تصدّع القاعدة الجمهورية: إسرائيل تتحول لعبء انتخابي في واشنطن

المسار : أظهر استطلاع رأي جديد بشأن الانتخابات التمهيدية الرئاسية، أن عددا كبيرا من الناخبين الجمهوريين بواقع 44% سيصوتون لمرشح جمهوري يدعم الحد من تدفق الأسلحة الممولة من دافعي الضرائب الأمريكيين إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وتكشف النتائج الصادرة عن استطلاع مشروع سياسة معهد فهم الشرق الأوسط وأجرته شركة YouGov، النتائج أن الاعتراض على حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة لا يقتصر على الناخبين ذوي الميول اليسارية، بل إن نسبة متزايدة من الجمهوريين بدأت تشعر بالاستياء من الدعم غير المشروط الذي تقدمه الحكومة الأمريكية لإسرائيل.

قراءة دلالات الانقسام

قالت مارغريت ديريوس، المديرة التنفيذية لمشروع سياسات الاتحاد الدولي للتعليم العسكري (IMEU)، إن هذا الانقسام يخلق فرصة للديمقراطيين الراغبين في قلب موازين القوى الجمهورية في الانتخابات المقبلة.

وأضافت ديريوس: “رفضت القيادة الديمقراطية حتى الآن الاعتراف بتزايد عدم شعبية (إسرائيل) لدى الناخبين، ورفضت تقديم بديل حقيقي لهم، وهو نفس الخطأ الكارثي الذي ارتكبته في عام 2024”.

وتابعت “إذا استطاعت القيادة الديمقراطية حشد الإرادة السياسية للمطالبة بوقف تسليح (إسرائيل)، حتى يتسنى إعادة استثمار تلك المليارات في البرامج التي يحتاجها الأمريكيون، فإن استطلاعات الرأي التي أجريناها تشير إلى أن ذلك لن يعزز الدعم لدى القاعدة الديمقراطية فحسب، بل سيقنع الناخبين الجمهوريين بالانضمام إليها أيضاً”.

فجوة عمرية واضحة

يعتمد الأمر جزئياً على الجمهوريين الذين يرغب المرشح الديمقراطي في استمالتهم. وكما هو الحال مع الاتجاهات التي لوحظت بين الناخبين الديمقراطيين قبل نحو عقد من الزمن، فإن المعارضة الجمهورية تتضمن فجوة عمرية ملحوظة.

وأظهر استطلاع جديد أجراه معهد الاقتصاد والسياسة الدولية (IMEU) أن تأييد المرشح الذي يؤيد خفض عمليات نقل الأسلحة إلى دولة الاحتلال يرتفع إلى أغلبية بنسبة 51% بين الجمهوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و44 عاماً.

وقد أُجري الاستطلاع على عينة من 1287 شخصاً عرّفوا أنفسهم بأنهم جمهوريون، واستطلعت آراؤهم مؤسسة YouGov عبر الإنترنت في نوفمبر، بهامش خطأ يبلغ 3%.

وتتوافق النتائج مع استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك في أغسطس، والذي أظهر أن أكثر من ثلث الجمهوريين يعارضون تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل، ومع استطلاع آخر أجراه مركز بيو للأبحاث في أكتوبر كشف أن 41% من الجمهوريين لديهم نظرة سلبية تجاه تل أبيب، مقارنة بـ 27% قبل ثلاث سنوات.

كما أظهر استطلاع لمؤسسة غالوب في يوليو أن 54% من الأمريكيين لا يوافقون على العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

خيارات التصويت وسلوك الناخبين

عند سؤال الجمهوريين عمّا إذا كانوا يفضلون دعم مرشح جمهوري أو ديمقراطي يحمل رسائل مؤيدة لإسرائيل متطابقة، قال 4% فقط إنهم سيصوتون للديمقراطي.

لكن عندما طُلب منهم الاختيار بين مرشح جمهوري مؤيد لإسرائيل أو مرشح ديمقراطي يضع أولوية الأمريكيين أولاً عبر توجيه أموال الضرائب لخفض الأسعار داخلياً بدلاً من تمويل الأسلحة ودعم دول تل أبيب، قال 17% إنهم يفضلون التصويت لمرشح ديمقراطي ينتقد دولة الاحتلال.

وقد فسرت ديريوس هذه النتائج على أنها مؤشر على الإحباط من الرئيس دونالد ترامب، قائلة: “يشعر الأمريكيون من جميع الخلفيات بالحيرة من أن الرئيس ترامب يجد دائماً مليارات الدولارات لتمويل هجمات (إسرائيل) على الفلسطينيين، بينما يقول إنه لا توجد أموال كافية لتمويل الرعاية الصحية بأسعار معقولة للأمريكيين”.

وأظهر استطلاع IMEU أن أكثر من ثلث الناخبين الجمهوريين يفضلون دعم مرشح جمهوري يرفض أموال لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC)، مقارنة بنسبة 19% لمرشح يقبل تبرعاتها.

وعند سؤال الجمهوريين عن صفقات الأسلحة الممولة أمريكياً مع إسرائيل، أبدوا استياءً واسعاً. تتم هذه الصفقات بموجب مذكرة تفاهم وُقعت عام 2016 وتنتهي في 2028.

وفي الشهر الماضي، أفاد موقع أكسيوس بأن دولة الاحتلال تسعى إلى مذكرة تفاهم جديدة لمدة 20 عاماً مع إدارة ترامب، بقيمة تقارب 4 مليارات دولار سنوياً.

الحرب على غزة والإنفاق العسكري

في خضم الحرب الإسرائيلية على غزة، وافق الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن على مشروع قانون طارئ لعام 2024 بقيمة 14.1 مليار دولار كمساعدات عسكرية لإسرائيل، إضافة إلى مذكرة التفاهم القائمة.

كما يتضمن مشروع قانون دفاعي جديد بنوداً تسمح بتغطية أي نقص في المساعدات العسكرية الإسرائيلية نتيجة حظر السلاح من دول أخرى.

وقد بدأ بعض اليساريين الداعمين لحقوق الفلسطينيين باستغلال تقاطعاتهم مع محافظين، مثل لقاء مؤسسة «كود بينك» ميديا بنجامين بالنائبة الجمهورية اليمينية المتطرفة مارجوري تايلور غرين.

ولا يعني ذلك بالضرورة أن انتقادات اليمين للإنفاق المؤيد لإسرائيل نابعة من حرص على الشعب الفلسطيني؛ إذ يعتمد خطاب “أمريكا أولاً” على منطق قومي يمنح الأمريكيين أولوية مطلقة، وكثيراً ما تترافق هذه الانتقادات مع أفكار معادية للسامية.

وفي مقابلة صحفية، أوضحت بريت كوبر، المساهمة في فوكس نيوز، أن قلق جيلها بشأن دولة الاحتلال مرتبط بأولويات الإنفاق في ظل اقتصاد يعاني من صعوبات.

وقالت: “أكبر ما يشغل بال الشباب حالياً هو الوضع الاقتصادي. نحن قلقون بشأن القدرة على شراء المنازل وتحمل التكاليف. وعندما نرى حجم الأموال التي تُرسل إلى الخارج، إلى أوكرانيا وإلى (إسرائيل)، نشعر بالقلق والاستياء”.

 

 

Share This Article