أهم الاخبارإسرائيليات

جدعون ليفي : قبل أن يتحدث ساعر عن نظام قمع وعصابات إرهاب في سوريا؟ يجب عليه التحدث أولا عن إسرائيل

المسار : أحيانا العيون ترفض تصديق الحروف التي تلمع امامها. وزير الخارجية جدعون ساعر يطالب المجتمع بـ “القيام بدوره في الدفاع عن الأقليات في سوريا، وبالتحديد الدروز، من النظام وعصاباته الإرهابية، وأن لا يتجاهل الاحداث القاسية”. وقاحة إسرائيل كانت لها شهرة كبيرة منذ زمن. ولكن يبدو أن جرأة إسرائيل لم تصل أبدا الى هذا المستوى. وزير الخارجية يطالب العالم بالتدخل من اجل اقلية يقمعها النظام في دولة أخرى، وفي نفس الوقت رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الأركان يعملون منذ فترة: يعطي يصدر تعليمات، ايال زمير أمر بالضرب وإسرائيل كاتس هدد بأن إسرائيل سترد “بشدة”، وأن الجيش الإسرائيلي قصف في السابق، جيش الخلاص للدفاع عن المضطهدين الدروز.

لا يوجد لوزير خارجية إسرائيل أي حق أخلاقي في أن ينبس ببنت شفة وأن يُسمع كلمة واحدة عن قمع شعب أو أقلية، وبالتأكيد عدم دعوة العالم لأن يهب لحمايتهم. إسرائيل، التي تغض النظر عن أوكرانيا، والتي غضت النظر عن الحرب الاهلية في سوريا، ليس لها حق في دعوة العالم لعدم غض النظر. انعدام الوعي الذاتي لدى القيادة الإسرائيلية يحطم كل الأرقام القياسية. عندما يتحدث جدعون ساعر عن نظام قمع وعن عصابات إرهاب، يجب عليه التحدث في المقام الأول عن بلاده. لا يوجد في العالم دول كثيرة التي نظام القمع وعصابات الإرهاب تزدهر فيها مثلما في إسرائيل. نظام الاحتلال السائد هنا هو من أكثر الأنظمة وحشية في العالم، وعصابات الإرهاب، “المستوطنون”، تنكل بأبناء شعب آخر. كيف ترد إسرائيل على الدعوات التي تطالب العالم بأن يهب للدفاع عن الشعب المضطهد هنا؟ هي تصرخ وتقول هذه لاسامية.

كيف تقبل إسرائيل تدخل عسكري لدولة أو أي جسم آخر يهب للدفاع عن الشعب المضطهد؟ هكذا بالضبط ما قالته الدول العربية في السابق، وما يقوله حزب الله والحوثيين الآن، انهم يتدخلون ضد إسرائيل لحماية الفلسطينيين. مثلما يطلب الدروز الآن أن تأتي إسرائيل للدفاع عن إخوانهم، فان الرأي العام في الدول العربية يطالب الحكومات بالتدخل لصالح إخوانهم الذين يقعون تحت نير الاحتلال الإسرائيلي. وماذا عن الاخوة العرب في إسرائيل، الذين قتلوا في غزة وسوريا ولبنان؟ هل إسرائيل فكرت في أي يوم في الدفاع عن نفسها؟ وفي لبنان حرضت الكتائب. عندما طلب الرسام من حيفا، عبد عابدي، انقاذ شقيقته التي ولدت في البلاد من مخيم اليرموك في سوريا، إسرائيل رفضت ذلك. ولكن من اجل “حماية الدروز” هي مستعدة للقصف.

تخيلوا فرنسا تقوم بقصف المستوطنات لأنها تعتبرها اوكار إرهاب يخرج منها المخربون للمس بالفلسطينيين. أي صراخ سيكون هنا؟ وفوق كل ذلك يحلق التهكم. حيث أن إسرائيل لا تهتم حقا بمصير الدروز في سوريا، بالضبط مثلما لا تهتم بمصير ضحايا النظام السابق في سوريا، وبعد سن قانون القومية فانه من الواضح أن الحكومة لا تبالي حتى بحقوق الدروز في إسرائيل. ان التجند من اجل دروز سوريا ليس إلا استخدام ساخر من اجل مهاجمة سوريا في ضعفها، وربما أيضا هو غمز للاعضاء الدروز في الليكود. بدلا من منح فرصة للنظام الجديد فان إسرائيل تدق ضده طبول الحرب. هذه هي اللغة الوحيدة التي تتحدثها في السنوات الأخيرة، الضرب والقصف والتفجير والقتل والتدمير بقدر الإمكان وفي كل مكان.

اذا كانت إسرائيل تريد الدفع قدما بالعدالة في أي مكان في العالم فمن الأفضل لها أن تبدأ ببيتها، حيث المظالم الصادمة والجرائم ضد الإنسانية آخذة في الازدياد. حتى طلبها للمساعدة الدولية اثناء الحريق في القدس في الأسبوع الماضي، في الوقت الذي تمنع فيه ادخال المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة منذ شهرين تقريبا، هو طلب وقح. العالم لم يكن يجب عليه الاستجابة لها. فالدولة التي تقوم بتجويع 2 مليون شخص لا يحق لها الحصول على المساعدة من المجتمع الدولي، حتى عندما تكون حرائق الغابات تهدد بلداتها.