الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معاريف 9/9/2025 

الضغط العسكري يقتل

بقلم: ايهود ياتوم

الضغط العسكري لا يدفع منظمة إرهاب تتخذ من حرب العصابات لان تستسلم. الضغط العسكري لا يدفع حماس الى الانهيار.

الضغط العسكري يسقط مبان عالية، يدمر مبان وبنى تحتية، يقتل أناسا ليسوا بالضرورة مخربين.

الضغط العسكري يبعث في العالم الكراهية على إسرائيل. من يكرهونا – يمقتوننا، ودول صديقة تفرض علينا حظر امني واقتصادي وترفع الامكانية لاقامة دولة فلسطينية في غضون وقت قصير. الضغط العسكري قد يتسبب بسقوط جنود وبالمس بالمخطوفين، وهو يبعد جدا إمكانية إعادة المخطوفين الاحياء وأولئك الذين لم يعودوا احياء الى الديار في اقرب وقت ممكن.

الضغط العسكري يؤدي الى انشقاق متطرف والى المظاهرات، الى شروخ في المجتمع والى احباط وانعدام الوسيلة.

الضغط العسكري يصعد جدا إمكانية المس بالسياح الإسرائيليين الذين يتجولون في ارجاء العالم، بيهود العالم، بالمطاعم بملكية إسرائيلية ويهودية وبالمباني التي تشخص مع إسرائيل.

الضغط العسكري يؤدي الى اليأس وفقدان الامل لدى عائلات المخطوفين في أن ينالوا رؤية اعزائهم عائدين الى حضن عائلاتهم. الضغط العسكري يؤدي الى فقدان الثقة بالحكومة والى الفهم بان الهدف الأساس هو استمرار الحرب الزائدة وليس إعادة المخطوفين.

ليس الا وهما انه يمكن حسم المعركة مع الإرهاب، احتلال مدينة غزة بمليون سكانها وإقامة استيطان يهودي في قطاع غزة.

الضغط العسكري لا يؤثر على منظمات الإرهاب التي هي حرب عصابات، ولا يؤدي بهم لان يتأثروا بفقدات حياة السكان، وهي غير معنية بهم. فكم من الدمار سيزرعه الجيش الإسرائيلي في مدن القطاع؟

الضغط العسكري يبعد نهاية الحرب اللعينة والزائدة، يبعد كل إمكانية لاقامة لجنة تحقيق رسمية كما يفترض القانون ويسمح لحكومة اقلية في نظام ديمقراطي لان تواصل اتخاذ قرارات هاذية تتعلق بحياة الانسان، الامر الذي يفترض ان يؤدي الى تهدئة أحزاب اليمين المتطرف كي تواصل الإبقاء على الحكومة.

في الحكومة وفي الائتلاف لا يوجد صدّيق واحد يطلق صوته. انا واثق بانه يوجد من له اراء معاكسة لكنه لا يتجرأ على اطلاق صوت بسبب ثأر “الملك”، حلفائه ومقربيه.

الضغط العسكري سيء للمخطوفين وعائلاتهم، سيء للجنود وعائلاتهم، سيء للاسرائيليين، سيء لليهود، سيء جدا للجميع.

يا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أتوجه الى عقلك السليم، الى القوة السياسية، الى الشجاعة القيادية، الى المشاعر اليهودية، الى التكافل الواجب، الى الاخلاق والقيم، الى واجبك كزعيم وقعت الكارثة الرهيبة والفظيعة في ورديتك وبمسؤوليتك. الغِ الضغط العسكري والقاتل، المفسد والمدمر وقرر صفقة لاعادة مخطوفين توجد على طاولة المباحثات. واجبة صفقة ضرورية ومنقذة للحياة تنفذ فورا.

——————————————

هآرتس 9/9/2025

العملية التي تشهد على فشله، نتنياهو وجد فرصة للتحريض ضد محكمة العدل العليا

بقلم: رفيت هيخت

هناك خط مستقيم يربط بين الماساة الدموية في هذا اليوم الفظيع، كبسولة ألم يومية مليئة بروتين الحرب والموت، وبين مستوى عدم الشجاعة الذي اظهره بنيامين نتنياهو وايتمار بن غفير في موقع العملية في القدس. هذه العلاقة ليست صدفية أو اعتباطية، بل هي جوهر منظومة تشغيل هذه الحكومة – الحكومة التي لم تتحمل في أي يوم المسؤولية عن أي شيء، بل فقط وجدت المزيد من المتهمين باخفاقاتها الدموية، وحرضت ضدهم بحقارة.

فقط في انتخابات 2022 نتنياهو لم يتجرأ على التقاط صورة مع بن غفير، وفي جولة انتخابات سابقة صرح بان هذا الكهاني لن يكون وزير في حكومته. من نافل القول وصف علاقة الليكود التاريخية السلبية مع الكهانية، حتى الاندماج الفكري والإنساني بين الحركتين، الذي عمل نتنياهو على تعزيزه في السنوات الأخيرة لخدمة حاجاته السياسية. امس تجول كتف بكتف مع بن غفير في ساحة العملية، يحرضه بنفس الوقاحة المسمومة ضد المحكمة العليا التي قررت قبل يوم، بالصورة المطلوبة في دولة قانون، عدم تجويع السجناء الأمنيين في السجون الإسرائيلية.

للدقة، هذا كان تحريض مركز ضد الجناح الليبرالي الذي بقي في المحكمة حتى الآن، والذي يناضل على حياته امام مؤيدي الحكومة. الأول هو رئيس الحكومة، المسؤول عن الكارثة الأكبر في تاريخ دولة إسرائيل، واضعاف قاتل الى درجة انهيار المشروع الصهيوني. والثاني هو وزير فاشل للامن الداخلي، الذي في فترة ولايته الامن الشخصي لكل مواطن في إسرائيل هبط الى حضيض غير المسبوق. وهما ما زالا يتجرءان على اتهام الآخرين بشيء ما.

هذه الحكومة، التي جلبت على إسرائيل الأيام الأكثر سوادا، اخترعت لمفهوم “الصهيونية” تحسينات وعروض جديدة، التي العين الطبيعية التي تحب الخير لم تشاهدها بعد. ليس فقط انهما لا يتحملان المسؤولية عما فعلته ايديهما، بل هما حتى الآن يلوثان الآخرين باتهامات كاذبة ويدفعان قدما بمصالحهما الاجرامية على ظهور دماء الضحايا، بواسطة حملة تحريض لاضعاف جهاز القضاء. نحن بحاجة الى فعل شيء آخر من اجل عبارة “قتلت وورثت”. هو فعل صغير جدا بالنسبة لنتنياهو ومحيطه.

نتنياهو هو راقص مخضرم في ساحات العمليات. فهناك، في هذه الساحات المؤلمة، تراكم رأس ماله السياسي في التسعينيات. هناك ارتكب الخطيئة الأولى، خطيئة التحريض، عندما هدر دم اسحق رابين. هناك أيضا ارتبط بالكهانية، بعلاقة مصالح مخفية، التي أصبحت في السنوات الأخيرة علاقة مكشوفة. ولكن لا يجب الذهاب بعيدا في الزمن. فرأس المال السياسي الذي راكمه نتنياهو من العمليات في فترة حكومة التغيير، التي رغم الرعب الحالي تظهر كنوع من الاضطرابات المتواضعة لروتين الحياة، اعطى بيده القوة المسيحانية التي يشغلها الان بدون كوابح. من المخيف، وربما اقل قليلا من معرفة ان رئيس الحكومة هذا، التفكير بما كان سيفعله نتنياهو لو أنه كان في المعارضة الآن أو في 7 أكتوبر.

ان تساوق نتنياهو اليوم مع بن غفير واقوالهما المتبجحة والفظيعة، تمثل ذروة جديدة، وبالاحرى تدهور جديد. هي تعبر عن الاندماج الكامل بين الكهانية الشعبوية وسياسة رئيس الحكومة، اندماج يؤدي الى استمرار الحرب في غزة رغم تكلفتها الباهظة، والى إجراءات قد تودي بحياة الرهائن على الأرجح. اندماج يتجلى في المذابح المنتظمة التي يرتكبها فتيان التلال في الضفة الغربية، وفي الواقع الدموي عديم الامل على طول البلاد وعرضها، في كل مرة تثور في احد ما الرغبة في الوقوف امام الكراهية المتصاعدة له والاشارة الى ثمنها، ليس من اجل الدفاع عنه بل من اجل الدفاع عنا، يحدد نتنياهو حضيض جديد يبرر كراهيته ويشعل الانقسام الفظيع، وبالاساس يعلمنا الى أي درجة هذا الشخص لا يوجد لديه أي خط احمر أو ضمير.

——————————————

معاريف 9/9/2025  

انهيار السلطة الفلسطينية بسبب سياسة حكومة إسرائيل لا يمنع العمليات المسلحة

بقلم: ليئور أكرمان 

العملية القاسية والفتاكة في القدس تستوجب بالطبع تحقيقا وتحليلا لاجل فهم كيف نجح المخربون في تنفيذها لكنها ليست مفاجئة في مجرد وقوعها.

 في الجانب الموضعي، وبافتراض ان القتلة وصلوا من قريتي قطنة والقبيبة، من المهم أن نفهم بان هاتين القريتين تلامسان مناطق القدس، هار أدار ومعاليه هحميشا. كل سكان هذه القرى يعملون على نحو اعتيادي داخل إسرائيل، وحتى أولئك الذين لا يعملون يكثرون من الدخول الى إسرائيل بصفة ماكثين غير قانونيين، بغياب حاجز مناسب يمنع دخول الفلسطينيين الى مناطق إسرائيل بعامة والقدس بخاصة.

عملية كهذه تستوجب على أي حال اعدادا معينا مسبقا وتزودا بالسلاح، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن هذه كانت خلية إرهاب مؤطرة. فالخفة التي لا تطاق في دخول الفلسطينيين الى إسرائيل تسمح لكل فلسطيني أن يقرر تنفيذ عملية وان يخرجها الى حيز الفعل في غضون وقت قصير.

الاحباطات الطويلة التي نفذها الشباك حتى الان تشهد على أنه بالفعل توجد بنى تحتية إرهابية ذات مغزى وكثيرة في أراضي يهودا والسامرة. في اثناء السنة الأخيرة كان كشف لبنى تحتية إرهابية كبيرة، مثل شبكة حماس التي أحبطت في الخليل، واعتقل فيها اكثر من ستين شخصا، وسلمت عشرات قطع السلاح والكثير من أموال الإرهاب واحبطت نحو عشر خلايا. ومع ذلك، يوجد انخفاض في كمية العمليات منذ بداية السنة في اعقاب اعمال هجومية في مخيمات اللاجئين في السامرة، مع التشديد أيضا على انخفاض بعشرات في المئة بالنسبة للعام 2024 في كمية العمليات الكبيرة التي نفذت.

من ناحية هجوم احباط الشباك، منذ بداية العام 2025 وحتى اليوم احبط اكثر من الف عملية جدية. هذا المعطى يشبه تقريبا عدد الاحباطات في كل العام 2024 – 1040 احباط لعمليات كبيرة وبينها اكثر من 550 عملية اطلاق نار واكثر من 450 عملية زرع عبوات.

الى جانب ذلك فانه لا يمكن المنع التام لتنفيذ عمليات فردية. مثلا، حتى أيلول 2025 نفذت 22 عملية كبيرة – 21 منها جاءت من الضفة وواحدة من القدس. هذا بالنسبة للعام 2024 الذي نفذت فيه 235 عملية كبيرة، منها 233 من الضفة واثنتان من القدس.

لكن في السياق الاوسع من المهم أن نفهم بانه فضلا عن حقيقة انه بصفتنا إسرائيليين سنواصل العيش على حرابنا امام الإرهاب الديني المجنون في الضفة وفي غزة، الواقع الحالي يملي ويخلق برنامجا خصبا لنشوء الإرهاب والعمليات، على خلفية الإحباط العميق للفلسطينيين من غياب المنفعة والفرصة لتحسين وضعهم، من استمرار القتال في غزة والمنشورات التي تزعم قتل المدنيين، من استمرار اعمال العنف لفتيان التلال والجهات المتطرفة الأخرى في كل أراضي الضفة وبلا احباط حقيقي عقب سياسة حكومة إسرائيل. للشباك توجد قدرات عالية جدا ونجاحات كثيرة لإحباط العمليات واعتقال المخربين. وبالفعل، فان الغالبية الساحقة من العمليات المخطط لها تحبط ولا تخرج الى حيز التنفيذ. ولكن في الوضع الذي يرتفع فيه مستوى الإحباط والكراهية في الميدان، فان قدرات التحكم والإحباط لدى السلطة الفلسطينية انهارت تماما وذلك أيضا واساسا على خلفية سياسة وزير اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير ضدها. لا يوجد حاجز حقيقي أمام عبور المخربين بين مناطق الضفة وإسرائيل، كما لا يوجد منع عبور حر لعرب شرقي القدس الى داخل المدينة والى إسرائيل. في مثل هذا الوضع فان قدرة المنع التام للعمليات طفيفة جدا.

بغياب توقع لوقف القتال في غزة لتخفيض مستوى العنف من فتيان التلال في الميدان وبناء سور منيع بين إسرائيل والضفة من المتوقع لنا ان نواصل المعاناة من عمليات الافراد في المستقبل أيضا واساسا على خلفية انهيار السلطة الفلسطينية بسبب سياسة حكومة إسرائيل، بالذات في الوقت الذي تدفع فيه قدما دول العالم بالاعتراف باستقلالها بصفة دولة. بلا تغيير دراماتيك في سياسة الحكومة تجاه غزة والضفة، لن نرى تغييرا إيجابيا قريبا وبانتظارنا استمرار العنف.

——————————————-

معاريف 9/9/2025

والان، للحسم في الضفة

بقلم: أمير أفيفي

العملية في القدس أمس والتي قتل فيها ماكثان فلسطينيان غير قانونيين ستة إسرائيليين واصابوا عشرات هي محاولة لاشعال معركة متعددة ساحات مرة أخرى، المحاولة التي يجب اقتلاعها. هذه ليست عملية مضادة موضعية بل جزء من جهد السلطة الفلسطينية ومنظمات الإرهاب في المناطق لاشعال جبهة أخرى بهدف التصعيب على الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل تركيز الجهود على تصفية حماس كجسم سلطوي وعسكري في غزة.

بخلاف الأصوات الانهزامية هذه وغيرها، نحن نوجد في واقع قريب من النصر. ثلاثة أرباع القطاع في أيدينا، تقريبا بلا سكان، مخربين وبنى تحتية إرهابية. والان يستعد الجيش الإسرائيلي الى المرحلة الحاسمة، احتلال المعقلين الأخيرين لحماس – مدينة غزة ومخيمات الوسط. لا غرو أن حماس في حالة هستيريا. النهاية قريبة والاهداف لليوم التالي واضحة: تصفية حماس، تجريد القطاع، إعادة كل المخطوفين، سيطرة امنية متزايدة لإسرائيل على غزة وخلق حكم بديل غير مهدد وليس من حماس، الجهاد او السلطة الفلسطينية. اغلب الظن سيكون هذا حكما يقوم على أساس عشائر محلية، وكل هذا بالتوازي مع الجهد لتنفيذ خطة ترامب للهجرة الطوعية. ينظر الفلسطينيون بذهول الى الواقع الذي يصفي عمليا تماما حلمهم لابادة إسرائيل وإقامة كيان إرهاب فلسطيني على خرائبها.

على إسرائيل أن تعالج بيد من حديد ظاهرة الماكثين غير القانونيين والمعاقبة بشدة أولئك الذين يساعدونهم على الدخول الى البلاد او يوفرون لهم العمل. ان وتيرة جلب العمال الأجانب القانونيين بطيئة جدا وتمس بالعمل في فرع البناء. ينبغي إيجاد بديل سريع للعمال من المناطق. قبل أسبوعين عقد لقاء حركة الأمنيين مع سفير الهند في إسرائيل. وشدد السفير في اللقاء على رغبة الهند في ارسال عمال الى البلاد. المسيرة بطيئة جدا ولهذا البطء توجد تداعيات امنية.

الى جانب هذا حان الوقت لتحديد هدف حرب واضح لجبهة الضفة: تصفية الإرهاب واسقاط حكم الإرهاب للسلطة. في الضفة أيضا نحن نحتاج الى تجريد من السلاح والى حكم محلي عشائري، بدلا من كيان يروج للمقاطعات على إسرائيل والى لاسامية عالمية بالتوازي مع التحريض منفلت العقاب في أجهزة التعليم ودفع المليارات للمخربين على قتل اليهود. لم يعد ممكنا قبول هذا الواقع. دون رؤيا واضحة ودون اهداف حرب واضحة لجبهة الضفة سنتصعب خلق عمل منسجم.

الى جانب النشاطات العسكرية مطلوب تطبيق القانون الإسرائيلي في المنطقة ج على الأقل وتعزيز الاستيطان بملايين اليهود. قبل سنتين من الحرب وضعت حركة الأمنيين على طاولة الحكومة تقويم وضع استراتيجي حذر من إمكانية حرب متعددة الساحات، لكنه تحدث أيضا عن ثلاث معارك وجودية أخرى، بينها المعركة على بلاد إسرائيل او بكلمات أخرى، النزاع العربي الإسرائيلي إياه الذي يوجد منذ اثر من مئة سنة ويرتدي اشكالا مختلفة.

مع اقتراب نهاية المعركة متعددة الساحات علينا أن نستعد لحسم المعركة التالية، المعركة على بلاد إسرائيل.

——————————————

هآرتس 9/9/2025  

مثلما في 1948 أيضا اليوم إسرائيل تنفي ارتكاب جرائم حرب

بقلم: ألوف بن 

قبل عدة اشهر من إصابة اريئيل شارون بجلطة دماغية ونزوله عن الحلبة السياسية سالته ما الذي تعلمه من حياته العملية الطويلة. “لا يوجد شيء لا يتغير عدا عن الماضي”، أجاب بدون تردد. انا تذكرت هذه الحادثة عندما شاهدت الفيلم الوثائق لنتاع شوشاني “1948: أن نتذكر وننسى” الذي تم بثه في منتهى السبت في كان 11 بعد اكثر من سنتين من التاجيل والتاخير بسبب ضغط نشطاء اليمين وتهديد وزير الاعلام شلومو قرعي بالمس بميزانية الهيئة.

بث الفيلم عن النكبة الفلسطينية في 1948 في التلفزيون الإسرائيلي اعتبر عمل تخريبي وجريء حتى بعد مرور 77 سنة على الاحداث. شوشاني سارت في مسار رسمه “المؤرخون الجدد” في نهاية الثمانينيات، عندما هبوا لتحطيم اسطورة المؤسسين بشان إقامة إسرائيل، وعلى راسهم “قلة امام أكثرية” و”العرب هربوا بارادتهم”، وتظهر في الفيلم كيف ان الطرف اليهودي كان يحظى بالتفوق العسكري تقريبا منذ بداية الحرب. وطرد الفلسطينيين تم حسب استراتيجية منظمة (“الخطة د” للهاغاناة). مثل بني موريس، مؤلف كتاب “ولادة القضية اللاجئين الفلسطينيين” الصادر في 1989، أيضا شوشاني ووجهت بسور من الاسكات والانكار، الذي لم يتبدد مع مرور عشرات السنين.

فقط قلة في المجتمع اليهودي في إسرائيل تهتم بالنكبة والقرى المدمرة والظروف التي حولت مئات آلاف الفلسطينيين الى لاجئين. الأغلبية تفضل عدم المعرفة وعدم سؤال ما الذي كان هنا من قبل، عندما يمرون في شارع على اسوار الصبر وبقايا بيوت عربية. الحكومة تنشغل في إخفاء الأدلة: في اساس “1948: أن نتذكر وننسى” يقف الاخفاء المستمر لتقرير شبيرا، الوثيقة التي صاغها المستشار القانوني الأول للحكومة وكشف عن اعمال القتل والاغتصاب والتنكيل من قبل محاربي 1948 في القرى الفلسطينية.

يوجد للاسكات سبب مجدي. “رؤية 1948 تؤثر بشكل كبير على الطريقة التي نرى فيها كل التجربة الصهيونية – الإسرائيلية”، كتب موريس في مقاله التاسيسي بعنوان “التاريخ الجغرافي الحديث” في 1988. “اذا كانت إسرائيل، الملاذ لشعب مضطهد، قد ولدت كنقية وبريئة فعندها هي تستحق الشفقة، المساعدات المالية والدعم السياسي الذي اغدقه الغرب عليها، وستكون جديرة بهذا الدعم في المستقبل. ولكن اذا كانت إسرائيل قد ولدت وهي ملطخة وملوثة بالخطيئة الأولى فانها في نهاية المطاف لا تستحق شفقة ودعم اكثر من جيرانها”.

شوشاني انهت الفيلم قبل حرب 7 أكتوبر، والوقت الذي انقضى بين الإنتاج والبث فقط زاد الرواية قوة. إسرائيل تنفذ الان النكبة الثانية في غزة وفي الضفة الغربية، والمجتمع اليهودي هنا ماسور بالقمع والانكار، بالضبط مثلما في الجولة السابقة في 1948. وكما أوضح بعض من أجريت معهم مقابلات في الفيلم، فانه محظور على إسرائيل الاعتراف بارتكاب جرائم حرب خشية من رد العالم.

لذلك، لا يتم بث تقارير من غزة في قنوات التلفزيون في إسرائيل، وهم يخفون وجوه الجنود ويقولون للجمهور “ما تم نشره في وسائل الاعلام الأجنبية” عن قتل الأطفال والتجويع الجماعي هو دعاية لاسامية من قبل حماس ومؤيديها، وليس نتيجة هجمات الجيش الإسرائيلي. ومثلما في 1948 أيضا في الحرب الحالية تلقي إسرائيل بكل المسؤولية الأخلاقية عن الكارثة على الطرف العربي في النزاع. هم الذين بدأوا، وهذا ما يستحقونه، والآن ننتقل الى الأخ الأكبر.

عندما انتهيت من مشاهدة فيلم “1948: التذكر والنسيان”، فهمت ان شارون قد اخطأ رغم حكمته وتجربته. الماضي لا يتغير حقا، هو دائما موجود هنا. ومثلما تبين مرة أخرى أمس فان الدائرة الدموية اليهودية – العربية لن تتوقف حتى عندما يعد القادة بأنه ستكون ضربة واحدة وينتهي الامر.

——————————————

يديعوت احرونوت 9/9/2025  

إثارة للحفيظة بدلا من التهدئة

بقلم: افي يسخاروف

في مقابلة صحفية اجراها في شهر تموز رئيس منطقة القدس، يهودا والسامرة، المنصرف في الشباك، الملقب بـ “آفني” مع رجلي مركز التراث الاستخباري آفي موشفي وحاييم مينا – مانور، قال مسؤول الشباك الأمور التالية: “صورة الوضع الخطيرة والمهددة في المناطق هي نداء صحوة لاصحاب القرار في المستوى السياسي والمستوى الأمني. الانفجار ليس مسألة “هل” بل مسألة “متى””. 

صحيح أن عملية امس في القدس تجسد ما يحذر منه كثيرون صبح مساء: التصعيد في الضفة الغربية او في يهودا والسامرة آخذ في الاقتراب، وكل الهيئات الأمنية في إسرائيل تتشارك في هذا التقدير.

لا يدور الحديث عن سبب واحد، بل عن جملة عوامل تشكل ما من شأنه أن يتحول الى العاصفة الكاملة  في الميدان: سياسة إسرائيلية موجهة تستهدف اضعاف السلطة الفلسطينية، عنف مستوطنين قاس ضد مدنيين فلسطينيين يحظى باسناد حكومة إسرائيل، فساد متزايد في مؤسسات السلطة وتآكل التأييد الجماهيري الفلسطيني لها، الوضع الاقتصادي في الضفة الذي يتدهور مع بطالة تصل الى اكثر من 30 في المئة، انعدام قدرة أجهزة الامن على دفع رواتب كاملة لرجالها على مدى زمن طويل وبالطبع التضامن مع الفلسطينيين في غزة – كل هذا يمهد التربة لانفجار عنيف في المناطق.

إشارة التحذير هذه رفعها قادة الشباك والجيش امام المستوى السياسي اكثر من مرة في الأشهر الأخيرة. لكن حكومة نتنياهو على حالها وترفض العمل في المسائل المتفجرة. العكس. ظاهرة المشاعبين اليهود الذين يحرقون الممتلكات ويمسون بالمدنيين الفلسطينيين في القرى في ارجاء الضفة أصبحت ظاهرة شبه يومية، بعد أن كانت محصورة في السبوت فقط. إسرائيل، باسناد امريكي كامل تعمل بنشاط على تقويض مكانة السلطة الفلسطينية وتمنع كل بحث استراتيجي سياسي في مسألة الضفة الغربية. ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش يواصل نصب العوائق الاقتصادية امام السلطة رغم التحذيران من ان افلاس السلطة سيؤدي الى تصعيد خطير. لكن ينبغي القول ان هذه الحكومة تمتنع عن حل معاكس: بمعنى، بافتراض ان السلطة الفلسطينية تمس بالفعل بالمصالح الإسرائيلية، مثلما تدعي حكومة إسرائيل، فلماذا لا تعمل هذه الحكومة على تفكيك السلطة وحلها المطلق؟ كيف تسمح الحكومة للجيش والشباك بالابقاء على التنسيق الأمني مع الجانب الفلسطيني اذا كانت تزعم بان هذه السلطة خطيرة الى هذا الحد على مواطني إسرائيل؟

ينبغي التشديد: عمليات ومحاولات عمليات تنطلق من المناطق او من القدس كانت وستكون. مخربون ومؤيدوهم قاموا بعمليات حتى في عهد حكومات أخرى، وحماس ستواصل عمل كل شيء ممكن كي تربط بين ساحة غزة وساحة الضفة. كانت هذه رؤيا يحيى السنوار ومحمد ضيف في 7 أكتوبر 2023. غير أنه يخيل ان هذه الحكومة بدلا من ان تحيد هذا التهديد، تعمل غير قليل كي تحققه – أي إثارة المنطقة بدلا من تهدئتها. وبينما تستعد قوات الجيش الإسرائيلي لعملية برية واسعة في مدينة غزة، تدير قتالا غير بسيط في لبنان وماذا لا، فان حكومة إسرائيل تضعضع الواقع المضعضع أصلا في الضفة الغربية.

ولا يمكننا الا نتطرق الى المستوى السياسي في إسرائيل الذي وجد امس من هو مذنب بالوضع: المحكمة العليا. بعد لحظة من العملية القاسية في القدس مع ستة قتلى، حادثة قاسية قتل فيها أربعة جنود في قطاع غزة، مُسيرات انتحارية تطلق من اليمن نحو اسرائيل – ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الامن القومي ايتمار بن غفير، يوضحان منذ الان بان قضاة محكمة العدل العليا مذنبون بالوضع الأمني. هناك في واقع الامر يتلخص في نظر بيبي وبن غفير الحدث: لا مسؤولية للمستوى السياسي لا سمح الله، لا مسؤولية عن الوضع على من هو مؤتمن على الأمن الداخلي في إسرائيل. نعم، نعم، ايتمار بن غفير إياه الذي هرع في اثناء أيام الحكومة السابقة بسرعة قصوى الى كل ساحة عملية كي يتهم الوزير السابق عومر بارليف بالوضع، يتنكر للمسؤولية ويلقيها نحو محكمة العدل العليا. في حالة بن غفير، الذي لم يخدم في الجيش فان الطقوس لا تفاجيء أحدا. المحزن اكثر هو أنه أيضا في حالة نتنياهو، ضابط سابق في وحدة خاصة كان يفترض به أن يعرف جيدا من الدرس الأول في المدرسة العسكرية من المسؤول عن الوضع (تلميح: القائد العسكري، الرأس، الزعيم)، هذا العرف المتمثل بالتنكر للمسؤولية اصبح طقسا. الكل باستثنائهم.

——————————————

يديعوت احرونوت 9/9/2025

ساحة الضفة في نقطة حسم

بقلم: اليشع بن كيمون

التحقيق في العملية في القدس أمس لا يزال مستمرا، فيما اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي التابعة لقيادة المنطقة الوسطى منزلي المخربين اللذين نفذا العملية وكانا يسكنان في قريتي قطنة والقبيبة المجاورتين للقدس. وحسب التحقيق الاولي تسلح الاثنان بسلاح من صنع محلي وبالسكاكين، دخلا عبر ثغرة في جدار الفصل في غلاف القدس، اخذا سيارة نقل للعمال بلا تصاريح ونزلا في مفترق راموت. العملية في القدس أدخلت في حالة تحفز قيادة المنطقة الوسطى حيث يخططون هذه الأيام لفترة متوترة. الى توتر الأعياد التي تبدأ قريبا تنضم شدة الاعمال في قطاع غزة والاعلانات المرتقبة عن الاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وبالمقابل رغبة قسم من وزراء الكابنت الإعلان عن السيادة في الضفة. التخوف في جهاز الامن هو ان حماس تعمل على تنفيذ عمليات في قلب البلاد بكل شكل وهي تستخدم لهذا الغرض المشاهد من القطاع.

منذ بداية السنة أحبط الشباك في الضفة أكثر من ألف عملية كبيرة، بينها اكثر من 550 عملية اطلاق نار و 450 عملية عبوات متفجرة وصفي نحو 137 مخربا. كما أنه منذ بداية الحرب وضعت اليد على اكثر من الفي وسيلة قتالية واعتقل اكثر من 500 مخرب. 

الجيش الإسرائيلي يوجد منذ الان في مخيمات جنين، طولكرم ونور شمس منذ اشهر طويلة. وهدمت القوات مئات المباني، فككت بنى تحتية للارهاب وغيرت جدا وجه المخيمات. بالاجمال، في مخيمات اللاجئين الثلاثة فتح اكثر من 11 كيلو متر من المحاور لغرض خلق حرية عمل لقوات الجيش الإسرائيلي.

وزير الدفاع كاتس اعلن بان القوات ستبقى في المخيمات حتى نهاية السنة، لكن منذ الان توجد مداولات حول ما الذي سيتم عمله لاحقا: هل يسمح لسكان المخيمات بالعودة ام لا. وكيف ومتى ستخرج القوات من المخيمات. إضافة الى ذلك في اعقاب التحقيق في العملية امس طرحت مرة أخرى مسألة جدار الفصل. في اذار 2022 شهدت إسرائيل سلسلة عمليات فتاكة جبت حياة 21 شخصا. في اعقاب ذلك خرج الجيش الإسرائيلي الى حملة محطم الأمواج والتي أساسها كان تكثيف خط التماس، بناء عائق حيثما لا يوجد، تغيير إجراءات فتح النار حيال متسللين في الجدران وتصعيد الانفاذ حيال مساعدي العمال بلا تصاريح وأولئك الذين يستقبلونهم للعمل في إسرائيل. غير أنه منذ بداية الحرب منعت الحكومة دخول العمال الى أراضي إسرائيل باستثناء العمال الحيويين، وهذه الحقيقة في تداخل مع استمرار الحرب اديا الى ظاهرة المتسللين والمساعدين لان تتسع ومسا بردع الجيش الإسرائيلي الذي كان قويا في الاشهر الأولى من الحرب وبالتالي تم حماية خط التماس بشكل وثيق.

ساحة الضفة تجتاز تغييرات ذات مغزى لم تقع عشرات السنين، وليس فقط في الوجه الأمني. في اثناء السنتين الأخيرتين يوجد اندفاع الى الامام في بناء وتوسيع المستوطنات خلف الخط الأخضر. ضمن أمور أخرى، إعلانات عن أراضي دولة، إقامة مزارع وتبييض بؤر استيطانية باثر رجعي. الذروة تأتي هذه الأيام مع تصريحات وزراء الكابنت حول إحلال السيادة في الضفة كرد على خطوة سياسية ينفذها ماكرون في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. في النقطة الزمنية الحالية، تأخذ محافل سياسية الانطباع بان نتنياهو يفضل الا يتخذ خطوة الضم او السيادة والانتظار لرؤية ما سيكون في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وحتى عندها، كما تدعي محافل سياسية، “فانه لن يسير حتى النهاية”. كما أن مسألة السلطة الفلسطينية وكيفية التعاطي معها تثور. في جهاز الامن يقيمون مع رجال الأجهزة علاقات وثيقة فيما انه بالمقابل وزراء في الكابنت يشرحون بانه يجب تقويض السلطة.

وعليه، تشرح محافل الامن بان الضفة تصل الى نقطة حسم ذات مغزى يتعين على الحكومة فيها أن تقرر ماذا سيكون مستقبل الساحة خلف الخط الأخضر. على حد قولهم فانه “اذا عدنا الى ما كان قبل ثلاث سنوات فسيكون هذا تبذير وتفويت عظيم. الواقع اجتاز تغييرات ذا مغزى خلف الخط الأخضر. هذا لا يضمن الا تكون عمليات، لكن الثوران الأمني يختلف جوهريا”.

——————————————

هآرتس ذي ماركر 9/9/2025  

حظر اسبانيا سيصعب على إسرائيل استيراد السلاح، وسيعرقل التجارة

بقلم: حجاي عميت 

بيان رئيس حكومة اسبانيا، بيدرو سانشيز، أمس بان بلاده ستحظر السفن والطائرات التي تحمل السلاح الذي له علاقة بإسرائيل من الرسو في أراضيها أو الدخول الى مجالها الجوي، في محاولة لاستخدام الضغط على إسرائيل من اجل وقف عملية احتلال مدينة غزة، تسبب بالقلق لمن يعرف خارطة مسار الملاحة.

بشكل فوري، الحديث لا يدور عن عملية تضر بجهود إسرائيل الحربية. السفن والطائرات التي تنقل اليها السلاح، وتصدر بضائع صناعة سلاحها – لا يجب عليها الرسو في اسبانيا. هي تستطيع العثور على اهداف بديلة للتوقف فيها. إسرائيل أيضا لا تستورد تقريبا السلاح من اسبانيا. عمليا، اسبانيا منعت عدة مرات في السنتين الأخيرتين السفن التي كانت تحمل السلاح والذخيرة لإسرائيل من الرسو في موانئها. هكذا، في أيار 2024 كانت هناك سفينة هندية نقلت مواد متفجرة، وفي تشرين الثاني 2024 كانت هذه سفينتان أمريكيتان اشتبه بأنهما تنقلان السلاح الى إسرائيل. ولكن بيان أمس هو حظر شامل لم يكن موجود من قبل.

سبب هذا القلق ينبع من موقع اسبانيا الاستراتيجي – على جبل طارق – الذي يؤدي الى أنها تشكل نقطة عبور لكثير من خطوط التجارة لشركات السفن الإسرائيلية، وعلى رأسها “تسيم”. فميناء فلنسيا، ميناء برشلونة وميناء الجيسيراس، تشكل نقاط رسو للعديد من خطوط ملاحة الشركة، الامر الذي يطرح سؤال كيف ستنفذ اسبانيا قرار عدم نقل السلاح لإسرائيل عبر أراضيها. مستورد إسرائيلي رئيسي يعمل في التجارة البحرية وصف ذلك كالتالي: “العدد الكبير جدا من السفن الإسرائيلية تصل الى اسبانيا. وشركة تسيم تعمل كثيرا معها، وأنا اتسلم بضائع من اسبانيا طوال الوقت. وسيناريو يقرر فيه القيام بفحوصات للسفن من اجل رؤية هل يمر سلاح، يمكن أن يصعب علينا”.

الحديث يدور عن حظر فقط على السلاح، وليس على شراء بضائع أخرى. على المستوى المبدئي فان السفن التي تنقل البضائع من الولايات المتحدة الى إسرائيل، حتى لو تعودت على التوقف في موانيء اسبانيا، لا يجب عليها فعل ذلك. هي يمكنها الإبحار مباشرة الى إسرائيل. سؤال هل هذا الحظر للسلاح يمكن ان ينتقل أيضا الى التجارة العادية ويؤثر على استيراد إسرائيل بشكل عام. يوجد لشركة تسيم خطوط تمر في اسبانيا”، قال البروفيسور شاؤول حوريف، رئيس معهد السياسات والاستراتيجية البحرية. “يجب الانتباه الى أنه يوجد لكل ميناء نقابة عمال، واحيانا تكون متطرفة اكثر من الحكومة في موقفها من إسرائيل”.

قوة النقابات العمالية في الموانيء كان يمكن الشعور بها في هذه السنة في فرنسا. في نيسان وفي تموز الماضي قام عمال ميناء بوس سور مار في فرنسا بتأخير سفن كانت على وشك الإبحار الى إسرائيل، بسبب معارضتهم لمرور الوسائل القتالية المخصصة لنشاطات إسرائيل في غزة من أراضيهم. أيضا في بلجيكا وفي اليونان كانت أحداث مشابهة، تشويش عمال الموانيء لنقل بضائع الى إسرائيل. توجد دول أخرى تفرض قيود على تجارة السلاح مع إسرائيل، وهي اعضاء في مجموعة “هاغ”. الحديث يدور عن عدد من الدول التي تم تشكيلها في بداية هذه السنة وتضم جنوب افريقيا، كولومبيا، بوليفيا، كوبا، الهندوراس، ماليزيا، ناميبيا والسنغال – التي تعهدت بعدم السماح للسفن التي تنقل السلاح لإسرائيل بالرسو في موانئها. توجد دولة أخرى تقيد نقل السلاح الى إسرائيل في موانئها وفي مجالها الجوي، تركيا، التي تشرف على مضيق البوسفور.

مواد خطيرة

مع ذلك، اسبانيا هي الأهم بسبب موقعها الاستراتيجي الذي يمكنها من التنغيص على إسرائيل اذا ارادت ذلك. قواعد الحركة في مضيق جبل طارق تم تحديدها من قبل الأمم المتحدة في الثمانينيات. اسبانيا والمغرب هي المسؤولة عن تطبيق قواعد المرور في المضيق. لا يوجد لها قدرة قانونية من اجل اغلاق المضيق، لان الامر يتعلق بمياه دولية. مع ذلك، مثلا، السفن التي تحمل مواد خطيرة وتمر في المضيق ملزمة بالابلاغ عن ذلك للجهات المسؤولة عن الحركة فيها من اجل الحصول على اذن بالمرور.

“هذه مواثيق عمليا الجميع يقوم بخرقها”، قال مصدر يعمل في المجال، والذي يطرح الآن تخوفات من الوضع الذي قررت فيه اسبانيا اجراء فحص مشدد لسفن السلاح المتوجهة الى إسرائيل، والتي من شانها ان تكون تحمل مواد خطيرة”.

عندما يضاف الى ذلك حقيقة ان ميناء ايلات مشلول منذ سنتين بسبب اغلاق مضيق باب المندب امام حركة السفن الإسرائيلية عن طريق الحوثيين، سنحصل على صورة فيها شركات الشحن التي تنقل السلاح لإسرائيل يجب ان تضيف سلسلة أخرى من المعايير عندما تريد تخطيط مسارها الى إسرائيل: في أي مسار سيسمح لها بالمرور، وفي أي ميناء لن يصعب عليها العمال تحميل البضائع، وفي أي موانيء لن تواجه حكومة لن تسمح لها بالرسو.

——————————————

هآرتس 9/9/2025  

اذا لم يسافر نتنياهو الى أوروبا، لن يسافر أي أحد

بقلم: زهافا غلئون

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ينوي زيارة في هذا الأسبوع معاليه ادوميم، هكذا اعلن، من اجل التوقيع على اتفاق يتضمن البناء في منطقة “إي1” – هكذا فجأة في أسبوع عادي، الذي فيه الجيش الإسرائيلي يقوم بقصف الأبراج في مدينة غزة ويعرض حياة المخطوفين للخطر، والحكومة تشن حرب إبادة ضد الفلسطينيين. بتسلئيل سموتريتش اطلق على خطط البناء في “إي1، “مسمار في نعش الدولة الفلسطينية”.

بعد عشرين سنة من الجمود يهدد نتنياهو بربط معاليه ادوميم بالقدس، وأن يشوش بذلك التواصل الجغرافي بين رام الله وبيت لحم في محاولة لتصفية نهائيا فرصة حل الدولتين. سموتريتش، ربما للمرة الأولى قال الحقيقة: هذا هو بالضبط هدف البناء المخطط له.

هذه الحكومة تفعل ما تريد، مع شيك مفتوح من الإدارة الامريكية، وحتى عندما يدور الحديث عن حكومة يمينية لا تتوقف عن الحديث عن الامن، التي منذ ثلاث سنوات فيها عملية تلاحق الأخرى، ولا يوجد هنا أمن أو أموال، والوحيدين الذين يتجولون بابتسام هما سموتريتش واوريت ستروك. المواطنون الستة الذين قتلوا في القدس هم في نهاية المطاف “ليسوا ضحايا السلام”، بل ضحايا الحرب الخالدة التي فرضتها علينا حكومات نتنياهو، وهم فقط المقدمة للامن الكبير الذي سيجلبه علينا البناء المخطط له في منطقة إي1.

الحكومة تعتبر هذا البناء عملية رد على نوايا الرئيس الفرنسي، عمانويل ماكرون، الإعلان عن الاعتراف بدولة فلسطينية. وهاكم مفسد للاحداث: هذا العمل الانتقامي غير موجه لفرنسا، أو لاصدقاء إسرائيل في العالم، الذين يؤيدون الاعتراف بدولة فلسطينية، أو للفلسطينيين، بل هو موجه الينا. لن يعيق البناء في معاليه ادوميم قيام الدولة الفلسطينية. ولكن في أي خطوة أخرى تتخذها الحكومة هو سيكلفنا ثمنا باهظا.

المذابح ضد فلسطينيين في الضفة الغربية وبناء 4500 وحدة سكنية في معاليه ادوميم هي جزء من خطة فرض السيادة على مناطق في الضفة الغربية، الامر الذي “سيزيد الاحتكاك بين الإسرائيليين والفلسطينيين في منطقة القدس وسيلحق الضرر بمئات آلاف الفلسطينيين في المناطق”، كما حذروا في حركة “السلام الآن”. الدولة الفلسطينية ستقوم – اذا لم يكن في الغد فبعد غد. السؤال الوحيد هو كم هي الأموال التي ستنفق وكم هي الدماء ستسفك الى حين حدوث ذلك. نتنياهو يدفع ببساطة الأموال والدماء لتاجيل امر لا مناص منه. الشخص الذي تجاهل تحذيرات من تسونامي دولي خلق بيده هذا التسونامي، وهو يامل الان اغراقنا فيه.

مثلما في النكتة عن الشاب الذي طرد من دورة طيران وذهب الى دورة مضادات الطائرات لانه “اذا لم اكن طيار فانه لن يطير أي أحد”، هكذا نتنياهو. اذا لم يتمكن من الطيران الى أوروبا فانه لن يطير أي احد الى أوروبا. هذا ليس خطأ، بل هذه هي الخطة. الإسرائيليون سيكونون اكثر فقرا وعزلة، الاكاديميون والأطباء سيهربون من هنا وإسرائيل ستتحول الى دولة فقيرة تعتمد على سخاء إدارة ترامب.

هذا بالطبع لن يصمد، هذا سينفجر ويحدث ضجة مثل كل استراتيجية من الاستراتيجيات اللامعة للعبقري الجيوسياسي الذي يجلس في مكتب رئيس الحكومة، ومن سيدفع الثمن مرة أخرى هم مواطنو إسرائيل. لان نتنياهو لن يدفع، آخرون سيدفعون عنه.

نحن نعيش في هذه الاثناء الحل اليميني للنزاع. هذا ما يطرحونه. هذا لن يتحسن، والآن هم يحاولون تقسيم الضفة من اجل تحويل هذا الكابوس الى كابوس خالد. في اليمين سيصفقون لنتنياهو على هذا العار. هم ذهبوا مع هذا الشخص نحو الهاوية، وفيما بعد لماذا لا يقفزون معه اليها. ولكن نحن، الإسرائيليون الآخرين، يجب علينا الاستيقاظ من هذا الكابوس الذي قاموا بنسجه من اجلنا.

هل تذكرون كتاب “كيف حول نتنياهو إسرائيل الى امبراطورية”؟. في حينه كان ذلك يشبه مهزلة. أما الآن فهو مأساة حقيقية.

——————————————

هآرتس 9/9/2025

لـ “سيد موت” والراقصين على الدماء: بسببكم نعيش في “الدولة الأخطر”.. والعالم ينبذنا

بقلم: أسرة التحرير

لم يعد نتنياهو “سيد أمن”، وأمس توج نهائياً كـ “سيد موت”. كيف بقي في منصب رئيس الوزراء بعد أن سجلت باسمه الكارثة الأخطر في تاريخ الدولة في 7 أكتوبر، وبعد فترة استغلها لتنمية حماس كذخر طوال 14 سنة متواصلة. ليس معقولاً أن من عرض نفسه كخبير عالمي لمكافحة الإرهاب وتكبد الهزيمة الأكبر من الإرهاب، يقود اليوم إسرائيل من عملية مضادة إلى أخرى. لم يسبق أن كان شعار “لا سلام، لا أمن” ملموساً أكثر.

ستة إسرائيليين قتلوا أمس في عملية إطلاق نار في مفترق “راموت” في القدس، وأصيب ثمانية آخرون بجروح طفيفة ومتوسطة، والعشرات أصيبوا بإصابات خفيفة. إضافة إلى ذلك، قتل أمس أربعة من مقاتلي مدرعات من اللواء 401 في منطقة جباليا شمالي القطاع. استمرار الحرب في غزة يضمن مزيداً من القتلى والجرحى. الوضع الأمني تحت نتنياهو وحكومة “اليمين بالكامل” يتدهور من هوة إلى أخرى. يواصل اليمين تمتعه بائتمان أمني وهمي يستند إلى مفهوم كاذب بادعاء أنه “قوي في الأمن”. تحت ستار الدخان هذا، تغتفر له تسيبات أمنية وكأن هذا “أهون الشرور”. وكأن اليسار سيضر إسرائيل. عملياً، كل المقاييس تظهر أن السنوات الأقسى من ناحية أمنية كانت تلك التي تولت فيها حكومات اليمين.

اليسار حذر لسنوات، وبقوة أكبر منذ 7 أكتوبر، من أن طريق نتنياهو تؤدي إلى مزيد من العنف: رفض سياسي، إضعاف السلطة الفلسطينية، استخفاف بأبو مازن، تشجيع البناء المخالف في المستوطنات، وتسليم صلاحيات مدنية في الضفة لممثل المستوطنين سموتريتش، وغض النظر عن عنف المستوطنين، وعقاب جماعي، وغيرها الكثير. إن استمرار الحرب لن يضمن إلا مزيداً من القتلى، المخطوفين والجنود. ومع ذلك، في كل مرة صدم الواقع وجوههم، يسارع نتنياهو ووزراؤه إلى توجيه إصبع اتهام لكل صوب باستثناء أنفسهم. أمس، كانت هذه محكمة العدل العليا عقب قرارها: هناك مؤشرات تشهد على أن تموين السجناء الأمنيين بالغذاء لا يستوفي متطلبات القانون. “أنتم جزء من هذه الحرب”، قال نتنياهو للكاميرات، وإلى جانبه وزير الأمن القومي – ويا لها من نكتة سيئة – بن غفير، يقف في ساحة الرقص على الدم. وهذا وزير الخارجية جدعون ساعر، اتهم المبادرة لإقامة دولة فلسطينية. وتذكيراً لنا بأنهم لا يفهمون شيئاً في الأمن، بل إنهم زعماء من النوع الأدنى، يطلبون لأنفسهم كل الصلاحيات، لكنهم يفرون من المسؤولية فرارهم من النار. المسؤولية على اليساريين وعلى المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا.

لقد جعلتنا الحكومة الأكثر فشلاً في تاريخ إسرائيل منبوذين في العالم، وإسرائيل المكان الأكثر خطراً عليهم. ينبغي العمل لإسقاطها وإنقاذ إسرائيل.

——————————————

عن موقع “معهد مسغاف” 9/9/2025

جـاء دور قـيـادات «حـمـاس» فـي الـخـارج

بقلم: مئير بن شابات

نُشرت بيانات عديدة، عقب الغارة التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي على صنعاء، والتي قُتل فيها رئيس وزراء الحوثيين و11 من وزرائه، وكان من اللافت بينها قراءة ردود الجهات الإيرانية وأتباعها، فقد دان الحرس الثوري الهجوم، واصفاً إياه بأنه “جريمة حرب ضد الإنسانية وتجسيد للإرهاب الدولي، ولانعدام الإنسانية لدى النظام الصهيوني”. 

وورد في بيان للجيش الإيراني أن “النظام الصهيوني الملعون يكشف مجدداً عن طبيعته الهمجية والإجرامية وغير الإنسانية”. 

كذلك أصدرت دائرة الإعلام في “حزب الله” بياناً جاء فيه: “إنه عدوان بربري، وجزء من قائمة الجرائم الصهيونية التي تكشف عن الطبيعة الحقيقية لهذا العدو”. أمّا محمد البخيتي، أحد أبرز قادة المكتب السياسي للحوثيين، فقد أعلن أن “إسرائيل تجاوزت جميع الخطوط الحمر في هذه المعركة”.

إلى جانب السعي الواضح والمفهوم للمساس بشرعية إسرائيل وإلصاق تهمة مجرمي الحرب بقادتها، تعكس هذه الردود أيضاً تعبيراً أصيلاً عن الصدمة التي أصابت الإيرانيين وأذرعهم جرّاء التغيير الذي طرأ على نهج إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول.

تتجاوز إسرائيل في هذه الحرب ما كانوا يعتبرونه “خطوطاً حمراً” في سياستها. ولدهشتهم وخيبتهم لا يتعلق الأمر بانحراف عابر، أو بحالات استثنائية، بل إن أسلوب “قص قمم” قيادات العدو يترسخ أمام أعينهم نهجاً ثابتاً للعمل.

تحدّي “قواعد اللعبة”

فبعد أن دُحضت الافتراضات السابقة لأعدائنا بشأن قدرة إسرائيل على خوض حرب طويلة، أو متعددة الجبهات، باتت إسرائيل تتحدى أيضاً في عملياتها ما كان “قواعد اللعبة”، في نظرهم. 

إن الانتماء إلى فئة “المستوى السياسي” لم يعد يمنح الحصانة، وكذلك المنصب، أو الرتبة، أو الاندماج وسط جمهور واسع، كذلك لم تعُد العمليات تنفَّذ بملف منخفض، أو بلا بصمة، بل إن إسرائيل تقف علناً، وتهدد، وتنفّذ، ويدها ما زالت ممدودة.

إن المواجهة مع النظام الإيراني و”حزب الله” والحوثيين بعيدة عن نهايتها، وقبل العمليات الإسرائيلية لقطع رؤوس قياداتهم، شكلت الحرب في غزة السبب الرئيس المعلن لاستمرار الصراع. 

أمّا الآن، فأضيفت إليها الرغبة في الانتقام على عمليات الاغتيال وتخفيف وطأة الإذلال العميق.

وفي أي حال، يجب ألا يثير ذلك شكوكاً في النهج الذي اختارته إسرائيل، بل بالعكس، فهذا هو الخط الذي يجب أن يميّز سياستها في الساحات الأخرى التي تواجه فيها التحديات، وفي مقدمتها قيادة “حماس” في الخارج.

هدد رئيس الأركان، إيال زامير، خلال تقييم للوضع أجراه في مطلع الأسبوع الماضي، قائلاً: “تمت تصفية قيادة حماس، في معظمها، وما زالت يدنا ممدودة. إن القادة الأحياء، في أغلبيتهم، موجودون في الخارج، وسنصل إليهم أيضاً”. 

وقال زامير هذا الكلام بعد اغتيال أبو عبيدة، الناطق باسم الجناح العسكري لحركة “حماس”، وكشف هذا الاغتيال لمن لم يلمّ بتفاصيل نشاط التنظيم عن قوة أحد أجهزة دعايته ونفوذه.

ولإدراك حجم تأثير قيادة “حماس” العاملة في الخارج، يمكن أخذ نشاط أبو عبيدة، ومضاعفته ورفعه إلى الأعلى، ومع ذلك، لن تنعكس الصورة الكاملة. 

بعد الضربة القاسية لرؤوس “حماس” في قطاع غزة، تحولت القيادة في الخارج إلى مركز القوة الأهم الذي يحمل على عاتقه حركة “حماس” بكل مكوناتها. 

تشكل نشاطات المقر الخارجي عاملاً يضاعف قوة التنظيم، وله دور حاسم في تحويله إلى طرف ذي نفوذ إقليمي، وبشكل خاص في ظل القيود المفروضة على نشاطه من قطاع غزة، أو من الضفة الغربية.

وفي حين يعمل قادة غزة بشكل سرّي، ويصعب عليهم أداء مهماتهم، ولا يُسمع صوتهم، فإن مجموعة من أصحاب المناصب في “القيادة السياسية” تؤدي دورهم في عرض سياسة الحركة، وهم مقيمون خارج المنطقة، بتركيا، أو قطر، أو لبنان، أو بدول أُخرى.

هؤلاء يحلّون محل القيادة أيضاً في الظهور على المنابر الإعلامية، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وفي المؤتمرات والمحادثات السياسية، وهم بمثابة هيئة أركان للتنظيم، وهؤلاء مسؤولون عن بلورة سياسته وشرحها، ويتحملون عبء تجنيد الدعم السياسي والموارد اللازمة لبناء قدراته ونشاطه. 

يتولى بعضهم أدواراً عملياتية، بدءاً من التنسيق بين الأقاليم لأغراض “الإرهاب”، وانتهاءً بتوجيه نشاطات محددة.

وكان صالح العاروري من بين أبرز الناشطين المعروفين، وهناك نحو ثلاثين ناشطاً مثله؛ خالد مشعل، وموسى أبو مرزوق، وباسم نعيم، وسامي أبو زهري، وعزت الرشق، وأسامة حمدان، ومحمود مرداوي، وطاهر النونو، وزاهر جبارين، هذه أسماء بعض القيادات التي يعرفها كل مَن يتابع نشاط “حماس”.

وما زال حاضراً في الذاكرة الإسرائيلية مشهد صلاة الشكر التي أقامها قادة التنظيم الذين كانوا في تركيا في السابع من تشرين الأول، كذلك برز في الإعلام الإسرائيلي ما قاله غازي حمد، أحد قادة التنظيم في غزة، بعد “المجزرة “، والذي نقل مقر إقامته إلى قطر، وصرّح بوضوح بأن “إسرائيل دولة نريد إسقاطها؛ طوفان الأقصى ليس سوى المرة الأولى، وسيكون هناك ثانية وثالثة ورابعة. لدينا الصلابة والقدرة على القتال ودفع الثمن”.

وفيما يخص مطلب إسرائيل بنزع سلاح “حماس” أوضح أن “سلاح المقاومة هو جوهر القضية الفلسطينية. نحن ملتزمون ذلك، ولن نسلّم ولو رصاصة فارغة واحدة”.

وإذا ما بحثنا عن الجهة التي يمكنها إعادة بناء التنظيم المترنح حين تتاح الفرصة، فسنجدها في هذا المقر. 

هناك ستتم إعادة التواصل مع “محور المقاومة”، ومع الدول الداعمة، ومع شبكة المنظمات الإسلامية المنتشرة عالمياً، والمرتبطة بالإخوان المسلمين، ومع المال والإعلام وبقية الموارد اللازمة لذلك.

ونظراً إلى الدور المركزي الذي تؤديه هذه القيادة، وإلى تورُّطها في الجهود لجرّ إسرائيل إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات، لا يمكن لإسرائيل أن تتركها.

من المرجح أن تجنّب استهدافها، حتى الآن، يعود إلى الحساسية السياسية، نظراً إلى صِلاتها بقطر وتركيا، ومكانتهما لدى الإدارة الأميركية، وكذلك خوفاً من فقدان قناة اتصال في المفاوضات بشأن استعادة الأسرى. غير أن هذه المخاوف لها حلول.

في كل الأحوال، إن استمرار وجود هذه القيادة سيضع علامة استفهام على جدوى الإنجاز الإسرائيلي في المواجهة مع “حماس”.

——————————————

عن “N12” 9/9/2025

عملية «عربات جدعون» كشفت احتيال نتنياهو

بقلم: إسرائيل زيف

مؤخراً، وقع رئيس هيئة الأركان في مرمى نيران متقاطعة، وزراء الحكومة يهاجمونه بسبب “تهاوُنه”، ويزعمون أنه ليس هجومياً بما يكفي في القتال، في رأيهم، وفي المقابل، تهاجمه عائلات الأسرى التي تخشى، وبحق، على مصير أحبائها، لأنه ينفّذ أمراً حكومياً يرفرف فوقه علم أسود، وأن العملية في غزة ستعرّض الأسرى المحتجزين في الأنفاق هناك للخطر.

إن رئيس هيئة الأركان، الذي كان منذ بداية ولايته، قبل ستة أشهر، يسير على حبل دقيق تحوّل بسرعة إلى شعرة، يحاول التوفيق بين سلطة الحكومة على الجيش وواجبه في التنفيذ، وبين مسؤوليته، قائداً أعلى، عن تنفيذ الخطوات بشكل مهني صحيح، وتجنُّب المخاطرة بالأسرى، والحفاظ على حياة الجنود، والعمل عسكرياً، وفق القانون الدولي.

وكلما طالت الحرب ازدادت الأمور صعوبةً وتعقيداً، والمشكلة الرئيسة هي ضعف رئيس الوزراء الواضح وهيمنة التيار المسيحاني على قرارات الحكومة، ونتيجةً لهذه الأمور، كان رفضُ الحكومة إبرام صفقة لإطلاق سراح الأسرى، ورغبتها في تعميق الحرب وفرض حُكم عسكري على قطاع غزة بالكامل، على أمل إعادة مشروع المستوطنات إلى هناك على حساب أي شيء آخر.

نتنياهو اختار الائتلاف ورئيس الأركان يدفع الثمن

رئيس هيئة الأركان، شأنه شأن كل الجنود من خلفه، متمسك بتحقيق أهداف الحرب، وعلى رأسها تحرير الأسرى، وهو يفهم الآن أن عملية “عربات جدعون” لم تفعل سوى تقريب ساعة الحقيقة السياسية وكشف الخديعة أمام الجميع.

فالعملية التي هدفت إلى تحسين النتائج العسكرية للحرب، أدّت فعلاً إلى موافقة “حماس”، في 18 آب، على الصفقة الجزئية التي اخترعها نتنياهو قبل عام ليتفادى عقد صفقة شاملة. لم يصدّق نتنياهو أن “حماس” ستوافق عليها، وبشكل خاص بعد أن أفشل بنفسه المرحلة الثانية من الصفقة الأخيرة في آذار، والآن، جاءه ردّ “حماس” صفعة على وجهه. وهو مطالَب بالاختيار بين الثمن الشخصي المترتب على استمرار الائتلاف المسيحاني، وبين الأمل الذي يحمله الجمهور منذ ما يقارب العامين، والمتمثل في عودة الأسرى وإنهاء الحرب، حسبما “وعد”. ويبدو أن خياره كان واضحاً، على الرغم من الإحراج.

نتنياهو، الذي عمل من أجل كسب الوقت، فجأةً، وجد نفسه مضطراً إلى مواجهة روايته الخاصة التي أوحت بإمكان الجمع بين الأمرين: الحرب والأسرى، لقد غمره صمت محرج وصاخب كان بمثابة اعتراف. إن رئيس الوزراء الأضعف في تاريخ إسرائيل انغلق على نفسه، وتمسّك بمصلحته الشخصية في الحفاظ على كرسيه، واختار الانجرار بلا مسؤولية، وهو مدرك ذلك، إلى غزة. اختار رئيس الوزراء تعريض الأسرى للخطر، ودفع ثمنٍ إضافي من الجنود القتلى، حتى لو بثمن كسر الإجماع الشعبي، وبثمن دولي باهظ. وهذا يدل على الوضع الصعب لرئيس الوزراء الذي يزداد انغلاقاً وانفصالاً.

رئيس الأركان بين المطرقة والسندان

إن مهمة رئيس هيئة الأركان هي تنفيذ تعليمات الحكومة في ظل غياب مجلس وزاري أمني جاد ومسؤول أعلى منه. فالتعليمات التي يتلقاها ليست سوى شعارات شفهية، من دون أي تحديد للغرض المطلوب من العملية في غزة، أو ما هي الأهداف والإنجازات بالتحديد. من الواضح أن المستوى السياسي، وبشكل خاص رئيس الوزراء، يعتبر أن التعريفات مجرد عائق، وما يهمّ فقط هو استمرار الحرب، ومنهجيته هي أنه إذا حقق رئيس هيئة الأركان نجاحات، فسيتبناها فوراً، ويذكّر بأنه هو الذي دفع باتجاهها، أمّا إذا كانت هناك إخفاقات، فهي تقع على عاتق رئيس هيئة الأركان حصرياً: ليس هجومياً بما يكفي، ويتصرف بشكل خاطئ، وهكذا دواليك. نتنياهو هو الأب الروحي لمدرسة الهروب من المسؤولية واحتكار النجاحات.

يتعين على رئيس هيئة الأركان أن يناور في هذا الحقل المليء بالألغام. يجب عليه مواصلة الحرب نحو احتلال غزة، ويجب عليه الحفاظ على معنويات المقاتلين، وكسب ثقة الأهالي وثقة عائلات الأسرى. يجب أن يعمل وفق القانون الدولي، وليس وفق تعليمات “منتدى كوهيليت” [مركز أبحاث يعمل من أجل مستقبل إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي]، وخطة عمله تحتوي على كل هذه التعقيدات، ومن الواضح أنه لا يمكن النجاح في كل شيء. بالنسبة إليه، الأولوية القصوى هي لعدم تعريض الأسرى للخطر وضمان أمن القوات، والتحدي المتمثل في احتلال غزة من بقايا “حماس” المتحصنة هناك يجب أن يتم ضمن هذه الشروط.

لن يكون الأمر نزهةً في الحديقة، إنها مهمة غابت عنها الغاية السياسية، فأصبحت هي نفسها غاية. إن رغبة نتنياهو في عملية استعراضية سريعة لن تتحقق، وسيكون إنجازه في الحد الأدنى المشترك: تقليل الأضرار الناجمة عن هذه العملية غير الضرورية.

يحلّل ديل هرسبرينغ في كتابه الذي يتناول العلاقات بين المستويات السياسية والعسكرية، الحاجة الحيوية إلى “المسؤولية المشتركة” المفروضة بين المستويَين في أثناء إدارة الأزمات والحروب. ويوضح أنه فقط عندما يكون الطرفان منخرطَين بالكامل لتحقيق الهدف نفسه، وتوجد قناعة واضحة بأنهما يتحملان مسؤولية مشتركة عن تحقيقه، يمكن الوصول إلى النصر وتحقيق إنجاز له معنى. على ما يبدو، لا نتنياهو ولا وزراء حكومته، قرؤوا الكتاب، ورمي رئيس هيئة الأركان في قلب النار بمفرده لا يدلّ فقط على جُبنهم، بل على دناءتهم وانعدام أخلاقهم، وعلى أن وقتهم قد انتهى.

إن رئيس هيئة الأركان هو المسؤول والقائد الأهم اليوم في الأزمة الداخلية العميقة التي تمرّ بها إسرائيل. من المهم الوثوق به ودعمه، فليس لدى إسرائيل شخص أقوى وأكثر مسؤوليةً منه لقيادة الوضع.

لكن الأمل هو بترامب: بعد أكثر من شهر بقليل، سيتم اختيار المرشحين لجائزة نوبل، وإذا استمرت الحرب على غزة في النزيف، فإن ترامب سيشاهد الحفل من المكتب البيضاوي، عبر التلفاز. وهو يفهم أنه وحده مَن يستطيع فرض إنهاء الحرب وإعادة الأسرى، الآن.

——————————————

هآرتس 9/9/2025

أنا أرفض الخدمة في جيش الثأر

بقلم: شكيد روغل   

في كل نقاش عسكري أعود إلى السؤال الذي سألني إياه دان، نائب قائد الفصيل، عندما كنت جنديا شابا في الخليل: “ما الذي ستفعله عندما تمسك بهم؟”. كنا نستعد للخروج لملاحقة من يرشقون الحجارة. هم كانوا أولادا صغارا أبناء 9 – 10 سنوات. دان أوقفنا. ما الذي سنفعله حقا عندما سنعتقلهم؟ نحن، رجال كبار ومسلحون، هل سنضرب هؤلاء الأولاد الصغار ضربا مبرحا؟ هل سنقوم باعتقال أولاد ونبقيهم يبكون ويعانون طوال الليل في القاعدة؟ لذلك، بقينا في السيارة العسكرية.

أنا لا أعرف ما الذي حدث لهؤلاء الأولاد بعد ذلك. أنا أعرف أن أصدقائي الذين كانوا معي بقوا جيدين.

لقد علموني أن أكون طيب القلب.

الشفقة وطيبة القلب توجد قيمة لهما. هي تبني الإنسان وتمكنه من بناء الأشخاص الذين حوله. الصفات الجيدة تجلب السعادة، والعمل النابع من الشفقة وحدها يعطي الهدوء والرضى. لهذه الأسباب فقط يجدر أن نتصرف بشفقة في كل المناسبات. لقد تعلمت أن احب الشفقة من والدي، من المدرسة التي تعلمت فيها ومن روح الجيش الإسرائيلي ووثيقة الاستقلال، وهي الوثائق الأساسية للمجتمع الإسرائيلي. هذه هي القيمة التي أقسمت بها عندما تجندت. الدفاع والحفاظ وليس التصفية والانتقام. إن استخدم بشجاعة وحكمة القوة الكبيرة الموجودة لدي كجندي فقط عندما لا يكون هناك أي خيار، بالحد الأدنى المطلوب. هذا هو شعار جندي الهندسة الحربية: “الحد الأقصى من التاثير بالحد الأدنى من القوة”.

أنا أؤمن بأن الشفقة هي سبب كاف لمعارضة احتلال غزة. معارضة المعاناة والقتل اللذين ستتسبب بهما عملية “عربات جدعون 2” وعمليات مشابهة. أنا لا أملك الحصانة أمام مشاعر الغضب والانتقام التي أثارتها مذبحة 7 تشرين الأول (أكتوبر)، ولكنني لا أريد مواصلة العيش هناك. لا أريد أن يبقى يتملكني الغضب والكراهية. أنا لا أحب الأفكار والألم اللذان يثيرهما غضبي في. وبالتاكيد عندما لا أريد أن تصبح كل إسرائيل خاضعة لتصرف تمليه هذه المشاعر لأشهر وسنوات. معنى هذا الأمر هو اجتياز خط لن يكون بالإمكان التراجع عنه.

أنا لا أريد العيش في دولة نكون جميعنا فيها، ندمن مشاعر الغضب والانتقام، ونعتبرها مقدسة.

لأن هذا في الواقع نوع الدولة التي نؤسسها على أنقاض غزة، دولة فيها أطفال جيراننا رهائن للألم الذي نستطيع التسبب لهم فيه يوم تصفية الحساب. لا يوجد في هذه الدولة شفقة، يوجد فيها فقط انتقام. الانتقام والشفقة هما قوتان متناقضتان. الانسان لا يمكنه أن يكون رحيما ومحسنا في اليوم الأول ويتسبب بالمعاناة والألم في اليوم التالي. أيضا الدولة لا يمكنها تحمل انفصام الشخصية. ليس صدفة أن الجمهور والوزراء الذين يظهرون اللامبالاة الكبرى تجاه حياة الغزيين، هم الذين يظهرون اللامبالاة الكبرى تجاه حياة المخطوفين والجنود. من أجل المطالبة براحة بموت الآلاف يجب أن تكون إنسانا قاسيا، وهؤلاء قاسيين يوجدون في الحكومة وعلى التلال في الضفة الغربية. أشخاص لا تقلقهم الدماء، الأيتام والأرامل.

في نهاية المطاف هذه هي طريق اليهود للخروج ضد أشخاص قساة. “يجب عليكم حب الغير لأنكم كنتم غرباء في أرض مصر”. مصر كانت أرضا قاسية مع أشخاص قساة. أنا لست شخصا مؤمنا، ولكنني جزء من سلسلة تمتد لألفي سنة.

يوجد أبرياء في غزة، أطفال، معلمون، أطباء، أشخاص عادييون لم يحملوا السلاح في أي يوم. يوجد أيضا أبرياء لدينا، جنود ومخطوفون. 50 من الأبرياء؟ 40؟ مقابل 10 من الصديقين وافق الله على انقاذ سدوم. هل بدلا من الإصغاء للتراث نحن نختار الذهاب في طرق محاكم التفتيش: “اقتلوهم جميعا! الله سيختار الجيدين”.

نحن نستطيع تسوية غزة، وربما حتى قتل كل أعضاء حماس. في الطريق سنقتل ونلحق البؤس بعشرات ومئات آلاف الأطفال، الجنود والناس العاديين. يوجد لذلك ثمن يتمثل في القيم الأساسية لإسرائيل، والتضحية بها تنهيها. إن الفظاعة التي ستنشأ من أنهار الدماء والفرح بالموت في قطاع غزة، ستكون فظيعة ومروعة، وسنكون جميعنا ضحايا لها.

الخدمة النظامية وخدمة الاحتياط قمت بهما في الجيش المقاتل الأكثر أخلاقية في العالم. الجيش، الذي بشكل متعمد لا يلاحق الأطفال ولا يقوم بتصفية عائلات كاملة من أجل الوصول إلى مخرب واحد ولا يقوم بقصف فرن لأنه عثر فيه على المتحدث باسم حماس. أنا خدمت في جيش الدفاع الإسرائيلي، الذي حارب على ضوء قيم الدولة. أنا أواصل كوني مخلصا لهذا الجيش وهذه الدولة، وأرفض الخدمة في جيش الثأر الذي يحاول أن يحل محل جيش الدفاع الإسرائيلي. أنا لا أعرف هل التنبؤات حول نهوض حماس أذا توقفت الحرب ستتحقق – أنا اعرف أن تآكل قيم إسرائيل اليهودية، من خلال القتل غير المميز، بدأ. يجب وقف الدمار، يجب معارضة الحرب.

——————————————

ضابط الموساد البارز يوضح: “قيادة حماس أشبه بغواصة عالقة تحت الماء”

كتب الصحفي الإسرائيلي إيتاي إليناي علي موقع إسرائيل هيوم

آيال تْسير كوهين ترأس الوفد الإسرائيلي للمفاوضات مع حماس • في أول مقابلة له على الإطلاق، يشرح كيف ستؤثر الضربة لقيادة التنظيم على سير المفاوضات، وهل ارتفعت احتمالات الخطر على حياة الأسرى • المقابلة الكاملة – نهاية الأسبوع في ملحق “إسرائيل شيشي شبات”

إذا كان هناك شخص يعرف قيادة حماس وكبار المسؤولين في قطر أكثر من أي طرف إسرائيلي آخر، فهو آيال تْسير كوهين – الرئيس السابق لقسم “العلاقات الإستخبارية الأجنبية ” في الموساد، والذي ترأس حتى قبل نحو عام الوفد الإسرائيلي في الدوحة، وقضى أيامًا طويلة في إدارة المفاوضات مع التنظيم.

تْسير كوهين، الذي ستُنشر له مقابلة مطولة وحصرية نهاية الأسبوع في ملحق “إسرائيل شيشي شبات”، علّق هذا المساء (الثلاثاء) لأول مرة على عملية تصفية قيادة حماس في قطر. وقال: “طوال فترة المفاوضات مع حماس، كان من بين القضايا المطروحة على الطاولة مسألة ما إذا كانت قيادة حماس في الخارج تُعتبر عاملًا مساعدًا في تقدم المفاوضات أم أنها تعرقلها. كنا نتساءل إن كانت هذه القيادة هي التي تدفع نحو التشدد وتحرض القيادة في الداخل على التصلب، أم أنها على العكس، تُعد طرفًا براغماتيًا. جانب آخر كان وظيفيًا: لا يهم إن كان مسؤولو حماس في قطر يتشددون أم لا، ففي النهاية يجب إدارة حوار مع الأنفاق في غزة، ولهذا نحتاج إلى جهة تعرف كيف تتواصل مع القيادة الداخلية عبر وسائل مشفرة، وتكون محل ثقة لدى القطاع”.

وفي مرحلة معينة، يقول تْسير كوهين، “اتضح أن القيادة في الخارج لم تعد تخدم مسار المفاوضات. علاوة على ذلك، فإن تصفية القيادة الخارجية تقطع الصلة مع القيادة الداخلية وتضعها تحت ضغط شديد. هم في وضع لم يعد فيه من يمثل مصالحهم. يشبهون غواصة عالقة تحت الماء وقد تعطّل منظارها”.

هل لا يُخشى أن ترد حماس في غزة على عملية الدوحة بإعدام بعض الأسرى؟

“قتل الأسرى كان يمكن أن يحدث ردًا على تصفية هنية أو الضيف أو السنوار. لم ألحظ حتى الآن أن حماس تتصرف بدافع الانتقام، بل بدافع البقاء”.

ويضيف أن وساطة المفاوضات ستنتقل الآن إلى مصر. “في غزة، سيتم نقل الرسائل عبر مبعوثين من خلال الاستخبارات المصرية”، يقول. “من المرجح أن يتولى غازي حمد أو أسامة حمدان (وهما من كبار مسؤولي حماس المقيمين في القاهرة) زمام الأمور من طرف حماس. موقع مصر التفاوضي ازداد قوة، لأنهم كانوا يعلمون في السابق أن إسرائيل يمكن أن تعمل بالتوازي مع قطر. ومن المحتمل جدًا أن يمارس المصريون ضغطًا علينا لعدم دفع السكان في غزة جنوبًا، لأن هذا أمر يقلقهم كثيرًا”.

في مارس 2024، بعث تْسير كوهين بوثيقة إلى رئيسه دادي برنيا، وقد وصلت الورقة أيضًا إلى مكاتب رئيس الشاباك آنذاك رونين بار، ورئيس هيئة الأسرى في الجيش الإسرائيلي، اللواء نيتسان ألون. ومن المحتمل أن مضمونها وصل إلى مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تْسير كوهين، الذي كان آنذاك رئيس قسم “العلاقات الإستخبارية الأجنبية ” في الموساد، ترأس في تلك الأيام الوفد الإسرائيلي للمفاوضات مع حماس. وخلال نصف عام منذ اندلاع الحرب، تنقّل بين الدوحة وتل أبيب، ونجح في التوصل إلى صفقة الأسرى الأولى، وشعر جيدًا بنبض التنظيم الإرهابي الدموي الذي يفاوضه.

في تلك الوثيقة، صاغ كوهين ما يمكن تسميته “عقيدة نافذة الانهيار”. ويقول في أول مقابلة إعلامية له: “كتبت ما يجب أن يحدث لاستخلاص العِبَر وتحسين مستوى الضغط على حماس. كان هناك أمر واضح تمامًا، وهو أن حرمان حماس من المساعدات الإنسانية يُعد عنصرًا حاسمًا في إضعاف قدراتها القتالية وروحها القتالية. يجب أن تمر عدة أشهر قبل أن تبدأ مخازن حماس بالنفاد. هذا ما أسميته ‘نافذة الانهيار’. وحين تدخل هذه النافذة، يُفتح المجال لمفاوضات حقيقية”.

“ كان هناك توق لصفقة جيدة”

لكن العبر التي استخلصها تْسير كوهين لم تُطبّق بالكامل. ففي الأشهر التي تلت كتابة الوثيقة، زادت المساعدات الإنسانية إلى القطاع، جزئيًا بسبب ضغوط أمريكية. ولم تحدث الانفراجة إلا بعد عام كامل، إثر دخول ترامب إلى البيت الأبيض، ما أدى إلى صفقة الأسرى في فبراير 2025. يقول تْسير كوهين: “عام 2024 كان فعليًا عامًا ضائعًا في محاولة التوصل إلى صفقة أسرى معقولة”.

* في تلك الفترة، ظهرت مزاعم بأن إسرائيل تُماطل في المفاوضات مع حماس.

“من خلال متابعتي الدقيقة للمهمة التي كُلف بها الوفد ومجالات المرونة التي منحنا إياها الكابينت، شعرت أن المستوى السياسي كان يتوق لصفقة ‘جيدة’. الصفقات التي طُرحت أمام المستوى السياسي حتى الربع الثالث من عام 2024 لم تكن صفقات جيدة”.

في الأشهر الأولى من الحرب، كان تْسير كوهين هو المحور الذي دارت حوله الجهود الإسرائيلية لتحرير الأسرى عبر المفاوضات. يقول: 

“عندما تهبط في الدوحة، تنتظرك قافلة من السيارات المصفحة تأخذك من سلم الطائرة مباشرة إلى الفندق. القطريون كانوا يؤجرون لنا جناحًا كاملًا في أحد الفنادق – وفي كل مرة فندق مختلف – لتجنب لفت الأنظار إلى مكان معين”.

الحديث في لوبي الفندق

مع من كانت تُجرى المحادثات فعليًا؟

“كنتَ تتحدث باستمرار مع الوسطاء – قطر ومصر. نحن الإسرائيليون كنا نجلس في أحد طرفي طاولة طويلة، بينما يجلس المصريون والقطريون في الطرف الآخر. ومن جانبهم، يشارك ضباط مخابرات، مستشار قانوني، مترجم، ممثلون عن وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات – مجموعة كبيرة من الأشخاص”.

وعن ماذا تتحدثون؟

“نأخذ قضايا التفاوض ونقسمها إلى فصول. 

مثلًا، نقول: ‘اليوم نناقش الفصل المتعلق بالمساعدات الإنسانية’. فنبدأ بتحديد عدد الشاحنات التي ستدخل، والمعدات التي ستحملها، وعدد الخيام التي ستدخل، وهكذا. ثم ننتقل إلى مسألة تموضع الجيش – أين ستتم الانسحابات، وأين ستتواجد القوات. وهناك بالطبع فصل يتعلق بالأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم، وهكذا دواليك”.

بعد انتهاء المفاوضات، كان الوسطاء يغادرون الفندق للقاء مسؤولي حماس، الذين لديهم تمثيل دائم في قطر.

 ويذكر تْسير كوهين أنه أحيانًا، بعد يوم شاق من الاجتماعات، كان يرتّب لقاءات غير رسمية مع كبار ممثلي الوسطاء. “كنا نلتقي قرب البار في الفندق، أو في لوبي الفندق”، ويروي مشهدًا يبدو وكأنه مقتبس من فيلم تجسس

—————–انتهت النشرة—————–

Share This Article