المسار : بحفّار واحد فقط، يبدأ جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة المرحلة الأولى من عمليات البحث وانتشال الجثث من تحت أنقاض المباني التي دمّرها الاحتلال الإسرائيلي في خلال حربه الأخيرة على الفلسطينيين المحاصرين في القطاع، اليوم السبت، وفقاً لما جاء في بيان صادر عن الدفاع المدني اليوم الجمعة. وكانت أحدث معطيات المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة قد بيّنت أنّ حرب الإبادة سبّبت فقدان تسعة آلاف و500 شخص؛ أعداد منهم تحت أنقاض المباني المدمّرة وآخرون ما زال مصيرهم مجهولاً.
وأفاد المتحدّث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل، في بيان اليوم، بأنّ انطلاق هذه العمليات سوف تكون في مخيم المغازي وسط القطاع، بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة المصرية لإغاثة قطاع غزة وجهاز الشرطة في القطاع والبلديات المحلية. وأوضح أنّ هذه العمليات تأتي في حين لا تتوفّر أيّ معدّات ثقيلة لدى الدفاع المدني، بعد أن دمّرت قوات الاحتلال الإسرائيلي الجزء الأكبر من إمكانياته، فيما تواصل سلطاته منع إدخال الآليات المطلوبة إلى القطاع.
ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2025، معلناً انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت فلسطينيي القطاع على مدى أكثر من عامَين، ترفض إسرائيل إدخال آليات ومعدّات ثقيلة لرفع أطنان الركام ثمّ انتشال جثث فلسطينيين مدفونة تحتها، علماً أنّها سارعت إلى انتشال جثث أسراها المتبقية في غزة، وقد سمحت في هذا الإطار بإدخال معدّات محدّدة لإنجاز المهام.
يُذكر أنّ المكتب الحكومي في قطاع غزة أكّد، في هذا الإطار، أنّ إسرائيل ارتكبت عدداً من الخروق في ما يتعلق بالبروتوكول الإنساني لاتفاق وقف إطلاق النار، من بينها منع إدخال “مئات الآليات الثقيلة” لانتشال جثث الفلسطينيين من تحت الركام.
في السياق نفسه، قال المتحدّث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة لوكالة الأناضول إنّهم تمكّنوا من تأمين حفّار واحد فقط عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر لمدّة مائة ساعة. أضاف بصل أنّ هذا الحفّار سوف يساهم في عملية البحث عن جثث الفلسطينيين المفقودين تحت أنقاض المباني المدمّرة في منطقة أرض الوز، بمخيّم المغازي.
وأشار بصل، في البيان الصادر عن الدفاع المدني امس الجمعة ، إلى أنّ آلاف المناشدات وصلت إلى الجهاز من عائلات ما زال أبناؤها تحت الأنقاض، وقد طالبت في خلالها بالإسراع في استخراج جثثهم. وشدّد على أنّ توفير مختبرات لفحص الحمض النووي صار “مطلباً إنسانياً عاجلاً”، لافتاً إلى أنّ “بقاء الشهداء مجهولي الهوية يترك آثاراً نفسية ومجتمعية خطرة على عائلاتهم التي تنتظر معرفة مصيرهم”.
وفي الفترة الممتدّة ما بين 14 أكتوبر الماضي و15 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، تسلمت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة 330 جثّة مجهولة الهوية من الجانب الإسرائيلي، من ضمن صفقة التبادل بموجب اتّفاق وقف إطلاق النار. وقد جرى التعرّف، في الفترة السابقة، إلى 97 جثّة فقط، فيما دُفنت العشرات بلا أسماء.
ومراراً، بيّنت وزارة الصحة أنّ طواقمها تتعامل مع الجثث التي تتسلّمها وفقاً للإجراءات الطبية والبروتوكولات المعتمدة، من أجل استكمال عمليات الفحص والتوثيق، إذ يُصار إلى دفن تلك التي لم يجرِ التعرّف إلى هويّتها بلا اسم. وتتعرّف العائلات الفلسطينية في قطاع غزة إلى جثث أبنائها، الذين فُقدوا في الحرب الأخيرة، من خلال علامات مميّزة في أجسادهم أو من ملابس كانوا يرتدونها قبل فقدانهم، وسط غياب الأجهزة الطبية المتخصّصة.
تجدر الإشارة إلى أنّ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي تخطّت العامَين، منذ السابع من أكتوبر 2023، خلّفت أكثر من 69 ألف شهيد فلسطيني وأكثر من 170 ألف جريح، إلى جانب دمار هائل طاول 90% من البنى التحتية المدنيّة، الأمر الذي أسفر عن 70 مليون طنّ من الركام في القطاع المنكوب.
(الأناضول، العربي الجديد)

