أهم الاخبارتقارير ودراسات

إسرائيل تتربص بمناطق أبعد في إيران وتخفي هوية طائرات تمدّها بالأسلحة

المسار …

تفتح الإنجازات العسكرية الإسرائيلية، المدعومة أميركياً، في العدوان على إيران، شهية إسرائيل على استهداف مناطق أبعد داخل الجمهورية الايرانية، بما فيها المناطق الجنوبية- الشرقية، في وقت تتلقّى فيه دولة الاحتلال شحنات أسلحة، وتتكتم على هوية الجهات التي تمدها بها. وفي وقت يتحدث فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بثقة عن قدرات إسرائيل وأنها كانت ستهاجم إيران حتى بدون موافقة أميركية، لم يخف في لقاء مساء الخميس مع القناة 11 العبرية أن “أميركا تساعدنا في الدفاع بشكل رائع، والطيارين الأميركيين يسقطون المسيّرات معنا… الولايات المتحدة اعترفت بحقنا في الدفاع عن أنفسنا ضد التهديد الوجودي”.

وفي غضون ذلك، أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليوم الجمعة، بأنه “بعد تحقيق سلاح الجو الإسرائيلي سيطرة شبه كاملة على أجواء غرب إيران كبوابة الدخول إلى الجمهورية الإسلامية، فيما تحلّق الطائرات المسيّرة منذ نحو ثلاثة أيام بتفوق جوي لافت فوق طهران، استُغلت الضربة على المفاعل النووي القريب في أراك لتمهيد الطريق نحو الهدف التالي، وهو السيطرة الجوية الإسرائيلية على جنوب إيران، المليء بمواقع استراتيجية، من بينها منشأة التخصيب المركزية والمخفية قرب قرية فوردو”.

ولفتت الصحيفة إلى أن عشرات الطائرات الحربية التي شنّت هجوماً فجر أمس على موقع المياه الثقيلة في أراك (المفاعل غير نشط حالياً، بحسب الجيش الإسرائيلي والإيرانيين، لذا لا يوجد خطر من الإشعاع النووي)، اخترقت قبة المفاعل بقنبلة دقيقة، ودمّرت أيضاً بطاريات ورادارات دفاع جوي جنوب طهران، وذلك كجزء من عملية أوسع لفتح الطريق نحو منطقة حيوية لضرب البرنامج النووي الإيراني، وعلى رأسه المنشأة النووية المحصّنة في فوردو. وترى إسرائيل أن هذه المناطق في جنوب شرق إيران من بين الأكثر تحصيناً في الجمهورية الإيرانية، بفضل شبكة كثيفة من بطاريات الدفاع الجوي المتطورة محلية الصنع. حتى الآن، نُفذ ضربات عدة تصفها إسرائيل بـ “تحفيزية” حول منشأة فوردو ومواقع في أصفهان، وكذلك في قواعد عسكرية إيرانية أبعد عن إسرائيل لجهة الشرق.

ومع ذلك، لم يتحقق بعد مستوى حرية العمل الجوي الذي يسعى إليه سلاح الجو الإسرائيلي في تلك المناطق، والذي يتيح تنفيذ ضربات مباشرة فوق الأهداف باستخدام ذخائر أرخص ومتوفّرة أكثر من القنابل بعيدة المدى، على غرار التفوق الجوي الذي يقول سلاح الجو إنه يحققه بالفعل في غرب إيران، ويحرص يومياً على الحفاظ عليه، والتأكد من بقاء أنفاق الإطلاق التي يستخدمها الإيرانيون لإخراج الصواريخ إلى المنصات المختلفة مغلقة. وبالنسبة لسلاح الجو الإسرائيلي، فإن الهدف الواقعي ليس استهداف كل صاروخ باليستي، بل التركيز على القدرة على إطلاقها، أي على المنصات نفسها، في وقت يزعم فيه الجيش الإسرائيلي أن جزءاً كبيراً من منصات الإطلاق الموجّهة نحو إسرائيل مخفية في جنوب شرق إيران، ولذلك سيستغل سلاح الجو الزخم الحالي لمحاولة “تطهير” مساحة شاسعة من تلك المنطقة من تهديدات الدفاعات الجوية الإيرانية، بهدف تعزيز قدرات الكشف عن منصات إطلاق الصواريخ في تلك المواقع ومهاجمتها.

وبحسب تقديرات مختلفة في الجيش الإسرائيلي، تمت حتى الآن مهاجمة نحو نصف منصات إطلاق صواريخ (أرض-أرض) في إيران، وفقاً لسياسة “ما يتم رصده يُهاجم فوراً”، وذلك من خلال ملاحقة مستمرة تشارك فيها طائرات مقاتلة وطائرات مسيّرة كبيرة تقوم بدوريات منتظمة في المناطق المستهدفة بتوجيه من شعبة الاستخبارات العسكرية. وذكرت إيران قبل يومين أنها أسقطت مُسيّرة إسرائيلية إضافية، وذلك بالتزامن مع تقرير أميركي يفيد بأن صواريخ الاعتراض الإسرائيلية الرئيسية من نوع “حيتس”، التي تُستخدم ضد الصواريخ الإيرانية، بدأت تنفد من إسرائيل، فيما نفت مصادر إسرائيلية ذلك. من جهة أخرى، استخدم الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع ولأول مرة صواريخ “لارد” الجديدة وباهظة الثمن، التابعة لسلاح البحرية، من منظومة “باراك ماغين”، لاعتراض مُسيّرات إيرانية.

طائرات مخفية

رغم هذا، تواصل دول إمداد إسرائيل بالأسلحة، يبدو أن من بينها الولايات المتحدة وألمانيا. ويشير إلى ذلك ما ذكرته وزارة الأمن أمس الخميس عن هبوط طائرات شحن عدة في إسرائيل، كجزء من جسر جوي لنقل معدات عسكرية إلى الجيش الإسرائيلي. وتشير “يديعوت أحرونوت” إلى أنه منذ بدء العدوان على إيران، هبطت في إسرائيل 14 طائرة، بمعدل أقل من الدعم العسكري العلني والسخي الذي تلقته إسرائيل من دول عديدة حول العالم بعد هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، في إطار عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس.

وعلى عكس ما حدث في بداية الحرب على غزة، لم تفصّل وزارة الأمن في هذه المرحلة ما يتضمنه الدعم، أو من أي دول أُرسل، باستثناء تلميحات إلى بعثات الوزارة الموجودة في ألمانيا والولايات المتحدة التي ساعدت في العملية. وبحسب الصحيفة العبرية فإن الحساسية هذه المرة كبيرة جداً، وعليه فإن الدعم محدود، لدرجة أن الوزارة غطّت واجهة طائرة الشحن حتى لا يُتعرّف على الشركة المشغّلة. ومع ذلك، من المرجح أن جزءاً كبيراً من هذا الدعم يتعلق بقدرات سلاح الجو على مواصلة العدوان ضد إيران، حتى لفترة تتجاوز أسابيع قادمة عدة.