الضغوط الأميركية على بغداد تتصاعد لاختيار حكومة بعيدة عن النفوذ الإيراني

المسار : في خطوة لافتة تشرح حجم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على بغداد في ما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة، وسعيها لإبعاد القوى والفصائل المقربة من إيران، عقد المبعوث الأميركي الخاص إلى العراق مارك سافايا، اجتماعاً مع عضو الكونغرس الأميركي جو ويلسن، المعروف بتبنيه مواقف متشددة من القوى والجماعات العراقية الحليفة لإيران، وذلك بعد ساعات من استقبال الأخير شخصيات عراقية معارضة. ويأتي اللقاء في وقت تتواصل فيه المباحثات لاختيار رئيس جديد للحكومة العراقية، وسط شروط أميركية وضغوط لمنع استمرار نفوذ الفصائل المسلّحة.

ووفقاً لمصادر سياسية مقربة من التحالف الحاكم “الإطار التنسيقي“، فإن الرسائل الأميركية للعراق تتضمن محددات وشروط لرئيس الوزراء القادم لقاء تعامل واشنطن معه، دون أن تحدد اسماً أو شخصية محددة للحكومة المقبلة. وقال قيادي بارز في تحالف “الإطار التنسيقي” لـ”العربي الجديد”، إن الولايات المتحدة تشترط شخصية غير محسوبة على محور الفصائل والجماعات الحليفة لإيران، من أجل استمرار التعاون ودعم الولايات المتحدة للعراق. وأضاف أن الضغوط الأميركية أقصت مبكراً شخصيات عدة من قائمة الترشيحات التي تُناقَش حالياً داخل الإطار التنسيقي، لكن لغاية الآن لم يُتَّفَق على أي اسم محدد.

وأجرى القائم بالأعمال الأميركي في بغداد جوشوا هاريس، خلال الأيام الماضية، تحركات لافتة استهدفت قيادات سياسية عراقية شيعية، كان أبرزها عمار الحكيم، ونوري المالكي، وقاسم الأعرجي، ومصطفى الكاظمي، إلى جانب الرئيس المنتهية ولايته عبد اللطيف رشيد، ووزير الخارجية فؤاد حسين. وتؤكد مصادر مطلعة في بغداد، في هذا السياق، لـ”العربي الجديد”، أن اللقاءات كانت ترتكز على الحكومة الجديدة، وأهمية ما تصفها واشنطن بحكومة مستقلة بعيدة عن التأثير الإيراني، وقادرة على نقل العراق لحالة الاستقلال بملفي القرارات السياسية والطاقة، وحصر السلاح بيد الدولة.

في السياق ذاته، قال المتحدث باسم ائتلاف “النصر”، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وهو أحد مكونات التحالف الحاكم “الإطار التنسيقي”، عقيل الرديني، إنه لغاية الآن لا حسم لاسم رئيس الوزراء المقبل. وأضاف في تصريحات للصحافيين اليوم، إن “الاجتماع المقبل للإطار التنسيقي سيكون يوم الاثنين المقبل، وقد يشهد التوافق على شخصية معينة لتولي رئاسة الحكومة، لكن لغاية الآن لا حسم لاسم معين”. ولفت إلى أن هذه الظروف تستلزم اختيار شخصية ذات خبرة في العلاقات الخارجية، لتتمكن من التعامل مع الأحداث والمستجدات بفعالية”، وفقاً لقوله.

وقال عضو الكونغرس الأميركي، جو ويلسن، في تعليق له على اللقاء الذي جمعه بسافايا، إنه “تناول الشأن العراقي”، مضيفاً: “أتطلع إلى العمل مع المبعوث الأميركي الخاص من أجل جعل العراق عظيماً مرة أخرى وتحريره من النفوذ الإيراني”، على حدّ تعبيره. وأضاف ويلسن أن هذا الملف يحظى باهتمام الإدارة الأميركية، معتبراً سافايا “الشخص الأنسب” للعمل على هذا الملف. بدوره، كتب سافايا عبر منصة “إكس”: “اجتماع رائع مع عضو الكونغرس الأميركي جو ويلسن وفريقه”، مردفاً بالقول: “سنجعل العراق عظيماً مرة أخرى”. وأرفق الطرفان منشوريهما بصورة تجمعهما داخل مكتب ويلسن، حيث ظهرا وهما يحملان العلم العراقي.

وجاء اللقاء بين سافايا والنائب المعروف بمناوئته للقوى والأحزاب الحليفة لطهران في العراق، بعد لقاء الأخير عدداً من الشخصيات العراقية السياسية المعارضة، حيث تسلّم منهم رسالة موجهة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، تتعلق بالوضع العراقي.

وكان خمسة مسؤولين وسياسيين عراقيين بارزين قد أكدوا لـ”العربي الجديد”، في وقت سابق هذا الشهر، وصول تحذيرات أميركية من أن واشنطن لن تتعامل مع أي رئيس وزراء محسوب على القوى والفصائل المسلحة، وهذا يشمل أيضاً الحقائب الوزارية السيادية بالبلاد، مثل الخارجية والدفاع والداخلية، والأجهزة الأمنية الرئيسة بالبلاد التي تتعامل معها قوات التحالف الدولي بالعراق، وأبرزها رئاسة أركان الجيش، وجهازا مكافحة الإرهاب، والمخابرات.

وهدّدت الإدارة الأميركية، وفق المصادر، بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على العراق في حال استمرار نفوذ الفصائل المسلحة الموالية لإيران في تشكيل الحكومة الجديدة، فيما تظهر مداورات تحالف “الإطار التنسيقي” استمرار النقاش حول اختيار رئيس الوزراء، مع الاتفاق حتى الآن على التزام المرشح القادم مقررات التحالف، وعدم ارتباطه حزبياً بأي من كتل التحالف، وضمان حصوله على غالبية أصوات قادة التحالف.

وقال دبلوماسي رفيع في وزارة الخارجية العراقية لـ”العربي الجديد”، إن الإدارة الأميركية تضغط اقتصادياً وسياسياً على العراق أكثر من أي وقت سابق. المسؤول العراقي، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لكونه غير مخول بالتصريح، قال إن “الأميركيين أوصلوا رسائل صريحة خلال الأسابيع الماضية، بأنهم لن يتعاملوا مع أي رئيس حكومة أو وزير أو مسؤول تُقدمه الفصائل المسلحة، بالحكومة الجديدة”.

المصدر … العربي الجديد

Share This Article