فلسطيني

مدينة غزة: معرض فني ينحت الأمل من بين الركام

جسد الفنانون في أعمالهم مفاهيم الحرية والأمل من خلال إنتاج لوحات تضمنت طيورًا وزخارف بألوان زاهية تنبض بالحياة في محاولة لكسر قتامة الحرب والموت المتواصل

المسار …

في قاعة صغيرة داخل أحد مباني مدينة غزة التي ما زالت صامدة رغم الدمار المحيط، يتنقل مجموعة من الزوار بين لوحات فنية ومشغولات يدوية صنعت بخامات مختلفة وبألوان زاهية للتعبير عن حالة الأمل رغم حرب الإبادة الجماعية المتواصلة منذ عشرين شهرًا والتي سيطر عليها اللونين الأحمر والأسود في إشارة للدم والظلام.

في مبادرة فنية غير مألوفة في زمن الإبادة الجماعية، تم تنظيم معرض “الفن للجميع”، يوم السبت الفائت، (2025.5.31)، بمشاركة 30 شخصًا بينهم 15 من المكفوفين، لإنتاج أعمال فنية تعبر عن التمسك بالوطن والهوية.

ضم المعرض مجموعة من الأعمال الفنية من رسومات ولوحات فسيفسائية أنجزت من مجموعة مختلفة من الخامات أبرزها الخرز والحجارة الصغيرة والقماش، حيث جسدت رموزًا وطنية مثل قبة الصخرة وعلم فلسطين وخريطة البلاد.

كما جسد الفنانون في أعمالهم مفاهيم الحرية والأمل من خلال إنتاج لوحات تضمنت طيورًا وزخارف بألوان زاهية تنبض بالحياة، في محاولة لكسر قتامة الحرب والموت المتواصل.

“رموز وطنية”

تقول الطفلة الكفيفة، مِس هنية (10 سنوات)، المشاركة في أعمال هذا المعرض، في تقرير لوكالة “الأناضول”، إنها طرزت خريطة فلسطين على الخشب، في عمل فني نادر حيث من المعتاد أن يتم التطريز باستخدام الخيوط الملونة على القطع القماشية.

وتضيف أنها “ساهمت في إنتاج عمل فني لشجرة اُستبدلت أوراقها الخضراء بالخرز الملون للتعبير عن حاجة الفلسطينيين للفرح”، الحالة التي حرمتهم منها الإبادة الجماعية، مشيرةً إلى المعرض “يهدف إلى إيصال رسالة الفلسطينيين، والأطفال منهم، للعالم أن فلسطين ستبقى حرة وأنها وطننا رغم الحرب والإبادة والتجويع”.

“الأسرى حاضرون”

أما الغزية الشابة الكفيفة، ختام بدران، فتوضح، في التقرير، أنها شاركت في هذا المعرض بعدة أعمال فنية منها صناعة قلب مطرز من الداخل بالخرز وفق ألوان العلم الفلسطيني، وتضيف أنها “أنتجت أيضًا لوحة فسيفسائية تضم طائرًا يقف على غصن زيتون يجسد الأسرى” داخل السجون الإسرائيلية وتطلعاتهم للحرية.

ولفتت إلى أنها “دمجت الألوان الزاهية في هذه اللوحة مثل الأزرق والزهري، لكسر قتامة وسواد الحرب المتواصلة وللتعبير عن الأمل والحياة”.

“دلالة على الأمل”

من جانبها، قالت منسقة المعرض، غدير حميدة، وهي والدة الطفلة مس هنية، إن المكفوفين “أبدعوا في المشغولات اليدوية المعروضة هنا”، وإن المكفوفين “نجحوا في دمج الألوان بينما صنعوا لوحات باستخدام خامات متعددة ومختلفة”.

ووصفت اللوحات المعروضة، في حديثها لوكالة “الأناضول”، بأنها تعبر عن تمسك الفلسطينيين بأرضهم، كما أنها دعوة للحياة باستخدام الألوان الزاهية: “عانينا الويلات في غزة، فكان اللون السائد هو لون الدم والأسود كناية عن الظلام، لكن اليوم أبدعنا بموضوع الألوان للدلالة على الأمل والحياة”.

تحديات بسبب الحرب

أما بسمة الجراح، وهي أيضًا منسقة للمعرض، وإحدى الفنانات المشاركات، قالت إن هذه المبادرة “نجحت بالدمج بين المكفوفين والمبصرين في أعمال فنية مشتركة”، وكشفت عن “براعة المكفوفين في الإنتاج الفني”.

ولفتت إلى أن هذه المبادرة “واجهت عددًا من التحديات في زمن الإبادة المتواصلة، وكان من أبرزها صعوبة التنقل للوصول إلى مكان الإنتاج الفني”.

وأشارت إلى أن المكفوفين كان من الصعب عليهم الخروج دون مرافق للوصول إلى هنا، “لكن مع إصرارهم وشغفهم للإبداع تمكنوا من تجاوز هذا التحدي”.