الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

إسرائيل اليوم 19/9/2025

إسرائيل أصبحت قوة عظمى إقليمية في الطاقة

بقلم: نيتان كوهن

في الشهر الماضي مر عقد على منحى الغاز الذي كان وسيبقى احد المواضيع الأكثر عصفا في الجمهور الإسرائيلي.

لقد كان منحى الغاز مبادرة حكومية لوضع سياسة موحدة بعد العثور على الغاز الطبيعي والبدء بانتاجه من حقل تمار. وتعلقت العاصفة الجماهيرية ببضعة مباديء مثل هل يجب على الاطلاق انتاج الغاز الطبيعي، واذا كان نعم فكم، هل وكيف نشجع مزيدا من تنقيبات الغاز، كم ضريبة ستدفع الشركات وكيف نخلق منافسة بين الحقول المختلفة، بين كل هذا توجد أيضا عوامل جودة البيئة فيما أن النشطاء خافوا من إقامة طوافات غاز تكون قريبة جدا من شواطيء إسرائيل، وهكذا دواليك.

في نهاية الامر وبعد صراع جماهيري من اكبر الصراعات التي شهدتها إسرائيل حتى حرب 7 أكتوبر، تقررت سلسلة من المباديء التي لا تزال توجد في نوع من الاحتجاج الجماهيري. بعد عشر سنوات من منحى الغاز بات ممكنا استخراج نوع من الاستنتاجات عن المنحى ومساهمته بالاقتصاد الإسرائيلي.

صحيح حتى اليوم توجد بضعة حقول نشطة في إسرائيل يتنافس الواحد مع الاخر: حقل تمار وحقل لافيتان الكبيرين، وحقل كريش وتنين الأصغر. لقد أصبحت إسرائيل قوة عظمى في الغاز وهكذا نجحت في الإبقاء على أسعار منخفضة رغم أن اسعار الكهرباء في كل العالم آخذة في الارتفاع. إسرائيل تصدر الغاز الذي يشكل نوعا من عامل التبريد في منظومات العلاقات الجغرافية – السياسية.

مداخيل الدولة من ضرائب الغاز تصل منذ الان الى مستوى 500 مليون شيكل كل شهر نقدا، مبلغ لا بأس به سيصل بعد سنوات غير كثيرة وفي سيناريوهات مختلفة الى ملياري شيكل كل شهر.

الاقتصادات المنزلية تأثرت

من معطيات وزارة الطاقة واتحاد الغاز الطبيعي ومن بحث شركة الاستشارات BDO، يتبين أن كل اقتصاد منزلي في إسرائيل وفر في العقد الأخير الف شيكل كل شهر في حساب الكهرباء لديه. المعنى هو انه لولا استخدام الغاز الطبيعي وبالاسعار التي تقررت في حينه فانه كانت حاجة لاستخدام وسائل انتاج أخرى ترتفع أسعارها، لدرجة أن باتت أسعار الكهرباء في إسرائيل اقل بالمتوسط بـ 50 في المئة من أسعار الكهرباء في أوروبا. التوفير العام للاقتصاد الإسرائيلي منذ منحى الغاز يصل الى مستوى دراماتيكي من 425 مليار شيكل. احد المواضيع موضع الخلاف كان تصدير الغاز. لانه كانت توجد جدالات حول كيف نقيس ارصدة الغاز الطبيعي، إذ ان إسرائيل تحفظ لنفسها غازا طبيعيا (بشكل رسمي) لعشرين سنة، لكن بشكل غير رسمي ومع تناول المعرفة التي تراكمت في شركات الغاز في العقد الأخير ودون الاخذ بالحسبان مكتشفات حقول غاز أخرى، فيوجد ما يكفي من الغاز الطبيعي في إسرائيل حتى لاكثر من 30 سنة. لكن هذا المعطى موضع خلاف بالنسبة للمعطى الذي يتحدث عن أرصدة غاز لعشرين سنة.

ينبغي التشديد على أن حساب ارصدة الغاز الطبيعي تحدد بموجبه شركات التصنيف الائتماني مستوى الاقتصاد الإسرائيلي. كما أن الشركات نفسها تجند مالا في الأسواق المالية حين تفحص البنوك والمستثمرون الماليون هذه الحسابات للتأكد من مردودات استثمارها.

في بداية العقد التالي من المتوقع لمداخيل الدولة من الغاز حاليا (500 مليون شيكل في الشهر) ان تصل في 2027 الى مليار شيكل فأكثر وفي بداية العقد القادم الى مليار ونصف في الشهر وذلك دون أن نأخذ بالحسبان الاتفاق الجديد للافيتان مع حكومة مصر الذي يمكنه أن يزيد المبلغ الشهر الذي يتدفق الى صندوق الدولة ليصل حتى الى 2.5 مليار شيكل.

 أمن طاقة

يقول وزير الطاقة والبنى التحتية ايلي كوهن ان “الغاز الطبيعي هو ذخر استراتيجي يعزز مكانتنا الاقتصادية والسياسية في العالم بعامة وفي الشرق الأوسط بخاصة. مساهمة الغاز الطبيعي للاقتصاد الإسرائيلي وللمكانة الجغرافية السياسية من الصعب تلخيصها بالأرقام فقط. منذ بدء الإنتاج يتمتع مواطنو إسرائيل بأسعار طاقة مستقرة وتنافسية وبالاساس بامن الطاقة”.

——————————————

هآرتس 19/9/2025

كيف رد الدبلوماسي الغربي على “مبررات” نتنياهو وأكاذيبه لمنع الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

بقلم:  يوسي فارتر 

الامر السخيف في الحملة المكثفة لرجال نتنياهو من اجل اصلاح الضرر الكبير في خطاب “اسبرطة العظمى” الذي قام بالقائه، هو محاولة لتاطير أقواله كزلة لسان. هذا بحد ذاته تجديد للقواعد. في القاموس زلة اللسان تعتبر “قول انطلق من الفم بدون قصد”، (مثل الحالة التي سمى فيها ابنه الصغير افنر بـ “ابراهام”). هذا ليس ما حدث هنا.

نتنياهو قرأ خطابه من ورقة. من المعروف ان هذا الشخص يحرص جدا على خطاباته، يقوم بمراجعتها عدة مرات، يشطب ويضيف، وبالتاكيد خطاب اقتصادي سيتم القاءه في منتدى اقتصادي هام.

الفقرة التي يدور الحديث عنها كانت بليغة ومبررة، وللأسف واقعية. فاعتبارها “زلة لسان” يشبه الشخص الذي يشتري بندقية وذخيرة مناسبة لها من اجل تنفيذ عملية اغتيال. هو يتدرب على اطلاق النار، تنظيف السلاح، والتموضع على سطح بيت وهو يصوب لفترة طويلة نحو الهدف ويضغط على الزناد، وفي التحقيق يقول ان الرصاصة انطلقت بالخطأ اثناء قيامه بصيد العصافير.

لكن بالنسبة للشخص الذي تعود على الكذب والنفي، ما هي الفائدة من محاولة أخرى لاخفاء الحقيقة، مهما ظهرت هذه الحقيقة فارغة ومثيرة للشفقة. لذلك المرء لا يمكنه الا التساؤل عن الحالة النفسية لرئيس الوزراء عند كتابة الخطاب. هل كان متزنا؟ كئيبا؟ مكتئبا؟ انهزاميا؟. البروفيسور حجاي لفين، رئيس جمعية أطباء الصحة العامة (الذي هو ليس طبيب نفسي)، يعتقد انه يجب على نتنياهو عرض نفسه على اخصائي كي يفحص مستوى لياقته العقلية لأداء دوره. ظاهريا هذه التوصية ليست بلا أساس. كان يمكن استخلاص ذلك بالتحديد من اليوم التالي للمؤتمر الصحفي المتسرع الذي عقد من اجل اصلاح “سوء الفهم”، كما قال نتنياهو؛ سوء الفهم هو من مسؤولية المستمع، ومرة أخرى جميعنا المسؤولين باستثنائه هو.

اذا كان سلوكه في الخطاب الأصلي يوحي بالاكتئاب فقد شاهدنا في اليوم التالي مرحلة الهوس. “توجد لي ثقة كاملة باقتصاد إسرائيل”، صرح في المؤتمر الصحفي. (المشكلة هي أن الاقتصاد لم يعد يوثق به). “الاقتصاد قوي جدا وهو يدهش كل العالم. الأسواق تدرك فائدة الاستثمار في إسرائيل”. فائدة؟ في دولة على شفا العزلة الدولية؟ الأداء المزري والمثير للشفقة  لم يخفف الضرر الذي لحق بالأسواق ولو بمايكروغرام، والأكثر أهمية من ذلك هو انه لم يخفف الصدمة الجماعية التي اصابت إسرائيل العاقلة والمنتجة والتي تئن تحت عوائق حكومة هذا الشخص الخبيثة.

خلال ذلك هو فتح جبهة زائدة مع الصين، التي اتهمها بفرض “الحصار” على إسرائيل مع قطر، بعد بضعة أيام على إعطاء الامر للهجوم المجنون والفاشل في الدوحة، الذي وحد كل العالم العربي ضد إسرائيل. ومثل مشعل الحرائق، الظلامي والمريض، يقفز بين الساحات وهو يحمل وعاء وقود، يصب ويشعل، يشعل ويصب، ولا يعرف الشبع.

اثناء لقاء في مكتبه تصرف بفظاظة مع المراسل الممتاز في قناة “كان” ميخائيل شيمش، وقدم درع واقي للمشتبه فيها التي رفضت التحقيق معها، ماي غولان، وقام بتشويه سمعة رئيس الأركان ايال زمير الذي اتهمه بـ “التردد” بسبب موقفه من عملية “عربات جدعون 2” لاحتلال غزة.

كل “الداعمين” الذين خرجوا في ذلك المساء، تطرقوا فقط الى الموضوعين الأخيرين. ولكن موضوع الاقتصاد وموضوع سوء الفهم تم تجاهلهما وكأنهما صوت بجع. شهادة التاهيل التي أعطاها لغولان إضافة الى هجومه على المستشارة القانونية للحكومة والمدعي العام، اللذان تجرءا على إعطاء امر بالتحقيق مع مشبوهين في الحكومة وفي الائتلاف، أوضحت الى أي درجة هو نتنياهو “نقطة الصفر” البشرية للفساد والانحلال في إسرائيل. ورم عام عنيف ينتشر بسرعة.

لولا المعايير العصابية التي تركها هنا بحزم خلال سنوات التحقيق معه ومحاكمته، فان شخصية تافهة مثل غولان لم تكن لتتجرأ على التهرب من التحقيق معها، ومقارنة غالي بهراف ميارا مع المومسات والمدمنات، اللواتي تربت معهن في شبابها.

أمس بعد ان اخفتها في شقتها التي تتمتع بالحصانة لعدم دخول الشرطة، أرسلت والدتها ريمونا الى قسم التحقيق 433 بعد ان تم اعدادها جيدا فقط من اجل ان تظهر بعد فترة قصيرة في مركز الشرطة وتجر والدتها الى الخارج، وهي تصرخ على رجال الشرطة المندهشين. كل مستشاريها الذين تم اعتقالهم سيكونون شهود نيابة ضدها، احدهم سيكون شاهد ملكي.

اذا تمت ادانتها وحكم عليها ببعض المخالفات المنسوبة اليها فهي يمكن ان تصل الى سجن نفيه ترتسا، وربما الالتقاء مع بعض معارفها السابقين، على فرض انه سيتم رفع حصانتها في لجنة الكنيست، وهو الامر غير المؤكد. الائتلاف توجد فيه اغلبية. واذا كان هناك شيء تتقنه هذه العصابة فهو حماية الأعضاء فيه، ولا احد يعرف متى سيحتاجون هم انفسهم الى هذه الحماية.

فشل فظيع

ما هذه الروح العالية والنشوة التي شاهدناها في هذا الأسبوع لدى الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير. الأول يتحدث بعيون لامعة عن “طفرة العقارات” في القطاع وعن المفاوضات التي يجريها مع الأمريكيين حول “توزيع نسبة” الأراضي الموروثة. والثاني يصرخ بغضب في لقاء للشرطة ويعد بإقامة حي لرجال الشرطة في القطاع يطل على البحر، “بنايات شاهقة مع كل الأدوات”. في الوقت الذي فيه الجنود يقتلون ويصابون في القطاع، ويتم تعذيب المخطوفين تحت الأرض واستخدامهم كدروع بشرية فوقها، فان هذين المشاغبين يحتفلان بالاوهام المسيحانية.

الاثنان هما أيضا السبب الرئيسي للعملية الحالية، الغبية والدموية، في القطاع. وان كانت المسؤولية الحصرية هي للرأس. عربات جدعون 2 ستصبح فصل مظلم بشكل خاص في تاريخ هذه الحرب الفظيعة. مرة أخرى دخول جنود الجيش الإسرائيلي بدون هدف محدد الى منطقة حضرية خطيرة، التي تشبه محاولة تطهيرها كليا محاولة اخراج  المياه بدلو من قارب مثقوب. مرة أخرى مئات آلاف الفلسطينيين المعدمين، الذين يعانون من الجوع ويهربون من القصف نحو الجنوب، ومئات القتلى المدنيين الذين يضافون الى العدد المعروض في كل العالم، الذي يعتبر إسرائيل دولة وحشية ومنفصلة وتقاد على يد يمين متطرف وبربري، ورئيس حكومة منفلت العقال فقد عقله.

في الأسبوع القادم سيضاف الى لقب “السيد تخلي”، الذي تم الصاقه (بحق) بنتنياهو، لقب “السيد فلسطين”. دول غربية كثيرة ودول ديمقراطية كبيرة التي بدأت إسرائيل تبتعد عنها، يتوقع ان تعلن عن اعترافها بالدولة الفلسطينية، بشروط معينة أو بدون شروط. الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك ستكون تاريخية بكل معنى الكلمة.

بعد انتهاءها في يوم الجمعة القادم سيصعد الى المنصة مؤسس فلسطين، رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، في مشهد معروف مسبقا، للعب دور الضحية، وسيوجه الاتهامات العنيفة مع سلسلة من الشعارات المعروفة: “كارثة يهود أوروبا”، “مذبحة 7 أكتوبر”، “هدية لحماس” و”نفي الصهيونية”. لغته الإنجليزية ستكون رائعة، الالاعيب المعروفة والغضب المقدس ستملأ فضاء القاعة، لكن رائحة الفشل ستتغلب على كل شيء. لماذا الآن؟ سالت في هذا الأسبوع دبلوماسي غربي كبير مطلع على الأمور. “النقاش حول التوقيت هو مشروع”، اعترف. “لكن يوجد لنا رد، لان فكرة الدولتين هي الآن في خطر غير مسبوق. واقع البناء منفلت العقال في المستوطنات، البناء في منطقة إي1، سرقة الأراضي الفلسطينية، وضع اليد على مناطق وطرد السكان من قراهم ومن أراضيهم، إضافة الى عنف المستوطنين المتزايد – كل ذلك هو تهديد كبير لحل الدولتين”.

نتنياهو يتهمكم باعطاء هدية لحماس، لا سيما بعد 7 أكتوبر، قلت له. “هذه وبحق ليست هدية لحماس”، قال. “بالعكس، حماس تطمح الى دولة واحدة إسلامية على حساب إسرائيل. نحن نشرنا في نهاية تموز بيان مشترك مع كل الدول الأوروبية تقريبا، ودول أخرى مثل كندا وأستراليا، تركيا، الجامعة العربية، ودول إسلامية مثل اندونيسيا، الذي طالب بانهاء الحرب وطرد حماس من القطاع ونزع سلاحها وتحرير جميع المخطوفين. وهي وافقت على التوقيع بشرط أن تعترف بريطانيا وفرنسا بالدولة الفلسطينية. هذه يمكن ان تكون فرصة جيدة لإسرائيل من اجل فتح صفحة جديدة.

الادعاء في إسرائيل، الذي ينشره رئيس الحكومة ووزير الخارجية ساعر، هو ان رؤساء أوروبا خضعوا لضغط المهاجرين المسلمين الذين يزداد عددهم في بلادهم، قلت. “هذا ادعاء يوازي ما قيل في حينه وهو ان اليهود يسيطرون على اقتصاد العالم. المهاجرون المسلمون اندمجوا في الدول التي استوعبتهم، واصبحوا جزء من السياسة، الاقتصاد والثقافة”، قال الدبلوماسي الغربي.

نتنياهو يهدد العالم بان “خطوة أحادية الجانب من قبلكم ستواجه بخطوة أحادية الجانب من قبل إسرائيل.و هو يلمح بوضوح الى ضم مناطق في الضفة الغربية. كيف ستردون، وهل ستردون؟” سألت. “بالتأكيد”، قال وأضاف. “الجواب سيكون قاس جدا. عقوبات أخرى ستفرض، في مجال التجارة والاقتصاد بالأساس. هذا سيكون اخطر بكثير مما يحدث الآن. يجب أن لا يخطيء أي أحد في إسرائيل ويفكر بأننا سنعترف نحن بالدولة الفلسطينية وأنتم ستقومون بضم مناطق، وهكذا ينتهي الامر. كل ضم – بالنسبة لنا لا يوجد ضم رمزي – سيستدعي تدهور خطير في العلاقات مع إسرائيل”.

ما الذي سيحدث اذا؟ تساءلت بيأس. “الأسابيع القادمة ستكون مهمة جدا”، رد بشكل دبلوماسي.

——————————————

هآرتس 19/9/2025 

بتجنيدها “ميليشيات مساعدة”.. هكذا ستقع إسرائيل في “واقع أخطر” مما وقعت فيه أمريكا بأفغانستان والعراق

بقلم: تسفي برئيل 

ان تفعيل مليشيات محلية في غزة لخدمة الجيش الإسرائيلي واعدادها كـ “قوة مساعدة” مقاتلة، وتزويدها بسلاح ورخصة للقتل مقابل المال، والسيطرة على منطقة جغرافية، كل ذلك يعرض للخطر جنود الجيش الإسرائيلي ويجعل إسرائيل تصطدم، ليس فقط مع سكان القطاع، بل أيضا مع المجتمع الدولي. ومثلما كشف في “هآرتس” ينيف كوفوفيتش، فان هذه المليشيات لا تعمل فقط في تمشيط الانفاق والمباني المشبوهة، بل تعمل أيضا في “نشاطات عسكرية جوهرية”. بعض الضباط الذين تحدثنا معهم حذروا من ان السيطرة على هذه القوات المحلية هي محدودة، لانها لا تخضع حقا لتعليمات الجيش الإسرائيلي، وحتى أنها يمكن أن تنفذ مذبحة ويتم تحميل ضباط الجيش الإسرائيلي المسؤولية عنها. هذه التجربة ليست جديدة، ونتائجها معروفة مسبقا. في لبنان شكل الجيش الإسرائيلي “جيش لبنان الجنوبي”، والى جانبه استخدم قوات محلية لم تكن تخضع لاطار منظم. في الضفة الغربية  أيضا كانت في بداية الثمانينيات محاولة فاشلة لاقامة “روابط القرى”، التي رسميا لم تعمل كمليشيا عسكرية، بل كجسم مدني هدفه اضعاف م.ت.ف وتطوير بديل سياسي يعمل على إقامة حكم ذاتي. ولكن رجال الروابط الذين تم تزويدهم بالسلاح من اجل الدفاع عن انفسهم، قاموا باستخدامه في كثير من الحالات لفرض الرعب و”اقناع” الخصوم بالانضمام الى منظماتهم.

لا يوجد لإسرائيل حق براءة هذا الاختراع، ومثلها كل من انشأ وجند واستخدم مليشيات، افترض انه يستطيع السيطرة على أفعال جنود المليشيات، واملاء عليهم أوامر فتح النار واعمال النهب والسلب والقتل، أو تحويلهم الى قوة سياسية تدير المنطقة المحتلة أو تساعد في فرض الاحتلال. هذه الافتراضات تحطمت في معظم الحالات على صخرة الواقع، الذي في نهاية المطاف قامت باملائه المليشيات المحلية نفسها. الدولة التي راكمت ربما التجربة الأكبر والأكثر مرارة في استخدام المليشيات هي الولايات المتحدة. في تموز 2017 غرد الرئيس ترامب وقال: “أنا ساوقف الدفعات الخطيرة والمبذرة التي أرسلت للمتمردين في سوريا الذين يحاربون ضد الأسد”. هذه كانت تغريدة غير دقيقة. ترامب لم يقم بإلغاء كل خطط المساعدة للمتمردين، بل فقط خطط الـ سي.آي.ايه. القوات التي شغلها البنتاغون، بالأساس قوات المتمردين الاكراد في شمال سوريا، واصلت وتواصل الحصول على التمويل. هذا كان قرار صعب ولكنه منطقي.

لقد تبين للإدارة الامريكية بانه ليس فقط ان العملية كلفت مبالغ باهظة، مليار دولار تقريبا في اربع سنوات، التي تم فيها استخدام هذه المليشيات، حتى بعد برنامج التدريب الكثيف وكمية السلاح التي حصلت عليها، كانت النتائج على الأرض قليلة. والأكثر خطورة من ذلك هو أن هذه المليشيات “الامريكية” التي حصلت على رعاية البنتاغون والتي حصلت على رعاية ودعم الـ سي.آي.ايه، حاربت بعضها البعض. مثلا، في شهر شباط 2016 طردت المليشيات الكردية “قوات سوريا الديمقراطية”، التي شكلها البنتاغون، مقاتلي مليشيا “فرسان الحق” من مدينة مارع، الموجودة على بعد 20 كم شمال حلب، التي كانت تعمل برعاية الـ سي.آي.ايه. هذه المواجهة، التي لم تكن الوحيدة بين المليشيات “الامريكية”، ربما كان يمكن تحملها، ولكن تبين أن السلاح الكثير، وضمن ذلك صواريخ مضادة للدروع، الذي نقلته الـ سي.آي.ايه للمتمردين التابعين لها، شقت الطريق لقوات “جبهة النصرة” التي كانت ما تزال فرع للقاعدة.

“جبهة النصرة” هي تنظيم كان يترأسه أبو محمد الجولاني، الذي انفصل عن القاعدة في 2016 وقام بانشاء “هيئة تحرير الشام”، التي اسقطت نظام الأسد في كانون الأول السنة الماضية. منذ ذلك الحين تخلى الجولاني عن اسمه السري وعاد الى اسمه الحقيقي احمد الشرع، والآن هو رئيس سوريا ويحصل على رعاية الرئيس ترامب، تركيا والسعودية. تركيا هي في الحقيقة “الرابح الأكبر” من نجاح الشرع، الذي حظي خلال سنوات على المساعدة المالية، الاستخبارية والعسكرية، من تركيا، التي خلقت “الواجب الوطني” واعتماد الشرع على انقرة.

لكن سوريا حتى الآن لم تتحرر بشكل كامل من سلطة المليشيات، والتحدي الكبير للشرع كان وما زال دمج المليشيات في جيش وطني واحد، وهي المهمة التي ما تزال بعيدة جدا عن التحقق. ليس فقط ان المليشيات الدرزية والكردية هي التي تقوض الآن طموحه لتاسيس دولة سوريا الموحدة، بل عشرات المليشيات والعصابات المستقلة ما زالت تعمل في الدولة وتسيطر على أجزاء فيها.

من المفارقة ان البنتاغون والـ سي.آي.ايه والإدارة الامريكية بشكل عام، كان ينبغي لها ان تكون تعلمت الدرس من استخدام المليشيات المحلية. حتى في الحرب بين الاتحاد السوفييتي سابقا وأفغانستان في الأعوام 1979 – 1989 شغلت وكالة المخابرات المركزية قوات مجاهدين محليين اثبتت نجاعتها ونجحت في دفع قوات السوفييت للانسحاب من البلاد. ولكن مثلما في سوريا، واجه المشغلون الامريكيون في أفغانستان صعوبة في السيطرة على القوات المحلية، وضع قواعد السلوك واوامر اطلاق النار ومنع فقدان المعدات والسلاح. عند انتهاء الحرب ضد الاتحاد السوفييتي اندلعت حرب أهلية دموية في البلاد بين القبائل والمليشيات، وهرب ملايين الأشخاص الى باكستان وايران ودول أخرى. في نهاية الصراع ظهرت حركة تمرد باسم “طالبان”، التي تم تصنيفها لاحقا بانها منظمة إرهابية، واحتضنت أسامة بن لادن، مؤسس القاعدة.

ان استخدام المليشيات المحلية من قبل قوة محتلة فيه اغراء غير قليل، الذي يكمن أساسه في توفير حياة الناس من أوساط مقاتلي القوة المحتلة. ولكن مثلما تعلمت القوات الامريكية في العراق وفي أفغانستان فان المليشيات يمكن ان تغير تصويب سلاحها وتطلق النار على من دربها ومولها أو حتى من أعدها لتكون قوة حاكمة بديلة.

في غزة القصة لا تقل تركيبا وتعقيدا. بالذات من فهم الخطر من وجود مليشيات هي حماس، التي بعد فترة قصيرة من سيطرتها في القطاع في 2007، قامت بشن حملة لتفكيك هذه المليشيات العشائرية والعائلية. هذه العائلات التي امتلكت السلاح اقامت حواجز على الطرق وحددت “مناطق امنية” عائلية (مربعات)، التي هددت السيطرة الحصرية لحماس بدرجة لا تقل عن قوات حركة فتح، التي نجحت في اجتثاثها بوحشية خلال فترة قصيرة.

هذه العائلات راكمت أساس قوتها اثناء حكم ياسر عرفات، الذي عند عودته الى القطاع والى الضفة بعد التوقيع على اتفاق أوسلو ادرك بان عليه تجنيد ثقة رؤساء العائلات الكبيرة، مثل عائلة حلس، الاسطل، المصري ودغمش، وقيادة القبائل البدوية، من اجل مواجهة معارضة الجيل الشاب. اخلاص هذه العائلات، التي كانت لها مصالح تجارية كبيرة وراكمت الأموال والنفوذ الاقتصادي حتى قبل عودة عرفات، جنده بواسطة مناصب رفيعة في مؤسسات م.ت.ف وفي الوزارات الحكومية وفي البلديات، وأيضا إعطاء ميزانيات سخية. هذه الترتيبات بدأت تتفكك في الانتفاضة الثانية عندما وجدت قيادات العائلات الكبيرة صعوبة في السيطرة على نشاطات المقاومة المسلحة للشباب، الذين فرضت عليهم الولاء لفتح ومنعتهم من الانضمام لحماس وغيرها من التنظيمات التي أصبحت مركز جذب وتجنيد، وحل محل الولاء العائلي.

يصعب الآن تقدير مدى نفوذ وقوة العائلات الكبيرة والقبائل البدوية. ففي بيانات رسمية نشرها اتحاد العشائر والعائلات على صفحات الفيس بوك، هذا الاتحاد يعارض التعاون مع إسرائيل ومع الجيش الإسرائيلي، ويرى معظمهم ان السلطة الفلسطينية وم.ت.ف هي الممثلة الوحيدة لهم، وقد تبرأ بعضهم علنا من المليشيات التي أقامها الجيش الإسرائيلي بقيادة قادة العصابات، من بينهم ياسر أبو شباب ورامي حلس، الذين يعملون كمرتزقة.

في نفس الوقت الجهود التي بذلها الجيش الإسرائيلي والشباك ورئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، الذي في 2024 حاول إقامة مليشيات من أبناء العائلات الكبيرة، لم تثمر حتى الآن. يمكن التقدير انه إزاء انهيار البنية الاجتماعية في القطاع وتدمير عائلات كاملة، والتهجير الجماعي من أماكن السكن الثابتة التي خلقت أيضا “مربعات عائلية” ومراكز قوة سياسية محلية، فقد انهارت أيضا قواعد نفوذ رؤساء هذه العائلات والقبائل. إضافة الى فقدان القدرة على مساعدة أبناء عائلاتهم هم فقدوا قوتهم السياسية.

الاستنتاج هو ان إسرائيل تجد نفسها في غزة في واقع أسوأ واخطر بكثير من الواقع الذي عملت فيه القوات الامريكية في العراق وأفغانستان. ففي هاتين الدولتين تم تشكيل حكومة مدنية محلية بالتعاون مع الاحتلال. وحتى لو أنها لم تكتسب الشرعية المحلية واعتبرت متعاونة مع المحتل واحتاجت الى عشرات مليارات الدولارات بتمويل أمريكي، الا انها على الأقل اعفت القوات الامريكية من الحاجة الى إدارة الدولة بشكل مباشر.

في غزة ليس فقط انه لا يوجد حكم محلي على أي مستوى، سواء على مستوى المحافظة أو على مستوى المدينة أو القرية، الجيش الإسرائيلي نفسه هو الذي يستعد لادارة القطاع مباشرة، في الوقت الذي فيه في هذه الاثناء لا توجد أي خطة واقعية لترسيخ أجهزة إدارة وحكم بديلة. هنا من شأنه أن يتطور المنحدر الزلق الذي تتحول فيه المليشيات المحلية التي جندها الجيش الإسرائيلي الى نوع من “الإدارة المدنية” لقطاع غزة، لمن مقاتليها المسلحين سيكونون المسؤولين ليس فقط عن مرافقة قوافل الغذاء وتوزيعه، بل أيضا عن تنفيذ نشاطات شرطية، وقضاء سريع، وتوزيع قسائم ارض لاقامة أماكن إيواء وتفعيل وسائل مواصلات وسيطرة على الموارد الحيوية مثل الوقود والمياه.

حجم هذه السيطرة يجبر المليشيات على تجنيد آلاف “المتطوعين”، الذين ستكون حاجة الى تسليحهم وتمويل نشاطاتهم، ومن هنا المسافة قصيرة الى حرب شوارع وتصفية حسابات قاتلة والنهب والسلب، وفي نهاية المطاف تشكيل منظمات متنافسة تحارب ليس فقط بعضها البعض، بل تحارب أيضا قوات الجيش الإسرائيلي. ما كان في العراق وأفغانستان وسوريا لا يمكن أن يكون مختلف في غزة.

——————————————-

معاريف 19/9/2025 

القبائل الإسرائيلية: ليس بعد “حرب حماية المتهم رقم 1” إلا الحرب الأهلية

بقلم:  ران ادليست

لنفترض انه كان يمكن تقدير مستوى الفجوة، الاختلاف والكراهية بين قبائل إسرائيل. لا توجد اليوم استطلاعات او ارقام او مقاييس تحدد كميا شدة العداء والفجوات العقلية والأيديولوجية بين القبائل التي تعيش في الدولة.

هذا التقويم للوضع يفترض لكل واحد ان يجريه بينه وبين نفسه وفقا لفهمه وتجربته. بما في ذلك كما آمل اطلالة اعمق الى داخل نفسه. ولن تكون مبالغة منفلتة العقال الافتراض بان الرسم البياني الذي يصف الهوة بين القبائل التي نتدهور اليها يناطح السماء. ليس اسبرطة واثينا بل اسبرطة من جهة واثينا من جهة أخرى.

السؤال هو هل يدور الحديث عن شرخ عضال ام مجرد احتكاك جيران لا يطاق. ام ربما هذا على الاطلاق معا كلنا ننتصر بأسلوب شهادة مركز الليكود. الخريطة القبلية تتضمن اجمالي كل العلاقات بين اليهود والعرب، بين اليمين واليسار، بين المتدينين والعلمانيين، المستوطنين ومعارضي الاحتلال. مع خلافات ثانوية واضحة لليبرالين – الديمقراطيين مقابل مؤيدي التدين؛ حريدين يعارضون التجنيد مقابل علمانيين ملزمي التجنيد؛ مؤيدو نظام ديمقراطي مقابل معارضيه. بما في ذلك أقليات مثل الدروز والبدو.

القاسيم المشترك للجميع هو انه يوجد لهم مزايا واضحة مثل الايمان الديني او تقاليد سلوك قبلي لا يساوم، مثل الحريديم والليبراليين – الديمقراطيين. معظم مواطني القبائل يعيشون في مجالات محددة جغرافيا، فيما أن الميل الحالي هو ان كل قطاع قبلي ينطوي على نفسه، والتسلل القطاعي الى “تجمعاتنا” السكانية يعمل في الفترة الأخيرة كما لم يعمل من قبل ابدا.

الحريديم للحريديم، لانهم يمكنهم ان يسمحوا لانفسهم ان يسلبوا الصندوق العام؛ عرب الى تجمعات سكانية عربية هكذا يدافعون عن انفسهم في وجه التمييز العنيف؛ تل ابيبيون من كل البلاد في الطريق الى تل ابيب إذ هناك تحفظ الهوية الديمقراطية – الليبرالية؛ مستوطنون الى الضفة (هناك بالذات يوجد تراجع في الإسكان)؛ وفقط أناس الصهيونية الدينية – القومية – المسيحانية يحاولون أن يحشروا أنفسهم في كل ثقب كي “يؤثروا” على محيطهم.

سنتان من حكم اليمين المتطرف اوضحتا للقطاع الليبرالي – الديمقراطي بان حقوقه تسلب على نحو مثابر. بدءا بمستوى الميزانية وانتهاء بمستوى التمييز في كل مجالات الحياة – من التعليم حتى الصحة، ومن البنى التحتية حتى الحقوق الديمقراطية الأساسية مثل حرية التعبير وحرية التظاهر. والضرر المفرق الأخير والأخطر هو حرب بلا هدف محدد، يفهم الجميع بانها حرب الفريضة القتالية لاجل قتل عملاق وحماية المتهم رقم 1 من السجن.

حكومة تخرج الى حرب يفترض بها، بشكل طبيعي ومنطقي، ان تروي لشعبها على ماذا ولماذا هي تقتل عدو وتقتل جنودها. في إسرائيل اليوم الحكومة معفية من هذه الحاجة لانها تبث ان الحرب تفرض عليها. دوما. لشدة الصدمة والعار، تنجح حكومة نتنياهو في اقناع قسم كبير من الشعب بان الحرب الحالية في غزة هي على وجودنا. تنكشف هذه الخدعة في الأيام الأخيرة كمؤامرة سياسية وشخصية مغرضة وشيطانية. وهي تنال زخم غضب في أوساط جماهير آخذة في الاتساع، على أمل ان يلتقي الضغط الداخلي الضغط الخارجي ويطير الحكومة.

هذا لن يحصل بين ليلة وضحاها. فالائتلاف – الذي ينحشر في مطارح العار من السجن وحتى النبذ – سيطلق النار في كل الاتجاهات وبكل الترسانة التي لديه بما في ذلك السلاح غير التقليدي مثل فرض القانون بعنف من جانب الشرطة وفرض قانون ذهني بمعونة وسائل اعلام مردوعة.

دولة إسرائيل لن تخرج من الازمة الحالية مثلما دخلتها. هذه ستكون دولة أخرى ومجتمع آخر. الإسرائيليون والاسرائيليات الذين دخلوا قبل سنتين الى جملة حروب في كل العالم مقابل كل العالم وأبناء عمومنا، هم ليسوا الإسرائيليين والاسرائيليات الذين سيخرجون منها اذا ما وعندما. لا يهم يمين او يسار، عربي او يهودي، متدين او علماني. حتى الحريديم سيخرجون بندب قاسية عندما تعرضوا للنار من جهة المستوطنين، الليبراليين الديمقراطيين والواقع القاسي لحاجة نيل الرزق.

وبعامة، كل أطياف المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك الجيش الاسرائيل ستجتاز مخاضات قيود القوة في سياقات الوعي والشفاء وبشدة النوبة التي تأتي بعد حقنة مخدرات مجنونة. والمستوطنون فقط من طائفة الصهيونية القومجية – المسيحانية سيبقون في المستقبل كما هم. بأمل ان هذه المرة لا يكونوا بوزن سياسي. عندما تتحقق نتائج جولة الدماء المجنونة الحالية، عندما تبدأ سياقات الصحوة هم سيكونون قومجيين اكثر، ومسيحانيين وعنيفين اكثر. الصدام المرتقب معهم في فك الارتبا 3 سيكون عنيفا مسلحا بايمان مشتعل. ليس مثل فك الارتباط 1، الذي حقق السلام مع مصر، فهذا الأخير سيطلق حربا أهلية يرفضون فيه أن يكونوا اهلا. وعن حق.

علاقات جيرة طبيعية

لا يوجد اليوم سبيل في العالم لإنقاذ النفس من بطانية الرقع الداخلية لقبائل إسرائيل، تلك التي تتقطع خيوطها، الا بتقسيمها الى نوع من المناطق المحددة، نوع من الكانتونات، التي تفصل بين القبائل وتسمح لكل قبيل بان تحافظ على هويتها من خلال اغلبية محلية. بالتوازي تنتخب حكومة فيدرالية تمثل الأحزاب الأيديولوجية ومواطني كل الكانتونات. الحكومة الفيدرالية ستكون مسؤولة عن سلامة وامن الشعب والدولة وتحكم من خلال دستور وقوة فيدرالية في صالح دولة يهودية، ديمقراطية وليبرالية؛ وعلى أمن الدولة والشعب من خلال جيش مشترك.

فضلا عن كبح قوى الشر المحلي في إسرائيل وفي محيطها، فان الحل الحقيقي للمدى المنظور ينبع من استعراض واعٍ لوضعنا كشعب ومجتمع في اللجة الجغرافية الاستراتيجية بين النهر والبحر. فالقرب الجسدي بين تجمعات سكانية يهودية وفلسطينية، في خطوط 1967 وخارجها، يجب أن يؤدي الى استخدام مشترك لبنى تحتية مشتركة والى علاقات جيرة طبيعية.

كل هذا على افتراض أن أحدا لا يريد أن يخوض حربا أبدية بأسلوب فتيان التلال الذين يتسللون الى مفترقات سياقات اتخاذ القرارات. ولا استمرار الابرتهايد العنيف الذي أدى الى وضع لا تكون فيه دولة إسرائيل، بعد انتهاء جولة الدم الحالية في غزة وفي الضفة الدولة ذاتها.

هذا سيحصل أيضا في الحكومة التالية، التي ستكون اغلب الظن حكومة يمين. هذا هو الواقع، يا غبي، وفي المدى المنظور يوجد لدولة إسرائيل تفوق قوة حاسم يسمح بإدارة التطبيع بوتيرتها. الاستنتاج العملي هو انه بين النهر والبحر سينشأ كيان مختلط اقتصادي – تجاري (الذي هو الحياة الحقيقية)، يؤدي في المستقبل الى دولة ثنائية القومية. ما يلزم دولة إسرائيل اليوم بان تبني منظومة داخلية تحمي استقلالها، امنها ووحدتها كدولة يهودية – بشروط الانقسام الحالية التي من شأنها أن تؤدي الى حرب أهلية.

نعم، يا اخواني، يمكن أن ننسى الحرب الاهلية. لا للسلاح، لا للاقتصاد ولا لشهية الحياة المشتركة بعد الاغتصاب الجماعي الذي يجري اليوم في الجسم الليبرالي – الديمقراطي. هذا بفرض غير معقول بان ننتصر على حماس بمعونة الدول العربية والسلطة الفلسطينية، ونصل الى المفاوضات بيننا وبين الفلسطينيين.

اذا كنتم لا تفكرون بجدية بانه يمكن ان نواصل الانتصار على أبرتهايد عنيف، فانه لاجل الوصول الى المفاوضات إياها كوحدة قومية واحدة، فاننا ملزمون بان نبدأ بتعزيز حكومة الكانتونات الفيدرالية التي تحافظ على الهوية اليهودية، على امنها، تمنع حرب أهلية وتجري مفاوضات على حل الدولتين المقبول من العالم ومن قسم من مواطني إسرائيل. يفترض بالمفاوضات ان تستمر خمس سنوات زائد على نمط المفاوضات بين مجتمعات مصابة بالحروب، المخاوف وجنون الاضطهاد.

بضع سنوات هدوء في تجمعات سكانية مكتظة ستجعل المنطقة منظومة علاقات اقتصادية – اجتماعية واحدة، تصبح كيانا ثنائي القومية، بين النهر والبحر. سيكون مشوقا.

 ——————————————

هآرتس 19/9/2025

رؤيا نتنياهو تتحقق: في “سوبر اسبرطة” تسيطر منظمة جريمة، والقانون لا ينطبق عليها

بقلم: غيدي فايس

“بنغمة شخصية، كمواطن ورئيس للشباك، يجب علي القول لكم، سيدي رئيس الحكومة، هذا حدث في عهدك، لذلك يجب عليك انقاذنا من هذا الوضع”، هذا ما قاله رونين بار لبنيامين نتنياهو في لقاء بينهما في آذار 2023، وهو احد الأشهر الصاخبة جدا للاحتجاج ضد الانقلاب النظامي، وقبل انتهاءه ظهر أن الأمور خرجت عن السيطرة.

دعوة بار وقعت على اذان صماء. لم يكن الشخص الجالس على الجانب الآخر للطاولة الخشبية ينوي تهدئة الأوضاع وانهاء الحرب الاهلية الباردة التي اندلعت بسبب خطوات حكومته العدوانية. بل كانت لديه اهداف أخرى: ضمان استقرار الائتلاف وسحق جهاز القضاء في الطريق الى الهرب من محاكمته. حسب رأيه لم يكن هو واصدقاءه الذين هددوا الدولة، بل المتظاهرين الذين وصفهم بأنهم إرهابيين والصق بهم القاب مهينة. فقد قال لرئيس الشباك: “الجمهور لا يعرف التفاصيل. هو يعتقد ان دولة إسرائيل تمر في عملية اردغنة (نسبة لاردوغان) ودكترة (ديكتاتورية)، هناك جهات تحاول استغلال الوضع والاطاحة بالحكومة”.

نتنياهو واصل: “الحوار حول ازمة قانونية، وان اذرع الامن يجب عليها الحسم بشأن من الذي سيحصلون منه على الأوامر، هو وضع غير معقول، وهذا يهدد جوهر الدولة. حتى لو وصلنا الى ازمة دستورية فان كل أجهزة الامن ملزمة حسب القانون بالاستماع لرئيس الحكومة. أنا اعتبر هذا الموضوع تحطيم للاطار الأساسي لادارة الدولة. المحكمة العليا ليست قائد الجيش الإسرائيلي، الشباك، الموساد والشرطة، وهذا الامر يجب أن يكون واضح.

بعد مرور أربعة أيام اقال نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالنت. الغضب العام اجبره على التراجع عن ذلك، لكن هذا كان فقط استراحة قصيرة. الانقلاب النظامي استمر، وفي ظل غياب قوة حقيقية مضادة فقط تسارع هذا الامر بعد 7 أكتوبر. الكابوس الذي عرضه نتنياهو امام بار حول حكم بدون كوابح آخذ في التبلور. رئيس الحكومة وشركاؤه يفككون تقريبا بدون ازعاج نظام البيئة الحساس للديمقراطية في إسرائيل لصالح نظام فيه الزمرة الحاكمة محصنة من العقاب. “توجد هنا ملامح لمنظمة جريمة ديكتاتورية”، قال في هذا الأسبوع لـ “هآرتس” مصدر يتولى منصب في الحكومة.

اللجنة الاستشارية لتعيين الشخصيات الرفيعة برئاسة رئيس المحكمة العليا السابق، آشر غرونس، تناقش الآن تعيين دافيد زيني في منصب رئيس الشباك. هذه اللجنة ستفحص الطريقة الملتوية التي تم فيها اختياره لهذا المنصب. واذا تم اخراج هياكل عظمية من تابوت المرشح فسيطلب منها فحصها أيضا. ومثل نتنياهو، أيضا زيني على قناعة بأنه في إسرائيل تسيطر ديكتاتورية قضائية، وأن الشباك يخضع في المقام الأول لرئيس الحكومة. اذا تجاوز زيني اللجنة والمحكمة العليا فانه سيحول هذا الجهاز الى شرطة سرية خاصة، مقاول تنفيذي لمهمات قذرة، التي منع بار حتى الآن إخراجها الى حيز التنفيذ، بدءا بتجميد محاكمة الرئيس بسبب “الخطر المحدق بحياته” وانتهاء بملاحقة الخصوم السياسيين ونشطاء الاحتجاج. لا يوجد ما هو اسهل من تلوين خطوات استهدفت بالفعل خدمة شخص واحد باللون الأمني.

وزير الامن الوطني يقوم بشكل فظ بسحق اتفاق تضارب المصالح السخيف الذي قامت بحياكته له المستشارة القانونية للحكومة. ويواصل تحويل الشرطة الى مليشيا كهانية؛ وزير العدل الذي كان يجب عليه الانغلاق في بيته ويقوم بالحداد وتغطية الرأس بسبب أن سهمه الذهبي يتعرض لكارثة، هو يقوم بتشويه سمعة المستشارة القانونية وسمعة رئيس المحكمة العليا بشكل مهووس؛ المتهم بقضية اغتصاب، حانوخ ملفتسكي، الذي تم تعيينه في منصب رئيس اللجنة المالية، يقوم بتوبيخ المفتش العام للشرطة داني ليفي، وتفاخر بالتحقيق في التصرف مع الشخصيات العامة. (“ارجع الى رشدك”).

الكابنت يصادق على عملية الاغتيال المجنونة في قطر، مع الاستخفاف الفظ بتحذيرات رئيس الموساد، ويقوم بارسال الجيش الى عملية مدمرة في غزة رغم توسل رئيس الأركان. امام جرائم الحرب التي يتم تنفيذها هناك لا أحد ينبس ببنت شفة، ولا حتى بهراف ميارا. “أنت لا تسمعها في هذا السياق بشكل علني لانها تدرك انه اذا قالت في الخارج ما تقوله في جلسات الكابنت فهي ستفقد بشكل مطلق الشرعية”، قال للصحيفة مصدر مطلع على الموضوع. “مع ذلك، وبرعاية الحملة التي تديرها الحكومة ضدها يوجد جمهور واسع يعتبرها عدوة، الخائنة المثالية المتهمة بكل الأمور السيئة التي تحدث هنا. انظروا أي ضرر مجنون فعلته هذه الحملة. وحتى الآن يجب عليها التحدث”.

نظريا، تجري محاكمة نتنياهو. في الحقيقة المتهم هو الذي يديرها: يعلن بأنه لن يأتي الى الجلسة، ويطالب بتقصير مدتها لانجاز مهمات وطنية رفيعة المستوى مثل الالتقاء مع رئيس وزراء فيجي. القضاة الذين قاموا بافراغ مبدأ المساواة امام القانون من مضمونه يعطونه اذن تلو الاخر. الآن أضيف الى السيطرة العدائية على مؤسسات الدولة من قبل العصابة التي تحكم الدولة العزلة السياسية، المقاطعة الثقافية والأكاديمية، الاقتصادية والعقوبات الشديدة التي في الطريق. كل ذلك يحول إسرائيل الى مكان مختلف. اسبرطة العظمى، مجذومة، على شفا حكم الفرد، بعيدة سنوات ضوئية عن حلم الآباء المؤسسين. “دولة إسرائيل لا يمكنها أخيرا التحول الى دولة اسبرطة، التي أساس طموحها هو امتلاك عسكريين”، قال دافيد بن غوريون في جلسة للحكومة في العام 1949، وهي السنة التي ولد فيها نتنياهو، “ليس من اجل ذلك أقيمت الدولة”.

بعد ثماني سنوات من ذلك طرح المقارنة التالية: ليس هدف إسرائيل هو أن تكون اسبرطة جديدة. قوتنا وقدرتنا الحقيقية ستظهر في مشاريع انتاج، وتغيير ترتيب الأمور الأساسية، لنرفع من قيمة الانسان والمجتمع في داخلنا، وأن نكون قدوة للشعوب حولنا. هكذا نحن سنحطم بالتدريج سور الكراهية المحيط بنا”. يبدو الآن ان الاسوار داخل إسرائيل وحولها ترتفع أكثر فاكثر كل يوم.

 ——————————————

يديعوت احرونوت 19/9/2025 

سنة تبدأ بالاحتلال

بقلم: ناحوم برنياع

صباح خريفي رقيق ولامع يطل اليوم من فوق غزة الخربة، عندما يحتل الرمل المدينة، النور يتعزز، يرتد الى خوذات الجنود، الى صفائح الدبابات، الى قوافل النازحين. في الغلاف سيحيي الناس الواحد الاخر بسنة طيبة وسيبتسمون، مثلما يبتسم نتنياهو بعد أن يقول جملة لا يؤمن بها. اما هم فسيشعرون بالحاجة لان يضيفوا قولا ذكيا: سنة طيبة لغرض التغيير، مثلا، في سياق اليوم ستجرى جنازات عسكرية. وسيروي الأصدقاء مدائح للشهداء، والأهالي سيبررون القضاء. من سيموتون يحيوك، يا قيصر، درج المقاتلون الرومان على الإعلان عندما كانوا يدخلون ساحات المعارك في روما. وبين الحين والآخر ستقوم أم وتطلق صرخة. على شاشات التلفزيون في البلاد سيصور الاحتلال المتجدد لغزة كشيء ما احتفالي، بطولي: أبراج تسقط، قواتنا تندفع الى الامام، رئيس الأركان يوجه تعليماته، الوزير يهنيء، عواميد الدخان الأسود تتصاعد ببهجة من فوق معاقل العدو. احدى ألمعيات الجيش الإسرائيلي في الحرب هي القطيعة التامة التي تحققت بين الجنود وبين السكان: الجنود لا يرون المواطنين؛ المواطنون لا يرون الجنود. جد مراعي، جد انساني للطرفين.

على مدى سنتي الحرب كان الجيش الإسرائيلي في كل واحد من احياء مدينة غزة. جاء، احتل، اشتبك، صفى، خرج. يكذبون عليكم عندما يتحدثون عن احتلال غزة كحدث عسكري تأسيسي. الفارق هو أن هذه المرة يدخل الجيش الإسرائيلي دون خطة خروج: هذا فارق دراماتيكي. الفارق الثاني بقدر لا يقل دراماتيكية، وممزق للقلب: هذه المرة دخول الجيش يتم في ظل خطر واضح، واعٍ، لحياة المخطوفين، فيما أن المقترح للصفقة موضوع على الطاولة.

عشية الحملة كانت في إسرائيل تقديرات مفصلة عن المخطوفين المحتجزين في المجال المديني لغزة. من اللحظة التي بدأت ما تسمى “عربات جدعون 2” انتهى مفعول هذه التقديرات. شهادات من افتدي من أسرى أوضحت لمحافل الاستخبارات بان حماس تنقل المخطوفين في احياء قريبة جدا مما قدروا في إسرائيل. وهي تفعل ذلك فوق الأرض وتحت الأرض. وعليه فلا سبيل لضمان حياة المخطوفين: من شأنهم أن يصابوا بقصف الجيش او بخطوة من حماس أو في تداخل لقصف الجيش وخطوة حماس. الحرب تنطوي على خطر على الحياة، بما في ذلك حياة الرهائن، لكن نتنياهو يأخذ هنا رهانا غير معقول، غير مسؤول، وهو يفعل هذا رغم معارضة جهاز الامن، من رئيس الأركان الى الأسفل.

ان مسألة الخروج تتطلب توسيعا. وزير المالية ونصف الامن سموتريتش ظهر أول أمس في حدث عقارب. سُئل عن اليوم التالي لاحتلال غزة. “على طاولة الرئيس ترامب توجد خطة تجارية كتبها الأشخاص الأكثر مهنية”، قال. “هي ستصبح غزة واحة عقارات. بدأت بمفاوضات مع الأمريكيين. انا لا أقول هذا على سبيل المزاح. دفعنا مالا كثيرا على هذه الحرب. علينا أن نرى كيف نعيد المال الى الأرض. مرحلة الهدم، المرحلة الأولى في خطة التجدد المديني، فعلناها منذ الان. والان يجب البناء”.

سامعو سموتريتش انفجروا بالضحك: يا له من موهوب معالي الوزير، كم هو لامع، كم هو مغرور. الناس يقتلون، بمن فيهم من صوتوا له وآخرون أيضا؛ أطفال، شيوخ، جوعوا وطردوا وسلبوا؛ وهو يحتفل بالعقارات. فهل قتلت وورثت أيضا، احتج الياهو النبي في آذان الملك أحاب، لكن هذه الفصول في “التناخ” تجاوزها معالي الوزير. 

سموتريتش قصد ما قاله ترامب قبل اشهر عن إعادة بناء غزة كريفييرا مزدهرة وطرد طوعي لقسم من السكان. ترامب لم يكرر هذه الاقوال منذ ذلك الحين: حكام السعودية والامارات اوضحوا له بانهم لا يمكنهم ان يسمحوا لانفسهم بترحيل سكان غزة. هم أيضا لديهم حساسية للشارع وخطوط حمراء. وفهم ترامب بان ليس مجديا له ان يعرض للخطر استثماراته القائمة في الرياض وفي أبو ظبي مقابل استثمارات في الهواء في غزة. لكن من ناحية السموتريتشيين الصفقة وقعت، ولم يتبقَ الا تفعيل بضع فرق في الميدان وتقاسم الغنيمة مع ترامب.

عندما يبحثون في الجيش في خطة احتلال، فانهم يتحدثون عن خطوات اقل لمعانا من فنادق وكازينوهات. الاحتلال هو الحمل، وبعده تأتي الولادة ويأتي وليد الى العالم – حكم عسكري اسمه. هذه هي طريق الطبيعة. مثلما ينبغي اعداد غرفة الوليد قبل الولادة، فان الحكم العسكري هو أيضا ينبغي اعداده قبل الاحتلال. اكثر من هذا، يجب أخذه بالحسبان، في القتال نفسه، في مراحله، في معالجة السكان المحتلين، في اعداد القوات المقاتلة.

شيء من هذا لم يحصل. ثلاث فرق تدخل الى غزة فيما أن عيون المقاتلين وقادتهم مضمدة، كآخر المخربين. في مؤتمره الصحفي الأخير، ذاك الذي حاول فيه نتنياهو أن يمحو القول البائس السابق عن إسرائيل كسوبر اسبرطة، تباهى نتنياهو بذكائه الاستراتيجي. على مدى سنتي الحرب كانت كل استراتيجياته هي ذكاء باثر رجعي. استراتيجية مرتجعة. هكذا أيضا الاحتلال المتجدد لمدينة غزة. اذا ما مر الاحتلال بسلام، فانه سينسب النجاح لنفسه ويتهم كل الاخرين، وقبل الجميع رئيس الأركان، بالجبن، الالتزامية، التردد؛ اما اذا تعقد الاحتلال فانه سيتهم قيادة الجيش بالفشل المتواصل، بالوهن، بالخيانة. هكذا تصرف منذ بداية الحرب.

الفارق الثالث بين احتلالات غزة السابقة في الأشهر الأولى للمناورة، وبين الاحتلال الحالي هو وضع إسرائيل في العالم. ما كلف ثمنا سياسيا واقتصاديا محدودا في الأشهر الأولى بعد مذبحة 7 أكتوبر يكلف الان اكثر بكثير، حين تعتبر إسرائيل مجرمة. الضرر متراكم. كل ما يعرف نتنياهو كيف يواجهه هو كلمتان: لاسامية وترامب. الاتهام باللاسامية سيردع كل من ينتقدنا، واذا لم تنقذها اللاسامية فسينقذنا ترامب. مثلما يفهم اليوم كل من يعيش هنا، فان هذين الذراعين اجتازا ويجتازان سياقات تآكل. ولما ضاق الحال على نتنياهو تمسك نتنياهو باسبرطة.

——————————————

هآرتس 19/9/2025

”حكومة الرعب” بالاتفاق مع واشنطن: نقتل ونطرد مليونين من أجل “الواحة العقارية”

بقلم: أسرة التحرير

 تحت شعارات نتنياهو الجوفاء (“نصر مطلق”)، بدأ يتضح الهدف الحقيقي للحرب الأكثر رعباً في تاريخنا: عقارات، ومئات الجنود، وعشرات آلاف المواطنين قتلوا في غزة ليبني فيها إسكاناً للشرطة، حسب خطة وزير الأمن القومي، بن غفير، الضيقة أو جعل قطاع غزة كله “واحة عقارات”، حسب الخطة بعيدة المدى لوزير المالية سموتريتش.

دحرج سموتريتش الأربعاء، خطته المجنونة وروى بأن المفاوضات مع الإدارة الأمريكية في ذروتها الآن. وقد فعل ذلك في “قمة التجدد المديني لمركز العقارات”، المكان الأنسب لعرض هذه الخطة الواهمة. لم يتحفظ نتنياهو بعد على أقوال وزير ماليته.

إن مجرد بحث الخطة مع الولايات المتحدة، وأن وزيراً كبيراً في الحكومة يعرضها كــ “خطة تجارية”، يدل على الفجوة بين تصريحات رسمية لحكومة إسرائيل عن إبادة حماس وإعادة المخطوفين، وبين التطلعات الاستعمارية – الاقتصادية التي تسود في الغرف المغلقة.

 قطاع غزة أرض فلسطينية، مكان سكن لأكثر من مليوني إنسان ولدوا فيه، معظمهم من نسل لاجئين طردوا أو هربوا في 1948 من قراهم وأراضيهم في إسرائيل. خطاب يعنى باحتلال إقليم فقير ومكتظ كهذا، وجعله غير مناسب لسكن الإنسان، وتطهير ممنهج لسكانه لأهداف جني مال أمريكي وإسرائيلي، هو خطاب إجرامي لا مكان له في أي دولة في العالم.

أن يجري مثل هذا الخطاب بشكل حر وعلني من قبل وزراء كبار في الحكومة، ثم لا يشجبه رئيس الوزراء، أمر يدل على عمق الدرك الأسفل الأخلاقي والسياسي والقانوني الذي تتدهور إليه إسرائيل تحت حكومة الرعب الحالية.

منذ أشهر ونتنياهو يعمل لنثر ستار دخان من الوعود العابثة عن تحرير المخطوفين وطرد حماس. بالتوازي، يطلب من الجيش تخريب غزة حتى الأساس، وهكذا تمحى مدن كاملة عن وجه الأرض، وتختفي قرى كاملة. لقد كشف سموتريتش أول أمس النقاب عن المصالح التي تختبئ خلف الأعمال: “عربات جدعون” الأولى، وبعدها الثانية، ولاحقاً ربما الثالثة، هي أسماء رمز عسكرية لإعداد المنطقة لتكون “واحة عقارية”. هذه أمور تؤكد الحاجة إلى وقف الحرب. حتى من كانوا يترددون ويصدقون أكاذيب الحكومة، عليهم الوقوف الآن وقفة رجل واحد ليوقفوا الفظاعة بأجسادهم. لا يمكن لأي واحة أن تنمو لأحد من هذه الحرب. ليس سوى كوارث وجرائم مخيفة.

——————————————

“هآرتس”: نتنياهو أمر الجيش الإسرائيلي بهدم غزة من جذورها

قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية الجمعة، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمر الجيش بـ”هدم مدينة غزة من جذورها”، مشيرة إلى أن وعوده بالقضاء على حركة حماس “فارغة”.

يأتي ذلك بينما بدأ الجيش الإسرائيلي في 11 أغسطس/ آب الماضي الهجوم على المدينة انطلاقا من حي الزيتون (جنوب شرق)، في عملية أطلق عليها لاحقا “عربات جدعون 2، وتخلل الهجوم نسف منازل وأبراج سكنية، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى فلسطينيين.

وتحت عنوان “الغنيمة العقارية الإسرائيلية تشمل محو غزة من على وجه الأرض”، كتبت “هآرتس” في افتتاحيتها: “قُتل مئات الجنود وعشرات آلاف المدنيين (الفلسطينيين) في قطاع غزة من أجل بناء مساكن لضباط الشرطة”.

وأكدت الصحيفة أن ذلك تم “وفقا للخطة المختصرة التي اقترحها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، أو لتحويل غزة بأكملها إلى غنيمة عقارية وفقا للخطة الشاملة التي اقترحها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش“.

كشف سموتريتش يوم الأربعاء عن خطته الجنونية، وقال إن المفاوضات بشأنها مع إدارة ترامب جارية بالفعل

وأضافت: “كشف سموتريتش يوم الأربعاء عن خطته الجنونية، وقال إن المفاوضات بشأنها مع إدارة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب جارية بالفعل”.

وتابعت: “لم يُبد رئيس الوزراء أي تحفظات على تصريحات وزير ماليته حتى الآن”.

الصحيفة أشارت إلى وجود “فجوة بين التصريحات الرسمية للحكومة حول تدمير حماس واستعادة الرهائن (الأسرى الإسرائيليين)، والطموحات الاقتصادية الاستعمارية التي يناقشها أعضاؤها خلف الكواليس”.

ولفتت إلى أن “قطاع غزة أرض فلسطينية، وموطن أكثر من مليوني إنسان وُلدوا فيها، معظمهم من نسل فلسطينيين طُردوا أو فروا من قراهم وأراضيهم داخل إسرائيل خلال حرب الاستقلال عام 1948 (تأسيس إسرائيل/ النكبة الفلسطينية)”.

واعتبرت “أي حديث عن احتلال مثل هذا الشريط المكتظ بالسكان وتطهيره بشكل منهجي هو حديث إجرامي لا مكان له في أي بلد في العالم”.

اختفاء قرى بغزة

وعن سياسة الحكومة، قالت “هآرتس”: “يحاول نتنياهو نسج وعود فارغة حول تحرير الرهائن والإطاحة بحماس، وفي الوقت نفسه، طلب من الجيش هدم غزة من جذورها، ما أدى إلى محو مدن بأكملها عن وجه الأرض واختفاء قرى بأكملها”.

وطالبت الصحيفة بـ”إنهاء الحرب (الإبادة الإسرائيلية بغزة)”، ودعت “من كانوا يصدقون أكاذيب الحكومة، أن يقفوا صفًا واحدًا لوقف هذه الفظائع بأجسادهم، ولن تنتج هذه الحرب غنيمة لأحد، بل جرائم وكوارث مروعة”.

والثلاثاء، قال الجيش الإسرائيلي إنه شرع في “عملية برية واسعة” في أرجاء مدينة غزة، بمشاركة قوات نظامية واحتياطية من الفرق 98 و162 و36.

—————–انتهت النشرة—————–

Share This Article