الجدل حول عقوبة الإعدام يتركّز عادة في لا أخلاقيتها، وفي التمييز البنيوي الواضح في القانون بين الفلسطيني واليهودي. لكن وراء التسريع الجنوني بتمرير التشريع دلالة سياسية أخطر: تفكيك المعارضة من الداخل.
في التصويت على القراءة الأولى، أيّد أفيغدور ليبرمان المشروع، عارضه الديمقراطيون والأحزاب العربية، بينما اختفى يائير لبيد، وغادي أيزنكوت، وبيني غانتس من القاعة.
هو حريص على دفع يائير غولان إلى الزاوية نفسها التي يضع فيها أيمن عودة، وأحمد الطيبي، ومنصور عباس، باعتبارهم “شركاء غير شرعيي” في أي حكومة “صهيونية”. بهذه الطريقة يضمن إسقاط أي احتمال لتشكيل حكومة مستقبلية لا يرأسها الليكود.
على غرار الحقن القاتلة التي خُطط أن تُستخدم ضد منفّذي العمليات المسماة ( الإرهابية)، ستكون “لجنة التحقيق” التي يؤسّسها نتنياهو لمحاسبة المسؤولين عن كارثة 7 أكتوبر مجرّد حيلة تفريق وتفكيك بين خصومه السياسيين. وكما قال الوزير زئيف إلكين، أحد المشاركين في صياغة قرار تشكيل اللجنة، فإن هذه اللجنة الحكومية ستخلص إلى أنّ اتفاق أوسلو عام 1993 وخطة الانفصال عن غزة عام 2005 هما اللذان مهّدا لهجوم حماس في 2023. بكلمات أخرى: ستضع اللجنة ختم الدولة على الشعار القديم لليمين ـــ “مجرمو أوسلو إلى القضاء”.
لكن هذه الخلاصة لن تقدّم نتنياهو سوى عزاء هزيل. فهو نفسه عاد إلى السلطة بعد أوسلو وبعد الانفصال، لم يُلغِ أيًّا منهما، وكان لديه ما يكفي من الوقت ليُحصّن الدولة. تعليق المسؤولية على رقبة إسحق رابين وأريئيل شارون لن يعفيه من مسؤوليته عن ترك بلدات غلاف غزة مكشوفة لمصيرها.
ومع ذلك، حتى لو عجزت اللجنة عن تبرئته بالكامل، فإنها ستمنحه نقاطًا ثمينة في اللعبة السياسية. فمن الصعب تخيّل شخص واحد سيقف أمام لجنة حكومية مهمتها الحقيقية تبييض صفحة السلطة، ليشرح ويبرّر بعد ثلاثين عامًا اتفاق أوسلو أو خطة الانفصال. هذه المحطات التاريخية لتقسيم الأرض لم يعد لها أنصار كُثُر، حتى بين خصوم نتنياهو. ونفتالي بينيت، الذي يقدّم نفسه اليوم كزعيم محتمل للمعسكر الليبرالي، اختار الغياب عن المراسم التأبينية لرئيس الحكومة الراحل الذي اغتيل، حتى لا يُوصَم بذكرى الاتفاق مع ياسر عرفات.
بينيت يريد أصوات شارع كابلان — ولكن لا يريد أن يلوّث اسمه في ساحة رابين.
لهذا السبب تحديدًا يدعم اللجنة الحكومية التي تُسوّق كتحقيق، ومشروع قانون الإعدام لمنفّذي العمليات المسماة ( الإرهابية ) الذي سيستثمره بن غفير في حملاته الدعائية ليس هو الهدف الحقيقي؛ الهدف هو منح نتنياهو أوراق قوة جديدة بعد الانتخابات، وتخفيف حاجته إلى شركائه المتطرفين داخل الائتلاف.

