ليبراسيون: بين الإفراج عن الدهماني وإدانة معارضين.. القضاء التونسي يوجه إشارات متناقضة

أضافت الصحيفة الفرنسية القول إن قرار محكمة الاستئناف في تونس يوم الجمعة المنصرم بتأكيد الأحكام الثقيلة ضد 37 معارضا – وصلت إحداها إلى 45 عاماً سجناً بتهمة “التآمر على أمن الدولة” – يمثّل “محاكمة صورية”، بحسب تعبير عائلات المتهمين الذين لم تكن لديهم آمال كبيرة بشأن مآل القضية.

اعتبرت “ليبراسيون” أن ما زاد المشهد غموضاً هو قرار وزيرة العدل ليلى جفال، قبل ذلك بيوم واحد، بالإفراج تحت الرقابة القضائية عن المحامية والناشطة الحقوقية سنية الدهماني المعتقلة منذ مايو عام 2024، والمتهمة بانتقاد الرئيس قيس سعيّد.

وجاء هذا الإفراج في اليوم نفسه الذي صوّت فيه البرلمان الأوروبي على قرار يدين انتهاكات حقوق الإنسان في تونس ويذكر السيدة الدهماني بالاسم، تُشير “ليبراسيون”.

الرياح قد تكون بدأت تتغير، لكن القلق ما زال يخيّم على عائلات كثير من المعتقلين الذين “يحبسون أنفاسهم” في انتظار الخطوة التالية للقضاء التونسي

 “ليبراسيون” ذكّرت أيضا بإصدار القضاء التونسي حكماً مفاجئاً آخر يوم الاثنين الماضي، في قضية المجلس التونسي للاجئين (CTR) الذي يتهم بعض أعضائه بتسهيل دخول مهاجرين إلى البلاد؛ والذي حُكم على مؤسسه مصطفى جمالي وموظف آخر بالسجن لعامين، منها ستة أشهر مع وقف التنفيذ، ما سمح بإطلاق سراحهما بعد قضائهما أغلب مدة العقوبة. كما حصل ثلاثة موظفين آخرين على حكم بالبراءة. غير أن هيئة الدفاع اعتبرت أن “العدالة لم تُنجز بالكامل” بسبب الإدانة الجزئية.

أوضحت الصحيفة الفرنسية أن هذه القضية تأتي في سياق تصاعد سياسة تجريم المدافعين عن حقوق الإنسان في تونس، وسط تصاعد خطاب رسمي عدائي تجاه المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث أشارت إلى تقرير بحثي قُدّم للبرلمان الأوروبي في شهر يناير الماضي، يوثّق تورط قوات أمن تونسية في بيع مهاجرين عند الحدود الليبية.

مضت “ليبراسيون” قائلةً إن المفوضية الأوروبية تلتزم خطاباً أكثر حذراً، لا سيما بعد توقيع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين اتفاقاً مع الرئيس التونسي قيس سعيّد في صيف عام 2023 يتضمن تمويلاً بقيمة 105 ملايين يورو لمشاريع مرتبطة بالهجرة. وأشارت إلى أن عمليات العبور غير النظامي نحو الاتحاد الأوروبي تراجعت عام 2024 بنسبة 38% وفق بيانات فرونتكس.

كما أشارت “ليبراسيون” إلى أن اجتماعات رفيعة المستوى جرت مؤخراً في بروكسل وتونس لبحث الشراكة بين الجانبين، تخللتها نقاشات حول ملف الحريات العامة. وحصلت تونس خلال عام 2024 على 150 مليون يورو إضافية من الدعم الأوروبي.

واليوم، – تتابع “ليبراسيون”- تعلّق عائلات المعتقلين السياسيين والحقوقيين في البلاد آمالاً على “التغيّر المفاجئ” في بعض الأحكام، لا سيما قبل محاكمة موظفي جمعية France terre d’asile (فرنسا أرض اللجوء) المقررة في الـ 15 ديسمبر، حيث ما زال ثلاثة منهم موقوفين منذ شهر مايو، بينهم شريفة الرياحي التي حُرمت لفترة طويلة من رؤية أطفالها.

اعتبرت “ليبراسيون” أن الرياح قد تكون بدأت تتغير، لكن القلق ما زال يخيّم على عائلات كثير من المعتقلين الذين “يحبسون أنفاسهم” في انتظار الخطوة التالية للقضاء التونسي.

Share This Article