دوليعربي

الحزب الشعبي الإسباني يطالب بالتوازن والحزم تجاه المغرب والجزائر ودعم الأمم المتحدة في نزاع الصحراء

المسار …

اعتبر الحزب الشعبي المحافظ المتزعم للمعارضة في إسبانيا ضرورة تأييد مساعي الأمم المتحدة في نزاع الصحراء، ولم يتبن موقف الحكومة المؤيد للحكم الذاتي، ويراهن على توازن في المواقف الدبلوماسية تجاه المغرب والجزائر، مع التشديد على ضرورة الدفاع عما يعتبره اسبانية سبتة ومليلية المحتلتين. وتفتقر هذه المواقف للنبرة الودية تجاه الرباط.

وعقد الحزب الشعبي المتزعم للمعارضة مؤتمره العام نهاية الأسبوع الماضي في العاصمة مدريد، وانتهى بتجديد الثقة في أمينه العام الحالي ألبرتو نونييث فيخو بـ 99%، ووضع استراتيجية ذكية وهادئة للضغط على حكومة ائتلاف اليسار بزعامة بيدرو سانشيز للدعوة الى انتخابات مبكرة بسبب ملفات الفساد التي تحاصرها.

وحضر المغرب في مؤتمر الحزب الشعبي عبر ملفات متعددة، وأهمها نزاع الصحراء، حيث جاء في البيان الختامي الشامل المتضمن للتوصيات أن الحزب الشعبي يدعو الى ”احترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالصحراء الغربية“. وكان وفد من جبهة البوليساريو التي تنازع المغرب السيادة على الصحراء ضمن الوفود الأجنبية الحاضرة. ويكون الحزب الشعبي قد تبنى موقفا مختلفا عن رئيس الحكومة بيدرو سانشيز الذي يدافع عن الحكم الذاتي لنزاع الصحراء.

ويختلف تقييم المغاربة لحضور وفد البوليساريو لمؤتمر الحزب الشعبي، وبينما يرى الخبير في العلاقات المغربية-الإسبانية محمد اسريحن في تدوينة له الاثنين من الأسبوع الجاري أن “علاقة المغرب بإسبانيا هي علاقة دولة بدولة وليست علاقة دولة بأحزاب،حجم المصالح المشتركة بين البلدين يفرض على الأحزاب الأساسية في اسبانيا اعتبار العلاقة مع المغرب قضية دولة لا تتأثر بأي متغيرات سياسية”، ترى أصوات أخرى أن الأحزاب المحافظة المغربية في إشارة الى التجمع الوطني للأحرار المتزعم للحكومة وحزب الاستقلال، كانا عليهما فتح حوار عميق مع الحزب الشعبي المحافظ. بينما تذهب أصوات أخرى الى أن موقف الحزب لا يشكل مفاجأة، إذ كان زعيمه نونييث فيخو كان قد أرسل رسالة الى ملك المغرب محمد السادس يشير فيها أنه في حالة وصوله الى رئاسة الحكومة الإسبانية لن يلتزم بموقف سلفه سانشيز بشأن دعم الحكم الذاتي في الصحراء.

في الوقت ذاته، تقدم هذا الحزب رفقة هيئات سياسية أخرى بتوصيات في البرلمان تطالب رئيس الحكم سحب مبدأ دعم الحكم الذاتي والحفاظ فقط على تأييد مساعي الأمم المتحدة. وكان بيدرو سانشيز قد أرسل خلال مارس 2022 رسالة الى ملك المغرب محمد السادس يعلن فيها تأييد الحكم الذاتي حلا لنزاع الصحراء، وربطه بضرورة قبول جبهة البوليساريو للمقترح.

وفي حالة وصول هذا الحزب الى رئاسة الحكومة، يجب الترقب هل سيستمر في دعم الحكم الذاتي وإن كان بشكل محتشم أو سيغير من موقف رئيس الحكومة السابق، مما قد يدخل العلاقات الثنائية في أزمة شائكة.

وفي العلاقات الدولية، وفي الفقرة التي تحمل اسم “العلاقات مع إفريقيا” جاء في الورقة السياسية “المغرب والجزائر جاران كبيران في حدودنا الجنوبية يتطلبان رؤية استراتيجية والحزم. يجب أن نسعى إلى أفضل علاقة ممكنة مع المغرب والجزائر بطريقة متوازنة لأننا نريد الاستقرار في المغرب العربي”. وكان الحزب الشعبي من أشد منتقدي الحكومة بسبب أزمة مدريد مع الجزائر، وتبنى أطروحة الجزائر في هذا الشأن. ويبقى المثير في هذا الملف هو تشديد الحزب على سياسة الحزم، وكأنه تهديد من طرف مدريد تجاه البلدين.

وفي ملف مثير آخر، وهو سبتة ومليلة، فقد اختارت الورقة السياسية التشديد على التركيز على اسبانية “سبتة ومليلية المحتلتين”، في إشارته الى مواجهة أي تحرك من طرف المغرب، علما أن هذا الأخير قد استبعد مؤخرا من خطابه السياسي والدبلوماسي الحديث عن سيادة المدينتين.

وهكذا، يتضح أن مواقف الحزب الشعبي تجاه قضايا استراتيجية مع جيرانه في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط غير ودية وخاصة تجاه المغرب.