هيلاري كلينتون “المخادعة الفاسدة” تهاجم الشباب وتلوم “تيك توك” لتبرئة إسرائيل من الإبادة

المسار : منذ أن بدأت إسرائيل قصف قطاع غزة وتجويع أكثر من مليوني فلسطيني في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، اتسع الإجماع الدولي حول أن ما تقوم به يشكّل إبادة جماعية، ليشمل منظمات حقوقية دولية وإسرائيلية، ولجنة أممية، ومؤرخين متخصصين في دراسات الهولوكوست، ونحو 40% من اليهود الأمريكيين وفقًا لاستطلاع لافت.

لكن في عشر كلمات فقط، أزاحت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون جانبًا تقارير جهات مرموقة مثل “العفو الدولية” وخبراء معروفين مثل البروفيسور عمر بارتوف من جامعة براون، عندما فسّرت سبب دعم الشباب الأمريكي للفلسطينيين.

وقالت كلينتون: “إنهم يحصلون على معلوماتهم من السوشيال ميديا، وبشكل خاص من تيك توك.”

ومع أنها لم تُقدّم أي دليل، زعمت أن الشباب في الولايات المتحدة يشاهدون مقاطع قصيرة “بعضها مختلق تمامًا، وبعضها لا يعكس ما تدّعي أنه يُظهر”، وأن هذا هو مصدر معلوماتهم عمّا يجري في غزة.

وأضافت كلينتون، التي وصفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرارًا بأنها “مخادعة وكاذبة مكانها السجن”، أن المسألة لا تتعلق فقط بـ”الأسماء المعتادة” — دون أن تحدد من تقصد — مشيرة إلى أن “الكثير من الشباب اليهود الأمريكيين لا يعرفون التاريخ ولا يفهمون، وهذا جزء كبير من التحدي.”

وجاءت تصريحاتها متناغمة مع ما قالته سابقًا كاتبة خطابات البيت الأبيض السابقة سارة هورويتز، التي تحدّثت عن الصعوبات التي يواجهها المؤيّدون لإسرائيل في إقناع الشباب اليهود، في وقت تنتشر صور وفيديوهات موثوقة من غزة تُظهر الدمار الواسع وقتل أكثر من 70 ألف فلسطيني، واستمرار إسرائيل في تقييد المساعدات الإنسانية رغم اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وكانت هورويتز قد قالت إن “كل ما نحاول قوله لهم يمرّ عبر جدار من المجازر”، وهو تصريح أثار انتقادات واسعة.

وأدلت كلينتون بتصريحاتها خلال فعالية في نيويورك لصالح صحيفة “إسرائيل اليوم”، الصحيفة الأكثر انتشارًا في إسرائيل والمملوكة للمليارديرة ميريام أديلسون، أبرز ممولي الرئيس دونالد ترامب. وكانت أديلسون قد كتبت في 2023 مقالًا وصفت فيه المتظاهرين المتضامنين مع فلسطين بأنهم “أموات بالنسبة لنا”، فيما كان زوجها الراحل شيلدون أديلسون قد صرّح عام 2014 أن “الفلسطينيين شعب مُختلق”.

جيمي سليڤين، مستشار السيناتور بيرني ساندرز، أشار إلى المفارقة في حضور كلينتون فعالية مرتبطة بعائلة أديلسون ثم الادعاء بأن “الأطفال يتمّ تسييسهم عبر دعاية معادية لإسرائيل”.

ودأبت كلينتون على تكرار رواية أن المتظاهرين المناصرين لفلسطين، خصوصًا طلاب الجامعات الذين خرجوا العام الماضي مطالبين إدارة بايدن بوقف دعمها العسكري لإسرائيل التزامًا بالقانون الأمريكي، “مجرّد غير مطّلعين على التاريخ”. وكانت تكرر الادعاء بأن الفلسطينيين رفضوا “عرضًا سخيًا” خلال قمّة كامب ديفيد عام 2000. لكن المفاوض الأمريكي روبرت مالي — أحد المشاركين في القمّة — قال إن هذه “أسطورة” تُستخدم لتبرير سياسات إسرائيل، بما في ذلك “الإبادة الجماعية”.

وقال موقع “دروب سايت نيوز” إن “كلينتون هي من تخطئ في قراءة التاريخ”.

كما رفض عدد من المراقبين رفضوا ادعاءها بأن التحوّل في الرأي العام الأمريكي ضد إسرائيل يقتصر على الشباب، مشيرين إلى أن التغيّر الأكبر حدث بين كبار السن من الديمقراطيين.

ففي 2022، كان 43% من الديمقراطيين فوق سن الخمسين يحملون نظرة سلبية لإسرائيل، وقفزت النسبة إلى 66% هذا العام وفقًا لاستطلاع لمركز بيو.

أما بين الديمقراطيين تحت سن 49 عامًا، فارتفعت نسبة المعارضين لإسرائيل من 62% إلى 71%، وهو تغيّر أقلّ حدة.

وقال عديل حق، رئيس تحرير موقع Just Security، إن “الديمقراطيين الأكبر سنًا يعتمدون على CNN كمصدر رئيسي”، مشيرًا إلى تحقيق الشبكة الأخير حول فلسطينيين استشهدوا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات. وأضاف: “إذا كنت ستينيّا ولديك أحفاد وتشاهد تقارير CNN عن غزة، فلست بحاجة إلى تيك توك لتعرف أن ما يحدث خطأ فادح”.

بدوره، قال ديلان ويليامز، نائب رئيس مركز السياسات الدولية: “أنا على وشك بلوغ الخمسين، لا أستخدم تيك توك، أستمع إلى NPR وأقرأ فايننشال تايمز يوميًا، وأنا محامٍ عمل على قضايا فلسطين وإسرائيل لعشرين عامًا. الأدلة على ارتكاب إسرائيل فظائع، بما فيها الإبادة الجماعية في غزة، ساحقة.”

وتساءل الكاتب جايسون أوفريستريت كيف ستفسر كلينتون تقارير منظمات حقوقية مثل العفو الدولية وبتسيلم، التي وثقت شهادات لجنود إسرائيليين، وتدمير إسرائيل المنهجي لنظام الغذاء في غزة، وخلصت في تقريرها الصادر يوليو/ تموز الماضي إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية.

وقال ساخرًا: “يبدو أن هيلاري كلينتون تعتقد أيضًا أن العفو الدولية وصفت ما يجري في غزة بأنه إبادة جماعية لأنها شاهدت مقاطع على تيك توك ولم تكن تعرف التاريخ. الحقيقة أن الشباب يرون الحقيقة لأن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية.

Share This Article