غزة- شبكة المسار الاخباري
خلصت منظمة Airwars الدولية إلى أن حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة للعام الثاني على التوالي تعد الأشد دموية في القرن الحادي والعشرين وتتضمن مستوى الضرر الأكبر بحق المدنيين لا سيما النساء والأطفال.
وقالت المنظمة إنه بكل المقاييس تقريبا، فإن الضرر الذي لحق بالمدنيين منذ الشهر الأول من حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة لا يقارن بأي حملة جوية في القرن الحادي والعشرين وهي بلا أدنى شك “أكثر الصراعات كثافة وتدميرا وفتكاً بالمدنيين” التي تم توثيقها على الإطلاق.
ودحضت المنظمة مزاعم المسؤولون الإسرائيليون بأن الجيش يبذل كل ما في وسعه لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين، وبأن مستوى الضرر الذي يلحق بهم يتفق إلى حد كبير مع الصراعات المماثلة الأخرى في العقود الأخيرة، بما في ذلك حملة القصف التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
وأكدت المنظمة أن دولة الاحتلال أدارت الحملات الجوية منذ بدء الحرب على غزة بتواتر أكبر للضربات، وكثافة أكبر للضرر، وعتبة أعلى من القبول للأذى الذي يلحق بالمدنيين مقارنة بما كان عليه الحال من قبل.
وقد تأسست منظمة Airwars الدولية عام 2014 على يد كريس وودز، وهو صحفي بريطاني يتمتع بخبرة طويلة في التحقيق في حرب الطائرات بدون طيار، بهدف رصد عواقب الحملات الجوية والحروب في مختلف أنحاء العالم.
وأصدرت المنظمة تقريرا يركز على نمط وكثافة الضرر الذي لحق بالمدنيين خلال الأسابيع الأولى من حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، ويقارن مستوى الضرر الذي لحق بالمدنيين بالحملات العسكرية التي وثقتها المنظمة سابقا على مدى عقد من العمل في بعض مناطق الصراع الأكثر كثافة وتعقيدًا في العالم.
أكثر من 5 ألاف شهيد خلال أول 3 أسابيع
نشرت المنظمة تفاصيل 606 حادثة من حوادث الأذى التي لحقت بالمدنيين بين 7 أكتوبر و31 أكتوبر 2023 – الأسابيع الثلاثة الأولى من الحرب.
وفي هذه الحوادث، استشهد ما لا يقل عن 5139 مدنياً. وهذا يمثل جزءًا ضئيلًا فقط من أكثر من 7000 حادثة من حوادث الأذى التي لحقت بالمدنيين في غزة والتي رصدها باحثو المنظمة منذ أكتوبر 2023، والتي لم تُنشر الغالبية العظمى منها بعد.
ويشكل هذا السجل من الأذى قاعدة أدلة كبيرة بما يكفي للسماح بإجراء مقارنات موثوقة مع صراعات أخرى، واستخلاص استنتاجات حول هذه النتائج.
إذ أن العدد المذكور من الشهداء خلال الأسابيع الثلاثة الأولى يزيد بنحو أربعة أضعاف عن عدد المدنيين الذين قُتلوا في شهر واحد في أي صراع وثقته منظمة Airwars منذ إنشائها.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحده، وثقت المنظمة ما لا يقل عن 65 حادثة استشهد فيها ما لا يقل عن 20 مدنياً في حادثة معينة. وهذا يمثل ثلاثة أمثال عدد الحوادث ذات الوفيات المرتفعة التي وثقتها المنظمة في أي إطار زمني مماثل.
وعلى مدار 25 يومًا، سجلت المنظمة استشهاد 1900 طفل على الأقل نتيجة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وهذا أعلى بنحو سبعة أضعاف من الشهر الأكثر دموية للأطفال الذي سجلته المنظمة سابقًا.
لقد استشهدت العائلات بأعداد غير مسبوقة، وفي بيوتها. كما استشهدت أكثر من تسع نساء وأطفال من بين كل عشر نساء في المباني السكنية. وفي أكثر من 95% من جميع الحالات التي استشهدت فيها امرأة، قُتل طفل واحد على الأقل أيضاً.
وفي المتوسط، عندما يُقتل مدنيون إلى جانب أفراد عائلاتهم، وجدت المنظمة أنه يُقتل ما لا يقل عن 15 فردًا من العائلة. وهذا أعلى من أي صراع آخر وثقته منظمة Airwars.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، جمعت منظمة Airwars معلومات مفصلة عن المدنيين الذين قُتلوا في غزة، بما في ذلك تحليل مفصل لأرقام الهوية الوطنية للضحايا الفلسطينيين، وكيف تم الإبلاغ عن مقتل الأفراد، وأين وقعت الحوادث.
واستخدمت المنظمة نظام تصنيف لمراعاة الغموض وعدم اليقين حول كيفية قتل المدنيين، وما إذا كان بعض الأفراد الذين قُتلوا قد ارتبطوا بجماعة مسلحة أم لا.
وأشارت المنظمة إلى أن “إسرائيل” لم تنشر بيانات موثوقة عن الذخائر التي أطلقتها طيلة الحرب على غزة، ولكن هناك مؤشرات على أن معدل استخدام الأسلحة المعلن من جانب الجيش الإسرائيلي تجاوز معدل استخدام أي قوة جوية حديثة أخرى.
ولفتت إلى أنه وبعد مرور أسبوع على بدء الحرب في غزة، أعلن جيش الاحتلال أنه أسقط بالفعل 6000 قنبلة على المنطقة المكتظة بالسكان، بما يعادل أكثر من 850 قنبلة يوميًا.
وبحلول ديسمبر/كانون الأول 2023، أفادت شبكة سي إن إن أن تقييمًا استخباراتيًا أمريكيًا كشف أن “إسرائيل” استخدمت 29000 ذخيرة على غزة في أقل من ثلاثة أشهر، بمعدل أكثر من 300 ذخيرة يوميًا. ثم لم تصدر “إسرائيل” أي معلومات أخرى عن حجم الأسلحة التي أطلقتها.
الأطفال ضحايا الحرب
من بين كل الصراعات التي وثقتها منظمة Airwars، كان شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023 في غزة هو الشهر الأكثر دموية بالنسبة للأطفال.
وتقدر المنظمة عدد الأطفال الذين قتلوا في غزة خلال هذه الفترة بنحو 1900 طفل. وهذا الرقم يزيد بنحو سبعة أضعاف عن عدد الأطفال الذين قتلوا في شهر واحد مقارنة بالشهر السابق الأكثر دموية الذي رصدته المنظمة.
وفي أرشيف المنظمة يتجاوز عدد الأطفال الذين قتلوا في غزة خلال 25 يومًا في أكتوبر 2023 تقريبًا أعلى عدد من الأطفال الذين قتلوا على مدار عام كامل في أي نزاع حديث في العالم.
وقد تمكنت منظمة Airwars من تحديد الأعمار المحتملة للشهداء، حيث كان ما لا يقل عن 36 في المائة من الضحايا في غزة في أكتوبر 2023 من الأطفال.
وكانت نسبة حوادث الأذى التي لحقت بالمدنيين في غزة والتي شملت إلحاق الأذى بالأطفال مرتفعة تاريخيا أيضا، مقارنة بالصراعات الأخرى التي وثقتها منظمة Airwars باستخدام نفس المنهجية.
ومن بين 606 حوادث نُشِرَت في أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان 551 حادثًا منها متعلقًا بقتل مدنيين، حيث استشهد طفل واحد على الأقل في 347 حادثًا، أو 63% من إجمالي تل الحوادث.
كما وثقت منظمة Airwars مقتل عدد أكبر من النساء في كل حادثة في المتوسط مقارنة بأي صراع آخر.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، استشهدت في غزة ما لا يقل عن 1213 امرأة في 324 حادثة، بمعدل أربع نساء تقريبًا لكل حادثة. كما أظهرت أنه عندما يُقتل شخص مدني محدد الهوية، يُقتل معه في المتوسط 14 فردًا من عائلته.
وهذا المعدل الذي بلغ خمسة عشر فرداً من أفراد الأسرة الواحدة يُعَد غير مسبوق في عشر سنوات من عمل المنظمة الدولية في تسجيل الأضرار التي لحقت بالمدنيين خلال الحروب والنزاعات حول العالم.
نسبة المقاومين من المدنيين الضحايا
باستخدام المعلومات المتاحة للعامة، تناولت منظمة Airwars التحقيق في الصلات بين الأفراد الضحايا وفصائل المقاومة. وتشمل الأدلة أي إشارة في المصادر المحلية تربط بشكل مباشر بين الأفراد والمشاركة في الأعمال العدائية أو العضوية في جماعة مسلحة.
وقد يشمل ذلك وجود شارة تابعة لجماعة مسلحة نشطة في غزة، أو عرض أعلام أو شعارات معينة على نعش، أو صور أفراد يرتدون الزي العسكري أو يحملون أسلحة، وتصريحات رسمية من الجماعات المسلحة أو الأفراد المرتبطين بها والنشطين في غزة.
ويفترض برنامج Airwars صفة المدنيين ما لم يكن هناك دليل على العكس. وخلال الـ25 يوماً الأولى من الحرب على غزة، وجدت المنظمة أن جزءاً ضئيلاً فقط من الحوادث التي شملت قتل مدنيين تضمنت أدلة على وجود مسلحين.
فمن بين 606 حوادث منشورة عن إلحاق الضرر بالمدنيين من غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتضمن 26 حادثة على الأقل أدلة عامة على استشهاد مقاوم واحد على الأقل. ويشمل هذا الحالات التي تكون فيها حالة المقاوم غامضة أو متنازع عليها.
على سبيل المثال، يتم تسجيل فرد كمسلح إذا تمت الإشارة إليه باسم “مجاهد” أو “قائد” ولكن لم يتم العثور على صلة قاطعة له بجماعة مسلحة. وهذا يتوافق مع حوالي أربعة في المائة من الحوادث.
وبحسب المنظمة فإنه في هذه الحوادث الـ 26، استشهد ما لا يقل عن 522 مدنيًا، إلى جانب ما لا يقل عن 32 مسلحًا وما لا يزيد عن 60 مسلحًا. وفي كل حادثة، حيث كانت هناك أدلة مزعومة على وجود مقاومين استشهد ما لا يقل عن 20 مدنيًا مقابل مقاوم واحد.
وفي ستة من هذه الحوادث ال26، كان هناك بيان رسمي إسرائيلي يعترف بالهجوم الجوي. وتمثل هذه الحوادث التي أعلنتها القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 176 حالة قتل بين المدنيين، وما لا يقل عن 15 حالة قتل بين المقاومين. وتضمنت كل هذه الحوادث تدمير مبان سكنية بأكملها.