المسار : يستعد وزير الطاقة للمصادقة على صفقة تُعدّ الأكبر لتصدير الغاز إلى مصر حتى 2040 في ظل الضغوط الأميركية. خلافات داخلية، وتقديرات مقلقة حول نضوب الاحتياطي تُحوّل ملف الغاز إلى أحد أكثر الملفات حساسية في ميزانية 2026.
يعتزم وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، للإعلان عن المصادقة على اتفاق الغاز مع مصر، في حين تستعد “لجنة ديّان” لنشر قراراتها حول الكميات التي ستُخصّص للتصدير مقابل تلك التي ستحتفظ بها إسرائيل لاستخدامها الداخلي.
يأتي ذلك فيما تجتمع الحكومة الإسرائيلية، اليوم الخميس، لمناقشة مشروع قانون التسويات وميزانية عام 2026، التي تتضمن بندًا تقدّمت به وزارة المالية يقضي بتقييد صادرات الغاز الطبيعي من إسرائيل.
وتسود مخاوف داخل الحكومة من أن يؤدي توسيع التصدير إلى المساس بأمن الطاقة ورفع أسعار الكهرباء، إذ يجري إنتاج نحو 70% من احتياجات الكهرباء في إسرائيل من الغاز الطبيعي.
وتستند هذه المخاوف إلى التقديرات بأن الاعتماد على الغاز سيزداد خلال السنوات المقبلة، ما يضع ملف الكميات المخصّصة للسوق المحلي في صلب النقاش، بحسب ما أوردت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الخميس.
وبحسب المعطيات، تبحث الحكومة موازنة معقّدة بين الحفاظ على مخزون الغاز الإسرائيلي من حقول “تمار” و”ليفياتان”، اللذين تديرهما شركة “شيفرون”، وبين تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول المنطقة مثل مصر والأردن، عبر زيادة التصدير.
وكانت “لجنة ديان” وهي لجنة وزارية لفحص سياسة قطاع الغاز الطبيعي وتعزيز أمن الطاقة، برئاسة المدير العام لوزارة الطاقة والبنية التحتية، يوسي ديان، قد نشرت في مطلع العام مسودة توصيات أثارت خلافات داخل الحكومة.
ودفعت هذه التوصيات وزارة المالية ووزارة حماية البيئة إلى إصدار رد علني غير مسبوق تضمّن توصيات بديلة، دعت إلى زيادة الكميات المخصّصة للسوق المحلي، وتشديد الرقابة على تراخيص التصدير، وتعزيز المنافسة بين الشركات المالكة للحقول. وبعد جولة استماع عامة، عادت اللجنة للانعقاد لكنها لم تُصدر قرارها النهائي بعد.
وجاء هذا الجدل في ظل توتر دبلوماسي، بعد أن كشفت تقارير إسرائيلية أن وزير الطاقة الأمريكي، كريس رايت، ألغى زيارة إلى إسرائيل احتجاجًا على رفض كوهين المصادقة على اتفاق التصدير لمصر قبل الحصول على ضمانات تتعلق بالسعر المخصّص للسوق الإسرائيلي. لكن في الأسابيع الأخيرة، ضغطت الإدارة الأميركية، بدعم من شركات الطاقة الكبرى، لدفع إسرائيل نحو إتمام الصفقة.
وتشير التقديرات إلى أن كوهين سيعلن قريبًا الموافقة النهائية على الصفقة مع مصر بقيمة تقدَّر بنحو 35 مليار دولار حتى عام 2040، وتشمل التزامًا إسرائيليًا بتصدير كميات محددة من الغاز، مع استمرار فحص تأثيرها على المخزون المتاح لإنتاج الكهرباء في إسرائيل.
وتم الإعلان عن تفاصيل الصفقة في آب/ أغسطس الماضي، لكن طاقم وزارة الطاقة، إلى جانب الوزير كوهين، أعادا فحص كميات الغاز التي ستُعتمد للتصدير، في محاولة لتفادي أي مساس مستقبلي بالإمدادات المخصّصة للسوق الإسرائيلية، وهو ما قد ينعكس مباشرة على ارتفاع أسعار الكهرباء.
وبحسب “يديعوت أحرونوت”، فإنه رغم الضغوط الكبيرة داخل إسرائيل، يسعى كوهين إلى أن يكون صاحب الإعلان عن “الاختراق السياسي” المرتقب في العلاقات مع مصر، والذي يقوم على تعزيز اعتماد القاهرة على الغاز الإسرائيلي، مع الإصرار على توقيع الاتفاق بشروط تتماشى مع المصالح الأمنية والاقتصادية لإسرائيل.
وفي المقابل، تتضمن خطة وزارة المالية لتقييد التصدير في ميزانية 2026 مقترحات بفرض حدّ يومي أعلى للتصدير، وإلزام الشركات بتجزئة حصصها لزيادة المنافسة، ووقف التصدير تلقائيًا عند ارتفاع أسعار الغاز محليًا. غير أن هذه التغييرات قد تخفض دخل الدولة من الضرائب المفروضة على الغاز.
وحذّرت جهات مهنية من أن الاحتياطيات في حقول الغاز قد تكفي لإسرائيل بين 15 و25 عامًا فقط، وأن التوسع في التصدير قد يجعل البلاد مضطرة لاستيراد الغاز بأسعار يحددها كبار المنتجين في المنطقة مثل قطر وإيران وروسيا، الأمر الذي قد يعرّض القطاع الكهربائي لارتفاعات كبيرة في الأسعار خلال أزمات إقليمية.
وتقدّر مصادر في قطاع الطاقة الإسرائيلي أن الصفقة مع مصر ستعلن قبل مناقشة الميزانية، على أن تتضمن شروطًا لبيع الغاز لشركة الكهرباء الإسرائيلية بأسعار متفق عليها مسبقًا، في محاولة لتهدئة المخاوف من تأثير التصدير على تكلفة الكهرباء.

