إسرائيلياتمقالات

جدعون ليفي: شعب كالأسد، أصيب بالمرض

المسار : مصير الحرب الحالية يرتبط الآن بنزوة رئيس امريكي متقلب ومتراجع. اذا قام بالقصف فربما سيكون انتصار؛ اذا لم يقم بالقصف فان إسرائيل تكون قد قامت بشن حرب عبثية أخرى، زائدة واخطر من سابقاتها. التدخل الأمريكي كان يجب أن يكون مضمون مسبقا. كان يجب ان يكون شرط لشن الحرب. في هذه الاثناء دونالد ترامب يتدرب على تمارين فرض الاستسلام والاهانة الطفولية لإيران، ويدمر بتصريحاته الاحتمالية الضعيفة التي ما زالت باقية للتوصل الى اتفاق، الذي هو الفرصة الأخيرة لنهاية جيدة.

اذا بقيت طائرات القصق الثقيلة في قواعدها – أمس لم يكن هذا الامر واضح – عندها ستستمر حرب الاستنزاف التي نهايتها ومدتها لا يمكن توقعه. إسرائيل لن تصمد فيها لفترة طويلة، اجتماعيا، اقتصاديا وربما أيضا عسكريا. في المقابل، اذا حلقت القاذفات فربما هذا الامر سيؤدي الى انهاء الحرب، وربما سيؤدي الى حرب اكبر بكثير.

في ضباب هذه الحرب إسرائيل موحدة خلف الحرب ورئيسها، وهي تحتفل وتتفاخر وتنفعل، وتردد وتتبجح بدون أي نقاش عام حول أي شيء. في الوقت الذي يشتعل فيه الحوار للحظة في الاستوديوهات فانه يشتعل حول من له الفضل. على ماذا؟ بالنسبة للعروض التي تشعل خيال الطيارين الذين يحلقون فوق طهران كما لو أنهم فوق غزة أو قاعدة حتسريم. عميت سيغل يقول ان الفضل هو لرئيس الوزراء. ونير دبوري يقول ان الفضل هو للمؤسسة الأمنية – نقاش فكري عميق بين عمالقة الجيل، والامر لم يتم حسمه بعد.

في غزة المذبحة ليس فقط لم تتوقف، بل هي تسير بسرعة نحو ابعاد الإبادة. الطابور من اجل الحصول على الغذاء اصبح طابور للموت. من جاء دوره ومن سيأتي دوره بعد ذلك، مساء الخير، أيها اليأس، وليلة سعيدة، أيها الامل. العداد يحسب كمية تدفق الدماء الفلسطينية مثلما تحسب مضخة البنزين كمية البنزين التي توضع في السيارة. لقد قتل 400 شخص بالفعل، جميعهم في طوابير للحصول على كيس طحين أو زجاجة زيت. ما هو ذنبهم؟ من لديه العقل للتعامل مع ذلك الآن، بين ركض وآخر الى الملاجيء، الذي اصبح امر طبيعي. الدمار في الشوارع اصبح أيضا امر طبيعي. هناك بالفعل شوارع تظهر مثل الحطام المتفحم بعد انفجار قنبلة، وهذا على ما يرام بالنسبة لنا. الشعب الذي هو كالاسد اصبح مريض.

كل شيء كانه نزل من السماء، كارثة طبيعية، قدر محتم. الإنجازات هي بفعل يدنا ونحن نتفاخر بها، فقط الثمن هو قوة عليا. وكأنه لا يوجد خيار عدا عن هذا الواقع المجنون الذي وضعنا انفسنا فيه بشكل متعمد. بعد حوالي أسبوع، إسرائيل اختارت شن الحرب في ايران بعد عشرين شهر على الهجوم المجنون في قطاع غزة، الذي لم يثمر حتى الآن أي انجاز بعيد المدى. ثمن الحرب في قطاع غزة سيتبين أن مداه ابعد من إنجازاتها، هذا اذا كانت توجد إنجازات. اسألوا في العالم من هي إسرائيل، تحدثوا مع إسرائيليين حول وجهة نظرهم من العالم. فساد أخلاقي لن يكون دواء له. وعندما تنزف غزة وتكون إسرائيل مفسدة يخرجون الى حرب أخرى، حتى قبل خروج القوات من غزة ويعود المخطوفون الى البيت. إسرائيل مسرورة وتصرخ بسعادة. “طهران تشتعل”، صرخ في هذا الأسبوع العنوان الرئيسي في “يديعوت احرونوت” وفي صوت الرعد من ريشون لتسيون، في الوقت الذي فيه على بعد بضعة امتار عن منزلي كانت هناك بيوت تحترق. الشعب الذي هو كالاسد أصيب بالمرض.

الى اين نحن ذاهبون، وللدقة، الى اين ننقاد مثل الشاة للذبح أو مثل قطيع الى النصر الموهوم؟. ايران لن تستسلم، وبالتأكيد ليس بعد حملة التبجح الامريكية – الإسرائيلية. النهاية المحتملة الأفضل ستكون باتفاق نووي جديد، وحتى هذا لن يكون نهاية سعيدة. ما الذي سيكون مفرحا في مجتمع يحمل آثار الندب منذ عشرين شهر في غزة؟ ومن يعرف كم من الوقت سيبقى في الملاجيء؟ وما هي الجدوى حتى لو تنازلت ايران عن مشروعها النووي؟. مجتمع واقتصاد متفكك مع آلاف مجرمي الحرب في غزة الذين يتجولون قربها، معسكر غير موحد ولكنه متشابه بدرجة مخيفة، وزعيم يعطي مقابلة لمؤيديه في مشهد صحفي مثير للسخرية. الأساس هو اننا قمنا بتصفية اثنان من رؤساء الأركان في أسبوع واحد.