
المسار : في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتعثر المسار التفاوضي، رأى عضو المكتب السياسي لحركة حماس محمد نزال أن العمليتين اللتين نفذتهما القسام، الجناح العسكري للحركة، شرقي جباليا والشجاعية، أخيراً، رد طبيعي على العدوان الإسرائيلي، نافياً تأثيرهما في تعقيد مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. وأكد لـ”العربي الجديد” أن المقاومة لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي أمام قوات معادية تخترق حدود القطاع، مضيفاً أن “حماس” تتجاوب حالياً “مع مسعى قطري” لجسر الهوة في مقترح المبعوث الأميركي على الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الأخير.
وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وأصيب 11 آخرون، الاثنين الماضي، في استهداف سيارة عسكرية من نوع “همر” في جباليا، شمالي القطاع، قبل يوم من مقتل جندي وإصابة اثنين، الثلاثاء الماضي، في اشتباكات مع المقاومة في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة.
وتساءل محمد نزال: “ما الذي تنتظره قوات الاحتلال من المقاومة، عندما تأتي بضباطها وجنودها وعتادها لتنفيذ عمليات عسكرية وأمنية في قطاع غزة على أهداف معيّنة، هل جاؤوا للتنزّه مثلاً؟”. واعتبر أن “المنطقي والطبيعي أن تتصدّى المقاومة لهؤلاء الإرهابيين، وهو ما فعلته كتائب القسام”.
أما عن تأثير العمليتين الأخيرتين على مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، فرأى أن “الحديث عن تأثير سلبي للعمليتين على المفاوضات ليس استنتاجاً صحيحاً، لأن العملية التفاوضية لا تتقدّم إلا إذا تغيّرت موازين القوى سياسياً وعسكرياً”. هذه الموازين، وفق نزال، تحتاج إلى “أنياب ومخالب حتى تؤثّر فيها، أما الاستكانة والخضوع والاستجداء، فتزيد من تعنّت المفاوض الصهيوني، وإصراره على التشبّث بمواقفه”، مضيفاً: “لنا في تجربة سلطة أوسلو التفاوضية العبرة والمثال على ذلك”.
محمد نزال: عوامل تؤخر اتفاق غزة
في تعليقه على الجمود الحالي في المسار التفاوضي، أكد محمد نزال أن الظروف لم تنضج بعد للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وعزا ذلك إلى أسباب وعوامل عديدة، “أولها أن (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو وائتلافه الحاكم لا يريدان إنهاء الحرب لأنهما يريان أنهما لم يحقّقا أياً من أهدافهما الاستراتيجية، سواء بتهجير الشعب الفلسطيني أو إنهاء المقاومة وتفكيكها أو بفرض سلطة عميلة للاحتلال عبر تنصيب “قرضاي فلسطيني” (قبضاي) يحكم قطاع غزة”. فضلاً عن “أسباب شخصية وخاصة بنتنياهو وحليفيه المجرمين (وزير المالية بتسلئيل) سموتريتش و(وزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير، إذ يريدون البقاء في سُدّة حكم الكيان الصهيوني، ويرون أن السبيل لذلك هو استمرار الحرب”. العامل الثاني هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي وصفه محمد نزال بأنه “الوحيد القادر على فرض وقف الحرب إذا أراد”. والعامل الثالث هو “تبلور موقف عربي وإسلامي حاسم يمكنه استخدام أوراق الضغط الموجودة لديه ضد نتنياهو”. وقال نزال إن أياً من هذه العوامل “لم ينضج بعد لاتخاذ قرار باتجاه الاتفاق”.
لكن نزال شدد على أن “نتنياهو ضمر نية إفشال الاتفاق من البداية، ونفذ ذلك فعلاً في مارس/ آذار الماضي (رفض الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق ثم استئناف حرب الإبادة)، متذرعاً بمبرّرات واهية”. وبشأن التعويل على ترامب مجدداً، قال نزال: “لا نعوّل على أي عامل لا نملكه، ترامب أو غيره، ولكن هذه قراءة واقعية ومنصفة لما جرى”. وأضاف أن “الإيمان بالله والاستعانة به هما العامل الأول، وبعده نعوّل على العوامل الذاتية، وفي مقدّمتها عدالة قضيتنا، ومشروعية مقاومتنا، ثم السلاح الذي ما زال مشرعاً في وجه الاحتلال، وهو ما أبقى المقاومة صامدة في مواجهة عسكرية غير متكافئة”.
في هذا السياق، أوضح أن الحركة تخوض معارك متعددة في الجبهات العسكرية والإعلامية والسياسية والقانونية، وأن “معركة الرواية والصورة أثمرت تقدماً في المواقف الأوروبية وإحراج الاتحاد الأوروبي”. وبرأيه، فإن “المعركة السياسية أوصلتنا إلى حوار مباشر مع الإدارة الأميركية لأول مرة منذ تصنيفها حركة حماس منظمة إرهابية”، في إشارة إلى مفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجز الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر الذي أفرجت عنه الحركة الشهر الماضي.
تحفظ على مقترح ويتكوف
نزال: قبلنا بمقترح ويتكوف إطاراً للتفاوض مع إبداء ملاحظات جوهرية عليه
أما عن الموقف من مقترح وقف إطلاق النار في غزة وصفقة التبادل الذي قدمه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف قبل نحو أسبوعين، فأوضح نزال أن “الحديث عن رفضنا المقترح غير دقيق. قبلنا به إطاراً للتفاوض، مع إبداء ملاحظات جوهرية عليه، ونطالب بأن تكون الولايات المتحدة وسيطاً نزيهاً لا منحازاً كما في السابق”. وعن سبب التحفظ على بنود المقترح، قال نزال إن “السبب أننا نريد وقفاً فعلياً للحرب، والمقترح يشير فعلياً إلى وقف إطلاق نار أسبوعاً واحداً، إذ إن إطلاق الأسرى (المحتجزين الإسرائيليين) الأحياء والأموات في الأسبوع الأول يعطي نتنياهو ذريعة لاستئناف العدوان بعد حصوله على ما يريد”. وأضاف: “لا نريد أن نُلدغ من الجحر مرتين، فنتنياهو غادر ومراوغ، وتجاربنا وتجارب غيرنا معه تؤكد ذلك. انحزنا في موقفنا إلى شعبنا الذي يريد وقف نزيف الدم، وسنسعى لذلك دوماً”.
وتكرر الحركة شروطها للتوصل إلى اتفاق، وهي ضمان وقف الحرب وتدفق المساعدات وإعادة الإعمار. ويتضمن مقترح ويتكوف وقف إطلاق نار مدة 60 يوماً وإطلاق سراح 28 من المحتجزين الإسرائيليين من الأحياء والأموات خلال الأسبوع الأول، مقابل إطلاق سراح 125 أسيراً فلسطينياً محكوماً بالمؤبد، و1111 معتقلاً من غزة اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ورفات 180 من الفلسطينيين الشهداء، كما تتضمن الخطة، التي تقول إن الرئيس الأميركي والوسيطين مصر وقطر سيضمنون تنفيذها، إرسال مساعدات إلى غزة فور توقيع “حماس” على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. إضافة إلى إفراج الحركة عن آخر 30 محتجزاً بمجرد سريان وقف إطلاق نار دائم. والأحد الماضي، أعلنت قطر ومصر، في بيان مشترك، التنسيق مع الولايات المتحدة، وأنهما تعتزمان تكثيف جهودهما لتجاوز العقبات التي تواجه المفاوضات، وذلك بعد اعتبار واشنطن أن رد “حماس” على المقترح الذي “وافقت عليه إسرائيل” هو رد “غير مقبول”.
نزال: “لم نغلق الأبواب أمام أي جهة تسعى إلى وقف حرب الإبادة المجنونة
ورغم الجمود على المسار التفاوضي، نفى نزال أن تكون مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وصلت إلى طريق مسدود قائلاً: “لم نغلق الأبواب أمام أي جهة تسعى إلى وقف حرب الإبادة المجنونة، ونتجاوب حالياً مع مسعى قطري جديد لجسر الهوة في المقترح الأخير”. وأكد أن الحركة ستواصل المقاومة المسلحة وفي الوقت نفسه الانخراط في الجهود السياسية لإيقاف العدوان بالقتل والتجويع.
المصدر : العربي الجديد