إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية .. الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 21/4/2025 

استمرار القتل في غزة هو وصمة عار لنا جميعنا

بقلم: رفيف دروكر

عملية “حارس الاسوار” في ايار 2021 كان يجب أن تنتهي في يوم الاحد، 16/5/2021، لكنها تأجلت الى ليلة الخميس – الجمعة. السبب الرئيسي هو وجود فرصة لتصفية محمد ضيف. في نهاية المطاف تقرر عدم تنفيذ ذلك. التقدير كان أن تصفيته ستنطوي على موت 70 غزي غير متورطين. هذا يبدو الآن مثل قصة خيالية. عندما تقررت تصفية احمد غندور، قائد لواء شمال القطاع في حماس، قاموا بهدم مبان بالكامل، منشأة مليئة بالسكان، كل ذلك لتصفية شخص حقير واحد. “الآن نحن نصادق على تصفية قائد سرية في حماس مع امكانية وجود 70 قتيل”، اعترف شخص رفيع شارك في القتال.

القانون الدولي يسمح بالمس بغير المتورطين الذين يتواجدون قرب هدف عسكري، لكنه يحدد قواعد: ما هي اهمية هذا الهدف. الى أي درجة لا يمكن تحقيق الهدف بطريقة اخرى. الى أي درجة يمكن تقليل المس بغير المتورطين. خلال عشرات السنين الجيش الاسرائيلي كان الجيش الاكثر تطورا في العالم في القدرة على تطبيق هذه القواعد. ليس في هذه الحرب. هنا شهوة الانتقام والرغبة في اظهار أن “صاحب البيت اصيب بالجنون” والتعميم السائد بأن “الجميع هم مخربون”، كل ذلك أدى الى عمليات كثيرة لا توجد أي طريقة لتبريرها. هذا ليس اخلاقي أو انساني، بل هو وصمة عار لنا جميعنا. 

الادعاء بأن الضغط العسكري لا يساعد على تليين موقف حماس هو ادعاء غير صحيح. اشخاص شاركوا في المفاوضات، والبعض ما زالوا يشاركون، ولا يعتبرون من محيط نتنياهو، قالوا بشكل قاطع إن الضغط يساعد. احتلال شمال القطاع في بداية الحرب وروح النكبة الثانية التي سادت في حينه في المجتمع الفلسطيني كان له وزن كبير في قرار حماس الذهاب الى الصفقة الاولى، “صفقة الاحلام” من ناحية اسرائيل. ايضا الآن حقيقة أن حماس انتقلت من الاستعداد لتحرير مخطوف واحد على قيد الحياة الى تحرير خمسة مخطوفين، تعود بدرجة كبيرة الى الضغط العسكري. وبدرجة اكبر الى وقف المساعدات الانسانية الذي يؤلمها كثيرا.

مع ذلك، استمرار الضغط العسكري ووقف المساعدات الانسانية هما على شفا الامر غير الانساني، ويعرضاننا للخطر في مواجهة طويلة مع معظم المجتمع الدولي، بما في ذلك لوائح اتهام في لاهاي، ورغم الليونة التدريجية في موقف حماس إلا أنه لا يبدو أنها ستوافق على طلبات نتنياهو. بكلمات اخرى، بعد الاثمان التي سندفعها فان المخطوفين لن يعودوا ولن تكون صفقة. بديل ذلك هو التعهد بصورة معينة بانهاء الحرب والانسحاب من قطاع غزة وتسلم معظم، وربما جميع، المخطوفين. الثمن – بقاء حماس في السلطة. نتنياهو يقول بأن استمرار الحرب سيبعد حماس عن السلطة، لكن هذا يظهر أن له احتمالية ضعيفة، وبالتأكيد بدون بديل للحكم.

نتنياهو سئل عشرات المرات في نقاشات مغلقة لماذا لا يتعهد بوقف الحرب، وبعد بضعة اشهر العودة الى القتال. هرتسي هليفي قال له في مرحلة سابقة بأن حماس لم تطلب الاذن من الامم المتحدة قبل شن المذبحة ضدنا. يئير لبيد توجد له جملة رائعة في هذا السياق: هذه هي المرة الاولى في التاريخ التي فيها كل العالم يحاول اقناع نتنياهو بأن يكذب. ولكنه لا يوافق على ذلك. مبرراته خلال السنة الاخيرة تغيرت. في البداية قال إن هذا التعهد سيعكس الضعف امام حزب الله وايران. وبعد ذلك قال بأن ادارة بايدن لن تسمح لنا باستئناف القتال. وأول أمس قال إن من يعتقد أنه يمكن استئناف القتال فهو لا يعرف المنظومة الدولية وماذا يعني هذا التعهد للسعودية والامريكيين. هذا ادعاء ضعيف. فعدد غير قليل من كبار ضباط الجيش الاسرائيلي قالوا لنتنياهو: نحن سنوفر لك عشر ذرائع كل يوم من اجل استئناف القتال، مثل نقل السلاح، المسلحين، التهريب وما شابه. من سيغضب في هذه الحالة من اسرائيل؟ السعودية التي ترغب في تصفية حماس؟ دونالد ترامب؟ الخلاصة مبتذلة بشكل فظيع ومؤلمة جدا. السياسة، كالعادة لدى نتنياهو، تعني البقاء السياسي.

——————————————-

هآرتس 21/4/2025  

الشهادات تشير الى أنه منذ 7 اكتوبر الجيش الاسرائيلي اطلق العنان لنفسه ولجنوده

بقلم: نير حسون

حسب الرأي العام في اسرائيل فان الحرب في غزة – طالما أنه ما زال يمكن تسميتها حرب – تجري خلف ستارة ضبابية. في كل يوم يصدر الجيش الاسرائيلي بيانات عن “تصفية مخربين” و”تدمير بنى تحتية ارهابية” و”انفاق تحت الارض”. البيانات مرفقة لصور جنود وهم بين الانقاض أو بين اكوام صغيرة وصدئة من السلاح الذي تم العثور عليه. تقارير المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي لا تتساوق مع الصور التي تخرج من غزة، جثث اطفال ممزقة، خيام مشتعلة، تدمير مطلق وجوع. الفرق بين تقارير الجيش الاسرائيلي والتقارير من غزة من قبل المنظمات الدولية والجهات الفلسطينية تصعب جدا فهم ما الذي يحدث.

ولكن بين حين وآخر يتلاشى الضباب وتفتح ثغرة لفهم حقيقي لما يحدث. هذا ما حدث مثلا مع قتل المخطوفين الثلاثة الذين رفعوا راية بيضاء في كانون الاول 2023. فجأة تبين للجمهور الاسرائيلي بأن اوامر فتح النار، المعروفة لكل اسرائيلي خدم في الجيش، لم تعد سارية المفعول في غزة، وأن الجنود يطلقون النار حتى على من استسلم ورفع راية بيضاء. هذا ما حدث ايضا في نيسان السنة الماضية عندما قتل سبعة من عاملي مطبخ الغذاء العالمي. في حينه اكتشف الجمهور الاسرائيلي بأن سلاح الجو قصف قافلة سيارات تحمل اشارات واضحة للامم المتحدة ولديها تنسيق – بسبب تجريم، بالخطأ، واحدة من بينها. 

هكذا كان ايضا في عدة مرات اخرى. مثلا، عندما تم العثور على فيلم للطفل محمد سالم، 13 سنة، الذي اصيب باطلاق نار في تشرين الاول الماضي. في الفيلم ظهر سالم وهو يصرخ ويطلب المساعدة، وعندما اقترب بعض السكان لمساعدته تم اطلاق صاروخ آخر عليهم، الذي قتل سالم وطفل آخر واصاب 20 شخص آخر. أو مثلا، في حالة الام التي اطلقت النار عليها على يد قناص في الوقت الذي كانت تحمل في يدها راية بيضاء وباليد الاخرى كانت تحمل ابنها. بين حين وآخر تفتح نوافذ اخرى نحو الواقع، في تحقيقات جهات اعلامية دولية، مثلا في التحقيق الضخم لقناة التلفزيون الامريكية ان.بي.آر، الذي كشف الحادث الذي قتل فيه 132 شخص من عائلة أبو ناصر في بيت لاهيا. 

قصة قتل المسعفين هي ثغرة اخرى للواقع الذي بشكل عام هو ضبابي. فهي تكشف ما حاول الجيش اخفاءه: أن الكثير من التقارير حول “المخربين” و”البنى التحتية الارهابية” و”القتال”، يتبين أنه مبالغ فيها في افضل الحالات، وكذب مطلق في اسوأ الحالات. الشائعات حول شيء فظيع حدث في الطريق الى تل السلطان انتشرت غداة الحادث الذي قتل فيه 15 شخص من عمال الاغاثة. ولكن مرت اربعة ايام الى أن سمح الجيش الاسرائيلي لموظفي الامم المتحدة وطواقم الانقاذ الفلسطينية بالوصول الى هناك. التقارير والتوثيق من كومة الرمال التي دفن تحتها الـ 15 قتيل والسيارات كانت صادمة. خلافا للعادة الامم المتحدة نشرت توثيق مصور لاخلاء الجثث. في الجيش الاسرائيلي سارعوا الى الرد بما اتضح أنه ستار من الوقائع البديلة، أو ببساطة، اكاذيب تبددت واحدة تلو الاخرى.

في البداية قالوا في الجيش بأن السيارات سافرت بدون اضواء الطواريء، التي كان يمكن أن تدل على أنها سيارات اسعاف. عندما نشر الفيلم الذي صوره احد القتلى والذي تظهر فيه بوضوح ثلاث سيارات مع اضواء مشتعلة، تراجع الجيش واوضح بأن الامر يتعلق بسوء فهم. قبل اسبوعين قال المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي في احاطة له بأن السيارة الاولى التي تضررت لم تكن سيارة اسعاف، بل سيارة لشرطة حماس. بعد ذلك تراجع عن هذا الادعاء. ادعاء آخر تبين أنه غير صحيح كان أن تسعة من القتلى تم تشخيصهم وتجريمهم كاعضاء في حماس. اليوم ادعى الجيش الاسرائيلي بأن فقط ستة من بينهم تم تجريمهم كرجال حماس، لكن ايضا في هذه المرة لم يعرض أي دليل يربطهم بحماس. 

ادعاء آخر قدم لوسائل الاعلام الدولية كان أنه في منطقة الحادث تم حظر حركة المدنيين. ولكن أمر اخلاء المنطقة تم اصداره فقط بعد ثلاث ساعات على الحادث. الجيش الاسرائيلي ادعى أن اطلاق النار تم من بعيد، وهذا الادعاء ايضا تم دحضه. التحقيق الذي اجرته شبكة سكاي نيوز البريطانية حلل صوت اطلاق النار في الفيلم الذي وثقه المسعف القتيل، ووجد أن اطلاق النار كان من مسافة 12 – 18 متر فقط. ايضا الادعاء الذي بحسبه قتل في الحادث 14 شخص فقط تبين أنه خاطيء، واليوم الجيش الاسرائيلي يعترف أنه قتل 15 شخص.

الصورة التي تظهر من خلف النافذة في ستارة الضباب صادمة. جنود الجيش الاسرائيلي قتلوا من مسافة قريبة 15 شخص غير مسلحين، الذين سافروا في سيارات تحمل اشارات وتسافر مع اضواء ساطعة وكانوا يرتدون السترات البرتقالية مع عواكس، وارتدوا قفازات طبية زرقاء. يمكن قبول تفسيرات الجيش الاسرائيلي بأن هذا كان “خطأ في فهم الظروف العملياتية” أو أن “القوة شعرت بالتهديد على حياتها”. ولكن تفسير مبسط اكثر يمكن ايجاده في الاقوال الموثقة لقائد دورية غولاني قبل البدء في العملية: “كل من تقابلونه هو عدو. اذا لاحظتهم أي شخص فقوموا بتدميره”. ايضا الآن بعد أن تبدد الدخان حول الحادث إلا أنه ما زالت هناك اسئلة مفتوحة، على رأسها لماذا لم يتم اطلاق سراح المسعف الذي اعتقل في الحادث، وما زال معتقل لدى الجيش الاسرائيلي منذ شهر.

لكن الصدمة الحقيقية لا يجب أن تثور فقط بسبب المشهد الذي يظهر في حادثة المسعفين، ما يجب أن يصدم هي الحقيقة التي تظهر من وراء كل النوافذ التي فتحت ومن خلال جميع المعلومات والتوثيقات التي خرجت من غزة منذ بداية الحرب. لا يوجد أي سبب للافتراض بأن الحالات التي تم ذكرها – المخطوفون الثلاثة، عمال مطبخ الغذاء العالمي، عائلة أبو ناصر، المستعفون وعشرات الحوادث الاخرى التي تم التحقيق فيها في كل وسائل الاعلام الغربية التي تحترم نفسها – بالتحديد هي الاستثناءات. 

الجمهور الاسرائيلي يشبه الشخص الذي يمد اليد للقبعة التي توجد فيها كرات بيضاء وسوداء، في كل مرة يسحب فيها كرة تخرج سوداء، ولكن مرة تلو الاخرى يؤكدون له بأن عشرات آلاف الكرات في القبعة هي بيضاء، لكن بالصدفة هو قام بسحب الكرة السوداء. لماذا يجب الافتراض بأن حادثة قتل المستعفين هي أكثر خطورة وحدثت في ظروف استثنائية اكثر من قتل الستة اشخاص في القصف في دير البلح بعد اسبوعين من ذلك؟ أو ابناء العائلة العشرة الذين قتلوا في خانيونس؟ أو الـ 15 شخص من ابناء عائلة في الشجاعية، و29 عائلة اخرى في الشجاعية، و37 نازح الذين قتلوا في الحريق في اعقاب قصف الخيام في المواصي؟ كل ذلك حدث في الـ 11 يوم الاخير، وتم النشر عنها في تقارير للامم المتحدة وفي وسائل الاعلام الدولية.

ازاء مجموعة الكرات السوداء، الشهادات والصور والتحقيقات والتقارير للمنظمات الدولية، وصور الاقمار الصناعية والمنطق السليم – فانه لا يوجد أي سبب للافتراض بأن باقي الـ 30 ألف مدني (على اقل تقدير) الذين قتلوا في القطاع قد ماتوا في ظروف تتناسب مع القانون الاسرائيلي والقانون الدولي. بالعكس، جميع الدلائل والشهادات تشير الى أنه في حرب 7 اكتوبر الجيش الاسرائيلي حرر نفسه وجنوده من أي قيود قانونية واخلاقية، ونفذ جرائم حرب لا يمكن احصاءها. هناك اثمان كثيرة لتحرير هذه القيود – رئيس الحكومة الذي اضطر الى السفر في خطوط التفافية كي لا يجد نفسه بالخطأ في دولة يمكن أن تسلمه للمعتقل في لاهاي؛ مقاطعة مكشوفة وخفية للعلوم والاقتصاد والهاي تيك في اسرائيل؛ الخجل الذي سيطارد الى الابد اسم دولة اسرائيل؛ الجنود الذين سيخشون من الهبوط في مطارات جميع الدول؛ العنف الداخلي والخارجي؛ الامراض الجسدية والنفسية للجنود المشاركين في الحرب. ولكن الثمن الحقيقي يمكن أن يكون اعلى بكثير، وذلك سيظهر في الصورة التي ستنعكس للمجتمع الاسرائيلي في المرآة في اليوم الذي سيتلاشى فيه الضباب.

 ——————————————

إسرائيل اليوم 21/4/2025

ما المقصود من “انهاء الحرب”؟

بقلم: البروفيسور آفي بار ايلي

شبّه المؤرخ اليهودي الأمريكي ادوارد لوتفاك في مجلة “تابلت” بين عزلة نتنياهو في إسرائيل وامام الرئيس الأمريكي في 2023 – 2024 وبين عزلة تشرتشل في بريطانيا وحيال الكونغرس الأمريكي الانعزال في الحرب العالمية الثانية في أعوام 1940 – 1941. 

بالفعل، تصدى نتنياهو لاعتراض حاد من الداخل ومن الخارج، وليس فقط للعدو – بل أيضا لاعتراض رئيس الأركان السابق وقيادته ولاعتراض رئيس الشباك الفاشل الذي تمرد عليه وعلى النظام الديمقراطي واستند الى مستشارة قانونية ومحكمة عدل عليا عديمي الكوابح. وقد ارتبطوا بإدارة أمريكية “صهيونية” كما قال بايدن، ومع “الاحتجاج” ومع “السابقين” الأمنيين على انواعهم سعوا لوقف الحرب لاجل الاطاحة بنتنياهو، فيما تكون إسرائيل مهزومة، مهددة و “جاهزة” لاقامة دولة عدو فلسطينية في قلب البلاد. هم فشلوا.

صحيح أن انجازنا العسكري تقلص بسبب طريقة تبنتها هيئة الأركان السابقة وقيود أمريكية؛ وصحيح أنه في اللحظات الأخيرة لادارة بايدن نجحت في أن تفرض وقف نار قبل اوانها في لبنان وفي غزة من خلال التهديد بعدم استخدام الفيتو في مجلس الامن في الأمم المتحدة. ومع ذلك، نجح نتنياهو في أن يتغلب جزئيا على الانهزامية في إسرائيل وفي الولايات المتحدة وان يفرض القطيعة في رفح وتصفية نصرالله وقادة حزب الله. وعندها، مع سقوط الديمقراطيين في الولايات المتحدة، فقدت الانهزامية سندها الأساس – لكنها لم تتوقف. الان يحملها متقاعدون وبعض المقاتلين في عرائض “انهاء الحرب” والتي حسب الاستطلاعات تحظى بتأييد نحو 40 في المئة من المواطنين، أي نحو ثلث وربما اقل من الإسرائيليين اليهود. إنجازات استراتيجية حيال حزب الله، سوريا وايران، وانجازات لا بأس بها لكن تكتيكية حيال حماس، انقذت إسرائيل من الهزيمة. لكن الإنجازات ليست مستقرة. طالما كانت جيوش إرهاب مثابة نازية تطلقها ايران تعمل على حدودنا وتحتجز مخطوفين إسرائيليين، وطالما لم تصفى تطلعات الامبريالية لإيران، من خلال تصفية برنامجها النووي، تكون إسرائيل لا تزال لم تنتصر في الحرب. 

هذا القول لا ينبع من “المصالح السياسية” لنتنياهو، كما يدعي محللون سياسيون قصيرو القامة بل من المصالح الوجودية لإسرائيل. فالاسرائيليون المستعدون لانهاء الحرب بهزيمة على أن ينحى نتنياهو يتطلعون الى إدارة ترامب، التي تسعى أيضا الى انهاء الحروب؛ والدليل جهودها لوقف الحرب في أوكرانيا من خلال فرض شروط قاسية على أوكرانيا؛ وجهودها للوصول الى اتفاق مع ايران قد يبقي في ايديها قدرة على تخصيب اليورانيوم وقدرة اطلاق يكون كالسيف من فوق رأسنا.

ان “منهيي الحرب” عندنا لا يترددون في تسريب خطط عملياتية وقلبهم يمتلىء فرحا بتصريحات غامضة من مبعوث ترامب للمفاوضات مع ايران ومع روسيا. وهم يسحبون علينا تشبيها مع أوكرانيا ويأملون ان يتنكر ترامب لتصريحاته ويفرض علينا التسليم ببقاء حماس على شواطيء النقب الغربي، ببقاء حزب الله في لبنان وببقاء المشروع النووي الإيراني. لكن وضع أوكرانيا وإسرائيل مختلف جوهريا. اوكرانيا لا يمكنها أن تنتصر وحدها على روسيا. 

ترامب محق. روسيا الفاشلة لا تهدد الولايات المتحدة استراتيجيا؛ من الأفضل لاوكرانيا ان تقلص الاضرار وتوقف الحر؛ واذا كانت أوروبا تشعر بان روسيا التي احتلت جزءاً من أوكرانيا تهددها فلتتفضل وتتعاظم وتحمي نفسها. بالمقابل، اليوم إسرائيل يمكنها ويجب عليها ان تهزم وحدها حماس في غزة وتنقذ المخطوفين. يمكنها أن تفرض وحدها على لبنان نزع سلاح حزب الله ويمكنها أن تدافع عن نفسها ضد الجهاديين في جنوب سوريا. كما ان إسرائيل يمكنها أن ترجع الى الوراء المشروع النووي الإيراني شريطة الا تعارض الولايات المتحدة. فضلا عن ذلك، للولايات المتحدة توجد مصلحة استراتيجية لمنع خطر إيراني – صيني لمحور تجاري دولي من الشرق الأقصى ومن الهند الى أوروبا والدليل هجومها المتعاظم في اليمن. وعليه فينبغي الامل في أن تنضم الى هجوم على النووي الإيراني. ترامب ونتنياهو هما من سيحسمان هنا.

——————————————-

هآرتس 21/4/2025  

الجيش الإسرائيلي: عاملو الإغاثة في رفح لم يُعدموا لكن الجنود اخطأوا وكذبوا

بقلم: ينيف كوفوفيش

الجيش الاسرائيلي نشر أمس التحقيق حول قتل الـ 15 عامل اغاثة في تل السلطان في رفح في الشهر الماضي. التحقيق يقول بأن قوة للجيش الاسرائيلي اطلقت النار في ثلاث حوادث على سيارات اسعاف وسيارة تابعة للامم المتحدة بالخطأ، الذي احيانا تجاوز التعليمات لأن الجنود اعتقدووا أن السيارة هي لحماس. ولكنه ينفي ادعاءات وشهادات بأن عاملي الاغاثة تم اعدامهم باطلاق النار بدون تمييز، وأن جثثهم تم تكبيلها. حسب التحقيق فان القوة شعرت بالتهديد الفوري واعتقدت أنها تطلق النار على رجال حماس.

كاتبو التحقيق، وعلى رأسهم الجنرال احتياط يوآف هار ايفن، يعتقدون أنه على الاقل اطلاق النار على سيارة الامم المتحدة قامت به القوات بصورة “معقولة بالنسبة للوضع العملياتي”. مع ذلك، اضافوا بأن عدد من جنود القوة كذبوا في تقريرهم عن الحادث – قالوا بأن السيارات سافرت بدون اضواء وبدون تنسيق، وأن واحدة منها لم تكن سيارة اسعاف، وأنه كان هناك 14 قتيل والسيارات تم دفنها بعد يوم أو يومين على الحادثة.

هذه الادعاءات ظهرت في التقرير الاولي للمتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، ومنشورات عن الحادث في البلاد وفي العالم دحضتها حتى قبل اجراء التحقيق.

يتضح ايضا أنه خلافا لادعاءات الجنود بأنهم شعروا بالخطر الفوري، هم لم يلاحظوا أنه كان مع عاملي الاغاثة سلاح، حتى بعد اطلاق النار عليهم. وكتب في التقرير ايضا بأن العقيد طل الكوبي، قائد اللواء 14 الذي في اطاره عملت القوة، اهمل اعدادهم للعمليات وسيتلقى ملاحظة تحذير انضباطية في ملفه الشخصي. نائب قائد دورية غولاني، ضابط الاحتياط الذي قاد القوة المسؤولة عن الحادث، سينهي وظيفته “بسبب مسؤوليته، وبسبب التقرير الناقص وغير الدقيق حول الحادث”.

الحادث الذي كان في ليلة 23 آذار بدأ تقريبا في الثالثة فجرا عندما كان جنود احتياط في كتيبة دورية غولاني في كمين من اجل العثور على مخربين. ثلاثة احداث اطلاق نار حدثت في غضون بضع ساعات. تقريبا الساعة الرابعة فجرا اطلقت القوة النار على سيارة اسعاف تم نسبها لحماس وقتلت اثنان. وقد تحدث مستجوب في الكتيبة مع احد المسعفين الذين تم اعتقالهم، وبناء على المحادثة توصل الى أن هؤلاء كانوا من اعضاء حماس. حسب الاستجواب فانه في الصباح فقط تبين عدم وجود أي علاقة بين المسافرين في سيارة الاسعاف وحماس، وتم الافراج عن المعتقل.

الحادث الثاني كان في الساعة الخامسة وست دقائق عندما اطلقت القوة النار على قافلة عاملي الاغاثة، لأنهم خرجوا من سيارات الاسعاف وسيارات الاطفاء قرب القوة، التي شعرت بأنها مهددة بصورة حقيقية وفورية. نائب قائد الدورية اعتقد أن السيارات تخدم حماس “بسبب مجال الرؤية المحدود في الليل”، وقرر اطلاق النار. فقط عندما بزغ الفجر، كتب في التحقيق، لاحظ الجنود بأن هؤلاء طواقم انقاذ، 12 عامل اغاثة قتلوا في هذه الحادثة.

في الساعة 5:18 اطلقت القوة النار على سيارة فلسطينية تابعة للامم المتحدة. “نتيجة خطأ في ادراك الظروف العملياتية” وقتل عامل آخر. حسب التحقيق فان 6 من بين الـ 15 قتيل تم تشخيصهم كمخربين في حماس. كاتبو التحقيق قالوا إن الحادثين الاولين كانا “بسبب ادراك عملياتي خاطيء للقوة”، لأنهم قدروا أن أمامهم تهديد حقيقي لقوة معادية. في المقابل جاء في التحقيق أن اطلاق النار في الحادث الثالث تم خلافا للتعليمات.

قائد اللواء قرر تدمير سيارات الاسعاف ودفن الجثث في المنطقة. في التحقيق تم الادعاء بأن قرار جمع الجثث وتغطيتها استهدف منع المس بها ومن اجل فتح الطريق، وليس لاخفاء الحادث. حسب اقوالهم هذا القرار حتى تم تنسيقه مع الامم المتحدة ومؤسسات دولية تعمل في القطاع. ورغم ذلك جاء أن تدمير سيارات الاسعاف تم بتقدير خاطيء، هدفه كان منع كشف قوات الجيش الاسرائيلي.

ايضا تم الادعاء بأن خلفية الحادث تنبع من “التجربة العملياتية التي اثبتت مرات كثيرة بأن حماس تستخدم الطواقم الطبية في عمليات ارهابية، بما في ذلك استخدام سيارات الاسعاف لنقل المخربين والسلاح”. اضافة الى ذلك قالوا في الجيش بأن “الجيش يأسف بسبب المس باشخاص غير متورطين”، وأنه “تم توضيح وابراز التعليمات فيما يتعلق بالحذر المطلوب بالنسبة لطواقم الانقاذ والطواقم الطبية”. نتائج التحقيق سيتم نقلها من اجل فحصها في النيابة العسكرية.

الشهادات الخارجية

في الاسبوع الماضي نشرت “نيويورك تايمز” بأنه من تقارير تحليل جثث 14 من عمال الاغاثة تبين أن معظمهم اطلقت النار عليهم عدة مرات، واربعة منهم اطلقت النار على رؤوسهم. في التقارير كتب أنه ربما أن اثنين من عاملي الاغاثة قتلوا بسبب انفجار. رئيس وحدة الطب الشرعي التابعة لوزارة صحة حماس، الدكتور احمد ظاهر، قال إن الجثث تم العثور عليها في حالة تحلل، لذلك لا يمكن تحديد هل عاملي الاغاثة اطلقت النار عليهم من مسافة قريبة.

منذر عبد، المتطوع في الهلال الاحمر والذي كان في قافلة المساعدة ونجا، شهد بأن الجنود اطلقوا النار على سيارات الاسعاف رغم أن اضواء الطواريء كانت مشغلة. الجيش في البداية قال بأن السيارات سافرت والاضواء مطفأة، لكن فيلم اكتشف في هاتف أحد القتلى ونشر في “نيويورك تايمز”، أكد على اقوال عبد. المتطوع شهد في مقابلة مع “الغارديان” بأن الجنود قاموا بجره بالقوة من سيارة الاسعاف، وبعد ذلك خلعوا ملابسه وعذبوه وضربوه وحققوا معه. “بعد فترة قصيرة جاء ضابط وأمر الجنود بالتوقف”، قال. وقال ايضا بأنه لم يكن في داخل سيارة الاسعاف أي مسلحين خلافا لادعاء الجيش بأنه في تلك الحادثة قتل ستة مسلحين من حماس والجهاد الاسلامي.

حسب اقوال عبد فان الجنود دفنوا سيارات الاغاثة بواسطة جرافة. مشاركون في عملية انقاذ جثث عاملي الاغاثة في بداية الشهر أيدوا روايته وقالوا إن الجثث والسيارات تم دفنها تحت اكوام الرمال وأنه فوق كومة رمال تم وضع مصباح دوار لسيارة الاسعاف. واضافوا أنه عثر على دلائل تشير الى أن عاملي الانقاذ اطلقت النار عليهم بعد اخراجهم من السيارات. أحد المشاركين في عملية الانقاذ قال للصحيفة بأن جثة كانت مكبلة الارجل، الامر الذي يعزز حسب قوله الاشتباه بأن عدد من القتلى تم اعدامهم. الهلال الاحمر أيد روايته، ووزارة الصحة في القطاع التي تسيطر عليها حماس قالت إن ايدي عدد من القتلى كانت مقيدة.

الهلال الاحمر وجهاز الدفاع المدني قالوا إن عمال الاغاثة الذين قتلوا هم مصطفى خفاجة، عز الدين شعث، صالح معمر، رفعت رضوان، محمد بهلول، اشرف أبو لبدة، محمد الحيلة، رائد الشريف، يوسف خليفة، فؤاد الجمل، زهير الفرا، انور العطار، سمير البهابشة، ابراهيم المغاري وكمال محمد شحتوت. باستثناء الـ 15 قتيل فان المسعف اسعد النصاصرة، الذي كان في قافلة الاغاثة، اختفى اثره منذ الحادث. الهلال الاحمر اعلن في بداية الاسبوع بأن اللجنة الدولية للصليب الاحمر قالت له بأن النصاصرة محتجز لدى اسرائيل، وعبد شهد في مقابلة “الغارديان” بأنه شاهده وهو يعتقل على يد الجنود. الجيش الاسرائيلي لم يرد على سؤال “هآرتس” بهذا الشأن.

——————————————-

معاريف 21/4/2025

نتنياهو الذي ادعى انه قادر على منع خطر النووي الإيراني يتبين فشله

بقلم: افرايم غانور

قرابة عشرين سنة حرص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وعن حق، على أن يعرض التهديد النووي الإيراني كالتهديد الوجودي الأكبر على دولة إسرائيل. وغير مرة استخدم نتنياهو سياسيا هذا الموضوع الحساس، وحرص دوما على أن يعرض وكأنه هو وفقط هو قادر على أن يعطي جوابا على التهديد الرهيب. عمليا، على مدى كل سنوات ولايته الطويلة، تجاوز الإيرانيون كل الخطوط الحمراء في طريقهم للوصول الى قنبلة نووية. 

خطاب نتنياهو الشهير في الكونغرس الأمريكي في 2015 ضد الاتفاق النووي الذي تبلور في حينه مع ايران بمبادرة الرئيس الأمريكي براك أوباما دخل صفحات التاريخ كأحد الخطابات ضد رئيس امريكي قائم. جر الخطاب وراءه جملة انتقادات على نتنياهو، لكنه أساسا لم يمنع الاتفاق الموقع (الذي الغي بالفعل في 2017، فور دخول دونالد ترامب الى البيت الأبيض). في شباط 2022 هاجم نتنياهو بحدة من مقاعد المعارضة حكومة بينيت – لبيد على انعدام فعلها في الموضوع النووي الإيراني. وما الذي يفعله اليوم “سيد أمن” في الموضوع؟ يصمت صمتا مطبقا. لا حاجة للمرء بأن يكون محللا امنيا كي يفهم بانه في النصف سنة الأخيرة فقدت ايران معظم قوتها وقدرتها على مواجهة إسرائيل، فضلا عن الضربة القاضية التي تلقتها مجروراتها حزب الله وحماس. لا شك أنه نشأت فرصة لا تتقرر لمهاجمة وتدمير التهديد النووي من ايران، فرصة تشبه تلك التي استغلها جيدا في الماضي رئيسا وزراء في إسرائيل، مناحم بيغن واهود أولمرت. 

كلاهما لم يثرثرا على مدى عشرين سنة، لم يركضا الى الأمم المتحدة ولم يصعدا الى كل منصة مع عروضات كي يهددا ايران ويعرضا بوقاحة إنجازات الاستخبارات الإسرائيلية. كما أنهما لم يتأثرا بالضغوط، التهديدات والتداعيات العسكرية والدبلوماسية. هكذا أقر بيغن حملة اوبيرا في 7 حزيران 1981، لتدمير المفاعل النووي العراقي. وهكذا اقر أولمرت في 6 أيلول 2007 تدمير المفاعل النووي السوري.

نتنياهو، الذي هزء في حينه من انبطاح، في نظره، بينيت ولبيد امام الإدارة الامريكية، الذي تباهى وتبجح باعتراضه على سلوك الرئيس أوباما يبدو في هذه الأيام كظل رئيس الوزراء القوي والواثق، ذاك الذي حرص على أن يقول في كل فرصة انه لا يهمه ما يقولونه في واشنطن، في لندن او في باريس، وان أمن إسرائيل امام التهديد النووي الإيراني يقف فوق كل شيء آخر. 

لقد بات نتنياهو ظل نفسه مثلما بدا هو في المؤتمر الصحفي في الغرفة البيضوية حين أعلن الرئيس ترامب  عن بدء المفاوضات الأمريكية مع نظام أيات الله في الموضوع النووي. الخوف الشامل لنتنياهو من ترامب، مثل الخوف المهووس لديه من سموتريتش وبن غفير هو ضد الدولة، المخطوفين، امننا ومستقبلنا. “سيد أمن” يبدو هذه الأيام اكثر كسيد حقارة، واذا كنا بحاجة الى    دليل آخر على أن نتنياهو في كامل ضعفه ويقترب من نهاية طريقه السياسي فاننا نحصل عليه الان – حين سنرى أن إدارة ترامب ستوقع مع الإيرانيين على اتفاق يحتمل أن يسمح لهم ان يكونوا على مسافة خطوة من القنبلة النووية.

——————————————-

يديعوت احرونوت 21/4/2025  

ما الذي نفعله في غزة

بقلم: ناحوم برنياع

لشهر دارت الحملة في غزة بلا إصابات لقواتنا: معطى مفرح. في الجيش اوعزوه بأمر صدر للقوات للتقدم ببطء وللضعف العسكري لحماس. واساسا اوعزوه للحرب. 

انعدام الإصابات ابعد الواقع في غزة عن جدول الاعمال. وانحصر الجدال في مسألة ما هو الطريق الأفضل لتحرير المخطوفين، تشديد الضغط العسكري على حماس ام استعداد حكومة إسرائيل لصفقة تنطوي على وقف الحرب. اما الحملة نفسها فاعتبرت كمناورة عسكرية من طرف واحد. بيت حانون وبناتها، رفح وبناتها، أصبحت موقع سياحي. الوزير كاتس وصل، محوطا بحاشية كبيرة من الصحافيين والمصورين؛ وحتى نتنياهو وصل، لاستعراض التواجد. 

لشدة الأسف، الحظ هو منتج متآكل. الحادثة المتداخلة التي قتل فيها في نهاية الأسبوع النقيب غالب نصارة من رهط، قصاص اثر في اللواء الشمالي، واصيبت ضابطة مجندة وقصاص أثر آخر، رفعت من جديد سؤال الجواب عليه مركب. ما الذي بالضبط نفعله نحن هناك في غزة. أمس بعد الظهر نشر التقرير الذي رفعه اللواء متقاعد يوآف هار ايفن عن الحادثة التي قتل فيها كمين من كتيبة الدورية لجولاني 15 غزي، معظمهم غير مشاركين، معظمهم في سيارات اسعاف، قرب تل السلطان، في اقصى القطاع. هار ايفن وجد إدارة قتالية فاشلة، خرق أوامر ورفع تقارير كاذبة. اشرطة التسجيل التي جاءت من الميدان رهيبة؛ الضرر في العالم عظيم. 

إذن ما الذي نفعله حقا هناك في غزة؟ امامنا نهجان لا يستويان فيما بينهما. رئيس الأركان ايال زمير وزملاؤه في هيئة الأركان يتبنون نهجا محدودا: الحملة تستهدف تشديد الضغط على القيادة العسكرية لحماس في القطاع للوصول الى صفقة. هذا هو الهدف الوحيد. ليس للجيش الإسرائيلي نية للاستيلاء على أراض سيطر عليها في الشهر الأخير. صفقة؛ تحرير مخطوفين؛ ادخال شركات أمريكية للعناية بتوزيع الغذاء، اخلاء؛ نهاية القصة. أما رئيس الوزراء فيتبنى نهجا موسعا: حماس طرحت مطالب مستحيلة وهكذا قررت مصيرها ومصير القطاع. في غضون أيام ستنتقل إسرائيل الى المرحلة التالية، الى المرحلة التي معناها احتلال كامل لغزة، احتلال دائم. هذا ما قصده نتنياهو حين أعلن في “الإعلان الخاص” الذي نقله الى البث في منتهى السبت، وقال أ: “انا لن استسلم” و ب “اذا كان اتفاق بشروط حماس فان الرؤيا الهامة للرئيس ترامب لن يكون ممكنا تحقيقها – الرؤيا التي ستغير وجه غزة مرة واحدة والى الابد”.

على ماذا تنطوي الرؤيا التي ستغير وجه غزة الى الابد نحن نعرف: بداية قتال بحجم عدة فرق، مع مصابين في طرفنا وقتل جماعي لمدنيين في طرفهم. بعد ذلك احتلال، وعندها ترحيل، واستئناف الاستيطان، وفي النهاية ريفييرا بين الشاطيء وجباليا. السؤال هو فقط ما الذي يسعى نتنياهو ليحققه في هذه الاقوال، هل الفكرة هي تهديد حماس أم الفكرة هي التأثير على القاعدة، هل الفكرة هي تهيئة التربة لحرب أبدية، لملاحقة لا نهاية لها وراء انتصار غير قابل للتحقق.

عن المخطوفين هو تنازل، تكتيكيا، استراتيجيا، أخلاقيا. هم لا يناسبون اجندته.

في منتهى السبت، امام اسوار معسكر الكريا، وقف أناس وزعوا بوسترات مع دعوة للرفض. الالاف مروا امام الطاولة التي نصبوها، في طريقهم الى المظاهرة من أجل المخطوفين. خطتهم كانت ان ترفعها الجماهير في المظاهرة، امام الكاميرات. ربما أكون مخطئا لكن يخيل لي ان قلائل اخذوا البوسترات واقل منهم رفعوها. الدعوة لوقف القتال ولصفقة تحرر كل المخطوفين نعم.  الدعوة للرفض لا – حاليا لا. لكن استمرار الحرب، معاناة المخطوفين وعائلاتهم، الغرق في اوحال غزة والتطرف الاستفزازي من القيادة السياسية تشق أيضا هذا الاجماع. غزة لا تساوي الثمن – ولا حتى بالنسبة لليمين.

——————————————-

هآرتس 21/4/2025

الناطق بلسان نتنياهو “عودتهم عودة لحماس”.. وأهالي “المخطوفين”: لا نريد المزيد من رون أراد

بقلم: أسرة التحرير

أخرج الناطق بلسان رئيس الوزراء الأرنب من الكيس وكشف أمام كل من يستمع النوايا الحقيقية لسيده للتخلي عن المخطوفين، بعضهم على الأقل. قال الناطق، عومر دوستري في “التق الصحافة” السبت، إنه لن يكون ممكناً إعادة كل المخطوفين في صفقة واحدة. أسمع كل أنواع “صفقة واحدة، أعيدوهم”، قال. “في هذه اللحظة، لا يمكن عقد صفقة واحدة كون حماس لا تقول تعالوا خذوا المخطوفين، وهذا هو. بل تطلب إنهاء الحرب والخروج من غزة”.

مثل سيده، فناطقه يحب أيضاً التسلية بألعاب الكلمات: “في اللحظة التي نعيد فيها الجميع، نعيد حماس”، قال.

لا يدور الحديث عن ناطق بلسان رئيس الوزراء يتحدث من بواطن قلبه. فنتنياهو نفسه قال بكلماته المسجلة – كما يناسب الجبان، أقوالاً بالروح ذاتها؛ فقد اعترف بأن حماس تطرح شروطاً لصفقة شاملة – إنهاء الحرب، وإبقاء المنظمة في الحكم، وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة – وأوضح، بأن لا نية له للاستجابة لها.

دون أي وعي ذاتي، قال نتنياهو إنه إذا وافق على شروط حماس فإننا بذلك ننقل رسالة إلى أعداء إسرائيل تفيد بأنه يمكن إنزالها على ركبتيها، وكأن شيئاً مهيناً أكثر من دولة تتخلى عن أبنائها وبناتها الذين اختطفوا من أسرتهم لأن منظومة الدفاع الإسرائيلية كلها كانت مصنوعة من كلمات وكرتون.

لا يمكن محو الإهانة التي أوقعها نتنياهو على دولة إسرائيل بقيادته العليلة. الطريق الوحيد لاستعادة إسرائيل شرفها هو إعادة كل المخطوفين إلى الديار، والاستقالة للسماح للدولة بأن تبني منظوماتها مجدداً – هذه المرة انطلاقاً من التفكير باحتياجات الجمهور والدولة وحصانتها ومستقبلها، وليس انطلاقا من منظومة مصالحه الشوهاء ومصالح الحكومة التي يترأسها.

كفى للأكاذيب ولنزعة القوة التي ليست سوى ضعف متخف. يجب إعادة كل المخطوفين حتى بثمن وقف الحرب.

هذا بالطبع لم يمنع نتنياهو من خداع حماس وأبناء عائلات المخطوفين وعموم الجمهور، والتوقيع على صفقة لإعادة المخطوفين دون نية لتحقيقها. “لماذا خدعت شعباً كاملاً؟”، هكذا سألت عيناب تسنغاوكر عن حق عظيم، وزادت: “لم لم تضع مبادرة إسرائيلية لإعادة الجميع دفعة واحدة مقابل إنهاء الحرب؟”.

لشدة المأساة، الجميع يعرف الجواب. نتنياهو لن يخاطر بحكومته التي تتشكل ممن يفضلون الحجر على البشر ومستعدون للتضحية بدماء الآخرين لأجل البقاء في الحكم. لقد سألت تسنغاوكر: “هل تعتزم إعادة أعزائنا أم سيصبحون جميعاً رون أراد؟”. هذا بالضبط ما سيحصل، إلا إذا نهض الجمهور وأوضح لنتنياهو بأن لا مفر أمامه غير إعادة كل المخطوفين.

——————————————-

هآرتس 21/4/2025

إسرائيل تتحول لدولة إرهاب

بقلم: نمرود الوني

 أنا لا أتفاخر بالتشبه بيشعياهو لايفوفيتش وحانوخ لفين، متعهدي تدمير إسرائيل على يد مدمريها القوميين المتطرفين المسيحانيين. ولكني أريد عرض الموقف الأخير لنبوءتهم كما اتضحت في واقع الأيام الحالية: اذا استمرت إسرائيل في توجهاتها الوحشية الحالية، سواء تطبيق الحكم العسكري على مليوني شخص في غزة، أو تنفيذ الانقلاب النظامي، عندها ستصبح إسرائيل بسرعة دولة إرهاب.

اضافة اعلان

  دولة الإرهاب تختلف عن التنظيمات الإرهابية بالشكل، لكن ليس بالمضمون، من حيث الحجم ولكن ليس من حيث الجوهر. صورة الإرهاب هي استخدام العنف السياسي المتوحش ضد المدنيين، جسديا ونفسيا. هدفه هو بث الرعب والذعر والخوف فيهم، وبواسطة ذلك تشويش سلوكهم الحر والحكيم وترسيخ أو تغيير انظمة اجتماعية وسياسية. الدوافع يمكن أن تكون قوانين دينية واحكاما ايديولوجية اجتماعية، واقصاء الطغيان أو تمجيده. ولكن القاسم المشترك هو استخدام العنف الوحشي ضد الجمهور المدني.

  جرس الانذار توفره الامثلة لدولة الإرهاب في الماضي والحاضر. النموذج الرئيسي هو نظام المقصلة لروبسبير في اعقاب الثورة الفرنسية. في القرن العشرين “ادهشنا” ستالين، هتلر وماو، في ترسيخ أنظمة شمولية، التي أسلوب سلوكها إرهابي: الدعاية الكاذبة والمسمومة، اضطهاد لممثلي المعارضة واتهامهم بالخيانة، محاكمات صورية، معسكرات اعتقال جماعية، عمليات قتل وتصفية لمعارضي النظام، تمجيد الزعماء إلى درجة المشرعين الكبار والحكام المطلقين. الآن يسهل التعرف على مظاهر الإرهاب المختلفة، بدرجة مختلفة من الشدة، في انظمة مثل كوريا الشمالية وإيران وروسيا وتركيا وحماس في قطاع غزة، حيث تم انتهاك حقوق الانسان وتقييد حرية التعبير، والسلطات الثلاث تخضع للحاكم المطلق، ووسائل الإعلام والاكاديميا مقيدة، والإبداع الفني مسموح فقط في خدمة سياسة الحكومة، ومن يعارضون النظام يتم قتلهم أو اختفاؤهم، زعماء المعارضة يتم اعتقالهم أو اسكاتهم على يد الأجهزة السرية والأنظمة السياسية.

 بخصوص إسرائيل فإن المظاهرات الكبيرة ضد حكومة بنيامين نتنياهو ترتكز إلى عوامل يمكن أن ترسخ الدولة كدولة إرهاب. من جهة، خصي الديمقراطية الليبرالية من خلال جعل حالة الطوارئ حالة دائمة وتأجيج الحروب الدموية والنزاعات الدائمة في جبهات متزايدة: ضد ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية، يعيشون تحت حكم عسكري يخلد الفصل العنصري ويحمي حكم المستوطنين؛ مواجهة مليوني فلسطيني في قطاع غزة ورفض إقامة حكومة فلسطينية بديلة لحماس؛ وضد حزب الله؛ إيران، الحوثيين والنظام الجديد في سورية، ومن يعرف، ربما ضد تركيا ايضا.

 من جهة أخرى، في حركة كماشة، الحكومة تخرج إلى حيز التنفيذ انقلاب قانوني ونظامي، من الديمقراطية الليبرالية إلى نظام ديكتاتوري ديني – قومي متطرف، عن طريق اجتثاث حراس العتبة والسيطرة على جميع مؤسسات الحكم والمجتمع. بدءا بجهاز القضاء وانفاذ القانون ومرورا بالسيطرة المباشرة على قوات الأمن ورفض تشكيل لجنة تحقيق رسمية وانتهاء بتشويه استقلالية الاكاديميا وجهاز التعليم والإعلام والثقافة والفن.

 علامات دولة الإرهاب في إسرائيل تزداد كل يوم، والمس بدون تمييز والذي لا هوادة فيه بالمدنيين اصبح قانون الدولة. هذا يبدأ بمواطني الاعداء وبعدهم مواطني الداخل المصنفين كأعداء. حتى وقت متأخر كانت التصفيات مركزة وتم بذل جهود كبيرة لمنع المس بغير المتورطين. في المقابل، في الفترة الأخيرة، في يوم واحد في القطاع من أجل المس بعدد من قادة حماس، أكثر من 100 طفل وامرأة اصبحوا ضررا جانبيا.

كل ذلك اضافة إلى الاستخفاف بالقانون الدولي الإنساني، خطة ترانسفير لمليوني مواطن غزي، وقتل عشوائي لعشرات النساء والأطفال، والتطهير العرقي وتجويع مئات الآلاف في حرب انتقام تستمر بدون هدف أو نهاية. في يوم آخر قتل 15 مسعفا ودفنوا مع سيارات الإسعاف تحت الرمال الهادئة. في السجون تستخدم سياسة التجويع والانتقام والوحشية ضد سجناء العدو، في الوقت الذي نصرخ فيه بسبب الوحشية التي تتعامل فيها حماس مع المخطوفين، والمعاملة المدانة والمشينة التي كانت تستخدم مع منفذي المذابح التابعين لـ “تدفيع الثمن”، تغير وأصبح دعما محميا على يد الكهانيين الموجودين في الحكومة ومن قبل قوات الجيش الإسرائيلي التي توفر لهم الأمن في الميدان، في الوقت الذي يصعدون فيه الإرهاب اليهودي ضد الفلسطينيين في المناطق القروية. ويتم وصف جهاز الشاباك الذي يعمل على منع ذلك بأنه جهاز خائن.

 ما يوجد خلف الخط الاخضر ينزلق ايضا ويدخل إلى داخلنا. مواطنو إسرائيل الذين يعارضون سياسة الحكومة مهددون وخائفون ويضبطون سلوكهم برقابة ذاتية ويغرقون في الهرب إلى برامج الواقع أو السعي إلى الهجرة من البلاد. الأمر الأكثر فظاعة هو الإهمال والاستخفاف، وحتى أحيانا التعبير عن الكراهية وتهديد ضحايا هجوم حماس القاتل وأبناء عائلاتهم وتفضيل المصالح الائتلافية والتملق لزعران مسيحانيين بدلا من تقديس الحياة والالتزام بإعادة المخطوفين.

هذا يستمر في وصف كبار الشخصيات الأكاديمية والعلمية والقانونية والأمنية التي تنتقد الحكومة بأنهم يساريون متطرفون وفوضويون خطيرون يجب محاسبتهم. الأمر يصل إلى مستوى الألم الحقيقي في شكل عنف الشرطة في المظاهرات والاعتقال التعسفي لأسباب سياسية، بما في ذلك عندما قامت بعض النساء في كنيس بتوزيع منشورات تدعو إلى إعادة المخطوفين. هذا أمر محزن، رؤية دعاية سامة تنشر مؤامرات خبيثة ضد الموظفين العامين وتتهم بالخيانة. هذا أمر مخيف ومهدد عندما يتم إغلاق باب الدولة في وجه الشخصيات العامة المنتقدة، هذا من جهة، وعندما يسمحون للزعران العدوانيين، بمن فيهم أعضاء الكنيست ووزراء الائتلاف، باقتحام القواعد العسكرية وإرهاب المحكمة ورفض الامتثال لقرارات المحاكم وتطبيق القانون وتهديد ممثلي القانون وحراس العتبة بالعنف والاعتقال من جهة أخرى.

هذه اللحظة هي لحظة حاسمة في حياة الأمة. الآن هو الوقت المناسب لفعل كل ما في استطاعتنا لوقف تحول إسرائيل إلى دولة إرهاب.

—————–انتهت النشرة—————–