إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية .. الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 17/3/2025

وثائق غزة تسلط الضوء على تغبير مقاربة حماس بعد عملية حارس الاسوار

بقلم: عاموس هرئيلِ

الوثائق التي عثر عليها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة اثناء الحرب ضد حماس، تسلط الضوء على استعداد حماس قبل الهجوم في 7 أكتوبر. الوثائق التي تم استخدام بعضها أيضا في التحقيقات الداخلية في “أمان” وفي الشباك حول الإخفاقات التي سمحت بالهجوم المفاجيء على مواقع الجيش الإسرائيلي والبلدات في الغلاف، توثق تبادل الرسائل بين قيادة حماس في القطاع وقيادة الخارج، واحيانا مع حزب الله وايران، في محاولة لتنسيق الهجوم فيما بينهم. 

يتضح من الوثائق انه في بداية 2021 سرع قادة حماس التوجه الى ايران من اجل مساعدتهم في تمويل الهجوم، الذي وعدوا بواسطته تحقيق الهزيمة لإسرائيل. قبل الحرب بسنتين كان هناك نقاش صاخب بين أعضاء المحور الراديكالي فيما يتعلق بطبيعة الهجوم المشترك. ورغم أنه في نهاية المطاف لم تنضج الخطط الى هجوم منسق ومتعدد الساحات، إلا أن العملية نجحت في مفاجأة كل أجهزة الاستخبارات في إسرائيل. تحليل الوثائق التي تم العثور عليها نشر في الأسبوع الماضي في موقع “مركز تراث الاستخبارات”، الجسم الذي يعمل بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات، وعلى الاغلب يساعد على نشر مواد اعتبرت في السابق سرية. كاتب التحرير هو الدكتور اوري روست، الباحث والمحاضر في كلية سبير. 

روست كتب أنه منذ اقامتها في 1987 أيدت حماس نظرية أن وجود إسرائيل هو غير قانوني وغير أخلاقي. مع ذلك، حسب روست ولأن هذه المنظمة كانت تدرك قيودها العسكرية والسياسية فقد حافظت على التوق على تدمير إسرائيل كحلم للمستقبل، وركزت على القتال الذي يهدف الى تجنب الخسارة. حسب سياسة حماس فان النجاح في ذلك يساوي النصر. ولكن بعد عملية حارس الاسوار في 2021 حدث تغير في مقاربة حماس. وفي القيادة العليا تبلور الادراك بأن تدمير إسرائيل اصبح هدف يمكن تحقيقه في الفترة القريبة. التغير تم التعبير عنه أيضا في تصريحات علنية لكبار قادة حماس، ولكن يبدو أنها اعتبرت في الطرف الإسرائيلي تبجح عبثي. 

الوثائق التي تم العثور عليها تؤكد وتستكمل أمور قيلت علنا. رئيس حماس يحيى السنوار، ايران وحزب الله، بدأوا في رؤية تدمير إسرائيل خطة لها احتمالية جيدة للنجاح. الحديث لا يدور عن احاديث عبثية، بل أفكار تم دمجها ببناء خطط عملية وتنسيق مستمر بين مكونات “محور المقاومة” برئاسة ايران. هذه المقاربة اعتمدت أيضا على ما اعتبر في أوساط أعضاء المحور “ضعف إسرائيلي”. الخطة تم طرحها للنقاش في محادثات بين حماس وحلفاءها في وقت الاعداد للهجوم. ولكن التغير الاستراتيجي لم يتم فهمه في إسرائيل.

روست قدر أن الضربة الشديدة التي تعرضت لها حماس، ايران وحزب الله، اثناء الحرب يتوقع أن تعيد الى الوراء “خطة التدمير”، واعادتها الى مستوى الحلم. ولكن على المدى البعيد، اذا نجحت حماس في ترميم نفسها والحصول مرة أخرى على المساعدة من ايران، فهو يعتقد أنه لا يجب استبعاد أن تعود المنظمة للانشغال بهذه الخطة.

وثيقة روست تتضمن اقتباسات قيلت بشكل علني وفي منتديات داخلية، حول النقاشات بشأن تطبيق خطة التدمير. في الخطاب الذي القاه باسم السنوار في المؤتمر الذي عقد في غزة في 2021، بعنوان “فلسطين بعد التحرير”، تم اظهار التقدير بأن “النصر قريب… نحن اصبحنا نرى التحرر، لذلك نحن نستعد لما سيكون بعد ذ لك”. في المؤتمر تمت مناقشة أفكار للسيطرة على أرض إسرائيل بعد أن يتم احتلالها. في مسلسل “انتصار الاحرار” الذي اخرجته حماس وتم بثه في شهر رمضان، نيسان 2022، يقول الشخص الذي لعب دور محمد ضيف، رئيس الذراع العسكري: “ميزان القوى تغير. الآن نحن سنقوم بغزوهم وليس هم الذي سيقومون بالغزو… هذه ستكون لحظة حاسمة في التاريخ، يوم لن ينساه العدو الى أن يتم تدميره”.

أما صلاح العاروري، وهو من كبار قادة حماس الخارج، فقد قال في مقابلة في آب 2023 إن “الحرب الشاملة أصبحت أمر لا يمكن تجنبه. نحن معنيون بها، محور المقاومة، الفلسطينيون، جميعنا نريدها”.

رئيس حزب الله، حسن نصر الله، اعلن بعد عملية حارس الاسوار عن معادلة جديدة، بحسبها الرد على المس بالحرم في القدس لن يتوقف في القطاع، بل سيكون “حرب إقليمية من اجل القدس”. بعد سنتين قال حسن نصر الله إن هناك أمل بالفعل لتحرير فلسطين، من البحر حتى النهر. الجبهة الداخلية الإسرائيلية، كما قال، ضعيفة ومتعبة وخائفة، وهي مستعدة دائما لحزم الحقائب والذهاب. 

روست كتب أيضا بأن هذه التصريحات العلنية تجد الصدى الداعم لها في الوثائق التي تم العثور عليها، والتي تدل على أن هذا لم يكن تبجح عبثي. بأثر رجعي هو يشخص تغير جوهري في استراتيجية حماس، باتجاه الايمان بالقدرة الفعلية على تدمير إسرائيل. في الوثيقة التي كتبها السنوار في كانون الثاني 2019 في اعقاب المحادثات التي تم اجراءها مع الإيرانيين، كتب أن حماس معنية في بلورة “اتفاق مشترك يشمل قوة القدس التابعة لحرس الثورة الإيراني، حزب الله وحماس، والاستعداد لحرب تحرير القدس وتفعيل كل الجبهات ضد العدو المشترك، إسرائيل. واعداد خطة عملياتية يتم تنفيذها ضد العدو من كل الجبهات”. 

وثيقة روست تقتبس رسالة لكبار قادة حماس في غزة الى إسماعيل قاءاني، قائد “قوة القدس” بتاريخ حزيران 2021. وقد كتب فيها إن “الهدف هو النصر الكبير وإزالة السرطان”. أيضا “تصفية الكيان وازالته من ارضنا والأماكن المقدسة”. وقد ارفق بالرسالة طلب تمويل بمبلغ 500 مليون دولار لسنتين لاعداد النشاطات العسكرية. في الرسالة التي أرسلت للزعيم الأعلى في ايران علي خامنئي، كتب الغزيون أن “الكيان الوهمي هذا (إسرائيل) اضعف مما يظهر للناس، بفضل مساعدتكم نحن يمكننا اجتثاثه وازالته”. بعد شهر كتب السنوار لسعيد يزدي، رئيس فرع فلسطين في قوة القدس، ووعد بـ “نصر استراتيجي عظيم تكون له تأثيرات استراتيجية على مستقبل كل المنطقة”. وقد طلب منه مساعدة حماس في بناء قدرة عسكرية مستقلة في جنوب لبنان.

بعد سنة من ذلك تعزز التنسيق بين قيادات حماس في القطاع وفي قطر. السنوار ارسال رسالة الى إسماعيل هنية، الذي كان في الدوحة، عرض فيها سيناريو استراتيجي لتصفية إسرائيل. وحسب قوله فانه منذ انتهاء عملية “حارس الاسوار”، فان “المقاتلين الجهاديين يستعدون بسرعة كبيرة وبدون توقف. مستوى الجاهزية لمعركة استراتيجية كبيرة ستغير وجه المنطقة، هو تقريبا كامل”.

السنوار وصف ثلاثة سيناريوهات هجوم محتملة. الأول، الأفضل من بينها، هو هجوم مشترك لحماس وحزب الله، ويفضل أن يكون في أعياد اليهود لأنه فيها تكون إسرائيل “تزيد اعمال الاعتداء في الحرم”. الثاني هو هجوم لحماس مع دعم جزئي من حزب الله، الذي سيضع أسس تصفية إسرائيل في المستقبل. الثاني، حماس ستعمل بقوة من غزة ومن الضفة الغربية مع الحصول على المساعدة من مليشيات من الأردن ومن سوريا، بدون مساعدة مباشرة من حزب الله أو ايران. هذه الخطوة لا تحتاج الى مصادقة مسبقة من ايران، بل الى التنسيق مع حزب الله. السنوار طلب من هنية أن يقوم بسرعة بزيارة ايران والدفع قدما بتأسيس قوة حماس في لبنان.

في 1 تموز 2022 كتب هنية للسنوار بأنه قام باجراء لقاء سري مع حسن نصر الله ويزدي من قوة القدس، تم فيها طرح السيناريوهات. هنية كتب بأن حسن نصر الله اظهر دعمه للسيناريو الأول، وأشار الى أن الامر يتعلق بسيناريو منطقي سيتم عرضه على خامنئي. بعد نصف سنة، في مؤتمر لحماس في الدوحة وصف هنية التطرف في إسرائيل مع تشكيل حكومة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو، وقدر أن النزاع مع إسرائيل يقترب من الانفجار وذكر بالاحتجاج ضد الانقلاب النظامي كعامل مضعضع لإسرائيل. 

في منتصف حزيران 2023 زار وفد لحماس برئاسة هنية والعاروري ايران، والتقى مع كبار قادة النظام برئاسة خامنئي. هنية أكد في المحادثات بأن منظمته مستعدة لمعركة جديدة ضد إسرائيل برئاسة حماس. ايران اشارت الى أنها ترى “إمكانية لإزالة إسرائيل من الخارطة”. 

هذا هو اللقاء السري الأخير الموثق في وثيقة مركز تراث الاستخبارات. البقية، للأسف الشديد، معروفة لكل إسرائيلي: حماس قررت في نهاية المطاف المهاجمة لوحدها بدون تنسيق الموعد مع ايران وحزب الله. حسن نصر الله من ناحيته تردد، وفي النهاية أمر بمشاركة جزئية من لبنان – اطلاق الصواريخ وإعطاء الضوء الأخضر لمحاولات اقتحام لمنظمات فلسطينية بصورة تمكن إسرائيل من الاستعداد لها، بعد ذلك البدء في هجوم مضاد في قطاع غزة. حتى هكذا إسرائيل تفاجأت من الهجوم في غزة واضراره كانت كبيرة.

—————————————-

هآرتس 17/3/2025 

الهجوم على الحوثيين حث لإيران على المفاوضات

بقلم: ألون بنكاس

الحوثيون في اليمن كان يجب أن تهاجمهم كل من مصر، السعودية، فرنسا، بريطانيا والصين. التهديد للملاحة في البحر الأحمر تضر هذه الدول وليس الولايات المتحدة. مع ذلك، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اختار هو أن يهاجم. يمكن تجاهل هذا الحدث والقول بأن ترامب بالاجمال رد على محاولة للحوثيين للمس بطائرة حربية ومسيرة استخبارية للولايات المتحدة، ويمكن الإضافة والقول بأنه ضرب الولد الأضعف في الحي – الذي هو نفسه عنيف ويثير الغضب ويزعج الجميع، لكنه ليس وبحق لاعب دولي يقتضي اهتمام أمريكا. ويمكن الاستخفاف أيضا والقول بأن هذا هو مجرد استعراض للعضلات لا أهمية له من قبل ترامب امام العالم الذي يعتبره وكيل غير موثوق للفوضى. ولكن يمكن أيضا رؤية سياق أوسع: ايران. هناك ثلاثة جوانب لفحص العملية الامريكية. على الصعيد الدولي ترامب يقوم بنفخ العضلات لأنه حسب رأيه يجب نفخ العضلات، ولا يهم اذا كان ذلك ضد الحوثيين أو ضد كندا. هو يصرح ويقول “لن نتردد في مهاجمة أي أحد اذا وجدنا أن ذلك صحيح”. قبل شهر هدد بعملية عسكرية ضد غرين لاند، عمليا ضد الدانمارك، العضوة من بين الـ 12 عضو في الناتو. وقد هدد أيضا المكسيك وبنما حول استخدام قناة بنما – ارسال قوات عسكرية. هكذا يبدو أنه يعبر عن قوة امريكية، روح هجومية جديدة، على النقيض من تفاخر ترامب وسخريته في يوم السبت، فقد هاجم جو بايدن الحوثيين أكثر من عشر مرات في 2024. 

على الصعيد السياسي – العسكري، ترامب اختار عملية أحادية الجانب. لا يوجد لامريكا ترامب حلفاء، ولا توجد دبلوماسية تحالفية تقوم على التعاون. يوجد أنا موجود، أنا دونالد ترامب. الحوثيون لا يعتبرون مشكلة خاصة بإسرائيل أو بالولايات المتحدة، هم مشكلة دولية. عندما تدير منظمة إرهابية دولة، تسيطر على مضيق باب المندب والدخول الى البحر الأحمر في الطريق الى قناة السويس، فان هذه لا تعتبر مشكلة إسرائيل أو الولايات المتحدة. 12 في المئة من التجارة الدولية تمر في قناة السويس، على متن 21 ألف سفينة التي تنقل اكثر من تريليون دولار بضائع في السنة. 60 في المئة من تصدير الصين الى أوروبا يمر في قناة السويس في الطريق الى الموانيء في فرنسا، هولندا، بريطانيا وألمانيا. واذا كان هناك أحد يجب أن يقوم بقصف الأصدقاء اليمنيين فهذه هي الدول الأربعة التي يجب عليها فعل ذلك، وأيضا السعودية. الهدف لم يكن الحوثيين، رغم أنهم كسبوا وباستقامة عملية القصف، ولا حتى حماس، بل الهدف هو ايران.

على الصعيد الإقليمي هذه عملية وكأنه تمت صياغتها وبناءها في الرياض وليس في واشنطن. من الذي توجد له مصلحة حيوية في توجيه ضربة عسكرية ضد الحوثيين؟ السعودية بالطبع. من هي الدولة التي تهتم بالمفاوضات مع ايران؟ السعودية. من التي وعدت باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة في السنوات الأربعة القادمة؟ السعودية.

الى جانب المبرر الجوهري للهجوم إلا أنه لم يستهدف تهديد حماس، بل استهدف حث ايران، من خلال الضغط الإقليمي والتهديد العسكري المشفر ولكن الموثوق – اجراء المفاوضات حول المشروع النووي بشروط الولايات المتحدة. أيضا هنا، مثلما في هجوم يوم السبت في اليمن، فان ترامب يتبنى مقاربة أحادية الجانب، “أمريكا فقط”، بدون الحلفاء (السابقين) الذين وقعوا على الاتفاق النووي الأصلي، فرنسا، بريطانيا، المانيا، روسيا والصين. 

أن تكون افضل من أوباما

لا يوجد لترامب سياسة متعددة الطبقات – سياسيا، عسكريا، اقتصاديا وإقليميا تجاه ايران – بل غرائز ودوافع. هو يريد اتفاق “افضل من اتفاق أوباما” – الاتفاق الذي انسحب منه في 2018 بصورة أحادية الجانب وبصوت قوي على فرض أنه خلال سنة سيكون اتفاق جديد (ضمن أمور أخرى لأن نتنياهو قام ببيعه هذا الفهم الخاطيء). ومنذ ذلك الحين ارتفع مستوى تخصيب اليورانيوم في ايران من 60 في المئة الى 90 في المئة، وهو المستوى المطلوب لانتاج قنبلة نووية. وتمت زيادة، بدرجة كبيرة، النجاعة والسرعة بفضل أجهزة الطرد المركزية الناجعة، أيضا ازدياد المادة المتفجرة لديها.

مقاربة ترامب تجاه ايران، حتى عندما تكون صحيحة وناجعة، تنبع اكثر من شخصية “ذكر – الفا”. الحاجة الى أن يكون نجم، والرغبة في جذب الانتباه. شاهدوني، أنا فقط استطيع، أنا سأفعل ذلك كما أريد. هذه المقاربة توجد لها قواعد أساسية تندمج في مهاجمة الحوثيين.

أولا، ايران توجد كما يبدو في اكثر وضع ضعف وهشاشة لها منذ الثورة في 1979. هذا ينبع من فقدان حزب الله كونه قوة ردع ناجعة ضد إسرائيل، ومن فقدان سوريا، وهي الدولة الناقلة للسلاح الى حزب الله، والمس بقدرة دفاعاتها الجوية في اعقاب هجوم إسرائيل في تشرين الأول 2024، وخروج روسيا، التي مشكوك أن ايران ما زالت حليفة موثوقة لها – من سوريا، والعزلة السياسية.

ثانيا، ايران ضعيفة تعتبر في نظر ترامب ليس فريسة عسكرية سهلة، بل فرصة للمفاوضات. ترامب حسب تصريحاته، التي هي في الواقع غير ملزمة له وللعالم، لا توجد له أي مصلحة في حرب مع ايران، التي يمكن أن تتسع وتصل الى السعودية، اتحاد الامارات، قطر، سلطنة عمان والبحرين.

ثالثا، خلافا للجانب الثاني، ايران ليس بالضرورة ترى نفسها ضعيفة. وقد سبق وعبرت عن معارضة شديدة للمفاوضات تحت التهديد. رابعا، من ناحية ايران لا توجد أي احتمالية لـ “نموذج ليبيا”، أي تفكك تام من كل المشروع النووي، مثلما فرض على ليبيا في العام 2003. النووي الإيراني يعتبر مضاعف للقوة الإقليمية (في الأصل ضد باكستان)، وبوليصة تأمين رادعة ضد التهديد الوجودي للنظام، ليس بالضرورة كسلاح هجومي محتمل ضد إسرائيل. 

خامسا، من غير الواضح ما الذي يريده ترامب بالضبط. لا توجد لديه نظرية منظمة ضد انتشار السلاح النووي، الامر الذي قام بتبنيه الكثير من الزعماء في سياسة منع انتشار السلاح النووي. لو أن هذا كان يهمه لكان قد بدأ بكوريا الشمالية، هناك يوجد لشقيقه الروحي السابق، كيم جونغ أون، 30 – 50 قنبلة نووية حسب تقدير الـ سي.آي.ايه، وصواريخ عابرة للقارات يمكنها الوصول حتى شمال غرب الولايات المتحدة، وان كان ما زال يوجد نقص في القدرة على أن يتم تركيب رؤوس نووية عليها.

سادسا، اذا ربطنا النقاط من 1 الى 5، فانه في هذه الاثناء لا توجد أي إمكانية لاتفاق مع ايران، إلا اذا قام ترامب بضعضعة لوحة اللعب. هذا ما حاول فعله في مهاجمة الحوثيين، لكن هناك شك اذا كانت بضع هجمات من الجو ستغير المعادلة. 

سابعا، ربما هذه هي النقطة الأكثر أهمية، السعودية. هناك تطابق مصالح واضح للسعودية مع الولايات المتحدة في هذا الشأن وفي هذه النقطة الزمنية: ضربة عسكرية ضد الحوثيين والتفاوض مع ايران بدلا من المواجهة العسكرية، التي تبدو بسيطة وسهلة ويمكن التنبؤ بها، فقط في العاب الحرب والمحاكاة السياسية. 

الشرق الأوسط، الذي يعتقد ترامب بأنه يتذكره من الفترة التي غادر فيها البيت الأبيض في كانون الثاني 2021، تغير هكليا وجوهريا. ايران ضعفت، لكن في 2023 استأنفت علاقاتها الدبلوماسية مع السعودية بوساطة الصين. سوريا الأسد لم تعد موجودو وهي ليست دولة موحدة سياديا. تركيا أصبحت أقوى مما كانت. مصر فقدت الصدارة العربية لصالح السعودية. إسرائيل والفلسطينيون في غزة يتقاتلون تقريبا منذ سنة ونصف. الى جانب الهدف الاستعراضي لترامب، يوجد في الهجوم ليس فقط مبرر بل منطق أيضا. فاذا حقا جرى في اطار محاولة فرض على ايران شروط تجبرها على الانضمام للمفاوضات. ولكن التجربة تشير الى عامل في داخل السياسة، ومن غير الواضح أبدا اذا كان ترامب يملك مثل هذا العنصر. في الغد سيهاجم الحوثيين مرة أخرى، وبعد غد سيتنازل عن هذه اللعبة وسيعود للانشغال باوكرانيا والرسوم الجمركية على كندا والمكسيك، والتهديد والرسوم الجمركية على الصين، وحتى الانشغال بغزة. وبعد شهر ربما سيعود الى ذلك.

——————————————

هآرتس 17/3/2025

اذا لم يتم وقف إقالة رونين بار، فان إسرائيل ستصبح دولة الحاكم فيها فوق القانون

بقلم: دينا زلبر

الديمقراطية في الطريق الى الجحيم. اذا تحقق ابلاغ رئيس الحكومة لرئيس الشباك حول اقالته، فان هذا قرار غير قانوني بشكل واضح، الذي يرفرف فوقه علم اسود. كل الدخان السياسي، وهستيريا الابواق وذعر الحكومة الذي يتنكر بذرائع محايدة كما يبدو، المرتبطة باخفاقات 7 أكتوبر، كل ذلك لا يطمس الحقيقة الصعبة، المدهشة والقبيحة، وهي أننا على الخط الأسود. السبب الحقيقي كي تتم اقالة رئيس الشباك هو من اجل منع تحقيق يتعلق بجوهر الامن الوطني. اذا تم تجاوز هذا الخط، واذا لم يتم وقف هذه العملية الفاسدة، جماهيريا وقضائيا، فاننا سنكون في دولة الحاكم فيها فوق القانون. هو يمكنه فعل كل شيء خلافا للقانون، الآن لرئيس الشباك وفي الغد للمستشارة القانونية للحكومة وبعد غد لكل واحد منا.

الإقالة هي جزء من خطة عليا حكومية لاستبدال قيمة الدولة وواجب العمل في صالح كل مواطني الدولة بقيمة الإخلاص الشخصي الذي يعني تأسيس دولة القاعدة، “دولة كل المخلصين له”، دولتهم فقط. في اطارها سيكون أيضا توقع لاغلاق تحقيقات جنائية غير مريحة للحكم، وتوقع عمل الجهاز ضد الاحتجاج وضد من يعارضون السلطة، وأيضا المزيد من المستقبل الأسود من هذا النوع. 

نتنياهو مشوب بتناقض المصالح الواضح، لأنه في هذه الاثناء يجري تحقيق للشباك فيما يتعلق بالعلاقة بين عدد من موظفي مكتبه ومستشاريه وبين قطر، الدولة المعادية والداعمة للارهاب، وفيما يتعلق بتأثير العلاقة المذكورة – الأموال اذا نقلت فلمن نقلت ومقابل ماذا. هذا تحقيق يضر جوهر الامن الوطني، ليس اقل من ذلك. يتم التحقيق أيضا في قضية تسريب وثيقة استخبارية سرية عن طريق احد مستشاري رئيس الحكومة الى صحيفة “بيلد” للمس كما يبدو بالمفاوضات حول تحرير المخطوفين. 

الاقالات السريعة المتوقعة والسلوك الذي يحيط بها، تثير الشك بجدية بأن القصد منها هو منع هذه المكتشفات المذكورة على وجه التحديد. إن اتخاذ القرار بدون التشاور مع المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا، التي أوضحت بأنه يجب التشاور معها لضمان اتخاذ القرار على أساس واقعي وقانوني منظم وجوهري، يعزز السواد القاتم الذي يشوب قرار الفصل. إضافة الى اقالة رئيس الشباك، فانه على مرمى هدف الحكومة التي انحرفت عن المسار بقرار متعمد، توجد أيضا المستشارة القانونية نفسها، التي يتوقع عقد جلسة الاستماع الأولى حول اقالتها في يوم الاحد القادم. رئيس الشباك تمت اقالته لأنه لم يتردد في رفع السجاد القطري من اجل كشف ظلام ما يخفيه. هو والمستشارة القانونية للحكومة يعتبران مبعوثا الجمهور المتميزين اللذين يقاتلان من اجلنا في الخطوط الامامية من اجل عدم التدهور الى الديكتاتورية.

الاختباء وراء الحكومة كجسم جماعي، التي من المفروض أن تتخذ القرار وليس رئيس الحكومة وحده، هو ستارة هشة، غير مقنعة ولا تخفي العيوب. إن رد رئيس الشباك بأن هذه الإقالة غير قانونية هو رد صحيح ويعتمد على موقف المستشارة القانونية للحكومة أيضا. بعد اصدار القرار النهائي من قبل الحكومة، ورغم رأي المستشارة القانونية السلبي، أن هذه خطوة غير قانونية، سيتم نقل القضية الى محكمة العدل العليا، التي ستجبر على اتخاذ قرار مبدئي حول هل سيتم وقف الإقالة غير القانونية بأمر مؤقت الى حين يتم النظر في الالتماس أم لا. 

بالضبط من اجل منع المحكمة العليا من فعل ذلك، فان المحكمة طلبت تقليص قبل سنتين إمكانية استخدام ذريعة المعقولية كذريعة مراجعة قضائية فيما يتعلق بالتعيينات. حكم المحكمة العليا الذي ابقى ذريعة هذه المراجعة على حالها هو الضمانة التي تعتمد عليها الديمقراطية الإسرائيلية، التي تتأرجح وتهتز في مهب الريح في ظل تسونامي الانقلاب النظامي، الذي تصمم حكومة الكوابيس على فرضه على الدولة. 

اذا لم يتم وقف الإقالة، لا سمح الله، فان الفصول القادمة في سلسلة الرعب، “إسرائيل تودع الديمقراطية”، يمكن أن تتدهور الى تعيين رئيس جديد للشباك، رجل “نعم” سياسي، الذي سيحول الجهاز من جهاز أمن رسمي في الدولة الى ذراع عنيف، سري، لتصفية الحسابات السياسية مع من يعارضون النظام وكل من لا يروق للحكومة. يجب على الجمهور في إسرائيل عدم التسليم بهذا الجنون للحكومة، ومع فقدان التوازن والوقف الفاسد للتحقيق من اجل كشف الحقيقة. 

يجب على الجمهور الواسع الخروج بجموعه للاحتجاج بصورة لا هوادة فيها من اجل الدفاع عن الديمقراطية. ورفع الستارة عن الكذب الحكومي المخالف للدولة وعديم المسؤولية ومعارضته، هي العملية الأكثر وطنية في الوقت الحالي – احتجاج جماعي ونضال جماهيري وسياسي، الى أن يتم الاستبدال السريع للنظام بطريقة ديمقراطية. لن يكون هناك وقت آخر.

——————————————

إسرائيل اليوم 17/3/2025 

ليس عدم ثقة، بل عدم ولاء شخصي

بقلم: يوآف ليمور

قرار رئيس الوزراء تنحية رئيس الشباك يسرع الشرخ الداخلي ويقرب إسرائيل خطوة أخرى الى حرب أهلية. 

ان تنحية رونين بار، التي تعد في نظر مؤيدي بنيامين نتنياهو كخطوة واجبة وفي نظر معارضيه كخطوة أخرى لتقويض الديمقراطية – تقطع الحبل شبه الأخير الذي ربط بين قسمي الشعب. لئن كانت الحكومة حذرت قبل الحرب من أن إسرائيل تضعف وتفقد قوتها، فان هذا التحذير يصدح الان بقوة غير مسبوقة. 

سنة ونصف في الحرب، واكثر من سنتين منذ قامت حكومته الحالية، يسرع نتنياهو مسيرة تطهير مراكز القوى في قيادة الدولة. بعد أن نجح في التخلص من رئيس الأركان هرتسي هليفي ومن وزير الدفاع يوآف غالنت حان امس دور رئيس الشباك رونين بار، فيما أن في الخلفية بدأت منذ الان الإجراءات لتنحية المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا. ان قطع رؤوس جماعي كهذا محفوظ لمعظم الأنظمة الاستبدادية. 

ان التمسك بدونالد ترامب كمصدر الهام هو ذريعة فقط: الحكومة ورئيسها يحاولان ان يزيحا عن طريقهما كل ما ومن يفصل بينهما وبين الحكم المخلد. اضيفوا الى هذا رفض الالتزام بقرارات المحكمة العليا (والحرب الدائمة عليها)، التعيينات المغرضة، الأموال المخصصة فقط لاناسنا والتمييز بين الدم والدم في الخدمة في الجيش – وستحصلون على مسار مباشر الى الدكتاتورية. 

رئيس الوزراء يرى نفسه فوق كل اشتباه

ادعى نتنياهو أمس بان علة التنحية هي عدم الثقة بينه وبين بار. عدم ثقة كهذا ساد بين نتنياهو وكل رؤساء الأركان، رؤساء الموساد ورؤساء الشباك الذين خدموا تحته في سنواته الطويلة كرئيس الوزراء، مع ذلك لم يفكر حتى في أن ينحي أيا منهم. السبب هو انه لم تكن ابدا علامة استفهام حول لمن يعطى ولاؤهم: لدولة إسرائيل، التي باسمها ومن أجلها يعملون. الاختلاف الان هو ان نتنياهو يطلب من رؤساء جهاز الامن الولاء الشخصي، كشرط لمواصلة ولايتهم. وعندما يكونون مطالبين بان يختار بين مصلحة الدولة ومصلحته فانه يتوقع ان يختاروه.

قضية قطر غيت التي يحقق فيها الان هي دليل على ذلك. كما كتب هنا أمس، في دولة سليمة كان على نتنياهو أن يقود التحقيق بطلب استنفاده حتى النهاية وفي ظل الوعد بان يبعد عن محيطه كل من هو مصاب بالقضية. حقيقة أن نتنياهو يتصرف العكس لا تدل فقط على أنه يخاف مما سيتبين: هي توضح انه يعتقد عن حق وحقيق بانه هو ومحيطه يوجدون فوق كل اشتباه وتحقيق. 

يمكن الافتراض انه استمرارا لتنحية بار سيسعى الى تعيين رئيس شباك يدفن القضية، بالتعاون مع مفتش عام وشرطة يخدمان منذ الان الحكم على المليء (مثلما تبين من قرارهما السريع لاستدعاء رئيس الشباك السابق نداف ارغمان الى التحقيق). ان تنحية بار، لأول مرة في تاريخ الدولة ينحى فيها رئيس شباك او جهاز امني آخر – ستقر بالتأكيد في الحكومة. ومن المتوقع لها مع ذلك ان تواجه مصاعب قضائية لا بأس بها، وعلى أي حال ألمح بار أمس بان هذه خطوة مرفوضة.

ليس واضحا أيضا ما الذي سيحصل في الشارع الإسرائيلي. صحيح ان الاحتجاج ضد الحكومة تآكل في اشهر الحرب الطويلة، لكنه يتلقى الان حقنة تحفيز لم تعطى له منذ التنحية الأولى ليوآف غالنت من وزارة الدفاع في اذار 2023. هذه أيضا وصفة لتسريع مسيرة تفكك قسمي إسرائيل. يتبين أن كل ما تحقق في الحرب من شأنه أن يضيع هباء.

على بار ان يرحل بسبب القصور الذي وقع في ورديته وبمسؤوليته. وقد أوضح ان هذا ما سيفعله. لكن لا يمكن تجاهل حقيقة أن الحكومة التي تقيله هي الحكومة ذاتها التي وقعت الكارثة في ورديتها ومسؤوليتها الموازية، المسؤولية التي ترفض ان تأخذ بها او حتى ان تحقق فيها: فأمس فقط رفض نتنياهو اقتراح حل وسط لاقامة لجنة تحقيق رسمية. وأوضح عمليا ان من ناحيته الكارثة لا تعود له. 

ان حقيقة أن اغلبية الشعب تريد شيئا آخر غير ما يريده – في موضوع لجنة التحقيق، في موضوع المخطوفين، في موضوع التملص من الخدمة – تدل الى أي مدى ابتعدت الحكومة عن الجمهور الذي انتخبها وانشغالها الوحيد هو في حماية وتثبيت قوتها وحكمها.

——————————————-

هآرتس 17/3/2025

اقالة رونين بار لأن اخلاصه هو للدولة وقوانينها وليس لنتنياهو

بقلم: يوسي فارتر

على رأس الحكومة يقف الآن شخص فاسد ومفسد، مهمَل ومهمل، خطير ويعرض الآخرين للخطر، الديمقراطية، أمن الدولة ومناعتها القومية ومستقبل الصهيونية. هجوم حماس في الغلاف في 7 أكتوبر، الذي تم شنه في اعقاب انقلابه النظامي هو وياريف لفين، لم يعلم نتنياهو أي درس. بالعكس، كشخص مصاب بنوبة غضب شن هجومه على حراس العتبة الذين يمنعونه من تحويل إسرائيل الى دولة ديكتاتورية، ملكية قومية، على شاكلة هنغاريا، روسيا وتركيا.

اقالة رئيس الشباك رونين بار كانت مكتوبة على الحائط بحروف كبيرة، حتى قبل طلب نتنياهو منه الاستقالة قبل أسبوع. الذريعة كانت امامنا بالتسلسل الزمني التالي: قضية الوثائق السرية التي كان متورط فيها مستشارو رئيس الحكومة في السابق وفي الوقت الحالي ايلي فيلدشتاين ويسرائيل اينهورن ويونتان اوريخ (الأول كان يعمل كما نذكر في المكتب بوظيفة امنية رغم أنه لم يعط له وصف). تحقيق الشباك في فشل 7 أكتوبر الذي فيه تم إحصاء إخفاقات المستوى السياسي، وقضية “قطر غيت” التي فيها تم التحقيق مع هؤلاء المستشارين الثلاثة، وهي الآن تخضع لمنع النشر.

الموضوع الأخير كان القشة الأخيرة. فوق رأس نتنياهو تحلق غيمة ثقيلة، ما الذي عرفه ومتى، هل صادق وتجاهل، هل اغمض عيونه؟ (أنا لا اثق بشكل متواصل برئيس الشباك)، شرح أمس رئيس الحكومة سبب الإقالة. المشكلة ليست في الثقة، بل في الولاء. بار هو أحد حراس العتبة، وبهذه الصفة فان اخلاصه للدولة وقوانينها. في هذه الفترة التي يوجد فيها ظلام كبير يغطي إسرائيل فان مصالح “الدولة” تتصادم بشكل مباشر مع مصالح نتنياهو الشخصية. كل من يقف في طريقه للحكم المطلق، كل من يتجرأ على اظهار الاستقلالية وسلوك رسمي ينبع من الدولة، ويظهر التصلب يتم ابعاده عن الطريق. يوآف غالنت، هرتسي هليفي والآن بار. المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا دورها جاء الآن. في يوم الاحد الحكومة ستناقش حجب الثقة عنها. رئيس المحكمة العليا اسحق عميت يتجاهله الوزراء باحتقار. استعداده للتنازل عن صلاحياته القانونية للتقرير من سيكون عضو في لجنة التحقيق الرسمية وتقاسم هذه الصلاحية مع القاضي نوعام سولبرغ، المستوطن المتدين، تم رفضه بنفس الاحتقار من قبل نتنياهو.

أمس اعلن المفتش العام للشرطة، وهو أحد الخدم الاذلاء في منزل نتنياهو، عن فتح تحقيق في اشتباه الابتزاز بالتهديد ضد من سبق بار في المنصب، نداف ارغمان، بسبب تصريح غير ناجح. القرار تم اتخاذه بصورة غير مسبوقة بدون التشاور مع المستشارة القانونية للحكومة. وهكذا أيضا قرار اقالة بار الذي سيتم فحصه في المحكمة العليا. يمكن فقط الأمل أن بار، الذي دعا أمس الولد باسمه، (“توقع رئيس الحكومة لواجب الثقة الشخصية هو أمر مرفوض وغير قانوني”)، سيمثل هو نفسه في المحكمة العليا وسيقول ما لديه. واذا لم يكن هناك ففي وسائل الاعلام. هذا لا يعتبر سر أمني. فهنا لا يوجد أي خرق لأي قاعدة، بالعكس، كل عاقل يجب عليه فعل كل ما في استطاعته لإنقاذ الدولة.

رؤساء جهاز الامن في العشرين سنة الأخيرة يجب عليهم أيضا قول ما لم يقولوه حتى الآن والجمهور يجب عليه الخروج بجموعه الى الشوارع. عندما سيسقط الحصن بشكل كامل فان اشخاص طيبين سينظرون الى الوراء وسيندمون لأنهم لم يعملوا. هذا تحذير حقيقي. حماس وحزب الله لم ينجحا في تركيع دولة إسرائيل بفضل الجيش والشباك والموساد. نتنياهو يريد استكمال مهمتهم من الداخل. خطره حتى أكبر من خطر الأعداء من الخارج.

مثل ديكتاتوريين آخرين في التاريخ فان نتنياهو ايضا انتخب بطريقة ديمقراطية، لكنه مصمم على تحطيم هذه الطريقة؛ اذا احتاج الامر فلتحترق الدولة. لقد استبدل غالنت السياسي الخالد يسرائيل كاتس، وقد فرض على رئيس الأركان الاستقالة، ورفض ترقية الى رتبة جنرال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي المتميز والمقدر دانييل هاجري والآن هو يستخذي أمام جمهور الحريديين الذي يرفض التجند. هليفي استبدله زمير، الذي يلمح بأنه يتساوق كليا مع بيبي. نتنياهو بالتأكيد قرر من سيكون مكان بار، هذه ستكون مفاجأة كبيرة اذا لم يقم بتعيين أحد مقربيه الذي سيضمن له مسبقا بأن التحقيقات مع مستشاريه سيتم وقفها. 

الإشارة الأولى على اقالة بار حصلنا عليها صباح أمس من أسوأ المقربين يعقوب بردوغو، الذي أشار الى أنه اذا لم تتم اقالة بار خلال بضع ساعات فان نتنياهو “يعرض حكمه للخطر”. بردوغو، كما نذكر، اسمع تهديد مشابه أيضا تجاه يسرائيل كاتس، أنه اذا تجرأ على ترقية هاجري الى رتبة جنرال فانه لن يستمر في أن يكون وزير الدفاع. هذا هو واقع الحياة لدينا، بائس وقبيح جدا.

——————————————-

معاريف 17/3/2025 

هذه هي المرحلة الأخيرة لتحول إسرائيل، الى دكتاتورية شرق أوسطية ظلامية

بقلم: بن كسبيت

الرجل يتملكه الغضب. الفهم الذي عاد به من زيارته الأخيرة الى الولايات المتحدة هو أن كل ما يفعله دونالد ترامب يمكنه هو ان يفعله بشكل أفضل. 

كما نشر في هذه الصفحات، فقد تفجر على جلسة كابنت سياسي – أمني. بدلا من أن يتحدث عن المخطوفين الذين يذوون في أنفاق حماس، عن الصفقة التي علقت ولا تنفذ، القى امامهم “خطاب الولاء” الذي أساسه بسيط: من لا يكون مواليا شخصيا لنتنياهو، لن يكون. 

هذه هي المرحلة الأخيرة في تحول إسرائيل، التي كانت ذات مرة ديمقراطية برلمانية غربية، الى دكتاتورية شرق أوسطية ظلامية. الولاء هو للملك وليس للمملكة. من لا يقسم باسم العقيلة، الابن والروح القدس، سيطير الى كل الرياح. هكذا ببساطة. 

قبل نحو أسبوعين استدعى رئيس أمان الى المحكمة المركزية كي يشرح لهيئة القضاة بان الوضع حساس، توجد تطورات أمنية هامة جدا تتطلب الغاء بضعة أيام شهادة لرئيس الوزراء. منذئذ، لم يصبح الوضع اقل حساسية. بالعكس. صفقة المخطوفين علقت، بذنب إسرائيل. نتنياهو غير مستعد لتعريض الائتلاف للخطر. هو يفضل ان يعرض المخطوفين للخطر. كل الجبهات لا تزال مفتوحة. الجيش الإسرائيلي يهاجم في سوريا، في لبنان وفي القطاع. حماس والجهاد الإسلامي توجدان في عملية إعادة تأهيل. الحوثيون لا يزال يركلون. وبالتالي فان الحساسية الأمنية تزعجه في ادلاء الشهادة، لكن لا تزعجه في استبدال رئيس جهاز الامن العام، هز الجهاز الأمني الحيوي والحساس هذا ومواصلة ضعضعة مكانته في الجمهور، مثلما ضعضع كل باقي الاجسام، المؤسسات ورموز المملكة الإسرائيلية التي تنهار امام الدكتاتور. 

في الوضع الحالي، رئيس وزراء إسرائيل لا يأخذ مسؤولية عن 7 أكتوبر، رغم أن مسؤوليته عن الكارثة واضحة، جلية ومطلقة كرئيس الوزراء. هو لا يعتذر، هو لا يطأطيء الرأس، هو ليس مستعدا لان يتوجه الى الناخب، مثلما كان سيفعل كل زعيم آخر في العالم بعد حدث كهذا. هو غير مستعد لان يقيم لجنة تحقيق رسمية باي تركيبة تضم الكلمة النكراء “قضاة”. لقد أشار لرئيس الأركان الطريق الى الخارج.  أشار لوزير الدفاع الطريق الى الخارج وعين بدلا منه شخصيا بلا تجربة أمنية. وهو ينحي الان رئيس الشباك الذي يدير جهازه تحقيقا حساسا ضد الأكثر قربا من رئيس الوزراء في شبهات خطيرة بعلاقة مرفوضة مع قطر. بعد ذلك سيقيل المستشارة القانونية للحكومة، التي هي أيضا المدعية العامة في محاكمته الجنائية. 

نتنياهو ليس فقط يوجد منذ زمن بعيد في حالة العجز، هذه هي حقيقة كل العجز. في جوهره، بنيامين نتنياهو هو هجوم تلقائي على الدولة التي يدعي انه يقف على رأسها. منظومة مناعة تهاجم نفسها وقريبة جدا من ان تدفع الجسم الى انهيار المنظومات. 

أنا لست من مؤيدي اصطلاح “العجز”. برأيي لا يوجد اصطلاح كهذا وفقا للقانون الإسرائيلي، واذا كان، فانه الغي تماما في تشريع حكومة الأغراض الحالية. وعليه، فاني لا اعلق أملا على اخراج نتنياهو الى العجز. ليس هكذا يجب أن يحصل هذا. الموضوع هو أنه من ناحية جوهرية، الرجل عاجز. منذ زمن بعيد. هو ليس اهلا لمنصبه. هو لا يلتزم باتفاق تضارب المصالح عديم الأساس منذ البداية الذي كان وقع عليه. هو ذو قرن في حانوت فخار. ضرره يتضخم بحجوم هائلة. ولا نرى النهاية. 

ما الذي يفقد نتنياهو صوابه مع رونين بار؟ هذا معقد. تحقيقات الشباك، التي لم تقفز عن الحدث السياسي، وعن حق. التي كشفت مرة أخرى عري الزعيم الذي اخترع المفهوم وبنى حماس. وبالطبع، تحقيق قطر غيت. ان تهجم نتنياهو المريض على بار في اعقاب تصريح غير ناجح لنداف ارغمان مع مقابلة مع يونيت ليفي كشف نوازع الرجل الأكثر عمقا. حتى هو يعرف العداء والخصام بين بار وارغمان الذي هو اليوم مواطن خاص رأيه لا يلزم أحدا. هذا لم يمنع نتنياهو من التهجم على رئيس الشباك القائم واتهامه باتهامات خطيرة للغاية، بما فيها الابتزاز بالتهديد. فما الغرو ان طائفة حملة أدوات الرجل البائسين سارت وراءه وحولت الشباك في اليوم الاخير الى “منظمة جريمة”. 

في إسرائيل 2025 لم يتبقَ شيء. فهو لم يبقي حجرا على حجر. حين بدأت التحقيقات ضده تهجم على الشرطة. هذا حصل عندما كانت لا تزال شرطة. “افيحاي لن يفعل لنا هذا”، قال مقربوه عن المستشار القانوني. بعد ذلك جاء دور المدعية العامة ليئات بن آري. بعد ذلك النائب العام للدولة شاي نيتسان. بعد ذلك وصلنا الى مندلبليت. من مكانة عزيز الامة، ساكن الحوض وسكرتير الحكومة السابق، اصبح شيطان كل الأزمنة. هو وروني ألشيخ تآمرا لاسقاط رئيس وزراء قائم وحاكا له ملفات. 

من هنا لاحقا تقدم بسرعة هائلة، ككرة ثلج سوداء. من لم يحيك ملفات لنتنياهو؟ الكل تقريبا. امس تبين أيضا أن روني بار انضم هو الاخر الى دار الحياكة هذه. مسكين نتنياهو. الكل يريدون أن يحيكوا بالذات له ملفات. المحاكم، النيابة العامة، وسائل الاعلام، الدولة العميقة، الجيش الإسرائيلي، الشباك. هذه كلها دار حياكة واحدة كبيرة. 

الكرة الان انتقلت الى الحقل القضائي. افترض أن ترفع هذا الصباح التماسات الى محكمة العدل العليا ضد اقالة رئيس الشباك في ذروة تحقيق قطر غيت. بالمناسبة، القاضية المناوبة هي غيلا كنفي شتاينتس. القاضية الأولى من اصل مغربي (عينتها حكومة لبيد – بينيت) وعقيلة يوفال شيتاينتس. مشوق أن نرى اذا كانت ستجد الشجاعة لفعل ما.

اليوم بات ممكنا ان نقرر باننا نضجنا. الضفدع ناضج كما ينبغي. لين وناضج. وهذا حصل ببطء لكن بثبات. الرجل المسؤول عن الخراب والمذبحة، اللذين في اعقابهما حرب لا نهاية لها تسحق هنا جماهير كاملة يبني الان دكتاتورية برعاية الحرب إياها وحيال التعب المتراكم للجمهور الخادم والمنتج. 

محظور السماح بهذا ان يحصل. في الدكتاتورية يوجد أيضا حق الاحتجاج. لا يزال. علينا أن نستنفده، حسب القانون، في ظل ابتعاد حريص عن كل نوع من العنف. لحكومة نتنياهو لا توجد ثقة جماهيرية. نرى هذا في كل الاستطلاعات. هي تواصل زيادة العبء على المواطنين الذين يحملونه وتوزيع المليارات على أولئك الذين لا يحملونه. لهذه الحكومة لا توجد أيضا شرعية أخلاقية او قيمية. لن تكون لنا فرصة أخرى لإنقاذ هذه الدولة. نحن في أيام مصيرية لا مثيل لها.

——————————————-

يديعوت احرونوت 17/3/2025

المواجهة بين نتنياهو وروني بار خطيرة وتقربنا من نوع من الحرب الاهلية

بقلم: ناحوم برنياع

المجتمع الإسرائيلي، من جنود الاحتياط على حدود غزة وحتى قضاة العليا ومحللي وسائل الاعلام، ينقسم تحت الحكم الحالي الى مجموعتين: أولئك الذين هم مقتنعون باننا نعيش في مجال الحالة الطبيعية، وان كل شيء سبق أن كان، ولكل جنون يوجد سابقة، وأولئك الذين هم مقتنعون بان نتنياهو والعصبة من حوله حطموا كل القواعد. رونين بار ينتمي بشكل واضح الى المجموعة الثانية. 

في الحرب مثلما في الحرب، في الجنون مثلما في الجنون، يقول لنفسه رونين بار ويتصرف بناء على ذلك. هو لا يعتزم الاستقالة وفي واقع الامر، لا يعتزم أيضا أن يكون مُقالا. هو سيحترم بالطبع قرار الحكومة اقالته – لكن القرار بترك منصبه لن يكون في يده. سيكون في يد المستشارة القانونية للحكومة وفي يد محكمة العدل العليا. طالما توجد إجراءات هو لن يرحل. من لقاء الإقالة مع نتنياهو عاد الى مكتبه لليلة عمل طويلة. ليس بسبب نتنياهو – بسبب غزة. 

لا فكرة لدي اذا كان تحدث عن اقالته مع غالي بهرب ميارا، لكن للاثنين يوجد الكثير من القواسم المشتركة: التقدير المتبادل، جبهة واحدة، قلب من فولاذ وروح قتالية. نتنياهو يخرج منهما مزايا مشكوك أن يكونا يعرفا بانها لديهما. فقط بيبي. 

وبالفعل، في البيان الذي أصدرته المستشارة امس بنت عائقا أول، ذا مغزى، لتنفيذ الإقالة: “لا يمكن فتح اجراء انهاء ولاية”، كتب غيل ليمون، مساعدها، “منصب رئيس جهاز الامن ليس وظيفة ثقة شخصية لرئيس الوزراء”.

عندما دخل رونين بار أمس الى اللقاء مع نتنياهو بدأ بالسؤال: استنادا الى ماذا تتهمني (في البيان الذي أصدره نتنياهو) بالابتزاز؟ متى ابتزيتك؟ 

استنادا الى مقال سيما كدمون في “يديعوت احرونوت” قال نتنياهو. 

وقد قصد مقال زميلتي سيما كدمون الذي نشر يوم الجمعة قبل تسعة أيام. “يجدر به أن يفكر جيدا قبل أن يقيم عليه رؤساء الشباك على اجيالهم”، كتبت عن نتنياهو. “فبعد كل شيء، يدور الحديث عن أناس يعرفون شيئا او اثنين عنه، عن سنة حياته وعن ابنه العزيز عليه”. 

بار، الذي سمع بضعة أمور غريبة في حياته، تحت نتنياهو أيضا، ذهل. لم يسبق لي أبدا أن التقيت او تحدثت مع سيما كدمون، قال لنتنياهو. 

مع كل الاحترام لسيما – وثمة الكثير من الاحترام – مقالها في الصحيفة لا يمكنه أن يكون دليلا لتبرير اقالة رئيس الشباك. هذا جنون.

من لديه ذاكرة طويلة يتذكر – وكيف لا – قضية الشريط الساخن في 1993: نتنياهو توجه الى مقابلة عاجلة في التلفزيون اتهم فيها دافيد ليفي وصحبته بنشر شريط يكشف علاقات حميمة مع عشيقته في الفترة إياها. هم يحاولون ابتزازي، ادعى. عشيقة كانت بالفعل؛ اما الابتزاز فلم يكن. 

رونين بار هو شخص مذهل، ذو قدرات استثنائية. يحتمل ان تكون إسرائيل ستكسب لو أنه كان رئيس الوزراء ونتنياهو كان يدعى اليه، الى مكتبه، للقاء اقالة. لكن المواجهة بينهما خطيرة. فهي تقربنا من نوع من الحرب الاهلية، حاليا بلا سلاح، لكنها باتت في مرحلة فقدان الثقة وانعدام الطاعة في أجهزة الامن. التمييز الذي يجريه بار بين المملكة والملك يجتذب القلب، لكن في حالة الشباك هو اشكالي: وظيفة الجهاز هي أيضا حماية المملكة، وكذا الملك، والملكة والأمير أيضا. 

اذا كان سبب الإقالة هو التحقيق في قضية قطر غيت، فهذا اقل غرابة. ثمة شيء ما غير سليم والادق شيء ما نتن، في عمل مساعدي رئيس وزراء في خدمة دولة اجنبية وليست عاطفة بالضرورة. لا يمكن طمس تحقيق كهذا. معقول أيضا الافتراض بان الهوة بين نتنياهو وبار فغرت فاها بالتدريج، على خلفية الاحتجاج. نتنياهو يؤمن حقا بوجود دولة عميقة وبالمؤامرة التي يحيكها رجالها ضده. هو يؤمن بانهم يتآمرون لتصفيته او ابتزازه، ما يأتي أولا. الجهد الذي بذله بار في الدفع قدما بصفقات مخطوفين فاقم الوضع. نتنياهو لم يرَ بعين جميلة لا الصفات ولا الموقف المستقل لبار. ليس صدفة أنه نحاه عن فريق المفاوضات. 

خطاب الولاء الذي القاه نتنياهو بعد عودته من واشنطن هو المفتاح: اذا كان مسموحا لترامب، فمسموح له أيضا. كل شيء يبدأ به – لا يوجد ولا آخر.

القول الغبي لنداف ارغمان في المقابلة التي منحها ليونيت ليفي كانت على ما يبدو القشة التي قسمت ظهر البعير. نتنياهو فسر اقوال ارغمان كتهديد. مثلما هو الحال دوما، افترض بان عصبة كاملة، مؤسسة كاملة، تتآمر ضده: ارغمان ينسق مع أولئك الذين سبقوه ومع من جاء بعده. ارغمان يحاول ابتزازه. اذا لم يرد فهو قابل للابتزاز. هو ملزم بان يفعل شيئا ما يتجاوز الشكوى العليلة، السخيفة للشرطة. فقرر القيام بفعل ما. كانت هذه المساهمة المتواضعة من ارغمان في اقالة بار.

نحن ندخل على ما يبدو الى أيام قتال معزز في غزة، بدون صفقة، بدون مخطوفين، بدون أن يتلقى الجمهور تفسيرا لماذا نحن نسير عسكريا. ازمة ثقة في ظل القتال.

المواجهة الدستورية حول اقالة بار ستنتهي، من شبه اليقين، بتعيين رئيس شباك جديد. مهمته الأولى ستكون التصدي لازمة داخلية (بار نجح في منع هزات داخل الجهاز بعد 7 أكتوبر. الإقالة تخلق وضعا جديدا). تسريع اجراء الإقالة للمستشارة القانونية للحكومة ينتظر خلف الزاوية. وقوفها الى جانب بار سيكون مدماكا إضافيا في لائحة الاتهام ضدها. شباك آخر، نيابة عامة أخرى ولاحقا محكمة عدل عليا أخرى وقوانين أساس أخرى. رئيس وزراء فقد الكوابح سيتحكم بنا كما يشار وحكومة فاشلة تسير وراءه. أهذا طبيعي؟ تماما لا.

——————————————-

هآرتس 17/3/2025

“قتل 4 آلاف جنين بضربة واحدة”.. إسرائيل: يؤيدون حماس

بقلم: نوعا ليمونا

عندما أصابت قذيفة مدفعية عيادة الإنجاب الرئيسية في غزة في كانون الأول 2023، تم القضاء على 4 آلاف جنين بضربة واحدة، حسب تقرير الأمم المتحدة الذي نشر الأسبوع الماضي. وحسب التقرير، لم يكن مبنى العيادة مرتبطاً بأي مبان أخرى، وثمة لافتة كبيرة تشير إلى أن الأمر يتعلق بعيادة للخصوبة. قال الجيش الإسرائيلي إنه لا يعرف عن الهجوم ولم يكن بشكل متعمد. اللجنة التي فحصت الموضوع لم تجد أي إثبات بأن المبنى استخدم بصورة عسكرية. أي أنه لا يمكن تبرير القصف بالادعاء المعتاد: تم إطلاق صواريخ من المبنى، أو اختبأ فيه مخربون، أو تم تخزين السلاح فيه، أو فيه فتحات أنفاق.

كما هو متوقع، رفض الجميع في إسرائيل هذا التقرير تلقائياً، سواء من الائتلاف، والمعارضة، ووسائل إعلام التيار العام. في نهاية المطاف، ثمة وحدة في الدولة المقسمة. تعامل معه الأشخاص من الطيف السياسي كله كشيء لاسامي، لا يوجد فيه بند أو فقرة أو سطر يستحق الفحص أو التأكيد أو الدحض.

يمكن تفهم بعض الغضب الذي أثاره التقرير إذا أخذنا في الحسبان تردد الأمم المتحدة والمنظمات النسوية الدولية فيما يتعلق باتهام حماس بجرائم جنس ضد النساء الإسرائيليات في 7 أكتوبر وضد المخطوفين. ولكن ذلك لا يبرر التنصل الكامل من الأمور، خصوصاً عند توثيق جزء منها على يد جنود الجيش الإسرائيلي وكانت مكشوفة أمام أنظار الجميع. إضافة إلى ذلك، جزء كبير من الوثيقة يتناول مس إسرائيل بكل مجالات الخصوبة في القطاع، وضمن ذلك، إلى جانب الهجمات المباشرة لعيادات الخصوبة، هجمات في أقسام الولادة في المستشفيات، وتأثير ظروف النظافة وعدم القدرة على الوصول ونقص المعدات الطبية والكهرباء والوقود، على علاج الحوامل والمواليد، وتأثير الجوع على النساء المرضعات وما شابه.

معظم الإسرائيليين لا يهتمون بقتل النساء والأطفال في القطاع، أحياناً تكون هذه اللامبالاة مرفقة بالإنكار، كما أدرك ذلك موشيه يعلون من الهجوم ضده عقب قوله “لا أتوقع أن ترسل إسرائيل الجنود لقتل الأطفال في غزة”. لذلك، من المضحك توقع رد عاطفي على تدمير الأجنة، لكن الآلاف منها الذين قضوا بقذيفة واحدة، هي نتاج علاج خصوبة مرهق مرت فيه النساء. هي آمال تحطمت، أحلام تدمرت وضاعت. بالذات في إسرائيل، التي لديها رقم قياسي في الخصوبة والولادة، والتي يعد علاج الخصوبة أمراً شائعاً جداً فيها، فهذه اللامبالاة تثير الاستغراب. مثلاً، مقارنتها بالعاصفة العاطفية المبررة التي أثارها فشل الأجنة في قضية “أسوتا”، التي اتُخذ قرار المحكمة العليا بشأنها الأسبوع الماضي.

——————————————-

هآرتس 17/3/2025

“إقالة بار”.. تقرير خطير لإسرائيل: نحن في حرب وجودية ما بقي نتنياهو في الحكم

بقلم: أسرة التحرير

قرار رئيس الوزراء نتنياهو إقالة رئيس “الشاباك” رونين بار، خطوة دراماتيكية أخرى في رحلة تحول إسرائيل من ديمقراطية إلى أوتوقراطية (حكم مطلق). يواصل نتنياهو رحلة الهدم المخططة والثأرية ضد كل مؤسسة لا تبدي له ولاء مطلقاً، وكل مؤسسة تهدد بالحفاظ على الاستقلالية والتبعية لحكم القانون.

يتحدث نتنياهو عن “عدم ثقة متواصل” برئيس “الشاباك” كسبب للإقالة، لكن يجدر استبدال كلمة “ثقة” بكلمة “ولاء”. لقد قرر نتنياهو إقالة بار لأن الجهاز الذي يترأسه تجرأ على فحص ادعاءات ضد رجال مكتبه، بالنسبة للصفقات التي عقدوها مع قطر. “عدم الولاء” وجد تعبيره أيضاً في التحقيق الذي نشره الجهاز عن إخفاقات 7 أكتوبر وكشف فيه عن دور نتنياهو في قصور تحويل الأموال لحماس، وذلك رغم أنه رفع إلى علمه بأن بعضاً من هذه الأموال مخصصة لتسلح منظمة الإرهاب.

في خلفية مخاوف نتنياهو بالنسبة لـ “الشاباك” مقابلة صحافية منحها رئيس “الشاباك” السابق نداف أرغمان لـ “أخبار 12” قال فيها إنه إذا عمل نتنياهو بخلاف القانون فسيروي “كل ما يعرفه عنه”

في خلفية مخاوف نتنياهو بالنسبة لـ “الشاباك” مقابلة صحافية منحها رئيس “الشاباك” السابق نداف أرغمان لـ “أخبار 12” قال فيها إنه إذا عمل نتنياهو بخلاف القانون فسيروي “كل ما يعرفه عنه”. رد نتنياهو على الأقوال بهستيريا محفوظة لمن يخاف من كشف أمور عنه تعرضه في ضوء سلبي. وعلى الفور، طالب بتحقيق شرطي على ابتزاز بالتهديد. وعلم اليوم بأن الشرطة، المخلصة لروح القائد، قررت التحقيق مع أرغمان.

يسعى نتنياهو للتخلص من كل حماة الحمى، ومن كل جهة قد تكشف قصوراته وتعرض استمرار حكمه للخطر. لهذا الغرض، ينزل إلى حياة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهرب ميارا، ويفرض الرعب على جهاز القضاء كله، عبر مساعده المخلص يريف لفين، وفي رأس الأمور – يعارض إقامة لجنة تحقيق رسمية تحقق في كارثة 7 أكتوبر.

الآن، يضع نتنياهو رئيس الجهاز على لوحة الأهداف، لأنه يحقق في قضية “قطر غيت” التي أبطالها مقربون من نتنياهو نفسه. وكذلك من لم يوافق على تقديم رأسه طوعاً ويسمح لنتنياهو بإلقاء مسؤولية 7 أكتوبر على القيادة الأمنية دون أن يدفع المستوى السياسي الثمن.

حين قال نتنياهو أمس في شريط الإقالة “إننا في ذروة حرب على وجودنا”، كان محقاً. إسرائيل تحت نتنياهو باتت في حرب وجودية، ولكن ليس حيال حماس وحزب الله، بل حيال رئيس وزراء قرر تدمير البنية التحتية القيمية، البيروقراطية، القضائية والأمنية للدولة.

نأمل بأن توقف محكمة العدل العليا هذه المهزلة الخطيرة. لكن حتى إن فعلت ذلك، ينبغي الاستيعاب بأن نتنياهو يفكك دولة إسرائيل. لا مرد لدرء الضرر دون إزاحته.

——————————————-

معاريف 17/3/2025

استئناف القتال في غزة سقوط أخلاقي لزامير

بقلم: أوري زيلبرشايد

قالت شيلي يحيموفيتش في مقال نُشر في 6 آذار 2025، في حديثها عن تعيين رئيس الأركان الجديد الجنرال، إيال زامير، إن “هذا التعيين هو الخطوة الطبيعية والمنطقية الوحيدة التي ربما قام بها نتنياهو وحكومته منذ كارثة 7 تشرين الأول 2023”. هذا تلخيص موجز لمديح واسع حظيَ به رئيس الأركان الجديد من جميع الأطراف، إذ لم تُوجَّه انتقادات جوهرية إلى التعيين، أو إلى حقيقة أن جوهره الحقيقي، وبصورة خاصة من الناحيتين الأخلاقية والديمقراطية، سيخضع للاختبار خلال الأيام، أو الأسابيع القليلة المقبلة.

جاء خطاب تنصيب الفريق زامير مصحوباً بدعوته – التي تحمل تناقضاً داخلياً، لكنها تتماشى مع نهج “القائد” بنيامين نتنياهو – بشأن مواصلة الحملة حتى هزيمة “حماس”، واستعادة جميع المخطوفين، لكن اللافت في خطابه كان غياب دعوة الجيش إلى الحفاظ على “طهارة السلاح”، أو التصريح الواضح بأنه لن يتسامح مع أيّ تدهور أخلاقي في صفوف قواته. أحد الأسس الجوهرية للديمقراطية هو المستوى الأخلاقي العالي لدى الجمهور وممثليه المنتخبين، وفي المقابل، تميل الأنظمة الديكتاتورية إلى تفضيل جيش ذي معايير أخلاقية متدنية، وسكان يتّسمون باللامبالاة الأخلاقية، سواء على الصعيد الداخلي، أو في تعامُلهم مع الآخر، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر باستخدام غير متناسب وغير مبرَّر للقوة. إن الاستهانة بالحياة البشرية، بشكل عام، تُعدّ من الركائز الأساسية للديكتاتورية.

يجب أن نتذكر أن هذا التعيين جاء وفقاً لرغبة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ما يعزز قبضته الديكتاتورية على إسرائيل، بدعم من وزير الدفاع المطيع، إسرائيل كاتس. تعلمنا من رئيس الحكومة نفسه أن إيال زامير، الذي شغل منصب سكرتيره العسكري في الفترة 2012 – 2015، كان في السابق مرشحه المفضل لمنصب رئيس الأركان، وأن تعيينه في هذا المنصب يعني أن “وقت زامير حان”. فليس كلّ سكرتير عسكري لرئيس الحكومة يصبح، لاحقاً، مرشحه الأبرز لتولّي أعلى منصب عسكري في الدولة.

قال الرئيس في الحدث الاحتفالي الذي أقيم في مقرّ رئيس الدولة، اسحق هرتسوغ، بمناسبة التعيين الجديد: “أدعو الجمهور – وبالتأكيد قادة الجمهور – إلى إبعاد السياسة عن الجيش وإبعاد الجيش عن السياسة…”.

المطالبة بأن يكون الجيش غير سياسي تحت أيّ ظرف ليست ديمقراطية كما يُعتقد، بل هي مطلب يميز الأنظمة الديكتاتورية، وحتى الفاشية، إذ تسعى هذه الأنظمة لامتلاك أدوات مطيعة لتنفيذ أيّ مهمة، حتى لو لم يكن لها علاقة بالدفاع عن الدولة. في الأنظمة الديمقراطية، يكون نطاق طاعة الجيش للمستوى السياسي أضيق كثيراً، وعندما تبدأ العمليات العسكرية والحروب بخدمة أجندات الأنظمة الديكتاتورية بشكل واضح، فإن حدود الطاعة تنتهي عند هذا الحد، ولا توجد دولة ديمقراطية ليست عرضةً لخطر تنامي توجهات غير ديمقراطية في داخلها، سواء من الناحية السياسية، أو الاقتصادية.

إن فهم الحياة السياسية يُعدّ من أصعب المهمات؛ لأن الشخصيات السياسية، وخصوصاً عندما يكون لديها أجندات غير ديمقراطية، تسعى لإخفاء جوهر أفعالها عن “الناس البسطاء”، ومن هنا، ينشأ تعدُّد الخلافات بين المعلّقين في وسائل الإعلام والمجتمع الأكاديمي، ويُضاف إلى ذلك تفسيرات مشوهة عمداً، ما يزيد في تعقيد الصورة العامة.

الجدير بالذكر أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يروّج أجندة غير ديمقراطية في داخل الولايات المتحدة بقوة، ويدعم الأنظمة الديكتاتورية في جميع أنحاء العالم، وبما أن الأنظمة الديكتاتورية تحتاج إلى أعداء خارجيين لقمع تطلعات الحرية لدى شرائح واسعة من السكان، فإن بعضها يتطوع ليكون عدواً للآخر. وهكذا، على الرغم من أنهم أعداء علنيون، فإنهم حلفاء سرّيون إزاء بعض القضايا. من هنا، تنبع “التناقضات” في سياسات ترامب، فهو يُخضع أوكرانيا لروسيا “البوتينية”، ومؤخراً، يهددها بفرض عقوبات، وعندما أخرج، هو ونتنياهو، الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران خلال ولايته الرئاسية الأولى، أتاح ذلك لإيران الاقتراب من عتبة أن تكون دولة نووية، إذ إن كلاً من نتنياهو وآيات الله بحاجة إلى سباق تسلُّح نووي. أين سيكون خط المواجهة الجيوسياسي المقبل؟ هذا يبقى مجرد تخمين، وبصورة خاصة في ظل حروب التجارة التي يثيرها ترامب، ولا سيما ضد الصين، واستعراض القوة الجوية المشترك مع إسرائيل ضد إيران.

ثمة تحالف قائم بين ترامب ونتنياهو لضمان استمرارية حُكم نتنياهو الديكتاتوري، وبما أن الأخير بحاجة إلى استمرار الحرب في قطاع غزة، فإن ترامب يعمل على تمهيد الطريق لاستئنافها. وفي الوقت الذي يسعى المبعوث ستيف ويتكوف لتمديد الصفقة الثانية (التي صاغها بنفسه) بمراحلها المختلفة، والتي أصبحت تُعرف، مؤخراً، باسم “مخطط ويتكوف”، فإن ترامب يعمل على إفشالها، فيوجه بشكل مستمر إنذارات نهائية إلى “حماس”، تحمل صيغة متشابهة: “أعيدوا جميع المخطوفين فوراً، الأحياء والأموات، وإلّا ستُفتح عليكم أبواب الجحيم”.

إنه يتظاهر، في عرض مشترك مع مخطوفين محرَّرين، بأنه يهتم بإعادة بقية المخطوفين إلى ديارهم. لكنه، لو أراد ذلك فعلاً لفرضَ وقفاً فورياً للحرب على نتنياهو وضمان عودة جميع المخطوفين.

في أحدث عرض رعب له، توجّه إلى سكان غزة، عبر منصته الاجتماعية “تروث سوشال”، بالقول: “ينتظركم مستقبل جميل، لكن ليس إذا كنتم تحتجزون مخطوفين. إن كنتم تفعلون ذلك فستموتون حتماً. اتخِذوا القرار الصحيح، واطلقوا سراح المخطوفين، الآن، وإلا فسيكون الجحيم في انتظاركم لاحقاً”، كأنه يوحي أن الأمر في أيديهم.

وفقاً لخطة نتنياهو وترامب من المتوقع أن تستأنف إسرائيل الحرب، بهدف احتلال قطاع غزة بقوة غير مسبوقة. سيُحوَّل الحصار الإنساني إلى حصار مطلق، ويتبعه هجوم مدمر، ستؤدي تبعاته إلى وسم إسرائيل كدولة بالعار على المستويَين الأخلاقي والقانوني، وربما حتى وسم الشعب اليهودي ككل بالعار. أمّا المخطوفون، فسيُتركون لمصيرهم المحتوم، وهو ما يعني التخلي عنهم للموت.

على رئيس هيئة الأركان العامة، الجنرال إيال زامير، أن يقف أمام نتنياهو ويقول له بوضوح: “لن يفعل الجيش الإسرائيلي ذلك، وهذه ليست حرباً للدفاع عن إسرائيل الديمقراطية، بل هي حرب ستؤدي إلى تدمير الحلم الصهيوني ببناء مجتمع أخلاقي، ومتساوٍ، وديمقراطي”.

قد يُقال زامير من منصبه قبل أن يُكمل بضعة أشهر في ولايته، لكنه بذلك سينقذ إسرائيل من الانحدار نحو ديكتاتورية تعتمد على جيش غير أخلاقي ومجتمع موسوم بالعار، من دون أن يكون ذلك بإرادته، أو برغبته. وإن لم يفعل ذلك، فسيكون خائناً لمهمته.

—————–انتهت النشرة—————–