تحولات التطبيع العربي: من بوابة واشنطن إلى التسليم بالهيمنة الإسرائيلية الكاملة

لالمسار :طالما اعتبرت الأنظمة العربية مسار التسوية مع الاحتلال الإسرائيلي جواز مرور لإحكام علاقتها مع الولايات المتحدة، مقابل الإقرار بشرعية كيان أقيم على التطهير العرقي وسرقة الأرض.

في مرحلة التأسيس (السبعينيات والتسعينيات)، بدأ الرئيس المصري أنور السادات عبر اتفاقية كامب ديفيد مسار التحالف مع واشنطن، تلاه بعض قادة الدول العربية في التسعينيات سعياً لنيل “عضوية النادي الأمريكي”، مقابل تبعية اقتصادية وسياسية كاملة.

الرؤية الإسرائيلية آنذاك كانت واضحة: جعل “تل أبيب” مركزاً اقتصادياً وتكنولوجياً متطوراً، فيما يشكل المحيط العربي سوقاً للعمالة والسلع، كما عبّر شمعون بيريز في كتابه الشرق الأوسط الجديد.

الموقف العربي، مع ذلك، ظل يرفض الهيمنة الشاملة، متمسكاً بـ”السلام البارد” القائم على الانسحاب من أراضي 1967، ما تجسد في محور دمشق-القاهرة-الرياض عام 1994.

مع المبادرة العربية للسلام عام 2002، بدا الانزياح واضحاً نحو تقديم “التطبيع الكامل” مقابل انسحاب كامل، إلا أن الاحتلال لم يُجبه إلا بالاستهتار، فيما شكل الضغط الدولي بعد أحداث 11 سبتمبر عاملاً حاسماً في دفع بعض الدول للانخراط في مسار التطبيع.

اليوم، تغير مفهوم التطبيع جذرياً، ليصبح أداة للإقرار بالسيادة العسكرية والاستراتيجية لإسرائيل كوكيل حصري للولايات المتحدة في المنطقة. وقد أشار دبلوماسيون غربيون إلى أن إسرائيل أصبحت “القوة المسيطرة على الشرق الأوسط”، فيما وثيقة الأمن القومي الأمريكي تؤكد توكيل واشنطن لإسرائيل إدارة ملفات الإقليم، في حين تتفرغ للقضايا الدولية الأخرى.

الهدف الاستراتيجي الأمريكي يتمثل في إجبار دول المنطقة على قبول الهيمنة الإسرائيلية كضامن للمصالح الإمبريالية، وسط إدارة محتملة تحت قيادة ترامب قد تؤدي سياساتها إلى مزيد من الصراعات وتعميق الخلافات حتى بين الحلفاء.

المحللون يؤكدون أن أوهام التطبيع لن تصمد أمام المجازر والصمود الشعبي في المنطقة، وأن رهانات بعض الدول على هذا المسار ستسقط كما سقطت سابقاً، بفضل مقاومة شعوب المنطقة وتمسكها بحقوقها.

Share This Article