
المسار : تكشف النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي ريما حسن، من على متن سفينة “مادلين” المتجهة إلى قطاع غزة، لـ”العربي الجديد”، عن تصاعد التوتر على متن السفينة مع التقدم في الرحلة واقترابها من المياه الإقليمية الفلسطينية، وازدياد وتيرة عمليات المراقبة خلال ساعات الليل. وتتبع السفينة لـ”أسطول الحرية”، وسط تخوف من تعرضها لاعتداءات كما حصل مع سفينة تابعة للأسطول في مايو/ أيار الماضي.
مادلين تتجه إلى غزة
وانطلقت “مادلين” يوم الأحد الماضي من جزيرة صقلية جنوب إيطاليا، وعلى متنها 12 شخصاً، بينهم إضافة إلى حسن الناشطة السويدية في قضايا المناخ غريتا ثونبرغ، والممثل الإيرلندي ليام كونينغهام، في إطار محاولة جديدة لكسر الحصار الإسرائيلي على غزة. وتأتي هذه المبادرة بعد فشل محاولة سابقة في أوائل مايو الماضي، عندما تعرّضت سفينة أخرى تابعة لـ”أسطول الحرية” لهجوم بطائرتين مسيّرتين قرب سواحل مالطا. وأوضحت حسن لـ”العربي الجديد” أن “الأوضاع على السفينة باتت أكثر توتراً مع كل ميل نقترب فيه من غزة. التدقيق الأمني اشتد، ولا يتوقف حتى في ساعات الليل. تلقينا تدريبات مسبقة للتعامل مع سيناريوهات متعددة، من بينها الهجمات أو الاعتراض، ونحن الآن في المياه الدولية قبالة السواحل اليونانية، ونواصل تقدمنا بهدوء، ولكن بحذر شديد”.
ريما حسن: الليلة الماضية وحدها، تلقينا إنذارين بخصوص اقتراب ثلاث طائرات مسيّرة
وحول التهديدات الأمنية المحتملة، أشارت النائبة الأوروبية إلى أن المخاوف ليست نظرية، بل تستند إلى وقائع سابقة. وتضيف: “الليلة الماضية وحدها، تلقينا إنذارين بخصوص اقتراب ثلاث طائرات مسيّرة. وقع الأول حوالى الساعة 11:30 ليلاً، والثاني عند الساعة 3:30 فجراً. طبّقنا الإجراءات الأمنية التي تدربنا عليها، دون أن نعرف في البداية ما إذا كانت الطائرات استطلاعية أو هجومية. لاحقاً، تبيّن أنها طائرات مراقبة يونانية”. وأكدت حسن أن الطاقم لا يزال في حالة تأهب قصوى، نظراً لاحتمال تكرار تحليق طائرات مسيّرة، مشيرة إلى أن “هوية الجهة التي ترسل هذه الطائرات لا تكون دائماً واضحة، ولا نعرف إن كانت للمراقبة فقط أو لشيء آخر”.
ناشطون يحذرون من استهداف سفينة أسطول الحرية بعد رصد طائرة مسيّرة
وتطرقت حسن إلى الخلفية السياسية والإنسانية للمبادرة، مشيرة إلى أن “تحالف أسطول الحرية”، الذي يضم 22 منظمة غير حكومية، أطلق هذه الجهود منذ عام 2011 بهدف تحدي الحصار المفروض على غزة. وأضافت: “نحن نملأ فراغاً سياسياً خطيراً، ونسلط الضوء على المعاناة اليومية لشعب محاصر منذ 2007. غزة أصبحت سجناً مفتوحاً، وهذا التحرك المدني رسالة كسر لصمت العالم”. وشددت على أهمية توقيت المبادرة، مؤكدة أن “إسرائيل تعرقل دخول المساعدات الإنسانية منذ أكثر من شهرين، وهناك تقارير موثقة عن مجاعة تضرب القطاع. الأمم المتحدة حذرت قبل أيام من أن 100% من سكان غزة معرضون لخطر المجاعة، ونحن في مواجهة جريمة إبادة جماعية يدينها المجتمع الدولي”. وأضافت: “هدفنا ليس فقط فضح الجرائم الإسرائيلية، بل أيضاً كشف صمت الحكومات الغربية والعربية. من غير المقبول أن يظل قادة العالم صامتين أمام مجازر تُرتكب يومياً”. وأشارت حسن إلى أن المبادرة، رغم طابعها الرمزي، تحظى بدعم واسع من الرأي العام الدولي، وهو ما يوفر قدراً من الحماية للمشاركين، ويمنحهم دفعة معنوية في مواجهة الأخطار المحتملة. وتابعت: “ما نقوم به لا يتعدى كونه ضمادة صغيرة أمام جراح قطاع غزة العميقة، لكننا نصرّ على الاستمرار، لأن الصمت أخطر من المجازر”.
حسن: رغم تغير نبرة الخطاب الأوروبي تجاه إسرائيل، إلا أن الإجراءات العملية غائبة
ووجّهت حسن رسالة إلى صنّاع القرار الأوروبيين، قائلة: “التواطؤ الغربي بات واضحاً. رغم تغير نبرة الخطاب الأوروبي تجاه إسرائيل، إلا أن الإجراءات العملية غائبة، ولا عقوبات حقيقية حتى الآن. يجب أن يتوقف الإفلات من العقاب”. وتابعت: “نطالب القادة الذين يملكون الوسائل السياسية والدبلوماسية واللوجستية والعسكرية بأن يتحمّلوا مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية في إنهاء الجرائم الإسرائيلية المتواصلة”.
محاولة لكسر الحصار
وبحسب بيان صادر عن “تحالف أسطول الحرية”، تحمل سفينة “مادلين” شحنة مساعدات عاجلة تشمل حليب أطفال، طحيناً، أرزاً، حفاضات، مستلزمات صحية نسائية، معدات لتحلية المياه، مستلزمات طبية، وأطرافاً صناعية للأطفال، في ظل الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول المواد الحيوية إلى القطاع. وأكد البيان أن هذه الخطوة تمثل “فعلاً سلمياً للمقاومة المدنية”، مشدداً على أن “جميع المتطوعين وأفراد الطاقم على متن “مادلين” غير مسلحين ومدرَّبون على اللاعنف، ومتّحدون حول إيمان مشترك بأن للفلسطينيين الحق في الحرية والكرامة، تماماً كبقية شعوب العالم”. ودعا التحالف الحكومات إلى ضمان مرور آمن لسفينة “مادلين” وجميع السفن الإنسانية، كذلك طالب وسائل الإعلام بتغطية دقيقة ونزيهة للمهمة، وناشد “أصحاب الضمير في كل مكان برفض الصمت والتحرك من أجل غزة”.
المصدر : العربي الجديد