رام الله –شبكة المسار الاخباري
يواجه الأطفال في الضفة الغربية أنواعًا مختلفة من الانتهاكات الإسرائيلية التي تُمارس بحقهم بشكلٍ ممنهج وتصاعدت وتيرها بعد حرب الإبادة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين اول 2023، لعل أبرزها الاستهداف المباشر بالقتل أو الاعتقال.
ففي الوقت الذي من المفترض أن يعيش أطفال فلسطين بشكلٍ طبيعي كبقية أطفال العالم في ظلال الحرية والأمان مستمتعين بكامل حقوقهم التي كلفتها المواثيق الدولية، هم على النقيض تمامًا يواجهون واقعًا صعبًا مجبولًا بدماء طفولته بعد أن طالتهم نيران آلة القتل الإسرائيلية.
فمنذ السابع من أكتوبر قتل الاحتلال والمستوطنون 171 طفلًا فلسطينيًا في الضفة الغربية، وهو ما يعادل ضحيّة واحدة كلّ يومين تقريبًا”، ووفقًا لبيانات الأمم المتّحدة، أصيب أكثر من ألف طفل آخرين.
وذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانيّة أنّه “لا توجد حرب رسميًّا في الضفّة الغربيّة، كما أنّ حجم القتلى في غزّة طغى على الخسائر هناك، ولكنّ أعداد الأطفال الّذين يقتلون الآن أكبر من أيّ وقت مضى منذ استولى الجيش الإسرائيليّ على المنطقة في عام 1967”.
وأصيب غالبية الأطفال في الضفة الغربية خلال الفترة المذكورة بالذخيرة الحيّة، وغالبًا برصاصة واحدة في الرأس أو مركز الجسم، كما استشهد آخرون بطائرات مسيرة وغارات جوّيّة، وفق تقرير الغارديان المنشور مؤخرًا.
وأشار مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش لوجود ارتفاع ملحوظ وتصاعد غير مسبوق في أعداد الضحايا من الأطفال الفلسطينيين الذين يقتلهم جيش الاحتلال وجماعات المستوطنين مقارنة بالأعوام السابقة.
وأكد أبو قطيش لـ “وكالة سند للأنباء” أنّ الاحتلال يستسهل إطلاق النار على الأطفال بهدف قتلهم، حيث يكشف توثيق الحركة العالمية تسجيل حالات إعدام لأطفال في عدة مدن خلال الأشهر الماضية، يترافق ذلك مع منع سيارات الإسعاف من الوصول للضحايا وإنقاذهم.
واستدل على ذلك، بما حدث مع الطفل حمارشة البالغ من العمر 13 عاما حيث أطلقت النار عليه من مسافة قريبة وبطريقة متعمدة خلال اقتحامها بلدة يعبد بجنين في أواخر نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، ثم أطلقت النار أيضا على شاب حاول الاقتراب من حمارشة لسحبه وإسعافه، فاستشهد هو أيضا.
وفي مشهد آخر، أطلق قناص إسرائيلي رصاصة نحو صدر الطفل عبد الله هواش (11 عامًا) أثناء انسحاب قوات الاحتلال من البلدة القديمة في نابلس، مما أدى لاستشهاده على الفور في أكتوبر الماضي.
ووصف أبو قطيش ما يحدث بأنه “إعدام بارد ومتعمد” لطفولة الفلسطينيين، حيث لا يُشكل هؤلاء أي خطر الجنود المدججين بالسلاح، موضحًا أنّ منطقة شمال الضفة خاصة طولكرم وجنين الأكثر استهدافا ويتزامن مع ذلك محاصرة المستشفيات وهو ما يفسر عمليات تزايد القتل في صفوف الأطفال.
وكانت الهجمات الإسرائيليّة على الأطفال الفلسطينيّين الّذين نشأوا في الضفّة قد بلغت ذروتها في عام 2002، خلال الانتفاضة الثانية، عندما قتل 85 طفلًا، وفقًا لبيانات منظّمة “بتسيلم” الحقوقيّة، فيما أوضحت “الغارديان” أنّ معدّل القتل منذ السابع من أكتوبر 2023 بلغ ضعف هذا المستوى.
من جانبه قال مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية (شمس) عمر رحال، إنّ الأطفال الفلسطينيين يعيشون تحت وطأة احتلال طويل الأمد تاركاً آثاراً عميقة على طفولتهم وأحلامهم ولا تقتصر معاناتهم على الحرمان من الحقوق الأساسية مثل التعليم واللعب، بل تتعداها إلى خطر القتل والاعتقال والتهجير القسري.
ولفت رحال في حديثٍ خاص بـ “وكالة سند للأنباء” أنّ الاحتلال يُمعن في انتهاك حقوق أطفال فلسطين ويقتلهم مرارًا وتكرارًا دون أن يكترث بأي قوانين دولية؛ لأن العالم صامت أمام كل ما ترتكبه “إسرائيل” من جرائم، في فلسطين.
وفي تقرير نشرته منظمة “يونيسيف” أواخر يوليو/ تموز الماضي، أفادت أن الخسائر في أرواح الأطفال تصاعدت في الضفة بوتيرة كبيرة بما يُمثل 3 أضعاف ونصف ما تم تسجيله قبل الحرب على غزة.
وعدّ رحال انتهاكات حقوق الأطفال المكفولة تحديًا صريحًا للمواثيق الدولية ولكل ما تشتمل عليه من حقوق خاصة وملزمة للأطفال من كافة الدول والحكومات.
استهداف الأطفال سياسة ممنهجة..
من جانبه رأى، الإعلامي يونس حساسنة أنّ استهداف الأطفال في فلسطين بشكل عام والضفة بشكل خاص بات سياسة إسرائيلية ممنهجة حيث يعتمد الجنود في البداية على فتاوى الحاخامات الدينية التي تبيح لهم قتل الأطفال الذين سيكبرون يومًا ليصبحوا مقاومين في وجه عدوانهم وغطرستهم.
وقال حساسنة في تصريحٍ خاص بـ “وكالة سند للأنباء” إنّ الأطفال يتم قتلهم بدم بارد دون أن يُشكلوا أي تهديد لجنود الاحتلال أو مستوطنيه، وهذا ليس عبثًا أو أمرًا عابرًا، بل سياسة قتل عن سبق إصرار وترصد من دون أي اعتبار للطفولة أو القوانين الدولية، التي تؤكد حماية الأطفال وعدم تعريضهم للمخاطر.
واستهجن صمت مؤسسات حقوق الإنسان وحقوق الطفل طوال هذه المدة تجاه الجرائم الإسرائيلية في فلسطين، متسائلا: “كم سيحتاج المجتمع الدولي ومنظماته أن من أعداد الضحايا في صفوف الأطفال ليتحركوا للجم الاحتلال ومساءلة مرتبكي الجرائم؟”.