جنود إسرائيليون مصابون بصدمة يطالبون بدعمهم قبل انتحارهم: “يفضّلوننا في تابوت”

Loai Loai
6 Min Read

المسار : يؤرّق انتحار جنود إسرائيليين بسبب عواقب الحرب والصدمات النفسية المجتمع الإسرائيلي، خاصة بعد اعتراف جيش الاحتلال بانتحار 16 جندياً منذ مطلع العام، فيما يحاول آخرون النجاة بحياتهم من خلال المطالبة بدعم من المؤسسات الرسمية، خشية أن يسيروا إلى المصير نفسه.

أمام قسم التأهيل التابع لوزارة الأمن الإسرائيلية في مدينة بيتح تكفا، وسط البلاد، نُصبت منذ نحو أسبوعين خيام احتجاج لجنود مصابين بصدمات نفسية، مطلقين صرختهم طلباً للعلاج، وقد سئموا من المماطلة والبيروقراطية، ومطالبين بالمساواة في الحقوق مع المصابين جسدياً جراء الحرب.

وأفاد موقع واينت العبري، اليوم الأربعاء، بأن المحتجّين، الذين بادروا إلى هذا الاحتجاج على خلفية ارتفاع حالات الانتحار في صفوف الجيش، يحذّرون قائلين “لا نريد أن نكون التالين في قائمة المنتحرين”.

وتحوّل المكان إلى منطقة لإقامة ستة جنود مصابين بصدمات نفسية، يحملون لافتات كتب عليها عبارات من قبيل: “مصابو الصدمات النفسية ليسوا شفافين”، “أوقفوا التمييز بين المصابين النفسيين والجسديين”، “مصابو الصدمات النفسية يطالبون بالعدالة”.

يقول عومر أمسالم، وهو من قادة الاحتجاج: “خلال اليوم يمر من هنا نحو 100 شخص. مصابون، عائلاتهم أو من يأتون لدعمنا، يجلبون لنا شيئاً نأكله، ويقولون لنا إنهم يحبوننا وإن قلوبهم معنا”.

وتم الاعتراف بالجندي أمسالم مصاباً باضطراب ما بعد الصدمة بنسبة 50% من الإعاقة النفسية بعد العدوان على غزة عام 2014، حيث عانى من نوبات هلع وضيق في التنفس وصعوبات في النوم.

ويوضح أن “أول شيء تعطيه وزارة الأمن هو الحبوب، وأنا أرفض تناولها. إنها تحوّلك إلى مدمن، يلمّحون لك بأنهم يفضلونك في تابوت. نحن نطالب بالمساواة في الحقوق. مجرد أنني لا أملك طرفاً صناعياً لا يعني أنني قادر على المشي. ربما يبدو الأمر كذلك جسدياً، لكن نفسياً أنا ببساطة غير قادر”.

ويوضح أمسالم أن الاحتجاج، الذي اندلع في هذا التوقيت تحديداً، يأتي على خلفية ارتفاع حالات الانتحار بين جنود الاحتياط منذ بداية العام الحالي، ويقول: “هذا يقتلنا، إنهم إخوتنا. لا يوجد مصاب بصدمات نفسية لم يكن في هذا المكان، لم يفكر في فعل ذلك بنفسه.. نحن جميعاً في القارب نفسه، وكل حالة مأساوية كهذه هي كأن جندياً آخر يغادر القارب ويغرق”.

إلى جانبه في الاحتجاج تقف شوشي، وهي أم لجنديين، أحدهما تم الاعتراف به مصاباً باضطراب ما بعد الصدمة بعد خدمته النظامية في لواء كفير، والثاني يخضع حالياً لإجراءات الاعتراف من وزارة الأمن بعد خدمته الاحتياطية في حرب الإبادة الحالية على قطاع غزة. تقول شوشي عن إجراءات الاعتراف بابنها الأصغر معبّرة عن صعوبتها: “لقد كلفنا ذلك دماً وعرقاً ودموعاً”.

وأوضحت أنهم “في البداية لم يرغبوا في الاعتراف به، ثم استدعوه للجنة لفحص ما إذا كان لا يزال يعاني، فتم الاعتراف به بنسبة 39% نفسياً وجسدياً. هذا ليس أنفلونزا، لا يزول ببساطة. لقد غادر البلاد إلى نيويورك بسبب ما حدث له. هذا يحزنني كثيراً، لكنه لم يعد قادراً على التحمّل”، وعن ابنها الآخر، قالت: “لقد تغير كثيراً. متوتر وعصبي، ولد مختلف تماماً، شخص لا أعرفه. أنا قلقة عليه، وأتلقى العلاج بنفسي باعتباري أماً لاثنين من المصابين بصدمات نفسية. العلاج موجه أساساً للابن، لكن اضطراب ما بعد الصدمة يؤثر على العائلة بأكملها”.

من جانبه، قال الجندي شون داننبرغ، من كريات يام، في منطقة حيفا، والذي خدم في الفرقة 98، إنه بدأ إجراءات الاعتراف به بصفة مصاب باضطراب ما بعد الصدمة. وأردف: “تخلّوا عني، لا أستطيع أن أعيش بكرامة أو أن أعيل نفسي.. لم أكن يوماً في وضع سيئ كهذا”.

بعدما انعزل في بيته منذ عودته من الخدمة في الاحتياط، خرج داننبرغ لأول مرة من أجل الاحتجاج، ويقول: “طفلي عاد للتبوّل في الفراش، ربما يظن أنني في الاحتياط. يبكي طوال اليوم، يسأل أين أبي. لن أغادر هذا المكان حتى يحدث التغيير”.

وأضاف متحدثاً عن التجارب الصادمة خلال القتال: “هناك أحداث محفورة في روحي. القصف، الجثث التي أخليتها، الدخول إلى الأنفاق، القتال ضد قوات النخبة (في حماس). إنه فيلم أكشن، من لم يكن هناك لن يفهم. لموظفي وزارة الأمن الذين يظنون أنني أكذب، أقترح عليهم أن يتحدّثوا مع أطفالي. أبناء السبع والخمس سنوات لا يعرفون الكذب. سيخبرونكم بأن والدنا يحطّم البيت، ويصرخ، ويسب، وينعزل. اعتادوا رؤية أب يعمل ويؤدي مهامه، لكن هذا لم يعد يحدث”.

وتابع في هذا السياق: “الأحداث لا تزال في رأسي، المشاهد لا تزال في روحي، والرائحة في أنفي. العلاجات لا تساعد، الحبوب فقط تسكت. نحن بحاجة إلى الاحتواء، إلى فهم أن ثمن الإصابة ووطأة الصدمة النفسية تتحمله العائلة بأكملها”.

جندي آخر تحدّث للموقع العبري، هو أورئيل إليكشفيلي، الذي خدم في الكتيبة 13 في لواء جولاني، في حرب الإبادة الحالية، يقول: “كنت آمل أن أنهي الخدمة، لكن بدأت لدي نوبات هلع وتساقط شعر (الثعلبة). أدركت أن حالتي غير طبيعية. قالوا لي إنهم سيهتمون بي، لكن في كل مرة يرسلونني من جهة إلى أخرى. الشعور محبط، أنا ببساطة يائس. أعتقد أن كل مصاب بصدمات نفسية لا يتلقى العلاج الذي يستحقه يتصالح مع فكرة أنه لن يعيش حياة طويلة. أخاف أن أكون أنا أحدهم”.

80 ألف مصاب

وعلّق قسم التأهيل في وزارة الأمن على توجه الصحيفة بأن “القسم يعالج حالياً نحو 80 ألف مصاب ومصابة من الجيش. أكثر من 26 ألفاً منهم يعانون من مشاكل نفسية واضطراب ما بعد الصدمة. المصابون باضطراب ما بعد الصدمة يشكلون أكثر من 33% من بين متلقّي العلاج في القسم، وأكثر من نصف الميزانية السنوية للقسم، نحو 4.2 مليارات شيكل، مخصصة لخدمات خاصة بهم. عدد المصابين وحالات الانتحار تمثل تحدياً وطنياً، ونحن مجندون لها بكل الاهتمام والموارد”.

Loading

Share This Article