفر، ما كانت لتكون هنا أبدا. الاضرار التي الحقتها في سنتين من ولايتها تتطلب سنوات طويلة من الترميم، وإعادة بناء كل المنظومات. ان محاولات استئناف الانقلاب النظامي ستكون القشة التي ستأتي بنهاية هذه الحكومة. وبعد كل هذا يتبقى بدون جواب السؤال: كيف حصل ان ما جرى للشيعة في لبنان، الذين يحولون الحرب التي ضربوا فيها بشدة الى نصر واحتفال، يجري لنا، للشعب الذي أثبت على مدى 76 سنة وجود دولته وحكمته وذكائه. يبدو ان شيئا ما تغير هنا.

——————————————–

يديعوت احرونوت 3/12/2024

ينبغي الاعتراف، اعتدنا

بقلم: أمنون ليفي

(المضمون: يبدو لنا طبيعيا وعاديا ان تكره الحكومة مواطنيها. نحن حتى لا نرفع حاجبا. اعتدنا على ما لا يمكن الاعتياد عليه. فهل سننجح في أن نقفز من المياه قبل لحظة من أن ترتفع درجة الحرارة الى نقطة الغليان؟ – المصدر).

رويدا رويدا اعتدنا على ما يمكن الاعتياد عليه. اعتدنا على نبأ في مكان ما في غزة، في داخل الانفاق، ينازع الحياة اخوتنا واخواتنا، مجوعين، معذبين، مغتصبين، مقتولين فيما نواصل نحن حياتنا وكأن شيئا لم يكن. هنا وهناك تدفع ضريبة كلامية، اليوم لم يعد ممكنا تلقي دعوة لعرس او لحفل بلوغ دون أن يكتب في هوامشها “ومع تحرر كل المخطوفين، آمين”. لكن هذا هو. اعتدنا. هذا الأسبوع رأيت حتى اعلانا عن حلوى للحانوكا مع رمز المخطوفين الأصفر. 16 شيكل واذا بهذه الحلوى لك. طبعنا ما هو غير قابل للتطبيع. فعلنا هذا كي نتمكن من أن نواصل حياتنا. تصرفنا مثل أولئك الأشخاص الذين تقع في أقبية بيوتهم فظائع قتل واغتصاب وتعذيب، وهم في الطابق الأعلى يتمددون براحة امام التلفزيون. بين الحين والآخر، حين تتصاعد صرخات المعذبين، نركض لان نرفع صوت التلفزيون كي لا نسمع القبو.

اعتدنا على حكومة تضع في وقت الحرب في راس جدول اعمالها مبدأ واحدا يفوق كل المباديء الأخرى: الحفاظ على نفسها من التفكك والحفاظ على رئيس الوزراء الا يذهب الى السجن. رأينا نتنياهو يتهجم على رؤساء جهاز الامن. ولم نقع عن الكرسي. اعتدنا على أن هذا هو وجه الأمور وان وزراء الحكومة والناطقين بلسانها يخرجون بحدة ضد رئيس الأركان، رئيس الشباك، القائم باعمال رئيس المحكمة العليا وكل قضاتها. المستشارة القانونية، النيابة العامة، وسائل الاعلام. لم يعد يفاجئنا ان نكتشف بان وزير العدل هو عدو عالم القضاء او وزير الاعلام يبحث كيف يكسر الاعلام ويغير النظام.

اعتدنا على ان الحكومة تحرض ضد مواطنيها، ضد التل ابيبيين، الكيبوتسات، أناس مجلس التعليم العالي، أعضاء مجالس الثقافة على أنواعها، موظفي المالية، محافظ بنك إسرائيل. هذا يبدو لنا طبيعيا وعاديا ان تكره الحكومة مواطنيها. نحن حتى لا نرفع حاجبا.

اعتدنا على أن وزير الامن القومي حول شرطة إسرائيل الى عصبة الزعران الخاصة به. اعتدنا على أن عصبة مسيحانيين تهيء التربة لاستيطان يهودي في غزة، وتنظم اسطول سفن امام شواطيء القطاع كي تري المعنيين اننا دمرنا المكان حتى الأساس وجعلنا مليوني نسمة لاجئين. اعتدنا على أنه يوجد قانون واحد لليهود وقانون آخر للعرب وانه عندما يأتي وزير دفاع ويصيغ مقترح بهذه الروح نحن نكتفي باحتجاج هزيل ونمر مرور الكرام.

اعتدنا على أن نعيش بدون الشمال والجنوب. نحن في الوسط وجزر خراب حولنا. لم اسمع في محيطي هتافات فرح حين أعلن عن وقف نار في الشمال. بل العكس. طولب النازحون بالعودة الى بيوتهم على الحدود الخطيرة مثل امرأة معنفة تفرض عليها المحكمة العودة الى زوجها السادي لاجل السلام الداخلي. اعتدنا على أن بلادنا تخرب امام ناظرينا. ابناؤنا فقدوا الامل في ان يتغير شيء ما هنا، وهم يغادرون البلاد بحثا عن مكان آخر ولعلهم لن يعودوا منه.

اعتدنا إذ أي خيار يوجد لنا؟ ان نتظاهر؟ عائلات المخطوفين تمزق البلاد بصرخاتها واحد لا يسمع. بل العكس، يشتمونها، يضربونها، يجعلونها أعداء الامة. اذا كنا لالمهم لا نسمع، فمن سيسمعنا؟ ماذا سنفعل؟ عصيان مدني غير عنيف؟ ماذا يعني هذا على الاطلاق؟

اليأس يأكلنا لكن الحياة نفسها تتواصل. الشمس تغرب وفي الغداة تشرق. عالم كعادته، ونحن نعتاد على الضربات التي تقع علينا مثل الضفدع الذي سخنوا لها الماء بالتدريج. صعب جدا دوما النهوض ومغادرة الوطن. نحن مغروسون عميقا جدا في هذه البلاد. اهالينا اجتازوا المحرقة، فرعون وعذابات كبرى لاجل الوصول الى هنا. ونحن سنغادر؟ كيف سنقتلع أنفسنا، أولادنا وأهلنا، اصدقاءنا، العمل، البيت والرزق؟ كيف نتخلى عن اللغة؟ نتمزق من هذه البلاد التي نحبها جدا؟

نحن ننجو حين لم يعد أمل. نتمسك بذرة تفاؤل في انه لعل هذا يتوقف، لعله ينتهي، لعله يقوم شيء ما جديد من داخل الكابوس. وفي القلب تخوف كبير. هل ننجح في أن نشخص اللحظة التي بعدها لا يعود هناك أي أمل. متى سيحصل هذا؟ حين سيقيلون المستشارة القانونية؟ حين يجبروا النساء على ان يرتدين بحشمة؟ حين تستمر الحرب سنتين؟ ثلاثة؟ حين يلغوا الانتخابات بسبب وضع الطوارئ؟ حين يرفضوا تنفيذ قرار محكمة العدل العليا؟

هل ننجح عندها في أن نقفز من الماء، قبل لحظة من أن تصل درجة الحرارة الى نقطة الغليان؟

——————————————–

هآرتس 3/12/2024

جيل المؤسسين ايضا أراد تنفيذ ترانسفير في غزة

بقلم: عوفر اديرت

تقليص عدد السكان”، “اخلاء البيوت”، “النقل”، “الطرد”، “التهجير”، “الافراغ” وحتى “ترانسفير”. طيف واسع من الكلمات التي استخدمها رؤساء حكومة في نقاشاتهم التاريخية في الستينيات والسبعينيات حول مستقبل الفلسطينيين في قطاع غزة. الاطلاع على محاضر الجلسات في ارشيف الدولة يظهر أن توق اليمين المتطرف الحالي، “تشجيع الفلسطينيين  على الهجرة من قطاع غزة”، فقط يردد صدى افكار واقتراحات تم طرحها للنقاش في السابق، من قبل رؤساء حكومة ووزراء وزعماء في حكومات اليسار، الذين كانوا ينتمون لجيل مؤسسي الدولة.

الوزراء طرحوا افكار كثيرة من اجل حل المشكلة التي واجهتهم عند احتلال قطاع غزة والضفة الغربية في حرب الايام الستة. في هذه المناطق كان يعيش في حينه نحو مليون فلسطيني، 400 ألف شخص من بينهم في القطاع. في الفضاء تم طرح اقتراحات لنقلهم من قطاع غزة الى الضفة الغربية والاردن وشبه جزيرة سيناء ودول عربية أو أي مكان آخر في العالم يمكن أن يستقبلهم، قسرا أو طواعية، بالتحايل وبكل انواع المحفزات.

لو أننا نستطيع اخلاء 300 ألف لاجيء من القطاع وارسالهم الى اماكن اخرى… فسنستطيع ضم غزة بدون أي مشكلة”، قال وزير الدفاع في حينه موشيه ديان، في 25 حزيران 1967. وقد ذكرت في اقواله فكرة كانت مقبولة على الحكومة في حينه، ولكن لم يتم تطبيقها في نهاية المطاف بالكامل، وهي ضم قطاع غزة لاسرائيل وافراغه من اللاجئين الفلسطينيين، وبعد ذلك توطين اليهود فيه. “أنا اقترح صيغة لضم القدس وقطاع غزة، وإن كنت لا اقول الامرين بمرة واحدة”، قال رئيس الحكومة في حينه، ليفي اشكول. “على القدس نحن مستعدون لأن نُقتل. وبخصوص قطاع غزة، عندما نذكر الـ 400 عربي، فانه يحدث لنا القليل من الألم في القلب”.

الوزراء هبوا للمساعدة وقاموا باقتراح حلول، كيف نقوم بتسوية مسألة اللاجئين في قطاع غزة؟. وزير الداخلية في حينه، حاييم موشيه شبيرا، اقترح وقال “يمكن نقل 200 ألف لاجيء الى مدينة العريش أو توطين جزء منهم في الضفة الغربية”، واشار الى المدينة المصرية في شبه جزيرة سيناء، التي احتلتها اسرائيل في حرب الايام الستة. وزير الشرطة في حينه الياهو ساسون اقترح “نقلهم الى الضفة الشرقية”، أي الى الاردن. “يجب امساكهم من اعناقهم ورميهم الى الضفة الشرقية. ولا أعرف من الذي سيتسلمهم، لا سيما اللاجئون من غزة”، قال الوزير يوسف سفير.

الوزير يغئال الون قال “التشجيع على الهجرة الى ما وراء البحار. يجب معالجة هذا الامر بصورة اكثر جدية”. ايضا هو استنتج أن الهدف الافضل هو شبه جزيرة سيناء، لكنه اقترح توسيع المجال، “شبه جزيرة سيناء الواسعة، ليس فقط مدينة العريش، يمكن توطين كل اللاجئين من غزة فيها، وحسب رأيي عدم الانتظار. يجب البدء في التوطين، حتى لو قاموا بازعاجنا”. بعد ذلك طرح اقتراح أن يذهب جزء من الفلسطينيين الى “كندا أو استراليا”. ليفي اشكول لخص اللقاء وقال “أنا قلت هذا ايضا عندما لم تكن المشكلة صعبة بعد. أنه يجب على اللاجئين تدبر امورهم خارج اسرائيل خاصتنا”.

بهدوء وصمت وسرية

في 1 تشرين الاول 1967 تساءل وزير العدل في حينه، يعقوب شمشون شبيرا، “متى سنحصل على معلومات عن الخطة حول توطين اللاجئين في قطاع غزة في الضفة الغربية؟”، قال وشرح. “أنا سمعت شائعات”. في ذلك الوقت عملت لجنة مهنية باسم “لجنة تطوير المناطق التي تم وضع اليد عليها”، وكان في عضويتها رجال أمن واكاديميين. مهمتها، حسب اشكول، كانت فحص “الوضع المالي والاجتماعي لكل هذه الامبراطورية أو اجزاء الامبراطورية”، وضمن ذلك “ايضا طرح افكار حول الهجرة”. الاعضاء في اللجنة ادركوا الحساسية السياسية لعملهم، لذلك قاموا بتوصية الحكومة بتجنيد اللاجئين في مشاريع هدفها السياسي غير بارز، وعرضها على أنها “عمليات انسانية” وليس “جزء من حل دولي لمشكلة اللاجئين”.

نقاشات الوزراء استمرت حتى نهاية السنة. “كل موضوع الهجرة بحاجة الى معالجة اكثر جدية وبصورة حثيثة اكثر. عندها سيكون بالامكان تشجيع ذلك والسماح للكثيرين بالمغادرة”، قال ديان في تشرين الثاني 1967. اشكول اضاف: “في هذه الاثناء يخرج 2000 شخص في كل اسبوع الى الاردن، الجزء الاكبر منهم من ابناء القطاع”. توجد افكار مختلفة، هجرتهم الى دول أبعد. في نهاية كانون الاول تحدث ديان عن اتفاق سلام يشمل “توطين اللاجئين، اخراجهم من غزة وتوطينهم في الضفة الشرقية للاردن”. وقد وعد بأنه في مثل هذه الحالة “في غزة لن يكون 400 ألف عربي، بل 70 – 100 ألف”. في اليوم التالي قال اشكول “نحن معنيون بافراغ غزة في البداية. لذلك، في البداية سنسمح للعرب من غزة بالخروج”. الوزير يغئال الون ذهب ابعد من ذلك وقال “لم يكن من السيء تخفيف الجليل ايضا من العرب”.

الوزير ساسون شرح كيف سيساعد في تحقيق هذا الهدف خروج الفلسطينيين لغرض العمل. “يجب مساعدتهم في البحث عن عمل… بعد ذلك سيأخذون عائلاتهم الى هناك. من كل ذلك نحن يمكن أن نكسب عن طريق تقليص عدد العرب في هذه المناطق”. ديان وافق واضاف “عن طريق اعطاء الفرصة لهؤلاء العرب، البحث وايجاد عمل في الدول الخارجية، تزداد احتمالية رغبتهم في الهجرة بعد ذلك الى تلك الدول”. الوزير ألون مرة اخرى حاول ضم للخطة ايضا عرب اسرائيل. “لماذا لا يمكن توسيع ذلك ليشمل عرب اسرائيل القديمة؟”، تساءل.

في اليوم الاخير من العام 1967 كان ليفي اشكول رجل البشرى عندما قال: “أنا اعالج اقامة وحدة أو خلية ستعمل على تشجيع هجرة العرب من هنا”، كشف للوزراء. “يجب معالجة هذا الموضوع بهدوء وسكينة وسرية، ويجب ايجاد طرق لهجرتهم الى دول اخرى، وليس فقط الى الاردن”. هكذا، في حينه كانت عدة مبادرات ناجعة لـ “تشجيع” هجرة الفلسطينيين من غزة. أحدها كان بقيادة عيدا سيرني، وهي من رؤساء مؤسسة الهجرة 2، وارملة المظلي انتسو سيرني. وثيقة من ايار 1968 توثق طلب من اجل تحويل ميزانية شهرية لـ “تشجيع الهجرة من قطاع غزة لتنفذ حسب تعليمات السيدة عيدا سيرني”. الفكرة هي خلق “هجرة هادئة” بصورة لا تعتبر اسرائيل مشاركة فيها. وحتى في هذا الاطار تم ارسال اسرائيليون لهم خلفية امنية كانوا يعرفون المجتمع العربي، مباشرة الى داخل التجمعات السكانية في غزة من اجل اقناعهم على تشجيع المغادرة طوعا.

بالتحديد بسبب هذه الانشوطة الخانقة والسجن الذي يعيشون فيه، ربما سيذهب العرب من القطاع، لكن حتى بعد ذلك سيبقى هنا (في اسرائيل) نحو 400 ألف عربي و150 ألف سيبقون في قطاع غزة”، قال اشكول في نهاية السنة. الحل الجديد الذي اقترحه كان قاسيا. “ربما لو أننا لم نعطيهم المياه بكمية كافية لما كان لديهم خيار، لأن البيارات ستجف وستذبل، لكن كل ذلك نحن لا يمكن أن نعرفه مسبقا. من يدري، ربما تنتظرنا حرب اخرى، وعندها سيتم حل هذه المشكلة. ولكن هذا نوع من الترف، حل غير متوقع”، قال.

شريطة أن يذهبوا الى البرازيل

في شباط 1968 شعر اشكول بالقلق من أن يعتقد أحد بأننا “نضغط على العرب لمغادرة البلاد”. ولكنه قال بروح الدعابة التي يتميز بها: “لن نقيم الحداد عليهم سبعة ايام اذا رحلوا”. بعد ذلك انتقل للتحدث بالارقام. “85 في المئة توجد كل الاموال المطلوبة لهجرتهم. أعتقد أن كل يهودي له عقل سيقول: أولا، خذ الـ 80 في المئة لتكون على ثقة بأنهم سيخرجون”. وزير الاديان، زيرح فيرهيبتغ، انضم للنقاش واقترح اقتراحات خاصة به. “الموضوع الرئيسي لدينا يجب أن يكون اعطاءهم امكانية الخروج طوعا من غزة من مبلغ معين”، قال. “يجب السماح لهم ببيع ممتلكاتهم التي لا تساوي الكثير، لكن يجب علينا استثمار اموالنا فيها. اذا دفعنا الف دولار ثمنا لكشك، شريطة أن يخرجوا مع عائلاتهم الى البرازيل أو الارجنتين فأنا اعتبر ذلك قيمة كبيرة، اذا استطعنا بهذه الطريقة دفع عشرات آلاف العائلات للخروج من غزة”.

لكن هو ايضا اقترح أن نكون حذرين في استخدام المفاهيم: “بدلا من القول لهم بأننا ندفع لهم الاموال مقابل الهجرة، الامر غير اللطيف وغير العادل… سنقوم بشراء الاغراض لهم وسندفع مقابلها اموال جيدة، وهذا سيدفعهم للخروج طوعا، حيث يكون في ايديهم مبلغ من المال لبدء حياتهم في دولة اخرى. العائلة التي تذهب الى امريكا الجنوبية بدون حتى أغورة واحدة، لا تسارع الى غرس جذورها في الدولة الجديدة. والعائلة التي ستخرج مع وسائل معيشة تكون لديها، فورا بعد وصولها الى الدولة الجديدة سيسهل عليها التكيف في تلك الدولة والبقاء فيها”.

في 1969 لاحظ ليفي اشكول وجود مشكلة. من جهة، اسرائيل تريد تشجيع الهجرة، ومن جهة اخرى، هي تستثمر في تطوير القطاع، وهكذا فهي تشجع السكان على البقاء. “اذا قمنا بترتيب الامور هناك فان الامر سيكون على ما يرام. بحيث يكون عمل وصناعة، ونقيم هناك مصانع ونشغل العرب – سيبقون في القطاع”، حذر اشكول. وزير الزراعة في حينه، حاييم جفعاتي، تطرق الى ذلك في جلسة اخرى وقال: “بالطبع نحن كنا نريد فعل ذلك من اجل تخفيف سكان غزة… هناك خوف من أنه اذا قمنا ايضا بترميم المخيمات في قطاع غزة فان اللاجئين سيرون أن الوضع مشابه في المكانين. عندها لن يكون أي معنى لترك قطاع غزة”.

الوزير الون أيد “استمرار وجود الفجوة في مستوى الحياة بين الضفة وقطاع غزة”. وحسب قوله فانه “محظور اعطاء في غزة مستوى يساوي المستوى في الضفة، لأنه عندها قوة جاذبية الضفة ستنخفض”.

اعطاء فرصة وجلب جرافة

اشكول توفي في 1969، والنقاش واصلته رئيسة الحكومة غولدا مئير. في 1970 حذر وزير الدفاع موشيه ديان من أنه يجب عدم المبالغة بالارقام. “اذا توجهنا الى خطة العشرين ألف فنحن نعلن بذلك عن ترانسفير”، قال. “هكذا نحن سنخرب الموضوع من البداية… اذا طلبوا مساعدتنا فأهلا وسهلا… هذه ستكون عملية بطيئة وطبيعية، والعرب سيفعلون ذلك بطريقة التسلل. أي أمر صارخ نقوم به سيفشل نفسه”. وزير التطوير حاييم لنداو اقترح فكرة جديدة: “تعليم مهني من الدرجة الاولى يجب اعطاؤه، وأن يكون بشكل مكثف، لأن هذا هو المدخل لامكانية هجرتهممن هناك”، قال. “لأن اصحاب المهن، هناك احتمالية اكبر كي يستطيعوا الاندماج وأن يتم استيعابهم في الدول الاخرى”.

في 1971 تطرقت الى ذلك غولدا مئير. “هناك موضوع تخفيف المخيمات. لا يوجد أي خلاف حول المبدأ”، قالت. ديان وصف الطريقة التي سيتم فيها طرد السكان من بيوتهم – بعضهم مشتبه فيهم بالارهاب ضد اليهود، أو العرب المحليين، وبعضهم اصحاب بيوت توجد مصلحة في هدمها. “نعطي لهم 48 ساعة من اجل الانتقال. يقولون لهم مثلا: أنتم ستنتقلون الى العريش أو الى مكان آخر وسنقوم بنقلكم… في البداية نعطيهم امكانية الانتقال طوعا. نخرج الاثاث من البيت. الرجل لا يأتي لترتيب شؤونه، نجلب جرافة لهدم البيت. اذا كان يوجد اشخاص في البيت نقوم باخلائهم منه. لأننا نعطيه 48 ساعة… هذا لا يعني أن هناك لحظة حاسمة نأتي ونقول فيها بأننا سنحملكم أنتم واغراضكم على شاحنات، بل نعطيه الفرصة لفعل ذلك طوعا.

حاييم بار ليفي القى في النقاش حبة بطاطا ساخنة عندما قال إنه محظور نقل الفلسطينيين الى الاماكن المخصصة لتوطين اليهود فيها لاحقا. “أنا على ثقة بأنه سيكون بالامكان العثور على اماكن. وحتى أننا وجدنا اماكن كهذه – لن تغلق في وجهنا امكانية الاستيطان اليهودي”، قال. “أنا على قناعة بأن ذلك لن يمنعنا من توطين عدد آخر من المستوطنات العبرية في القطاع”. ديان اشار الى أنه “لم يخطر ولن يخطر ببالنا توطينهم في مكان سيزعج ولو قليلا الاستيطان اليهودي”. ايضا وزير السياحة، موشيه كول، قال “اذا كنا نريد رؤية القطاع كجزء من اسرائيل فيجب علينا التخلص من جزء من السكان هناك بأكبر قدر. وسندفع تعويضات اكبر للاشخاص الذين يريدون الانتقال”.

الوزير غليلي، خلافا للآخرين، تحدث عن اشكالية هذه العملية. “أنا لا أتوهم بأن هذا عمل انساني وأننا نعمل لهم معروف”، قال في 1971. “لا أريد تزيين هذه العملية الوحشية، لكن هذا هو الضرر الاقل في الظروف الحالية”. الوزير شلومو هيلل ساهم ايضا بافكار من عالم الاخلاق: “مستوى الاخلاق لا يقاس بطرد الناس من بيوتهم رغم ارادتهم، سواء أحبوا ذلك أو لا”، قال. “مستوى الاخلاق يُقاس بأننا نحن السلطة في غزة، وأننا ننجح في تنفيذ ما تفرضه علينا السلطة. أي في المقام الاول حماية الابرياء والدفاع عن حياة المستعدين للعمل عندنا”.

غولدا مئير قالت إن الحديث لا يدور عن وحشية. “واضح أنه طوعا لن نصل الى تخفيف مخيم جباليا”، قالت وشرحت. “الامر سيكون لطيف اكثر اذا تم طوعا… لا يوجد أي خيار… حقا هذه وحشية فظيعة. نقلهم الى شقة… تعويضهم… اذا كان هذا وحشية فأنا لا اعرف كيف يتم فعل شيء بطريقة لطيفة. مع ذلك، لا شك في أنهم لا يريدون الانتقال”.

وقد دخلت الى النقاش ايضا كلمة “قسرا”. وزير الاديان فيرهيفتيغ قال لغولدا مئير: “من الافضل استخدام القسر اذا كانت هناك حاجة الى القوة. ولكن فقط من خلال ضجة الفوضى والصخب”. وقد اوضح أنه يجب علينا الانتظار الى حين التدهور أو الحرب من اجل طرد قسرا الناس من بيوتهم. “الآن، اخراج الناس قسرا والبدء في تحميل اللاجئين في شاحنات، هذا الموضوع سيلفت الانتباه ويسلط الضوء على ارض اسرائيل. أعتقد أننا لسنا بحاجة الى ذلك الآن”، قال. في نهاية المطاف غادر فقط بضع عشرات الآلاف من الفلسطينيين القطاع في تلك السنوات. المستوطنة الاولى في القطاع اقيمت في 1970، لكن معظم السكان الفلسطينيين في القطاع بقوا في اماكنهم. في 2005 تم اخلاء المستوطنين من القطاع. وتقريبا بعد مرور عشرين سنة يطالب وزراء شعبويون من معسكر ايتمار بن غفير باعادتهم. في بداية السبعينيات بدا الون كواحد منهم عندما قال “أنا اوافق على الطرد. نحن فعلنا ذلك في السابق ويجب مواصلته في المستقبل ايضا”. الون تحدث عن توسيع وتخفيف المخيمات القائمة، “سواء لاحتياجات أمنية أو من اجل البدء في ارسال اللاجئين الى اماكن، التي في الايام القادمة يمكن أن نرى فيها حلول دائمة”. هو لم يفحص اقواله. “حتى بالاكراه”، قال. في هذا الشأن لم يكن مناص. الحديث يدور عن الألم لمرة واحدة، وأنت يمكنك تفسير ذلك بالاحتياجات الامنية، والاحتياجات الصحية ايضا.

——————————————–

إسرائيل اليوم 3/12/2024

دمشق زاوية طهران

بقلم: العميد تسفيكا حايموفيتش

عن الحرب الاهلية في سوريا تحيي اكثر من 13 سنة من الحرب المضرجة بالدماء، مع اكثر من نصف مليون مواطن قتيل ونحو 7 مليون نازح. تحالف ذوي مصالح مختلفة بمشاركة روسيا وايران هرع لنجدة الأسد وساعدته في استعادة السيطرة في معظم سوريا. لإيران توجد مصلحة لمساعدة الأسد وسوريا – كي يعوضها الأسد ويسمح لها مع حلول الوقت لان تحقق حلمها في انشاء تواصل بري من ايران حتى لبنان والى البحر المتوسط وأوروبا. وفي اطار ذلك استكمال طول الحصار على إسرائيل.

روسيا رأت في سوريا نقطة مخرج جيدة لتحسين سيطرتها في الشرق الأوسط والعودة لتكون وزنا مضادا لكل مكان توجد فيه الولايات المتحدة. ان شئتم – عودة الحرب الباردة في صيغة جديدة.

بعد تسع سنوات من هبوط قوات روسية (أيلول 2015) في سوريا، في ذروة حرب روسيا – أوكرانيا وبعد بضعة أيام من وقف النار (المؤقت) بين إسرائيل وحزب الله، فيما تصبح الحرب بين إسرائيل وايران علنية وقوية – ترفع الحرب الاهلية في سوريا من جديد. قوات الثوار شخصت لحظة مناسبة إقليمية وضعفا لدول التحالف مع الأسد، وبدأت في حملة احتلال لمناطق أساسية واسعة في سوريا.

سيطرة القوات الجهادية المتطرفة وفقدان سيطرة نظام الأسد في سوريا من شأنهما أن تشكلا مربض عمل مريح لدخول وسيطرة ميليشيات إيرانية على سوريا، وكذا لعبور قوات حزب الله من جنوب لبنان الى جنوب سوريا برعاية قيود العمل. هذان الطرفان معا من شأنهما أن يفتحا جبهة مباشرة مع إسرائيل في هضبة الجولان السورية. هذا سيناريو الرعب من زاوية نظر إسرائيلية، يعيد دفعة واحدة التهديد على حدودنا الشمالية (وليس فقط)، وهذه المرة ليس من لبنان بل من سوريا.

ان ضعف محور الشر الإيراني ووكلائه في المنطقة من شأنه أن يلقى تعزيزا هاما في اليوم الذي يفقد فيه الأسد نظامه وسيطرته في سوريا. الى داخل الفراغ ستدخل قوات مؤيدة لإيران، وليس هذا فقط – بل ملايين اللاجئين الذين سيفرون من معارك الحرب الاهلية أساسا الى الأردن (وربما بعضهم الى العراق، لكن تركيا بالتأكيد ستغلق حدودها في وجههم). ومن شأن هؤلاء ان يؤدوا الى المس باستقرار الأردن – واقع من شأنه أن يقع كثمرة ناضجة في ايدي طهران.

لم تخفي طهران ابدا تطلعاتها هذه. وعندما ستكون هذه جاهزة جيدا في سوريا مع قواتها، فان السيطرة على الأردن أيضا لن تكون سيناريو بعيدا عن الواقع. في الشرق الأوسط، ومع ايران بخاصة لا يمكن استبعاد احتمال هذه السيناريوهات. هذا ما تعلمناه جدا في 7 أكتوبر 2023. سيناريو لم يكن واقعيا حتى قبل بضعة أيام من شأنه أن يصبح سيناريو رعب من زاوية نظر إسرائيل.

هذا ما ينبغي الاستعداد له. هذا ما ينبغي ان نربط به الولايات المتحدة وباقي دول التحالف التي كانت جزءاً من منظومة الدفاع التي بنيناها في نيسان من هذا العام، كي ندافع عن أنفسنا في وجه الهجوم الإيراني.  في الواقع الناشيء، المصلحة الإسرائيلية هي حفظ نظام الأسد في سوريا.

في الشرق الأوسط يبدو أن الامر الأكثر استقرارا هو انعدام الاستقرار.

——————————————–

هآرتس 3/12/2024 

رغم أن حماس هي التي قامت بشن الحرب، إلا أنها تحمل اسرائيل المسؤولية

بقلم: نحاميا شترسلر

29 تشرين الثاني هو من الايام المهمة جدا في اسرائيل. في هذه السنة مر هذا اليوم بدقيقة صمت وبدون احتفالات، ربما لأنه توجد على الاجندة الآن مواضيع اكثر اهمية مثل مستقبل وقف اطلاق النار في الشمال ومصير المخطوفين في غزة.

في يوم الجمعة الماضي صادف مرور 77 سنة على قرار الامم المتحدة بشأن خطة التقسيم التي أدت الى انهاء الانتداب البريطاني واعلان دافيد بن غوريون (بعد نصف سنة) عن اقامة “الدولة اليهودية في ارض اسرائيل، دولة اسرائيل”. منذ ذلك اليوم نحن نعيش في حروب متواصلة، التي في كل مرة تغير صورتها وطابعها. المذبحة في 7 اكتوبر هي واحدة منها، وقد تسببت في ضعضعة اصغر المعتقدات لدينا. هل يوجد من نتحدث معه في الطرف الآخر، وما هو حقنا في هذه البلاد؟.

حتى 7 اكتوبر كثيرون منا آمنوا بأنه يمكن ويجب التوصل الى اتفاق، ليس فقط مع السلطة الفلسطينية، بل ايضا مع حماس. 7 اكتوبر اثبت أننا كنا مخطئين. فمع حماس لا يوجد ما يمكن التحدث عنه. لأن الحديث عن منظمة جهادية ارهابية تريد القضاء علينا ووراثة البلاد.

قتل المدنيين في غلاف غزة والاغتصاب وقطع الاعضاء واحراق عائلات على قيد الحياة، كل ذلك يثبت ذلك. ميثاق حماس من العام 1988، الذي يعلن عن التزامها بالقضاء على اسرائيل هو دليل آخر. فبالنسبة لهم لا يوجد لليهود أي حق في هذه البلاد، ونحن بالنسبة لهم لم نكن موجودين هنا في أي يوم، ولم تكن هنا مملكة شاؤول وداود، أو الهيكل الأول والثاني. بالنسبة لهم نحن مجرد غزاة.

صحيح أن العالم اعترف وبحق بالتاريخ اليهودي وحقوق الفلسطينيين، ونحن نرى ذلك جيدا في خطة التقسيم. ولكن في حين أن قيادة الاستيطان اليهودي وافقت على الخطة فان العرب رفضوها. غداة القرار قاموا بشن هجوم على الاستيطان اليهودي الذي اصبح غزو جماعي بعد اعلان الاستقلال في أيار 1948.

العرب كانوا على ثقة بأنهم سينجحون في القضاء على الاستيطان اليهودي الصغير، لكن الجيش الاسرائيلي فاجأهم وانتصر عليهم. ومثلما يحدث في حروب كثيرة فان مئات آلاف العرب اضطروا الى ترك بيوتهم واصبحوا لاجئين. من ناحيتهم هذه هي النكبة، ونحن نتحمل سببها. ولكن هذه الكارثة هم الذين تسببوا بها لانفسهم. لا يمكن شن حرب والخسارة فيها، وفي نفس الوقت أن تصبح أنت الضحية. لأنه من الواضح لو أننا خسرنا ببساطة لما كنا الآن موجودين.

الفلسطينيون يسمون الدمار الحالي والقتلى في غزة بـ “النكبة 2”. ولكن في هذه الحالة لسنا نحن الذين تسببنا بالكارثة. الهجوم الوحشي في 7 اكتوبر بادرت اليه حماس. وهكذا فقد تسببت بالكارثة لنفسها. حماس كانت على ثقة من أن حزب الله سينضم للهجوم، وايران ايضا، وسيحتفلون معا بتدمير اسرائيل، لكنها كانت مخطئة في ذلك.

سلطة حماس في غزة كان يمكنها أخذ التاريخ الى اتجاه مختلف كليا. فبعد انسحاب اسرائيل من القطاع في 2005 سنحت الفرصة. وحماس كان يمكنها اختيار الحياة وليس الموت. كان يمكنها التركيز على تطوير السياحة والفنادق والمطاعم على شاطيء غزة الجميل. كان يمكنها تشغيل الدفيئات التي قام سكان غوش قطيف بتركها (بدلا من تدميرها). كان يمكنها الاستثمار في البنى التحتية والتكنولوجيا والهايتيك. وبالتالي، تحويل غزة الى قصة نجاح على شاكلة سنغافورة.

لكن حماس اختارت الدم والنار. اختارت التسلح والعودة لاطلاق الصواريخ نحونا وحفر الانفاق، على حساب سكان غزة الذين يتمرغون في الفقر. حماس حولت غزة الى ديكتاتورية حمساوية لها هدف رئيسي واحد وهو القضاء على اسرائيل.

الآن بعد أن تم تدمير معظم قوتها العسكرية فقد حان الوقت لأن تغير قيادة حماس الاتجاه والعمل من اجل سكان غزة الذين يعانون من ازمة انسانية شديدة. حماس يجب عليها الاعتراف بسقوطها، والتنازل عن السلطة، والتوصل الى اتفاق لانهاء الحرب واعادة المخطوفين، الامر الذي سيمكن من اعمار قطاع غزة وانقاذ السكان هناك. للاسف، المرجح اكثر هو أنها ستختار استمرار القتال واتهام اسرائيل بـ “النكبة 2، بالضبط كما اختار العرب بعد 29 تشرين الثاني.

 ——————————————–

يديعوت 3/12/2024

بعد اندثار الديمقراطية فيها إسرائيل تتحوّل دولة منبوذة اقتصادياً

بقلم: جاد ليئور

يجلس اقتصاديون كبار في واشنطن، فرانكفورت، طوكيو، وبروكسيل، على مدار الأيام الماضية، ويتابعون، عن كثب وبأسف أيضاً، حالة الضياع التي تسود إحدى الدول: إسرائيل. لا، لا يدور الحديث حول متابعة البورصة في تل أبيب، ولا ما يحدث في شركة “تيفاع”، أو ميزان الدفعات، أو حتى العجز في ميزانية دولة إسرائيل.

تتركز في هذه المدن جميع المؤسسات الاقتصادية المهمة في العالم: صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة OCED، والممثلية الأوروبية، وأيضاً البنوك الكبيرة في العالم، وشركات تقييم الائتمان. هناك، يجلس الاقتصاديون في حالة ذهول وحزن مع بدء اندثار الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، كدولة ديمقراطية.

لماذا يهتم الاقتصاديون بشؤون غير اقتصادية، مثل خطوات إغلاق هيئة البث العام، وتوسيع الحصانة البرلمانية، والسماح للشرطة بإلقاء قنابل هلع على متظاهرين، والامتناع عن تعيين رئيس للمحكمة العليا، وإقالة المستشارين القضائيين المستقلين داخل وزارات الحكومة، والسماح لرئيس الحكومة بتعيين مفوض الخدمات الجماهيرية؟ هناك قاسم مشترك واحد لهذا كله: تقترب نهاية الديمقراطية في دولة كانت الوحيدة التي لديها نظام حُكم كهذا في الشرق الأوسط، وهو نظام ساعدها وساعد أداءها الاقتصادي، والثقة بها في عالم الاقتصاد على مدار 76 عاماً من وجودها.

نشهد تخفيضاً للتقييم الائتماني للمرة الثالثة، لأول مرة في التاريخ، تشهده دولة إسرائيل خلال الأشهر التسعة الماضية. يمكن أن تجري إزالة رموز الديمقراطية في دولة اليهود الوحيدة في مطلع 2025، مع اقتراب ذكرى تأسيسها الـ77، وهو ما يمكن أن يدفع إلى تخفيض التقييم الائتماني مرة أُخرى، ويقرّب إسرائيل من دول العالم الثالث الضعيفة.

لماذا يؤثر إغلاق هيئة البث العام، أو السيطرة على تعيين القضاة والمفوض العام، على التقييم الائتماني الاقتصادي لدولة إسرائيل في العالم؟ الموضوع بسيط للغاية، حتى إن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي يقود تفكيك النظام الديمقراطي في إسرائيل، يعرف هذا جيداً، كونه حائزاً درجة الماجستير في إدارة الأعمال: دولة لا يوجد فيها قضاء عادل، ويعمل المستشارون القضائيون بإمرة الوزراء، ولا يوجد فيها إعلام حر، وتقوم الشرطة بفضّ التظاهرات باستعمال القنابل – هي دولة منبوذة اقتصادياً.

أيُّ مستثمر سيستثمر في إسرائيل حين يصبح حسم كل نقاش مع سلطة الضرائب داخل أروقة قضاء تابع للنظام؟ أيُّ مستثمرين سيستثمرون المليارات في دولة يكون إعلامها محكوماً من النظام؟ وأيُّ شركة ستترك أموالها في إسرائيل عندما تستطيع حكومة غير ديمقراطية تأميم الأموال متى تريد؟

يبدو وكأن الجماهير في إسرائيل لن تخرج إلى التظاهر في الشوارع من أجل حماية هيئة البث العام، أو تعيين مفوض من طرف رئيس الحكومة، بعد أن تعبت من التظاهر من أجل تحرير 101 من المخطوفين، وما يُقلق سكان الشمال هو في الأساس ما إذا كانت العودة إلى منازلهم الملاصقة للحدود مع لبنان آمنة.

لكن عندما ينهضون من النوم مع بداية الشتاء، سيكتشفون أن تقييم الائتمان ووقف الاستثمارات في إسرائيل سيقود الدولة التي يحبونها كثيراً إلى عجز كبير لا يمكن سداده، وترافقه عمولات مرتفعة جداً ستُفرض على القروض، وهو ما سيزيد الضرائب التي ستفرضها حكومة الدولة الديمقراطية سابقاً، هذا إلى جانب بطالة مرتفعة جداً وتدهور وضع كثيرين من سكانها إلى ما تحت خط الفقر.

هذا محزن جداً.

——————————————–

يديعوت 3/12/2024

رسالة «هيئة الأركان»: نضجت الظروف لصفقة مخطوفين

بقلم: يوسي يهوشواع

ترى المنظومة الأمنية أن هناك فرصة لحدوث اختراق في المفاوضات بشأن إعادة المخطوفين، وهي توصي المستوى السياسي باستغلال الفرصة للتوصل إلى صفقة توقف الحرب في غزة، مؤقتاً، وتعيد المخطوفين.

هذا هو رأي عدد من الأطراف رفيعة المستوى في الجيش، التي تتولى مناصب مهمة، بينهم مَن كان في الماضي يشكك في احتمال التوصل إلى صفقة. 

ويستند موقفهم هذا إلى تقاطُع عدد من العوامل في آن معاً، ما يغيّر الواقع: انتهاء الحرب في لبنان، وفصل الساحات، ونقل مركز الثقل العسكري إلى القطاع، والاهتمام بما يجري في سورية، والضغط الداخلي في غزة، بالإضافة إلى الضغط الداخلي في إسرائيل، وتبدُّل الإدارة الأميركية. في ضوء هذا كله تجدر الإشارة إلى المصريين الذين يحاولون تحريك الصفقة بقوة.

وعلى الرغم من عدم إقرار مقترح ملموس بشأن الصفقة، فإن رأي الجيش والمنظومة الأمنية أن الأيام الأخيرة شهدت تضافراً في عدد من الأطر التي يمكن أن تدفع “حماس” إلى صفقة سريعة مع إسرائيل. 

وقال لنا مسؤول إسرائيلي، تحدثنا معه، إنه حتى لو بدأت الصفقة تنضج، فإن ما ستتضمنه غير واضح، لكن إسرائيل تمرّ بأيام حاسمة يمكن أن تغيّر صورة القتال في قطاع غزة.

المتغيّر الأكبر يبعد 200 كم عن المكان الذي يختبئ فيه شقيق السنوار، أي لبنان. 

وعلى الرغم من أن قسماً من المنظومة الأمنية يعتبر الاتفاق مع لبنان فشلاً استراتيجياً، لكن هؤلاء يرون فيه فرصة للضغط بقوة على “حماس” في غزة. 

وفي الوقت الذي كان فيه “حزب الله” يمثل نوعاً من بطاقة تأمين لـ”حماس” منذ تشرين الأول 2023، فإن إغلاق الساحة اللبنانية رأى فيه قسم من “حماس” خيانة للمحور وترك غزة وحدها في المعركة في مواجهة إسرائيل.

لم يعد الاهتمام الإسرائيلي موزعاً بين الساحتين الشمالية والجنوبية، وعاد الثقل العسكري إلى القطاع، إلى جانب الجبهة الإسرائيلية – الأميركية الموحدة مع الإدارة الأميركية الجديدة، أمور كلها تؤثر في القطاع، وفي صنّاع القرار في “حماس” الذين ما زالوا أحياء في الأنفاق.

المتغيّر الثاني هو الجمهور في غزة، الذي يرزح منذ أكثر من عام تحت وطأة قتال عنيف يشنّه الجيش الإسرائيلي ضد “حماس”، ويعيش في خيام مؤقتة أقيمت له، ويعاني جرّاء الشتاء الشرق أوسطي.

وأشار مصدر أمني إسرائيلي إلى أن البنية التحتية العسكرية لـ”حماس” انتهت تقريباً، والأمر الوحيد الباقي لها الآن هو الجمهور الذي توظف فيه جهودها القليلة المتبقية للمحافظة على سيطرتها الأساسية. 

وفي رأي مصادر أمنية، فإن التوصل إلى صفقة في الوقت الحالي يساعد “حماس” على المحافظة على مكانتها وسط الرأي العام الغزّي وطرد العناصر التي تعارض سيطرتها من العشائر التي تشتبك معها بعنف بسبب توزيع المساعدات الإنسانية على السكان.

مع ذلك، يدركون في المنظومة الأمنية أن “حماس” لن تتخلى بسهولة عن كل المخطوفين، لأنهم ورقة المقايضة الأخيرة لديها. 

المخطوفون والمخطوفات الإسرائيليون، الأحياء والأموات، هم الشيء الوحيد الذي يحول دون الانهيار الكامل للأطر العسكرية والحكومية التي أقامتها حركة “حماس” منذ سنة 2007.

ويمكن التقدير أن “حماس” قد تتنازل عن أجزاء معينه من الاتفاق المستقبلي، مثل وجود الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا والمنطقة الفاصلة بين غزة ومستوطنات الغلاف، ومن غير الواضح إذا ما كانت إسرائيل ستتنازل وتُخرج قواتها من ممر نتساريم. 

ثمة عقبة أُخرى ستبرز، هي تحرير الأسرى الفلسطينيين. منذ عام، يعمل الجيش و”الشاباك” على “تنظيف” قطاع غزة من “المخربين”، لكن الصفقة، إذا حدثت، ستُدخل “دماً جديداً” إلى صفوف الحركة.

لكن على الرغم من كل هذه العقبات والمصاعب التي قد تضعها “حماس” ومصر في الاتفاق المقبل فإن المنظومة الأمنية تعتقد أن هذا هو الوقت الأفضل من أجل التوصل إلى صفقة. 

العمليات المتواصلة في جباليا، وفي شمال غزة ورفح انتهت، و90% من السكان يتمركزون في منطقة خان يونس – المواصي. 

وبغياب الصفقة، يستعد الجيش الإسرائيلي لزيادة الجهد العملاني بصورة كبيرة في سائر أنحاء القطاع خلال أشهر الشتاء، وعلى ما يبدو، بدعم أميركي، ومع تبدُّل الإدارة في البيت الأبيض.

في ضوء هذه التطورات، وبعد عرض فيديو للمخطوف عيدان ألكسندر، التقى رئيس الدولة، إسحق هرتسوغ، وعقيلته عائلة عيدان، أول من أمس، وقال لها: “هناك مفاوضات من وراء الكواليس، وهناك فرصة الآن لإحداث تغيير يؤدي إلى صفقة مخطوفين”.

——————————————–

هآرتس 3/12/2024

النتائـج المترتبـة علـى حـظْـر عمــل «الأونــروا» فــي غـــزة والضـفــة

بقلم: كريس غانز

قرار الكنيست، في 28 تشرين الأول، حظْر عمل “الأونروا” في غزة والضفة الغربية هو هدف مضاد بصورة “مذهلة”، فبعد القرار، سيحصل 2.5 مليون فلسطيني في غزة والضفة الغربية على مستوى جديد وأكبر من الحماية الدولية من المفوضية العليا للاجئين (UNHCR)، التي بالنسبة إليها يتمثل الحل الأفضل لحالات اللجوء الطويلة الأمد في العودة الطوعية إلى الوطن، وحق العودة.

وهذا هو نقيض ما كانت تأمل الحكومة اليمينية المتطرفة تحقيقه عندما قررت تدمير “الأونروا” وهي في حالة نشوة سلطة ودوار بعد ما تعتبره انتصاراً عسكرياً في غزة، وتحركت بصورة واهمة واستناداً إلى معلومات مغلوطة. لقد اعتقدت الحكومة أنه إذا منعت عمل “الأونروا”، فسيكون في الإمكان طرد اللاجئين الذين تقدّم إليهم خدماتها من عملية السلام، ومحوهم من تاريخهم وحرمانهم من حقوقهم، وستختفي حججهم التاريخية.

لكن إسرائيل ستدرك أن 6.8 مليون شخص، وهو عدد اللاجئين المسجلين رسمياً لدى “الأونروا” (وبينهم أولئك الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين في سورية ولبنان والأردن)، لن يختفوا بهذه السهولة، على الرغم من التأييد السياسي لواشنطن والقوة العسكرية لإسرائيل.

إن مسؤولية المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة إزاء اللاجئين الفلسطينيين منصوص عليها في المادة “د” من اتفاقية اللجوء العائدة إلى سنة 1951. وتوضح العبارة الثانية في المادة هذا الأمر جيداً: “إذا توقفت هذه الحماية أو المساعدة لأي سبب دون أن يكون مصير هؤلاء الأشخاص قد سوي نهائياً، طبقاً لما يتصل بالأمر من القرارات التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، يصبح هؤلاء الأشخاص، جرّاء ذلك، مؤهلين للتمتع بمزايا هذه الاتفاقية”. [الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، الأمم المتحدة، حقوق الإنسان، مكتب المفوض السامي]

ومعنى ذلك أنه إذا جرى تطبيق قرار الكنيست ومنعت “الأونروا” من تقديم الخدمات، فإن اللاجئين الفلسطينيين في ظل غياب حل عادل وقابل للحياة، وهو اليوم بعيد أكثر من أي يوم آخر، سيصبحون خاضعين لاتفاقية اللاجئين، وتابعين للمفوضية العليا للّاجئين UNHCR، وقد تمت الموافقة على ذلك في الخطوط التوجيهية التي أصدرتها المفوضية سنة 2017. وتشدد المادة 29 على أنه “عندما تتوقف حماية “الأونروا” أو مساعدتها فإن اللاجئ الفلسطيني سيكون بصورة تلقائيه له الحق في التقديمات بحسب معاهدة 1951″.

وفي حالة كهذه، فإن هذا لا ينطبق فقط على اللاجئين الحاليين، بل أيضاً على الأجيال القادمة المسجلة في “الأونروا”. وفي ظل غياب قرار بشأن وضعهم كلاجئين، فسيكون لهم الحق في الحصول على الحماية الدولية المنصوص عليها في اتفاقية اللاجئين. وكي نكون واضحين، فكما تسجل “الأونروا” تسجل المفوضية العليا للّاجئين أيضاً أولاد اللاجئين وفق قانون جمع الشمل. وبناءً على ذلك، فسيظل عدد اللاجئين الفلسطينيين يزداد تحت رعاية المفوضية العليا للّاجئين تماماً كما كان يجري برعاية “الأونروا”، إلى حين التوصل إلى سلام عادل وقابل للحياة.

وفي هذه الأثناء، تواصل “الأونروا” عملها بالقدر الممكن، وتواصل تحديث قوائمها الخاصة باللاجئين. وقد خاطرت الوكالة بنقل آلاف الوثائق عن السجلات التي يعود بعضها إلى سنة 1948، وأخرجتها من مقر الوكالة في غزة خلال القتال الحالي، كما أخرجت هذه السجلات من الضفة الغربية ونقلتها إلى مقرها في عمّان، وبفضل تفاني عمل موظفيها، جرت رقمنة هذه السجلات بالكامل وحفظها.

إن المحافظة على الركيزة الأساسية لثقافة اللاجئين وهويتهم ستكون موضع ارتياح عام وسط الشتات الفلسطيني، ولدى الناجين من النكبة، والذين يواجهون، بحسب فرانشيسكا ألبانيز، المسؤولة عن تقديم التقرير إلى الأمم المتحدة، ما تسميه خطر “المحو الاستعماري”. وطبعاً، نظراً إلى أن إسرائيل غير قادرة على تدمير قاعدة البيانات المهمة، فإنه ستكون لذلك أهمية كبيرة إذا ما قرر اللاجئون المطالبة بحقهم في العودة أو استعادة أملاكهم والحصول على تعويضات من إسرائيل التي من حقهم الحصول عليها بحسب القانون الدولي الذي أُقر في القرار 194 الصادر عن الجمعية العمومية في الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن هذا الأمر غير قابل للتطبيق فوراً، فإن قاعدة البيانات الرقمية الكاملة لوكالة “الأونروا” تحفظ لهم هذا الحق.

وفي نظرة إلى المستقبل، فإن القيادة الإنسانية ترتقي قيمتها عندما تقول ما قاله الأمين العالم للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس: إنه في غياب “الأونروا”، فإن واجب تقديم الخدمات إلى اللاجئين الفلسطينيين يقع حصراً على عاتق قوة الاحتلال إسرائيل. وهذا أمر مخزٍ، لا سيما عندما تكون إسرائيل متورطة فيما تعتبره محكمة العدل الدولية جريمة إبادة جماعية، بالإضافة إلى إصدار محكمة الجنايات الدولية أوامر اعتقال ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، بينها استخدام التجويع كسلاح والاضطهاد وغيرها من أفعال غير إنسانية.

من المحزن سماع غوتيريس يتحدث عن مسؤولية الاحتلال. قبل تعيينه أميناً عاماً للأمم المتحدة، عمل غوتيريس لمدة 10 سنوات في منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومن الواضح أنه على دراية تامة بتدابير الحماية الواردة في المادة “د” من اتفاقية 1951.

بالإضافة إلى ذلك، من المناسب أن يأتي المفوض السامي الحالي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، الذي شغل سابقاً منصب نائب المفوض العام عن “الأونروا”، وبعدها منصب المفوض العام منذ سنة 2005 وحتى سنة 2014 وقد دافع عن الوكالة علناً وبحزم، ومن المعروف التزامه بقضية اللاجئين الفلسطينيين. في هذه اللحظة الحرجة، يتعين على القيادة الرفيعة المستوى في الأمم المتحدة أن تتعهد بصورة قاطعة أمام الفلسطينيين بأن على الأمم المتحدة واجباً تاريخياً إزاءهم، وأنها ستدافع عن حقوقهم، وسيكون لهم الحق في العودة كعشرات الملايين من اللاجئين في العالم.

وإذا استمر هذا الجنون، فإن نهاية “الأونروا” ستفتح فصلاً جديداً أقوى يتعلق بحق عودة الفلسطينيين، وستنتقل المسؤولية عنهم من مؤسسة إقليمية صغيرة نسبياً إلى منظمة عالمية دافعت لفترات طويلة عن حقوق الإنسان وحق العودة في حالات اللجوء الطويلة الأمد.

عندما تواجه “الأونروا” تهديداً وجودياً ويواجه اللاجئون الفلسطينيون الذين تقدّم إليهم خدماتها خطر “المحو الاستعماري”، فإنني أدعو الأمم المتحدة المسؤولة عن عمل “الأونروا” إلى إحالة القضية على وجه السرعة إلى مجلس الأمن. كما أدعو غوتيريس إلى ممارسة صلاحياته وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، والتحرك لحماية “الأونروا” ودعمها باعتبارها الهيئة المسؤولة وفقاً لتفويضها عن المحافظة على السلام والأمن الدوليَّين.

وبينما الشرق الأوسط في حالة حرب، فإن الأمن والسلام الدوليَّين في خطر إذا سُمح لإسرائيل تدمير الوكالة التي ساهمت خدماتها في ولادة رأسمال بشري وأمل بمستقبل من السلام وسط هذه الجماعة الضعيفة والمستضعفة في الشرق الأوسط منذ 75 عاماً.

——————————————–

إسرائيل اليوم 3/12/2024 

نصرالله، حزب الله والتحدي لاسرائيل

بقلم: عوديد عيلام

بعد بضعة أشهر من نشوب الحرب، جلست في كافتيريا استديو الاخبار مع مسؤول سابق هو اليوم احد المحللين الصاخبين. لم يخفِ اعجابه بنصرالله الذي وصفه بـ “فنان شطرنج من الدرجة الاولى – جيري كاسبروف الشرق الأوسط. على حد قوله، نصرالله “يقرأنا ككتاب مفتوح ويستخدم علينا عصاه السحرية المرة تلو الأخرى”.

ما كان بوسعي أن ابقى صامتا. “تجربتي في متابعة نصرالله وان كانت تتلخص فقط ببضع عشرات السنين”، اجبت، “لكن ما تقوله مخطيء. نصرالله ليس فنانا، بل مخطيء مواظب استغل عجزنا وضعفنا. هذه المرة اخطاءه ستجلب الخراب على حزب الله، على الطائفة الشيعية، على لبنان وأخيرا عليه نفسه”.

وحذرت المحلل: عندما نكرر نحن المحللين رسائل كهذه، فاننا نخلق قلقا لدى الجمهور ونثبط معنوياته. كمحللين ملقاة علينا مسؤولية أيضا – كما يقول المثل العربي: “الحكيم يقع في الطين فيوسخ جلابية أخرى. فانفصلنا انا والمحلل المحترم لا كأصدقاء.

وبالفعل هذا ما حصل. حزب الله وجد نفسه في أسوأ وضع منذ تأسيسه. فقد تعرض لضربات قاسية، فقدَ قسما هاما من قدراته وفشل في تحقيق المفاجآت العملياتية التي تبجح بها. سيطرته المطلقة في الساحة اللبنانية اهتزت، ومسيرات النصر في الضاحية لا تنجح في إخفاء الواقع المرير. اليوم، حزب الله لم يعد يشكل تهديدا استراتيجيا على إسرائيل.

الاتفاق الذي وقع مؤخرا لا يعكس انجازاتنا العسكرية. بل ضغوطا خارجية – واساسا من جانب إدارة بايدن. الهدف المركزي للامريكيين كان انجاز اتفاق يؤدي الى انهاء الحرب ويبدو جيدا في صفحات الـويكيبيديا. وعاموس هوكشتاين الى لبنان منذ تشرين الثاني 2023. لحظنا كعادته مرة أخرى أخطأ نصرالله ورفض العرض. لو كان وافق لكنا نقف اليوم امام واقع آخر تماما.

في آب 2006، ايران وحزب الله وزعا لكل عائلة تضررت في جنوب لبنان عشرة الاف دولار. عشرات ملايين الدولارات استثمرت. هكذا كسب الإيرانيون عالمهم بين الطائفة الشيعية وفي لبنان. النتيجة رأينا في 8 أكتوبر. محظور علينا أن نسمح بتكرار العملية.

كي نمنع إعادة تموضع حزب الله، على إسرائيل أن تطلب التحييد التام لإيران عن عملية إعادة البناء، مع دعم الولايات المتحدة والدول المانحة. يجب طرح شرط واضح على لبنان: لن تكون إعادة بناء بمشاركة إيرانية ولن يتاح ضخ أموال من طهران.

إضافة الى ذلك، فان إسرائيل ملزمة بان تطالب بتعويضات على الضرر الهائل الذي لحق بها كنتيجة للهجوم من لبنان والإصرار على ان يؤخذ التعويض من أموال المساعدات الدولية للبنان. صحيح أن هذا المطلب يبدو طموحا، ولكن الواجب الأخلاقي وضعه على الطاولة.

وختاما، الاتفاق مثقب، قابل للاختراق ومتملص. لكننا مطالبون بان ننظر الان الى الامام، كما يقول نيكولو ميكافيلي: “الفرص لا تأتي بل تؤخذ”. هذا هو زمن إسرائيل لان تأخذ الفرصة، تحيد حزب الله وتعيد رسم واقع جديد في الشرق الأوسط.

——————————————–

هآرتس 3/12/2024 

في لعبة اردوغان في سوريا يوجد ثمن خطير

بقلم: تسفي برئيل

معارك مليشيات المتمردين في سوريا، برعاية تركيا، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام، تتوسع في الفترة الاخيرة لتصل الى منطقة مدينة حماة بعد السيطرة على جزء كبير من حلب، والقوات الآن تصطدم بالاكراد. خطة الهجوم، التي حتى الآن تواجه معارضة محدودة لسوريا وبهجمات روسية من الجو، ما زالت غير متبلورة. ولكن يبدو أنه في نية المليشيات خلق منطقة عازلة بين الحدود مع تركيا والمحافظات الكردية بصورة تتلاءم جيدا مع الخطة الرئيسية الاستراتيجية لتركيا، التي تطمح الى اقامة “حزام امني” بمسافة 25 – 30 كم على طول الحدود.

تركيا تحاول في الحقيقة التوضيح بأن قواتها لا تشارك بشكل مباشر في القتال، ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان، اعلن بأنه يجب عدم وصف الاحداث في سوريا كتدخل اجنبي، أي تركي. ولكن يصعب ايجاد من يصدق هذا الادعاء. فتركيا قامت برعاية الـ 12 مليشيا التي تعمل باسمها ومن اجلها. وحسب رئيس المعارضة في سوريا التي حصلت على الاعتراف في المجتمع الدولي فان التخطيط للهجوم بدأ قبل سنة ولكن تم تأجيله بسبب الحرب في غزة وفي لبنان.

يصعب الاعتقاد بان انقرة لم تعرف عن الخطط ولم تعط لها الضوء الاخضر. ليس بالصدفة أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يظهر الآن كمن يمسك بيديه زمام الامور العسكرية والسياسية في سوريا. يبدو أنه يطمح الى أن يحقق بواسطة المليشيات ما فشل حتى الآن في تحقيقه بالدبلوماسية. في السنة الماضية حاول اردوغان تلمس طريق عودته الى دمشق، لكنه ووجه برفض مطلق من بشار الاسد. الرئيس السوري طلب أن تقوم تركيا بسحب كل قواتها من سوريا كشرط لاجراء المفاوضات حول استئناف العلاقات التي قطعت في العام 2012، في اعقاب المذبحة التي نفذها الاسد في ابناء شعبه. منذ ذلك الحين تحول الصديقان الحميمان، الاسد واردوغان، الى عدوين لدودين، واردوغان لم يتوقف عن المطالبة بازاحة الاسد عن الحكم.

في نفس الوقت اقتحت القوات التركية الاراضي السورية، وبمساعدة مليشيات مخلصة لانقرة سيطرت على قرى وبلدات في المحافظات الكردية التي طرد الآلاف من سكانها، كثيرون منهم انتقلوا الى حلب وادلب، وفي هذا الاسبوع ذهب ايضا بعضهم في اعقاب المعارك. رغم ذلك فان السيطرة الجغرافية لتركيا على طول الحدود في العمق السوري لم تستكمل بعد. قوات كردية مسلحة، التي تنتظم في اطار “قوات سوريا الديمقراطية” تسيطر على جيوب للاكراد التي تمنع خلق التواصل الذي تطمح اليه تركيا.

هذه القوات تتكون من المقاتلين الاكراد الى جانب المقاتلين العرب. وقد تم تشكيلهم على يد الادارة الامريكية من اجل محاربة داعش، وبعد ذلك اصبحوا بؤرة خلاف رئيسية، التي دهورت العلاقات بين واشنطن وانقرة. في 2019 اقترح اردوغان على الرئيس دونالد ترامب تحمل المسؤولية عن محاربة بقايا داعش بدلا من القوات الكردية. في البداية وافق ترامب على هذا العرض واعلن عن نية سحب القوات الامريكية من سوريا. ولكن في حينه ووجه بانتقاد داخلي شديد ومن المجتمع الدولي واضطر الى أن يتراجع.

فرصة جديدة

دخول جو بايدن الى البيت الابيض مثل حضيض عميق في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، ليس فقط بسبب قضية الاكراد. بايدن اعلنعن الدعم غير المحدود لاكراد سوريا، وخلال اشهر امتنع عن الالتقاء مع اردوغان. فهو ايضا لم يعتبر اردوغان شريكا في ادارة النزاعات الاقليمية، وحتى رفض اقتراحه للتوسط بين روسيا واوكرانيا. اضافة الى ذلك بايدن اصبح هدف لانتقاد الكونغرس بعد مصادقته لتركيا على شراء طائرات “اف16” مقابل موافقة اردوغان انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو.    يبدو أنه بعد فوز ترامب في الانتخابات الامريكية فان اردوغان يلاحظ وجود فرصة جديدة لرسم خطوط دفاع تركيا على الحدود مع سوريا، وحتى قطع العلاقة بين واشنطن والقوات الكردية. اردوغان كما يبدو يفترض أن ترامب، المؤيد للانفصال الامريكي، يمكن أن يتبنى الاقتراح القديم، أن تكون تركيا رأس الحربة في الحرب ضد داعش. في هذه الحالة سيكون بالامكان سحب القوات الامريكية من سوريا.

لكن هذه الخطوة ستحتاج الى المصالحة بين تركيا وسوريا، لأنه حسب خطة اردوغان فان الجيش السوري يمكن أن يعيد سيطرته على المحافظات الكردية ويمنع نشاطات القوات الكردية المسلحة التي تعتبر في تركيا “منظمات ارهابية”. سوريا يمكنها مرة اخرى استيعاب 3.5 مليون لاجيء سوري الذين يوجدون الآن في تركيا.

الآن يبدو أنه توجد فرصة للقيام بعملية عسكرية تهدف الى الدفع قدما باستراتيجية اردوغان السياسية، في اعقاب عدد من الاحداث التي تراكمت مؤخرا، مثل فشل الجهود الدبلوماسية لتحقيق اهداف خطة اردوغان في تحقيق مفاوضات مباشرة بينه وبين الاسد، انهاء الحرب بين اسرائيل ولبنان، انشغال روسيا في الحرب في اوكرانيا وضعف نفوذ ايران في سوريا.

صراع المصالح

اردوغان يرى نفسه الآن في المكان المفضل عليه وهو قائد – وسيط يمكنه وقف وتحريك استراتيجية اقليمية وعالمية. سيطرته على مليشياته جلبت له وزير الخارجية الايراني، عباس عراقجي، الذي طلب تدخل انقرة لوقف النار التي تهدد نظام الاسد، هذا الى جانب المحادثات الهاتفية التي تم تسلمها من الكرملين. اردوغان اصبح مرة اخرى الزعيم المطلوب وده، الشخص الذي نجح في عقد “اتفاق الحبوب” بين روسيا واوكرانيا، وكان العراب الرئيسي في وقف اطلاق النار بين ارمينيا واذربيجان.

ولكن في المواجهة الحالية الامر لا يتعلق بالوساطة بين الدول أو نزاع بعيد. تركيا هي طرف مشارك وتوجد لها مصلحة في المعركة في سوريا، التي يجب عليها فيها مواجهة مصالح حيوية لايران وروسيا، التي يقف امامها الجيش السوري والقوات الكردية التي تحصل حتى الآن على الدعم الامريكي. واذا بادرت تركيا، أو على الاقل سمحت، لمليشياتها بشن معركة عسكرية لتحقيق اهدافها السياسية، فانه يوجد خوف من أن هذه العملية سيتبين في نهاية المطاف أنها مقامرة خطيرة، وسيصعب توقع اضرارها المحتملة.

مليشيا “هيئة تحرير الشام” هي في الواقع المليشيا الاكبر التي تعمل في سوريا والاكثر تسلحا، ولكنها حتى الآن لا تصل الى حجم الجيش السوري. يوجد لديها سلاح ثقيل وسيارات مصفحة ومسيرات، التي عملت في احياء حلب وحماة، ولكن يجب عليها مواجهة سلاح الجو السوري، وبالاساس سلاح الجو الروسي، الذي يقوم بقصف قواتها، في الوقت الذي تجري فيه معارك قاسية بين المليشيات والقوات الكردية.

ايران وروسيا لم تقولا حتى الآن الكلمة الاخيرة. هما وعدتا بتقديم كل الدعم للاسد، ومئات المقاتلين في المليشيات الشيعية الموجودة في العراق اجتازوا الحدود ودخلوا الى سوريا. اذا اصيبت في هذه المعارك قواعد تركية وجنود اتراك، الذين يوجدون في سوريا، فان تركيا يمكن أن تعتبر ذلك ذريعة للتدخل العسكري المباشر. من هنا فان الطريق قصيرة لحدوث مواجهة بين القوات السورية والقوات التركية واندلاع حرب “واسعة”، ليس بين الملشيات بل بين الدول. هذه النتيجة بعيدة جدا عن السيناريو الذي تتطلع اليه تركيا.

———————————————

معاريف 3/12/2024 

احتمال الصفقة في غزة يكون ممكنا اذا ما نسخت التسوية مع حزب الله

بقلم: آنا برسكي

في بحر من التصريحات، الاحاطات، المنشورات والتقديرات بالنسبة لاحتمالات صفقة مخطوفين – من الصعب الإشارة الى النقطة التي تمر فيها الحدود بين التصريحات والواقع، وبين المرغوب فيه والممكن.

محافل عديدة، في الداخل وفي الخارج، تحاول دفعنا لان نكون متفائلين. بعد سنة من الاتصالات، الجهود، التسريبات عن “نحو صفقة” و “بعد قليل صفقة” – تفجرت كالبالون المليء بالهواء الساخن – من الصعب أن نشتري مرة أخرى البضاعة التي يحاولون بيعها لنا، والتقديرات بانه في ضوء آخر الأوضاع، بعد التسوية في الشمال، (اذا ما صمدت) ستكون حماس مستعدة لان تلين.

هذه التقديرات منطقية وواجبة – لو كان الحديث يدور عن جسم ليس منظمة إرهاب متزمتة كل جوهرها هو السعي الى إبادة إسرائيل، الى الجهاد كفكرة والى البقاء من اجل هذا الهدف السامي.

ولا يزال، بالتأكيد يحصل شيء ما من خلف الكواليس. ربما في نظر مسؤولي حماس الصورة لم تتغير حقا بهذا الشكل الدراماتيكي، مثلما يحاول كل المتفائلون عرضها. لكن موضوعيا، الظروف بالفعل نضجت – على الأقل لجهد إضافي بتحقيق تسوية في غزة.

ادارتان امريكيتان تريدان ذلك جدا: إدارة بايدن الراحلة، التواقة لانهاء الولاية بانهاء الحرب بين إسرائيل وحماس وإدارة ترامب الوافدة، التواقة لانهاء الحروب على ايدي آخرين وعدم الاستثمار فيها بالوقت، الطاقة والجهد. الدول العربية والدول الغربية أيضا، كل العرابين، معنيون بالوساطة، لكن السؤال الكبير هو اذا كان الطرفان معنيين بها.

من حيث الوقائع، الأجواء تغيرت. الشروط تغيرت. ما لم يتغير هو حماس وجوهرها. أمور كثيرة يريد مسؤولو منظمة الإرهاب الحصول عليها في اطار الصفقة الممكن: تحرير مخربين، إعمار غزة على ايدي الراعين، وغيرها مما يمكن الحصول عليه. من جهة أخرى، مسؤولو حماس مستعدون للتنازل عن كل هذا اذا ما حصلوا على الامر الأهم لهم: النجاة والبقاء في غزة. منظمة الإرهاب معنية بمواصلة الإرهاب. لهذا الغرض، قبل كل باقي الشروط والمطالب – هي ملزمة بان تبقى في الصورة وفي الأرض.

احد ليس غبيا ولا يعيش في الأوهام، لا الإسرائيليين ولا الوسطاء، واضح للجميع بان حماس سترغب في إعادة بناء نفسها والعودة، بالضبط مثلما يريد حزب الله ويخطط لاعادة بناء نفسه والعودة الى اعمال الإرهاب، كون هذا هو لباب وجوده.

وعليه، ففي ليل إقرار التسوية في الشمال، في إسرائيل اوضحوا بان ليس الاتفاق هو الهام، بل الاتفاق الجانبي بيننا وبين الولايات المتحدة. ليست الورقة هي الهامة، إذ ان حزب الله لا يعتزم اجراء تحويل مهني ليصبح منظمة خيرية. المهم هو الوعد بحرية العمل في انفاذ التسوية التي طلبتها إسرائيل وحصلت عليها، في اطار الاتفاق الجانبي الذي أتاح التسوية.

معقول الافتراض بان هذه هي الصيغة المظفرة، وهي ذاتها يعرضها الوسطاء على إسرائيل بالنسبة لحماس أيضا. والمعنى هو أنه لا يهم ماذا سيكون على الورق – انتم يمكنكم على تعودوا. امر إضافي يحتمل أن يقنع إسرائيل هو فكرة ادخال قوة دولية من عدة دول عربية باشراف غربي.

من ناحية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اذا لم تكن السلطة الفلسطينية في الصورة وما يحل محل حكم حماس هو قوة اجنبية وليس ابو مازن ورجاله – فعندها يمكن الحديث في هذا. هنا أيضا، احد لا يوهم نفسه. واضح للجميع انه اذا وافقت حماس على الفكرة فانها ستفعل هذا فقط لانها ستكون واثقة من أنها ستبقى في القطاع، ستعيد بناء نفسها وتتعزز من خلف الزينة والاستعراض العابث لهذا الحكم او ذاك، من جهات اجنبية كهذه وتلك. النجاة والبقاء في الأرض – هما الأساس.

معقول أيضا الافتراض بان نتنياهو سيكون مستعدا لـهذه المسلمة الهادئة، اذا كان لإسرائيل اتفاق جانبي يضمن لها حرية العمل. يحتمل أن تكون هذه الصيغة هي ما ستتيح ما لم يتحه أي منحى حتى الان.

——————————————–

إسرائيل اليوم 3/12/2024

أفكار جديدة لتحريك المفاوضات

بقلم: ليلاخ شوفال

في إسرائيل يعترفون بانه توجد بالفعل حراكات من خلف الكواليس على صفقة مخطوفين.  وحقيقة أنه لم يتسرب حتى الان أي شيء تقريبا عن الاتصالات، باستثناء تقارير في الهوامش، هي مؤشر جيد يشهد على أن أحدا لا يحاول حاليا تفجير الاتصالات.

وقال مصدر سياسي انه تدرس أفكار جديدة لاجل إعادة تحريك المفاوضات، على خلفية المحادثات الجارية في مصر الان دون تواجد إسرائيلي حاليا. طاقم المفاوضات هنا يتابع بتحفز، ومن المتوقع ان ينضم الى المحادثات فقط حين تنضج الظروف لذلك.

في إسرائيل يشيرون الى أنه حين تكون حماس مضغوطة في اعقاب اغلاق الجبهة اللبنانية فانها كفيلة بان تبدي مرونة في المفاوضات لم تبديها حتى الان لاجل السماح بالتقدم بصفقة. ومع ذلك تشير مصادر مطلعة على التفاصيل الى ان الصفقة ستتطلب مرونة من الطرفين والسؤال هو هل ستوافق حكومة إسرائيل هي أيضا على مزيد من المرونة.

من تناول الموضوع بحدة هو الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي كتب امس في الشبكات الاجتماعية يقول ان “المخطوفين محتجزون بشكل عنيف، غير انساني وبخلاف إرادة العالم كله. اذا لم يتحرروا قبل 20 كانون الثاني 2025 الموعد الذي ادخل فيه بفخر الى منصب رئيس الولايات المتحدة فان المسؤولين الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية سيدفعون ثمنا من الجحيم. سيتأذون أكثر مما تأذى أي في التاريخ الطويل للولايات المتحدة. حرروا الرهائن الان”.

بالتوازي مع لقاءات الفصائل الفلسطينية في القاهرة جرت اتصالات بين مصر ومحافل إسرائيلية وامريكية لتحقيق اختراق لتهدئة في قطاع غزة. كما علم أنه مقارنة بالجولتين السابقتين وصلت المفاوضات الى “تقدم جوهري” وكل طرف اقترح “تسهيلات” من جهته ما يمكنه أن يخلق صيغة متفق عليها للمواصلة هذا الأسبوع.

اقتراح: إعادة انتشار

وحسب مصادر مطلعة على المفاوضات في القاهرة يعتقدون بان صفقة مخطوفين كفيلة بحث إسرائيل الى وقف نار مؤقت يتيح تحسن متدرج للوضع الإنساني من خلال ادخال مزيد من المؤن. وأشارت صحيفة “الاخبار”  اللبنانية الى ان الاقتراح لا يتضمن انسحابا إسرائيليا من قطاع غزة بل “إعادة انتشار” القوات، وان هذه لن تنفذ اعمالا عسكرية في اطار الاقتراح – هكذا حسب رسائل نقلتها محافل مصرية.

وأفادت صحيفة “العربي” القطرية امس عن مصادر مصرية ان وفدا من حماس في القاهرة انقسم الى فريقين – واحد بحث مع المخابرات المصرية في الاقتراح المصري لوقف النار مع إسرائيل والآخر بحث مع وفد من فتح في شؤون اليوم التالي للحرب في القطاع وفي إقامة لجنة إدارية.

وحسب هذه المصادر تقدر حماس بان دمج اقتراحي الولايات المتحدة ومصر يتضمن نقاط إيجابية تضمن انسحابا كاملا من القطاع وانهاءً تاما للحرب.

وحسب التقرير أجرى المصريون مباحثات مع حماس وفتح حول فتح معبر رفح من الجانب الغزي وتلقوا إشارات إيجابية عن ذلك من الجانب الإسرائيلي.

———————————————

هآرتس 3/12/2024

إسرائيل تحول سجونها إلى “مثلث برمودا”.. أين المعتقلون الغزاويون؟

بقلم: أسرة التحرير

تختفي آثار الغزاويين الذين اعتقلهم الجيش الإسرائيلي في القطاع وزجوهم في المعتقلات داخل إسرائيل، ولا يعرفون أبناء عائلاتهم مكانهم، وإذا كانوا أحياء أم أمواتاً، وإن ماتوا فكيف.

في الشهر الأخير، لاقى غزاويان آخران على الأقل حتفهما في الثقب الأسود للمعتقلات في إسرائيل. معاذ خالد محمد ريان ابن 31، اعتقل في 21 أكتوبر من شمال القطاع وهو مشلول، ومات بعد نحو أسبوع ونصف. رفضت السلطات الإسرائيلية الإفادة عن المخالفات التي نسبت له.

عندما توجه أبناء عائلته إلى الجيش وطلبوا استيضاحاً حول مكان احتجازه، قيل لهم إنه مات في 2 تشرين الثاني، لكن لم يقولوا أين. وبعد توجه “هآرتس”، أضافوا أنه مات في معتقل “سديه تيمان”.

محمد عبد الرحمن إدريس، ابن 35، اعتقل -حسب الفلسطينيين- في 25 آب برفح، ومات الجمعة الماضي في سجن عوفر. قيل لعائلته إنه عثر عليه في زنزانته فاقد الوعي، وتقررت وفاته بعد محاولات إنعاش فاشلة. وجاء من الجيش الإسرائيلي أنه توفي وهو في حوزة مصلحة السجون، لكن المصلحة تدعي أنه كان بحوزة الجيش، وكل جهة تلقي بالمسؤولية على غيرها. لا أحد مستعداً لكشف أسباب الاعتقال.

ينضم موتهما إلى قصة أخرى لأب وابنه، اعتقلا في آذار في خان يونس. كل محاولات أبناء عائلتهما لمعرفة مصيرهما باءت بالفشل. في تموز، جاء جواب من السلطات بأنه لا معلومات عن اعتقالهما. رفع أبناء العائلة التماساً لمحكمة العدل العليا، وعندها اعترفت الدولة بأنهما اعتقلا بل وماتا أيضاً أثناء الاعتقال. قضاة محكمة العدل العليا وصفوا تسلسل الأمور هذا بأنه “خطأ”.

من المريح التصديق بأن هذا ليس جزءاً من سياسة. عملياً، كثيرون من سكان غزة يبحثون عن أقربائهم ليس بين الأنقاض فحسب، بل أيضاً بين أسوار السجون الإسرائيلية. انعدام الشفافية دفعهم لمحاولة جمع قطع من المعلومات من معتقلين محررين أو محامين يزورون السجون، والكثيرون منهم يبقون بلا جواب.

منذ بداية الحرب، مات عشرات السجناء والمعتقلين في معتقلات الجيش الإسرائيلي ومصلحة السجون. الجمهور غير مكترث، ومحكمة العدل العليا تشكل مبيّضاً لظاهرة إخفاء المعتقلين، والتماسات منظمات حقوق الإنسان في الموضوع تشطب مرة تلو أخرى.

على الدولة أن ترتب آلية تبلغ العائلات بمصير المعتقلين. وواجب على القضاة في المحاكم المدنية إجراء زيارات إلى منشآت الحبس للتأكد من أن المعتقلين يحظون بشروط مناسبة. لا يجب التسليم بوضع تصبح فيه السجون ثقباً أسود لانتهاكات منتظمة لحقوق الإنسان الأكثر أساسية.

——————انتهت النشرة——————