المسار : في الوقت الذي يواصل فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التهرّب من تحمّل مسؤولية الإخفاق في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يوم تنفيذ حركة حماس عملية طوفان الأقصى، ويرفض تشكيل لجنة تحقيق رسمية مستقلة حول ما حدث، أفادت وسائل إعلام عبرية اليوم الخميس، بأنه سيكون على رأس الفريق الذي سيحدد التفويض الممنوح للجنة تحقيق، تتجاوز إنشاء لجنة رسمية، في إشارة إلى لجنة يمكنه التأثير فيها وبنتائج عملها. ويتعلق الأمر بقضية حساسة، تثير خلافاً كبيراً في المجتمع الإسرائيلي، وبين عائلات القتلى والأحزاب السياسية.
ونقلت صحيفة هآرتس العبرية، قول مصادر لم تسمّها، في ديوان نتنياهو، إن رئيس الحكومة سيترأس فريق الوزراء الذي سيحدد صلاحيات اللجنة، وذلك بعد أن أعلنت الحكومة الشهر الماضي أن وزير القضاء ياريف ليفين هو من سيترأس الفريق الوزاري.
وفي السياق، لفت موقع واينت العبري، إلى أنه على خلفية المعارضة لإقامة لجنة تحقيق رسمية يُعيَّن أعضاؤها من قبل رئيس المحكمة العليا القاضي يتسحاق عميت، قرر نتنياهو إنشاء لجنة تحقيق سياسية يكون لرئيس الكنيست أمير أوحانا دور مركزي في تعيين أعضائها. ووفقاً للمخطط المفصّل، ستتكون اللجنة من ستة أعضاء يُنتخب من بينهم رئيسها.
وستكون في المرحلة الأولى، محاولة للتوصّل إلى اتفاق على هوية جميع الأعضاء الستة بأغلبية 80 عضو كنيست. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال 14 يوماً، سيختار الائتلاف ثلاثة ممثلين والمعارضة ثلاثة. وفي حال لم تتعاون المعارضة، سيقوم رئيس الكنيست أوحانا بتعيين ممثليها الثلاثة بدلاً منها. وفي محاولة للحد من معارضة أحزاب المعارضة وأجزاء واسعة من الجمهور الاسرائيلي، يدّعي الائتلاف الحكومي أنه مستعد للنظر في إجراء تغييرات خلال مناقشات اللجنة في الكنيست، التي ستبحث مقترح قانون قدّمه عضو الكنيست أريئيل كلنر (الليكود) لتجاوز إنشاء لجنة تحقيق رسمية بشأن هجوم السابع من أكتوبر.
ونقل الموقع العبري عن مصادر في الائتلاف أن نتنياهو مستعد للنظر في تعديل يقضي بأنه في حال لم يتعاون ممثلو المعارضة، سيُمنح رئيس المحكمة العليا القاضي عميت صلاحية اختيار ثلاثة ممثلين للجنة بدلاً من رئيس الكنيست أوحانا.
ومن المتوقّع طرح مشروع القانون الذي قدّمه النائب كلنر، والذي يهدف إلى تجاوز إنشاء لجنة تحقيق رسمية، مطلع الأسبوع المقبل، للمصادقة عليه في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، ومن ثم يُعرض في يوم الأربعاء للتصويت عليه بالقراءة التمهيدية في الهيئة العامة للكنيست. وفي ظل الدفع نحو تسريع التشريع، قال مسؤولون في حزب يهدوت هتوراة، إنهم لن يدعموا المقترح في القراءة الثانية والثالثة قبل تمرير قانون إعفاء الحريديم من التجنيد الإلزامي.
بدء التحقيق من فترة أوسلو
فيما يبدو أنه محاولة من قبل الحكومة الحالية لتحميل حكومات سابقة أيضاً مسؤولية ما حدث، طُرحت خلال مشاورات الوزراء إمكانية أن تتمكن اللجنة من التحقيق دون أي قيد زمني إلى الوراء، بمعنى العودة عدة سنوات وربما عقوداً إلى الخلف. ويعتقد بعض الوزراء أنه يجب التحقيق ابتداءً من فترة فك الارتباط أحادي الجانب عام 2005، عندما انسحب الاحتلال من قطاع غزة وأخلى المستوطنات هناك، فضلاً عن أربع مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، فيما يرى آخرون أنه ينبغي العودة بالتحقيق إلى أيام اتفاق أوسلو عام 1993.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقّع أن يطالب عدد من الوزراء بالتحقيق في تأثير احتجاجات كابلان (الاحتجاجات ضد خطة الحكومة لتقويض القضاء والتي سبقت حرب الإبادة)، وتأثير وسائل الإعلام، وظاهرة رفض الخدمة العسكرية، ودور المحكمة العليا.
بالمقابل، وقّع عشرات الأسرى الإسرائيليين المحررين من قطاع غزة، وأقارب لهم وأفراد عائلاتهم، على رسالة أُرسلت مطلع الأسبوع الحالي إلى رئيس الحكومة نتنياهو، وفيها مطلب بإقامة فورية للجنة تحقيق رسمية حول الهجوم. وجاء في الرسالة: “نحن نطالب بالعدالة. نحن نطالب بتحمّل المسؤولية. إذا لم تكن لديكم نية لتحمل المسؤولية وإنشاء لجنة كهذه كما يطالب معظم الشعب، تنحّوا جانباً واتركوا للشعب أن يقرر”.
كما جاء في الرسالة: “لجنة التحقيق ليست أداة سياسية. لا يمكن أن تتشكّل من أولئك الذين هم موضوع الفحص. يجب أن تكون شفافة، ومهنية، وذات صلاحيات كاملة لإصدار أوامر بالفحص، والتحقيق مع الشهود، ومراجعة الوثائق، والتوصّل إلى استنتاجات واضحة بما في ذلك التفويض لتنفيذها. فقط هيئة كهذه يمكنها الوصول إلى الحقيقة الكاملة، وليس فقط إلى ما هو مريح كشفه”.
من جهتها، هاجمت أحزاب المعارضة نتنياهو، بعد الكشف عن طلبه بأن يكون هو من يعقد أول اجتماع للجنة الوزراء الحكومية لتحديد التفويض الممنوح للجنة التحقيق، ومنهم من اعتبر أن نتنياهو الذي يعارض تشكيل لجنة تحقيق رسمية، يُعيّن نفسه للتحقيق مع نفسه.
المصدر … العربي الجديد

